منتخب الأثَر في الإمام الثانى عشر المجلد 2

هوية الکتاب

منتخب الأثر في الإمام الثانى عشر عليه السلام الجزء الثاني

بطاقة تعريف: صافي، لطف الله، - 1297

عنوان واسم المؤلف: منتخب الأثر في الإمام الثانى عشر عليه السلام المجلد 2/ لطف الله الصافي الگلپایگاني

تحرير الحالة: [ویرایش ؟]

تفاصيل المنشور: قم: موسسة السیدة المعصومة (سلام الله علیها)، 1419ق. = 1377.

مواصفات المظهر: ص 661

ISBN : 964-6197-27-220000ریال ؛ 964-6197-27-220000ریال

حالة الاستماع:القائمة السابقة

لسان : العربية

ملحوظة : مطبعة 1378

ملحوظة : مطبعة 1377

ملحوظة : فهرس: ص 21 - 7؛ أيضا مع الترجمة

مشكلة : محمدبن حسن(عج)، امام دوازدهم، ق 255

ترتيب الكونجرس: BP51/ص 2م 8 1377

تصنيف ديوي: 297/959

رقم الببليوغرافيا الوطنية: م 78-8581

ص: 1

ص: 1

فهرست مطالب

[المقدمة]... 6

الباب الثالث فيما يدلّ على ظهور المهديّ و أسمائه و أوصافه و خصائصه و شمائله و البشارة به عليه السلام و فيه 51 فصلا... 14

الفصل الأوّل في ذكر بعض الآيات المبشّرة بظهوره... 14

الفصل الثاني فيما يدلّ على البشارة به و ظهوره في آخر الزمان و فيه ممّا نذكره في هذا الباب و نشير إلى ما أخرجناه في سائر الأبواب 1092 حديثا... 37

الفصل الثالث فيما يدلّ على أنّه من عترة رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و من أهل بيته و ذرّيّته و فيه 407 أحاديث... 84

الفصل الرابع في أنّ اسمه اسم رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و كنيته كنيته، و أنّه أشبه الناس به شمائل و أقوالا و أفعالا، و أنّه يعمل بسنّته و فيه 54 حديثا... 87

الفصل الخامس في شمائله عليه السلام و فيه 29 حديثا... 90

الفصل السادس في أنّه من ولد أمير المؤمنين عليّ عليه السلام و فيه 225 حديثا... 93

الفصل السابع في أنّه من ولد سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام و فيه 202 حديثا... 95

الفصل الثامن في أنّه من أولاد السبطين الحسن و الحسين عليهما السلام و فيه 125 حديثا... 99

الفصل التاسع في أنّه من ولد الحسين عليه السلام و فيه 208 أحاديث... 102

الفصل العاشر في أنّه من الأئمة التسعة من ولد الحسين عليهم السلام و فيه 165 حديثا... 104

الفصل الحادي عشر في أنّه التاسع من ولد الحسين عليه السلام و فيه 160 حديثا... 104

الفصل الثاني عشر فيما يدلّ على أنّه من ولد عليّ بن الحسين زين العابدين عليهم السلام و فيه 197 ... 108

الفصل الثالث عشر في أنّه السابع من ولد الباقر محمّد بن عليّ عليهما السلام و فيه 121 حديثا... 110

الفصل الرابع عشر في أنّه من ولد الصادق جعفر بن محمّد عليهم السلام و فيه 120 حديثا... 112

الفصل الخامس عشر في أنّه السادس من ولد الصادق جعفر بن محمّد عليهم السلام و فيه 112 حديثا... 113

ص: 2

الفصل السادس عشر في أنّه من صلب الإمام أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهم السلام و فيه 121 حديثا ... 114

الفصل السابع عشر في أنّه الخامس من ولد الإمام السابع موسى بن جعفر عليه السلام و فيه 115 حديثا... 114

الفصل الثامن عشر في أنّه الرابع من ولد الإمام أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهم السلام و فيه 111 حديثا... 116

الفصل التاسع عشر في أنّه من ولد الإمام محمّد بن عليّ الرضا عليهم السلام و فيه 109 حديثا... 119

الفصل العشرون في أنّه من ولد الإمام أبي الحسن علي بن محمّد بن علي بن موسى الرضا عليهم السلام و فيه 107 حديثا... 119

الفصل الحادي و العشرون في أنّه خلف خلف أبي الحسن و ابن أبي محمّد الحسن عليهم السلام و فيه 107 حديثا... 120

الفصل الثاني و العشرون فيما يدلّ على أنّ اسم أبيه الحسن عليه السلام و فيه 108 حديثا... 125

الفصل الثالث و العشرون في أنّه ابن سيّدة الإماء و خيرتهنّ و فيه 11 حديثا... 129

الفصل الرابع و العشرون في أنّه إذا توالت ثلاثة أسماء، محمّد و عليّ و الحسن كان الرابع هو القائم... 132

الفصل الخامس و العشرون فيما يدلّ على أنّه الثاني عشر من الأئمّة و خاتمهم عليهم السلام و فيه 151 حديثا... 133

الفصل السادس و العشرون في أنّه يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما و فيه 148 حديثا... 136

الفصل السابع و العشرون في أنّ له غيبتين إحداهما أقصر من الاخرى و فيه 10 أحاديث... 145

الفصل الثامن و العشرون في أنّ له غيبة طويلة الى أن يأذن الله تعالى له بالخروج و فيه 100 حديث... 149

الفصل التاسع و العشرون في علّة غيبته، و فيه 9 أحاديث... 161

الفصل الثلاثون في بعض فوائد وجوده و انتفاع الناس منه في غيبته و تصرّفه في الامور و فيه 7 أحاديث... 164

ص: 3

الفصل الحادي و الثلاثون في أنّه عليه السلام طويل العمر جدّا و فيه 363 حديثا... 167

الفصل الثاني و الثلاثون في أنّه شاب المنظر لا يهرم بمرور الأيّام و فيه 10 أحاديث... 175

الفصل الثالث و الثلاثون في أنّه خفيّ الولادة و فيه 13 حديثا... 177

الفصل الرابع و الثلاثون في أنّه ليس في عنقه بيعة لأحد و فيه 12 حديثا... 181

الفصل الخامس و الثلاثون في أنّه يقتل أعداء الله، و يطهّر الأرض من الشرك [و يقاتل على التأويل] و من كلّ جور و ظلم، و يزيل ملك الجبابرة، و يقاتل على التأويل كما قاتل رسول الله صلّى الله عليه و آله على التنزيل و فيه 18 حديثا... 182

الفصل السادس و الثلاثون في أنّه يعلن أمر الله، و يظهر دين الحقّ، و يميت البدع و الباطل، و يؤيّد بنصر الله، و ينصر بملائكة الله، و يبسط الإسلام على الأرض، و يصير سلطانا عليها، و يحيي الله به الأرض بعد موتها و فيه 51 حديثا... 183

الفصل السابع و الثلاثون في أنّه يردّ الناس الى الهدى و القرآن و السنّة و فيه أخبار كثيرة... 187

الفصل الثامن و الثلاثون في أنّه ينتقم من أعداء الله و أعداء رسوله و الأئمّة عليهم السلام و فيه 13 حديثا... 188

الفصل التاسع و الثلاثون في أنّ فيه سننا من الأنبياء و منها الغيبة و فيه 23 حديثا... 190

الفصل الأربعون في أنّه يقوم بالسيف و فيه 10 أحاديث... 192

الفصل الحادي و الأربعون فيما يدلّ على تمكين الناس لسلطانه و فيه 3 أحاديث... 195

الفصل الثاني و الأربعون في سيرته عليه السلام و فيه 47 حديثا... 196

الفصل الثالث و الأربعون في زهده عليه السلام و فيه 6 أحاديث... 200

الفصل الرابع و الأربعون في كمال عدالته، و بسط العدل و الأمنيّة في دولته و فيه 17 حديثا... 201

الفصل الخامس و الأربعون في علمه عليه السلام و فيه 6 أحاديث... 202

الفصل السادس و الأربعون في جوده عليه السلام، و أنّه يقسّم المال و لا يعدّه و فيه 29 حديثا... 204

الفصل السابع و الأربعون في أنّ الله تعالى يظهر على يده معجزات الأنبياء لإتمام الحجّة على الأعداء و أنّ معه مواريث الأنبياء و راية رسول الله صلّى الله عليه و آله و فيه 15 حديثا... 207

ص: 4

الفصل الثامن و الأربعون في أنّه لا يظهر إلّا بعد امتحان شديد، و وقوع المؤمنين في المضائق الشديدة و البليّات العظيمة و فيه 42 حديثا... 211

الفصل التاسع و الأربعون في أنّه يؤمّ عيسى بن مريم، و يصلّي عيسى خلفه عليهما السلام و فيه 36 حديثا... 214

الفصل الخمسون فيما يدلّ على رايته عليه السلام، و صاحبها، و ما كتب فيها و فيه 9 أحاديث... 219

الفصل الحادي و الخمسون في الرايات السود الثانية التي هي غير الرايات السود الاولى و فيه 5 أحاديث... 221

الباب الرابع في ولادة المهديّ عليه السلام، و كيفيّتها، و تاريخها، و بعض حالات امّه و اسمها، و معجزاته في حياة أبيه، و من رآه في أيّامه و فيه ثلاثة فصول... 222

الفصل الأوّل في ثبوت ولادته، و كيفيّتها، و تاريخها، و بعض حالات امّه و اسمها عليهما السلام و فيه 426 حديثا... 222

الفصل الثاني: في معجزاته في حياة أبيه عليهما السلام و فيه 10 أحاديث... 254

الفصل الثالث في من رآه في أيّام والده عليهما السلام و فيه 20 حديثا... 262

الباب الخامس في حالاته و معجزاته [و ذكر من تشرّف بمقام السفارة] في الغيبة الصغرى بعد وفاة أبيه، و ذكر من تشرّف بمقام السفارة في الغيبة الصغرى و من فاز برؤيته فيها و فيه ثلاثة فصول... 266

الفصل الأوّل في من فاز برؤيته عليه السلام في الغيبة الصغرى و فيه 27 حديثا... 266

الفصل الثاني في ذكر بعض معجزاته عليه السلام في الغيبة الصغرى و فيه 29 حديثا... 293

الفصل الثالث في حالات سفرائه و نوّابه في الغيبة الصغرى و فيه 27 حديثا... 307

الباب السادس في حالاته و معجزاته في الغيبة الكبرى، و ذكر بعض من تشرّف بزيارته و فيه فصلان... 317

الفصل الأول في معجزاته في الغيبة الكبرى و فيه 15 حديثا... 317

الفصل الثاني في من رآه في الغيبة الكبرى و فيه 13 حديثا. 330

ص: 5

[المقدمة]

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

لا يخفى على كلّ من له إلمام بالتاريخ و الآثار و الأحاديث تواتر البشارات المرويّة عن النبيّ و آله صلّى الله عليه و عليهم و عن أصحابه في ظهور المهدي عليه السلام (1)

في آخر الزمان، و طلوع شمس وجوده لإزالة ظلمة الجهل، و رفع الظلم و الجور، و نشر أعلام العدل، و إعلاء كلمة الحقّ، و إظهار الدين كلّه و لو كره المشركون. فهو بإذن الله تعالى يخلّص العالم من ذلّ العبوديّة لغير الله، و يلغي العادات و الأخلاق الذميمة، و يرفض القوانين الناقصة الّتي أحدثتها أفراد البشر حسب أهوائهم، و يميت جميع ما يورث العداوة و البغضاء و يقطع أواصر التعصّبات، التعصّب القوميّ و العنصري، التعصّب الوطني، و غير ذلك ممّا هو سبب لاختلاف الامّة و افتراق الكلمة، و اشتعال نيران الفتن و المنازعات.

و سيحقّق الله بظهوره وعده الّذي وعده في قوله تعالى: وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً. و قوله جلّ و عزّ: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ، و سيأتي عصر ذهبيّ لا يبقى فيه على الأرض بيت إلّا أدخله الله كلمة الإسلام، و لا تبقى قرية إلّا و ينادى فيها بشهادة أن لا إله إلّا الله بكرة و عشيّا.

و هذا أمر ربّما لا يكون من يدّعي اتّفاق المسلمين فيه، و إجماعهم عليه مجازفا، كيف و قد ادّعى المهدويّة غير واحد في الصدر الأوّل و في الأزمنة الّتي كان الناس فيها قريبي عهد بزمن النّبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم و الصحابة و التابعين، و لم نعهد أحدا من هؤلاء ردّ دعواهم بإنكار أصل هذه البشائر بل ناقشوهم في الخصوصيّات و الصغريات.

ص: 6


1- . قال في النهاية: المهدي الّذي قد هداه الله الى الحقّ، و قد استعمل في الأسماء حتّى صار كالأسماء الغالبة، و به سمّي المهديّ الّذي بشّر به رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم أنّه يجي ء في آخر الزمان. و في لسان العرب: المهديّ الّذي قد هداه الله إلى الحقّ، و قد استعمل في الأسماء حتى صار كالأسماء الغالبة و به سمّي المهديّ الّذي بشّر به النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم أنّه يجي ء في آخر الزمان. و في تاج العروس: و المهديّ الّذي قد هداه الله إلى الحقّ، و قد استعمل في الأسماء حتّى صار كالأسماء الغالبة، و به سمّي المهديّ الّذي بشّر به أنّه يجي ء في آخر الزمان. جعلنا الله من أنصاره.

و ليس في المسائل النقليّة الّتي لا طريق لإثباتها إلّا السمع ما يكون الإيمان به أولى من الإيمان بظهور المهديّ عليه السلام لو لم نقل بكونه أولى من بعضها؛ لأنّ البشارات الواردة فيه قد تجاوزتعن مرتبة التواتر، مع أنّ الأحاديث المنقولة في كثير ممّا اعتقده المسلمون و غيرهم لم تبلغ تلك المرتبة، بل ربّما لا توجد لبعض ذلك إلّا رواية واحدة و مع ذلك يعدّ عندهم من الأمور المسلّمة. فاذا كيف يصحّ للمسلم المؤمن بما جاء به الرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم و أخبر به أن يرتاب في ظهوره عليه السلام مع هذه الروايات الكثيرة؟!

و لا تخدش هذه الأخبار بضعف السند في بعضها و غرابة المضامين و استبعاد وقوعها في بعض آخر منها، فإنّ ضعف السند في بعضها لا يضرّ بغيره ممّا هو في غاية الصحة و المتانة سندا و متنا، و إلّا يلزم رفع اليد عن جميع الأحاديث الصحيحة لمكان بعض الأخبار الضعيفة مع أنّ اشتهار مفادها بين كافّة المسلمين، و كون أكثر مخرجيها من أئمّة الإسلام، و أكابر العلماء، و أساتذة فنّ الحديث موجب للقطع بمضمونها، هذا، مضافا إلى أنّ ضعف السند إنّما يكون قادحا إذا لم يكن الخبر متواترا، و أمّا في المتواتر منه فليس ذلك شرطا في اعتباره.

و أمّا استبعاد وقوع ما ذكر فيها من الامور الغريبة فجوابه: أنّه ليس للاستبعاد و الاستغراب قيمة في المسائل العلميّة سيّما النقليّة منها، و لو فتح هذا الباب لزم ردّ كثير من العقائد الحقّة الثابتة بأخبار الأنبياء ممّا ليس للعلم به أو بخصوصيّاته طريق إلّا من الشرع، مثل: بعض كيفيّات المعاد و الصراط و الميزان و الجنّة و النار و غيرها، و قد استبعد المشركون بشارات النبيّ صلّى الله عليه و آله بظهور دينه و غلبة كلمته في أوّل البعثة حيث كان الإسلام منحصرا بالنبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم و عليّ و خديجة عليهما السلام، بل يعد ذلك عندهم من المحالات العاديّة، و لذا قالوا:

«يا أيّها الّذي نزّل عليه الذكر إنّك لمجنون»؛ لإخباره عن امور كانت عندهم من الممتنعات بحسب العادة و الأسباب الظاهرة، و لكن لم تمض إلّا أيّام معدودة حتّى جعل الله كلمته هي العليا، و كلمة الّذين كفروا السفلى، و دانت له العرب، و خضعت للإسلام و المسلمين أعناق جبابرة العرب و العجم، هذا، مع أنّه ليس في موضوع المهدي عليه السلام ما هو أغرب و أعجب من المعجزات المنقولة عن الأنبياء و سنن الله تعالى في الامم الماضية كإحياء الموتى و إبراء الأكمه و الأبرص، و معجزات إبراهيم و موسى و غيرهما من الأنبياء عليهم السلام و غيبتهم عن قومهم.

فإذن لا وجه للاستغراب و الاستبعاد في هذه الأحاديث المتواترة الّتي بعض رواتها مكّي، و بعضهم مدني، و بعضهم كوفي، و بعضهم بصري، و بعضهم بغدادي، و بعضهم رازي، و بعضهم قمّي، و بعضهم شيعي، و بعضهم سنّي، و بعضهم أشعري، و بعضهم معتزلي، و بعضهم كان في العصر الأوّل، و بعضهم في غيره من الأعصار؛ لامتناع اجتماع هؤلاء مع بعد مساكنهم و مواطنهم، و اختلاف أعصارهم و آرائهم و مذاهبهم في مجلس واحد، و اتّفاقهم على نقل هذه الأحاديث كذبا، معأنّ احتمال الكذب في كثير منها بالخصوص أيضا في

ص: 7

غاية الضعف و الفساد؛ لكون رواته من المعروفين بالوثاقة، و من أعاظم العلماء و رجالات الدين و الزهد و العبادة، فلو تركنا الأخذ بها لما بقي مجال للاستناد إلى الأخبار المأثورة عن النبيّ و عترته عليهم السلام في جميع أبواب الفقه و غيره، و لزم أن نرفع اليد عن التمسّك بالأخبار المعتبرة في امورنا الدنيويّة و الدينيّة مع استقرار بناء العقلاء من المسلمين و غيرهم عليه. و هذا الاستبعاد هو عمدة ما اعتمد عليه المخالفون، و اعترضوا به على الشيعة من غير التفات الى ما يؤول إليه أمره ممّا لم يلتزم به أحد من المسلمين و غيرهم، و سيجي ء زيادة توضيح لذلك إن شاء الله تعالى.

و قد صرّح بتواتر هذه الأخبار و اشتهار ظهوره عليه السلام بين المسلمين و اتّفاق العلماء عليه جماعة من أعلام أهل السنّة(1)، كما قد أخرج هذه الأحاديث جماعة من أكابر أئمّتهم في الحديث: كأحمد،و أبي داود، و ابن

ص: 8


1- . قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (ط مصر ج 2 ص 535): قد وقع اتّفاق الفرق من المسلمين أجمعين على أنّ الدنيا و التكليف لا ينقضي إلّا عليه. و قال بعضهم في حاشيته على صحيح الترمذيّ (ص 46 ج 2 ط دهلي سنة 1342): قال الشيخ عبد الحقّ في اللمعات: قد تظاهرت الأحاديث البالغة حدّ التواتر في كون المهديّ من أهل البيت من أولاد فاطمة. و قال الصبّان في إسعاف الراغبين (ب 2 ص 140 ط مصر سنة 1312): و قد تواترت الأخبار عن النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم بخروجه، و أنّه من أهل بيته، و أنّه يملأ الأرض عدلا. و قال الشبلنجي في نور الأبصار (ص 155 ط مصر سنة 1312): تواترت الأخبار عن النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم أنّه من أهل بيته، و أنّه يملأ الأرض عدلا. و قال ابن حجر في الصواعق (ص 99 ط المطبعة الميمنية بمصر): قال أبو الحسين الأبري: قد تواترت الأخبار، و استفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم بخروجه، و أنّه من أهل بيته، و أنّه يملك سبع سنين، و أنّه يملأ الأرض عدلا، و أنّه يخرج مع عيسى فيساعده على قتل الدجّال بباب لدّ بأرض فلسطين، و أنّه يؤمّ هذه الأمّة و يصلّي عيسى خلفه. و قال السيّد أحمد بن السيّد زيني دحلان مفتي الشافعية في الفتوحات الإسلامية (ج 2 ص 211 ط مصر سنة 1323): و الأحاديث الّتي جاء فيها ذكر ظهور المهديّ كثيرة متواترة فيها ما هو الصحيح، و فيها ما هو حسن، و فيها ما هو ضعيف و هو الأكثر، لكنّها لكثرتها و كثرة مخرجيها يقوّي بعضها بعضا حتّى صارت تفيد القطع، لكنّ المقطوع به أنّه لا بدّ من ظهوره، و أنّه من ولد فاطمة، و أنّه يملأ الأرض عدلا، نبّه على ذلك العلامة السيّد محمّد بن رسول البرزنجي في آخر الإشاعة، و أمّا تحديد ظهوره بسنة معينة فلا يصح؛ لأن ذلك غيب لا يعلمه إلّا الله و لم يرد نصّ من الشارع بالتحديد. و قال السويدي في سبائك الذهب (ص 78): الذي اتفق عليه العلماء ان المهدي هو القائم في آخر الوقت، و أنّه يملأ الأرض عدلا، و الأحاديث فيه و في ظهوره كثيرة ليس هذا الموضع محلّ ذكرها؛ لأنّ هذا الكتاب لا يتّسع لنقل مثل هذا. و قال ابن خلدون في المقدّمة (ص 367): اعلم أنّ المشهور بين الكافّة من أهل الإسلام على ممرّ الأعصار أنّه لا بدّ في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيّد الدين، و يظهر العدل، و يتّبعه المسلمون، و يستولي على الممالك الإسلاميّة، و يسمّى بالمهدي. و قال الشيخ منصور علي ناصف في غاية المأمول (ج 5 ص 362، الباب السابع: في الخليفة المهدي رضي الله عنه): اشتهر بين العلماء سلفا و خلفا أنّه في آخر الزمان لا بدّ من ظهور رجل من- أهل البيت يسمّى المهديّ يستولي على الممالك الإسلاميّة، و يتّبعه المسلمون، و يعدل بينهم، و يؤيّد الدين، و بعده يظهر الدجّال، و ينزل عيسى عليه السلام فيقتله أو يتعاون عيسى مع المهديّ على قتله، و قد روى أحاديث المهديّ جماعة من خيار الصحابة، و خرّجها أكابر المحدّثين كأبي داود، و الترمذي و ابن ماجة، و الطبراني، و أبي يعلى، و البزّار، و الإمام أحمد، و الحاكم رضي الله عنهم أجمعين، و لقد أخطأ من ضعّف أحاديث المهديّ كلّها كابن خلدون و غيره، و قال في (ج 5 ص 381): فائدة: اتّضح ممّا سبق أنّ المهديّ المنتظر من هذه الأمّة، و أنّ الدجّال سيظهر في آخر الزمان، و أنّ عيسى عليه السلام سينزل و يقتله، و على هذا أهل السنّة سلفا و خلفا، و قال في (ج 5 ص 382): قال الحافظ في فتح الباري: تواترت الأخبار بأنّ المهديّ من هذه الأمّة و أنّ عيسى عليه السلام سينزل و يصلّي خلفه، و قال الحافظ أيضا: الصحيح أنّ عيسى رفع الى السماء و هو حيّ، و قال الشوكاني في رسالته المسمّاة بالتوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر و الدجّال و المسيح: و قد ورد في نزول عيسى تسعة و عشرون حديثا، ثمّ سردها و قال بعد ذلك: و جميع ما سقناه بالغ حدّ التواتر كما لا يخفى على من له فضل اطّلاع، فتقرّر بجميع ما سقناه أنّ الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة، و الأحاديث الواردة في الدجّال متواترة، و الأحاديث الواردة في نزول عيسى عليه السلام متواترة، و هذا يكفي لمن كان عنده ذرّة من إيمان، و قليل من إنصاف، و الله أعلى و أعلم، (انتهى كلام غاية المأمول). و قال الكنجيّ الشافعي في البيان (ب 11): تواترت الأخبار و استفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلّى الله عليه و آله و سلّم في أمر المهدي عليه السلام. و قال أحمد أمين في المهديّ و المهدويّة (ص 106): و قد قرأت رسالة للاستاذ أحمد بن محمّد الصدّيق في الردّ على ابن خلدون سمّاها «إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون»، و قد فنّد كلام ابن خلدون في طعنه على الأحاديث الواردة في المهديّ، و أثبت صحّة الأحاديث، و قال: إنّها بلغت حدّ التواتر، و نقل أحاديث أخرى لم يذكرها ابن خلدون، و كان من ردّه عليه: أنّ ابن خلدون قال: إنّه لم يخلص من هذه الأحاديث الّتي وردت في المهديّ إلّا القليل أو الأقلّ منه، فسأله في صراحة، و ما ذا تصنع بذلك القليل، هل لا يؤمن بالقليل إلّا إذا اشتهر أو تواتر؟! كلا لا يمكن ذلك؛ لأنّه لا يرى هذا الرأي، و لا رآه أحد قبله و لا بعده، ثمّ نقده أيضا في أنّه احتجّ في مواضع أخرى من تاريخه بأحاديث افراد ليس لها إلّا مخرج واحد، و في ذلك المخرج مقال، أ تراه إذا- وافق الحديث هواه قبله، و لو كان صحيحا؟؟ (إلى أن قال): ثمّ قال: إنّه يؤمن بأحاديث المهديّ لما ورد فيه من الأحاديث الصحيحة و الحسنة، و إنّ ابن خلدون مبتدع، و المبتدعة أقسام: منهم من كفر ببدعته كالمجسّم و منكر علم الله في الجزئيات، و منهم من لا يكفر ببدعته و هو من ابتدع شيئا دون ذلك، و ربّما عدّ ابن خلدون من هذا القبيل، و قد أطال في ذلك، و خالف ابن خلدون في دعواه الكذب أو الضعف في كلّ من روى عنه ابن خلدون، و روى عن جماعة من أهل العلم قالوا شعرا في المهدي يثبتون وجوده مثل: و خبر المهديّ أيضا وردا *** ذا كثرة في نقله فاعتضدا و مثل قول السيوطيّ: *** و ما رواه عدد جمّ يجب إحالة اجتماعهم على الكذب و قد ردّ على ابن خلدون أيضا كما ذكره في المهديّ و المهدويّة (ص 110) أبو الطيّب بن أحمد بن أبي الحسن الحسينيّ في رسالته الّتي سمّاها «الإذاعة لما كان و ما يكون بين يدي الساعة» و عدّ أقواله زلّة له، و استخلص أخيرا أنّ المهديّ يظهر في آخر الزمان، و أنّ إنكار ذلك جرأة عظيمة و زلّة كبيرة. و نقل القول بتواتر هذه الأحاديث في «كفاية الموحّدين» عن الشافعي، و ذكر في كتاب «البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان» (ب 13) فتاوى أربعة من علماء المذاهب الأربعة، و هم: الشيخ ابن حجر الشافعي مؤلّف القول المختصر، و أبو السرور أحمد بن ضياء الحنفي، و محمّد بن محمّد المالكي، و يحيى بن محمّد الحنبلي في المهدي عليه السلام، و قد تضمّنت فتاواهم صحّة القول بظهور المهديّ، و أنّه قد وردت الأحاديث الصحيحة فيه و في صفته و صفة خروجه، و ما يظهر من الفتن قبل ذلك كخروج السفياني و الخسف و غيرها. و صرّح ابن حجر بتواترها، و أنّه من أهل البيت، و يملك الأرض شرقها و غربها، و يملأها عدلا، و أنّ عيسى يصلّي خلفه، و أنّه يذبح السفياني، و يخسف بجيشه الّذي يرسل به إلى المهديّ بالبيداء بين مكّة و المدينة.

ص: 9

ماجة، و الترمذي، و البخاري، و مسلم، و النسائي، و البيهقي، و الماوردي، و الطبراني، و السمعاني، و الروياني، و العبدري، و الحافظ عبد العزيز العكبري في تفسيره، و ابن قتيبة في غريب الحديث، و ابن السري، و ابن عساكر، و الدارقطني في مسند سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء، و الكسائي في المبتدأ، و البغوي، و ابن الأثير، و ابن الديبع الشيباني، و الحاكم في المستدرك، و ابن عبد البرّ في الاستيعاب، و الحافظ ابن مطيق، و الفرعاني، و النميري، و المناوي، و ابن شيرويه الديلمي، و سبط ابن الجوزي، و الشارح المعتزلي، و ابن الصبّاغ المالكي، و الحموي، و ابن المغازلي الشافعي، و موفّق بن أحمد الخوارزمي، و محبّ الدين الطبري، و الشبلنجي، و الصبان، و الشيخ منصور علي ناصف، و غيرهم.

و لا يذهب عليك أنّ ظهور المهدي عليه السلام في آخر الزمان موضوع كثر في شأنه تصنيف الكتب، و تحرير الرسائل و المقالات الجامعة من عصر الإمام أبي محمّد الحسن العسكري عليه السلام إلى العصر الحاضر فقلّما يوجد من علماء الإماميّة من لم يكن له كتاب خاصّ أو مقالة و كلمة خاصّة في هذا الموضوع، و في مراجعة بعضها غنى و كفاية لطلاب الحقيقة، هذا مضافا إلى ما صنّفه في ذلك بعض العلماء من أهل السنّة، كالحافظ أبي نعيم الأصبهاني صاحب كتاب «صفة المهديّ» و «مناقب المهديّ»، و الكنجي الشافعي صاحب «البيان في أخبار صاحب الزمان»، و ملا عليّ المتّقي صاحب «البرهان في علامات مهدي آخر الزمان»، و عبّاد بن يعقوب الرواجني صاحب كتاب «أخبار المهدي»، و السيوطي صاحب «العرف الوردي في أخبار المهديّ»، و ابن حجر صاحب «القول المختصر في علامات المهدي المنتظر»، و الشيخ جمال الدين يوسف بن يحيى الدمشقي صاحب «عقدو أبي داود، و ابن ماجة، و الترمذي، و البخاري، و مسلم، و النسائي، و البيهقي، و الماوردي، و الطبراني، و السمعاني، و الروياني، و العبدري، و الحافظ عبد العزيز العكبري في تفسيره، و ابن قتيبة في غريب الحديث، و ابن السري، و ابن عساكر، و الدارقطني في مسند سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء، و الكسائي في المبتدأ، و البغوي، و ابن الأثير، و ابن الديبع الشيباني، و الحاكم في المستدرك، و ابن عبد البرّ في الاستيعاب، و الحافظ ابن مطيق، و الفرعاني، و النميري، و المناوي، و ابن شيرويه الديلمي، و سبط ابن الجوزي، و الشارح المعتزلي، و ابن الصبّاغ المالكي، و الحموي، و ابن المغازلي الشافعي، و موفّق بن أحمد الخوارزمي، و محبّ الدين الطبري، و الشبلنجي، و الصبان، و الشيخ منصور علي ناصف، و غيرهم.

و لا يذهب عليك أنّ ظهور المهدي عليه السلام في آخر الزمان موضوع كثر في شأنه تصنيف الكتب، و تحرير الرسائل و المقالات الجامعة من عصر الإمام أبي محمّد الحسن العسكري عليه السلام إلى العصر الحاضر فقلّما يوجد من علماء الإماميّة من لم يكن له كتاب خاصّ أو مقالة و كلمة خاصّة في هذا الموضوع، و في مراجعة بعضها غنى و كفاية لطلاب الحقيقة، هذا مضافا إلى ما صنّفه في ذلك بعض العلماء من أهل السنّة، كالحافظ أبي نعيم الأصبهاني صاحب كتاب «صفة المهديّ» و «مناقب المهديّ»، و الكنجي الشافعي صاحب «البيان في أخبار صاحب الزمان»، و ملا عليّ المتّقي صاحب «البرهان في علامات مهدي آخر الزمان»، و عبّاد بن يعقوب الرواجني صاحب كتاب «أخبار المهدي»، و السيوطي صاحب «العرف الوردي في أخبار المهديّ»، و ابن حجر صاحب «القول المختصر في علامات المهدي المنتظر»، و الشيخ جمال الدين يوسف بن يحيى الدمشقي صاحب «عقدالدرر في أخبار الإمام المنتظر»، و غيرهم، و أفرد في ترجمته أيضا على ما في السيرة الحلبيّة بعضهم كتابا حافلا سمّاه: «الفواصم عن الفتن القواصم».

و إنّما الباعث لتقديم هذا الكتاب إلى القرّاء الكرام إيضاح بطلان دعوى من ادّعى المهدويّة و الإمامة في عصر الغيبة، و خصوصا الأزمنة الأخيرة، و هذه فائدة يكون المسلمون في حاجة عظيمة إليها في عصرنا، فإنّ أعداءنا لا يزالون يتمسّكون بأيّة وسيلة حصلت لهم في تشتيت كلمة المسلمين، و ايقاد نار الاختلاف و الخصومات بينهم حتّى يسهل عليهم طريق الاستعمار و الاستعباد، و التغلّب على البلاد و العباد، و لعمر الحقّ لم يذلّ المسلمين إلّا اختلافهم و تخاصمهم، و لم يغلب أصحاب الباطل و الكفر على أنصار الحقّ و الإسلام إلّا لما وقع بينهم من المنازعات و المنابذات.

ص: 10

و ممّا تعتبره تلك الأيدي الأثيمة، و الأهواء الفاسدة سببا لتشتّت كلمة المسلمين، و اشتغالهم بالمجادلات الداخليّة عوضا عن المدافعات الخارجيّة هو مسألة المهديّ أرواحنا فداه (1)،

فقد بعث لهذهالأغراض في بعض الأقطار- كإيران و الهند و إفريقية- لا دعاء المهدويّة بعض من السفلة، و طالبي الرئاسة، و المعروفين بسوء

ص: 11


1- . نشر الدكتور أحمد أمين المصري رسالة أسماها «المهديّ و المهدوية»، و ردّ بزعمه أحاديث المهديّ، و اعتمد في ردّه على وجوه سقيمة، أحدها: ضعف الأحاديث الواردة فيه، و قد قرأت الجواب عنه، و ثانيها: مخالفة متونها لحكم العقل، و جوابه: أنّا لا نرى في ظهور مصلح في آخر الزمان من أهل البيت من ولد فاطمة صاحب الصفات و العلامات المذكورة في هذا الكتاب لتأييد الدين، و تكميل النفوس، و تطهير الأرض من الشرك و الظلم و تخليصها من أيدي الجبابرة و الظلمة مخالفة لحكم العقل، و لو وجد في بعض أحاديثه ما يستبعد عادة وقوعه فليس مضرّا بغيره من الأخبار الكثيرة مع أنّ الاستبعاد لا يوجب رفع اليد عن هذا البعض أيضا كما أوضحناه في المتن، و ثالثها: و هو عمدة ما يدور كلامه حوله في رسالته أنّ لفكرة المهديّ و المهدويّة في الإسلام تاريخا طويلا محزنا؛ لكثرة الثورات و الحركات باسم المهديّ، و ما نال البلاد الإسلاميّة من الضعف الّذي سبّبته هذه الثورات، و ذكر تأييدا لنظريته بعض الحوادث المتّصلة بزعمه بفكرة المهدويّة تنبئ عن عدم اطّلاعه و تدرّبه في هذا الفن، و عدم بصيرته بمعرفة الفرق، و مبادئها و إحصائيّاتها إن لم نقل بأنّه ما كتب هذه الرسالة لاستنتاج نتيجة تاريخية بل كتبها إمّا لتفريق كلمة المسلمين و منعهم عن الاعتصام بالوحدة الإسلاميّة و حبل الله المتين، و إمّا تأييدا لبعض الفرق الضالّة و الآراء الخبيثة الّتي أوجدتها أيدي الاستعمار الجانية في البلاد الإسلاميّة؛ لأنّه ذكر فيها امورا لا تخفى بطلانها على من يقرأ الصحف و المجلات و تواريخ الفرق السياسيّة، و لا يكفي في دفع ذلك اعتذاره بقلّة المصادر فإنّه لم يكلّف بتحرير مثل هذه الرسالة حتى يعتذر عمّا وقع فيها من الخلط و الاشتباه و متابعة هواه، بل كان الواجب عليه ترك ذلك، و أن يدعه لأهله (إذا لم تستطع شيئا فدعه)، لكنّ أحمد أمين لم يلتفت إلى ذلك، كما أنّه لا يهمّه تشويه منظرة الدين و إيقاع الأمّة الإسلاميّة في الشبه و الشكوك و لعلّه و من يحذو حذوه يرى من الثقافة إنكار الحقائق و ردّ الأحاديث أو عطفها على ما يهوى. و مهما كان الأمر فالجواب عمّا أسّس عليه نظريته: أنّه إذا كان ما ذكر هو الميزان لتميّز الحقّ و الباطل فيلزم عليه إنكار جميع الحقائق الثابتة المسلّمة الّتي لا سبيل له الى إنكارها، أ فيرى أحمد أمين إنكار النبوّات لما وقع من الثورات باسم الأنبياء أضعاف ما وقع باسم المهديّ؟ أو ينكر (العياذ بالله) وجود الإله تبارك و تعالى لأنّ كثيرا من الناس اتّخذوا من دونه أندادا و استعبدوا عباد الله؟ أو ينكر حقيقة العدل و حسن الإصلاح لأنّ أكثر الناهضين بالثورات و الدعايات إنّما شرعوا دعواهم باسم العدل و الإصلاح، مع أنّهم لم يقوموا إلّا لإثارة الشرّ و إلقاء الفساد و لم تبعثهم إلى ذلك إلّا المطامع و الأهواء؟ و واقع الأمر أنّ سبب نجاح أرباب هذه الثورات في الجملة عدم اهتداء الناس- كأحمد أمين- إلى معنى المهديّ، و جهلهم بما ذكر له في الأحاديث من الآيات و العلامات، هذا، و قد جاء بعضهم بوجه أوهن من بيت العنكبوت لردّ هذه الأحاديث، و هو أنّ فكرة المهدويّة تورث القنوط و القعود عن العمل، و تمنع عن السير نحو التقدّم و الترقّي! و ليت شعري ما يدعو هؤلاء إلى التعصّب و العدول عن الواقع حتّى حاولوا ردّ قول نبيّهم، و تخطئة أئمّتهم في الحديث و في التاريخ و في سائر العلوم الإسلامية بهذه الوجوه الضعيفة، بل الاعتقاد بظهور المهديّ كما سيأتي إن شاء الله تفصيله يقوّي النشاط، و يوجب صفاء القلوب، و يؤيّد رغبة الناس إلى تهذيب الأخلاق و كسب الفضائل و العلوم و الكمالات، و تزكية النفوس من الرذائل و الصفات الذميمة، و يلهب شعور الأمّة نحو المسئولية الحقيقيّة.

الأخلاق و نقصان المشاعر و المدارك و دناءة المرتبة، و غفلوا أو تغافلوا عمّا في هذه الأخبار من الصفات و السمات و العلامات و الآثار و الآيات و النسب الشريف و الحسب الرفيع ممّا لم يمكن تحقّقه عادة إلّا في شخص واحد، و هو الإمام الثاني عشر أبو القاسم الحجّة ابن الإمام أبي محمّد الحسن العسكري بن أبي الحسن عليّ الهادي بن أبي جعفر محمّد الجواد بن أبي الحسن علي الرضا بن أبي الحسن موسى الكاظم بن أبي عبد الله جعفر الصادق بن أبي جعفر محمّد الباقر بن أبي الحسن عليّ زين العابدين بن أبي عبد الله الحسين سيّد الشهداء بن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، و هو الّذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا، و يفتح مشارق الأرض و مغاربها، و يجعل الإسلام دينا عالميّا حتّى لا يبقى في الأرض أحد يعبد غير الله، و لا تبقى قرية إلّا نودي فيها شهادة أن لا إله إلّا الله و أنّ محمّدا رسول الله، و هو الّذي ينادي جبرئيل عند ظهوره باسمه و اسم أبيه من السماء فيسمع من في المشرق و المغرب، و هو صاحب الصفات و العلامات الّتي سنذكر إن شاء الله نبذة منها، و لا تنطبق على غيره كائنا من كان فضلا عن المسكين الّذي اخذ و سجن و بقي في السجن حتّى صلب، و لم يتم له أمر، و لم يملك أمر نفسه فضلا عن أمر غيره، و لكن مع وضوح ذلك ربّما يتوهّم بعض الغافلين مبنى لتلك الدعاوي الباطلة؛ لعدم عثوره على ما ورد في المهدي عليه السلام من الآيات و الأحاديث، و في أنّه هو الشخص الخاصّ المعيّن الّذي لا يشتبه على أحد بنسبه و حسبه و صفاته، فجمعنا طائفة من هذه الأخبار و استخرجناها من الكتب المعتبرة عند الخاصّة و العامّة بحيث لا يبقى مجال للشبهات، و هذه فائدة جليلة عظيمة.و هنا فوائد اخرى لجمع هذه الأخبار على هذا الترتيب و التفصيل لا بأس بالتنبيه على بعضها:

منها: أنّ اعتقاد الشيعي في عصر الغيبة بوجود المهديّ عليه السلام، و ظهوره في آخر الزمان ليس مانعا من اجتماع كلمة المسلمين، و رفض الاختلافات المضرّة بمجدهم و شوكتهم، فإنّ هذه عقيدة محضة خالصة نشأت عن هذه البشائر، و ليست مخالفة لما بني عليه الإسلام أو دلّ عليه صريح أو ظاهر من الكتاب أو السنّة القطعيّة، بل عقيدة انبعثت عن الاعتقاد بصدق النبيّ الكريم صلّى الله عليه و آله و سلّم صاحب هذه البشائر، فيجب أن يعامل السنّي في هذه المسألة معاملته مع غيرها من المسائل الّتي اختلفت فيها أنظار علمائهم، و يتحرّى الحقيقة فيها كما يتحرّى في غيرها.

و منها: ترك التكرار، فإنّي بعد ما تصفّحت ما وقع بيدي من الكتب المصنّفة في هذا الموضوع قديما و حديثا لم أجده خاليا عن التكرار؛ لأنّ كثيرا من الأحاديث لم يتكفّل بيان مطلب خاصّ حتّى يستغنى بنقله في باب عن ذكره في سائر الأبواب بل اشتمل على جهات و فوائد توجب ذكره في عدّة من الأبواب، و هذا هو السبب لوقوع التكرار في كتب حديث الفريقين تارة، و تقطيع الأخبار تارة اخرى، فاحترزت عنها بالإشارة إلى الأحاديث المذكورة في سائر الأبواب مع ذكر مواضعها و عددها في خاتمة كلّ باب.

و منها: معرفة تواتر عناوين كثير من الأبواب.

ص: 12

هذا، و قد ذكرنا في الجزء الأوّل بعض الأخبار الواردة في الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام؛ لكمال دخلها فيما نحن بصدده، و الآن نشرع فيما ورد في المهدي عليه السلام و في صفاته و حالاته من طرق الفريقين إن شاء الله تعالى، و لمّا كان استقصاء الأخبار المأثورة في ذلك فوق حدّ الوسع و المجال، و لا يحصل إلّا لأوحديّ من جهابذة فنّ الحديث و أكابر العلماء اقتصرنا بنقل ما يوضّح الحقّ في ذلك الباب، و يحصل به الغرض الّذي لأجله دوّن هذا الكتاب، و على من يطلب المزيد الرجوع إلى تصنيفات الأصحاب.

كانت هذه المقدّمة للكتاب في طبعته الأولى قبل أكثر من أربعين سنة، و قد توفّقنا- و الحمد لله- في هذه الطبعة الجديدة إلى تأليف مجلّد كامل في أحاديث الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام، و جعلناه المجلّد الأوّل، و قمنا بتنقيح الكتاب القديم حتّى جاء كأنّه كتاب جديد و جعلناه المجلّدين الثاني و الثالث و رتّبنا المجلدات الثلاث على أحد عشر بابا و أربعة و تسعين فصلا، كما توفّقنا لإضافة بحوث روائيّة حول موضوعات ترتبط بالإمام المهدي عليه السلام، و جعلناها آخر المجلّد الثالث.نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لما يوجب رضوانه، و يعيذنا عن التعصّب و الاعتساف، و يهدينا إلى سبيل الحقّ و الإنصاف، و أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، و ذخيرة ليوم لا ينفع مال و لا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم.

«المؤلّف»

ص: 13

الباب الثالث فيما يدلّ على ظهور المهديّ و أسمائه و أوصافه و خصائصه و شمائله و البشارة به عليه السلام و فيه 51 فصلا

الفصل الأوّل في ذكر بعض الآيات المبشّرة بظهوره

عليه السلام أو المؤوّلة ببعض ما هو من علائم ظهوره، و ما يقع قبل ذلك و حينه و بعده و هذا إمّا بحسب الروايات المأثورة في التفسير، أو أقوال المفسّرين جريا و تطبيقا عليه، فلا ينافي تطبيقها على غيره من الموارد.

نعم بعض هذه الآيات بحسب ظاهرها أو ما ورد في تفسيرها مختصّة به، كما سيظهر لك فيما نذكر منها، و عدد ما نذكر في هذا الباب من الآيات، أو نشير إليه ممّا ذكر تفسيره في سائر الأبواب 28 آية، و من الروايات الواردة في تفسيرها كذلك 82 حديثا.

و لا يخفى عليك أنّ الآيات المؤوّلة بظهوره عليه السلام كثيرة جدّا تتجاوز على ما أحصاه بعضهم عن المائة و الثلاثين، و ألّف بعضهم في ذلك كتابا مفردا، و نحن ذاكرون- إن شاء الله تعالى- نموذجا لا استقصاء، فنقول:

منها: قوله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (1).

310-(2)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن موسى المتوكّل- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثنا أحمد ابن محمّد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن غير واحد من أصحابنا،عن داود بن كثير الرقّي،

ص: 14


1- . البقرة: 3.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 340 ب 33 ح 19. قال في التبيان: و يدخل فيه (في الغيب) ما رواه أصحابنا من زمان الغيبة و وقت خروج المهديّ عليه السلام، و مثله قال الطبرسي في مجمع البيان. بحار الأنوار: ج 51 ص 52 ب 5 ح 28، المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة: ص 16، نور الثقلين: ج 1 ص 26، البرهان في تفسير القرآن: ج 1 ص 53. قال النيشابوري في غرائب القرآن، في تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ): و قال بعض الشيعة: المراد بالغيب المهديّ المنتظر الذي وعد الله به في القرآن و ورد في الخبر (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ)، «لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج رجل من أمّتي يواطئ اسمه اسمي و كنيته كنيتي، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما». و ذكر الفخر الرازي في التفسير أيضا: أنّ بعض الشيعة قال: المراد بالغيب المهديّ المنتظر الّذي وعد الله تعالى به في القرآن و الخبر، ثمّ ذكر الآية و الخبر، ثمّ قال: و اعلم أنّ تخصيص المطلق من غير دليل باطل. أقول: يظهر من كلامهما موافقتهما مع الشيعة في شمول إطلاق الغيب للمهديّ المنتظر عليه السلام؛ لعدم مجال المناقشة في مثل ذلك بين أهل العلم، و يظهر من عدم إنكارهما على الشيعة في أنّ الله وعد بالمهدي المنتظر في القرآن أيضا موافقتهما مع الشيعة، و ما جاء من طرقهم في تفسير الآية. و لمّا انجرّ الكلام إلى ذلك لا بأس بإسراده في معنى الغيب، و أنّ الآية هل فسّرت بالمهدي عليه السلام من باب الجري و التطبيق أو الاختصاص و بيان تمام المراد، فنقول: (بحث تفسيري) كلّ ما غاب عن الشخص و لا يدرك بواحدة من حواسّه الظاهرة فهو غيب عنه، و ما غاب كذلك عن الجميع فهو غيب بالنسبة إلى الجميع، سواء كان ذلك الغيب ممّا تهتدي إليه العقول و يدرك بالدّلائل و الآثار و الآيات- كوجود الله تعالى شأنه، و صفاته العليا، و أسمائه الكبرى- أو كان الاهتداء إليه بإخبار الأنبياء و الأولياء الذين كان إخبارهم عن هذه الامور من خوارق العادات- كأشراط الساعة، و عذاب القبر، و الصراط، و الميزان، و الجنّة، و النار، و الإنباء بأفعال الناس في الخلوات و أقوالهم- أم لا يهتدى إليه مطلقا لا بالعقول و لا بغيرها- كحقيقة ذات الله المقدّسة- و سواء كان عدم إدراك ذلك الغيب بالحواس لأنّه لم يكن من المبصرات و المسموعات و غيرها من المحسوسات، أو- كان من ذلك و لكن كان الاطّلاع عليه لم يحصل عادة إلّا للأوحديّ من الناس على سبيل خرق العادات- كإنباء الناس بما يأكلون و يدّخرون في بيوتهم- و سواء كان هذا الغيب موجودا في حال الإيمان به، أو وجد في الماضي و طرأ عليه الانصرام و الانعدام، أو كان ممّا يوجد في المستقبل. فكلّ ذلك من الغيب إذا كان ممّا يمتنع إدراكه، أو لا يدرك إلّا بالعقول و الأفهام، أو لا يدرك بالحواس في بعض الأحوال للجميع أو للبعض إلّا بالإعجاز و خرق العادات، فالله تعالى الأزلي الأبدي السرمدي غيب؛ لأنّه لا يهتدى إليه إلّا بالعقول و الدلائل العقليّة و يمتنع إدراكه بالحواس، و غيب؛ لامتناع معرفة كنهه و حقيقته بالعقول و الأفهام، و أشراط الساعة، و نزول عيسى و ظهور المهديّ عليهما السلام، و سؤال منكر و نكير، و عذاب القبر، و الصراط و الميزان، و الجنّة و النار، و كيفيّة بدء الخلق، و خلق آدم و المسيح، و كيفيّة الجزاء و العقاب، و الملائكة و أصنافها، و الوحي النازل على الأنبياء، و أحوال الأنبياء و الامم الماضية، و الحوادث الآتية، و كذا معجزات الأنبياء المنصرمة: كقلب العصا بالثعبان، و ناقة صالح، و فلق البحر، و إبراء الأكمه و الأبرص، ممّا جاء في القرآن و الأحاديث المعتبرة، و غير ذلك ممّا لا طريق لمعرفته عادة إلّا بإخبار النبيّ أو الوليّ كلّها غيب؛ لأنّه لا طريق من العقول إليها، و ليس لمعرفتها طريق إلّا إخبار من يخبر عن الغيب بالعناية الربانيّة. هذا، و ربّما يقال بظهور «الغيب» في غير الامور المعلومة بالدلائل العقليّة و الآثار و الآيات الظاهرة كوجود الله تعالى و صفاته و أسمائه، و غير ما هو المعلوم على الجميع و ما ثبت وجوده بالتواتر مثل: البلاد النائية، و وجود الشخصيّات المشهورة في التاريخ، و وجود الأجداد و الجدّات، و بناة الأبنية، و ما على الأرض من آثار الأقدمين. و لذلك فسّر بعضهم «الغيب» في هذه الآية بكلّ ما لا تهتدي إليه العقول من: أشراط الساعة، و عذاب القبر، و الحشر و النشر، و الصراط، و الميزان، و الجنّة، و النار. قال الراغب في المفردات: الغيب مصدر غابت الشمس و غيرها إذا استترت عن العين، يقال: غاب عنّي كذا، قال تعالى: (أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ)، و استعمل في كلّ غائب عن الحاسّة، و عمّا يغيب عن علم الإنسان بمعنى الغائب، قال: (وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ)، و يقال للشي ء: غيب و غائب باعتباره بالناس لا بالله تعالى، فإنّه لا يغيب عنه شي ء كما لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السماوات و الأرض، و قوله: (عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ*) أي ما يغيب عنكم و ما تشهدونه، و الغيب في قوله: (يُؤْمِنُونَ) (بِالْغَيْبِ) ما لا يقع تحت الحواس و لا تقتضيه بداية العقول و إنّما يعلم بخبر الأنبياء عليهم السلام، و بدفعه يقع على الإنسان اسم الإلحاد، و من قال: الغيب هو القرآن، و من قال: هو القدر، فإشارة منهم إلى بعض ما يقتضيه لفظه، و قال بعضهم: معناه يؤمنون إذا غابوا عنكم، و ليسوا كالمنافقين الذين قيل فيهم: (وَ إِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ). و قال شيخنا الطوسي (تفسير التبيان: سورة البقرة، ضمن قوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ...): و قال جماعة من الصحابة- كابن مسعود و غيره-: إنّ الغيب ما غاب عن العباد علمه من أمر الجنّة و النار و الأرزاق و الأعمال و غير ذلك، و هو الأولى؛ لأنّه عامّ، و يدخل فيه ما رواه أصحابنا من زمان الغيبة و وقت خروج المهدي عليه السلام. و يمكن أن يوجّه ذلك التفسير بأنّ معنى «الغيب» و إن كان عامّا يشمل الامور المعلومة التي لا تدرك إلّا بالعقول إلّا أنّ من الممكن أن يكون الألف و اللام هنا للعهد و أريد به ما روي عن ابن مسعود و غيره لا الجنس، إلّا أنّه يمكن أن يستظهر من طائفة من الأحاديث التي أخرجها المفسّرون في تفسير الآية كون معناه عامّا يشمل ما غاب عن العباد رؤيته و إن لم يغب عنهم علمه (راجع الدرّ المنثور: ج 1 ص 26 و 27)، و الله أعلم. ثمّ لا يخفى عليك أنّ بعضهم (انظر مجمع البيان: ج 1 ص 38 من سورة البقرة آية 3، و تفسير الكشّاف: ج 1 ص 38 منشورات دار الكتاب العربي بيروت) فسّر الغيب و قال: يجوز أن يكون «بالغيب» في موضع الحال و لا يكون صلة ليؤمنون، أي يؤمنون غائبين عن مرأى الناس. و هذا التفسير مضافا إلى أنّه هنا خلاف الظاهر تردّه الروايات المعتبرة و أقوال الصحابة. نعم لعلّه هو الظاهر من مثل قوله تعالى: (وَ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) (يس: 11)، و قوله تعالى: (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) (الأنبياء: 49). و لا يخفى عليك أنّ لهم في تفسير الآية و الفرق بين الغيب و الغائب كلمات و أقوالا غير ما أشرنا إليه، من أرادها فليرجع إلى التفاسير الكبيرة. ثمّ إنّه لا ريب- على جميع التفاسير المؤيّدة بالأحاديث و أقوال الصحابة و مشاهير المفسّرين- أنّ المراد بالغيب ليس كلّ ما غاب عن الحواسّ؛ لأنّه لا ريب في عدم وجوب الإيمان بكلّ ما كان كذلك، و ليس في الإيمان به و معرفته غرض و مصلحة ترجع إلى كمال الإنسان و أهداف النبوّات، فلا يجب الإيمان بالكائنات الغائبة عن الحاسّة، أو-- الوقائع الماضية و الآتية التي لا شأن لمعرفتها في الدين، فالغيب كلّ ما كان كذلك ممّا يجب الاعتقاد به شرعا أو عقلا، أو لا يجوز إنكاره و الشكّ فيه بعد إخبار النبي و الوليّ عنه، و يجب التصديق به و إن لم يكن ممّا وجب الاعتقاد به، و الفرق يظهر بالتأمّل (راجع في ذلك كتابنا «مع الخطيب»، فصل: غلط الخطيب). كما لا ريب في أنّ الإيمان بعالم الغيب و عالم الباطن و غير المحسوس في مقابل عالم الشهادة و الظاهر و المحسوس واجب، سواء كان الغيب في هذه الآية يشمله أو لا يشمله، فالاعتقاد بأن دار التحقّق و الوجود لا يقصر على عالم الشهادة و المحسوس هو أصل دعوة الأنبياء، و دعوتهم أقيمت على الدعوة بالغيب المسيطر على هذا العالم، و الإيمان بجنوده الغيبيّة كجنوده المشهودة المحسوسة، و على أنّ هذا العالم آية عالم الغيب، و أنّ عالم الشهادة متأخّرة عن عالم الغيب كتأخّر الأثر عن المؤثّر، و المصنوع عن الصانع، و المكتوب عن الكاتب، و الكلام عن المتكلّم، بل الحقّ الثابت و الذي لا ينفد و لا ينقضي و لا يفنى و لا يبيد هو عالم الغيب، و عالم الشهادة بالنسبة إليه كالظلّ، و هو بجميع مظاهره جلوات عالم الغيب و آياته. اللهمّ ارزقنا الإيمان بك و بكلّ ما غاب عنّا من قدرتك و جلالك، و أذقنا حلاوة الإيمان حتّى لا نحبّ تأخير ما قدّمت، و لا تعجيل ما أخّرت. هذا و قد ظهر لك ممّا تلونا عليك في هذا البحث الطويل- الذي كان للبحث عنه مجال غير هذا الكتاب- أنّ الإيمان بالمهدي- الذي بشّر به الرسل و بشّر به خاتمهم و سيّدهم صلّى الله عليه و آله و سلّم و ثبت ذلك عند الفريقين بالتواتر القطعيّ و اتّفق المسلمون عليه- داخل في الغيب الذي وصف الله بالإيمان به المتّقين، و الروايات الواردة في ذلك عن أهل البيت عليهم السلام فسّرت الآية به على سبيل الجري و التطبيق لأجل التنبيه على دخول ذلك فيه، و لو لم ترد تلك الروايات أيضا في تفسير الآية لكنّا نقول بدخوله و دخول غيره في الغيب ممّا ثبت من الشرع و جاء في القرآن المجيد أو أخبر به النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم، كنزول المسيح، و دابّة الأرض، و انشقاق السماء، و انفطار الأرض، و غير ذلك؛ كخلافة الأئمّة الاثني عشر، و ظهور الإسلام على جميع الأديان. و الشاهد على أنّ ذلك من باب التطبيق و ذكر أفراد المعنى الكلّي ما رواه علي بن إبراهيم بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام في تفسير (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) قال: يصدّقون بالبعث و النشور و الوعد و الوعيد. فمن العجب أنّ الآلوسي أخذ على الشيعة و يقول- في تفسيره: «و اختلف الناس في المراد به هنا على أقوال شتّى، حتّى زعمت الشيعة أنّه القائم، و قعدوا عن إقامة الحجّة على ذلك» فكأنّه لم يفهم مراد الشيعة، أو حرّف كلامهم و يرى أنّ الشيعة تقول: إنّ المراد بالغيب هو القائم عليه السلام دون سائر ما أخبر به النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم من الغيوب، ثمّ يقول: و قعدوا عن إقامة الحجّة على ذلك حتّى يوقع قارئه في الخلط و الاشتباه، و هذا دأب أمثاله لمّا يرون صحّة مختار الشيعة ينقلونه على غير وجهه. و هنا أيضا لمّا يرى أنّ دخول زمان الغيبة و ظهور المهدي عليه السلام الذي ثبت بالأخبار المتواترة في الغيب لا محل لإنكاره، حمل كلام الشيعة على أنّهم يفسّرون الإيمان بالغيب بخصوص الإيمان بالقائم عليه السلام. سلّمنا ذلك، و نحمل الروايات الواردة عن العترة الطاهرة في حصر المراد بالغيب هنا بالمهدي عليه السلام (كما هو ظاهر خبر يحيى بن أبي القاسم عن الصادق عليه السلام و إن كان في منع ظهوره أيضا مجال) على التعظيم لأمره، لأنّ به يختم الدين و يظهر الإسلام على الدين كلّه و يملأ الأرض قسطا و عدلا و يفتح حصون الضلالة، فأيّة حجّة أقوى من تفسير أهل البيت أحد الثقلين اللّذين جعل التمسّك بهما أمانا من الضلالة. و العجب ممّن يأخذ دينه عن النواصب و أعداء أهل البيت و الجبابرة و المعروفين بالفسق و الكذب و أنواع الجنايات و الخيانات و يحتجّ بأقوالهم، ثمّ يقول في شأن من يأخذ بأقوال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، و المتمسّكين بأهل البيت الذين عندهم علم الكتاب: إنّهم قعدوا عن إقامة الحجّة. فإنّا لله و إنّا إليه راجعون. (راجع في ذلك كتابنا «أمان الامّة من الضلال و الاختلاف»)،

ص: 15

ص: 16

عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزّ و جلّ: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ يعني من [آمن] أقرّ بقيام القائم أنّه الحق.

و منها: قوله تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (1).

ص: 17


1- . القصص: 5.

311-(1)-

نهج البلاغة: قال عليه السلام: لتعطفنّ الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها، و تلا عقيب ذلك قوله تعالى:عن داود بن كثير الرقّي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزّ و جلّ: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ يعني من [آمن] أقرّ بقيام القائم أنّه الحق.

و منها: قوله تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (2).

311-(3)-

نهج البلاغة: قال عليه السلام: لتعطفنّ الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها، و تلا عقيب ذلك قوله تعالى:وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ. قال ابن أبي الحديد في شرحه: إنّ أصحابنا يقولون: إنّه وعد بإمام يملك الأرض و يستولي على الممالك.

و في شواهد التنزيل: أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن، أخبرنا محمّد بن إبراهيم بن سلمة، أخبرنا محمّد بن عبد الله بن سليمان، أخبرنا يحيى بن عبد الحميد الحمّاني، أخبرنا شريك، عن عثمان، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، قال: قال عليّ عليه السلام: لتعطفنّ علينا الدنيا عطف الضروس على ولدها. ثمّ قرأ وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ... الآية. و روى نحوه أيضا بسنده عن ربيعة.

ص: 18


1- . نهج البلاغة: ج 3 ص 199 و 200 ك 209، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 19 ص 29 ك 205. قال الشيخ محمّد عبده في شرحه (ج 3 ص 200): الشماس- بالكسر- امتناع ظهر الفرس من الركوب، و الضروس- بفتح فضمّ- الناقة السيئة الخلق تعضّ حالبها. أي إنّ- الدنيا ستنقاد لنا بعد جموحها، و تلين بعد خشونتها، كما تعطف الناقة على ولدها و إن أبت على الحالب. شواهد التنزيل: ج 1 ص 431 ح 590 و ص 432 ح 595، قال: و له طرق عن شريك ... الخ. و قال في مجمع البيان (ج 7 ص 239): صحّت الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: و الّذي فلق الحبّة و برأ النسمة لتعطفنّ الدنيا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها، و تلا عقيب ذلك قوله تعالى: (وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ...) الآية. تفسير نور الثقلين: ج 4 ص 109 ح 10، تأويل الآيات الظاهرة: نحوه ص 406- 407 ح 1 و 2، البحار: ج 51 ص 64 ب 5 ح 66. أقول: و يؤيّد هذا الحديث ما رواه في شواهد التنزيل: ج 1 ص 430 ح 589 بسنده عن المفضّل بن عمر، عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام أنّه قال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم نظر إلى علي و الحسن و الحسين عليهم السلام فبكى و قال: أنتم المستضعفون بعدي. قال المفضّل: فقلت له: ما معنى ذلك يا ابن رسول الله؟ قال: معناه: أنّكم الأئمّة بعدي، إنّ الله تعالى يقول: (وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ)، فهذه الآية فينا جارية إلى يوم القيامة. و رواه في معاني الأخبار: ص 79، و نور الثقلين: ج 4 ص 110 ح 14، و بمعناه ما أخرجه في الكافي: ج 1 كتاب الحجّة ص 306 ب 128 ح 1، مجمع البيان: ج 7 ص 239 عن العيّاشي بالإسناد عن أبي الصباح الكنانيّ عن أبي جعفر الباقر عليه السلام.
2- . القصص: 5.
3- . نهج البلاغة: ج 3 ص 199 و 200 ك 209، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 19 ص 29 ك 205. قال الشيخ محمّد عبده في شرحه (ج 3 ص 200): الشماس- بالكسر- امتناع ظهر الفرس من الركوب، و الضروس- بفتح فضمّ- الناقة السيئة الخلق تعضّ حالبها. أي إنّ- الدنيا ستنقاد لنا بعد جموحها، و تلين بعد خشونتها، كما تعطف الناقة على ولدها و إن أبت على الحالب. شواهد التنزيل: ج 1 ص 431 ح 590 و ص 432 ح 595، قال: و له طرق عن شريك ... الخ. و قال في مجمع البيان (ج 7 ص 239): صحّت الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: و الّذي فلق الحبّة و برأ النسمة لتعطفنّ الدنيا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها، و تلا عقيب ذلك قوله تعالى: (وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ...) الآية. تفسير نور الثقلين: ج 4 ص 109 ح 10، تأويل الآيات الظاهرة: نحوه ص 406- 407 ح 1 و 2، البحار: ج 51 ص 64 ب 5 ح 66. أقول: و يؤيّد هذا الحديث ما رواه في شواهد التنزيل: ج 1 ص 430 ح 589 بسنده عن المفضّل بن عمر، عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام أنّه قال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم نظر إلى علي و الحسن و الحسين عليهم السلام فبكى و قال: أنتم المستضعفون بعدي. قال المفضّل: فقلت له: ما معنى ذلك يا ابن رسول الله؟ قال: معناه: أنّكم الأئمّة بعدي، إنّ الله تعالى يقول: (وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ)، فهذه الآية فينا جارية إلى يوم القيامة. و رواه في معاني الأخبار: ص 79، و نور الثقلين: ج 4 ص 110 ح 14، و بمعناه ما أخرجه في الكافي: ج 1 كتاب الحجّة ص 306 ب 128 ح 1، مجمع البيان: ج 7 ص 239 عن العيّاشي بالإسناد عن أبي الصباح الكنانيّ عن أبي جعفر الباقر عليه السلام.

312-(1)- تفسير فرات: قال: حدّثنا الحسين بن سعيد معنعنا، عن علي عليه السلام قال: من أراد أن يسأل عن أمرنا و أمر القوم فإنّا و أشياعنا يوم خلق الله السماوات و الأرض على سنّة موسى و أشياعه، و إنّ عدوّنا و أشياعه يوم خلق السماوات و الأرض على سنّة فرعون و أشياعه، فليقرأ هؤلاء الآيات من أوّل السورة (يعني القصص) إلى قوله: يَحْذَرُونَ، و إنّي اقسم بالله الذي فلق الحبّة و برأ النسمة الذي أنزل الكتاب على محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم صدقا و عدلا ليعطفنّ عليكم هؤلاء عطف الضروس على ولدها.

313-(2)-

شواهد التنزيل: أخبرني أبو بكر المعمري، أخبرنا أبو جعفر القمّي، أخبرنا محمد بن عمر الحافظ ببغداد، أخبرنا محمد بن الحسين، أخبرنا أحمد بن عثم بن حكيم، أخبرنا شريح بن مسلمة، عن إبراهيم بن يوسف، عن عبد الجبّار، عن الأعمش الثقفي، عن أبي صادق، قال: قال علي عليه السلام: هي لنا، أو فينا هذه الآية:

وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ.

314-(3)- تفسير فرات: قال: حدّثنا فرات بن إبراهيم الكوفي معنعنا، عن أبي المغيرة، قال: قال عليّ عليه السلام: فينا نزلت هذه الآية: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ.

315-(4)- تفسير فرات: قال: حدّثني علي بن محمّد بن علي الزهري معنعنا، عن ثوير بن أبي فاختة، قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: تقرأ القرآن؟ قال: قلت: نعم، قال: فاقرأ طسم سورة موسى و فرعون، قال: فقرأت أربع آيات من أوّلها إلى قوله:

وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ... الآية، قال لي: مكانك حسبك، و الّذي بعث محمّدا صلّى الله عليه و آله و سلّم بالحقّ بشيرا و نذيرا، إنّ الأبرار منّا أهل البيت و شيعتهم بمنزلة موسى و شيعته.

ص: 19


1- . تفسير فرات ص 116، شواهد التنزيل: ج 1 ص 431 ح 591 بإسناده عن حنش عن علي عليه السلام، البحار: ج 24 ص 171 ب 49 ح 9.
2- . شواهد التنزيل: ج 1 ص 432 ح 593، نور الثقلين: ج 4 ص 111 ح 15، أمالي الصدوق: المجلس 72 ص 387 ح 26، إثبات الهداة: ج 1 ص 532 ح 309 ف 8 ب 9.
3- . تفسير فرات: ص 116، نور الثقلين: ج 4 ص 109 ح 9، البحار: ج 24، ص 167 و 168 شواهد التنزيل: ج 1 ص 432، ح 594.
4- . تفسير فرات: ص 116، مجمع البيان: ج 7 ص 239 و زاد: و إنّ عدوّنا و أشياعهم بمنزلة فرعون و أشياعه، البحار: ج 24 ص 171 ب 49 ح 8.

316-(1)- تفسير فرات الكوفي: قال: حدّثني عليّ بن محمّد بن عمر الزهري معنعنا، عن زيد بن سلام الجعفي قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فقلت: أصلحك الله، إنّ خيثمة الجعفي حدّثني عنك أنّه سألك عن قوله: وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ، و أنّك حدّثته:

أنّكم الأئمّة و أنّكم الوارثين، قال: صدق و الله خيثمة، لهكذا حدّثته.

317-(2)- غيبة الشيخ: عنه (محمّد بن علي)، عن الحسين بن محمّد القطعي، عن علي بن حاتم، عن محمّد بن مروان، عن عبيد بن يحيى الثوري، عن محمّد بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عن علي عليه السلام في قوله تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ، قال: هم آل محمّد، يبعث الله مهديّهم بعد جهدهم ليعزّهم و يذلّ عدوّهم.

318-(3)-

الأنوار المضيئة: بإسناده عن محمّد بن أحمد الأيادي، يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: المستضعفون في الأرض المذكورون في الكتاب الّذين يجعلهم الله أئمّة نحن أهل البيت، يبعث الله مهديّهم فيعزّهم و يذلّ عدوّهم.

319-(4)-

الأنوار المضيئة: روي أنّه تلي بحضرته (يعني: أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام): وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ... فهملت عيناه، و قال: نحن و الله المستضعفون.

منها: قوله تعالى: وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (5).

ص: 20


1- . تفسير فرات: ص 117.
2- . غيبة الشيخ: ص 184 ح 143، نور الثقلين: ج 4 ص 110 ح 11، البحار: ج 51 ص 54 ب 5 ح 35، إثبات الهداة: ج 7 ص 10 ب 32 ف 12 ح 299.
3- . بحار الأنوار: ج 51 ص 63 ب 5 ح 65، منتخب الأنوار المضيئة: ص 17.
4- . بحار الأنوار: ج 51 ص 64 ب 5 ح 65.
5- . الأنبياء: 105.

320-(1)- ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام: حدّثنا أحمد بن محمّد، عن [ابن- خ] أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن حسين ابن محمّد بن عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قوله عزّ و جلّ: أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ هم أصحاب المهديّ عليه السلام في آخر الزمان.

321-(2)-

التبيان: عن أبي جعفر عليه السلام: إنّ ذلك وعد للمؤمنين أنّهم يرثون جميع الأرض.

و في مجمع البيان: قال أبو جعفر عليه السلام: هم أصحاب المهديّ عليه السلام في آخر الزمان. و يدلّ على ذلك ما رواه الخاصّ و العامّ عن النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم أنّه قال: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث رجلا صالحا من أهل بيتي، يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا. [قال]: و قد أورد الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب «البعث و النشور» أخبارا كثيرة في هذا المعنى حدّثنا بجميعها عنه حافده أبو الحسن عبيد الله بن محمّد بن أحمد في شهور سنة ثماني عشرة و خمسمائة ... إلى أن قال: و من جملتها ما حدّثنا أبو الحسن حافده عنه قال: أخبرنا أبو عليّ الرودباري، قال: أخبرنا أبو بكر بن داسة، قال: حدّثنا أبو داود السجستاني في كتاب «السنن» عن طرق كثيرة ذكرها، ثمّ قال: كلّهم عن عاصم المقري، عن زيد، عن عبد الله، عن النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم قال: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلا منّي أو من أهل بيتي، و في بعضها: يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.

322-(3)- تفسير القمّي: قوله: وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ قال: الكتب كلّها ذكر و أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ قال - يعني الباقر عليه السلام-: القائم عليه السلام و أصحابه، قال:

ص: 21


1- . تأويل الآيات الظاهرة: في تفسير الآية 105 من سورة الأنبياء، ص 326 و 327، البرهان: ج 3 ص 75 ح 5، البحار: ج 24 ص 358 ب 67 ح 78، المحجّة: ص 141 في تفسير الآية، إلزام الناصب: ج 1 ص 75 الآية: 56، إثبات الهداة: ج 7 ص 50 ب 32 ف 21 ح 419.
2- . التبيان: ج 7 ص 284، مجمع البيان: ج 7 ص 66 و 67، جوامع الجامع: ص 296، نور الثقلين: ج 3 ص 464، إلزام الناصب: ص 75 و 76 الآية 56، الآيات الباهرة في فضل العترة الطاهرة: في تأويل الآية 105 من سورة الأنبياء، إثبات الهداة: ج 3 ص 563 ب 32 ف 9 ح 639.
3- . تفسير القمّي: ج 2 ص 77 تفسير الآية، المحجّة: ص 141 الآية: 51، إلزام الناصب: ج 1 ص 75 الآية: 56 عن الصادق عليه السلام و ظاهر تفسير القمّي بقرينة روايته السابقة على هذه الرواية أنّ المرويّ عنه هو الباقر عليه السلام، ينابيع المودّة: ص 425 ب 71، البحار: ج 51 ص 47 ب 5 ح 6. أقول: لا يخفى عليك أنّه و إن اختلفوا في تفسير الأرض في هذه الآية- ففسّرها بعضهم بالأرض التي تجتمع إليها أرواح المؤمنين، و بعضهم بأرض الشام- و لكن لا يعتمد على تفسير المفسّرين إذا اختلفوا في تفسير أيّة آية من الآيات إلّا إذا كان معتمدا على دليل عقليّ يقينيّ يكون كالقرينة لإرادة واحد من المعاني، أو على آية أخرى ظاهرة في تفسيرها، أو على سنّة صحيحة. فترجيح احتمال أو قول على احتمال آخر و القول به إذا لم يكن معتمدا على أحد هذه الشواهد غاية ما يتحصّل منه الظنّ المنهيّ عن اتّباعه، فلا يؤخذ التّفسير و سائر العلوم الشرعية، و لا يحتجّ بقول أحد من الأمّة إلّا من كان قوله حجّة و مصونا عن الخطأ بنصّ الشارع، و ليس في الأمّة من يكون له هذا الشأن إلّا الأئمّة من أهل البيت و عترة النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم، الّذين ثبت بالأحاديث المتواترة وجوب التمسّك بهم و الرجوع إليهم، و نصّ على عصمتهم بالنصّ على أنّ التمسّك بهم أمان من الضلال، و أنّهم و الكتاب لن يتفرّقا و لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، و أنّهم سفينة النجاة، و هذا أمر يؤيّده العقل؛ لأنّه حاكم بأنّه يجب أن يكون في الامّة من يكون قوله حجّة ليكون مرجعهم فيما اختلفوا فيه من المسائل الشرعيّة، و كان الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام إذا تلا قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة: 119) يقول في دعاء طويل يشتمل على طلب اللحوق بدرجة الصادقين و الدرجات العليّة، و على وصف المحن و ما انتحلته المبتدعة المفارقون لأئمّة الدين و الشجرة النبويّة ثمّ يقول: و ذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا، و احتجّوا بمتشابه القرآن فتأوّلوا بآرائهم و اتّهموا مأثور الخبر ... إلى أن قال: فإلى من يفزع خلف هذه الأمّة و قد درست أعلام هذه الملّة، و دانت الامّة بالفرقة و الاختلاف، يكفر بعضهم بعضا و الله تعالى يقول: (وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) (آل عمران: 105)، فمن الموثوق به على إبلاغ الحجّة و تأويل الحكم إلّا أهل الكتاب، و إنّنا أئمّة الهدى و مصابيح الدجى الّذين احتجّ الله بهم على عباده-- و لم يدع الخلق سدى من غير حجّة؟ هل تعرفونهم أو تجدونهم إلّا من فروع الشجرة المباركة، و بقايا الصفوة الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا، و برّأهم من الآفات، و افترض مودّتهم في الكتاب؟ (جواهر العقدين: القسم الثاني، الذكر الرابع، الصواعق المحرقة: ص 150 في الباب الحادي عشر الفصل الأوّل في الآيات الواردة فيهم في تفسير الآية الخامسة). و على هذا فلا يجوز الاعتماد و الاحتجاج فيما وقعت الامّة فيه من الاختلاف في تفسير الكتاب أو سائر ما يؤخذ من الدين إذا لم يكن هناك قاطع البرهان أو نصّ واضح من الكتاب أو السنّة، إلّا على ما خرج من هذا البيت الشريف النبوي صلّى الله عليه و آله و سلّم و صدر من العترة الطاهرة عليهم السلام لا يجوز العدول عنهم إلى غيرهم كائنا من كان. إذن فالمتّبع في تفسير الآية هي الروايات الصادرة عنهم عليهم السلام. هذا مضافا إلى أنّ تفسير الأرض بأرض الشام خلاف سياق الآية و ظاهرها، فإنّ المناسبة تقتضي أن يكون الصالحون وارثين للأرض في كلّ البقاع و البلاد، و لا وجه للاختصاص كما أنّ كون المراد منها الأرض التي تجتمع فيها الأرواح أيضا لا يناسب سياق الآية و ظاهرها، بل الظاهر أنّ ذلك إخبار و بشارة بأمر سيقع في المستقبل و في آخر الزمان، و ينتهي إليه مسير هذا العالم و هذه الكرة التي ملكها الفجّار و الكفّار و الجبابرة الظّلمة و الطواغيت في أكثر الأحيان و أغلب الأزمان، فبشّر الله تعالى عباده الصالحين بدورة صالحة لهذه الأرض يرثها عباده الصالحون. قال الآلوسي (تفسير روح المعاني: في تفسير الآية 105 من سورة الأنبياء): إنّ المراد بها أرض الدنيا يرثها المؤمنون و يستولون عليها، و قال: و إن قلنا بأنّ جميع ذلك يكون في حوزة المؤمنين أيّام المهدي- رضي الله تعالى عنه- و نزول عيسى عليه فلا حاجة إلى ما ذكر. فكأنّه ارتضى أنّ المراد بالآية الوعد بحصول جميع الأرض في حوزة الإسلام و المؤمنين أيّام المهدي عليه السلام و دولته العالميّة. و في روح البيان في تفسير الآية 105 من سورة الأنبياء): (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) أي عامّة المؤمنين بعد إجلاء الكفّار، كما قال: (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) و هذا وعد بإظهار الدين و اعزاز أهله، انتهى. فلا ريب أنّ الآية بشارة لما سيحقّق لهذه الامّة من النصر و الاستيلاء على الأرض كلّها.-- و يؤيّد ذلك التفسير البشارات الكثيرة الموجودة في العهد العتيق و الجديد بالأئمّة الاثني عشر من ولد إسماعيل، و بالإمام الذي يستولي على الأرض، و بالصالحين الذين يرثونها، تجد ذلك في التوراة، و كتاب مزامير، و كتاب اشعياء، و كتاب دانيال، و كتاب هوشع، و كتاب يوئيل، و كتاب عاموس، و كتاب عوبديا، و كتاب ميخا، و كتاب ناحوم، و كتاب حيقوق، و كتاب صفنيا، و كتاب حجي، و كتاب زكريا، و كتاب ملافي، و إنجيل لوقا، و إنجيل متّى، و مكاشفات يوحنّا، و غيرها، بألفاظها السريانيّة، و في تراجمها بالعربيّة و الفارسيّة فراجعها، و راجع كتاب «من ذا؟»، و مؤلّفات فخر الإسلام سيّما كتابه القيّم «أنيس الأعلام»، و كتابنا «أصالت مهدويت» بالفارسيّة، و غيرها من الكتب المؤلّفة حول ذلك لا يسعنا المجال لإحصائها.

ص: 22

و «الزّبور» فيه ملاحم و تحميد و تمجيد و دعاء.

و منها: قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ(1).

323-(2)-

قال ابن حجر في الصواعق في الفصل الّذي عقده في الآيات الواردة فيهم (يعني: في أهل البيت عليهم السلام): الآية الثانية عشرة: قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ قال مقاتل بن سليمان و منو «الزّبور» فيه ملاحم و تحميد و تمجيد و دعاء.

و منها: قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ(3).

323-(4)-

قال ابن حجر في الصواعق في الفصل الّذي عقده في الآيات الواردة فيهم (يعني: في أهل البيت عليهم السلام): الآية الثانية عشرة: قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ قال مقاتل بن سليمان و منتبعه من المفسّرين: إنّ

ص: 23


1- . الزخرف: 61.
2- . الصواعق المحرقة: ص 162، إسعاف الراغبين: ص 141 ب 2، نور الأبصار: ص 143 ب 2، ينابيع المودّة: ص 301، البيان: ص 109 ب 25. أقول: لا ريب في أنّ ظهور المهدي عليه السلام و نزول عيسى عليه السلام، بل و بعثة رسول الله النبيّ الخاتم صلّى الله عليه و آله و سلّم و نزول القرآن عليه من علامات الساعة، كما روي عنه صلّى الله عليه و آله و سلّم أنّه قال: بعثت أنا و الساعة كهاتين (انظر سنن ابن ماجة: ج 2 كتاب الفتن ب 25 ح 4040 ص 1341). و لذا قال بعضهم: إنّ الضمير في «إنّه» يعود إلى القرآن، كما قال بعضهم: إنّه يعود إلى عيسى عليه السلام. (انظر: تفسير ابن كثير: ج 4 ص 132 منشورات دار إحياء التراث- بيروت، و تفسير الآلوسي: ج 25 ص 96، و تفسير التبيان: ج 9 ص 212 منشورات دار إحياء التراث- بيروت) و في تأويل الآيات الظاهرة: و جاء في تفسير أهل البيت عليهم السلام: أنّ الضمير في «إنّه» يعود إلى عليّ عليه السلام، ثمّ ذكر حديثا في ذلك، و تعقّبه بذكر وجه التوفيق بين التفاسير و عدم التنافي بينها. و قال في آخر كلامه: و إذا كان القائم عليه السلام علما للساعة و هو ابن أمير المؤمنين- فصحّ أن يكون أبوه علما للساعة، و هو المطلوب، انتهى كلامه. و على كلّ، إنّي لم أجد فيما تصفّحت فيه من كتب أحاديث أصحابنا الإماميّة في أحاديث أهل البيت عليهم السلام ما يدلّ بالخصوص على هذا التفسير، و لعلّه كان و لم يصل إلينا، أو لم أعثر عليه، و الله أعلم.
3- . الزخرف: 61.
4- . الصواعق المحرقة: ص 162، إسعاف الراغبين: ص 141 ب 2، نور الأبصار: ص 143 ب 2، ينابيع المودّة: ص 301، البيان: ص 109 ب 25. أقول: لا ريب في أنّ ظهور المهدي عليه السلام و نزول عيسى عليه السلام، بل و بعثة رسول الله النبيّ الخاتم صلّى الله عليه و آله و سلّم و نزول القرآن عليه من علامات الساعة، كما روي عنه صلّى الله عليه و آله و سلّم أنّه قال: بعثت أنا و الساعة كهاتين (انظر سنن ابن ماجة: ج 2 كتاب الفتن ب 25 ح 4040 ص 1341). و لذا قال بعضهم: إنّ الضمير في «إنّه» يعود إلى القرآن، كما قال بعضهم: إنّه يعود إلى عيسى عليه السلام. (انظر: تفسير ابن كثير: ج 4 ص 132 منشورات دار إحياء التراث- بيروت، و تفسير الآلوسي: ج 25 ص 96، و تفسير التبيان: ج 9 ص 212 منشورات دار إحياء التراث- بيروت) و في تأويل الآيات الظاهرة: و جاء في تفسير أهل البيت عليهم السلام: أنّ الضمير في «إنّه» يعود إلى عليّ عليه السلام، ثمّ ذكر حديثا في ذلك، و تعقّبه بذكر وجه التوفيق بين التفاسير و عدم التنافي بينها. و قال في آخر كلامه: و إذا كان القائم عليه السلام علما للساعة و هو ابن أمير المؤمنين- فصحّ أن يكون أبوه علما للساعة، و هو المطلوب، انتهى كلامه. و على كلّ، إنّي لم أجد فيما تصفّحت فيه من كتب أحاديث أصحابنا الإماميّة في أحاديث أهل البيت عليهم السلام ما يدلّ بالخصوص على هذا التفسير، و لعلّه كان و لم يصل إلينا، أو لم أعثر عليه، و الله أعلم.

هذه الآية نزلت في المهديّ، و ستأتي الأحاديث المصرّحة بأنّه من أهل البيت النبويّ، و حينئذ ففي الآية دلالة على البركة في نسل فاطمة و علي رضي الله عنهما، و أنّ الله ليخرج منهما كثيرا طيّبا، و أن يجعل نسلهما مفاتيح الحكمة و معادن الرحمة ... إلى آخره.

و في إسعاف الراغبين: قال مقاتل بن سليمان و من تبعه من المفسّرين في قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ(1): إنّها نزلت في المهديّ. و في نور الأبصار: عن مقاتل و من تبعه من المفسّرين في تفسير الآية المذكورة: هو المهديّ يكون في آخر الزمان، و بعد خروجه تكون أمارات الساعة و قيامها.

و منها: قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ*(2).

324-(3)-

التبيان: قال أبو جعفر عليه السلام: إنّ ذلك يكون عند خروج القائم. و في مجمع البيان: قال أبو جعفر عليه السلام: إنّ ذلك يكون عند خروج المهديّ من آل محمّد، لا يبقى أحد إلّا أقرّ بمحمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم.

325-(4)-

البيان: قال سعيد بن جبير في تفسير قوله عزّ و جلّ:

لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ* قال: هو المهديّ من عترة فاطمة عليها السلام.

ص: 24


1- . الزخرف: 61.
2- . التوبة: 33، الصف: 9.
3- . التبيان: ج 5 ص 244، مجمع البيان: ج 5 ص 25، و قال: و هو قول السدّي، و قال الكلبي: لا يبقى دين إلّا ظهر عليه الإسلام، و سيكون ذلك، و لم يكن بعد، و لا تقوم الساعة حتّى يكون ذلك. قال المقداد بن الأسود: سمعت رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يقول: لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر و لا وبر إلّا أدخله الله كلمة الإسلام إمّا بعزّ عزيز و إمّا بذل ذليل، إمّا يعزّهم فيجعلهم الله من أهله فيعزّوا به و إمّا يذلّهم فيدينون له. مسند أحمد: ج 6 ص 4، الجامع لأحكام القرآن: ج 12 ص 300، جوامع الجامع: ص 318، المستدرك للحاكم: ك الفتن و الملاحم ج 4 ص 430.
4- . البيان: ص 109 ب 35، نور الأبصار: ص 153 ب 2. أقول: الظاهر أنّ التفسير عن سعيد بن جبير، و لكن عند المحدّثين حكم مثله ممّا لا يعلم من قبل الرأي حكم الحديث المرفوع.

326-(1)-

الكافي: عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام (في حديث قال:) قلت: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ*، قال: يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم، قال: يقول الله: وَ الله مُتِمُّ نُورِهِ ولاية القائم ... الحديث.327-(2)- كتاب فضل بن شاذان: حدّثنا صفوان بن يحيى- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن حمران، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام: إنّ القائم منّا منصور بالرعب، مؤيّد بالنصر، تطوى له الأرض، و تظهر له الكنوز كلّها، و يظهر الله تعالى به دينه على الدين كلّه و لو كره المشركون، و يبلغ سلطانه المشرق و المغرب، فلا يبقى في الأرض خراب إلّا عمّر، و ينزل روح الله عيسى بن مريم عليهما السلام فيصلّي خلفه.

قال ابن حمران: قيل له: يا ابن رسول الله، متى يخرج قائمكم؟

قال: إذا تشبّه الرجال بالنساء و النساء بالرجال، و اكتفى الرجال بالرجال و النساء بالنساء، و ركب ذات الفروج السروج، و قبلت شهادة الزور، و ردّت شهادة العدول، و استخفّ الناس بالدماء، و ارتكاب الزنا، و أكل الربا و الرشا، و استيلاء الأشرار على الأبرار، و خروج السفياني من الشام، و اليماني من اليمن، و الخسف بالبيداء، و قتل غلام من آل محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم بين الركن و المقام اسمه محمّد بن محمّد، و لقبه النفس الزكيّة، و جاءت صيحة من السماء بأنّ الفائزين عليّ و شيعته، فعند ذلك خروج قائمنا، فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة، و اجتمع عنده ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا، و أوّل ما ينطق به هذه الآية:

بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (3)، ثمّ يقول: أنا بقيّة الله و حجّته و خليفته عليكم، فلا يسلّم عليه مسلم إلّا قال: السلام عليك يا بقيّة الله في أرضه، فإذا اجتمع العقد و هو عشرة آلاف خرج من مكّة، فلا يبقى في الأرض معبود دون الله عزّ و جلّ من صنم و وثن و غيره إلّا وقعت فيه نار فاحترق، و ذلك بعد غيبة طويلة.

ص: 25


1- . الكافي: كتاب الحجّة، باب فيه نتف و نكت من التنزيل في الولاية ج 1 ص 432 ح 91.
2- . كفاية المهتدي (الأربعين): ذيل الحديث 39، إثبات الهداة: ج 7 ص 140 ب 32 ف 44 ح 686، كشف الحقّ (الأربعين): ح 30، و يأتي نحوه في الفصل السادس و الثلاثين تحت الرقم 669 عن محمد بن مسلم عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر عليه السلام، و فيه: «اسمه محمّد بن الحسن النفس الزكيّة».
3- . هود: 86.

328-(1)-

تفسير فرات الكوفي: قال: حدّثنا جعفر بن أحمد معنعنا، عن أبي عبد الله عليه السلام: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ* قال: إذا خرجالقائم لم يبق مشرك بالله العظيم و لا كافر إلّا كره خروجه، حتّى لو كان في بطن صخرة لقالت الصخرة: يا مؤمن فيّ مشرك فاكسرني و اقتله.

329-(2)-

مشارق أنوار اليقين: و عن الصادق عليه السلام (في حديث قال:) إنّ هذا الأمر يصير إلى من تلوى إليه أعنّة الخيل من الآفاق، و هو المظهر على الدين كلّه، و هو المهديّ.

330-(3)- مجمع البيان: روى العيّاشي بالإسناد عن عمران بن ميثم، عن عباية: أنّه سمع أمير المؤمنين عليه السلام يقول: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ* أظهر بعد ذلك؟

قالوا: نعم، قال: كلّا، فو الذي نفسي بيده حتّى لا تبقى قرية إلّا و ينادى فيها بشهادة أن لا إله إلّا الله بكرة و عشيّا.

331-(4)- تفسير العيّاشي: عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ* ... وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ*، قال: إذا خرج القائم عليه السلام لم يبق مشرك بالله العظيم و لا كافر إلّا كره خروجه.

ص: 26


1- . تفسير فرات الكوفي: ص 184، كمال الدين: ج 2 ص 670 ب 58 ح 16، بسنده عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله عزّ و جلّ: (هُوَ الَّذِي*) .... (وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ*) فقال: و الله ما نزل تأويلها بعد و لا ينزل تأويلها حتّى يخرج القائم، فإذا خرج القائم عليه السلام، لم يبق كافر بالله العظيم و لا مشرك بالإمام إلّا كره خروجه، حتّى أن لو كان كافر أو مشرك في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني و اقتله. ينابيع المودّة: ص 423 ب 71 نحوه عن أبي بصير و سماعة، و أخرجه محمّد بن العبّاس في كتابه ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام على ما في الآيات الباهرة: ص 663 تفسير الآية في سورة الصفّ، المحجّة: ص 85 الآية 22، تفسير العيّاشي: ج 2 ص 87 ح 52، البحار: ج 51 ص 60 ب 5 ح 58.
2- . مشارق أنوار اليقين: ص 172، إثبات الهداة: ج 7 ص 61 ف 25 ب 32 ح 453.
3- . مجمع البيان: ج 9 ص 280 سورة الصف، ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام على ما أخرجه عنه في الآيات الباهرة: ص 263، و فيه: «و أن محمّدا رسول الله بكرة و عشيّا»، جوامع الجامع: ص 492 مختصرا.
4- . تفسير العيّاشي: ج 2 ص 87 ح 52، المحجّة: ص 85 الآية: 22.

332-(1)-

مفاتيح الغيب (التفسير الكبير): قال في تفسير قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ ...* الآية، قال السدّي: ذلك عند خروج المهديّ.

و قال في السراج المنير في تفسير الآية أيضا: قال السدّي: ذلك عند خروج المهديّ. و في تفسير أبي الفتوح (2) أيضا عن السدّي: إنّ ذلك عند خروج المهديّ عليه السلام.

و منها: قوله تعالى: وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (3).

333-(4)- شواهد التنزيل: فرات بن إبراهيم، قال: حدّثني جعفر بن محمد بن شيرويه القطان، قال حدّثنا حريث بن محمد، حدّثنا إبراهيم بن حكم بن أبان، عن أبيه، عن السدّي، عن ابن عباس في قوله: وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا ... إلى آخر الآية، قال: نزلت في آل محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم.

334-(5)- شواهد التنزيل: فرات، عن أحمد بن موسى، عن مخوّل، عن عبد الرحمن، عن القاسم بن عوف، قال: سمعت عبد الله بن محمّد يقول: وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...

الآية، قال: هي لنا أهل البيت.

335-(6)-

الدرّ المنثور: أخرج أحمد و ابن مردويه (و اللفظ له) و البيهقيّ في الدلائل، عن أبيّ بن كعب، قال: لمّا نزلت على النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ... الآية، قال: بشّر

ص: 27


1- . مفاتيح الغيب: ج 16 ص 40 في تفسير الآية 33 من سورة التوبة، السراج المنير: ج 1 ص 606 في تفسير الآية 33 من سورة التوبة، روض الجنان و روح الجنان: ج 10 ص 233.
2- . تفسير أبو الفتوح الرازي: ج 6 ص 16 في تفسير الآية 33 من سورة التوبة.
3- . النور: 55.
4- . شواهد التنزيل: ج 1 ص 413 ح 572. و لا يخفى عليك أن مثل هذا الحديث و إن لم يكن فيه التصريح بالمهدي عليه السلام إلّا أنّ المراد منه: أنّ الآية وعد لآل محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم بالاستخلاف في الأرض الذي يتحقّق بدولة المهدي عليه السلام في آخر الزمان، بقرينة سائر الروايات المصرّحة بذلك، و يأتي لذلك مزيد توضيح إن شاء الله تعالى، فالحديث معدود في الأحاديث المبشّرة بظهوره عليه السلام.
5- . شواهد التنزيل: ج 1 ص 413 ح 572.
6- . الدرّ المنثور: ج 5 ص 55. و قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (ج 12 ص 298): و قال قوم: هذا وعد لجميع الأمّة في ملك الأرض كلّها تحت كلمة الإسلام كما قال عليه الصلاة و السلام زويت لي الأرض فرأيت مشارقها و مغاربها، و سيبلغ ملك أمّتي ما زوي لي منها. و اختار هذا القول ابن عطيّة في تفسيره حيث قال: و الصحيح في الآية أنّها في استخلاف الجمهور، و استخلافهم هو أن يملّكهم البلاد و يجعلهم أهلها كالذي جرى في الشام و العراق و خراسان و المغرب. (بحث تفسيري) لا يخفى أنّ ظاهر الآية يقتضي كون مخاطبها جميع الأمّة كما يقتضي اختصاص وعد الله بما ذكر في الآية بالذين آمنوا و عملوا الصالحات، سواء في ذلك الموجودون في حال الخطاب و غيرهم؛ لأنّ الخطاب يشمل الطائفتين كما برهن عليه في اصول الفقه. و الظاهر أنّ المراد بالأرض جميعها، لا أرض مكّة و المدينة و ما ملكه المسلمون في عصر النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم أو في عصر الصحابة، و على هذا يكون المستفاد من الآية أنّ المؤمنين و الامّة المؤمنة وعدوا بذلك طائفتهم و جماعتهم، ففي أيّ زمان تحقّق الوعد بالنسبة إلى هذه الامّة عامّة تحقّق وعد الله تعالى. و لا يجوز أن يكون المراد استخلاف كلّ الامّة في الأرض من الموجودين في حال الخطاب و من يأتي بعدهم إلى يوم القيامة؛ لعدم إمكان ذلك؛ لأنّ ذلك لم يتحقّق حتّى بالنسبة إلى الموجودين في حال الخطاب، و بالنسبة إلى عصر النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم و عصر الصحابة حين استولى الإسلام على أرض المملكة العربيّة؛ لأنّ بعضهم مات أو استشهد قبل ذلك، و ليس معنى ذلك أنّ ظاهر الآية عامّ و المراد منه خاصّ، بل معنى ذلك أنّ المنساق و المتبادر من هذا السياق ذلك، و لما ذكر لا يجوز حمل الآية على ما تحقّق للمسلمين من الفتوح في عصر الصحابة؛ لعدم استخلافهم في جميع الأرض، و لعدم حصول التمكين المطلق للدين. و سياق الآية آب من أن يكون الموعود بما وعد بها أفرادا محصورين في المؤمنين الّذين بقوا إلى عصر الصحابة دون كلّ الموجودين في زمان نزولها و بعده. أمّا وعد الأمّة المؤمنة بذلك و تحقّقه في عصر المهدي عليه السلام الّذي يستولي على الدنيا كلّها و يملأ الأرض قسطا و عدلا و أمنا فهو الوجه الذي تنطبق عليه الآية دون غيره كما فسّرت به في الروايات، و لو كان الخطاب متوجّها إلى أهل البيت و الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام، و قلنا بأنّ كلمة «من» للبيان لا للتبعيض- كما في بعض التفاسير- يوجّه ذلك أيضا بأنّ الخطاب يكون متوجّها إلى جماعتهم، و تحقّق ذلك على يد أحدهم تحقّق للجميع. فقد ظهر لك بما تلوناه عليك عدم صحّة تفسير الآية بما حصل للمسلمين في عصر الصحابة؛ لاقتضاء ذلك صرف عموم الآية إلى الخصوص، و إرادة الخاصّ من لفظ «الأرض» الظاهر في العامّ، و لعدم الوجه في إرادة خصوص الخاصّ بعد صحّة المعنى العامّ، و الاخبار عنه في طائفة من الآيات، و في الأخبار الكثيرة المتواترة بل أخبار الأنبياء السالفة. و أمّا بعض الأحاديث المرويّة في شأن نزولها فهو مضافا إلى ما في سندها من الضعف لا يصلح لأن يكون سببا لتخصيص عموم الآية، سيّما مع اقتضاء واقع الأمر عمومها. و العجب مع ذلك ممّن تمسّك لصحّة تولّي الثلاثة أمر المسلمين بهذه الآية و لم يلتفت إلى أنّ ذلك يحتاج إلى إثبات مقدّمات دون إثبات واحد منها خرط القتاد، منها: اختصاص وعد الله تعالى بالمؤمنين الموجودين في زمان نزول الآية الذين بقوا أحياء إلى عصر الصحابة دون غيرهم من المؤمنين الّذين ماتوا قبل ذلك و جاءوا بعد ذلك و سيجي ء الله بهم في المستقبل. و منها: أنّ المراد من الأرض هي الأرض الّتي استولى المسلمون عليها في عصر الصحابة دون ما استولى عليها النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم، و دون جميعها الّتي يستولي عليها المهدي عليه السلام في آخر الزمان. و منها: أنّه من التمسّك بالعامّ في الشبهات المصداقيّة، فلا يجوز التمسّك بالآية في إثبات كون شخص من الذين عملوا الصالحات إذا شكّ فيه، فالله وعد الذين آمنوا و عملوا الصالحات، فمن تحقّق أنّه من الذين آمنوا و عملوا الصالحات يشمله الوعد، و من لم يتحقّق ذلك له يكون شمول الوعد له فرع إثبات ذلك له. و منها: إثبات أمر التمكين المطلق للدين و تبديل خوفهم بالأمن كذلك، فإنّ ذلك لم يحصل في عهدهم للمؤمنين بقول مطلق. و منها: إثبات أنّ ما مكّن لهم من التمكين تمكين للدين، فإنّه إذا كان أمر الحكومة خارجا عمّا قرّره الدين أو كان مشكوكا فيه لا يتمّ القول بتمكين الدين و إن كان سائر الامور بظاهرها موافقة للدين، و لا يجوز التمسّك بالآية لإثبات أنّ ذلك التمكين كان من التمكين للدين، فإنّه أيضا من التمسّك بعموم العامّ في الشبهات المصداقيّة. و منها غير ذلك.

ص: 28

هذه الامّة بالسناء و الرفعة و الدين و النصر و التمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب.

336-(1)- تفسير القمّي: قال: قوله: وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً نزلت في القائم من آل محمّد عليه و على آبائه السلام.

337-(2)-

الاحتجاج: في حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام يقول فيه بعد ذكره معايب بعض أعداء أهل البيت، و المتغلّبين على الحكم، و إمهال الله إيّاهم: كلّ ذلك لتتمّ النظرة التي أوحاها الله تبارك و تعالى لعدوه إبليس، إلى أن يبلغ الكتاب أجله، و يحقّ القول على الكافرين، و يقترب الوعد الحقّ الذي بيّنه الله في كتابه بقوله: وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، و ذلك إذا لم يبق من الإسلام إلّا اسمه، و من القرآن إلّا رسمه، و غاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك؛ لاشتمال الفتنة على القلوب حتّى يكون أقرب الناس إليه أشدّ عداوة له، و عند ذلك يؤيّده الله بجنود لم تروها، و يظهر دين نبيّه صلّى الله عليه و آله و سلّم على يديه على الدين كلّه و لو كره المشركون.

ص: 29


1- . تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 14، نور الثقلين: ج 3 ص 619 ح 22 نقلا عنه، تفسير الصافي: ج 2 ص 178، المحجّة: ص 148.
2- . الاحتجاج: ج 1 ص 382، نور الثقلين: ج 3 ص 619 ح 231.

338-(1)- مصباح الشيخ: في زيارة الحسين عليه السلام، رواها عن أبي عبد الله عليه السلام: اللهمّ و ضاعف صلواتك و رحمتك و بركاتك على عترة نبيّك، العترة الضائعة الخائفة المستذلّة، بقيّة الشجرة الطيّبة الزاكية المباركة، و أعل اللهمّ كلمتهم، و أفلج حجّتهم، و اكشف البلاء و اللأواء و حنادس الأباطيل (2) و الغمّ عنهم، و ثبّت قلوب شيعتهم و حزبك على طاعتهم و ولايتهم و نصرتهم و موالاتهم، و أعنهم و امنحهم الصبر على الأذى فيك، و اجعل لهم أيّاما مشهودة و أوقاتا محمودة مسعودة توشك فيها فرجهم، و توجب فيها تمكينهم و نصرتهم كما ضمنت لأوليائك في كتابك المنزل، فإنّك قلت و قولك الحقّ: وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَ هُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً.

339-(3)-

مجمع البيان: و قال: و المرويّ عن أهل البيت عليهم السلام أنّها في المهديّ من آل محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم.و روى العيّاشي بإسناده عن عليّ بن الحسين عليهما السلام أنّه قرأ الآية و قال: هم و الله شيعتنا أهل البيت، يفعل الله ذلك بهم على يدي رجل منّا و هو مهديّ هذه الامّة، و هو الذي قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا، (قال:) و روي مثل ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام، (ثمّ قال:) فعلى هذا يكون المراد ب 339-(4)-

مجمع البيان: و قال: و المرويّ عن أهل البيت عليهم السلام أنّها في المهديّ من آل محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم.

و روى العيّاشي بإسناده عن عليّ بن الحسين عليهما السلام أنّه قرأ الآية و قال: هم و الله شيعتنا أهل البيت، يفعل الله ذلك بهم على يدي رجل منّا و هو مهديّ هذه الامّة، و هو الذي قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا، (قال:) و روي مثل ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام، (ثمّ قال:)

ص: 30


1- . مصباح الشيخ: ص 727 في زيارة ثانية في يوم عاشوراء، نور الثقلين: ج 3 ص 619 ح 223.
2- . اللأواء: الشدّة و ضيق المعيشة و المشقّة، و قيل: القحط. و الحنادس: الظلمة أو الشديد الظلام (لسان العرب: مادّة «لوى» و «حندس»).
3- . مجمع البيان: ج 7 ص 152، تفسير العيّاشي: في تفسير سورة النور، الآية 55.
4- . مجمع البيان: ج 7 ص 152، تفسير العيّاشي: في تفسير سورة النور، الآية 55.

فعلى هذا يكون المراد ب الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ* النبيّ و أهل بيته صلوات الرحمن عليهم، و تضمّنت الآية البشارة لهم بالاستخلاف و التمكن في البلاد و ارتفاع الخوف عنهم عند قيام المهديّ عليه السلام منهم.

340-(1)-

مجازات الآثار النبويّة: عنه صلّى الله عليه و آله و سلّم أنّه قال لفاطمة عليها السلام و قد رأت قميصه مخروقا، و بطنه خميصا(2)، فبكت عند ذلك، فقال صلّى الله عليه و آله و سلّم: أ ما يرضيك يا فاطمة ألّا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر و لا وبر إلّا دخله عزّ أو ذلّ بأبيك؟

341-(3)-

مجازات الآثار النبويّة: عنه صلّى الله عليه و آله و سلّم: ليدخلنّ هذا الدين على ما دخل عليه الليل.

أقول: ليس في مثل هذا الحديث و الذي قبله تصريح بالمهديّ عليه السلام، و أنّه هو الّذي يقع ذلك على يده، إلّا أنّ الأخبار كما تفسّر القرآن يفسّر بعضها بعضا، فمن تأمّل فيما ذكرناه من الآيات و الأحاديث- و في مثل هذه الأحاديث- يعرف أنّ مرمى الجميع واحد، و هو البشارة بظهور دين الإسلام على جميع الأديان، و استخلاف المؤمنين في الأرض في خلافة خليفة الله المهديّ عليه السلام، الذي يفتح الله على يديه مشارق الأرض و مغاربها.

342-(4)- ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام: حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن الحسن بن الحسين، عن سفيان بن إبراهيم، عن عمرو بن هاشم، عن إسحاق بن عبد الله، عن علي بن الحسين عليهما السلام في قول الله عزّ و جلّ: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ، قال: قوله: إِنَّهُ لَحَقٌّ*: هو قيام القائم، و فيه نزلت: وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً.

ص: 31


1- . المجازات النبويّة: ص 420 ضمن ح 337.
2- . الخميص: الضامر البطن (مجمع البحرين: مادّة «خمص»).
3- . المجازات النبويّة: ص 419 ح 337.
4- . تأويل الآيات الظاهرة: ص 596 تفسير سورة الذاريات، غيبة الشيخ. ص 176 و 177 ح 33 و فيه: «بسنده عن إسحاق بن عبد الله بن علي بن الحسين» بدل «إسحاق بن عبد الله عن علي بن الحسين عليهما السلام»، البحار: ج 51 ص 53 و 54 ب 5 ح 34، المحجّة: ص 149 الآية 57 ح 3، إثبات الهداة: ج 3 ص 501 و 502 ب 32 ح 289، البرهان: ج 4 ص 232، ينابيع المودّة: ص 426 و 429 ب 71، إلزام الناصب: ج 1 ص 94 و 95 الآية 101.

343-(1)- غيبة النعماني: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدّثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي أبو الحسن من كتابه، قال: حدّثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، و وهيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في معنى قوله عزّ و جلّ: وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً، قال: نزلت في القائم و أصحابه.

منها: قوله تعالى: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لله عاقِبَةُ الْأُمُورِ(2).

344-(3)- شواهد التنزيل: فرات، قال: حدّثني أحمد بن القاسم بن عبيد، [حدّثنا] جعفر بن محمّد الجمّال، [حدّثنا] يحيى بن هاشم، [حدّثنا] أبو منصور، عن أبي خليفة، قال: دخلت أنا و أبو عبيدة الحذّاء على أبي جعفر عليه السلام فقال: يا جارية هلمّي بمرفقة، قلت: بل نجلس، قال: يا أبا خليفة لا تردّ الكرامة، إنّ الكرامة لا يردّها إلّا حمار، فقلت له: كيف لنا بصاحب هذا الأمر حتى نعرفه؟ فقال: قول الله تعالى: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ إذا رأيت هذا الرجل منّا فاتّبعه فإنّه هو صاحبه.

345-(4)- شواهد التنزيل: فرات، قال: حدّثني الحسين بن عليّ ابن زريع، و إسماعيل بن أبان، عن فضيل بن الزبير، عن زيد بن عليّ، قال: إذا قام القائم من آل محمّد يقول: يا أيّها الناس نحن الذين وعدكم الله في كتابه: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ... الآية.

ص: 32


1- . غيبة النعماني: ص 240 ب 13 ح 35، ينابيع المودّة: ص 426 ب 71.
2- . الحج: 43.
3- . شواهد التنزيل: ج 1 ص 400 و 401 ح 555، تفسير فرات الكوفي: ص 99 إلّا أنّ فيه: «حتّى يعرف»، و «قال: إذا رأيت هذا في رجل منّا فاتّبعه فإنّه صاحبه».
4- . شواهد التنزيل: ج 1 ص 401 ح 556، تفسير فرات الكوفي: ص 100 إلّا أنّ فيه: قال الحسين بن علي بن بزيع. أقول: النسخة المطبوعة التي بأيدينا أصلها النسخة التي عمد ناسخها بإسقاط أسانيدها رعاية للاختصار، فتراه يقول في هذا الحديث: حدّثني الحسين بن علي بن بزيع معنعنا عن زيد بن علي عليه السلام، و يظهر من شواهد التنزيل أنّ النسخة الكاملة كانت موجودة عند الحاكم فروى ما روى عن تفسير فرات بإسناده.

346-(1)- كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام:

حدّثنا محمد بن الحسين بن حميد، عن جعفر بن عبد الله، عن كثير بن عيّاش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّ و جلّ:

الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لله عاقِبَةُ الْأُمُورِ قال: هذه لآل محمد، و المهديّ و أصحابه يملّكهم الله تعالى مشارق الأرض و مغاربها، و يظهر الدين، و يميت الله عزّ و جلّ به و بأصحابه البدع و الباطل كما أمات السفهة الحقّ حتّى لا يرى أثر من الظلم، و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و لله عاقبة الأمور.

منها: قوله تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ الله عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.(2)

347-(3)- غيبة النعمانيّ: أخبرنا عليّ بن الحسين المسعودي، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار القمّي، قال: حدّثنا محمّد بن حسّان الرازي، قال: حدّثنا محمّد بن عليّ الكوفي، قال: حدّثنا عبد الرحمن ابن أبي نجران، عن القاسم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزّ و جلّ: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ الله عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ هي في القائم عليه السلام و أصحابه.

ص: 33


1- . تأويل الآيات الظاهرة: ص 339، القمّي في تفسيره: ج 2 ص 87 عن أبي الجارود، البحار: ج 51 ص 47 و 48 ب 5 ح 9، المحجّة: ص 143، الآية 53، نور الثقلين: ج 3 ص 506 ح 1611، مجمع البيان: ج 7 ص 88 عن أبي جعفر عليه السلام قال: «نحن هم و الله»، إلزام الناصب: ص 76 الآية 58، البرهان: ج 3 ص 95.
2- . الحج: 39.
3- . غيبة النعماني: ص 241، ب 13، ح 38، و الظاهر وقوع التصحيف في اسم الراوي عن أبي بصير و هو عاصم بن حميد دون القاسم و هو الذي يروي عنه عبد الرحمن بن أبي نجران، و أمّا أبو بصير فيجوز أن يكون ليث بن البختري أو يحيى بن القاسم، فإنّ عاصم بن حميد يروي عن كليهما، و الله أعلم، المحجّة: ص 142 نحوه.

348-(1)- ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام: حدّثنا الحسين بن أحمد المالكيّ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن المثنّى الحنّاط، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزّ و جلّ: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ الله عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، قال: هي في القائم عليه السلام و أصحابه.

و منها: قوله تعالى: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً(2).

349-(3)- مجمع البيان: روي في أخبار أهل البيت عليهم السلام أنّ المراد به أصحاب المهديّ في آخر الزمان، قال الرضا عليه السلام:

و ذلك و الله أن لو قام قائمنا يجمع الله إليه شيعتنا من جميع البلدان.

و في تفسير العيّاشي: عن أبي سمينة، عن مولى لأبي الحسن عليه السلام، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوله تعالى: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً، قال: و ذلك و الله أن لو قد قام قائمنا يجمع الله شيعتنا من جميع البلدان.

350-(4)- تفسير العياشي (في حديث طويل عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ... ساق الكلام إلى أن قال): فيقوم القائم بين الركن و المقام، فيصلّي، و ينصرف و معه وزيره، فيقول: يا أيّها الناس إنّا نستنصر الله على من ظلمنا و سلب حقّنا، من يحاجّنا في الله فأنا أولى بالله، و من يحاجّنا في آدم فأنا أولى الناس بآدم، و من يحاجّنا في نوح فأنا أولى الناس بنوح، و من حاجّنا في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، و من حاجّنا بمحمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم فأنا أولى الناس بمحمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم، و من حاجّنا في النبيّين فنحن أولى النّاس بالنبيّين، و من حاجّنا في كتاب الله فنحن أولى الناس بكتاب الله، إنّا نشهد و كلّ مسلم اليوم انّا قد ظلمنا و طردنا و بغي علينا و أخرجنا من ديارنا و أموالنا و أهالينا و قهرنا، ألا إنّا نستنصر الله اليوم و كلّ مسلم، و يجي ء و الله ثلاثمائة و

ص: 34


1- . تأويل الآيات الظاهرة: ص 334، المحجّة: ص 142 الآية 52.
2- . البقرة: 142.
3- . مجمع البيان: ج 1 ص 231، تفسير العيّاشي: ج 1 ص 66 ح 117. أقول: الظاهر كون رقم الحديث: 118؛ لأنّ رقم الحديث السابق عليه: 117. البحار: ج 52 ص 291 ب 26 ح 37.
4- . تفسير العيّاشي: ج 1 ص 64 ح 117.

بضعة عشر رجلا فيهم خمسون امرأة، يجتمعون بمكّة على غير ميعاد قزعا كقزع الخريف (1)،

يتبع بعضهم بعضا، و هي الآية التي قال الله: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً إِنَّ الله عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

351-(2)- غيبة النعماني: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أحمد بن يوسف، قال: حدّثنا إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن عليّ، عن أبيه و وهيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً، قال: نزلت في القائم و أصحابه يجتمعون على غير ميعاد.

و منها: قوله تعالى: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ* فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (3).

352-(4)- غيبة الشيخ: أخبرنا الشريف أبو محمّد المحمّدي رحمه الله، عن محمّد بن عليّ بن تمّام، عن الحسين بن محمّد القطعي، عن علي بن أحمد بن حاتم البزّاز، عن محمّد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن عبد الله بن العبّاس في قول الله تعالى: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ* فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ قال: قيام القائم، و مثله: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً قال: أصحاب القائم يجمعهم الله في يوم واحد.

أقول: في الباب روايات كثيرة في تفسير هذه الآية، أخرج أربعة عشر منها في تفسير البرهان عن الكتب المعتبرة المعتمدة.

و يدلّ عليه تفسيرا للآيات الكريمة الأحاديث 905- 904- 903- 696- 695- 692- 596- 574- 994- 993- 992- 991- 962- 936- 907- 906- 1126- 1125- 1124- 1123- 1122- 1121- 1040- 1014- 1004- 1156- 1152- 1151- 1149- 1148- 1147- 1146- 1144- 1143- 1142- 1141- 1158- 1157- 1175، و إليك الآيات:

ص: 35


1- . قال في النهاية: و منه حديث علي عليه السلام: «فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف» أي قطع السحاب المتفرّقة، و إنّما خصّ الخريف لأنّه أوّل الشتاء، و السحاب يكون فيه متفرّقا غير متراكم و لا مطبق، ثمّ يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك، ج 4 باب القاف مع الزاي ص 59، مادّة «قزع».
2- . غيبة النعماني: ص 241 ب 13 ح 37، البحار: ج 51 ص 58 ب 5 ح 52.
3- . الذاريات: 22- 23.
4- . غيبة الشيخ: ص 175 و 176 ح 132، البحار: ج 51 ص 53 ب 5 ح 33 و ص 63 ح 65، البرهان: ج 4 ص 232، إثبات الهداة: ج 3 ص 501 ب 32 ف 12 ح 286، المحجّة: ص 210 و 211، الآية: 91.

قوله تعالى: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً ح 574.

و قوله تعالى: وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها ح 596.

و قوله عزّ من قائل: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ الأحاديث 903 إلى 907.

و قوله سبحانه و تعالى: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ الأحاديث 903، 1142، 1147، 1149.

و قوله تعالى: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ ... الأحاديث 903، 1175.

و قوله تعالى: بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ الأحاديث 936، 1105.

و قوله تعالى: وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ ...

ح 962.

و قوله تعالى: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ الأحاديث 991، 992، 993، 1004، 1014 و 1040.

و قوله سبحانه: وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِ ح 994.

و قوله تعالى شأنه: قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ ح 1122.

و قوله تعالى: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً الأحاديث 1123، 1124.

و قوله تعالى: الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ ح 1125.

و قوله تعالى: وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً ح 1126.

و قوله تعالى: فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ ح 1146.

و قوله تعالى: فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ ح 1146.و قوله تعالى: اعْلَمُوا أَنَّ الله يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها الأحاديث 1156، 1157، 1158.

و قوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ح 692.

و قوله تعالى: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ ح 695.

هذه 28 آية من الآيات الكريمة المفسّرة به عليه السلام، و من يطلب سائر الآيات فعليه بالكتب المفردة المؤلّفة في هذا الموضوع، مثل كتاب «المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة» عليه السلام.

ص: 36

الفصل الثاني فيما يدلّ على البشارة به و ظهوره في آخر الزمان و فيه ممّا نذكره في هذا الباب و نشير إلى ما أخرجناه في سائر الأبواب 1092 حديثا

353-(1)-

مسند أحمد: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا حجّاج و أبو نعيم، قالا: حدّثنا فطر، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطفيل، قال حجّاج: سمعت عليّا رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلّىالله عليه [و آله] و سلّم: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم بعث الله عزّ و جلّ رجلا يملأها عدلا كما ملئت جورا.

ص: 37


1- . المسند: ط المطبعة الميمنيّة سنة (1313 ه) ج 1 ص 99، و ط دار المعارف بمصر ج 2 ص 117 و 118 ح 773. قال أحمد محمد شاكر: إسناداه صحيحان. سنن أبي داود: ط مصر المطبعة التازيّة ج 2 ص 207، في كتاب «المهدي»: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا الفضل بن دكين، حدّثنا فطر، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطفيل، عن علي رضي الله تعالى عنه إلّا أنّه قال: لو لم يبق من الدهر، و قال: من أهل بيتي، و ط دار إحياء السنّة النبويّة: ج 4 ص 107 ح 4283. المصنّف: ج 5 ص 198 كتاب الفتن ح 19494 مثل ما في أبي داود، جامع الاصول: طبع سنة (1370 ه) ج 11 الكتاب 9 ب 1 ف 1 ح 7811، مطالب السئول: ط مكتبة دار الكتب التجاريّة ب 12 ج 2، تذكرة الخواص: ط النجف ص 364، مختصر سنن أبي داود: ط دار المعرفة ج 6 ص 159 ح 4114، النهاية أو الفتن و الملاحم: ط سنة (1388 ه) بالقاهرة ج 1 فصل في ذكر المهدي الذي يكون في آخر الزمان ص 25، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 125، الصواعق المحرقة: ط دار الطباعة المحمّدية بالقاهرة ص 161، كنز العمّال: ج 14 ص 267 ح 38675، مرقاة المفاتيح: ج 5 ص 179، الإشاعة: ص 113 الطبعة الاولى، البيان: ب 1 ص 93 ط سنة (1399 ه)، عقد الدرر: ط 1399 ب 1 ص 18، نور الأبصار: ص 154 المطبعة الميمنيّة، إبراز الوهم المكنون: ط دمشق (1347 ه)، قال: و أمّا حديث علي بن أبي طالب فورد عنه من طرق كثيرة تزيد على العشرين، فأخرجه أحمد و أبو داود من رواية فطر بن خليفة عن القاسم بن أبي بزّة عن أبي الطفيل عنه، و أخرجه أحمد و ابن ماجة من رواية ياسين عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة عن أبيه عنه، و أخرجه أبو داود من رواية شعيب بن أبي خالد عن أبي إسحاق السبيعي عنه، و أخرجه الطبراني في الأوسط من رواية عبد الله بن لهيعة عن عمر بن جابر الحضرمي عن عمر عن أبيه، و أخرجه الحاكم في المستدرك من رواية الحارث بن يزيد عن عبد الله بن زرير الغافقيّ عنه، و أخرجه الحاكم أيضا من رواية عمّار بن معاوية الدهني عن أبي الطفيل عن محمّد بن الحنفيّة عنه موقوفا عليه، و أخرجه نعيم بن حمّاد أحد شيوخ البخاري في كتاب «الفتن» له، و كذا ابن المنادي في «الملاحم» و أبو نعيم في «أخبار المهدي»، و أبو غنم الكوفي في كتاب «الفتن»، و ابن أبي شيبة، و غيرهم من طرق متعدّدة و ألفاظ مختلفة موقوفة عليه. نهاية البداية و النهاية: ط الأولى ج 1 ص 37، الجامع الصغير: حرف اللام ج 2 ص 131 ط القاهرة سنة (1373 ه)، العمدة: في فصل ذكر ما جاء في المهدي عليه السلام ص 225، جواهر العقدين (مخطوط): القسم الثاني الذكر الثامن، ينابيع المودّة: ص 432، الدرّ المنثور: ج 6 ص 58 في تفسير قوله تعالى: «جاء أشراطها»، علامات القيامة الكبرى: ص 74، سنن الداني: ج 5 ب ما جاء في المهدي ح 15، بين يدي الساعة: ص 111، عون المعبود شرح سنن أبي داود: ج 11 ص 373، و قال: الحديث سنده حسن قويّ، ثمّ ردّ قول من ضعّف فطر بن خليفة و قال: فقد وثّقه أحمد و يحيى.

قال أبو نعيم: رجلا منّا، قال: و سمعت مرّة يذكره عن حبيب، عن أبي الطفيل، عن علي رضي الله عنه، عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم.

354-(1)-

سنن الترمذي (باب ما جاء في المهدي): حدّثنا عبيد بن أسباط بن محمّد القرشي، قال: حدّثني أبي، حدّثنا سفيان الثوري، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لا تذهب الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي.

قال أبو عيسى: و في الباب عن عليّ و أبي سعيد و أمّ سلمة و أبي هريرة، و هذا حديث حسن صحيح.

355-(2)-

سنن الترمذي (باب ما جاء في المهدي): حدّثنا عبد الجبّار ابن العلاء بن عبد الجبّار العطّار، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عاصم، عن زرّ، عن عبد الله، عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: يلي رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي.

ص: 38


1- . سنن الترمذي: ج 4 كتاب الفتن ب 52 ح 2230، المسند: ج 1 ص 376 و ج 5 من دار المعارف ص 99 ح 3572 إلّا أنّه قال: لا تنقضي الأيّام و لا يذهب الدهر حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي اسمه يواطئ اسمي، و قال أحمد محمّد شاكر: إسناده صحيح. و أيضا ج 1 ص 377. عقد الدرر: ص 29 ب 2، السنن الواردة في الفتن: ج 5 باب ما جاء في المهدي ح 22، سنن أبي داود: ج 4 ص 107 ح 4282 إلّا أنّه قال: أو لا تنقضي. المعجم الكبير: ط مطبعة الوطن العربي ج 10 ح 10233/ 10218 و فيه: لا تنقضي الدنيا، مصابيح السنّة، ط محمد علي صبيح بمصر: ج 1 باب أشراط الساعة ص 193، جامع الاصول: الطبعة الثانية ج 11 ك 9 ب 1 ص 48 ح 7810، فرائد السمطين: ج 2 ب 6 ح 577، مشكاة المصابيح: ج 2 ب أشراط الساعة ف 2 ح 5452/ 16، النهاية أو الفتن و الملاحم: ج 1 ص 26، الفصول المهمّة: ف 12 ص 293 عن مسند أبي داود، العرف الوردي: ص 125، الصواعق المحرقة: ص 161، مرقاة المفاتيح: ص 179 ح 5، لوائح الأنوار البهيّة: ج 2 في شرح هذا البيت: منها الامام الخاتم الفصيح *** محمّد المهديّ و المسيح الملاحم و الفتن: ص 162 ب 17 من الأبواب التي أخرجها من كتاب الفتن لأبي يحيى زكريا بن يحيى، القناعة فيما يحسن الإحاطة به من أشراط الساعة: ص 57، صحيح الجامع: 7152، نهاية البداية و النهاية: ج 1 ص 39، بين يدي الساعة: ص 111.
2- . سنن الترمذي: ج 4 كتاب الفتن ب 52 ح 2231 ص 505، كنز العمال: ج 14 ص 264 ح 38662، نهاية البداية و النهاية: ج 1 ص 39، العرف الوردي (الحاوي- للفتاوي): ص 126، الإذاعة: ص 115، جامع الاصول: ج 11 ك 9 ب 1 ح 7810 ص 49، منتخب كنز العمّال المطبوع بهامش أحمد: ص 3 ج 6، مهدي آل الرسول: ص 19، ذكر أخبار اصفهان: ج 1 ص 329 قال: يلي أمر هذه الأمّة في آخر زمانها رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، بين يدي الساعة: ص 111.

356-(1)-

سنن الترمذي (باب ما جاء في المهدي): بالإسناد المذكور قال: قال عاصم، و أنا أبو صالح، عن أبي هريرة، قال: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي.

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

357-(2)- مسند أحمد: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا سفيان بن عيينة، حدّثنا عاصم، عن زرّ، عن عبد الله، عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لا تقوم الساعة حتّى يلي رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي.

قال أبي: حدّثنا به في بيته في غرفته، أراه سأله بعض ولد جعفر ابن يحيى أو يحيى بن خالد بن يحيى.

358-(3)-

سنن الترمذيّ: حدّثنا محمّد بن بشّار، حدّثنا محمّد ابن جعفر، حدّثنا شعبة، قال: سمعت زيدا العمي قال: سمعت أبا الصدّيق الناجي، يحدّث عن أبي سعيد الخدري، قال: خشينا أن يكون بعد نبيّنا حدث، فسألنا نبيّ الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم، قال:

ص: 39


1- . سنن الترمذي: ج 4 ص 505 كتاب الفتن ب 52 ح 2231، تحفة الأحوذي: ج 5 ص 179، العرف الوردي: ص 126، الإذاعة: ص 115، جامع الاصول: ج 11 ك 9 ب 1 ح 7810 ص 49، عقد الدرر: ص 2، 28، مهديّ آل الرسول: ص 19، قال أحمد بن محمّد الصدّيق في كتابه «إبراز الوهم المكنون»: و أمّا حديث أبي هريرة فورد عنه من طرق كثيرة مرفوعا و موقوفا، أخرج المرفوع منها: أحمد، و ابن ابي شيبة، و ابن ماجة، و الطبراني، و البزّار، و أبو يعلى، و الحاكم، و أبو نعيم في «الحلية»، و الدارقطني في «الإفراد»، و الديلمي في «مسند الفردوس»، و عبد الجبّار الخولاني في «تاريخ داريا»، و ابن عساكر في «تاريخ دمشق»، و البيهقي في «شعب الإيمان»، و الخطيب في «المتّفق و المفترق»، و غيرهم، و هو عند الخولاني و ابن عساكر موقوف أيضا، بين يدي الساعة: ص 114. أقول: الظاهر أنّ للحديث بقيّة، و لعلّها كانت نحو قوله صلّى الله عليه و آله و سلّم: «رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» أو مثله، و إنّما لم يذكرها لأنّه ذكر الحديث بعد حديث عاصم عن زرّ، عن عبد الله، فكأنّه ظنّهما حديثا واحدا، و أنّ قوله صلّى الله عليه و آله و سلّم: «لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي» كان في صدر الحديث الأوّل أو ذيله. و لا يخفى ما فيه؛ لتعدّدهما، فأحدهما ينتهي سنده إلى ابن مسعود، و الآخر إلى أبي هريرة.
2- . المسند: ج 1 ص 376، و من طبع دار المعارف ج 5 ص 196 و 197 ح 3571، قال أحمد محمّد شاكر: إسناده صحيح، عقد الدرر: ب 2 ص 29.
3- . سنن الترمذي: ج 4 ص 506 كتاب الفتن 34 ب 53 ح 2232، التاج الجامع للاصول: ط مصر 1354، ج 5 ص 364، مسند أحمد: ج 3 ص 21 و 22 بإسناده عن أبي سعيد مع اختلاف يسير قال فيه: فسألنا رسول الله صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم فقال: يخرج المهديّ في أمّتي خمسا أو سبعا أو تسعا- زيد الشاكّ- قلت: أيّ شي ء هو؟ قال: سنين، ثمّ قال: يرسل السماء عليهم مدرارا، و لا تدخر الأرض من نباتها شيئا، و يكون المال كدوسا، قال: يجي ء الرجل إليه فيقول: يا مهدي أعطني أعطني، قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله. التذكرة: ص 616، مشكاة المصابيح: ج 3 باب أشراط الساعة ف 2 ص 19 ح 5455، العرف الوردي (الحاوي للفتاوى): ج 2 ص 126، الصواعق المحرقة: ص 163، كنز العمّال: ج 14 ص 273 ح 38701، مرقاة المفاتيح: ج 5 ص 180، نهاية البداية و النهاية: ج 1 ص 43، عقد الدرر: ص 237 ب 11.

فقال: «إنّ في أمّتي المهديّ يخرج يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا(1)-

زيد الشاكّ- قال: قلنا و ما ذاك؟ قال: سنين، قال: فيجي ء إليه رجل فيقول:

يا مهديّ أعطني أعطني، قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله».

قال: هذا حديث حسن، و قد روي من غير وجه عن أبي سعيد عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم. و أبو الصدّيق الناجي اسمه بكر بن عمرو، و يقال: بكر بن قيس، و أخرجه أحمد.359-(2)- سنن أبي داود و ابن ماجة: حدّثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن جعفر الرقّي، ثنا أبو المليح الحسن بن عمر، عن زياد بن بيان، عن عليّ بن نفيل، عن سعيد بن المسيّب، عن أمّ سلمة، قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم يقول: المهديّ من عترتي من ولد فاطمة.

ص: 40


1- . عقدنا في الباب العاشر فصلا في تعيين مدّة ملكه، و بقاء الامور بيده، فراجع ج 3
2- . سنن أبي داود: ج 4 كتاب المهدي ح 4284 ص 107، سنن ابن ماجة: ج 2 ب 34 كتاب الفتن ح 4086، معالم السنن: ص 344، مصابيح السنّة: ج 1 ب أشراط الساعة ص 193، جامع الاصول: ج 11 ص 49 ح 7812، مطالب السئول: ج 2 ب 12 ص 127، مختصر سنن أبي داود: ج 6 ص 159 ح 4115، مشكاة المصابيح: ج 3 باب أشراط الساعة ف 2 ح 5453/ 17، المنار المنيف: ص 146 ف 50 ح 334، السنن الواردة في الفتن: ب ما جاء في المهدي ح 29 و 34 و ح 19 إلّا أنّ فيه: «المهدي من ولد فاطمة»، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 124، الصواعق المحرقة: ص 161 قال: و من ذلك ما أخرجه مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة و البيهقي و آخرون: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة»، فردوس الأخبار: ج 4 ح 4943 بلفظ: «المهدي من ولد فاطمة». قال محقّق كتاب الفردوس: قد صحّح العلماء أحاديث المهديّ و أفردوها بالتأليف، بل إنّ كثيرا من العلماء اعتبرها من قبيل المتواتر المعنويّ. كنز العمّال: ج 14 ص 264 ح 38662، مرقاة المفاتيح: ج 5 ص 179 و 180، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار: ب 2 ص 145، نور الأبصار: ص 186، الإذاعة: ص 117، نهاية البداية و النهاية: ج 1 ص 40، الجامع الصغير: ج 2 ص 187 ح 9241، كنوز الحقائق: ج 2 ص 128، تذكرة الحفّاظ: ج 2 ط 8/ 474/ 56/ 8 ص 463 و 464، التاج الجامع للاصول: ج 5 ص 364 و ج 2 ص 187؛ ينابيع المودّة: ص 430 و 432، البيان: ب 2، ص 89، ط مؤسسة الهادي، منتخب كنز العمال: ج 6 ص 30، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 89 ح 2، عقد الدرر: ص 15 ب 1 و فيه: أنّه أخرجه أبو داود و النسائي و البيهقي و أبو عمرو الداني و ابن ماجة و أبو عمرو المقرئ في سننه و ابن المنادي في كتاب «الملاحم». غيبة الشيخ الطوسي: ص 114 بسندين عن أمّ سلمة، مجمع البيان: ج 7 ص 67 في تفسير قوله تعالى: (وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ ...) الآية، عن أبي الحسن عبيد الله بن محمّد بن أحمد عن الإمام أبي بكر أحمد البيهقي عن أبي علي الرودباري عن أبي بكر بن داسّة عن أبي داود بإسناده عن سعيد عن أمّ سلمة، مهدي آل الرسول: ص 4، تذكرة الحفّاظ: ج 2 ط 8 ص 464، قال في إبراز الوهم المكنون: و أمّا حديث أمّ سلمة: فاخرجه ابو داود من رواية صالح أبي الخليل ... الخ، الفصول المهمّة: ص 294 ف 12، كشف الغمّة: ج 2 ص 438.

قال عبد الله بن جعفر: و سمعت أبا المليح يثني على علي بن نفيل، و يذكر منه صدقا.

و أخرجه ابن ماجة بسنده عن أبي المليح، عن زياد بن بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيّب قال: كنّا عند أمّ سلمة فتذاكرنا المهديّ فقالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم يقول:

المهديّ من ولد فاطمة.أقول: هذا حديث صحيح، صرّح بصحّته السيوطي و الحاكم.

360-(1)-

سنن أبي داود: حدّثنا سهل بن تمام بن بزيع، حدّثنا عمران القطّان، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال:

ص: 41


1- . سنن أبي داود: ج 4 ص 101 كتاب المهدي ح 4285، المستدرك: ط حيدرآباد الدكن سنة (1334 ه) ج 4 ص 557، التاج: ج 5 ص 364 عن أبي داود و الترمذي، نور الأبصار: ب 2 ص 154 عن الترمذي الى قوله: «و ظلما» قال: و قال الترمذي: حديث ثابت صحيح، جامع الاصول: ج 11 ك 9 ب 1 ص 49 ح 7813، مختصر سنن أبي داود: ج 6 ص 160 ح 4116، مختصر تذكرة القرطبي، ص 615، مشكاة المصابيح: ج 3 ك 27 ب 2 ف 2 ح 5454، و قال الألباني محقّق الكتاب: «و إسناده حسن»، المنار المنيف: ف 50 ص 144، ح 330 قال: رواه أبو داود بإسناد جيّد، النهاية- أو الفتن و الملاحم: ج 1 ص 298 و 299، شرح المقاصد: ص 307، الفصول المهمّة: ف 12 ص 293، كنز العمّال: ج 14 ص 264 ح 38665، مرقاة المفاتيح: ج 5 ص 180 قال: «أجلى الجبهة، قال شارح: أي واسعها. و في النهاية: خفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين و الذي انحسر الشعر عن جبهته، كذا ذكره الطيّبي- رحمه الله- مختصرا. و في النهاية: النزعتان من جانبي الرأس ممّا لا شعر عليه، و الجلا- مقصورا-: انحسار مقدّم الرأس من الشعر أو نصف الرأس أو هو دون الصلع، و النعت أجلى و جلواء، و جبهة جلواء واسعة. فهذا يؤيّد قول الشارح السابق، و هو الموافق للمقام و المطابق. «أقنى الأنف» أي مرتفعه، كذا قال شارح. و في النهاية: القنا في الأنف: طوله و دقّة أرنبته مع حدب في وسطه، يقال: رجل أقنى و مرأة قنواء، انتهى. ففي الكلام تجريد، و الأرنبة: طرف الأنف على ما في القاموس، و الحدب: الارتفاع، و هو ضدّ الانخفاض، و المراد: أنّه لم يكن أفطس فإنّه مكروه الهيئة ... الخ» انتهى ما في المرقاة. معالم السنن: ص 344 و قال: «قال الشيخ: الجلا هو انحسار الشعر عن مقدّم الرأس، و يقال: رجل أجلى، و هو أبلغ في النعت من الأملح. قال العجّاج: مع الجلا و لائح القتير». منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 30، عقد الدرر: ب 3 ح 1 ص 33، كشف الغمّة: ج 2 ص 437، الجامع الصغير: ح 9244، الطرائف عن الجمع بين الصحاح الستة: ص 177 ح 278، نهاية البداية و النهاية: ص 39، لوائح الأنوار الإلهيّة: ج 2 في حليته و سيرته، مطالب السئول: ج 2 ب 12 ص 127، الإذاعة: ص 120، عون المعبود: ح 4265، إبراز الوهم المكنون: ص 506، البيان: ص 117 ب 8 ح 1، علامات القيامة الكبرى: ص 74، بين يدي الساعة: ص 111 و 112، أشراط الساعة: ص 254، مهدي آل الرسول: ص 9، الدرّ المنثور: ج 6 ص 57.

قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: المهديّ منّي، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، يملك سبع سنين.و روى الحاكم بإسناده نحوه مع اختلاف، و قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، و لم يخرّجاه.

361-(1)-

صحيح البخاري: حدّثنا ابن بكير، حدّثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري: أنّ أبا هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم و إمامكم منكم؟

ص: 42


1- . صحيح البخاري: ج 2 كتاب بدء الخلق ب نزول عيسى بن مريم عليهما السلام، صحيح مسلم: ق 1 ج 1 ب نزول عيسى، السنن الواردة في الفتن: ج 6 ب ما جاء في نزول عيسى ح 2، فردوس الأخبار: ج 3 ح 4916، نور الأبصار: ب 2 ص 154، البيان: ص 112 ب 7 ط منشورات مؤسّسة الهادي- سوريا بسنده عن نافع و قال: «هذا حديث صحيح متّفق على صحّته من حديث محمّد بن شهاب الزهري»، ينابيع المودّة: ص 432، كشف الغمّة: ج 2 ص 438، مطالب السئول: ج 2 ب 12 عن كتاب «شرح السنّة» للبغوي، شرح المقاصد: ج 1 ص 308، الفصول المهمّة: ف 12 ص 294، البرهان: ص 158 ب 9 ح 4، العمدة: ف ما جاء في المهدي عليه السلام من متون الصحاح الستّة عن الجمع بين الصحيحين و الجمع بين الصحاح الستّة، جامع الاصول: ج 11 ك 9 ب 1 ح 7808. أقول: لا ريب أنّ الإمام المذكور في هذا الحديث هو المهدي خليفة الله عليه السلام، و لذا ذكره في «جامع الاصول» في باب المسيح و المهدي عليهما السلام، و ابن طلحة الشافعي في «مطالب السئول»، و ابن الصبّاغ المالكي في «الفصول المهمّة» في أخبار المهدي عليه السلام، و ذكره المتّقي في الباب التاسع في اجتماع المهدي مع عيسى عليهما السلام في كتاب «البرهان»، و المقدّسي الشافعي في «عقد الدرر» في الباب العاشر في أنّ عيسى بن مريم يصلّي خلفه و يبايعه و ينزل في نصرته. و في «غاية المأمول شرح التاج الجامع للاصول»: سبق أنّه الخليفة الذي ينزل عيسى عليه السلام في زمنه و هو المهدي رضي الله عنه. هذا، و الأخبار يفسّر بعضها بعضا، فلا اعتناء بقول بعض أهل الأهواء الذي يرى من الثقافة ردّ أحاديث المهدي و الدجّال و حياة عيسى و نزوله في آخر الزمان، و إنكار المعجزات حتّى ما ورد منها في القرآن بتأويلات سخيفة باطلة، فقال: إنّ أحاديث المهدي لم ترد في الصحيحين، فيوهم من لا خبرة له في الحديث أنّ الأحاديث الواردة في المهدي و الشخص الذي يقوم في آخر الزمان و يملك الأرض و يصلي عيسى خلفه و ... و ...، هي ما ذكر فيها هذا اللقب ليس إلّا، فكأنّه زعم أنّ العقيدة بالمهدويّة التي اتّفقت الامّة عليها ترجع إلى التسمية، أو تلقيب هذا الشخص الموعود بالمهدي، فقال: إنّه لم ترد في الصحيحين و لم يفهم أنّ هذا الشخص الموعود، القائم في آخر الزمان لإحياء الدين، و إماتة الباطل، و إقامة العدل، و إزالة الجور، متّفق عليه.- و أمّا ألقابه و صفاته و أعماله الإصلاحيّة و غيرها و إن كانت لا مصدر لها إلّا الأحاديث إلّا أنّه لا يجب أن يكون كلّ حديث متضمّنا لكلّ ذلك، كما هو الشأن في سائر ما بيّنه الشرع من المعارف الإلهيّة و الاعتقاديّة و الأحكام الفرعيّة، و يوهم أيضا أنّ ما لم يرو في الصحيحين لا يعتمد عليه، و هذا أيضا جرأة كبيرة اخرى قد اتّفق المحدّثون على خلافه، فباب الاجتهاد مفتوح واسع لم ترد آيه و لا رواية على عدم صحّة ما لم يرد فيهما، كما لم ترد آية و لا رواية على صحّة كلّ ما ورد فيهما. و سيأتي في ذلك في ردّ مثل هذا الطاعن كلام من مؤلّف «إبراز الوهم المكنون» في ذيل حديث: «يكون في آخر الزمان خليفة يقسّم المال و لا يعدّه» تحت الرقم 383.

و أخرجه مسلم قال: حدّثني حرملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني نافع مولى أبي قتادة الأنصاري: أنّ أبا هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم و إمامكم منكم؟

362-(1)-

مسند أحمد: حدّثنا فضل بن دكين، حدّثنا ياسين العجلي، عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة، عن أبيه، عن علي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: المهدي منّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة.

ص: 43


1- . مسند أحمد: ج 2 ص 58 ح 645 ط دار المعارف بمصر و إسناده صحيح كما صرّح به أحمد محمّد شاكر في «شرح المسند»: ج 3 ص 58 ح 654، سنن ابن ماجة: ج 2 ص 23 ب 34 خروج المهدي كتاب الفتن ح 4085، السنن الواردة في الفتن: ج 5 ب ما جاء في المهدي ح 32، فردوس الأخبار: ج 4 ح 6942، كنز العمّال: ج 14 ص 264 ح 38664، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 124، المقاصد: ص 435، النهاية لابن كثير: ج 1 ص 52، فيض القدير: ج 6 ص 278، التيسير: ج 2 ص 258، جمع الفوائد: ج 2 ص 734، الفتح الرباني: 24/ 51 رقم 146، الفتن و الملاحم لابن كثير: ج 1 ص 25 ف في ذكر المهدي، الإذاعة: ص 117 و قال: و في رواية: «يصلح الله به في ليلة»، منتخب كنز العمّال بهامش المسند: ج 6 ص 30 مثل الكنز، الجامع الصغير: ج 2 ص 187 ح 9243، ينابيع المودّة: ص 432 و 488، الصواعق المحرقة: في الآية الثانية عشرة ص 163، البيان: ص 100 ب 2 و قال: أخرجه أبو نعيم في- «مناقب المهدي»، و أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»، و قال: انضمام هذه الأسانيد بعضها إلى بعض، و إيداع الحافظ (الحفّاظ- خ) ذلك في كتبهم يوجب القطع بصحّته. البرهان: ص 89 ب 2 ح 1 عن احمد و ابن أبي شيبة و ابن ماجة و نعيم بن حمّاد في الفتن، التذكرة: ص 240 قال: و في رواية للحافظ أبي القاسم أنّ رسول الله صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم قال: «المهدي منّا أهل البيت يصلحه الله عزّ و جل في ليلة، أو قال: في يومين»، عقد الدرر: ب 6 ص 135 و ب 7 ص 158 إلّا أنّه قال: «في ليلة واحدة» و قال: أخرجه جماعة من الحفّاظ في كتبهم، ذكر منهم: أحمد، و ابن ماجة، و البيهقي، و الداني، و نعيم بن حمّاد، و أبا نعيم الأصبهاني، و الطبراني، ذكر أخبار أصبهان: ج 1 ص 170 قال: «المهدي منّا يصلحه الله في ليلة»، الدرّ المنثور: ج 6 ص 58، تهذيب التهذيب: ج 11 ص 172 و 173 ق 294، الفتن: ج 5 ب 11 ص 201 بسنده عن علي عليه السلام إلّا أنّ فيه: «المهدي منّا أهل البيت». أقول: لعلّ المراد من قوله صلّى الله عليه و آله و سلّم: «يصلحه الله في ليلة» ما يظهر من غيره من الأحاديث من عدم العلم بوقت ظهوره، و إنّما يهيّئ الله سبحانه أسباب دولته و ملكه في ليلة فيخرج.

و أخرجه ابن ماجة في سننه قال: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا أبو داود الخضري، حدّثنا ياسين، عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة، عن أبيه، عن عليّ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: المهدي منّا أهل البيت ... الحديث.

363-(1)-

سنن ابن ماجة: حدّثنا هديّة بن عبد الوهّاب، حدّثنا سعد بن عبد الحميد بن جعفر، عن علي بن زياد اليمامي، عن عكرمة بن عمّار، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، قال:

سمعت رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم يقول: نحن ولد عبد المطّلب سادة أهل الجنّة: أنا، و حمزة، و عليّ، و جعفر، و الحسن، و الحسين، و المهديّ.

364-(2)-

المعجم الكبير: حدّثنا يحيى بن عبد الباقي، حدّثنا يوسف بن عبد الرحمن المروزي، حدّثنا أبو تقي عبد الحميد بن إبراهيم الحمصي، حدّثنا معدان بن سليم الحضرمي، عن عبد الرحمن ابن نجيح، عن أبي الزاهريّة، عن جبير بن نفير، عن عوف بن مالك، قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: كيف أنت يا عوف إذا افترقت هذه الامّة على ثلاث و سبعين فرقة، واحدة في الجنّة و سائرهنّ في النار؟ قلت: و متى ذلك يا رسول الله؟ قال: إذا كثرت الشرط، و ملكت الإماء، و قعدت الحملان على المنابر، [و اتّخذ القرآن مزامير، و زخرفت المساجد،و رفعت المنابر](3)

و اتّخذ الفي ء دولا، و الزكاة مغرما، و الأمانة مغنما، و تفقّه في الدين لغير الله، و أطاع الرجل امرأته، و عقّ امّه، و أقصى أباه،

ص: 44


1- . سنن ابن ماجة: ج 2 ص 24 ك 36، الفتن: ب 34 خروج المهدي ح 4087، ذخائر العقبى: ص 15 إلّا أنّه قال: «بنو عبد المطلب» و قال: «جعفر بن أبي طالب» قال: أخرجه ابن السري. الفصول المهمّة: ص 294 ف 12، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ص 124 إلّا أنّه قال: «نحن سبعة من ...» و أخرجه عن الحاكم و ابن ماجة و أبي نعيم، عقد الدرر: ص 144 ب 7 إلّا أنّه قال: «نحن سبعة بنو عبد المطّلب سادات أهل الجنّة: أنا، و أخي عليّ، و عمّي حمزة، و جعفر، و الحسن، و الحسين، و المهديّ» و قال: أخرجه جماعة من أئمّة الحديث في كتبهم، الصواعق: ص 158 في الآية العاشرة عن الديلمي و غيره، مثل عقد الدرر إلّا أنّه قال: «أنا، و حمزة، و علي»، ينابيع المودّة: ص 309 و 435، البيان: ص 101 ب 3، مقتل الحسين عليه السلام، ج 1 ص 108 ف 6، غيبة الشيخ: ص 113، العمدة: ج 1 ف 9 بسنده عن الثعلبي و في جزئه الثاني أيضا، هامش الجامع الصغير: ج 2 ص 129 ح 5، تهذيب التهذيب: ج 7 ص 321 ترجمة 543، لسان الميزان: ج 3 ص 271، ذكر أخبار أصبهان: ج 2 ص 130 مثل ما في عقد الدرر، تاريخ بغداد: ج 9 ص 434 و 550، كشف الغمّة: ج 2 ص 438 و ج 1 ص 52 قال: و رأيت في رواية اخرى: «إنّا بنو عبد المطّلب سادات الناس».
2- . المعجم الكبير: ج 18 ص 51 ح 91، كنز العمّال: ج 11 ص 183 و 184 ح 31144 و فيه: «و قعدت الجملاء»، مجمع الزوائد: ج 7 ص 323 و 324، منتخب كنز العمّال: ج 5 ص 404، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): من قوله: «تجي ء الفتنة ...» ص 137 و 138.
3- . ما بين المعقوفتين في مجمع الزوائد و كنز العمّال.

و لعن آخر هذه الامّة أوّلها، و ساد القبيلة فاسقهم، و كان زعيم القوم أرذلهم، و أكرم الرجل اتّقاء شرّه، فيومئذ يكون ذلك، و يفزع الناس يومئذ الى الشام يعصمهم من عدوّهم، قلت:

و هل يفتح الشام؟ قال: نعم وشيكا، ثمّ تقع الفتن بعد فتحها، ثمّ تجي ء فتنة غبراء مظلمة، ثمّ تتبع الفتن بعضها بعضا حتّى يخرج رجل من أهل بيتي يقال له: المهديّ، فإن أدركته فاتّبعه و كن من المهتدين.

365-(1)-

مسند أحمد: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الصمد، حدّثنا حمّاد بن سلمة، أنبأنا مطرف المعلّى، عن أبي الصدّيق، عن أبي سعيد: أنّ رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: تملأ الأرض ظلما و جورا، ثمّ يخرج رجل من عترتي يملك سبعا أو تسعا، فيملأ الأرض قسطا و عدلا.

و أخرجه الحاكم و قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلّم و لم يخرّجاه.

366-(2)-

ذكر أخبار أصفهان: حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا أحمد بن الحسين الأنصاري، حدّثنا أحمد بن محمّد بن الحسين بن حفص، حدّثنا جدّي الحسين، حدّثنا عكرمة بن إبراهيم، عن مطر الورّاق، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لا تقوم الساعة حتّى يستخلف رجل من أهل بيتي، أجنأ، أقنى، يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبل ذلك ظلما، يكون سبع سنين.

367-(3)-

المستدرك على الصحيحين: أخبرني الحسين بن علي بن محمّد بن يحيى التميمي، أنبأ أبو محمّد الحسن بن إبراهيم بن حيدر الحميري بالكوفة، حدّثنا القاسم بن خليفة، حدّثنا أبو يحيى عبد الحميد ابن عبد الرحمن الحمّاني، حدّثنا عمرو بن عبيد الله العدوي، عن معاوية بن قرّة، عن أبي الصدّيقالناجي، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: قال نبيّ الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: ينزل بامّتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم، لم يسمع بلاء أشدّ منه، حتّى تضيق عنهم الأرض الرحبة، و حتّى يملأ الأرض جورا و ظلما، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم، فيبعث الله عزّ و جلّ رجلا من عترتي، فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا، يرضى عنه ساكن السماء و ساكن الأرض، لا تدّخر الأرض من بذرها شيئا إلّا أخرجته، و لا السماء من قطرها

ص: 45


1- . المسند: ج 3 ص 328، المستدرك: ج 4 ص 558 ك الفتن، عقد الدرر: ص 16 ب 1 قال: «فيقوم رجل من عترتي فيملأها قسطا و عدلا، يملك سبعا أو تسعا». و قال: أخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي هكذا، و أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقي و قال: «رجل من عترتي يملك تسعا أو سبعا، فيملأها قسطا و عدلا».
2- . ذكر أخبار أصفهان: ج 1 ص 84، فرائد السمطين: ج 2 ص 324 ح 574 نحوه.
3- . المستدرك: ج 4 ص 465، عقد الدرر: ب 4 ف 1 ص 43 و ب 7 ص 141، الصواعق المحرقة: ص 161 في الآية الثانية عشرة، إسعاف الراغبين: ص 134، البيان: ص 108 ب 6، ينابيع المودّة: ص 341.

شيئا إلّا صبّه الله عليهم مدرارا، يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع، يتمنّى الأحياء الأموات ممّا صنع الله عزّ و جلّ بأهل الأرض من خيره.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرّجاه.

368-(1)-

مسند أحمد: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الرزاق، حدّثنا جعفر، عن المعلّى بن زياد، حدّثنا العلاء بن بشير، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: أبشّركم بالمهديّ، يبعث في أمّتي على اختلاف من الناس و زلازل، فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، يرضى عنه ساكن السماء و ساكن الأرض، يقسّم المال صحاحا، فقال له رجل: ما صحاحا؟ قال: بالسويّة بين الناس، قال: و يملأ الله قلوب أمّة محمّد صلّى الله عليه [و آله] و سلّم غنى، و يسعهم عدله، حتّى يأمر مناديا فينادي فيقول: من له في مال حاجة؟ فما يقول من الناس إلّا رجل، فيقول: ائت السدّان- يعني الخازن- فقل له: إنّ المهديّ يأمرك أن تعطيني مالا، فيقول له: احث، حتى إذا جعله في حجره و أبرزه ندم فيقول: كنت أجشع أمّة محمّد نفسا، أو عجز عنّي ما وسعهم، قال: فيردّه فلا يقبل منه، فيقال له: إنّا لا نأخذ شيئا أعطيناه، فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان أو تسع سنين، ثمّ لا خير في العيش بعده.

أقول: روي نحوه بطريق آخر أيضا.

369-(2)- فردوس الأخبار: عن عبد الله بن عبّاس- رضي الله عنهما- عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: المهديّ طاوس أهل الجنّة.

ص: 46


1- . المسند: ج 3 ص 37 و نحوه ص 52، كنز العمّال: ج 14 ص 261 و 262 ح 38653 نحوه، و قال في أوّله: «ابشروا بالمهدي، رجل من قريش من عترتي»، منتخب كنز العمّال بهامش المسند: ج 6 ص 29 عن احمد و البارودي، إسعاف الراغبين: ب 2 ص 137 نحوه، نور الأبصار: ب 2 ص 155، الصواعق المحرقة: ص 164، ينابيع المودّة: ص 469، الإعلام بحكم عيسى عليه السلام: ص 162 (8)، عقد الدرر: ب 4 و 7 و 8 و 11 ص 62 و 156 و 164 و 166 و 237، البرهان: ص 79 و 80 ب 1 ح 21، الدرّ المنثور: ج 6 ص 57، فرائد السمطين: ج 2 ص 310 ب 61 ح 561، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 124، إبراز الوهم المكنون: ص 562 ح 31، كشف الغمّة في معرفة الأئمّة: ج 2 ص 471 فيما روي في أمر المهدي.
2- . فردوس الأخبار: ج 4 ح 6941، عقد الدرر: ص 148 ب 7 عن الديلمي، كنوز الحقائق، في فصل الميم المحلّى بال، دلائل الإمامة: ص 258، ينابيع المودّة: ب 94 ص 488، و عنه البيان: في ب الألف و اللام بإسناده عن ابن عبّاس، نور الأبصار: ص 154 ب 2، كشف الغمّة: ج 2 ص 481.

370-(1)-

مسند أحمد: حدّثنا عبد الله، حدّثنا أبي، حدّثنا أبو النضر، حدّثنا أبو معاوية شيبان، عن مطر بن طهمان، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لا تقوم الساعة حتّى يملك رجل من أهل بيتي، أجلى، أقنى، يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله ظلما، يكون سبع سنين.

371-(2)-

المستدرك: حدّثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، و علي بن حمشاذ العدل، و أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، [قالوا:] ثنا بشر بن موسى الأسدي، ثنا هوذة بن خليفة، ثنا عوف بن أبي جميلة، [و حدّثني] الحسين بن علي الدارمي، ثنا محمد بن إسحاق الإمام، ثنا محمد بن بشّار، ثنا ابن عديّ، عن عوف، ثنا أبو الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لا تقوم الساعة حتّى تملأ الأرض ظلما و جورا و عدوانا، ثمّ يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و عدوانا.

قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرّجاه، و الحديث المفسّر بذلك الطريق، و طرق حديث عاصم عن زرّ عن عبد الله كلّها صحيحة على ما أصّلته في هذا الكتاب، انتهى.

و في المسند: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا محمد بن جعفر، حدّثنا عوف، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لا تقوم الساعة حتّى تمتلئ الأرض ظلما و عدوانا، قال: ثمّ يخرج رجل من عترتي، أو من أهل بيتي، يملأها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و عدوانا.

372-(3)- شرح الأخبار: عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد عليه السلام يقول: إنّ الإسلام بدأ غريبا و سيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء. [و هذا حديث معروف يروى عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم رواه كثير من الخاصّ و العامّ، و إنّما حكاه جعفر بن محمّد الصادق عنه صلوات الله عليه و تركت إسناده إليه](4)،

قال أبو بصير: فقلت له: اشرح لي هذا جعلت فداك يا ابن رسول الله، قال عليه السلام: يستأنف الداعي منّا دعاء جديدا كما دعا رسول الله [صلّى الله عليه و آله و سلّم] [و كذلك المهديّ استأنف دعاء جديدا

ص: 47


1- . المسند: ج 3 ص 17، عقد الدرر: ص 35 ب 3، قال: أخرجه الإمام احمد في مسنده، و الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن». أقول: لم أجده في الفتن، نعم رواه مفرّقا في أبواب: سيرة المهدي، و صفته، و نسبه، و قدر ما يملك. كنز العمّال: ج 14 ص 270 ح 38690 و قال: «يملك الأرض»، و قال: «ملئت ظلما»، الدرّ المنثور: ج 6 ص 57.
2- . المستدرك: ج 4 كتاب الفتن و الملاحم ص 557، المسند: ج 3 ص 36، عقد الدرر: ص 36 و 37 ب 3.
3- . شرح الأخبار: ج 15 ص 372 ح 1241.
4- . ما بين المعقوفتين كلام مؤلّف «شرح الأخبار».

الى الله لمّا غيّرت السنن، و كثرت البدع، و تغلّب أئمّة الضلال، و اندرس ذكر أئمّة الهدى الذين افترض الله طاعتهم على العباد، و أقامهم للدعاء إليه، و الدلالة بآياته عليه، و نسي ذكرهم، و انقطع خبرهم لغلبة أئمّة الجور عليهم، فلمّا أنجز الله بالدعاء للأئمّة ما وعدهم به من ظهور مهديّهم احتاج أن يدعوهم دعاء جديدا كما ابتدأهم رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم بالدعاء أوّلا](1).

373-(2)-

صفة المهدي: عن حذيفة- رضي الله عنه- قال:

سمعت رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم يقول: ويح هذه الامّة من ملوك جبابرة، كيف يقتلون و يخيفون المطيعين إلّا من أظهر طاعتهم، فالمؤمن التقيّ يصانعهم بلسانه و يفرّ منهم بقلبه، فإذا أراد الله عزّ و جلّ أن يعيد الإسلام عزيزا قصم كلّ جبّار، و هو القادر على ما يشاء أن يصلح أمّة بعد فسادها. فقال عليه الصلاة و السلام: يا حذيفة! لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يملك رجل من أهل بيتي، تجري الملاحم على يديه، و يظهر الإسلام، لا يخلف وعده و هو سريع الحساب.

374-(3)- صفة المهدي و كتاب العوالي: بسنده عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: ليبعثنّ الله من عترتي رجلا، أفرق الثنايا، أجلى الجبهة، يملأ الأرض عدلا، و يفيض المال فيضا.

375-(4)-

سنن ابن ماجة: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا معاوية بن هشام، حدّثنا علي بن صالح، عن يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: بينا نحن عند رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم

ص: 48


1- . من المحتمل كون ما بين المعقوفتين أيضا من كلام مؤلّف «شرح الأخبار».
2- . عقد الدرر: ص 62 و 63 ب 4، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 92 ب 2 ح 12، بحار الأنوار: ج 51 ص 74 ب 1 ما ورد عن النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم بالقائم ح 23، ينابيع المودّة: ص 448، العرف الورديّ (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 133.
3- . عقد الدرر: ب 1 ص 16 قال: «أخرجه الحافظ أبو نعيم في عواليه و في صفة المهدي»، و ب 3 ص 34، و ب 8 ص 170، البيان في أخبار صاحب الزمان عليه السلام: ب 19 ح 1 ص 139 إلّا أنّه قال: «يملأ الأرض قسطا و عدلا» و قال: أخرجه أبو نعيم الحافظ في عواليه، تفرّد به طالوت بن عبّاد و هو معروف عندنا بروايته. ينابيع المودّة: ص 423 عن جواهر العقدين، إسعاف الراغبين: ص 135 ب 2.
4- . سنن ابن ماجة: ج 2 ك 36 ص 22 ب 34 ح 4082، السنن الواردة في الفتن: ج 5 ب ما جاء في المهدي ح 1 و 2، الفتن: ج 4 ص 166 ب 13، البيان: ص 106 ب 5، المستدرك: ج 4 ص 464 نحوه، تلخيص المستدرك: ج 4 ص 464، الصواعق المحرقة: ص 162 الآية الثانية عشرة نحوه، و قال في آخره: «فليأتهم و لو حبوا على الثلج، فإنّ فيها خليفة الله المهدي»، عقد الدرر: ص 124 ب 5 نحوه، المنار المنيف: ص 149 ف 50 ح 341، النهاية أو الفتن و الملاحم: ج 1 ص 28، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 127.

إذا أقبل فتية من بني هاشم، فلمّا رآهم النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم اغرورقت عيناه و تغيّر لونه، قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه، فقال: إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، و إنّ أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء و تشريدا و تطريدا، حتّى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود، فيسألون الخير فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا، فلا يقبلونه حتّى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا كما ملئوها جورا، فمن أدرك ذلك الزمان فليأتهم و لو حبوا على الثلج.

376-(1)-

الفتن: حدّثنا الوليد، عن علي بن حوشب، سمع مكحولا يحدّث، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قلت لرسول الله: المهديّ منّا أئمّة الهدى أم من غيرنا؟ قال: بل منّا، بنا يختم الدينكما بنا فتح، و بنا يستنقذون من ضلالة الفتنة كما استنقذوا من ضلالة الشرك، و بنا يؤلّف الله بين قلوبهم في الدين بعد عداوة الفتنة كما ألّف الله بين قلوبهم و دينهم بعد عداوة الشرك.

377-(2)-

سنن ابن ماجة: حدّثنا محمّد بن يحيى، حدّثنا أبو داود، ح و حدّثنا محمّد بن عبد الملك الواسطي، حدّثنا يزيد بن هارون، ح و حدّثنا عليّ بن المنذر، حدّثنا إسحاق بن منصور، كلّهم عن قيس، عن أبي حصين،

ص: 49


1- . الفتن: ج 5 ص 198، البيان: ص 125 ب 11 إلّا أنّه قال: «قلت: يا رسول الله، أمنّا آل محمّد المهدي أم من غيرنا؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم: لا بل منّا، بنا يختم الله الدين كما فتح الله بنا، و بنا ينقذون من الفتنة» و قال: «كما ألّف بنا» و لم يذكر: «في دينهم» و قال: قلت: هذا حديث حسن عال رواه الحفّاظ في كتبهم، فأمّا الطبراني فقد ذكره في المعجم الأوسط، و أمّا أبو نعيم فرواه في حلية الأولياء، و أمّا عبد الرحمن بن أبي حاتم فقد ساقه في عواليه كما أخرجناه سواء. مجمع الزوائد: ج 7 ص 316 نحوه، الصواعق المحرقة: ص 161 في الآية الثانية عشرة قال: «المهدي منّا، يختم الدين بنا كما فتح بنا»، عقد الدرر: ص 24 ب 1 و ص 142 ب 7، المعجم الصغير: ج 1 ص 137، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 129، كنز العمّال: ج 14 ص 598 ح 39682 (نعيم بن حمّاد، طس، و أبو نعيم في كتاب «المهدي»، خط في التلخيص)، عبقات الأنوار: ج 2 ص 68 ح 12 عن نعيم في «الفتن» و الطبراني في «الأوسط» و أبي نعيم في كتاب «المهدي» و الخطيب في «التلخيص»، ينابيع المودّة: ص 491، نور الأبصار: ص 155 ب 2، البرهان: ص 91 ح 7 نحوه.
2- . سنن ابن ماجة: ج 2 ك الجهاد ص 928 و 929 ب 11 ح 2779، البيان: ص 92 ب 1 إلّا أنّه قال: «لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي ...»، لوامع العقول: ج 4 ص 3 عن أحمد، شرح سنن الترمذي لابن العربي: ج 9 ص 74، التذكرة: ص 619 و قال: إسناده صحيح، كنز العمّال: ج 14 ص 266 ح 3874، و أخرج في فرائد السمطين: ج 2 ص 318 بسنده عن أبي هريرة: «لا تقوم الساعة حتّى يملك رجل من بيتي، يفتح القسطنطينيّة و جبل الديلم، و لو لم يبق إلّا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يفتحها»، المنار المنيف: ص 147 ف 50 ح 336 مثل ما في فرائد السمطين، كشف الغمّة: ج 2 ص 474، عن الأربعين حديثا للحافظ أبي نعيم: ح 36.

عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطوّله الله عزّ و جلّ حتّى يملك رجل من أهل بيتي، يملك جبل الديلم و القسطنطينيّة.

أقول: في حاشية السنديّ: قوله: «حتّى يملك رجل ...» حمل على المهديّ الموعود به.

378-(1)-

عقد الدرر: عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم أنّه قال: المهديّ منّا أهل البيت، رجل من أمّتي، أشمّ الأنف، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ».

379-(2)-

مسند أحمد: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الصمد، حدّثنا أبان، حدّثنا سعيد بن زيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: يكون بعدي خليفة يحثي المال حثيا، و لا يعدّه عدّا.

380-(3)-

البيان: أبو طاهر إسماعيل بن ظفر بن أحمد النابلسي، عن أبي المكارم أحمد بن محمّد بن عبد الله المعدل، عن أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحدّاد، عن الحافظ أبي نعيم أحمد ابن عبد الله، عن سعد بن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن يوسف التركي، عن كثير بن يحيى، عن أبي عوانة، عن الأعمش، عن عطيّة، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم:

يكون عند انقطاع من الزمان، و ظهور من الفتن رجل يقال له: المهديّ، عطاؤه هنيئا.

[قال:] هذا حديث أخرجه أبو نعيم الحافظ كما سقناه.

ص: 50


1- . عقد الدرر: ص 33 ب 3، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 124. ينابيع المودّة: ص 448، فرائد السمطين: ج 2 ص 330 منشورات مؤسسة المحمودي للنشر- بيروت، كشف الغمّة: ج 2 ص 469 و 470 قال في النهاية: ج 2 ص 502 في صفته صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم: «يحسبه من لم يتأمّله أشمّ»، و الشمم: ارتفاع قصبة الأنف و استواء أعلاها، و إشراف الأرنبة قليلا، و منه قصيدة كعب: شمّ العرانين أبطال لبوسهم شمّ: جمع أشمّ، و العرانين: الانوف، و هو كناية عن الرفعة و العلوّ و شرف الأنفس، و منه قولهم للمتكبّر المتعالي: «شمخ بأنفه»، و على هذا كما يمكن أن يكون قوله صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم: «أشمّ الأنف» صفة خلقه- بفتح الخاء-، يمكن أن يكون كناية عن صفة خلقه بضمّ الخاء.
2- . المسند: ج 3 ص 49 و نحوه في ص 60، كنز العمّال: ج 14 ص 263 ح 38659 قال: «و لا يعدّه عددا»، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 131.
3- . البيان في أخبار صاحب الزمان: ص 124 ب 10، عقد الدرر: ص 62 ب 4 و ص 167 ب 8 إلّا أنّه قال: «عطاؤه هنيّا»، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 133، البرهان: ص 84 ب 1 ح 33 إلّا أنّه قال: «يكون عطاؤه حثيا»، و ص 83 ح 28.

381-(1)-

مودّة القربى: عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: إنّ الله فتح هذا الدين بعليّ، و إذا قتل فسد الدين، و لا يصلحه إلّا المهديّ.

382-(2)-

مودّة القربى: عليّ- كرّم الله وجهه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لا تذهب الدنيا حتّى يقوم بامّتي رجل من ولد الحسين، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما.

و في لفظ آخر: حتّى يقوم على أمّتي.

383-(3)- صحيح مسلم: حدّثني زهير بن حرب، حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدّثنا أبي، حدثنا داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد و جابر بن عبد الله، قالا: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: يكون في آخر الزمان خليفة يقسّم المال و لا يعدّه.

و حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا أبو معاوية، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم ... مثله.

384-(4)-

الفتن: حدّثنا أبو معاوية، عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد- رضي الله عنه- عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي المال بغير عدد.

ص: 51


1- . ينابيع المودّة: ص 445 و 259، إلّا أنّه قال: «و إذا مات علي».
2- . ينابيع المودّة: ص 258 و 445.
3- . صحيح مسلم: ج 8 ص 185، تاريخ ابن عساكر: ج 1 ص 186 إلّا أنّه قال: «يحثي المال حثيا، و لا يعدّه عدّا»، السنن الواردة في الفتن: ج 5 ب ما جاء في المهدي ح 23 بسنده المتّصل الى جابر و لفظه: «يكون في آخر أمّتي خليفة، يحثي المال حثيا، و لا يعدّه عدّا»، كنز العمّال: ج 14 ص 264 ح 38660، مصابيح السنّة: ج 2 ص 192 ب أشراط الساعة، البيان: ص 122 و 123، ب 10 ح 3، ينابيع المودّة: ص 182 و 230 عن جابر، عقد الدرر: ص 161 ب 8، إسعاف الراغبين: ص 135 ب 2، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 131، مشكاة المصابيح: ج 3 ك 27 ح 5441 (5). قال في إبراز الوهم المكنون (ص 513 و 514) في جواب من طعن في هذه الأحاديث بأنّه لم يقع فيها ذكر المهدي عليه السلام، و لا دليل على أنّه المراد منها: أقول: هذا من مبهم المتون، و طريق معرفته معلومة مقرّرة ... إلى آخره. و أقول أنا: لا ريب أنّ الأخبار يفسّر بعضها بعضا، و لا ريب أنّ الرجل المبشّر به في الروايات الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا، و يحثي المال حثيا، و له سمات و علامات و أوصاف و ألقاب تعرف من روايات واردة في الأبواب المتفرّقة، واحد غير متعدّد، و لذا لم يحتمل أحد أنّه غير المهدي، و أنّ الذي يصلّي عيسى خلفه غيره، فكلّ هذه العبارات إلى ذلك الجمال تشير.
4- . الفتن: ج 5 ب 8 سيرة المهدي و عدله و خصب زمانه ص 194، صحيح مسلم: ج 8 ص 158 نحوه، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 134، مثله، إلّا أنّه قال: «يعطي الحقّ»، إبراز الوهم المكنون: ص 581 ح 98 نحو العرف الورديّ.

385-(1)-

العرف الورديّ: أخرج ابن أبي شيبة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان، و ظهور من الفتن، يكون عطاؤه حثيا.

386-(2)- المسند: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري: أنّ رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: ليبعثنّ الله عزّ و جلّ في هذه الامّة خليفة، يحثي المال حثيا، و لا يعدّه عدّا.

387-(3)- المسند: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا خلف بن الوليد، حدّثنا عبّاد بن عبّاد، حدّثنا مجالد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري، قال: قلت: و الله ما يأتي علينا أمير إلّا و هو شرّ من الماضي و لا عام إلّا و هو شرّ من الماضي، قال: لو لا شي ء سمعته من رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم لقلت مثل ما يقول، و لكن سمعت رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم يقول: إنّ من امرائكم أميرا يحثي المال حثيا و لا يعدّه عدّا، يأتيه الرجل فيسأله فيقول: خذ، فيبسط الرجل ثوبه فيحثي فيه، و بسط رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم ملحفة غليظة كانت عليه يحكي صنيع الرجل ثمّ جمع إليه أكنافها، قال: فيأخذ ثمّ ينطلق.

388-(4)-

المسند: [في حديث أخرجه عن أبي نضرة عن جابر] قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: يكون في آخر أمّتي خليفة، يحثو المال حثوا، لا يعدّه عدّا.

389-(5)-

صحيح مسلم: حدّثنا نصر بن علي الجهضمي، حدّثنا بشر (يعني: ابن المفضّل) ح و حدّثنا علي بن حجر السعدي، حدّثنا إسماعيل (يعني: ابن عليّة)، كلاهما عن سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة،عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا، لا يعدّه عددا.

ص: 52


1- . العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 134، إبراز الوهم المكنون: ص 581 ح 99.
2- . المسند: ج 3 ص 96، عقد الدرر: ص 168 ب 8 عن المسند و سنن الداني.
3- . المسند: ج 3 ص 98، البرهان: ص 81 ب 1 ح 24، العرف الوردي: ص 128 نحوه، النهاية أو الفتن و الملاحم: ج 1 ص 31.
4- . المسند: ج 3 ص 317، السنن الواردة في الفتن: ج 5 ب ما جاء في المهدي ح 23 إلّا أنّه قال: «يحثي المال حثيا»، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 128 أخرج نحوه عن البزّار عن جابر، كنز العمّال: ج 14 ص 26 ح 38659، صحيح مسلم: ج 8 ص 185 إلّا أنّه قال: «يحثي»، و قال: «عددا»، مصابيح السنّة: ج 2 ص 192 ب أشراط الساعة، التاج الجامع للاصول: ص 342 ج 5 إلّا أنّهما قالا: «يحثي»، منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 31، ينابيع المودّة: ص 230، مشكاة المصابيح: ج 3 ك 27 ح 5441 (5).
5- . صحيح مسلم: ج 8 ص 185، كنز العمّال: ج 14 ص 266 ح 38672 إلّا أنّه قال: «يحثي»، و قال: «عدّا»، عقد الدرر: ص 161 ب 8، التاج الجامع للاصول: ج 5 ص 341 (الباب السابع في الخليفة المهدي رضي الله عنه). و قال في غاية المأمول شرح التاج: هذا هو المهدي رضي الله عنه بدليل الحديث الآتي، و ذلك لكثرة الغنائم و الفتوحات مع سخاء نفسه، و بذله الخير لكلّ الناس.

و في رواية ابن حجر: يحثي المال.

390-(1)-

صفة المهديّ: عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لتملأنّ الأرض عدوانا، ثمّ ليخرجنّ رجل من أهل بيتي يملأها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و عدوانا [جورا و ظلما- خ].

391-(2)-

مسند أبي يعلى: حدّثنا سليمان بن عبد الجبّار أبو أيّوب، حدّثنا سهل بن عامر، حدّثنا فضيل بن مرزوق، عن عطيّة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: يكون في آخر الزمان على تظاهر العمر و انقطاع من الزمان إمام يكون أعطى الناس، يجيئه الرجل فيحثو له في حجره، يهمّه من يقبل عنه صدقة ذلك المال ما بينه و بين أهله، لما يصيب الناس من الخير.

392-(3)-

تاريخ ابن عساكر: أخرج بسنده عن ابن عبّاس أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: كيف تهلك أمّة أنا أوّلها، و عيسى في آخرها، و المهديّ في وسطها.

ص: 53


1- . عقد الدرر: ص 19 ب 1 عن أبي نعيم في «صفة المهدي»، الجامع الصغير: حرف اللام ج 2 ص 123، كشف الغمّة: ج 2 ص 471 عن أربعين الحافظ أبي نعيم ح 22 إلّا أنّه قال: «ظلما و عدوانا»، و قال: «حتّى يملأها»، و قال: «كما ملئت جورا و عدوانا»، ينابيع المودّة: ص 186.
2- . مسند أبي يعلى: ج 2 ص 356- 357 ح 131 (1105).
3- . تاريخ ابن عساكر: ط سنة (1329 ه) ج 2 ص 62، كنز العمّال: ج 14 ص 269 ح 38682، إلّا أنّه قال: «أنا في أوّلها»، و قال: «و عيسى بن مريم»، و قال: «و المهدي من أهل بيتي»، و ص 266 ح 38671 إلّا أنّه قال: «و المهدي في أوسطها»، منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 30 و 31، السيرة الحلبيّة: ط مصر مطبعة مصطفى محمد ج 1 ص 227 و قال: «و المهدي من أهل بيتي»، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 134، التصريح بما تواتر في نزول المسيح: ص 181 ح 27 قال: رواه النسائي، و أبو نعيم في أخبار المهدي، و الحاكم و ابن عساكر في تاريخهما، و لفظهما: «كيف تهلك أمّة أنا في أوّلها ...» كما في كنز العمّال، و هو حديث حسن كما في السراج المنير للعزيزي. و قال في ذيله: المراد بالوسط ما قبل الآخر؛ لأنّ نزول عيسى عليه السلام لقتل الدجّال يكون في زمن المهدي، و يصلّي سيّدنا عيسى خلفه كما جاءت به الأخبار. التيسير بشرح الجامع الصغير: ج 2 ص 302، فيض القدير: ج 5 ص 301، السراج المنير: ج 3 ص 196، العرائس (قصص الأنبياء): ص 227 مطبعة عاطف و ولده بسنده عن ابن عبّاس، و قال: «و المهدي من أهل بيتي في وسطها»، الجامع الصغير: ج 2 حرف اللام ص 128، عقد الدرر: ص 146 ب 7 قال: أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في «مسنده»، و رواه الحافظ أبو نعيم في «عواليه». أقول: لم أجده في النسخة المطبوعة من المسند، إلّا أنّ الظاهر أنّ الحديث كان ثابتا في النسخة التي كانت عنده، و الاعتبار و الاعتماد على النسخة التي كان الحديث ثابتا فيها كما لا يخفى. تفسير روح الجنان: ج 3 ص 158 أخرجه عن المنصور عن آبائه عن ابن عبّاس و قال: «المهدي من أهل بيتي في وسطها»، و استدلّ أبو الفتوح- مؤلّف روح الجنان- بالحديث على وجود المهدي عليه السلام؛ لأنّه لا يستقيم معناه إن قيل بأنّ المهدي عليه السلام سيوجد في آخر الزمان قبيل نزول عيسى؛ لأنّه يلزم منه خلوّ هذا الزمان الطويل بين الرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم و نزول عيسى من وجود المهدي الذي بشّر بأنّه في وسطها. أقول: نعم، اتّفقت الأمّة على أنّ عيسى ينزل في عصر قيام المهدي عليه السلام و دولته العالميّة، فيصلّي عيسى خلفه، و يعينه لتحقّق أهدافه الإصلاحيّة، و بسط العدل، و إزالة الجور كما هو المصرّح به في الأخبار المتواترة، و على هذا فالقول بوجود المهدي عليه السلام في وسطها لا يستقيم إلّا على معتقد الإماميّة، و هو: أنّ المهدي عليه السلام ولد سنة خمس و خمسين و مائتين، و بقي حيّا يرزق الى أن يظهر بأمر الله تعالى لإعلان كلمته. و أمّا الوسطيّة التي توهّمها بعض شرّاح الحديث؛ و هي: أنّ خروج المهدي يكون قبل نزول عيسى، فلا يفسّر بها الحديث قطعا، و ليس مفهومها و مفهوم الآخريّة إلّا سواء. و أمّا زعم بعض المرتزقة من عبدة الحكّام المستكبرين و الطواغيت أنّ المراد به: المهديّ:- العبّاسي، فلا يحتاج بطلانه الى البيان، و إبداء هذه المزاعم من إساءة الأدب الى مقام النبوّة الخاتميّة المحمّديّة، و الشخصيّة المعظمة العيسويّة، و الخلافة الإلهيّة المهدويّة، و هذه الأخبار المتواترة الواردة في تعريف المهدي عليه السلام و أوصافه و علاماته تكذيب صريح لمثل هذه المزاعم. هذا و لا دلالة للحديث- أيضا- على أنّ عيسى يبقى بعد المهديّ؛ لأنّ ذلك مضافا إلى أنّه لا يستفاد من ظاهر نفس الحديث ينافي طائفة من الروايات الواردة في المهدي عليه السلام، و روايات اخرى مثل أحاديث الأمان و غيرها. هذا و يمكن أن يقال في تفسير الحديث: أنّ المراد من قوله صلّى الله عليه و آله و سلّم: «أنا أوّلها» أنا مؤسّسها و رأسها و منشأها، فلا تهلك هذه الامّة؛ لأنّ مؤسّسها و الداعي إليها رحمة للعالمين، فلا تهلك أمّة من كان رأسها هذه صفته و غاية إرساله، و كيف تهلك أمّة يكون المهدي في وسطها؟ فما دام هو موجودا حيّا لا تهلك هذه الامّة، فمن أعظم فوائد وجوده في غيبته بقاء الامّة ببقائه، و كيف تهلك أمّة يكون في آخرها المسيح الذي ينزل في آخر الزمان؟ يعني هذا الدين يبقى و يمتدّ الى نزول عيسى من السماء، و هو في آخر الامّة ينزل و يصدّق هذا الدين في هذه الدنيا. فالمراد بهذا الحديث: البشارة بامتداد هذا الدين، و استمرار بقاء الامّة ببركة رسالة رحمة للعالمين و وجود المهدي عليه السلام، و أنّ الامّة لا تهلك و تبقى إلى آخر الدهر؛ لأنّ نزول عيسى عليه السلام- الذي هو من أشراط الساعة- يقع في آخر هذه الامّة، فهي باقية أبد الدهر و ما يعيش الإنسان فوق كرتنا الأرضيّة، و الله و رسوله و اولو العلم الراسخون فيه من أهل بيته أعلم بمعاني الكتاب و السنّة.

393-(1)- عقد الدرر: عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال:

سمعت رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم يقول: لن تهلك أمّة أنا أوّلها، و مهديّها وسطها، و المسيح بن مريم آخرها.

ص: 54


1- . عقد الدرر: ص 148 ب 7 قال: أخرجه الإمام أبو عبد الرحمن النسائي في سننه. أقول: لم أجده في المجتبى من سنن النسائي، إلّا أنّ ذلك لا ينفي وجوده في سننه، بل لا ريب في ذلك.

394-(1)-

عقد الدرر: عن أبي جعفر محمّد بن عليّ، عن أبيه، عن جدّه: أنّ رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: أبشروا أبشروا، إنّما أمّتي كالغيث، لا يدرى آخره خير أم أوّله، أو كحديقة اطعم393-(2)- عقد الدرر: عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال:

سمعت رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم يقول: لن تهلك أمّة أنا أوّلها، و مهديّها وسطها، و المسيح بن مريم آخرها.

394-(3)-

عقد الدرر: عن أبي جعفر محمّد بن عليّ، عن أبيه، عن جدّه: أنّ رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: أبشروا أبشروا، إنّما أمّتي كالغيث، لا يدرى آخره خير أم أوّله، أو كحديقة اطعممنها فوج عاما، لعلّ آخرها فوجا يكون أعرضها عرضا و أعمقها عمقا و أحسنها حسنا، كيف تهلك أمّة أنا أوّلها و المهديّ أوسطها و المسيح آخرها؟ و لكن بين ذلك ثبج أعوج، ليس منّي و لا أنا منهم.

395-(4)-

فضائل الصحابة للسمعاني: عن أبي سعيد الخدري قال: دخلت فاطمة على أبيها صلّى الله عليه [و آله] و سلّم في مرضه و بكت و قالت: يا أبي! أخشى الضيعة من بعدك، فقال: يا فاطمة! إنّ الله اطّلع الى الأرض

ص: 55


1- . عقد الدرر: ص 146 ب 7 قال: أخرجه الإمام أبو عبد الرحمن النسائي في سننه، بهجة النظر: ف 6 أخرجه عن النسائي في سننه في باب جامع ما جاء في العرب و العجم و هو آخر باب منه، التصريح بما تواتر في نزول المسيح: ص 247- 250 ح 66 مع اختلاف يسير في اللفظ، إلّا أنّه قال: «و لكن بين ذلك فيج أعوج، ليسوا منّي و لا أنا منهم»، و قال في شرحه: الفيج- بالياء-: بمعنى الفوج- بالواو- و هو الجماعة، و إنّما وصفهم النبيّ صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم بالفوج ثمّ تبرّأ منهم لانحرافهم عن الجادّة و السبيل التي جاء بها عليه الصلاة و السلام. و قال ابن الأثير: الفوج: الجماعة من الناس، و الفيج مثله، و هو مخفّف من الفيّج، و أصله الواو، يقال: فاج يفوج فهو فيّج. أقول: قال ابن الأثير في النهاية مادّة (ثبج): «فيه: خيار أمّتي أوّلها و آخرها، و بين ذلك ثبج أعوج ليس منك و لست منه»، الثبج: الوسط و ما بين الكاهل الى الظهر. و قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ص 115 بعد ذكر هذا الحديث: و الثبج: الوسط، [و قد جاءت في هذا آثار، منها: أنّه ذكر آخر الزمان فقال: «المتمسّك منهم يومئذ بدينه كالقابض على الجمر»، «إنّ الشهيد منهم يومئذ كشهيد بدر»، و في حديث آخر أنه سئل عن الغرباء فقال: «الذين يحيون ما أمات الناس من سنّتي»]، و في لسان العرب مادّة (ثبج): «ثبج كلّ شي ء: معظمه و وسطه و أعلاه، و الجمع أثباج و ثبوج، ثمّ ذكر الحديث كما في النهاية. و على كلتا النسختين (ثبج و فيج) الحديث يدلّ على مدح الامّة في أوّلها و في آخرها، و هو عصر ظهور الدولة العالميّة المهدويّة التي ينزل فيها عيسى و يعيش بينهم و يصلّي بإمامهم المهدي عليه السلام، كما يدلّ على ذمّ ما بين ذلك و اعوجاج الجماعة و الأكثريّة؛ و ذلك لغلبة الملوك أو المتسمّين أنفسهم بالخلفاء، و استيلائهم على الحكومة و النظام من غير أن يأذن الله لهم و يرضى، و غير الجماعة و الأكثريّة هم الذين ينتظرون ظهور أمر الله، و إقامة دولة الحقّ بظهور خليفة الله المهدي عليه السلام، فلا يصوّبون ما يصدر من الحكّام جورا و عدوانا على الناس، و لا يعينونهم على المظالم و المآثم، و لا يتقرّبون إليهم بما يغضب الله تعالى و يرضيهم، و ليس هم إلّا أتباع أئمّة أهل البيت عليهم السلام، الذين عملت سياسات هؤلاء الحكّام لإخفاء أمرهم و فضائلهم و ما اختصّهم الله به، و لإبادة هداهم و هدى شيعتهم، فالثبج الأعوج، و الفيج الأعوج الأكثرية التي تركت منهاج أهل البيت و التمسّك بهم، و خالفت أحاديث الثقلين المتواترة، و أحاديث السفينة، و أحاديث الأمان و غيرها. قال علي القاري في المرقاة: ج 5 ص 658: و يسمّى مثل هذا السند سلسلة الذهب. المشكاة: ج 3 ص 293، ينابيع المودّة: ص 489، العمدة: ج 2 ص 224 ف ما جاء في المهدي عليه السلام من متون الصحاح الستّة عن الجمع بين الصحاح الستّة لرزين العبدري.
2- . عقد الدرر: ص 148 ب 7 قال: أخرجه الإمام أبو عبد الرحمن النسائي في سننه. أقول: لم أجده في المجتبى من سنن النسائي، إلّا أنّ ذلك لا ينفي وجوده في سننه، بل لا ريب في ذلك.
3- . عقد الدرر: ص 146 ب 7 قال: أخرجه الإمام أبو عبد الرحمن النسائي في سننه، بهجة النظر: ف 6 أخرجه عن النسائي في سننه في باب جامع ما جاء في العرب و العجم و هو آخر باب منه، التصريح بما تواتر في نزول المسيح: ص 247- 250 ح 66 مع اختلاف يسير في اللفظ، إلّا أنّه قال: «و لكن بين ذلك فيج أعوج، ليسوا منّي و لا أنا منهم»، و قال في شرحه: الفيج- بالياء-: بمعنى الفوج- بالواو- و هو الجماعة، و إنّما وصفهم النبيّ صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم بالفوج ثمّ تبرّأ منهم لانحرافهم عن الجادّة و السبيل التي جاء بها عليه الصلاة و السلام. و قال ابن الأثير: الفوج: الجماعة من الناس، و الفيج مثله، و هو مخفّف من الفيّج، و أصله الواو، يقال: فاج يفوج فهو فيّج. أقول: قال ابن الأثير في النهاية مادّة (ثبج): «فيه: خيار أمّتي أوّلها و آخرها، و بين ذلك ثبج أعوج ليس منك و لست منه»، الثبج: الوسط و ما بين الكاهل الى الظهر. و قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ص 115 بعد ذكر هذا الحديث: و الثبج: الوسط، [و قد جاءت في هذا آثار، منها: أنّه ذكر آخر الزمان فقال: «المتمسّك منهم يومئذ بدينه كالقابض على الجمر»، «إنّ الشهيد منهم يومئذ كشهيد بدر»، و في حديث آخر أنه سئل عن الغرباء فقال: «الذين يحيون ما أمات الناس من سنّتي»]، و في لسان العرب مادّة (ثبج): «ثبج كلّ شي ء: معظمه و وسطه و أعلاه، و الجمع أثباج و ثبوج، ثمّ ذكر الحديث كما في النهاية. و على كلتا النسختين (ثبج و فيج) الحديث يدلّ على مدح الامّة في أوّلها و في آخرها، و هو عصر ظهور الدولة العالميّة المهدويّة التي ينزل فيها عيسى و يعيش بينهم و يصلّي بإمامهم المهدي عليه السلام، كما يدلّ على ذمّ ما بين ذلك و اعوجاج الجماعة و الأكثريّة؛ و ذلك لغلبة الملوك أو المتسمّين أنفسهم بالخلفاء، و استيلائهم على الحكومة و النظام من غير أن يأذن الله لهم و يرضى، و غير الجماعة و الأكثريّة هم الذين ينتظرون ظهور أمر الله، و إقامة دولة الحقّ بظهور خليفة الله المهدي عليه السلام، فلا يصوّبون ما يصدر من الحكّام جورا و عدوانا على الناس، و لا يعينونهم على المظالم و المآثم، و لا يتقرّبون إليهم بما يغضب الله تعالى و يرضيهم، و ليس هم إلّا أتباع أئمّة أهل البيت عليهم السلام، الذين عملت سياسات هؤلاء الحكّام لإخفاء أمرهم و فضائلهم و ما اختصّهم الله به، و لإبادة هداهم و هدى شيعتهم، فالثبج الأعوج، و الفيج الأعوج الأكثرية التي تركت منهاج أهل البيت و التمسّك بهم، و خالفت أحاديث الثقلين المتواترة، و أحاديث السفينة، و أحاديث الأمان و غيرها. قال علي القاري في المرقاة: ج 5 ص 658: و يسمّى مثل هذا السند سلسلة الذهب. المشكاة: ج 3 ص 293، ينابيع المودّة: ص 489، العمدة: ج 2 ص 224 ف ما جاء في المهدي عليه السلام من متون الصحاح الستّة عن الجمع بين الصحاح الستّة لرزين العبدري.
4- . ينابيع المودّة: ص 490.

اطّلاعة فاختار منهم أباك فبعثه رسولا، ثمّ اطّلع ثانية فاختار منهم بعلك، فأمرني أن ازوّجك منه فزوّجتك منه، و هو أعظم المسلمين حلما، و أكثرهم علما، و أقدمهم إسلاما، إنّا أهل بيت أعطانا الله سبع خصال لم يعطها من الأوّلين، و لم يدركها أحد من الآخرين: نبيّنا خير الأنبياء و هو أبوك، و وصيّنا خير الأوصياء و هو بعلك، و شهيدنا خير الشهداء و هو عمّ أبيك حمزة، و منّا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء و هو جعفر، و منّا سبطا هذه الامّة و هما ابناك، و منّا مهديّ هذه الامّة.

قال أبو هارون العبدي: لقيت وهب بن منبّه أيّام الموسم فعرضت عليه هذا الحديث، فقال: إنّ موسى لمّا فتن قومه و اتّخذوا العجل إلها فكبر على موسى، قال الله: يا موسى، من كان قبلك من الأنبياء افتتن قومه، و إنّ أمّة أحمد أيضا ستصيبهم فتنة عظيمة من بعده حتّى يلعن بعضهم بعضا، ثمّ يصلح الله أمرهم برجل من ذرّيّة أحمد و هو المهدي.

396-(1)-

الاستيعاب: روى [جابر الصدفي] عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم أنّه قال: يكون بعدي خلفاء، و بعد الخلفاء امراء، و بعد الامراء ملوك، و بعد الملوك جبابرة، و بعد الجبابرة يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا.رواه ابن لهيعة، عن ابن ابنه عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي، عن أبيه، عن جدّه، عن النبي صلّى الله عليه [و آله] و سلّم.

397-(2)-

البيان في أخبار صاحب الزمان: الحافظ أبو الحسن محمّد بن أبي جعفر القرطبي و غيره بدمشق، و المفتي صقر بن يحيى بن صقر الشافعي و غيره بحلب، قالوا جميعا: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي، و

ص: 56


1- . الاستيعاب: ج 1 ص 223، الإصابة: ج 1 ص 216 ح 1037 مختصرا، اسد الغابة: ج 1 ص 260 و متنه هكذا: «سيكون بعدي خلفاء، و من بعد الخلفاء امراء، و من بعد الامراء ملوك جبابرة، ثمّ يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، و يؤمر بعده القحطاني، فو الذي نفسي بيده ما هو دونه»، عقد الدرر: ص 19 ب 1 مثل اسد الغابة إلّا أنّه قال: «ثمّ يخرج المهدي من أهل بيتي»، و قال: «ثمّ يؤمر»، قال: رواه الحافظ أبو نعيم في فوائده، و أخرجه الطبراني في معجمه. أقول: لا يخفى عليك غرابة صدر حديث الاستيعاب و اسد الغابة، و قريب منه في الغرابة ذيل حديث اسد الغابة بل و شذوذهما، فلا يعتمد عليهما، و الاعتماد على قوله: «يخرج المهدي من أهل بيتي، أو رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا» الذي له شواهد كثيرة متواترة. كنز العمّال: ج 14 ص 265 ح 38667.
2- . البيان في أخبار صاحب الزمان: ص 129 ب 13 قال: هذا حديث حسن رزقناه عاليا بحمد الله، فمعنى قوله صلّى الله عليه و آله و سلّم: «خلقه خلقي» من أحسن الكنايات عن انتقام المهدي عليه السلام من الكفّار لدين الله كما كان النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم، و قد قال الله تعالى لنبيّه: (وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ). و قال الأربلي في كشف الغمّة ج 2 ص 486: العجب من قوله: «من أحسن الكنايات ... إلى آخر كلامه»، و من أين يحجر على الخلق فجعله مقصورا على الانتقام فقط، و هو عامّ في جميع أخلاق النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم من كرمه و شرفه و علمه و حلمه و شجاعته و غير ذلك من أخلاقه التي عدّدتها صدر هذا الكتاب، و أعجب من قوله ذكره الآية دليلا على ما قرّره. فرائد السمطين: ج 2 ص 325 و 326، عقد الدرر: ص 31 و 32 ب 2 عن أبي الحسن الربعي المالكي إلّا أنّه قال: «فتوح»، و قال: «على وجه الأرض»، الغدير: ج 7 ص 126 نقله عن ذخائر العقبى: ص 126 و لفظه: «لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث رجلا من ولدي اسمه كاسمي، فقال سلمان: من أيّ ولدك يا رسول الله؟ قال: من ولدي هذا و ضرب بيده على الحسين عليه السلام».

أخبرنا أبو عليّ الحسن بن أحمد بن الحسن، أخبرنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله، عن محمّد بن زكريّا الغلّابي، حدّثنا العبّاس بن بكّار، حدّثنا عبد الله، عن الأعمش، عن زرّ بن حبيش، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لبعث الله فيه رجلا اسمه اسمي، و خلقه خلقي، يكنّى أبا عبد الله، يبايع له الناس بين الركن و المقام، يردّ الله به الدين و يفتح له فتوحا، فلا يبقى على ظهر الأرض إلّا من يقول: لا إله إلّا الله، فقام سلمان فقال: يا رسول الله، من أيّ ولدك؟ قال: هو من ولد ابني هذا، و ضرب بيده على الحسين.

398-(1)- السنن الواردة في الفتن: حدّثنا حمزة بن عليّ، حدّثنا عبد الله بن محمّد، حدّثنا أبو خليفة، حدّثنا مسدّد، حدّثنا ابن شهاب، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لو لم يبق من الدنيا إلّا ليلة يملك فيها رجل من أهل بيتي.

399-(2)-

فردوس الأخبار: عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: الجنّة تشتاق إلى أربعة من أهلي، قد أحبّهم الله و أمرني بحبّهم: عليّ بن أبي طالب، و الحسن، و الحسين، و المهديّ صلّى الله عليهم الذي يصلّي خلفه عيسى بن مريم.

ص: 57


1- . السنن الواردة في الفتن: ج 5 ب ما جاء في المهدي ح 26، عقد الدرر: ص 18 ب 1 قال: أخرجه الحافظ أبو نعيم في (صفة المهدي) و في ص 20 و قال: أخرجه الإمام أبو عمرو المقري في سننه، موارد الظمآن: ص 463 ب ما جاء في المهدي ح 1876، كنز العمّال: ج 14 ص 269 ح 38684 إلّا أنّه قال: «لطوّل الله تعالى تلك الليلة حتّى يلي رجل من أهل بيتي»، منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 31، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 123 أخرجه عن الحسن بن سفيان و أبي نعيم. و أمّا الحسن بن سفيان فهو الحسن بن سفيان بن عامر النسوي، صاحب «المسند الكبير» و «الأربعين»، و المتوفّى سنة (303 ه) كما في تذكرة الحفّاظ، أو الفسوي و المتوفّى سنة (353 ه) كما في اللسان. و الظاهر أنّه النسوي، و أنّ الفسوي من غلظ النسّاخ. البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 92 ب 2 ح 13 عن الحسن بن سفيان و أبي نعيم.
2- . كشف اليقين: ص 117، كشف الغمّة: ج 1 ص 2 عن كتاب الآل لابن خالويه، إثبات الهداة: ج 7 ص 182 ب 32 ف 2 ح 7.

400-(1)-

المعجم الكبير: حدّثنا الحسن بن عليّ المعمري، حدّثنا عبد الغفّار بن عبد الله الموصلي، حدّثنا عليّ بن مسهر، عن أبي إسحاق الشيباني، عن عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لا تذهب الليالي و الأيّام حتّى يملك رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي.

و في حديث آخر زاد: يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

401-(2)- المعجم الكبير: حدّثنا معاذ بن المثنّى، حدّثنا مسدّد، حدّثنا أبو شهاب محمّد بن إبراهيم الكناني، حدّثنا عاصم بن بهدلة، عن زرّ، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لو لم يبق من الدنيا إلّا ليلة لملك فيها رجل من أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم.

402-(3)-

المعجم الكبير: حدّثنا أحمد بن محمّد الجمّال الاصفهاني، حدّثنا إبراهيم بن عامر بن إبراهيم، حدّثنا أبي، عن يعقوب القمّي، عن سعد بن الحسين، عن أبي بكر بن عيّاش، عن عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: يلي أمر هذه الامّة في آخر زمانها رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي.

403-(4)-

العرف الوردي: قال: أخرج أبو نعيم و الحاكم، عن أبي سعيد: أنّ رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: يخرج المهديّ في أمّتي، يبعثه الله غياثا للناس، تنعم الامّة، و تعيش الماشية، و تخرج الأرض نباتها، و يعطي المال صحاحا.

ص: 58


1- . المعجم الكبير: ج 10 ح 10215 و ح 10219، السنن الواردة في الفتن: ج 5 ص 96 ب ما جاء في المهدي ح 16 إلّا أنّه قال: «لا تذهب»، تذكرة الحفّاظ: ج 2 ط 8 ع 502 8/ 84 ص 487، إلّا أنّه قال: «لا تذهب الأيّام و الليالي حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي».
2- . المعجم الكبير: ج 10 ح 10216، موارد الظمآن الى زوائد ابن حبّان: ب ما جاء في المهدي ص 464 ح 1877 إلّا أنّه قال: «لملك فيها رجل من أهل بيتي»، العرف الوردي ضمن مجموعة الحاوي للفتاوي: ج 2 ص 125، كنز العمّال: ج 14 ص 269 ح 38683 إلّا أنّه قال: «رجل من أهل بيتي».
3- . المعجم الكبير: ج 10 ح 10227. أقول: أخرج الطبراني بإسناده روايات كثيرة عن ابن مسعود عن النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم، و إليك رقم كلّ واحد من هذه الأحاديث: ح 10213 الى 10230. ذكر أخبار أصفهان: ج 1 ص 329.
4- . العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 132، فرائد السمطين: ج 2 ص 317 ب 61 إلّا أنّه قال: «يبعثه الله عيانا تنعم به الامّة».

404-(1)-

الفتن: قال الوليد، عن أبي رافع اسماعيل بن رافع، عمّن حدّثه، عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: تأوي إليه (يعني إلى المهديّ) امّته كما تأوي النحلة إلى يعسوبها، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، حتّى يكون الناس على مثل أمرهم الأوّل، لا يوقظ نائما، و لا يهريق دما.

405-(2)- كنز العمّال: يخرج في آخر أمّتي المهديّ، يسقيه الله الغيث، و تخرج الأرض نباتها، و يعطي المال صحاحا، و تكثر الماشية، و تعظم الامّة، يعيش سبعا أو ثمانيا [ك- عن ابن مسعود].

406-(3)-

ذكر أخبار أصبهان: حدّثنا محمّد بن الفضل بن قديد، حدّثنا الحسن بن يوسف بن سعيد المصري، حدّثنا محمّد بن يحيى بن مطر المخرمي، حدّثنا داود بن المحبّر، حدّثنا أبي المحبّر بن قحذم، عن أبيه قحذم بن سليمان، عن معاوية بن قرّة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لتملأنّ الأرض جورا و ظلما، فاذا ملئت جورا و ظلما بعث الله رجلا منّي، اسمه اسمي، فيملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

407-(4)-

الروضة من الكافي: الحسين بن محمد الأشعري، عن معلّى بن محمد، عن الوشاء، عن أبي بصير، عن أحمد بن عمر قال:

قال أبو جعفر عليه السلام و أتاه رجل فقال له: إنّكم أهل بيت رحمة، اختصّكم الله تبارك و تعالى بها، فقال له: كذلك نحن و الحمد لله لا ندخل أحدا في ضلالة و لا نخرجه من هدى، إن الدنيا لا تذهب حتّى يبعث الله عز و جل رجلا منّا أهل البيت يعمل بكتاب الله، لا يرى فيكم منكرا إلّا أنكره.

408-(5)-

المعجم الأوسط: عن طلحة بن عبد الله، عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: و ستكون فتنة لا يسكن منها جانب إلّا تشاجر جانب حتّى ينادي مناد من السماء: إنّ أميركم فلان.

أقول: إبهامه لعدم تصريحه بالمهدي عليه السلام غير مضرّ بالمقصود؛ لأنّ ما مضى و ما يأتي من الأخبار الكثيرة يفسّره و يرفع إبهامه.

و قال في إبراز الوهم المكنون: و قد وجدت لحديثه- يعني حديث طلحة- شاهدا.

ص: 59


1- . الفتن: ص 192 و 193، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 153 عن نعيم إلّا أنّه قال: «النحل الى يعسوبها»، و أخرجه في البرهان: ص 78 ب 1 ح 19 و لفظه: «يأوي المهدي إلى أمّتي كما تأوي النحل الى بيوتها، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، حتى لا يكون الناس على مثل أمرهم الأوّل، لا يوقظ نائما، و لا يهريق دما».
2- . كنز العمّال: ج 14 ص 273 ح 38700.
3- . ذكر أخبار أصبهان: ج 2 ص 165.
4- . الروضة من الكافي: ص 396 ح 597، الوافي: ج 2 ص 459 ب 52 ح 977- 9 الوقائع التي تكون عند ظهور الإمام عليه السلام.
5- . إبراز الوهم المكنون: ص 561.

قال ابن أبي شيبة: حدّثنا الحسن بن موسى، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن أبي محمّد، عن عاصم بن عمرو البجلي: أنّ أبا امامة قال: لينادينّ باسم رجل من السماء لا ينكره الدليل، و لا يمنع منه الذليل، (ثمّ ذكر شاهدا آخر عن علي عليه السلام، سنذكره إن شاء الله تعالى).

409-(1)- الفتن لنعيم بن حمّاد: حدّثنا عبد الله بن مروان، عن العلاء بن عتبة، عن الحسن: أنّ رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم ذكر بلاء يلقاه أهل بيته حتّى يبعث الله راية من المشرق سوداء، من نصرها نصره الله، و من خذلها خذله الله، حتّى يأتوا رجلا اسمه كاسمي فيولّيه أمرهم، فيؤيّده الله و ينصره.

410-(2)-

الفتن: حدّثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: إنّه سيخرج الكنوز، و يقسّم المال، و يلقي الإسلام بجرانه.

411-(3)-

كنز العمال: عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: خطب عليّ بن أبي طالب، فحمد الله و أثنى عليه (ثمّ ذكر خطبة طويلة فيها:) ألا و إني و أبرار عترتي و أهل بيتي أعلم الناس صغارا، و أحلم الناس كبارا، معنا راية الحقّ، من تقدّمها مرق، و من تخلّف عنها محق، و من لزمها لحق، إنّا أهل الرحمة، و بنا فتحت أبواب الحكمة، و بحكم الله حكمنا، و بعلم الله علمنا، و من صادق سمعنا، فإن تتّبعونا تنجوا، و إن تتولّوا يعذّبكم الله بأيدينا، بنا فكّ الله ربق الذلّ من أعناقكم، و بنا يختم لا بكم، و بنا يلحق التالي، و إلينا يفي ء الغالي، (و فيها:) و بالله لقد علمت تأويل الرسالات، و إنجاز العدات، و تمام الكلمات، و ليكوننّ من يخلفني في أهل بيتي رجل يأمر بالله، قويّ، يحكم بحكم الله، و ذلك بعد زمان مكلح مفضح، يشتدّ فيه البلاء و ينقطع فيه الرجاء، (و فيها بعد ذكر طائفة من الملاحم:) ألا إنّ منّا قائما، عفيفة أحسابه، سادة أصحابه، ينادى عند اصطلام أعداء الله باسمه و اسم أبيه في شهر رمضان ثلاثا، بعد هرج و قتال، و ضنك و خبال، و قيام من البلاء على [ساق]، و إنّي لأعلم إلى من تخرج الأرض ودائعها، و تسلّم إليه خزائنها، و لو شئت أن أضرب برجلي فأقول: أخرجي من هنا بيضا و دروعا، (و فيها:) ليستخلفنّ الله خليفة يثبت على الهدى، و لا يأخذ على حكمه الرشى، إذا دعا

ص: 60


1- . الفتن: ج 4 ص 167 ب 13. أقول: هذه الراية التي يبعث الله بها ليست من رايات بني العبّاس، صرّح به نعيم في عنوان الباب، فقال: الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس و غيره.
2- . الفتن: ج 5 ص 195.
3- . كنز العمّال: ج 14 ص 592- 595 ح 39679. و قال ابن الأثير في النهاية: في حديث عليّ: «إنّ من ورائكم فتنا و بلاء مكلحا مبلحا» أي يكلح الناس لشدّته، و الكلوح: العبوس. منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 34.

دعوات بعيدات المدى، دامغات للمنافقين، فارجات عن المؤمنين، ألا إنّ ذلك كائن على رغم الراغمين، و الحمد لله ربّ العالمين، و صلاته على سيدنا محمد خاتم النبيين.412-(1)- البيان و التبيين: عن أبي عبيدة معمر بن المثنّى، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام، عن آبائه عليهم السلام، عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: ألا إنّ أبرار عترتي، و أطائب أرومتي أحلم الناس صغارا، و أعلم الناس كبارا، ألا و إنّا أهل بيت من علم الله علمنا، و بحكم الله حكمنا، و من قول صادق سمعنا، و إن تتّبعونا تهتدوا ببصائرنا، و إن لم تفعلوا يهلككم الله بأيدينا، و معنا راية الحقّ، من تبعها لحق، و من تأخّر عنها غرق، ألا و إنّ بنا تردّ دبرة كلّ مؤمن، و بنا تخلع ربقة الذلّ من أعناقكم، و بنا غنم، و بنا فتح الله لا بكم، و بنا يختم لا بكم.

و قال ابن أبي الحديد: قال شيخنا أبو عثمان (يعني: الجاحظ) رحمه الله تعالى: و قال أبو عبيدة: و زاد فيها- يعني في الخطبة التي قال في أوّلها: ذمّتي بما أقول رهينة- في رواية جعفر بن محمّد عليهما السلام عن آبائه عليهم السلام: «ألا إنّ أبرار عترتي»، ثمّ ذكر ما نقلناه عن «البيان و التبيين» إلّا أنّه قال: «فإن تتّبعوا آثارنا»، و قال: «ألا و بنا يدرك ترة كلّ مؤمن»، و قال: «عن أعناقكم»، و لم يذكر: «و بنا غنم»، و قال: «و بنا فتح لا بكم و منّا يختم لا بكم».

و قال في شرحه: و قوله في آخرها: «و بنا يختم لا بكم» إشارة الى المهديّ الذي يظهر في آخر الزمان، و أكثر المحدّثين على أنّه من ولد فاطمة عليها السلام، و أصحابنا المعتزلة لا ينكرونه، و قد صرّحوا بذكره في كتبهم، و اعترف به شيوخهم.

413-(2)-

إيضاح الإشكال: عن أبي الزعراء قال: كان عليّ بن أبي طالب يقول: إني و أطائب ارومتي، و أبرار عترتي أحلم الناس صغارا، و أعلم الناس كبارا، بنا ينفي الله الكذب، و بنا يعقر الله أنياب الذئب الكلب، و بنا يفكّ الله عنوتكم، و ينزع ربق أعناقكم، و بنا يفتح الله و يختم.

414-(3)-

شرح نهج البلاغة- الحديدي-: روى قاضي القضاة- رحمه الله تعالى- عن كافي الكفاة أبي القاسم إسماعيل بن عبّاد- رحمه الله- بإسناد متّصل بعليّ عليه السلام أنّه ذكر المهديّ و قال: إنّه من ولد الحسين عليه

ص: 61


1- . البيان و التبيين: ج 2 ص 58، شرح نهج البلاغة: ج 1 ص 276 و 281 خ 16، المسترشد: ص 160 نحوه.
2- . كنز العمّال: ج 13 ص 130 ح 36413، عبقات الأنوار: ج 2 ر 2 ص 68 ح 12 قال: أخرجه الحافظ عبد الغني بن سعيد في «إيضاح الإشكال».
3- . شرح نهج البلاغة: ج 1 ص 281 و 282، ينابيع المودّة: ص 497 و 498.

السلام، و ذكر حليته فقال: رجل أجلى الجبين، أقنى الأنف، ضخم البطن، أذيل الفخذين، أبلج الثنايا، بفخذه اليمنى شامة.

و قال ابن أبي الحديد: و ذكر هذا الحديث بعينه عبد الله بن قتيبة في غريب الحديث.415-(1)- الفتن: حدّثنا الوليد و رشدين، عن ابن لهيعة، عن إسرائيل بن عبّاد، عن ميمون القدّاح، عن أبي الطفيل- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم. و قال أحدهما: عن عليّ رضي الله عنه، عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم. و ابن لهيعة، عن أبي زرعة، عن عمر بن عليّ، عن عليّ، عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: بنا يختم الدين كما بنا فتح، و بنا يستنقذون من الشرك.

و قال أحدهما: من الضلالة، و بنا يؤلّف الله بين قلوبهم بعد عداوة الشرك.

و قال أحدهما: الضلالة و الفتنة.

416-(2)-

الفتن: حدّثنا الوليد، عن ابن لهيعة، و أخبرني عيّاش بن عبّاس، عن ابن زرير، عن عليّ رضي الله عنه، عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: هو رجل من أهل بيتي.

و أخرج بطريق آخر قال: حدّثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحرث بن يزيد، عن ابن زرير الغافقي، سمع عليّا رضي الله عنه يقول:

هو من عترة النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم.

417-(3)-

الفتن: حدّثنا أبو هارون، عن عمرو بن قيس الملائي، عن المنهال بن عمرو، عن زرّ بن حبيش، سمع عليّا رضي الله عنه يقول: المهديّ رجل منّا، من ولد فاطمة رضي الله عنها.

418-(4)-

الفتن: حدّثنا غير واحد، عن ابن عيّاش، قال:

حدّثني سالم، قال: كتب نجدة الى ابن عبّاس يسأله عن المهديّ، قال:

إنّ الله تعالى هدى هذه الامّة بأوّل هذا البيت، و يستنقذها بآخرهم، لا ينتطح فيه عنزان جمّاء(5)

و ذات قرن.

ص: 62


1- . الفتن لنعيم: ج 5 ب 11 ص 198 و 199.
2- . الفتن لنعيم: ج 5 ب 11، ب نسبة المهدي[ عليه السلام] ص 199 و 200.
3- . الفتن لنعيم: ج 5 ب 11 ص 201، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 155.
4- . الفتن: ج 5 ب 11 ص 201.
5- . قال ابن الأثير في النهاية: «الجمّاء: التي لا قرن لها».

419-(1)- صحيح ابن حبّان: عن أمّ سلمة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم في المهديّ: إنّه يقسّم بين المسلمين فيئهم، و يعمل فيهم بسنّة نبيّهم صلّى الله عليه [و آله] و سلّم، و يلقي الإسلام بجرانه الى الأرض، يمكث سبع سنين.

420-(2)-

كنز العمّال: (في حديث عن عليّ عليه السلام طويل عن رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم): يا عليّ بنا فتح الله، و بنا يختمه، بنا أهلك الأوثان و من يعبدها، و بنا يقصم كلّ جبّار و كلّ منافق، حتّى إنّا لنقتل في الحقّ مثل من قتل في الباطل، يا عليّ، إنّما مثل هذه الامّة مثل حديقة اطعم منها فوجا عاما ثمّ فوجا عاما، فلعلّ آخرها فوجا أن يكون أثبتها أصلا، و أحسنها فرعا، و أحلاها جنى، و أكثرها خيرا، و أوسعها عدلا، و أطولها ملكا، يا عليّ، كيف يهلك الله أمّة أنا أوّلها، و مهديّنا أوسطها، و المسيح بن مريم آخرها ... الحديث.

421-(3)-

مروج الذهب: و روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال: إنّ الله حين شاء تقدير الخليقة، و ذرء البريّة، و إبداع المبدعات، نصب الخلق في صور كالهباء قبل دحو الأرض و رفع السماء، و هو في انفراد ملكوته و توحّد جبروته، فأتاح نورا من نوره فلمع، و نزع قبسا من ضيائه فسطع، ثمّ اجتمع النور في وسط تلك الصور الخفيّة، فوافق ذلك صورة نبيّنا محمّد صلّى الله عليه [و آله] و سلّم، فقال الله عزّ من قائل: أنت المختار المنتخب، و عندك مستودع نوري، و كنوز هدايتي، من أجلك أسطح البطحاء، و أمرج الماء، و أرفع السماء، و أجعل الثواب و العقاب و الجنّة و النار، و أنصب أهل بيتك للهداية، و اوتيهم من مكنون علمي ما لا يشكل عليهم دقيق، و لا يعييهم خفيّ، و أجعلهم حجّتي على بريّتي، و المنبّهين على قدرتي و وحدانيّتي، ثمّ أخذ الله الشهادة عليهم بالربوبيّة و الإخلاص بالوحدانيّة، فبعد أخذ ما أخذ شاب ببصائر الخلق انتخاب محمّد و آله، و أراهم أنّ الهداية معه، و النور له، و الإمامة في آله؛ تقديما لسنّة العدل، و ليكون الإعذار متقدّما، ثمّأخفى الله الخليقة في غيبه، و غيّبها في مكنون علمه، ثمّ نصب العوامل، و بسط الزمان، و مرج الماء، و أثار الزبد، و أهاج الدخان، فطفا عرشه على الماء، فسطح الأرض على ظهر الماء، و أخرج من الماء دخانا فجعله السماء، ثمّ استجلبهما

ص: 63


1- . «الإعلام بحكم عيسى عليه السلام» للسيوطي المطبوعة في ضمن المجموعة المسمّاة بالحاوي للفتاوي: ج 2 ص 289. قال في معالم السنن ج 4 ص 344: قال الشيخ: الجران مقدم العنق، و أصله في البعير إذا مدّ عنقه على وجه الأرض، فيقال: ألقى البعير جرانه، و إنّما يفعل ذلك إذا طال مقامه في مناخه، فضرب الجران مثلا للإسلام إذا استقرّ قراره فلم يكن فتنة و لا هيج، و جرت أحكامه على العدل و الاستقامة.
2- . كنز العمّال: ج 16 ص 196 ذيل ح 44216.
3- . مروج الذهب: ج 1 ص 42 و 44، و راجع تذكرة الخواص: ص 128- 130 الباب السادس في المختار من كلام أمير المؤمنين عليه السلام، فإنّه أخرج مثله مع اختلافات يسيرة في اللفظ و المعنى بسنده عن أحمد بن عبد الله الهاشمي عن الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام والد المهدي المنتظر عن الحسين بن علي عن أبيه أمير المؤمنين عليهم السلام.

إلى الطاعة فأذعنتا بالاستجابة، ثمّ أنشأ الله الملائكة من أنوار أبدعها، و أرواح اخترعها، و قرن بتوحيده نبوّة محمّد صلّى الله عليه [و آله] و سلّم، فشهرت في السماء قبل بعثته في الأرض، فلمّا خلق الله آدم أبان فضله للملائكة، و أراهم ما خصّه به من سابق العلم، من حيث عرّفه عند استنبائه إيّاه أسماء الأشياء، فجعل الله آدم محرابا و كعبة و بابا و قبلة، أسجد إليها الأبرار و الروحانيّين الأنوار، ثمّ نبّه آدم على مستودعه، و كشف له عن خطر ما ائتمنه عليه، بعد ما سمّاه إماما عند الملائكة، فكان حظّ آدم من الخير ما أراه من مستودع نورنا، و لم يزل الله تعالى يخبّئ النور تحت الزمان إلى أن فضّل محمّدا صلّى الله عليه [و آله] و سلّم في ظاهر الفترات، فدعا الناس ظاهرا و باطنا، و ندبهم سرّا و إعلانا، و استدعى عليه السلام التنبيه على العهد الذي قدّمه إلى الذرّ قبل النسل، فمن وافقه و اقتبس من مصباح النور المقدّم اهتدى إلى سرّه، و استبان واضح أمره، و من أبلسته الغفلة استحقّ السخط، ثمّ انتقل النور الى غرائزنا، و لمع في أئمّتنا، فنحن أنوار السماء و أنوار الأرض، فبنا النجاة، و منّا مكنون العلم، و إلينا مصير الامور، و بمهديّنا تنقطع الحجج، خاتمة الأئمّة، و منقذ الامّة، و غاية النور، و مصدر الامور، فنحن أفضل المخلوقين، و أشرف الموحّدين، و حجج ربّ العالمين، فليهنأ بالنعمة من تمسّك بولايتنا، و قبض على عروتنا.

فهذا ما روي عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [عليهم السلام] كرّم الله وجهه.

422-(1)-

نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين عليه السلام في الخطبة التي رواها الشريف الرضي- رضوان الله تعالى عليه- عن نوف البكالي، قال: خطبنا بهذه الخطبة بالكوفة أمير المؤمنين عليه السلام و هو قائم على حجارة نصبها له جعدة بن هبيرة المخزومي، و عليه مدرعة من صوف، و حمائل سيفه ليف، و في رجليه نعلان من ليف، و كأنّ جبينه ثفنة بعير، فقال عليه السلام (و الخطبة طويلة، لا تجد مثلها إلّا في كلامه أو كلام ابن عمّه رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، ذكرها بطولها الرضيّ في نهج البلاغة ... و يسوق الكلام الى قوله عليه السلام): قد لبس للحكمة جنّتها، و أخذها بجميع أدبها، من الإقبال عليها، و المعرفة بها، و التفرّغ لها، فهي عند نفسه ضالّته التي يطلبها، وحاجته التي يسأل عنها، فهو مغترب إذا اغترب الإسلام و ضرب بعسيب ذنبه، و ألصق الأرض بجرانه، بقيّة من بقايا حجّته، خليفة من خلائف أنبيائه.

قال ابن أبي الحديد في شرحه: هذا الكلام فسّره كلّ طائفة على حسب اعتقادها، فالشيعة الإماميّة تزعم أنّ المراد به المهديّ المنتظر عندهم ... (الى أن قال): و ليس ببعيد عندي أن يريد به القائم من آل محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم في آخر الوقت.

ص: 64


1- . نهج البلاغة: ج 2 ص 129 خ 177، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 10 ص 96 خ 183.

423-(1)-

ينابيع المودّة: عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام في منظومته من غير ديوانه (ثمّ ذكر المنظومة) و فيها في شأن المهديّ عليه السلام:

فلله درّه من إمام سميدع *** يذلّ جيوش المشركين بصارم

و يظهر هذا الدين في كلّ بقعة *** و يرغم أنف المشركين الغواشم

ينقّي بساط الأرض من كلّ آفة *** و يرغم فيها كلّ أنف غاشم

و ينشر بسط العدل شرقا و مغربا *** و ينصر دين الله راسي الدعائم

(إلى أن قال:)

و ما قلت هذا القول فخرا و إنّما *** قد أخبرني المختار من آل هاشم

424-(2)-

الديوان:

حسين إذا كنت في بلدة *** غريبا فعاشر بآدابها

كأني بنفسي و أعقابها *** و بالكربلاء و محرابها

فتخضب منا اللحى بالدماء *** خضاب العروس بأثوابها

أراها و لم يك رأي العيان *** و اوتيت مفتاح أبوابها

مصائب تأباك من أن تردّ *** فأعدد لها قبل منتابها

سقى الله قائمنا صاحب *** القيامة و الناس في دابها

ص: 65


1- . ينابيع المودّة: ص 438 و 439 ب 74.
2- . ينابيع المودّة: ص 438 ب 74، شرح الديوان: حرف الباء: ص 166. أقول: الديوان، يقال على مجموعة فيها من الأشعار المنسوبة الى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، طبعت عدّة مرّات، من شروحها: شرح الحسين بن معين الدين الميبدي الحكيم الصوفي (ت 870 ه) من أهل السنّة، قال في شرحه: و قائمنا: أي القائم بأمر الدين منّا و هو المهدي الموعود، و قد مرّ ذكره في الفاتحة السابعة. و قال بالفارسية ما ترجمته: إطلاق صاحب القيامة على المهدي يكون باعتبار قيام الساعة بعد انقضاء خلافته، ثمّ ذكر وجها آخر لكون المراد من القيامة يوم قيامه و ظهوره، و هو أنّ وقت ظهوره يبرز البواطن و تظهر الحقائق، فيكون (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ). أقول: الأظهر أنّ المراد من القيامة يوم قيامه؛ لإعلاء كلمة الإسلام، و إظهار الحقّ، و إملاء الأرض بالعدل و القسط.

هو المدرك الثأر لي يا حسين *** بل لك فاصبر لأتعابها

425-(1)-

بني إذا جاشت الترك *** فانتظر ولاية مهديّ يقوم فيعدل

و ذلّ ملوك الأرض من آل هاشم *** و بويع فيهم من يلذّ و يهزل

صبيّ من الصّبيان لا رأي عنده *** و لا عنده جدّ و لا هو يعقل

فثمّ يقوم القائم الحقّ منكم *** و بالحق يأتيكم و بالحق يعمل

سميّ نبي الله روحي فداؤه *** فلا تخذلوه يا بنيّ و عجّلوا

426-(2)- الدرّ المنظّم: عن أمير المؤمنين عليه السلام: يظهر صاحب الراية المحمّديّة، و الدولة الأحمديّة، القائم بالسيف و الحان (كذا)، الصادق في المقال، يمهّد الأرض، و يحيي السنّة و الفرض.

427-(3)-

المصنّف: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم التّيمي، عن الحارث بن سويد، عن عليّ [عليه السلام] قال:

ص: 66


1- . الديوان: حرف اللام ص 371.
2- . ينابيع المودّة: ص 406 ب 68.
3- . المصنّف لابن أبي شيبة: ج 15 ص 23 ك الفتن ح 19000. الفتن: ج 5 ص 210 لفظه: حدثنا أبو معاوية و أبو اسامة و يحيى بن اليمان، عن الأعمش، عن إبراهيم التّيمي، عن أبيه، عن عليّ[ عليه السلام]- رضي الله عنه- قال: «ينقص الدين حتّى لا يقول أحد لا إله إلّا الله، و قال بعضهم: حتّى لا يقال: الله الله، ثمّ يضرب يعسوب الدين بذنبه، ثمّ يبعث الله قوما قزعا كقزع الخريف، إنّي لأعرف اسم أميرهم و مناخ ركابهم»، كنز العمّال: ج 14 ص 557 ح 39591 مثل ما في المصنّف إلّا أنّه قال: «ينتقص»، منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 19 و 20، راجع الملاحم و الفتن: ص 176 ب 37 ف 3 و ص 80 ب 181 ف 1، نهج البلاغة: خ 258 و قال ابن أبي الحديد في شرحه: هذا الخبر من أخبار الملاحم التي كان يخبر بها عليه السلام، و هو يذكر فيها المهدي. و قال الشريف الرضي- قدّس سرّه-: يعسوب الدين: السيّد العظيم، المالك لامور الناس يومئذ. و القزع: قطع الغيم التي لا ماء فيها. و قال ابن أبي الحديد: لا يشترط فيها أن تكون خالية من الماء، بل القزع: قطع من السحاب رقيقة، سواء كان فيها ماء أو لم يكن ... الخ. و قال ابن الأثير في النهاية: و منه حديث علي[ عليه السلام]: «فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف» أي قطع السحاب المتفرّقة، و إنّما خصّ الخريف لأنّه أوّل الشتاء، و السحاب يكون فيه متفرّقا غير متراكم و لا مطبق، ثمّ يجتمع بعضه الى بعض بعد ذلك.

ينقص الإسلام حتّى لا يقال: الله الله، فإذا فعل ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه، فإذا فعل ذلك بعث قوم يجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف، و الله إنّي لأعرف اسم أميرهم و مناخ ركابهم.

428-(1)-

عقد الدرر: عن أبي وائل، قال: نظر عليّ إلى الحسين عليهما السلام فقال: إنّ ابني هذا سيّد كما سمّاه رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم، سيخرج من صلبه رجل باسم نبيّكم، يخرج علىحين غفلة من الناس، و إماتة الحقّ، و إظهار الجور، و يفرح بخروجه أهل السماء و سكّانها، و هو رجل أجلى الجبين، أقنى الأنف، ضخم البطن، أذيل الفخذين، بفخذه الأيمن شامة، أفلج الثنايا، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما و جورا.

429-(2)-

الملاحم و الفتن: أخرج حديثا طويلا في حوار ابن عبّاس و معاوية، و فيه ممّا ردّ ابن عبّاس على معاوية:

و أمّا قولك: إنّ الخلافة و النبوّة لم يجتمعا لأحد، فأين قول الله عزّ و جلّ: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً(3)، فالكتاب: النبوّة، و الحكمة: السنّة، و الملك: الخلافة، نحن آل إبراهيم أمر الله فيهم و فينا واحد، و السنّة فينا و فيهم جارية.

ص: 67


1- . عقد الدرر: ب 3 ص 38، و ب 1 ص 23 و 24 مختصرا. أقول: في النسخة المطبوعة من عقد الدرر: ص 23 ذكر «نظر عليّ الى الحسن»، و قال محقّق الكتاب: في الأصل «س»: «الحسين» خطأ. و لا يخفى عليك أنّ كلام المحقّق خطأ، و كان عليه أن يثبت ما في الأصل، فإن المذكور في أقدم ما بأيدينا و رأينا من النسخ- و هي النسخة الموجودة في المكتبة الرضويّة (كتابخانه آستان قدس برقم 1752) و عليها كتابة تملّك تاريخها سنة (942 ه)، و هي غير نسخة (ق) التي اعتمد المحقّق عليها، و هي أيضا موجودة في المكتبة الرضوية برقم 1751 و تاريخ كتابتها سنة (953 ه)- «الحسين» في حديث أبي وائل، و في حديث أبي إسحاق الذي أخرجه بعد هذا الحديث ص 39، و على ذلك أقدم النسخ من هذا الكتاب نسختان: إحداهما: نسخة تاريخ كتابتها سنة عشر و تسعمائة (910 ه) و هي نسخة مكتبة برلين برقم 2723، و هي النسخة التي جعلها المحقّق الأصل، و مع ذلك يعدل عنها الى النسخة الاخرى إذا لم توافق رأيه، و الثانية: نسخة المكتبة الرضوية برقم 185/ 1752 المحتمل كونها أقدم من نسخة برلين، و الثابت فيها: «الحسين». و يظهر من كتاب «المهدي»: أنّ الثابت في النسخة الموجودة عند سيّدنا الصدر- قدّس سرّه- كان أيضا: «الحسين». و يؤيّد صحّة ما فيه «الحسين» من النسخ الأحاديث الكثيرة المتواترة التي أخرجناها في هذا الكتاب و غيرها ممّا رويت طائفة منها عن طريق العامّة، منها: حديث تسليم الحسني الأمر الى المهديّ، يقول له: «يا بن عمّ هي لك»، و في هذا الحديث إنّه من ولد فاطمة و من ولد الحسين، ألا فمن تولّى غيره لعنه الله. راجع عقد الدرر: ب 4 ف 2 ص 90 و 99 و 137 و 138، و البرهان: ص 76 و 77 ب 1 ح 15.
2- . الملاحم و الفتن: في الباب السابع و العشرين ص 116 و 117، و أخرجه عن كتاب «عيون أخبار بني هاشم» لابن جرير الطبري صاحب التاريخ.
3- . النساء: 54.

و أمّا قولك: إنّ حجّتنا مشبّهة، فهي و الله أضوأ من الشمس، و أنور من القمر، و إنّك لتعلم ذلك، و لكن ثنى عطفك و صعر خدّك، قتلنا أخاك و جدّك و عمّك و خالك، فلا تبك على عظام حائلة، و أرواح زائلة في الهاوية، و لا تغضبنّ لدماء أحلّها الشرك، و وضعها الإسلام.و أمّا قولك: إنّا زعمنا أن لنا ملكا مهديّا، فالزعم في كتاب الله شكّ، قال الله سبحانه و تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَ (1) فكلّ يشهد أنّ لنا ملكا لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد ملّكه الله فيه، و إنّ لنا مهديّا لو لم يبق إلّا يوم واحد لبعثه لأمره، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما ... الحديث. و فيه التصريح على نزول عيسى، و صلاته خلفه.

430-(2)-

الملاحم و الفتن: في الباب الثامن و العشرين، فيما ذكره أيضا من كتاب محمّد بن جرير الطبري الذي سمّاه «عيون أخبار بني هاشم» في مناظرة ابن عبّاس لمعاوية في إثبات أمر المهديّ، فقال ابن عبّاس لمعاوية ما هذا لفظه:

أقول: إنّه ليس حيّ من قريش يفخرون بأمر إلّا و إلى جانبهم من يشركهم فيه، إلّا بني هاشم فإنّهم يفخرون بالنبوّة التي لا يشاركون فيها، و لا يساوون بها، و لا يدافعون عنها، و أشهد أنّ الله تبارك و تعالى لم يجعل من قريش محمّدا إلّا و قريش خير البريّة، و لم يجعله من بني هاشم إلّا و هاشم خير من (3)

قريش، و لم يجعله من بني عبد المطّلب إلّا و هم خير بني هاشم، و لسنا نفخر عليكم إلّا بما تفخرون به على العرب، و هذه أمّة مرحومة، فمنها نبيّها و مهديّها، و مهديّ آخرها، لأنّ بنا فتح الأمر و بنا يختم، و لكن [لكم- ظ] ملك معجّل و لنا ملك مؤجّل، فإن يكن ملككم قبل ملكنا فليس بعد ملكنا ملك، لأنّا أهل العاقبة، و العاقبة للمتّقين.

431-(4)-

السنن الواردة في الفتن: حدّثنا عبد الرحمن بن عثمان، حدّثنا قاسم، حدّثنا ابن أبي خيثمة، حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدّثنا القاسم بن الفضل، حدّثني ابن عمير المهجري، عن أبي الصدّيق قال: قال أبو سعيد الخدري و هو قاعد في أصل منبر النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم و له حنين، قلت: ما يبكيك؟ قال: تذكّرت النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم و مقعده على هذا المنبر، قال: إنّ من أهل بيتي الأقنى الأجلى يأتي الأرض و قد ملئت ظلما و جورا فيملأها قسطا و عدلا، يعيش هكذا، و أومأ بيده سبعا أو تسعا.

ص: 68


1- . التغابن: 7.
2- . الملاحم و الفتن: ص 117 و 118 ف 2.
3- . كذا، و الظاهر زيادة «من».
4- . السنن الواردة في الفتن: ج 5 باب ما جاء في المهدي ح 4.

432-(1)- الاحتجاج: في حديث طويل رواه بإسناده عن سيف ابن عميرة، و صالح بن عقبة جميعا، عن قيس بن سمعان، عن علقمة ابن محمّد الحضرمي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام، عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم في خطبته الطويلة في غدير خمّ:

معاشر الناس، النور من الله عزّ و جلّ فيّ مسلوك، ثمّ في عليّ، ثمّ في النسل منه إلى القائم المهديّ الّذي يأخذ بحقّ الله و بكلّ حقّ هو لنا ...

إلى أن قال بعد التنصيصات الكثيرة على ولاية عليّ و الأئمّة من ولده عليهم السلام: معاشر الناس، إنّي نبيّ، و عليّ وصيّ، ألا إنّ خاتم الأئمّة منّا القائم المهديّ، ألا إنّه الظاهر على الدين، ألا إنّه المنتقم من الظالمين، ألا إنّه فاتح الحصون و هادمها، ألا إنّه قاتل كلّ قبيلة من أهل الشرك، ألا إنّه مدرك بكلّ ثأر لأولياء الله، ألا إنّه الناصر لدين الله، ألا إنّه الغرّاف في بحر عميق، ألا إنّه يسم كلّ ذي فضل بفضله و كلّ ذي جهل بجهله، ألا إنّه خيرة الله و مختاره، ألا إنّه وارث كلّ علم و المحيط به، ألا إنّه المخبر عن ربّه عزّ و جلّ و المنبّه بأمر إيمانه، ألا إنّه الرشيد السديد، ألا إنّه المفوّض إليه، ألا إنّه قد بشّر به من سلف بين يديه، ألا إنّه الباقي حجّة و لا حجّة بعده و لا حقّ إلّا معه و لا نور إلّا عنده، ألا انّه لا غالب له و لا منصور عليه.

433-(2)-

البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان: عن محمّد بن الحنفيّة- رضي الله عنه- قال: كنّا عند عليّ عليه السلام فسأله رجل عن المهديّ، فقال: هيهات هيهات، ثمّ عقد بيده تسعا، فقال: ذلك يخرج في آخر الزمان،

ص: 69


1- . الاحتجاج: ص 66- 84 «احتجاج النبيّ يوم الغدير».
2- . البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 144 ب 6 ح 8 من النسخة المطبوعة عن نسخة الحرم المكّي التي فرغ كاتبها أحمد بن الحسن الرشيدي سنة (1272 ه)، و عن النسخة المخطوطة التي استنسخها الشريف السيّد محمّد باقر السبزواري من النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة الحرم الشريف النبوي، و في مكتبة الجامع (مسجد أعظم) الذي بناه و شيّده سيّدنا الاستاذ آية الله البروجردي- جزاه الله عن الإسلام و المسلمين خير الجزاء- نسخة مخطوطة ثالثة. و أخرجه في كشف الأستار: ف 2 ص 164، و قال: أخرجه الحافظ أبو عبد الله الحاكم في مستدركه، و قال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري و مسلم و لم يخرّجاه، إلّا أنّه قال: «إذا قال الرجل: الله، قتل، فيجمع الله تعالى قزعا كقزع السحاب، يؤلّف الله بين قلوبهم، لا يستوفون إلى أحد، و لا يعرفون بأحد، على عدّة أصحاب بدر». ثمّ قال مؤلّف كشف الأستار: و لا يخفى أنّ قوله: «ذلك يخرج في آخر الزمان» يدلّ على أنّه عليه السلام عقد بيده تسعا عدد الأسماء التسعة من ولد الحسين عليه السلام، فلمّا بلغ الى الحجّة بن الحسن عليهما السلام قال: ذلك يخرج في آخر الزمان و هو نصّ منه على أنّ المهدي عليه السلام التاسع من ولد الحسين عليه السلام، فليتذكّر. أقول: هذا تفسير مقبول لا بأس به، و الثابت في النسخة المطبوعة من المستدرك و تلخيصه: ج 4 ص 554، و كذا في عقد الدرر: ص 59 ب 4 ف 1 و ص 131 ب 5: «سبعا» بدل «تسعا» إلّا أنّك لا تجد محملا مقبولا له، فيجب ردّ علمه الى أهله، و على تلك النسخ يشكل فهم معنى الحديث، و يمكن حمله على بيان سني ملكه و سلطانه، إلّا أنّ المترجّح- بالنظر- صحّة النسخ المخطوطة الثلاث الموجودة من البرهان، و النسخة المخطوطة من المستدرك التي أخرج الحديث عنها مصنّف «كشف الأستار»، و الله أعلم. و ممّا يؤيّد ذلك ما ذكره بعض علماء أهل السنّة، و هو محمّد بن پاينده الساوي في رسالته التي النسخة المخطوطة منها تاريخ كتابتها (979 ه) و هي ملحقة بكتاب البرهان، قال محمّد بن پاينده: رأيت في كتب التواريخ: أنّ يوما جاء محمّد بن الحنفيّة عند علي عليه السلام سأل عنه: متى ظهور المهدي؟ فقال: هيهات، ثمّ عقد بيده تسعا و قال: في آخر الزمان.

إذا قيل للرجل: الله الله، قيل [قتل- ظ]، فيجمع الله له قوما قزعا كقزع السحاب، يؤلّف بين قلوبهم، لا يستوحشون على أحد، و لا يفرحون بأحد دخل فيهم، على عدّة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأوّلون، و لا يدركهم الآخرون، و على عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا النهر معه.

434-(1)-

عقد الدرر: عن سالم الأشلّ قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام يقول: نظر موسى عليه السلام في السفر [الأوّل- خ] إلى ما يعطى قائم آل محمّد صلّى الله عليه [و آله] و سلّم، فقال موسى: ربّ اجعلني قائم آل محمّد، فقيل له: إنّ ذلك من ذرّيّة أحمد، فنظر في السفر الثاني فوجد فيه مثل ذلك، فقال مثل ذلك، فقيل له مثل ذلك، ثمّ نظر في السفر الثالث فرأى مثله، فقال مثله، فقيل له مثله.

435-(2)-

مسند أبي يعلى: حدّثنا أبو بكر بن أبي النصر، حدّثنا أبو النضر قال: حدّثني المرجّى بن رجاء اليشكري، حدّثنا عيسى بن هلال، عن بشير بن نهيك، قال: سمعت أبا هريرة يقول: حدّثني خليلي أبو القاسم صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: لا تقوم الساعة حتّى يخرج عليهم رجل من أهل بيتي فيضربهم حتّى يرجعوا إلى الحقّ، قال: قلت:

و كم يكون؟ قال: خمس و اثنين، قال: قلت: و ما خمس و اثنين؟ قال:لا أدري.

ص: 70


1- . عقد الدرر: ص 26 ب 1.
2- . مسند أبي يعلى: ج 12 ص 19 ح 825 (6665)، مجمع الزوائد: ج 7 ص 315 ب ما جاء في المهدي عليه السلام، المطالب العالية: ج 4 ص 343 ق 4554، المقدّمة لابن خلدون: ص 379، إبراز الوهم المكنون: ص 557، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 131 الى قوله «خمسا و اثنين». أقول: الظاهر أنّ قوله: «و ما خمس و اثنين» سؤال راوي الحديث عن أبي هريرة أو غيره ممّن روى الحديث في الطبقات المتتالية، بل لا يبعد كون قوله: «إلى الحقّ» تمام الحديث، و كان السؤالان من بعض الرواة عن البعض، و الله أعلم.

436-(1)-

كنز العمّال: عن عديّ بن حاتم، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: إنّه لا تقوم الساعة حتّى يفتح القصر الأبيض الّذي في المدائن، و لا تقوم الساعة حتّى تسير الظعينة من الحجاز إلى العراق آمنة لا تخاف شيئا- فقد رأيتهما جميعا- و لا تقوم الساعة حتّى يكون على الناس إمام يحثي المال حثيا (ابن النجّار).

437-(2)-

مسند أبي يعلى: حدّثنا سليمان بن عبد الجبّار أبو أيّوب، حدّثنا سهل بن عامر، حدّثنا فضيل بن مرزوق، عن عطيّة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: يكون في آخر الزمان على تظاهر العمر، و انقطاع من الزمان، إمام يكون أعطى الناس، يجيئه الرجل فيحثو له في حجره، يهمّه من يقبل عنه صدقة ذلك المال ما بينه و بين أهله، لما يصيب الناس من الخير.

438-(3)-

الفتن: حدّثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحرث بن يزيد، قال: سمعت عبد الله بن زرير الغافقي يقول: سمعت عليّا- رضي الله عنه- يقول: الفتن أربع: فتنة السرّاء، و فتنة الضرّاء، و فتنة كذا، فذكر معدن الذهب، ثمّ يخرج رجل من عترة النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم يصلح الله على يديه أمرهم.

439-(4)-

السنن الواردة في الفتن: حدّثنا عبد الرحمن بن عثمان، حدّثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، عن عمّار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد قال: خرجنا حجّاجا فجئت إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: من [أين] أنتم يا رجل؟ قال: قلت: من أهل العراق، قال: فكن إذا من أهل الكوفة، قال: فقلت: أنا منهم، قال: فإنّهم أسعد الناس بالمهديّ.

440-(5)- السنن الواردة في الفتن: حدّثنا عبد الله بن فضيل، حدّثنا عباب بن هارون، قال: حدّثنا الفضل بن عبيد الله، قال: حدّثنا يحيى بن زكريّا بن يحيويه النيسابوري، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى، عن محمّد بن سلمة، عن أبي الواصل بن عبيد، قال: قال جابر بن عبد الله: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لا تزال طائفة من أمّتي تقاتل عن الحقّ حتّى ينزل عيسى بن مريم عند طلوع الفجر ببيت المقدس، ينزل على المهديّ، فيقال له: تقدّم يا نبيّ الله فصلّ بنا، فيقول إنّ هذه الامّة أمين بعضهم على بعض لكرامتهم على الله عزّ و جلّ.

ص: 71


1- . كنز العمّال: ج 14 ص 572 ح 39635.
2- . مسند أبي يعلى: ج 2 ص 356 و 357 ح 131 (1105)، و نحوه في كنز العمّال: ج 14 ح 38703 عن أبي يعلى و ابن عساكر.
3- . الفتن: ج 1 ص 19 و 20 ب تسمية الفتن التي هي كائنة، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 138، و قال: أخرج نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» بسند صحيح على شرط مسلم.
4- . السنن الواردة في الفتن: ج 5 ص 99 ب ما جاء في المهدي ح 3، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 138 عن ابن سعيد و ابن أبي شيبة.
5- . السنن الواردة في الفتن: ج 6 ص 142 ب ما جاء في نزول عيسى ح 5، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 162، التصريح بما تواتر في نزول المسيح: ص 274 ح 5، و نحوه ح 4 و ح 6 عن جابر.

441-(1)-

الفتن: حدّثنا عبد الله بن مروان، عن العلاء بن عتبة، عن الحسن: أنّ رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم ذكر بلاء يلقاه أهل بيته حتّى يبعث الله راية من المشرق سوداء، من نصرها نصره الله، و من خذلها خذله الله، حتّى يأتوا رجلا اسمه كاسمي، فيولّيه أمرهم فيؤيّده الله بنصره.

442-(2)-

الفتن: حدّثنا سعيد أبو عثمان، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان الكوفة، فإذا ظهر المهديّ بمكّة بعث إليه بالبيعة.

443-(3)-

الفتن: حدّثنا الوليد و رشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن عليّ- رضي الله عنه- قال: يلتقي السفياني و الرايات السود فيهم شابّ من بني هاشم في كفّه اليسرى خال، و على مقدّمته رجل من بني تميم يقال له: شعيب بن صالح بباب اصطخر، فتكون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر الرايات السود و يهرب خيل السفياني، فعند ذلك يتمنّى الناس المهديّ و يطلبونه.

444-(4)-

الفتن: حدّثنا محمّد بن عبد الله أبو عبد الله التيهرتي، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن مسلم بن يسار، عن سعيد بن المسيّب، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: تخرج من المشرق رايات سود لبني العبّاس، ثمّ يمكثون ما شاء الله، ثمّ تخرج رايات سود صغار تقاتل رجلا من ولد أبي سفيان و أصحابه من قبل المشرق، يؤدّون الطاعة إلى المهديّ.

445-(5)- نهج البلاغة: حتى يطلع الله لكم من يجمعكم و يضمّ نشركم، فلا تطمعوا في غير مقبل، و لا تيأسوا من مدبر، فإنّ المدبر عسى أن تزلّ به إحدى قائمتيه، و تثبت الاخرى فترجعا حتّى تثبتا جميعا، ألا إنّ مثل آل

ص: 72


1- . الفتن: ج 4 ص 167 و قد مرّ ذكره تحت الرقم 409.
2- . الفتن: ج 4 ص 168 ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس.
3- . الفتن: ج 5 ص 172 ب أوّل انتقاض أمر السفياني، و نحوه ح 1 ص 168.
4- . الفتن: ج 4 ص 168، الملاحم و الفتن: ص 55 ب 102 و جاء فيه: «التاهرتي» بدل «البهترتي».
5- . نهج البلاغة: خ 100. قال ابن أبي الحديد في شرح هذه الخطبة (ج 7 ص 93): و اعلم أنّ هذه الخطبة خطب بها أمير المؤمنين عليه السلام في الجمعة الثالثة من خلافته. و قال في شرح قوله عليه السلام: ... يطلع الله لهم من يجمعهم و يضمّهم»: يعني من أهل البيت عليهم السلام، و هذا إشارة إلى المهدي الذي يظهر في آخر الوقت ... الخ (ج 7 ص 94). و قال في شرح قوله: «فكأنّكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع»: ثمّ وعدهم بقرب الفرج فقال: إنّ تكامل صنائع الله عندكم، و رؤية ما تأملونه أمر قد قرب وقته، و كأنّكم به و قد حضر و كان، و هذا على نمط المواعيد الإلهيّة بقيام الساعة، فإنّ الكتب المنزلة كلّها صرّحت بقربها و إن كانت بعيدة عندنا، لأنّ البعيد في معلوم الله قريب، و قد قال سبحانه: (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَ نَراهُ قَرِيباً).

محمّد صلّى الله عليهم كمثل نجوم السماء، إذا خوى نجم طلع نجم، فكأنّكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع، و أراكم ما كنتم تأملون.

446-(1)- شرح نهج البلاغة (لابن ميثم): يا قوم اعلموا علما يقينا أنّ الّذي يستقبل قائمنا من أمر جاهليّتكم ليس بدون ما استقبل الرسول من أمر جاهليّتكم، و ذلك أنّ الامّة كلّها يومئذ جاهليّة إلّا من رحم الله، فلا تعجلوا فيعجل الخرق بكم، و اعلموا أنّ الرفق يمن، و في الأناة بقاء و راحة، و الإمام أعلم بما ينكر، و لعمري لينزعنّ عنكم قضاة السوء، و ليقبضنّ عنكم المراضين، و ليعزلنّ عنكم امراء الجور، و ليطهّرنّ الأرض من كلّ غاشّ، و ليعملنّ فيكم بالعدل، و ليقومنّ فيكم بالقسطاس المستقيم، و ليتمنّينّ أحياؤكم لأمواتكم الكرّة عمّا قليل، فيعيشوا إذا، فإنّ ذلك كائن، لله أنتم بأحلامكم، كفّوا ألسنتكم، و كونوا من وراء معايشكم، فإنّ الحرمان سيصل إليكم و إن صبرتم و احتسبتم و ائتلفتم، إنّه طالب وتركم، و مدرك لثأركم، و آخذ بحقّكم، و اقسم بالله قسما حقّا إِنَّ الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ.

447-(2)-

الدرّ المنثور: أخرج ابن مردويه عن ابن عبّاس، قال:قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: أصحاب الكهف أعوان المهدي.

و في تفسير الثعلبي في قصّة أصحاب الكهف كما نقل عنه في «عقد الدرر» و «البرهان» و «العمدة» و «الطرائف» قال: و أخذوا مضاجعهم، فصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهديّ عليه السلام، فقال: إنّ المهديّ يسلّم عليهم فيحييهم الله عزّ و جلّ له، ثمّ يرجعون إلى رقدتهم فلا يقومون إلى يوم القيامة.

ص: 73


1- . شرح نهج البلاغة لابن ميثم: ج 3 ص 9. جاء بهذا الخبر في ضمن شرحه لقوله عليه السلام: «فكأنّكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع»، فقال: و قوله: «فكأنّكم ... إلى آخره» إشارة الى منّة الله عليهم بظهور الإمام المنتظر، و إصلاح أحوالهم بوجوده. ثمّ قال: و وجدت له عليه السلام في أثناء بعض خطبه في اقتصاص ما يكون بعده فصلا يجري مجرى الشرح لهذا الوعد، و هو أن قال: يا قوم اعلموا ... الى آخر ما ذكرناه في المتن.
2- . الدرّ المنثور: ج 4 ص 215، عقد الدرر: ص 141 و 142 ب 7، العمدة: ص 223 و 224، البرهان: ص 87 ب 1 ح 44، الطرائف: ص 84، البحار: ج 51 ص 105 ب 1 ح 40، و ج 39 ص 150 ب 17 ح 14.

448-(1)-

عقد الدرر: عن سيف بن عمير، قال: كنت عند أبي جعفر المنصور فقال لي ابتداء: يا سيف بن عمير لا بدّ من مناد ينادي من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب، فقلت: جعلت فداك يا أمير المؤمنين تروي هذا؟ قال: إي و الذي نفسي بيده لسماع اذناي له، فقلت:

يا أمير المؤمنين، إنّ هذا الحديث ما سمعته قبل وقتي هذا، فقال: يا سيف، إنّه الحقّ، و إذا كان (كذلك) فنحن أولى من يجيبه، أما إنّ النداء إلى رجل من بني عمّنا، فقلت: رجل من ولد فاطمة عليها السلام؟، قال:

نعم يا سيف، لو لا أنّي سمعته من أبي جعفر محمّد بن عليّ و حدّثني به أهل الأرض كلّهم ما قبلته، و لكنّه محمّد بن عليّ عليهما السلام.

449-(2)-

الأمالي: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الحسين [الحسن] الكناني، عن جدّه، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: إنّ الله عزّ و جلّ أنزل على نبيّه صلّى الله عليه و آله و سلّم كتابا قبل أن يأتيه الموت، فقال: يا محمّد، هذا الكتاب وصيّتك إلى النجيب من أهلك، فقال: و من النجيب من أهلي يا جبرئيل؟ فقال:

عليّ بن أبي طالب، و كان على الكتاب خواتيم من ذهب فدفعه النبيّ الى عليّ عليه السلام و أمره أن يفكّ خاتما منها و يعمل بما فيه، ففكّ عليه السلام خاتما و عمل بما فيه، ثمّ دفعه إلى ابنه الحسن عليه السلام ففكّ خاتما و عمل بما فيه، ثمّ دفعه إلى الحسين عليه السلام ففكّ خاتما فوجد فيه: أن اخرج بقوم إلى الشهادة فلا شهادة لهم إلّا معك، و اشتر نفسك لله عزّ و جلّ، ففعل، ثمّ دفعه إلى عليّ بن الحسين ففكّ خاتما فوجد فيه:اصمت و الزم منزلك و اعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين، ففعل، ثمّ دفعه إلى محمّد بن عليّ عليهما السلام ففكّ خاتما فوجد فيه: حدّث الناس و أفتهم، و لا تخافنّ إلّا الله فإنّه لا سبيل لأحد عليك، ثمّ دفعه إليّ ففككت خاتما فوجدت فيه: حدّث الناس و أفتهم، و انشر علوم أهل بيتك و صدّق آباءك من الصالحين، و لا تخافنّ أحدا إلّا الله، و أنت في حرز و أمان، ففعلت، ثمّ أدفعه إلى موسى بن جعفر، ثمّ يدفعه موسى إلى الذي من بعد، ثمّ كذلك أبدا إلى قيام المهديّ عليه السلام.

450-(3)-

الأمالي: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل، قال:

ص: 74


1- . عقد الدرر: ص 110 و 111 ب 4 ف 3، الإرشاد: ص 358 في ذكر علامات ظهوره بسنده عن سيف بن عميرة نحوه، غيبة الشيخ: ص 265 و 266، روضة الكافي: ص 178 ح 255 عن سيف نحوه.
2- . الأمالي للصدوق: المجلس 63 ص 328 ح 2.
3- . الأمالي للصدوق: المجلس 92 ص 504 ح 4، النوادر للفيض: كتاب النبوّة و الإمامة ص 70 ب 41، البحار: ج 51 ص 65 و 66 ب 1 ح 3.

حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن عليّ بن سالم، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي، عن سعد الخفّاف، عن الأصبغ بن نباتة، عن عبد الله بن عبّاس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: لمّا عرج بي إلى السماء السابعة و منها إلى سدرة المنتهى، و من السدرة إلى حجب النور ناداني ربّي جلّ جلاله: يا محمّد، أنت عبدي و أنا ربّك، فلي فاخضع، و إيّاي فاعبد، و عليّ فتوكّل، و بي فثق، فإنّي قد رضيت بك عبدا و حبيبا و رسولا و نبيّا، و بأخيك عليّ خليفة و بابا، فهو حجّتي على عبادي، و إمام لخلقي، به يعرف أوليائي من أعدائي، و به يميّز حزب الشيطان من حزبي، و به يقام ديني و تحفظ حدودي و تنفذ أحكامي، و بك و به و بالأئمّة من ولده أرحم عبادي و إمائي، و بالقائم منكم أعمّر أرضي بتسبيحي و تهليلي و تقديسي و تكبيري و تمجيدي، و به اطهّر الأرض من أعدائي و اورثها أوليائي، و به أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى و كلمتي العليا، و به احيي عبادي [و به اخبر عبادي بعلمي و احيي بلادي- خ] و بلادي بعلمي، و له اظهر الكنوز و الذخائر بمشيّتي، و إيّاه اظهر على الأسرار و الضمائر بإرادتي، و امدّه بملائكتي لتؤيّده على إنفاذ أمري و إعلان ديني، ذلك وليّي حقّا، و مهديّ عبادي صدقا.

451-(1)-

الأمالي للشيخ: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يسار بن أبي العجوز السمسار، قال:

حدّثنا مجاهد بن موسى الختلي، قال: حدّثنا عبّاد بن عبّاد، عن مجالد ابن سعيد، عن جبر [جبير- خ] بن نوف أبي الودّاك، قال: قلت لأبي سعيد الخدري: و الله ما يأتي علينا عام إلّا و هو شرّ منالماضي، و لا أمير إلّا و هو شرّ ممّن كان قبله، فقال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يقول ما تقول، و لكن سمعت رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يقول: لا يزال بكم الأمر حتّى يولد في الفتنة و الجور من لا يعرف عندها [غيرها- خ]، حتّى تملأ الأرض جورا فلا يقدر أحد يقول: الله، ثمّ يبعث الله عزّ و جلّ رجلا منّي و من عترتي، فيملأ الأرض عدلا كما ملأها من كان قبله جورا، و يخرج له أفلاذ كبدها(2)،

و يحثو المال حثوا و لا يعدّه عدّا، و ذلك حتّى يضرب الإسلام بجرانه.

ص: 75


1- . الأمالي للشيخ: ج 2 ص 126، البحار: ج 51 ص 68 ب 1 ح 9، النوادر: ك الفتن ب 46 إلّا أنّه قال: «من لا يعرف غيرها»، و قال: «حين يضرب الإسلام بجرانه».
2- . تشبيه الكنوز التي استودعتها بطون الأرض في هذا الحديث و غيره بأفلاذ الكبد و هي شعبها و قطعها من الاستعارات العجيبة؛ لأنّ شعب الكبد من شرائف الأعضاء الرئيسة، فكذلك الكنوز من جواهر الأرض النفيسة. هكذا أفاد السيّد الرضي- قدّس سرّه- في مجازات الآثار النبويّة ح 231.

452-(1)-

غيبة الشيخ: و أخبرني جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى التلّعكبريّ، عن أبي عليّ الرازي، عن ابن أبي دارم، عن عليّ بن العبّاس السندي المقانعي، عن محمّد بن هاشم القيسي، عن سهل بن تمام البصري، عن عمران القطّان، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم:

المهديّ يخرج في آخر الزمان.

453-(2)-

غيبة الشيخ: عنه (يعني: محمّد بن إسحاق) عن المقانعي، عن بكّار بن أحمد، عن الحسن بن الحسين، عن تليد، عن أبي الجحّاف، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: أبشروا بالمهديّ- قال [قالها- خ] ثلاثا- يخرج على حين اختلاف من الناس و زلزال شديد، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا، يملأ قلوب عباده عبادة، و يسعهم عدله.

454-(3)-

غيبة الشيخ: بالإسناد المذكور عن الحسن بن الحسين، عن سفيان الجريري، عن عبد المؤمن، عن الحارث بن حصيرة، عن عمارة بن جوين العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يقول على المنبر: إنّ المهديّ من عترتي من أهل بيتي، يخرج في آخر الزمان، ينزل له السماء قطرها، و تخرج له الأرض بذرها، فيملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملأها القوم ظلما و جورا.

455-(4)- غيبة الشيخ: محمّد بن إسحاق، عن المقانعي، عن جعفر بن محمّد الزهري، عن إسحاق بن منصور، عن قيس بن الربيع و غيره، عن عاصم، عن زرّ، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: لا تذهب الدنيا حتّى يلي أمّتي رجل من أهل بيتي يقال له: المهديّ.

456-(5)-

غيبة الشيخ: أخبرني جماعة، عن أبي جعفر محمّد ابن سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن عليّ بن محمّد بن قتيبة النيشابوري، عن الفضل بن شاذان، عن نصر بن مزاحم، عن أبي لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم في حديث طويل: فعند ذلك خروج المهديّ، و هو رجل من ولد هذا، و أشار بيده إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام، به يمحق الله الكذب، و يذهب

ص: 76


1- . غيبة الشيخ: ص 178 ح 135، البحار: ج 51 ص 72 و 74 ح 22 ب 1، إثبات الهداة: ج 3 ص 502 ب 32 ح 291.
2- . غيبة الشيخ: ص 179 ح 137، البحار: ج 51 ص 74 ب 1 ح 24، إثبات الهداة: ج 3 ص 502 ب 32 ح 293.
3- . غيبة الشيخ: ص 180 ح 138، البحار: ج 51 ص 74 ب 1 ح 25، إثبات الهداة: ج 3 ص 502 ب 32 ح 294.
4- . غيبة الشيخ: ص 182 ح 141، البحار: ج 51 ص 75 ب 1 ح 28، إثبات الهداة: ج 3 ص 503 ب 32 ح 297.
5- . غيبة الشيخ: ص 185 ح 144، البحار: ج 51 ص 75 ب 1 ح 29 إلّا أنّه قال: «و بين ذلك تيح أعوج»، إثبات الهداة: ج 3 ص 503 ب 32 ح 300 إلّا أنّه قال: «و بين ذلك شحّ أعوج».

الزمان الكلب، و به يخرج ذلّ الرقّ من أعناقكم، ثمّ قال: أنا أوّل هذه الامّة، و المهديّ أوسطها، و عيسى آخرها، و بين ذلك شيخ أعوج.

457-(1)-

الأمالي للصدوق: ابن المتوكّل، عن عليّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول:

لكلّ اناس دولة يرقبونها *** و دولتنا في آخر الدهر تظهر

458-(2)- دلائل الإمامة: حدّثني أبو المفضّل محمّد بن عبد الله، قال: حدّثنا أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا سمرة بن حجر، عن حمزة النصيبي، عن زيد بن رفيع، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود، قال: كنت عند النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم إذ مرّ فتية من بني هاشم كأنّ وجوههم المصابيح، فبكى النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم، قلت: ما يبكيك يا رسول الله؟قال: إنّا أهل بيت قد اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، و سيصيب أهل بيتي قتل و تطريد و تشريد في البلاد، حتّى يتيح الله لنا راية تجي ء من المشرق يهزّها هزّ، و من يشاقّها يشاقّ، ثمّ يخرج عليهم رجل من أهل بيتي اسمه كاسمي و خلقه كخلقي، تؤوب إليه أمّتي كما تؤوب الطير إلى أوكارها، فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.

و روي أيضا عن ابن مسعود نحو من هذا الحديث بطرق مختلفة.

459-(3)-

دلائل الإمامة: أخبرني أبو طاهر عبد الله بن أحمد الخازن، حدّثنا أبو بكر محمّد بن عمر بن محمّد بن مسلم بن البراء الجعابي، قال: حدّثنا أبو الحسن عبد الله بن محمّد بن العبّاس الرازي القمي، عن أبيه، قال: حدّثني عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام، قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدّثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدّثني أبي محمّد بن عليّ، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدّثني أبي الحسين، عن أخيه الحسن، قال: حدّثني أبي عليّ بن أبي طالب قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: لا تقوم الساعة حتّى يقوم قائم

ص: 77


1- . أمالي الصدوق: ص 396 المجلس 74، البحار: ج 51 ص 143 ب 6 ح 3. و في أمالي الطوسي ج 1 ص 182 الجزء السابع ح 1: «بسنده عن الحسن بن محبوب، عن أبان، عن اسماعيل الجعفي، قال: دخل رجل على أبي جعفر محمّد بن علي عليه السلام و معه صحيفة مسائل شبه الخصومة، فقال له أبو جعفر عليه السلام: هذه صحيفة تخاصم على الدين الذي يقبل الله فيه العمل، فقال: رحمك الله هذا الذي اريد، فقال أبو جعفر عليه السلام: اشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، و أنّ محمّدا عبده و رسوله، و تقرّ بما جاء من عند الله، و الولاية لنا أهل البيت، و البراءة من عدوّنا، و التسليم لنا و التواضع و الطمأنينة، و انتظار أمرنا، فإنّ لنا دولة إن شاء الله تعالى جاء بها».
2- . دلائل الإمامة: ص 235 ف معرفة وجوب القائم ح 6، و روى روايات اخرى بهذا المضمون، انظر: ص 223 و 224 و 226.
3- . دلائل الإمامة: ص 239 و 240 ف معرفة وجوب القائم ح 15، عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج 2 ص 60 ح 230.

الحقّ، و ذلك حتّى يأذن الله عزّ و جلّ له، من تبعه نجا، و من تخلّف عنه هلك، الله الله عباد الله فأتوه و لو حبوا على الثلج، فإنّه خليفة الله و خليفتي.

460-(1)-

دلائل الإمامة: و بإسناده (يعني: أبا الحسين محمّد بن هارون بن موسى، عن أبيه)، عن أبي عليّ النهاوندي، قال: حدّثنا إسحاق، عن يحيى بن سليم، عن هشام بن حسّان، عن المعلّى بن أبي المعلّى، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: أبشروا بالمهديّ، فإنّه يأتي في آخر الزمان على شدّة و زلازل، يسع الله له الأرض عدلا و قسطا.

461-(2)-

دلائل الإمامة: و عنه (يعني: محمّد بن هارون بن موسى)، عن أبيه أبي محمّد هارون بن موسى، قال: حدّثني أبو علي الحسن بن محمّد النهاونديّ، قال: حدّثني أحمد بن زهير، قال: حدّثنا عبد الله بن داهر الرازي، قال: حدّثنا عبد الله بن عبد القدّوس، عن الأعمش، عن عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: لا تقوم الساعة حتّى يملك رجل من ولدي يوافق اسمه اسمي، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.

462-(3)- دلائل الإمامة: و أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون قال: حدّثنا أبي هارون ابن موسى، قال: حدّثنا محمّد بن جرير الطبري، قال: حدّثنا عيسى بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا الحسن بن الحسين العرني، قال: حدّثنا يحيى ابن يعلى الأسلمي، و عليّ بن القاسم الكندي، و يحيى بن المساور، عن عليّ بن المساور، عن عليّ بن الحزوّر، عن الأصبغ بن نباتة (في حديث عن علي عليه السلام قال في آخره:) و المهديّ منّا في آخر الزمان، لم يكن في أمّة من الامم مهديّ ينتظر غيره.

463-(4)-

غيبة الشيخ: أحمد بن إدريس، عن عليّ بن الفضل، عن أحمد بن عثمان، عن أحمد بن رزّاق، عن يحيى بن العلاء الرازي، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ينتج الله تعالى في هذه الامّة رجلا منّي و أنا منه، يسوق الله تعالى به بركات السماوات و الأرض فتنزل السماء قطرها، و تخرج الأرض بذرها، و تأمن وحوشها و سباعها، و يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا، و يقتل حتّى يقول الجاهل: لو كان هذا من ذريّة محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم لرحم.

ص: 78


1- . دلائل الإمامة: ص 249 و 250 ف معرفة وجوب القائم ح 41.
2- . دلائل الإمامة: ص 255 ف معرفة وجوب القائم عليه السلام ح 54.
3- . دلائل الإمامة: ص 256 و 257 ف معرفة وجوب القائم عليه السلام ح 57.
4- . غيبة الشيخ: ص 188 ح 149، البحار: ج 51 ص 146 ب 6 ح 16، إثبات الهداة: ج 3 ص 504 ب 32 ح 305.

464-(1)-

الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن أبان، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:

لا تذهب الدنيا حتّى يخرج رجل منّي، يحكم بحكومة آل داود و لا يسأل بيّنة، يعطي كلّ نفس حقّها.

465-(2)-الإرشاد: أبو القاسم؛ جعفر بن محمّد، عن محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه؛ و عليّ بن محمّد القاساني جميعا، عن زكريّا بن يحيى بن النعمان البصري، قال سمعت عليّ بن جعفر بن محمّد يحدّث الحسن بن الحسين بن عليّ بن الحسين، فقال في حديثه: لقد نصر الله أبا الحسن الرضا عليه السلام لمّا بغى عليه إخوته و عمومته (و ذكر حديثا طويلا حتّى انتهى إلى قوله:) فقمت و قبضت على يد أبي جعفر محمّد بن عليّ الرضا، و قلت له: أشهد أنّك إمامي عند الله عزّ و جلّ، فبكى الرضا عليه السلام ثمّ قال: يا عمّ، أ لم تسمع أبي و هو يقول: قال رسول الله صلّى الله عليهو آله و سلّم: بأبي ابن خيرة الإماء النوبيّة الطيّبة(3)،

يكون من ولده الطريد الشريد الموتور بأبيه و جدّه صاحب الغيبة فيقال: مات أو هلك، أو أيّ واد سلك، فقلت: صدقت جعلت فداك.

466-(4)-

نفس المهموم: عن الكامل البهائي، عن الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام في خطبته المعروفة التي خطبها بدمشق: إنّ الله تعالى أعطانا الحلم، و العلم، و الشجاعة، و السخاوة، و المحبّة في قلوب المؤمنين، و منّا: رسول الله، و وصيّه، و سيّد الشهداء، و جعفر الطيّار في الجنّة، و سبطا هذه الامّة، و المهديّ الذي يقتل الدجّال.

ص: 79


1- . الكافي: ج 1 ص 397 و 398 ب أنّ الأئمّة إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود ح 2، البحار: ج 52 ص 230 ب 27 ح 22.
2- . الإرشاد للمفيد: ص 340 في النصّ على إمامة الإمام الجواد عليه السلام ح 1، إعلام الورى: ص 330 ب 8 ف 2، البحار: ج 50 ص 21 ب 2 ح 7.
3- . المراد بها أمّ الإمام محمّد بن عليّ الرضا عليهما السلام كانت نوبيّة يقال لها سبيكة، و ليس المراد بابن خيرة الإماء النوبيّة مولانا المهدي عليه السلام كما قاله صاحب الوافي، فقال: «يعني به المهدي صاحب الزمان صلوات الله عليه، كأنّه انتسبه الى جدّته أم أبي جعفر الثاني عليه السلام ... الخ» و إنّما ذهب إلى ذلك اعتمادا على نسخة الكافي، و الظاهر أنّه سقط عنها قوله: «يكون من ولده الطريد الشريد»، و الاعتماد على نسخة الإرشاد التي يستقيم بها فهم المراد من دون حاجة الى التأويل.
4- . نفس المهموم: ص 242 و 243. و لا يخفى عليك أنّ الكامل مؤلّف بالفارسيّة، و فيه ترجمة خطبة الإمام عليه السلام، و إليك لفظه: «پس به آخر گفت: حقتعالى حلم، و علم، و شجاعت، و سخاوت بما داد، و محبّت بر دل مؤمنان نهاد، رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و وصيّ او و سيّد الشهداء و جعفر طيار در بهشت و دو سبط اين امّت و مهدي كه دجّال را بكشد از ما است». الكامل: ج 2 ص 299- 302.

467-(1)-

مقاتل الطالبيين: (في ذكر مقتل زيد بن عليّ و السبب فيه) قال: أخبرنا عليّ بن الحسين، قال: فحدّثني الحسن بن عليّ الآدمي، قال: حدّثنا أبو بكر الجبلي، قال: حدّثنا عبد الله بن عبد الرحمن العنبري، قال: حدّثنا موسى بن محمّد، قال: حدّثنا الوليد بن محمّد الموقري، قال: كنت مع الزهري بالرصافة فسمع أصوات لعّابين، فقال لي: يا وليد، انظر ما هذا؟ فأشرفت من كوّة في بيته، فقلت: هذا رأس زيد بن عليّ، فاستوى جالسا ثمّ قال: أهلك أهل هذا البيت العجلة، فقلت له: أو يملكون؟ قال: حدّثني عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن فاطمة: أنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم قال لها:

المهديّ من ولدك.

468-(2)-

الأمالي (الشهيرة بالأمالي الخميسيّة): في حديث أخرجه بسنده عن عليّ عليه السلام: و الّذي فلق الحبّة و برأ النسمة لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم يطوّل الله ذلك اليوم حتّى يملك الأرض رجل منّي، يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما، فإذا كان ذلك لم تظنّوا فيه برمح، و لمتضربوا فيه بسيف، و لم ترموا فيه بحجر، فاحمدوا الله، فإذا كان كذلك و رأيتم الرجل من بني اميّة غرق في البحر فطؤوه على رأسه، فو الّذي فلق الحبّة و برأ النسمة لو لم يبق منهم إلّا رجل واحد لبغى لدين الله عزّ و جلّ شرّا.

469-(3)-قرب الإسناد: محمّد بن عيسى، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن جعفر، عن أبيه، قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: منّا سبعة، خلقهم الله عزّ و جلّ لم يخلق في الأرض مثلهم:

منّا رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم سيّد الأوّلين و الآخرين و خاتم النبيّين، و وصيّه خير الوصيّين، و سبطاه خير الأسباط: حسنا و حسينا، و سيّد الشهداء حمزة عمّه، و من قد طاف [من طار- خ] مع الملائكة جعفر، و القائم.

470-(4)-كامل الزيارات: [قال:] و بالأسانيد السابقة عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، قال: حدّثني جماعة مشايخي منهم: أبي، و محمّد بن الحسن، و عليّ بن الحسين جميعا، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف، عن محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن أبي عبد الله زكريّا المؤمن، عن ابن مسكان، عن زيد مولى ابن هبيرة، قال:

قال أبو جعفر عليه السلام: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم:

ص: 80


1- . مقاتل الطالبيين: ص 143، دلائل الإمامة: ص 234 ف معرفة وجوب القائم و أنّه لا بدّ أن يكون ح 5.
2- . الأمالي الشهيرة بالأمالي الخميسيّة: ج 2 ص 84.
3- . قرب الإسناد: ص 13 و 14.
4- . كامل الزيارات: ص 52 ب 14 ح 10.

خذوا بحجزة هذا الأنزع، فانّه الصدّيق الأكبر، و الهادي لمن اتّبعه، من سبقه مرق عن الدين، و من خذله محقه الله، و من اعتصم به اعتصم بحبل الله، و من أخذ بولايته هداه الله، و من ترك ولايته أضلّه الله، و منه سبطا أمّتي الحسن و الحسين و هما ابناي، و من ولد الحسين عليه السلام الأئمّة الهداة و القائم المهديّ عليهم السلام، فأحبّوهم و تولّوهم، و لا تتّخذوا عدوّهم وليجة من دونهم فيحلّ عليكم غضب من ربّكم، و ذلّة في الحياة الدنيا، و قد خاب من افترى.

471-(1)-

مختصر بصائر الدرجات: محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب و يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن الحسين الميثمي، عن محمّد بن الحسين، عن أبان بن عثمان، عن موسى الحنّاط، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أيّام الله ثلاثة: يوم يقوم القائم عليه السلام، و يوم الكرّة، و يوم القيامة(2).

ص: 81


1- . مختصر بصائر الدرجات: ص 18، إيقاظ الهجعة: ص 282 ب 9 ح 100.
2- . يوم الكرّة: يوم الرجعة، و هو اليوم الذي يقول الله تعالى فيه: (وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ)، فلا يحشر في هذا اليوم إلّا فوج من المكذّبين و فوج من المؤمنين كما جاء بعض تفاصيله في الروايات المتواترة، و أمّا يوم القيامة فهو الساعة الكبرى و يوم يحشر الناس فيه جميعا لقوله تعالى: (وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)، و لقوله تعالى: (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ)، (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ)، (يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ) (كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَ تَرَى النَّاسَ سُكارى وَ ما هُمْ بِسُكارى)، و الآيات المحكمات التي جاء فيها وصف يوم القيامة كثيرة جدّا، كما أنّ الآيات المؤوّلة بيوم الكرّة أيضا كثيرة، يميّز بين الطائفتين من تدبّر في اسلوبها و ألفاظها، و قد ميّز بينهما في الروايات المأثورة عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام. و إيّاك أن تستبعد رجعة بعض الأموات الى هذه الدنيا بعد ما وقع مثله في إحياء الموتى بإعجاز الأنبياء، و بعد ما أخبر الله تعالى بمثله في قوله تعالى: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) (فَأَماتَهُ الله مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ)، و قال: (أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ الله مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ)، و قال في قصّة أيّوب: (فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَ آتَيْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ). و هذا ابن مردويه و غيره من أعلام أهل السنّة رووا عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم رجوع أصحاب الكهف الى الدنيا عند قيام المهدي عليه السلام، و بعد كلّ ذلك فإنّ الله على كلّ شي ء قدير. و لا ملازمة بين القول بالمهديّة و القول بالرجعة، و ليس شأن مسألة الرجعة كشأن العقيدة بالمهديّة التي اتّفقت الامّة عليها، و وردت فيها صحاح الروايات من الفريقين. و ما يهمّنا في هذا الكتاب بيانه و إيضاحه هو مسألة العقيدة بالمهدي المنتظر عليه السلام، و أمّا مسألة الرجعة فمضافا الى أنّ شأنها ليس كشأنها و لا دخل لإثبات العقيدة بالرجعة و البحث عنها في العقيدة بالمهدويّة و إثباتها فللكلام فيها و تحقيق ما قيل فيها و تفاصيلها ممّا ثبت بالأخبار الصحيحة و ممّا لم يثبت بها- و إن جاءت به الأخبار الضعيفة- مجال آخر، و الله وليّ التوفيق.

472-(1)- المسترشد: حدّثنا أبو حفص عمر بن علي بن يحيى، قال: حدّثنا قيس بن حفص، قال: حدّثنا يونس، عن عليّ بن حزور، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي عليه السلام قال: إذا جمع الله الأوّلين و الآخرين فخير الناس سبعة كلّهم من ولد عبد المطلب: يدعى نبيّكم خير الأنبياء من ولد عبد المطّلب، و وصي نبيكم سيد الأوصياء من ولد عبد المطلب، و الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة من ولد عبد المطّلب، و حمزة سيّد الشهداء من ولد عبد المطّلب، و جعفر ذو الجناحين من ولد عبد المطّلب، و المهديّ الذي يخرج في آخر الزمان من ولد عبد المطّلب، نحلة من الله لم يعط الأوّلين و الآخرين مثلها.

473-(2)-

سنن أبي داود: قال هارون، حدّثنا عمرو بن أبي قيس، عن مطرف بن طريف، عن الحسن، عن هلال بن عمرو، قال:سمعت عليّا رضي الله عنه يقول: قال النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: يخرج رجل من وراء النهر يقال له: الحارث بن حرّاث، على مقدّمته رجل يقال له: منصور، يواطئ- أو يمكّن- لآل محمّد كما مكّنت قريش لرسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم، وجب على كلّ مؤمن نصره، أو قال: إجابته.

474-(3)-

عيون أخبار الرضا عليه السلام: قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي، قال: حدّثني الحسين بن أحمد بن الفضل إمام جامع الأهواز، قال: حدّثنا بكر بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم القصري غلام الخليل المحلمي، قال: حدّثنا الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى، عن علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر ابن محمّد عليهم السلام، قال: لا يكون القائم إلّا إمام بن إمام، و وصيّ ابن وصيّ.

475-(4)-

الخصال: بإسناده عن عليّ عليه السلام في حديث سبعين منقبة لعلي عليه السلام لم يشركه فيها أحد من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم [قال:] و أمّا الثالثة و الخمسون، فإنّ الله لن يذهب بالدنيا حتّى يقوم منّا القائم، يقتل مبغضينا، و لا يقبل الجزية، و يكسر الصليب و الأصنام، و تضع الحرب أوزارها، و يدعو إلى أخذ المال فيقتسمه بالسويّة، و يعدل في الرعية.

ص: 82


1- . المسترشد: ص 186 و 187.
2- . سنن أبي داود: ج 2 كتاب المهدي ص 208 و 209، التاج الجامع للاصول: كتاب الفتن و علامات الساعة ب 7 في الخليفة المهدي رضي الله عنه ج 5 ص 344. و قال في غاية المأمول: (لمطبوع في هامش التاج) «ففي آخر الزمان سيخرج رجل صالح من وراء النهر اسمه الحارث، معه جيش عظيم يقوده رجل عظيم اسمه منصور، يهيّئ ذلك الرجل لذرّية محمّد، أي يعدّ الجيش و الذخائر و الأموال لنصر خليفة يظهر أنّه المهدي كما هيّأ الأصحاب للنبي صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم، و يجب على كلّ مؤمن أن ينصر ذلك الجيش و هذا الخليفة، فإنّهما على الحقّ.
3- . عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج 2 ص 131 ب 35 ح 13.
4- . الخصال: أبواب السبعين و ما فوقه ص 578 و 579 ح 1، و تمام الحديث سندا و متنا ص 572- 581.

476-(1)-شرح الأخبار: و عن مجاهد يرفعه (و ذكر أخبارا ممّا يكون) أنه قال: ثمّ بعث قائم آل محمّد في عقابه لهم أدقّ في أعين الناس من الكحل، يفتح الله عليه مشارق الأرض و مغاربها، ألا و هم المؤمنون حقّا، ألا و انّه خير الجهاد في آخر الزمان.

477-(2)-شرح الأخبار: من رواية ابن سلام بإسناده عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام أنّه قال: الفتن ثلاث: فتنة السرّاء، و فتنة الضرّاء، و فتنة يمحّص فيها الناس تمحيص ذهب المعدن، و لا يزالون كذلك حتّى يخرج رجل منّا عترة النبي صلّى الله عليه و آله فيصلح الله أمرهم.478-(3)- شرح الأخبار: روى عبد الله بن جبلة بإسناده عن عليّ عليه السلام أنّه قال: ليخرجنّ الإسلام نادّا من أيدي الناس كأنّه البعير الشارد من الإبل، لا يردّه الله إلّا برجل منّا.

479-(4)-شرح الأخبار: و في رواية اخرى عن عليّ عليه السلام أنّه قال: كأنّي أنظر الى دينكم مولّيا يحصحص بذنبه، ليس بأيديكم منه شي ء حتّى يردّه الله عليكم برجل منّا.

480-(5)-شرح الأخبار: روي عن رسول الله صلّى الله عليه و آله أنّه ذكر المهديّ فقال: من رآه فليتابعه و لو حبوا على الثلج- النار- فإنّه خليفة الله في أرضه.

و يدلّ عليه بالمطابقة أو الالتزام أو تفسير سائر الروايات: الأحاديث 1 إلى 352، 481 إلى 715، 719 إلى 807، 864 إلى 870، 872، 876، 878، 881 إلى 912، 918، 928، 932، 933، 936، 941، 943، 951، 956 إلى 969، 971 إلى 973، 975 إلى 1029، 1039 إلى 1041، 1043، 1049، 1055، 1059 إلى 1062، 1083، 1086 إلى 1118، 1123 إلى 1169، 1173، 1175 إلى 1177، 1179 إلى 1186، 1195 إلى 1206، 1211 إلى 1223، 1228 إلى 1238، 1240، 1241، 1243، 1244، 1246 إلى 1249، 1251 إلى 1256، 1258 إلى 1261، 1266، 1267، 1270، 1271 إلى 1274، 1276، 1277.

ص: 83


1- . شرح الأخبار: ج 14 ص 360 ح 1227.
2- . شرح الأخبار: ج 15 ص 388 ح 1265.
3- . شرح الأخبار: ج 15 ص 390 ح 1267.
4- . شرح الأخبار: ج 15 ص 393 ح 1270.
5- . شرح الأخبار: ج 14 ص 359 ح 1224.

الفصل الثالث فيما يدلّ على أنّه من عترة رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و من أهل بيته و ذرّيّته و فيه 407 أحاديث

481-(1)-

الفتن: حدّثنا الوليد، عن الشيخ، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة- رضي الله عنها- عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: هو رجل من عترتي، يقاتل على سنّتي كما قاتلت أنا على الوحي.

482-(2)- الفتن: حدّثنا الوليد، عن ابن لهيعة، و أخبرني عيّاش ابن عبّاس، عن ابن زرير، عن علي رضي الله عنه، عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: هو رجل من أهل بيتي.

و حدّثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحرث بن يزيد، عن ابن زرير الغافقي سمع عليّا رضي الله عنه يقول: هو من عترة النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم.

483-(3)-

جواهر العقدين: [قال] و لأحمد و ابن ماجة و غيرهما عن عليّ رضي الله عنه رفعه: المهديّ منّا، يختم الدين بنا كما فتح بنا.

484-(4)-

المعجم الكبير: حدّثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدّثنا واصل بن عبد الأعلى، حدّثنا محمّد بن فضيل، عن عثمان بن عبد الله بن شبرمة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: قال النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: يخرج رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، و خلقه خلقي، يملأها عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا.

ص: 84


1- . الفتن: ج 5 ص 199، الصواعق المحرقة: في الآية الثانية عشرة ص 162، جواهر العقدين: ق 2 ذ 8، ينابيع المودّة: ص 433 ب 73 إلّا أنّه قال: «المهدي رجل»، الملاحم و الفتن: ب 192 ممّا ذكره من كتاب الفتن إلّا أنّه قال: «كما قاتلت أنا على القرآن»، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 95 ب 2 ح 21 إلّا أنّه قال: «المهدي رجل»، عقد الدرر: ص 16 و 17 ب 1.
2- . الفتن: ج 5 ص 199 و 200، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ب 2 ح 21 ص 5.
3- . جواهر العقدين: ق 2 ذ 8، الصواعق المحرقة: ص 161 في الآية الثانية عشرة من الآيات الواردة فيهم عن الطبراني، إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار، ص 134 ب 2، ينابيع المودّة: ص 433 ب 73، عقد الدرر: ص 145 ب 7[ قال:] أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقي، كشف الخفا و مزيل الالباس: ج 2 ص 288- 289.
4- . المعجم الكبير: ج 10 ح 10229، كنز العمّال: ج 14 ص 273 ح 38702، منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 32 إلّا أنّ فيهما: «فيملؤها»، البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان: ص 92 ب 2 ح 11 أخرجه عن الطبراني و أبي نعيم، كشف الغمّة: ج 2 ص 471 ح 23 من أربعين أبي نعيم إلّا أنّه اختصر ذيل الحديث و قال: «يملأها قسطا و عدلا»، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 132، عن الطبراني و أبي نعيم.

485-(1)-

صفة المهديّ: عن عبد الله بن عمر أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لا تقوم الساعة حتّى يملك رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا.

486-(2)-

الفتن: حدّثنا الوليد، و قال: [حدّثنا] أبو رافع، عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: هو من عترتي.

487-(3)- الفتن: حدّثنا القاسم بن ملك المزني، عن ياسين بن سيّار، قال: سمعت إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة، قال: حدّثني أبي، حدّثني عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: المهديّ منّا أهل البيت.

488-(4)-الفتن (لأبي يحيى زكريّا بن يحيى بن الحارث البزّاز)-:

[قال زكريّا:] و حدّثنا عبد القدّوس العطّار، قال: حدّثنا عمرو بن عاصم، قال: حدّثنا عمران القطّان، قال: حدّثنا قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: المهديّ منّا أهل البيت.

489-(5)-المعجم الأوسط: حدّثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حبّان، قال: حدّثنا محمّد بن سفيان الحضرمي، قال: حدّثنا ابن لهيعة، عن أبي زرعة عمرو بن جابر، عن عمر بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب [عليه السلام] أنّه قال للنبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: أمنّا المهديّ أم من غيرنا يا رسول الله؟ قال: بل منّا، [بنا] يختم الله كما بنا فتح، و بنا يستنقذون من الشرك، و بنا يؤلّف الله بين قلوبهم بعد عداوة بيّنة كما بنا ألّف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك، قال علي [عليه السلام]:

أ مؤمنون أم كافرون؟ فقال: مفتون و كافر.

ص: 85


1- . عقد الدرر: ص 29 و 30 ب 2 قال: أخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي هكذا، كشف الغمّة: ج 2 ص 471 ح 9 عن أبي نعيم في الأحاديث الأربعين بإسناده عن ابن عمر.
2- . الفتن: ج 5 في نسبة المهدي ص 199 (مخطوط)، الملاحم و الفتن: ص 85 ب 194 ممّا ذكره من كتاب الفتن إلّا أنّه قال: «حدّثنا الوليد، حدّثنا أبو رافع، عن أبي سعيد ... الخ».
3- . الفتن: ج 5 في نسبة المهدي ص 201 (مخطوط)، الملاحم و الفتن: ص 86 ب 198 ممّا ذكره من كتاب الفتن.
4- . الملاحم و الفتن: ص 163 و 164 ف 3 ب 19 ممّا ذكره من كتاب الفتن لأبي يحيى زكريّا بن يحيى بن الحارث البزّاز، تاريخ كتابته يوم الأربعاء سلخ ربيع الأوّل سنة إحدى و تسعين و ثلاثمائة من وقف النظاميّة، عقد الدرر: ص 21 ب 1.
5- . المعجم الأوسط: ج 1 ص 136 ح 757، الفتن: ب نسبة المهدي ص 198، كنز العمّال ج 14 ص 598- 599 ح 39682، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 91 ب 2 ح 7، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 129، عقد الدرر: ص 25 ب 1 ص 142 ب 7 نحوه، مهدي آل الرسول: ص 5.

490-(1)-

المعجم الصغير: حدّثنا أحمد بن محمّد بن العبّاس القنطري، حدّثنا حرب بن الحسن الطحّان، حدّثنا حسين بن الحسن الأشقر، حدّثنا قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن عباية- يعني ابن ربعي- عنأبي أيّوب الأنصاري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم لفاطمة [عليها السلام]: نبيّنا خير الأنبياء و هو أبوك، و شهيدنا خير الشهداء و هو عمّ أبيك حمزة، و منّا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء و هو ابن عمّ أبيك جعفر، و منّا سبطا هذه الامّة الحسن و الحسين و هما ابناك، و منّا المهدي.

أقول: أخرج ابن المغازلي تمام الحديث بسنده الذي ينتهي الى عباية، عن أبي أيّوب الأنصاري: أنّ رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم مرض مرضة، فدخلت عليه فاطمة صلّى الله عليها تعوده و هو ناقه من مرضه، فلمّا رأت ما برسول الله من الجهد و الضعف خنقتها العبرة حتّى خرجت دمعتها، فقال لها: يا فاطمة، إنّ الله عزّ و جلّ اطّلع الى الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه نبيّا، ثمّ اطّلع إليها ثانية فاختار منها بعلك، فأوحى إليّ فأنكحته و اتّخذته وصيّا، أ ما علمت يا فاطمة أنّ لكرامة الله إيّاك زوّجك أعظمهم حلما، و أقدمهم سلما، و أعلمهم علما، فسرّت بذلك فاطمة فاستبشرت، ثمّ قال لها رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: يا فاطمة، لعليّ ثمانية أضراس ثواقب: إيمان بالله و برسوله، و حكمته، و تزويجه فاطمة، و سبطاه الحسن و الحسين، و أمره بالمعروف، و نهيه عن المنكر، و قضاؤه بكتاب الله عزّ و جلّ، يا فاطمة، إنّا أهل بيت اعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأوّلين و لا الآخرين قبلنا، أو قال: و لا يدركها أحد من الآخرين غيرنا: نبيّنا أفضل الأنبياء و هو أبوك، و وصيّنا خير الأوصياء و هو بعلك، و شهيدنا خير الشهداء و هو عمّ أبيك، و منّا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء و هو جعفر ابن عمّك، و منّا سبطا هذه الامّة و هما ابناك، و منّا و الذي نفسي بيده مهديّ هذه الامّة.

و يدل عليه بالمطابقة أو الالتزام أو تفسير سائر الروايات الأحاديث:

65، 70، 72، 80، 81، 83، 91، 95، 113، 118، 120، 125، 126، 127، 129، 132، 134، 136، 143، 149، 153، 158، 159، 160، 167، 168، 169، 170، 173، 175، 176، 177، 178،

ص: 86


1- . المعجم الصغير: ج 1 ص 37 ب من اسمه أحمد، جواهر العقدين: ق 2 ذ 8 قال: أخرجه الطبراني في الأوسط، ينابيع المودّة: ص 434 ب 73 و فيه: «و منّا المهدي و هو من ولدك»، البيان: 98 ب 2/ 1، ذخائر العقبى: ص 44، عقد الدرر: ص 25 ب 1، مجمع الزوائد: ج 9 ص 166، الصواعق: 163، تفسير الآية الثانية عشرة، مناقب ابن المغازلي: 101- 102 ح 144، و نحوه ينابيع المودّة: ص 436 ب 73 و فيه: «و الذي نفسي بيده منّا مهدي هذه الامّة و هو من ولدك»، أمالي الطوسي: ج 1 ص 154 نحو ما في المناقب، البحار: ج 37 ص 41- 42 ب 50/ 16 و ص 65- 66 ح 37 و ج 51 ص 67 ب 1/ 6، العمدة: 267 ح 423، الطرائف: 134 ح 212، شرح الأخبار: ج 2/ 509- 510 ح 900

181، 183، 191، 193، 194، 196، 205 إلى 309، 317، 318، 321، 323، 324، 325، 327، 336، 339، 345، 346، 349، 350، 353 إلى 357، 359، 360، 362 إلى 367، 370، 371، 373 إلى 378، 382، 385، 390، 395، 396، 398، 400، 401، 402،406، 407، 411، 414، 416، 417، 418، 434، 435، 438، 450، 451، 456، 458، 461، 463 إلى 470، 475، 478، إلى 480، 492، 494، 496، إلى 499، 500، 502، إلى 509، 516، إلى 572، 575، 578، 580، 581، 586، 588، 590، 591، 595، 597، 603، 608، 609، 610، 613، 624، 625، 641، 645، 653، 654، 670، 685، 726، 757، 771، 780، 786، 787، 789 إلى 807، 859، 902، 903، 904، 918، 928، 932، 939، 942، 956، 958، 960، 973، 974، 1105، 1113، 1116، 1130، 139، 1140، 1158، 1159، 1160، 1162، 1164، 1165، 1168، 1169، 1175، 1178، 1179، 1180، 1184، 1191، 1198، 1205، 1212، 1216 إلى 1219، 1223، 1230، 1235، 1237، 1240، 1243، 1246، 1251، 1252 إلى 1256، 1260، 1264، 1272، 1274.

الفصل الرابع في أنّ اسمه اسم رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم

و كنيته كنيته، و أنّه أشبه الناس به شمائل و أقوالا و أفعالا، و أنّه يعمل بسنّته و فيه 54 حديثا

491-(1)-

الفتن: حدّثنا الوليد، عن أبي رافع، عمّن حدّثه، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: اسم المهديّ اسمي.

492-(2)-

عقد الدرر: عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي، اسمه كاسمي، و كنيته ككنيتي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.

ص: 87


1- . الفتن: ج 5 ص 197 في اسم المهدي. أقول: و أمّا زيادة «و اسم أبيه اسم أبي» على ما أخرجه عن زرّ عن ابن مسعود، و عن ميمون القدّاح عن أبي الطفيل فلا يثبت به صدوره عن النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم لأنّ فيه: قال زرّ عن ابن مسعود، أو قال غيره من رجال الحديث عمّن يرويه، و سمعته غير مرّة لا يذكر اسم أبيه، و ممّا يدلّ على ضعف هذه الزيادة عدم وجودها في المسند فيما أخرجه عن ابن مسعود، مع أنّ سند بعض رواياته لا يختلف مع سندها في «الفتن» في أحد من رجاله، فراجع المسند: ج 1 ص 376 و 377 و 430 و 448، و سيأتي- إن شاء الله تعالى- مضافا إلى ذلك آيات اخرى لهذه الزيادة. الملاحم و الفتن: في الفصل الأوّل الذي عقده لذكر ما في الفتن لنعيم بن حمّاد ص 74 ب 162، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 101 ب 3 ح 9، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 148.
2- . عقد الدرر: ص 32 ب 2، تذكرة الخواص: ص 377، و زاد في آخره: «فذلك هو المهدي».

493-(1)- البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان: قال: و أخرج أيضا (يعني: نعيم بن حمّاد) عن عليّ عليه السلام، قال: اسم المهديّ محمّد.

494-(2)-

سنن الداني: عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: يخرج رجل من أهل بيتي، و يعمل بسنّتي، و ينزل الله له البركة من السماء، و تخرج له الأرض بركتها، و تملأ به عدلا كما ملئت ظلما و جورا، و يعمل على هذه الامّة سبع سنين، و ينزل ببيت المقدس.

495-(3)-العرف الوردي: و أخرج أيضا (يعني: نعيم) عن ابن مسعود، عن النبي عليه الصلاة و السلام قال: اسم المهديّ محمّد.

496-(4)-عقد الدرر: عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لا تقوم الساعة حتّى يلي الأرض رجل من أهل بيتي، اسمه كاسمي.

[قال:] أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقي.

497-(5)-

كمال الدين: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور- رضي الله عنه-، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي جميلة المفضّل بن صالح، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: المهدي منولدي، اسمه اسمي، و كنيته كنيتي، أشبه الناس بي خلقا و خلقا، يكون له غيبة و حيرة تضلّ فيها الامم، ثمّ يقبل كالشهاب الثاقب، يملأها عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما.

ص: 88


1- . البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 101 ب 3 ح 8.
2- . سنن الداني: ص 100 و 101، عقد الدرر (عن الداني في سننه و أبي نعيم في صفة المهدي): ص 20 ب 1 و ص 156 ب 7، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 131 نحوه عن الطبراني في «الأوسط» و أبي نعيم، كشف الغمّة: ج 2 ص 472 ح 25 من أحاديث الأربعين لأبي نعيم. أقول: لا منافاة بين هذا الخبر و ما يدلّ على أنّ مستقرّ حكومته غير بيت المقدس، لعدم صراحة النزول بمكان في اتّخاذه محلا لاقامته.
3- . العرف الوردي: ح 648.
4- . عقد الدرر: ص 30 و 31 ب 2.
5- . كمال الدين: ج 1 ص 286 ب 25 ح 1، إعلام الورى: ص 243 ق 2 من ر 4 ب 2 ف 2، كفاية الأثر: ص 66 و 67 ب 7 ح 6، ينابيع المودّة: ب 94 ص 488 و 493، كشف الغمّة: ج 2 ص 521، فرائد السمطين: ج 2 ص 334- 335 ح 585، إثبات الهداة: ج 3 ص 460 ب 32 ح 103، البحار: ج 51 ص 71- 72 ب 1 ح 13.

498-(1)-

كمال الدين: حدّثنا أبي، و محمّد بن الحسن، و محمّد بن موسى المتوكّل- رضي الله عنهم- قالوا: حدّثنا سعد بن عبد الله، و عبد الله بن جعفر الحميري، و محمّد بن يحيى العطّار جميعا، قالوا: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى و إبراهيم بن هاشم، و أحمد بن أبي عبد الله البرقي، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب جميعا، قالوا:

حدّثنا أبو علي الحسن بن محبوب السرّاد، عن داود بن الحصين، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السلام، قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: المهدي من ولدي، اسمه اسمي، و كنيته كنيتي، أشبه الناس بي خلقا و خلقا، تكون له غيبة و حيرة حتّى تضلّ الخلق عن أديانهم، فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب، فيملأها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.

499-(2)-

كمال الدين: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوري العطّار- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوري، عن حمدان بن سليمان، قال: حدّثني أحمد بن عبد الله بن جعفر الهمداني، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام، قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: القائم من ولدي، اسمه اسمي، و كنيته كنيتي، و شمائله شمائلي، و سنّته سنّتي، يقيم الناس على ملّتي و شريعتي، و يدعوهم إلى كتاب ربّي عزّ و جلّ، من أطاعه فقد أطاعني، و من عصاه فقد عصاني، و من أنكره في غيبته فقد أنكرني، و من كذّبه فقد كذّبني، و من صدّقه فقد صدّقني، إلى الله أشكو المكذّبين لي في أمره، و الجاحدين لقولي في شأنه، و المضلّين لامّتي عن طريقته وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ.

و يدلّ عليه الأحاديث: 245، 255، 265، 272، 279، 288، 289، 321، 339، 354، 355، 357، 397، 400، 402، 406، 409، 428، 441، 461، 484، 485، 506 (و فيه: له اسمان: اسم يخفى و اسم يعلن)، 525، 529 (و فيه: يكنّى أبا عبد الله)، 535، 544 (و فيه ما يدلّ على أنّ من كناه كنية مولانا الباقر عليه السلام)، 546 (و فيه أنه ذو اسمين: خلف و محمّد)، 562، 563،564، 569، 597، 653 (و فيه: يحرم عليهم تسميته)، 693، 726، 784، 791، 792، 797، 799، 800 (و فيه: كنّي بجعفر)، 804، 806، 810 (و فيه:

ص: 89


1- . كمال الدين: ج 1 ص 287 ب 25 ح 4، ينابيع المودّة: ب 94 ص 493، البحار: ج 51 ص 72 ب 1 من أبواب النصوص ح 16.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 411 ب 39 ح 6، البحار: ج 51 ص 73 ب 1 من أبواب النصوص ح 19.

و لا يحلّ لأحد تسميته باسمه أو بكنيته).

الفصل الخامس في شمائله عليه السلام و فيه 29 حديثا

500-(1)-

صفة المهدي: عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم قال: المهدي منا أهل البيت، رجل من أمّتي، أشمّ الأنف، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.

501-(2)-

المصنّف: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن مطر، عن رجل، عن أبي سعيد الخدري، قال: إنّ المهدي أقنى أجلى.

502-(3)-

مسند الروياني، و معجم الطبراني، و مناقب المهدي: عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنه- قال قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: المهدي رجل من ولدي، وجهه كالكوكب الدرّي،اللون عربيّ، و الجسم

ص: 90


1- . عقد الدرر: ص 33 ب 3 قال: أخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي، كشف الغمّة عن الأحاديث الأربعين: ج 2 ص 469 ح 11، فرائد السمطين: ج 2 ص 330 ب 61 ح 58، ينابيع المودّة: ص 488 ب 94، بشارة الإسلام: ج 2 ب 3 ص 271 عن الحافظ أبي نعيم، البحار: ج 51 ص 80.
2- . المصنّف لعبد الرزّاق: ج 11 باب المهدي ح 20773، الفتن: ج 5 في صفة المهدي و نعته ص 195 عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم.
3- . عقد الدرر: ص 34 ب 3 قال: أخرجه الحافظ أبو نعيم في «مناقب المهدي»، و أخرجه الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه، جواهر العقدين: ق 2 ذ 8، الصواعق المحرقة: ص 162 عن الروياني و الطبراني و غيرهما، غاية المأمول: ج 5 ص 343 عن الروياني و أبي نعيم و الديلمي و الطبراني، فردوس الأخبار: ج 4 ص 6940 و فيه: «وجهه كالقمر الدرّي»، البيان: بسنده عن حذيفة ب 17، و قال: «هذا حديث حسن رزقناه عاليا بحمد الله عن جمّ غفير من أصحاب الثقفي و سنده معروف عندنا»، ثمّ ذكر إخراج أبي نعيم و الطبراني و الدّيلمي له. نور الأبصار: ص 154 ب 2 عن الفردوس، إسعاف الراغبين: ص 135 ب 2، ينابيع المودّة: ص 433 ب 73، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 93 و 94 ب 2 ح 16 عن الروياني في مسنده و أبي نعيم، كشف الغمّة: ج 2 ص 469 ح 9 من الأحاديث الأربعين، العرف الوردي: ص 137 و لفظه: «المهدي رجل من ولدي، لونه لون عربي، و جسمه جسم اسرائيلي، على خدّه الأيمن خال كأنّه كوكب درّي (إلى قوله:) و الطير في الجوّ»، أخرجه عن مسند الروياني و أبي نعيم: الجامع الصغير: ج 2 ص 187 حرف الميم ح 45، مهدي آل الرسول: ص 4، إبراز الوهم المكنون: ص 572 ح 66، لوائح الأنوار البهيّة في شرح (منها الإمام الخاتم الفصيح- محمّد المهدي و المسيح) عن المنظومة المسمّاة بالدرّة المضيئة، فيض القدير: ج 6 ص 279، مشارق الأنوار: ص 112 ف 2، الإذاعة: ص 188، القطر الشهدي: ص 48، غالية المواعظ: ج 1 ص 77، الصواعق: ص 162 في الآية الثانية عشرة، الفتاوى الحديثيّة: ص 39 و فيه: «على خدّه الأيمن خال كأنّه كوكب درّي»، نور الأبصار: ص 154، كنز العمّال: ج 14 ح 38666، ذخائر العقبى: ص 136، شرح الأخبار: ج 3 ح 1251 ص 378، و مؤلّفات كثيرة اخرى يطول الكلام بذكر أسمائها. و ليعلم أنّ في بعض هذه المصادر اكتفي بذكر صدر الحديث. أقول: قال بعضهم: «جسم إسرائيلي» أي انّه مثل بني إسرائيل في طول القامة و عظم الجثّة.

إسرائيلي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، يرضى في خلافته أهل الأرض و أهل السماء و الطير في الجوّ، يملك عشرين سنة.

503-(1)-

العوالي: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: ليبعثنّ الله رجلا من عترتي، أفرق الثنايا، أجلى الجبهة، يملأ الأرض عدلا، و يفيض المال فيضا.

504-(2)-

الفتن: حدّثنا الوليد، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي نضرة، أو أبي الصدّيق، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: المهدي أجلى الجبين، أقنى الأنف.

و بسند آخر عن أبي سعيد، عن النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم قال: المهدي أقنى الأنف، أجلى الجبين.

505-(3)-

مسند ابي يعلى: حدّثنا قطن بن بشير، حدّثنا عدي بن أبي عمارة، حدّثنا مطر الورّاق، عن أبي الصدّيق، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: ليقومنّ على أمّتي رجل من أهل بيتي، أقنى، أجلى، يوسع الأرض عدلا كما وسعت ظلما و جورا، يملك سبع سنين.

506-(4)- كمال الدين: حدّثنا علي بن أحمد بن موسى- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدّثنا إسماعيل بن مالك، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي جعفر الباقر، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام و هو على

ص: 91


1- . عقد الدرر: ص 34 ب 3 قال: أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في (عواليه)، فرائد السمطين: ج 2 ص 331 ب 61 ح 582 إلّا أنّه قال: «يبعث الله تعالى من عترتي رجلا أفرق الثنايا، أعلى الجبهة ... الحديث»، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 132 و فيه: «أعلى الجبهة»، المنار المنيف: ص 187- 188 ح 335 ف 50 و فيه: «من عترتي رجلا» و «يفيض المال في زمنه فيضا»، لوائح الأنوار: ج 2 في شرح قوله: منها الامام الخاتم الفصيح»، إسعاف الراغبين: ص 135، جواهر العقدين: ق 2 ذ 8.
2- . الفتن: ج 5 في صفة المهدي و نعته ص 195 و 196، فرائد السمطين: ج 2 ص 330 ب 61 ح 581 إلّا أنّه قال: «المهدي منّا».
3- . مسند أبي يعلى: ج 2 ص 367 ح 154 (1128)، دلائل الإمامة: ب معرفة وجوب القائم و أنّه لا بدّ أن يكون ص 251.
4- . كمال الدين: ج 2 ص 653 ب 57، ح 17، البحار: ج 51 ص 35 ب 4 ح 4 عن غيبة الشيخ، و لم أجده فيه. قال ابن الأثير في النهاية: «س في صفته صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم» «أبيض مشرب حمرة»، الإشراب: خلط لون بلون، كأنّ أحد اللونين سقي اللون الآخر، يقال: بياض مشرب حمرة بالتخفيف، و إذا شدّد كان للتكثير و المبالغة».

المنبر: يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان، أبيض اللون مشرب بالحمرة، مبدح [مندح- خ] البطن، عريض الفخذين، عظيم مشاش المنكبين، بظهره شامتان: شامة على لون جلده، و شامة على شبه شامة النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم، له اسمان: اسم يخفى، و اسم يعلن، فأمّا الذي يخفى فأحمد، و أما الذي يعلن فمحمّد، إذا هزّ رايته أضاء لها ما بين المشرق و المغرب، يضع يده على رءوس العباد، فلا يبقى مؤمن إلّا صار قلبه أشدّ من زبر الحديد، و أعطاه الله تعالى قوّة أربعين رجلا، و لا يبقى ميّت [من المؤمنين- خ] إلّا دخلت عليه تلك الفرحة [في قلبه- خ] و هو في قبره و هم يتزاورون في قبورهم، و يتباشرون بقيام القائم صلوات الله عليه.

507-(1)-

المستدرك: حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدّثنا محمّد بن إسحاق الصنعاني، حدّثنا عمرو بن عاصم الكلابي، حدّثنا عمران القطّان، حدّثنا قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: المهدي منّا أهل البيت، أشمّ الأنف، أقنى، أجلى، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، يعيش هكذا، و بسط يساره و إصبعين من يمينه- المسبحة و الإبهام- و عقد ثلاثة.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرّجاه.

508-(2)- ذكر أخبار أصبهان: حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا أحمد بن الحسين الأنصاري، حدّثنا أحمد بن محمّد بن الحسين بن حفص، حدّثنا جدّي الحسين، حدّثنا عكرمة بن إبراهيم، عن مطر الورّاق، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لا تقوم الساعة حتّى يستخلف رجل من أهل بيتي، أجنأ، أقنى، يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبل ذلك ظلما، يكون سبع سنين.

509-(3)-

الفتن: حدّثنا ابن وهب، عن إسحاق بن يحيى، عن طلحة التّيمي، عن طاوس، قال: قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: هو فتى من قريش، آدم، ضرب من الرجال.

ص: 92


1- . المستدرك: ج 4 ص 557، الإذاعة: ص 138. أقول: قال ابن قيم الجوزيّة في تهذيبه: الجلى: هو انحسار الشعر عن مقدّم الرأس، و يقال: رجل أجلى، و هو أبلغ في النعت من الأملح. قال العجّاج: مع الجلا و لائح القتير. و في اللسان: الأجلى: الحسن الوجه الأنزع، قال أبو عبيد: إذا انحسر الشعر عن نصف الرأس و نحوه فهو أجلى، و أنشد: «مع الجلا و لائح القتير»، و القتير الشيب، أو أوّل ما يلوح منه. و قال ابن الأثير في النهاية: «س و في صفة المهدي: إنّه أجلى الجبهة: الأجلى الخفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين و الّذي انحسر الشعر عن جبهته». و قال السيوطي في الدرّ النثير: قلت: زاد ابن الجوزي الى نصف رأسه. و في الفائق: الجلي: ذهاب شعر الرأس الى نصفه، و الجلح دونه، و الجلى فوقه. و قال في النهاية: «القنى في الأنف طوله، و رقّة أرنبته مع حدب في وسطه».
2- . ذكر أخبار أصبهان: ج 1 ص 84.
3- . الفتن: ج 5 ص 197 ب صفة المهدي، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 147 و لفظه: «المهديّ منّي من قريش ...». و لا يخفى عليك أنّه لا منافاة لمثل هذا الحديث مع الأحاديث الناصّة على طول عمره الشريف، فإنّ المراد من توصيفه بفتى أو شاب أو رجل توصيفه بالفتوّة و رجوليّة رجال القيام و النهضة و نشاط الشباب، هذا مضافا إلى ما ورد فيه بأنّه لا يهرم بمرور الأيّام فيظهر في صورة الرجال الأقوياء. قال في لسان العرب: و الأدمة: السمرة، و الآدم من الناس الأسمر، و قال في صفة موسى على نبيّنا و عليه الصلاة و السلام: إنّه ضرب من الرجال، هو الخفيف اللحم الممشوق المستدقّ. لسان العرب: ج 12 ص 11 مادّة «أدم»، و ج 1 ص 549 مادّة «ضرب».

و يدلّ عليه الأحاديث: 360، 366، 374، 378، 414، 428، 431، 484، 518، 577، 691، 812، 813، 814، 835، 836، 1198، 1217، 1246.

الفصل السادس في أنّه من ولد أمير المؤمنين عليّ عليه السلام و فيه 225 حديثا

510-(1)-

الفتن: حدّثنا يحيى بن اليمان، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي قال: هو [يعني: المهدي] رجل منّي.

511-(2)-

فرائد السمطين: بإسناده عن ثابت بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: إنّ عليّ بن أبي طالب إمام أمّتي، و خليفتي عليها من بعدي،و من ولده القائم

ص: 93


1- . الفتن: ج 5 ص 198 في نسبة المهدي، الملاحم و الفتن: ص 84 ب 189.
2- . فرائد السمطين: ج 2 ص 335 و 336 ب 61 ح 589، ينابيع المودّة: ص 424 ب 94 عن المناقب. و روى في كتاب كشف اليقين: ص 191 و 192 عن الحافظ المسمّى بنادرة الفلك محمّد بن أحمد بن علي النطنزي في كتابه، عن أبي الحسن أحمد بن الحسين المقرئ، عن علي بن شجاع بن علي الصيقلي، عن الشريف أبي القاسم علي بن محمّد بن علي بن القاسم بن محمّد بن عبد الله بن العبّاس بن علي بن أبي طالب عليه السلام، عن الحسن بن إبراهيم بن محمّد بن هشام، عن محمّد بن جعفر الكوفي، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن محمّد بن الفرات، عن ثابت بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس ... نحوه. و روى الصدوق في كمال الدين ج 1 ص 287 ح 7: عن محمّد بن موسى بن المتوكّل عن محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن علي بن عثمان، عن محمّد بن الفرات، عن ثابت بن دينار، عن ابن جبير، عن ابن عبّاس ... نحوه. و قال السيّد ابن طاوس: «من نظر في هذا الحديث المعظّم الّذي هو حجّة على من وصل إليه- و نظر في غيره من الأحاديث الكثيرة المذكورة في كتابنا هذا- عرف أنّ النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم ما ترك لأحد حجّة عليه في علي سلام الله عليه، و في ولده المهدي- صلوات الله عليه و طول غيبته، و كان ذلك من آيات الله جلّ جلاله، و حجج محمّد رسول الله صلوات الله عليه و آله، أخبر بولادة آباء المهدي صلوات الله عليهم، ثمّ أخبر بطول غيبة المهديّ عليه السلام قبل أن يعلم بما انتهت إليه حال المهدي عليه السلام في الغيبة إليه، فلله جلّ جلاله و لمحمّد صلّى الله عليه و آله الحجّة البالغة على من ارسل إليه في دار الفناء و يوم الجزاء» انتهى عن كتاب اليقين باختصاص علي بإمرة المؤمنين، البحار: ج 38 ص 126 و 127 ب 61 ح 76 عن كشف اليقين عن الحافظ محمّد بن أحمد النطنزي، إثبات الهداة: ج 3 ص 618 ب 32 ح 177.

المنتظر الذي يملأ الله به الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا؛ و الذي بعثني بالحقّ بشيرا إنّ الثابتين على القول به في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر، فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري، فقال: يا رسول الله، و للقائم من ولدك غيبة؟ قال: إي و ربي ليمحّص الله به الذين آمنوا و يمحق الكافرين، يا جابر إنّ هذا أمر من أمر الله، و سرّ من سرّ الله، علمه مطويّ عن عباده، فإيّاك و الشكّ فيه، فإنّ الشكّ في أمر الله كفر.

512-(1)-

دلائل الإمامة: و حدّثني أبو المفضّل محمّد بن عبد الله، قال: حدّثنا محمّد بن همام، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، عن سفيان بن المهدي، عن أبان، عن أنس بن مالك، قال:

خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ذات يوم فرأى عليا، فوضع يده بين كتفيه، ثمّ قال: يا علي! لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يملك رجل من عترتك يقال لهالمهدي، يهدي الى الله عزّ و جلّ، و يهتدي به العرب كما هديت أنت الكفّار و المشركين من الضلالة، ثمّ قال: و مكتوب على راحتيه: بايعوه، فإنّ البيعة لله عزّ و جلّ.

513-(2)-

غيبة الشيخ: أحمد بن إدريس، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن مصبح، عن أبي عبد الرحمن، عمّن سمع، عن وهب بن منبّه، يقول عن ابن عباس (في حديث طويل) أنّه قال: يا وهب! ثمّ يخرج المهديّ، قلت: من ولدك؟ قال: لا و الله ما هو من ولدي و لكن من ولد عليّ عليه السلام، و طوبى لمن أدرك زمانه، و به يفرّج الله عن الامّة حتّى يملأها قسطا و عدلا ... إلى آخر الخبر.

514-(3)-

معاني الأخبار: حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني- رحمه الله- قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى العلوي بالبصرة، قال: حدّثني المغيرة بن محمّد، قال: حدّثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام قال: خطب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه بالكوفة بعد منصرفه من النهروان و بلغه أنّ معاوية يسبّه و يلعنه و يقتل أصحابه، فقام خطيبا (ثمّ ذكر خطبته التي ذكر فيها ما أنعم الله على نبيه و عليه ... و ساق الكلام إلى أن قال:) و من ولدي مهدي هذه الامّة.

ص: 94


1- . دلائل الإمامة: معرفة وجوب القائم و أنّه لا بدّ أن يكون ص 250 ح 44، إثبات الهداة: ج 3 ص 574 ب 32 ح 716، و فيه صدر الرواية.
2- . غيبة الشيخ:، ص 187 ح 146، البحار: ج 51 ص 76 ب 1 من أبواب النصوص ح 31، إثبات الهداة: ج 3 ص 504 ب 32 ح 302.
3- . معاني الأخبار: ص 58- 60 ب 27 ح 9، إثبات الهداة: ج 1 ص 488 ب 9 ح 162.

515-(1)-

غيبة الشيخ: أخبرني جماعة، عن أبي جعفر محمّد بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن عليّ بن محمّد بن قتيبة النيشابوري، عن الفضل بن شاذان، عن نصر بن مزاحم، عن أبي لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم (في حديث طويل:) فعند ذلك خروج المهديّ، و هو رجل من ولد هذا، و أشار بيده إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام، به يمحق الله الكذب و يذهب الزمان الكلب، و به يخرج ذلّ الرقّ من أعناقكم [ثمّ قال:] أنا أوّل هذه الامّة، و المهديّ أوسطها، و عيسى آخرها، و بين ذلك شيخ أعوج.و يدل عليه الأحاديث 80، 81، 113، 118، 120، 126، 127، 129، 149، 153، 158، 159، 160، 168، 170، 173، 176، 178، 181، 191، 193، 196، 205 إلى 308، 323، 325، 359، 382، 397، 411، 417، 428، 450، 458، 463، 464، 467، 469، 472، 492، 497 إلى 499، 502، 506، 516 إلى 543، 546 إلى 548، 550 إلى 572، 588، 589، 597، 600، 608، 612، 623 إلى 626، 641، 670، 685، 757، 761، 765، 770، 775، 786 إلى 807، 859، 918، 973، 1104، 1230.

الفصل السابع في أنّه من ولد سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام و فيه 202 حديثا

516-(2)-

المستدرك على الصحيحين: في كتاب الفتن و الملاحم، أخبرني أبو النضر الفقيه، حدّثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدّثنا عبد الله بن صالح، أنبأنا أبو المليح الرقّي، حدّثني زياد بن بيان (و ذكرمن فضله)، قال:

ص: 95


1- . غيبة الشيخ: ص 185 ح 144، البحار: ج 51 ص 75 ب 1 من أبواب النصوص ح 29، إثبات الهداة: ج 3 ص 503 ب 32 ح 300. أقول: الظاهر أنّ الصحيح: «ثبج أعوج»، و قد مرّ معناه في ذيل الحديث 394.
2- . المستدرك على الصحيحين: ج 4 ص 557، التلخيص: ج 4 ص 557، سنن أبي داود: ج 4 ص 107 ح 4284 و جاء فيه: «المهديّ من عترتي من ولد فاطمة»، البيان في أخبار صاحب الزمان: ص 99 و جاء فيه: «من عترتي من ولد فاطمة»، نهاية البداية و النهاية: ج 1 ص 40 و جاء فيه: «من عترتي من ولد فاطمة»، الصواعق المحرقة: ص 236 ب خصوصياتهم الدالّة على عظيم كراماتهم، أخرجه عن أبي داود و النسائي و ابن ماجة و آخرين، و فيه: «من عترتي من ولد فاطمة»، شرح الأخبار: ج 3 ص 395 الجزء الخامس عشر ح 1274 و لفظه: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة ابنتي»، غيبة الشيخ: 185- 186 ح 145 و 187- 188 ح 148. أقول: الحديث مشهور معروف، راجع جوامع الحديث و الكتب المؤلّفة في المهدي عليه السلام و في أشراط الساعة، و لذا لم نزد على ما ذكرناه من المصادر. و أخرج في الفتن ج 5: 197- 198 في نسبة المهدي عليه السلام بسنده عن قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيّب: المهدي حقّ هو؟ قال: هو حقّ، قلت: ممّن هو؟ قال: من قريش، قلت: من أيّ قريش، قال: من بني هاشم، قلت: من أيّ بني هاشم؟ قال: من بني عبد المطّلب، قلت: من أيّ عبد المطلب؟ قال: من ولد فاطمة. و أخرجه عقد الدرر ص 23 ب 1 و فيه: «من أي ولد عبد المطلب»، و فيه: «قلت: من أيّ ولد فاطمة؟ قال: حسبك الآن» قال: أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي، و أخرج نحوه في ص 22 الى قوله: «من ولد فاطمة» عن المقرئ أو الداني. و في العرف الوردي: ج 2 ص 48 مختصرا، و في جواهر العقدين: ق 2 ذ 8. و في شرح الأخبار: ج 3 ص 394- 395 الجزء الخامس عشر ح 1273.

سمعت عليّ بن نفيل يقول: سمعت سعيد بن المسيّب يقول: سمعت أمّ سلمة تقول: سمعت النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم يذكر المهديّ فقال: نعم هو حقّ، و هو من بني فاطمة.

[و حدّثناه] أبو أحمد بكر بن محمّد الصيرفي بمرو، حدّثنا أبو الأحوص محمّد بن الهيثم القاضي، حدّثنا عمرو بن خالد الحرّاني، حدّثنا أبو المليح، عن زياد بن بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، عن أمّ سلمة- رضي الله عنها- قالت: ذكر رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم المهديّ فقال: هو من ولد فاطمة.

517-(1)-

البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان: و أخرج أبو نعيم، عن الحسين عليه السلام أنّ النبيّ صلّى الله عليه و آله قال لفاطمة: يا بنيّة، المهدي من ولدك.

518-(2)-

غيبة الشيخ: أحمد بن إدريس، عن عليّ بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال:

المهديّ رجل من ولد فاطمة، و هو رجل آدم.

519-(3)-

الفتن: حدّثنا أبو هارون، عن عمرو بن قيس الملائي، عن المنهال بن عمرو، عن زرّ بن حبيش سمع عليّا [عليه السلام] رضي الله عنه يقول: المهديّ رجل منّا، من ولد فاطمة [عليها السلام] رضي الله عنها.

ص: 96


1- . البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 94 ب 2 ح 17، العرف الوردي «الحاوي للفتاوي»: ج 2 ص 137 و لفظه: «المهدي من ولدك» عن أبي نعيم، عقد الدرر: ص 21- 22 ب 1 و فيه عن علي بن الحسين عن أبيه عليهما السلام أنّ رسول الله صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم قال لفاطمة عليها السلام: «المهدي من ولدك» أخرجه عن أبي نعيم في صفة المهدي، كشف الغمّة: ج 2 ص 468 ح 4 عن أبي نعيم في الأربعين عن الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عليهما السلام مثل ما في عقد الدرر، دلائل الإمامة: باب معرفة وجوب القائم و أنّه لا بدّ أن يكون ص 234، ذخائر العقبى: في ذكر ما جاء أنّ المهديّ في آخر الزمان منها ص 136.
2- . غيبة الشيخ: ص 187 ح 147، البحار: ج 51 ص 43 ب 4 ح 32، إثبات الهداة: ج 3 ص 504 ب 32 ح 303.
3- . الفتن: ج 5 في نسبة المهدي ص 201، كنز العمّال: ج 14 ص 591 ح 39675، منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 34، الملاحم و الفتن: ص 75 ب 162 عن نعيم.

520-(1)- الأمالي: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، قال:

حدّثنا محمّد بن فيروز بن غياث الجلاب بباب الأبواب، قال: حدّثنا محمّد بن الفضل بن المختار الباني و يعرف بفضلان صاحب الجار، قال:

حدّثني أبي الفضل بن مختار، عن الحكم بن ظهير الفزاري الكوفي، عن ثابت بن أبي صفيّة أبي حمزة، قال: حدّثني أبو عامر القاسم بن عوف، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن سلمان الفارسيّ رضي الله عنه (في حديث طويل) عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم أنّه قال لفاطمة: إنّ الله تعالى اختارني من أهل بيتي، و اختار عليّا و الحسن و الحسين و اختارك، فأنا سيّد ولد آدم، و علي سيّد العرب، و أنت سيّدة النساء، و الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، و من ذرّيّتكما المهديّ، يملأ الله عزّ و جلّ به الأرض عدلا كما ملئت من قبله جورا.

521-(2)-

تفسير فرات الكوفي: عن محمّد بن القاسم بن عبيد معنعنا، عن عبد الله بن عبّاس، عن سلمان الفارسي، عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم (في حديث طويل ذكر فيه فضائل عليّ عليه السلام) أنّه قال لفاطمة عليها السلام: المهديّ الذي يصلّي عيسى خلفه منك و منه.

522-(3)-المناقب: قال عبد الملك للزهري: هل علمت من أمر المنادى باسمه (يعني: القائم عليه السلام) من السماء شيئا؟ قال الزهري:

أخبرني علي بن الحسين أنّ هذا المهدي من ولد فاطمة.

523-(4)-

السيرة الحلبيّة: قال: و قد جاء أنّ المهدي من عترة النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم، من ولد فاطمة.

ص: 97


1- . أمالي الشيخ: ج 2 ص 219 مج 10، البحار ج 22 ص 502- 503 ب 1 ح 48 و ج 40 ص 66- 67 ب 91 ح 100 و فيهما: «و من ذرّيتك المهدي» و الظاهر أنّ النسخة التي كانت عند العلامة المجلسي أصح من النسخة المطبوعة الموجودة عندنا، و لذلك أخرجنا الحديث في هذا الباب، و على كلتا النسختين يدلّ الحديث على أنّه من ولدها عليها السلام.
2- . تفسير فرات الكوفي: في تفسير سورة الواقعة ص 179.
3- . المناقب: ج 1 ص 288.
4- . السيرة الحلبيّة: ج 1 ص 227. أقول: قد اتّفقت كلمات أكابر الحفّاظ و المحدّثين من العامّة على أنّ المهدي من ولد فاطمة عليهما السلام، و قول من قال غير ذلك من بني اميّة و بني العبّاس و أذنابهم مردود إليهم، قد أبطلوه كمال الإبطال، و يدفعه الأخبار المتواترة المخرجة في الصحاح و المسانيد و الجوامع الّتي يجب على الامّة اتّباعها و الاعتقاد بها. و في عقد الدرر: ص 153 و 154 ب 7: ذكر الحافظ عبد الرحمن النخعي السهيلي في كتاب «شرح سيرة الرسول صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم» في تفضيل فاطمة عليها السلام على نساء العالمين، فذكر قوله صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم: «إنّما فاطمة بضعة منّي»، و قوله عليه السلام: «هي خير بناتي» و شبه ذلك، ثمّ ذكر سؤددها و تفضيلها على غيرها، فذكر أسبابا كثيرة منها أنّها قال: و من سؤددها أنّ المهدي المبشّر به في آخر الزمان من ذرّيّتها، فهي مخصوصة بهذه الفضيلة دون غيرها عليها السلام. أقول: في النسخة المخطوطة العتيقة: «الحافظ عبد الرحمن الحنفي»، و لعلّ الصحيح «الخثعمي» كما جاء في مصادر ترجمته، مثل تذكرة الحفّاظ و وفيات الأعيان.

524-(1)- شرح الأخبار: من رواية مخنف بن عبد الله بإسناده عن رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم أنّه قال: المهدي من نسل فاطمة سيّدة نساء العالمين طالت الأيّام أم قصرت، يخرج فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، و يطيب العيش في زمانه، و يصيح صائح بلعنة بني اميّة و شيعتهم، و الصلاة على محمّد، و البركة على علي و شيعته، فيومئذ يؤمن الناس كلّهم أجمعون.

525-(2)-

بحار الأنوار: ما (أى الأمالي): الحفّار، عن عثمان بن أحمد، عن أبي قلابة، عن بشر بن عمر، عن مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن إسماعيل بن أبان، عن أبي مريم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال أبي: دفع النبيّ صلّى الله عليه و آله الراية يوم خيبرالى علي بن أبي طالب عليه السلام ففتح الله عليه، ثمّ ذكر نصبه عليه السلام يوم الغدير، و بعض ما ذكر فيه من فضائله عليه السلام ... الى أن قال: ثمّ بكى النبي صلّى الله عليه و آله، فقيل:

ممّ بكاؤك يا رسول الله؟ قال: أخبرني جبرئيل عليه السلام أنّهم يظلمونه، و يمنعونه حقّه، و يقاتلونه، و يقتلون ولده، و يظلمونهم بعده، و أخبرني جبرئيل عليه السلام عن ربّه عزّ و جلّ أنّ ذلك يزول إذا قام قائمهم،

ص: 98


1- . شرح الأخبار: ج 3 ص 394 الجزء الخامس عشر ح 1272.
2- . بحار الأنوار: ج 28 ص 45- 46 ب 2 ح 8، ج 51 ص 67 ب 1 من أبواب النصوص ح 7 عن الأمالي. اعلم أنّه قد اختلف لفظ الحديث حسب النسخ التي راجعنا إليها، فيظهر من البحار أنّ النسخة الموجودة عند العلامة المجلسي من الأمالي كان لفظها: «اسمه كاسمي و اسم أبيه كاسم ابني»، فقد أخرج الحديث في موضعين من البحار عن الأمالي باللفظ المذكور، كما أخرجه بهذا اللفظ المحدّث العاملي في إثبات الهداة: ج 3 ص 518 ف 12 ب 32 ح 379 عن الأمالي أيضا، و أخرجه في البحار: ج 37 ص 191- 193 ب 52 ح 75 عن الطرائف، و ليس فيه: «و اسم أبيه كاسم ...»، و هذا موافق للنسخة المطبوعة من الطرائف: ص 522 و لفظه: «اسمه كاسمي، و هو من ولد ابنتي»، و موافق أيضا لينابيع المودّة للفاضل القندوزي الحنفي: ص 134- 135 ب 145 عن مناقب الخوارزمي، و هنا نسخ من الأمالي و مناقب الخوارزمي و كشف الغمّة و الطرائف في طبعته الجديدة فيها: «و اسم أبيه اسم أبي»، و لا ريب أنّه لا يثبت بكلّ هذه النسخ واحد من اللفظين و إن كان المظنون بالظنّ القويّ أنّ جملة «و اسم أبيه ...» إمّا لم تكن في الحديث، أو كانت «و اسم أبيه كاسم ابني» فصحّحه بعض النسّاخ على زعمه، حملا لها على حديث زائدة الّذي سيأتي الكلام فيه في الفصل الثاني و العشرون ص 219، مضافا إلى أنّه يردّ كون اللفظ «و اسم أبيه كاسم أبي» الأحاديث الكثيرة الدالّة على أنّ اسم أبيه هو «الحسن». و كيف كان فلا اعتماد على هذه الجملة أيّا ما كان لفظها بعد اختلاف النسخ.

و علت كلمتهم، و أجمعت الامّة على محبّتهم، و كان الشانئ لهم قليلا، و الكاره لهم ذليلا، و كثر المادح لهم، و ذلك حين تغيّر البلاد، و تضعف العباد، و الإياس من الفرج، و عند ذلك يظهر القائم فيهم، قال النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم: اسمه كاسمي، و اسم أبيه كاسم ابني، و هو من ولد ابنتي، يظهر الله الحقّ بهم، و يخمد الباطل بأسيافهم، و يتّبعهم الناس بين راغب إليهم و خائف لهم، قال: و سكن البكاء عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، فقال: معاشر المؤمنين، أبشروا بالفرج، فإنّ وعد الله لا يخلف، و قضاءه لا يردّ، و هو الحكيم الخبير، فإنّ فتح الله قريب، اللهمّ إنّهم أهلي، فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا، اللهمّ اكلأهم، و احفظهم، و ارعهم، و كن لهم، و انصرهم، و أعنهم، و أعزّهم، و لا تذلّهم، و اخلفني فيهم، إنّك على كلّ شي ء قدير.

و يدلّ عليه الأحاديث: 80، 118، 120، 126، 127، 129، 158، 168، 170، 171، 173، 176، 178، 181، 191، 193، 196، 205 إلى 308، 323، 359، 382، 397، 414، 417، 428، 450، 463، 467، 470، 492، 497 إلى 499، 526 إلى 543، 546 إلى 548، 550 إلى 572، 588، 589، 600، 608، 612، 624، 641، 670، 765، 770، 771، 786 إلى 807، 859، 918، 973، 1104، 1230.

الفصل الثامن في أنّه من أولاد السبطين الحسن و الحسين عليهما السلام و فيه 125 حديثا

526-(1)-

ذخائر العقبى: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم يولد منهما- يعني: الحسن و الحسين- مهديّ هذه الامّة.

527-(2)- المعجم الكبير: حدّثنا محمّد بن رزيق بن جامع المصري، حدّثنا الهيثم بن حبيب، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن علي بن علي المكّي الهلالي، عن أبيه قال: دخلت على رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم في شكاته

ص: 99


1- . ذخائر العقبى: في ذكر ما جاء أنّ المهدي في آخر الزمان منهما ص 136. أقول: لا يخفى عليك أنّ أمّ الإمام أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين عليهم السلام هي السيّدة فاطمة بنت السبط الأكبر الإمام المجتبى عليه السلام، فمولانا الباقر و من بعده من الأئمّة الاثني عشر إلى الإمام المهدي عليهم السلام من نسل الحسن و الحسين عليهما السلام كما أخبر به النبي صلّى الله عليه و آله، و هذا من إخباره بالغيب، و أحد أعلام نبوّته.
2- . المعجم الكبير: ج 3 ص 57- 58 ح 2675، صفة المهدي للحافظ أبي نعيم أخرجه عنه في عقد الدرر: 151- 153 ب 7 و 217- 218 ب 9 ف 3، مجمع الزوائد: ج 9 ص 165- 166، البيان في أخبار صاحب الزمان: ص 55 ب 1 ح 1، ذخائر العقبى: في ذكر ما جاء أنّ المهدي في آخر الزمان منهما ص 135 و 136، و قال: أخرجه الحافظ أبو العلاء الهمداني في أربعين حديثا في المهدي، كشف الغمّة عن الحافظ أبي نعيم في الأحاديث الأربعين: ج 2 ح 5 ص 468، ينابيع المودّة: ص 223- 224 و ص 436 ب 73، فرائد السمطين: ج 2 ص 84 ح 403، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 94- 95 ب 2 ح 19، عبقات الأنوار: حديث الطير المجلّد الرابع من المنهج الثاني ص 86 ط الهند، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 137 مختصرا عن الطبراني في الكبير، الإذاعة: ص 136، اسد الغابة: ج 4 ص 42 أخرجه مختصرا عن أبي نعيم و أبي موسى، و الإصابة أيضا و أخرج في القول المختصر: ص 27 أنّه صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم قال لفاطمة[ عليها السلام]: «و الّذي بعثني بالحقّ نبيّا إنّ منهما (يعني: الحسن و الحسين) مهدي هذه الامّة». هذا و لا يخفى أنّ حكم مثل الذهبي في ميزانه على الخبر بالبطلان ليس بعجيب منه و هو الّذي يردّ الأحاديث الصحاح المشهورة في فضائل أهل البيت عليهم السلام و مثالب أعدائهم، و هذا الحديث حيث لا يوافق هواه حكم عليه بالبطلان و اتّهم الهيثم به، و لم يأت بأيّ شاهد يثبت على الهيثم هذا الاتّهام، أو يدلّ على بطلان الخبر، غير أنّه لا يتحمّل ما في فضائلهم، و لو كان موافقا لهواه المائل عن أهل البيت عليهم السلام إلى أعدائهم مثل معاوية لكان ذلك عنده شاهدا على صحّة المتن و السند، و أنّ راويه من أهل السنّة، فانّا لله و إنّا إليه راجعون، و لا حول و لا قوّة إلّا بالله العلي العظيم. أمّا عندنا فالحديث في كمال الاعتبار من حيث المضمون، و لا غرابة فيه أصلا، و له شواهد كثيرة، مثل: حديث عباية عن أبي أيّوب الأنصاري، و حديث أبي سعيد الخدري الّذي أخرجه في ينابيع المودّة: ص 490 عن فضائل الصحابة للسمعاني عن أبي سعيد. ثمّ بعد ذلك كلّه إنّ الّذي يقوى عند النظر هو اتّحاد هذا الهيثم مع الهيثم بن حبيب الصيرفي الكوفي الّذي هو أخو عبد الخالق بن حبيب الّذي قال فيه أحمد: ما أحسن أحاديثه و أشدّ استقامتها، و تأخّر الأوّل عن هذا غير ثابت و إن ادّعاه ابن حجر. و أظنّ أنّ القوم حيث رأوا أنّه لا يوجّه لهم القول في هذا الحديث بعد ما كان راويه مثل الهيثم الذي أثنى عليه أحمد بمثل ما أثنى لجئوا إلى القول بتعدّدهما.

التي قبض فيها، فإذا فاطمة [عليها السلام] رضي الله عنها عند رأسه قال: فبكت حتّى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم طرفه إليها فقال: حبيبتي فاطمة، ما الّذي يبكيك؟ قالت: أخشى الضيعة من بعدك، فقال: يا حبيبتي، أ ما علمت أنّ الله عزّ و جلّ اطّلع الى الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته، ثمّ اطّلع اطّلاعة فاختار منها بعلك، و أوحى إليّ أن انكحك إيّاه، يا فاطمة، و نحن أهل بيت قد أعطانا الله سبع خصال لم يعط أحد قبلنا، و لا يعطىأحد بعدنا: أنا خاتم النبيّين و أكرم النبيّين على الله و أحبّ المخلوقين إلى الله عزّ و جلّ و أنا أبوك، و وصيّي خير الأوصياء و أحبّهم إلى الله و هو بعلك، و شهيدنا خير الشهداء و أحبّهم الى الله و هو حمزة بن عبد المطّلب و هو عمّ أبيك و عمّ بعلك و منّا من له جناحان أخضران يطير في الجنّة مع الملائكة حيث يشاء و هو ابن عمّ أبيك و أخو بعلك، و منّا سبطا هذه الامّة و هما ابناك الحسن و الحسين و هما سيّدا شباب أهل الجنّة، و أبوهما- و الذي بعثني بالحقّ- خير منهما، يا فاطمة، و الّذي بعثني بالحقّ إنّ منهما مهديّ هذه الامّة، إذا صارت الدنيا هرجا و مرجا و تظاهرت الفتن، و تقطّعت السبل، و أغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيرا، و لا صغير يوقّر كبيرا، فيبعث الله عزّ و جلّ عند ذلك منهما من يفتح حصون الضلالة و قلوبا غلفا، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أوّل الزمان، و يملأ الدنيا عدلا كما ملئت جورا، يا فاطمة، لا تحزني و لا تبكي، فإنّ الله عزّ و جلّ أرحم بك و أرأف عليك منّي؛ و ذلك لمكانك منّي و موضعك من قلبي، و

ص: 100

زوّجك الله زوجك و هو أشرف أهل بيتك حسبا، و أكرمهم منصبا، و أرحمهم بالرعيّة، و أعدلهم بالسويّة، و أبصرهم بالقضيّة، و قد سألت ربّي عزّ و جلّ أن تكوني أوّل من يلحقني من أهل بيتي. قال عليّ [عليه السلام] رضي الله عنه: فلمّا قبض النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم لم تبق فاطمة [عليها السلام] رضي الله عنها بعده إلّا خمسة و سبعين يوما حتّى ألحقها الله تعالى به صلّى الله عليه [و آله] و سلّم.

528-(1)-

أمالي الشيخ: في حديث طويل بإسناده عن عليّ بن الحسين عليهما السلام جاء فيه تعظيم جابر للحسن و الحسين عليهما السلام ... إلى أن قال: فأنشأ جابر يحدّث، قال: بينا رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ذات يوم في المسجد و قد حفّ من حوله إذ قال لي: يا جابر! ادع لي حسنا و حسينا، و كان صلّى الله عليه و آله و سلّم شديد الكلف بهما، فانطلقت فدعوتهما و أقبلت أحمل هذا مرّة و هذا مرّة حتّى جئته بهما، فقال لي- و أنا أعرف السرور في وجهه لما رأى من حنوي عليهما و تكريمي إيّاهما-: أ تحبّهما يا جابر؟ قلت: و ما يمنعني من ذلك فداك أبي و امّي و أنا أعرف مكانهما منك، قال: أ فلا اخبرك عن فضلهما؟ قلت: بلى بأبي أنت و امّي، قال صلّى الله عليه و آله و سلّم:

إنّ الله تعالى لمّا أحبّ [أراد- خ] أن يخلقني خلقني نطفة بيضاء طيّبة، فأودعها صلب أبي آدم عليه السلام، فلم يزل ينقلها من صلب طاهر إلى رحم طاهر إلى نوح و إبراهيم عليهما السلام، ثمّ كذلك الىعبد المطّلب، فلم يصبني من دنس الجاهليّة شي ء، ثمّ افترقت تلك النطفة شطرين: إلى عبد الله و أبي طالب، فولدني أبي فختم الله بي النبوّة، و ولد عليّ فختمت به الوصيّة، ثمّ اجتمعت النطفتان منّي و من علي فولدنا الجهر و الجهير- الحسنان- فختم بهما أسباط النبوّة، و جعل ذرّيّتي منهما، و أمرني بفتح مدينة- أو قال: مدائن- الكفر و من ذرّيّة هذا- و أشار إلى الحسين عليه السلام- رجل يخرج في آخر الزمان، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما و جورا، فهما طاهران مطهّران، و هما سيّدا شباب أهل الجنّة، طوبى لمن أحبّهما و أباهما و امّهما، و ويل لمن حاربهم و أبغضهم.

و يدلّ عليه أيضا الأحاديث: 94 إلى 160، 463، 464، 465، 543، 546 إلى 548، 550 إلى 571، 590، 608، 641، 770، 786 إلى 807.

ص: 101


1- . أمالي الشيخ: ج 2 الجزء الثامن عشر ص 113- 114 ح 2، بحار الأنوار: ج 37 ص 44- 47، ب 50 ح 22. أقول: لعلّه كان الأولى ذكر هذا الحديث في الباب الآتي إلّا أنّا أخرجناه هنا بملاحظة نسخة البحار، و لعلّه كان أصحّ و الله أعلم. و فيه: «و جعل ذرّيّتي منهما، و الّذي يفتح مدينة- أو قال: مدائن- الكفر، و يملأ الأرض ...».

الفصل التاسع في أنّه من ولد الحسين عليه السلام و فيه 208 أحاديث

529-(1)-

صفة المهدي: عن حذيفة- رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم بما هو كائن، ثمّ قال:لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله عزّ و جلّ ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلا من ولدي، اسمه اسمي، فقام سلمان الفارسي- رضي الله عنه- فقال: يا رسول الله من أيّ ولدك؟ قال: هو من ولدي هذا، و ضرب بيده على الحسين عليه السلام.

و بلفظ آخر في عقد الدرر(2) عن حذيفة أيضا قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لبعث الله فيه رجلا اسمه اسمي، و خلقه خلقي، يكنّى أبا عبد الله.

[قال]: أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ». و روي من حديث أبي الحسن الربعي المالكي أتمّ من هذا، عن حذيفة أيضا، عن رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم أنّه قال: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لبعث الله فيه رجلا اسمه اسمي، و خلقه خلقي، يكنّى أبا عبد الله، يبايع له الناس بين الركن و المقام، يردّ الله به الدين، و يفتح له فتوح، فلا يبقى على وجه الأرض إلّا من يقول لا إله إلّا الله، فقام سلمان فقال: يا رسول الله، من أيّ ولدك؟ قال: من ولد ابني هذا، و ضرب بيده على الحسين.

ص: 102


1- . عقد الدرر: ص 24 و 25 ب 1 و قال: «أخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي»، ذخائر العقبى: ص 136 و 137 قال: فيحمل ما ورد مطلقا فيما تقدّم على هذا المقيّد، يعني حمل ما ورد من أنّه من ولد رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و عترته، و من ولد فاطمة، و نحو ذلك على هذا المقيّد، و أنّه من ولد الحسين عليه السلام. ينابيع المودّة: ص 488 و 490 ب 94، كشف الغمّة عن أبي نعيم في الأحاديث الأربعين: ج 2 ص 469 ح 6، فرائد السمطين: ج 2 ص 325- 326 ح 575، لسان الميزان: ج 3 ص 238، أخرج عن ابن حبّان عن العبّاس بن بكّار الضبي البصري قال: و من مصائبه: حدّثنا عبد الله بن زياد الكلبي، عن الأعمش، عن زرّ، عن حذيفة رضي الله عنه مرفوعا في المهدي ... فقال سلمان: يا رسول الله فمن أيّ ولدك؟ قال: من ولدي هذا، و ضرب بيده على الحسين[ عليه السلام]. و حكى عن ابن حبّان ذلك الذهبيّ في ميزانه (4160). أقول: لا ذنب لمثل العبّاس بن بكار عندهم إلّا أنّه حدّث ببعض أحاديث فضائل أهل البيت عليهم السلام، و لم يكتمه طمعا للدنيا و جوائز أهل السلطة و السياسة، و لا خوفا من السجن و السوط و القتل، و قد كان على ذلك- أي كتمان فضائلهم و ترك الرواية عنهم- علماء الدولة و محدّثوها. و أمّا ابن حبّان فهو مطعون عندهم بإنكاره النبوّة بقوله: «النبوّة علم و عمل» فحكموا عليه بالزندقة و هجروه، و كتبوا فيه إلى الخليفة فأمر بقتله، و رجل مثل هذا و بهذه العقيدة لا يقبل منه في مثل هذه الانباءات النبويّة الغيبيّة.
2- . عقد الدرر: ص 31 و 32 ب 2، البيان: ص 129 ب 13 بسنده عن حذيفة.

530-(1)-

البيان في أخبار صاحب الزمان: بإسناده عن الدارقطني، بسنده عن سهل بن سليمان، عن أبي هارون العبدي، قال:

أتيت أبا سعيد الخدري فقلت له: هل شهدت بدرا؟ فقال: نعم، فقلت:

أ لا تحدّثني بشي ء ممّا سمعته من رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم في عليّ عليه السلام و فضله؟ فقال: بلى اخبرك، إنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله مرض مرضة نقه منها، فدخلت عليه فاطمة عليها السلام تعوده و أنا جالس عن يمين رسول الله صلّى الله عليه و آله، فلمّا رأت ما برسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم من الضعف خنقتها العبرة حتّى بدت دموعها على خدّها، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه و آله: ما يبكيك يا فاطمة؟ أ ما علمت أنّ الله تعالى اطّلع إلى الأرض اطّلاعة فاختار منها أباك فبعثه نبيّا، ثمّ اطّلع ثانية فاختار بعلك، فأوحى إليّ فأنكحتك إيّاه و اتّخذته وصيّا، أ ما علمت أنّك بكرامة الله تعالى إيّاك زوّجك أعلمهم علما، و أكثرهم حلما، و أقدمهم سلما، فضحكت و استبشرت، فأراد رسول الله صلّى الله عليه و آله أن يزيدها مزيد الخير كلّه الذي قسّمه الله لمحمّد و آل محمّد صلّىالله عليه و آله، فقال لها: يا فاطمة، و لعليّ ثمانية أضراس- يعني مناقب-: إيمان بالله و رسوله، و حكمته، و زوجته، و سبطاه الحسن و الحسين، و أمره بالمعروف، و نهيه عن المنكر، يا فاطمة، إنّا أهل بيت أعطينا ستّ خصال لم يعطها أحد من الأوّلين، و لا يدركها أحد من الآخرين غيرنا أهل البيت: نبيّنا خير الأنبياء و هو أبوك، و وصيّنا خير الأوصياء و هو بعلك، و شهيدنا خير الشهداء و هو حمزة عمّ أبيك، و منّا سبطا هذه الامّة و هما ابناك، و منّا مهديّ هذه الامّة الّذي يصلّي عيسى خلفه، ثمّ ضرب على منكب الحسين فقال: من هذا مهديّ الامّة.

قلت: هكذا أخرجه الدارقطني صاحب «الجرح و التعديل».

531-(2)-

الفتن: حدّثنا الوليد و رشدين، عن أبي لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو، قال: يخرج رجل من ولد الحسين من قبل المشرق، لو استقبلته الجبال لهدمها و اتّخذ فيها طرقا.

ص: 103


1- . البيان في أخبار صاحب الزمان عليه السلام: ب 9 الّذي عقده في تصريح النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم بأنّ المهدي عليه السلام من ولد الحسين عليه السلام ص 121 و 122، الفصول المهمّة: ص 195 و 196، البحار: ج 38 ص 10 و 11 ب 56 ح 17 و ج 51 ص 91، كشف الغمّة: ج 2 ص 481- 482، دلائل الإمامة مختصرا: ص 234.
2- . الفتن: ج 5 في نسبة المهدي ص 199، البيان: ص 93 ب 16 قال: رواه الطبراني و أبو نعيم عنه، الملاحم و الفتن: ص 85 و 86 ب 195 عن كتاب الفتن إلّا أنّه ذكر: «عبد الله بن عمر»، و قال: «لهدّها»، عقد الدرر: ص 127 ب 5 عن الطبراني في معجمه و أبي نعيم و نعيم، و أخرجه أيضا في ص 223 ب 9 ف 3 و لفظه في الأخير: «يخرج المهدي من ولد الحسين».

و يدلّ عليه بالمطابقة أو الالتزام الأحاديث: 80، 113، 126، 127، 129، 167، 168، 170، 171، 173، 176، 178، 181، 191، 193، 196، 205 إلى 308، 382، 397، 414، 428، 465، 466، 526، 527، 528، 532 إلى 543، 546، 547، 548، 550 إلى 571، 588، 600، 608، 612، 641، 770، 786 إلى 807، 859، 918، 973، 1104، 1116، 1139، 1140، 1159، 1168، 1216، 1230.

الفصل العاشر في أنّه من الأئمة التسعة من ولد الحسين عليهم السلام و فيه 165 حديثا

532-(1)-

كفاية الأثر: محمّد بن عبد الله بن المطّلب، قال:

حدّثني إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى بن إسحاق الهاشمي، قال:حدّثني أبي، عن عبد الله بن بكير [بكر- خ] العنوي [الغنوي- خ]، عن حكيم بن جبير، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن زيد بن ثابت، قال:

سمعت رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يقول: علي بن أبي طالب قائد البررة، و قاتل الفجرة، منصور من نصره، و مخذول من خذله، الشاكّ في علي عليه السلام هو الشاكّ في الإسلام، و خير من أخلف بعدي، و خير أصحابي علي، لحمه لحمي، و دمه دمي، و أبو سبطيّ، و من صلب الحسين يخرج الأئمّة التسعة، و منهم مهديّ هذه الامّة.

و يدلّ عليه أيضا الأحاديث: 127، 129، 168، 170، 173، 181، 191، 193، 205 إلى 308، 533 إلى 541، 543، 545، 550، 551، 558، 560 إلى 571، 590، 786 إلى 807، 859، 902، 973.

الفصل الحادي عشر في أنّه التاسع من ولد الحسين عليه السلام و فيه 160 حديثا

533-(2)-

كفاية الأثر: أبو صالح محمّد بن [فيض بن- خ] فيّاض العجلي الساوي، عن محمّد بن أحمد بن عامر، عن عبد الله [أبيه- خ]، عن ركين، عن القاسم بن حسّان، عن زيد بن ثابت، قال: سمعت رسول الله صلّى

ص: 104


1- . كفاية الأثر في باب ما جاء عن زيد بن ثابت عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم في النصوص على الأئمّة الاثني عشر صلوات الله عليهم ص 96 و 97 ب 12 ح 2، البحار: ج 36 ص 318 ب 41 ح 168. أقول: عبد الله بن بكير هو الغنوي الكوفي، في اللسان أنّ ابن حبّان ذكره في الثقات، يروي عن حكيم بن جبير.
2- . كفاية الأثر: ص 97 ب 12 ح 3، البحار: ج 36 ص 318 ب 41 ح 169، الصراط المستقيم: ج 2 ص 115 و 116 ب 10 ق 1 ف 3، و قال: و بمعناه حدّث الحسين بن علي الرازي، و في آخره: «انّه ليخرج من صلب الحسين أئمّة أبرار معصومون، منها مهدي هذه الامّة الّذي يصلّي عيسى بن مريم خلفه، و هو التاسع من صلب الحسين عليه السلام».

الله عليه و آله و سلّم يقول: لا يذهب من الدنيا [لا تذهب الدنيا- خ] حتّى يقوم بأمر أمّتي رجل من صلب الحسين عليه السلام، يملأها عدلا كما ملئت جورا، قلنا: من هو يا رسول الله؟

قال: هو الإمام التاسع من صلب الحسين عليه السلام.

534-(1)-

كفاية الأثر: محمّد بن وهبان بن محمّد النهباني البصري، عن الحسين بن علي البزوفري، عن علي بن العبّاس، عن عبّاد بن يعقوب، عن مسمر بن نويرة، عن أبي بكر بن عيّاش، عن أبي سليمان الضبّي، عن أبي امامة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: لا تقوم الساعة حتّى يقوم قائم الحقّ منّا، و ذلك حين يأذن الله عزّ و جلّ، فمن تبعه نجا، و من تخلّف عنه هلك، فالله اللهعباد الله، ائتوه و لو على الثلج، فإنّه خليفة الله، قلنا: يا رسول الله، متى يقوم قائمكم؟ قال: إذا صارت الدنيا هرجا و مرجا، و هو التاسع من صلب الحسين عليه السلام.

535-(2)-

كفاية الأثر: محمّد بن عبد الله الشيباني، عن محمّد بن الحسين بن حفص الخثعمي الكوفي، عن عبّاد بن يعقوب، عن علي بن هاشم، عن محمّد بن عبد الله، عن أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار، عن أبيه، عن جدّه عمّار، قال: كنت مع رسول الله صلّى الله عليه و آله في بعض غزواته، و قتل علي عليه السلام أصحاب الألوية و فرّق جمعهم، و قتل عمرو بن عبد الله الجمحي، و قتل شيبة بن نافع، أتيت رسول الله فقلت له: يا رسول الله! إنّ عليّا قد جاهد في الله حقّ جهاده، فقال:

لأنّه منّي و أنا منه، وارث علمي، و قاضي ديني، و منجز وعدي، و الخليفة بعدي، و لولاه لم يعرف المؤمن المحض بعدي، حربه حربي، و حربي حرب الله، و سلمه سلمي، و سلمي سلم الله، ألا إنّه أبو سبطيّ و الأئمّة بعدي، من صلبه يخرج الله تعالى الأئمّة الراشدين، و منهم مهديّ هذه الامّة، فقلت: بأبي أنت و امّي يا رسول الله، ما هذا المهديّ؟

قال: يا عمّار، اعلم أنّ الله تبارك و تعالى عهد إليّ أنّه يخرج من صلب الحسين أئمّة تسعة، و التاسع من ولده يغيب عنهم، و ذلك قول الله عزّ و جلّ: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ، يكون له غيبة طويلة،

ص: 105


1- . كفاية الأثر: ص 106 ب ما جاء عن زيد بن ثابت، البحار: ج 36 ص 322 ب 41 ح 176، الصراط المستقيم: ج 2 ص 116 ب 10 ق 1 ف 3 مختصرا. أقول: في البحار: «ميمون بن أبي نويرة»، و في بعض النسخ: «مسمرة بن أبي نويرة»، و في المصدر: «الهنائي»، و الصحيح: «النهباني».
2- . كفاية الأثر: ب 17 ما جاء عن عمّار ... ص 120 ح 1، البحار: ج 36 ص 326- 328 ب 41 ح 183، الصراط المستقيم: ج 2 ص 118 ب 10 ق 1 ف 3 نحوه مختصرا.

يرجع عنها قوم و يثبت عليها آخرون، فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطا و عدلا، و يقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل، و هو سميّي و أشبه الناس بي ... الحديث.

536-(1)- مقتضب الأثر: حدّثنا أبو علي أحمد بن زياد الهمداني، قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا عبد السلام بن صالح الهروي، قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح، عن الربيع بن سعد، عن عبد الرحمن بن سليط، قال: قال الحسين بن علي عليهما السلام: منّا اثنا عشر مهديّا، أوّلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، و آخرهم التاسع من ولدي، و هو القائم بالحقّ، يحيي الله به الأرض بعد موتها، و يظهر به الدين على الدين كلّه و لو كره المشركون، له غيبة يرتدّ فيها قوم، و يثبت على الدين فيها آخرون، فيؤذون و يقال لهم: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ*، أما إنّ الصابر في غيبته على الأذى و التكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم.

537-(2)- كشف الأستار: أخرج أبو محمّد الفضل بن شاذان النيسابوري المتوفّى في حياة أبي محمّد العسكري والد الحجّة عليه السلام في كتابه في «الغيبة»: حدّثنا الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، قال: حدّثنا أبو عبد الله عليه السلام حديثا طويلا عن أمير المؤمنين عليه السلام، أنّه قال في آخره: ثمّ يقع التدابر في الاختلاف بين امراء العرب و العجم، فلا يزالون يختلفون الى أن يصير الأمر الى رجل من ولد أبي سفيان ... إلى أن قال عليه السلام: ثمّ يظهر أمير الأمرة، و قاتل الكفرة، السلطان المأمول، الذي تحيّرت في غيبته العقول، و هو التاسع من ولدك يا حسين، يظهر بين الركنين، يظهر على الثقلين، و لا يترك في الأرض الأدنين، طوبى للمؤمنين الّذين أدركوا زمانه، و لحقوا أوانه، و شهدوا أيّامه، و لاقوا أقوامه.

538-(3)-

كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن الإمام علي بن موسى الرضا، عن موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام أنّه قال: التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحقّ، المظهر للدين، و الباسط للعدل، قال الحسين: فقلت له:

ص: 106


1- . مقتضب الأثر: ص 23، كفاية الأثر: ص 231- 232 ب 31 ح 2، كمال الدين: ج 1 ص 317 ب 30 ح 2، البحار: ج 36 ص 385 ب 43 ح 6، و ج 51 ص 133 ب 3 ح 4، إثبات الهداة: ج 2 ص 133 ب 9 ح 134.
2- . كشف الأستار: ص 180 طبع. س (1318 ه) و ص 221 الطبع الجديد، الأربعين (كفاية المهتدي): ص 31 ذيل ح 1.
3- . كمال الدين: ج 1 ص 304 ب 26 ج 16، البحار: ج 51 ص 110 ب 2 من أبواب النصوص ح 2، إعلام الورى: ص 400 و 401.

يا أمير المؤمنين، و إنّ ذلك لكائن؟ فقال عليه السلام: إي و الذي بعث محمّدا بالنبوّة، و اصطفاه على جميع البريّة، و لكن بعد غيبة و حيرة فلا يثبت فيها على دينه إلّا المخلصون المباشرون لروح اليقين، الّذين أخذ الله عزّ و جلّ ميثاقهم بولايتنا، و كتب في قلوبهم الإيمان، و أيّدهم بروح منه.

539-(1)-

كمال الدين: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه قال: حدّثنا جبرئيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، قال: حدّثني الحسن بن محمّد الصيرفي، عن حنّان بن سدير، عن أبيه سدير بن حكيم، عن أبيه، عن أبي سعيد عقيصا قال: لمّا صالح الحسن بن عليّ عليهما السلام معاوية بن أبي سفيان دخل عليه الناس فلامه بعضهم على بيعته، فقال عليه السلام: ويحكم ما تدرون ما علمت [ما عملت- خ] و الله الّذيعملت خير لشيعتي ممّا طلعت عليه الشمس أو غربت، أ لا تعلمون أنّني إمامكم، مفترض الطاعة عليكم، و أحد سيّدي شباب أهل الجنّة بنصّ من رسول الله صلّى الله عليه و آله عليّ؟

قالوا: بلى، قال: أ ما علمتم أنّ الخضر عليه السلام لمّا خرق السفينة و أقام الجدار و قتل الغلام كان ذلك سخطا لموسى بن عمران، إذ خفي [يخفى- خ] عليه وجه الحكمة في ذلك، و كان ذلك عند الله تعالى ذكره حكمة و صوابا، أ ما علمتم أنّه ما منّا أحد إلّا و يقع في عنقه بيعة لطاغية إمام زمانه [لطاغية زمانه- خ] إلّا القائم الّذي يصلّي روح الله عيسى بن مريم عليه السلام خلفه، فإنّ الله عزّ و جلّ يخفي ولادته، و يغيّب شخصه، لئلا يكون في عنقه بيعة إذا خرج، ذلك التاسع من ولد أخي الحسين، ابن سيّدة النساء [سيّدة الإماء- خ]، يطيل الله عمره في غيبته، ثمّ يظهره بقدرته في صورة شابّ دون أربعين سنة، و ذلك ليعلم أنّ الله على كلّ شي ء قدير.

540-(2)-

كمال الدين: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطّار، قال: حدّثنا أبو عمرو الكشّي [الليثي- خ]، عن محمّد بن مسعود، قال: حدّثنا علي بن محمّد بن شجاع، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين عليهم السلام، قال: قال الحسين بن علي عليهما السلام: في التاسع من ولدي سنّة من يوسف، و سنّة من موسى بن عمران عليهما السلام، و هو قائمنا أهل البيت، يصلح الله تبارك و تعالى أمره في ليلة واحدة.

ص: 107


1- . كمال الدين: ج 1 ص 315- 316 ب 29 ح 2، كفاية الأثر: ص 224- 226 ب 30 ح 4 و ذكر: «التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيّدة الإماء»، إعلام الورى: ص 401، الاحتجاج: ج 2 ص 288.
2- . كمال الدين: ج 1 ص 316- 317 ب 30 ح 1، إعلام الورى: ص 401، البحار: ج 51 ص 132- 133 ب 3 ح 2.

541-(1)-

كمال الدين: حدّثنا أحمد بن محمّد بن إسحاق المعاذي [المعاري- خ]- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني الكوفي، قال: حدّثنا أحمد بن موسى بن الفرات، قال: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا عبد الله بن الزبير، عن عبد الله بن شريك، عن رجل من همدان، قال: سمعت الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام يقول: قائم هذه الامّة هو التاسع من ولدي، و هو صاحب الغيبة، و هو الّذي يقسّم ميراثه و هو حيّ.

و يدلّ عليه أيضا الأحاديث: 205 إلى 308، 543، 550، 551، 558 إلى 571، 608، 612، 641، 786 إلى 807، 859، 918، 973، 1104، 1230.

الفصل الثاني عشر فيما يدلّ على أنّه من ولد عليّ بن الحسين زين العابدين عليهم السلام و فيه 197

حديثا 542-(2)-

أمالي الشيخ: أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل قال:

حدّثنا أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن الحسن العلوي الحسيني، قال:

حدّثنا أبو نصر أحمد بن عبد المنعم بن نصر الصيداوي، قال: حدّثنا حسين بن شدّاد الجعفي، عن أبيه شدّاد بن رشيد، عن عمرو بن عبد الله بن هند الجملي، عن أبي جعفر محمّد بن علي عليهما السلام: أنّ فاطمة بنت علي بن أبي طالب عليه السلام لمّا نظرت الى ما يفعل ابن أخيها عليّ بن الحسين عليهما السلام بنفسه من الدأب في العبادة أتت جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الأنصاري، فقالت له: يا صاحب رسول الله، إنّ لنا عليكم حقوقا، و من حقّنا عليكم إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا أن تذكّروه الله، و تدعوه الى البقيا على نفسه، و هذا علي بن الحسين بقيّة أبيه الحسين قد انخرم أنفه، و ثفنت جبهته و ركبتاه و راحتاه إدآبا منه لنفسه في العبادة، فأتى جابر بن عبد الله باب علي بن الحسين عليهما السلام، و بالباب أبو جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام في اغيلمة من بني هاشم قد اجتمعوا هناك، فنظر جابر بن عبد الله إليه مقبلا فقال:

ص: 108


1- . كمال الدين: ج 1 ص 317 ب 30 ح 2، إعلام الورى: ص 401، البحار: ج 51 ص 133 ب 3 من أبواب النصوص ح 3.
2- . أمالي الشيخ: ج 2 ص 249- 251 م 13 ح 16، بشارة المصطفى: ص 66- 67 مثله باختلاف يسير في بعض الألفاظ إلّا أنّ سنده ينتهي إلى أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهما السلام و سنده هكذا: «أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمّد بن شهريار الخازن في شوّال سنة اثنتي عشرة و خمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بقراءتي عليه، قال: أخبرنا الشيخ السعيد أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي- رحمه الله- و محمّد بن محمّد بن ميمون المعدّل بواسط، قال: حدّثنا الحسن بن اسماعيل البزّاز و جماعة، قالوا: أخبرنا أبو المفضّل محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب الشيباني ... عن عمر بن عبد الله بن الهند الجملي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهما السلام ...» و في آخره: «إن منه لمن يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا»، البحار: ج 46 ص 60- 61 ب 5 من أبواب تاريخ الإمام زين العابدين عليه السلام ح 18.

هذه مشية رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و سجيّته، فمن أنت يا غلام؟ قال: أنا محمّد بن علي بن الحسين، فبكى جابر بن عبد الله- رضي الله عنه- ثمّ قال: أنت و الله الباقر عن العلم حقّا، ادن منّي بأبي أنت، فدنا منه فحلّ جابر أزراره ثمّ وضع يده على صدره فقبّله و جعل عليه خدّه و وجهه، و قال: اقرئك عن جدّك رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم السلام، و قد أمرني أن أفعل بك ما فعلت، و قال صلّى الله عليه و آله: يوشك أن تعيش و تبقى حتّى تلقى من ولدي من اسمه محمّد، يبقر العلم بقرا، و قال لي: إنّك تبقى حتّى تعمى ثمّ يكشف لك عن بصرك، ثمّ قال له: ائذن لي على أبيك، فدخلأبو جعفر عليه السلام على أبيه و أخبره الخبر و قال: إنّ شيخا بالباب و قد فعل بي كيت و كيت، قال: يا بنيّ، ذلك جابر بن عبد الله، ثمّ قال: من بين ولدان أهلك قال لك ما قال، و فعل بك ما فعل؟ قال: نعم، [قال عليه السلام:- خ] إنّا لله، إنّه لم يقصدك فيه بسوء، و لقد أشاط بدمك، ثمّ أذن لجابر فدخل عليه فوجده في محرابه قد أنضته العبادة، فنهض علي عليه السلام و سأله عن حاله سؤالا خفيّا ثمّ أجلسه بجنبه، فأقبل جابر عليه يقول له: يا ابن رسول الله، أ ما علمت أنّ الله تعالى إنّما خلق الجنّة لكم و لمن أحبّكم، و خلق النار لمن أبغضكم و عاداكم، فما هذا الجهد الّذي كلّفته نفسك؟

فقال له علي بن الحسين عليهما السلام: يا صاحب رسول الله، أ ما علمت أنّ جدّي رسول الله صلّى الله عليه و آله قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر و لم يدع الاجتهاد، و قد تعبّد بأبي هو و امّي حتّى انتفخ الساق و ورم القدم، فقيل له: أ تفعل هذا و قد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك و ما تأخّر؟ فقال صلّى الله عليه و آله و سلّم: أ فلا أكون عبدا شكورا، فلمّا نظر جابر الى عليّ بن الحسين عليه السلام و ليس يغني فيه من قول يستميله من الجهد و التعب الى القصد قال له: يا ابن رسول الله، البقيا على نفسك، فإنّك من اسرة بهم يستدفع البلاء و تستكشف اللأواء، و بهم يستمطر السماء، فقال: يا جابر! لا أزال على منهاج أبويّ، مؤتسيا بهما صلوات الله عليهما حتّى ألقاهما، فأقبل جابر على من حضر فقال لهم: و الله ما رؤي من أولاد الأنبياء مثل عليّ بن الحسين إلّا يوسف بن يعقوب، و الله لذرّية علي بن الحسين عليهما السلام أفضل من ذرّيّة يوسف بن يعقوب، إنّ منهم لمن يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.

و يدلّ عليه أيضا بالمطابقه أو الالتزام أو تفسير سائر الروايات الأحاديث: 113، 125، 126، 127، 129، 134، 136، 167، 168، 170، 173، 175 إلى 178، 181، 183، 191، 193، 194، 196، 205 إلى 308، 465، 466، 533 إلى 541، 543 إلى 571، 590، 608، 612، 641، 770، 786 إلى 807، 973، 974، 1216، 1230.

ص: 109

الفصل الثالث عشر في أنّه السابع من ولد الباقر محمّد بن عليّ عليهما السلام و فيه 121 حديثا

543-(1)-

كفاية الأثر: حدّثنا أبو المفضّل- رحمه الله- قال:حدّثني محمّد بن علي بن شاذان بن حبّاب الأزدي الخلّال بالكوفة، قال:

حدّثني الحسن بن محمّد بن عبد الواحد، قال: حدّثنا الحسن ثمّ [ابن- خ] الحسين العربي [العرفي- خ، العرني- خ اخرى] الصوفي، قال: حدّثني يحيى بن يعلى الأسلمي، عن عمرو بن موسى الوجيهي، عن زيد بن علي عليه السلام قال: كنت عند أبي علي بن الحسين عليه السلام إذ دخل عليه جابر بن عبد الله الأنصاري، فبينما هو يحدّثه إذ خرج أخي محمّد من بعض الحجر، فأشخص جابر ببصره نحوه، ثمّ قام إليه فقال: يا غلام أقبل، فأقبل، ثمّ قال: أدبر، فأدبر، فقال: شمائل كشمائل رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، ما اسمك يا غلام؟ قال: محمّد، قال: ابن من؟ قال: ابن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، قال: أنت إذا الباقر، قال: فانكبّ عليه و قبّل رأسه و يديه، ثمّ قال: يا محمّد، إنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يقرئك السلام، قال: على رسول الله أفضل السلام و عليك يا جابر بما أبلغت السلام، ثمّ عاد الى مصلّاه، فأقبل يحدّث أبي و يقول: إنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم قال لي يوما: يا جابر، إذا أدركت ولدي الباقر فاقرأه منّي السلام، فإنّه سميّي و أشبه الناس بي، علمه علمي، و حكمه حكمي، سبعة من ولده امناء معصومون، أئمّة أبرار، و السابع مهديّهم الذي يملأ الدنيا قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، ثمّ تلا رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم:

وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ.

544-(2)-

غيبة النعماني: أخبرنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثنا محمّد بن حسّان الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي، عن إبراهيم بن محمّد بن يوسف، عن محمّد بنعيسى، عن عبد الرزّاق، عن

ص: 110


1- . كفاية الأثر: ص 301- 303 ب 40 فيما جاء عن زيد ح 3، البحار: ج 36 ص 360 ب 41 ح 230، و السند فيه هكذا: «أبو المفضّل الشيباني، عن محمّد بن علي بن شاذان، عن الحسن بن محمّد بن عبد الواحد، عن الحسن بن الحسين العرني، عن يحيى بن يعلى، عن عمر بن موسى، عن زيد».
2- . غيبة النعماني: ص 86- 87 ب 4 ح 17، البحار: ج 24 ص 241- 242 ب 60 ح 3 و ج 36 ص 393- 394 ب 45 ح 9 و ج 51 ص 139- 140 ب 5 ح 13، تأويل الآيات الظاهرة: سورة التوبة آية 36. أقول: الظاهر- و الله أعلم- أنّ قوله: «و أوضح من هذا ...» الى قوله: «المتحرمين به» من كلام النعماني رحمة الله تعالى عليه، كما نرى منه مثل ذلك في موارد اخرى من كتابه، فكلامه تفسير للآية الكريمة. قال العلامة المجلسي- قدّس سرّه-: الظاهر أنّ قوله: «و أوضح ... إلى آخره» من كلام النعماني استخرجه من الأخبار، و يحتمل كونه من تتمّة الخبر، انتهى. أقول: و الاحتمال ضعيف، و عليه نقول: إن كان مراده ممّا فسّر به الآية الكريمة إنكار دلالتها على الشهور الهلاليّة المعروفة و قصر دلالتها على الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام، فالظاهر عدم صحّة ذلك؛ لظهورها فيها، و إن كان مراده بيان تأويل للآية أو معنى آخر لها بحسب اللغة هو أقوم و أوضح من هذا المعنى في حدّ نفسه، و إن كان المتبادر من اللفظ عند غير العارف باللغة هو المعنى الأوّل فهو معنى لا دافع لاحتمال إرادته بعد ما كان اللفظ مشتركا بين المعنيين، و الذهاب إليه متعيّن إذا كان مأثورا عمّن قوله حجّة في تفسير الكتاب و بيان معانيه. و توضيح ذلك: انّ الشهر و الشهور كما يطلقان على الشهر الهلاليّ و الشهور القمريّة يطلقان في اللغة على العالم و العلماء، قال في النهاية: و في شعر أبي طالب: فانّي و الضوابح كلّ يوم و ما تتلو السفاسرة الشهور أي العلماء، واحدهم شهر، كذا قال الهروي، و قال في «سفسر»: السفاسرة أصحاب الأسفار، و هي الكتب. و على هذا يوجّه دلالة الآية على الشهور القمريّة، و على الأئمّة العلماء الاثني عشر عليهم السلام، فلا يمنع من الجمع بينهما إلّا القول بعدم جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد، و هو إن تمّ إنّما يكون إذا كان المتكلّم به بشرا، و أمّا إذا كان المتكلّم به الله تعالى فيجوز ذلك، فإنّه على كلّ شي ء قدير، لا يجوز قياسه تعالى بالبشر الّذي لا يملك لنفسه نفعا و لا ضرّا. و لعلّ هذا يكون هو أحد معاني ما قالوا: «إنّ للقرآن ظهرا و بطنا»، و «ظاهره أنيق و باطنه عميق»، فالمتبادر عند العرف العام غير العارف باللغة هو المعنى الأوّل، إلّا أنّه لا يضرّ بدلالتها على المعنى الثاني أيضا، فإذا قلنا: إنّ للقرآن ظاهرا و باطنا فليكن هذا من باطنه إن لم نقل إنّه أيضا من ظاهره؛ لدلالة اللفظ على المعنيين، و لا بدّ من القول بذلك التفسير، و التفسير به متعيّن بعد ما كان مفسّرها به العترة الطاهرة الّذين وجب التمسّك بهم، و ثبت بالحديث المتواتر «الثقلين» و غيره أنّهم أعدال القرآن، لن يفترقا عن الآخر، و معصومون عن الخطأ، و لا يخلو الزمان منهم و ... و ... هذا و في متشابه القرآن أيضا كلام نحو كلام النعماني فراجعه إن شئت.

محمّد بن سنان، عن فضيل الرسّان، عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت عند أبي جعفر محمّد بن علي الباقر ذات يوم، فلمّا تفرّق من كان عنده قال لي: يا أبا حمزة، من المحتوم الّذي لا تبديل له عند الله قيام قائمنا، فمن شكّ فيما أقول لقي الله و هو به كافر و له جاحد، ثمّ قال: بأبي و امّي المسمّى باسمي، و المكنّى بكنيتي، السابع من بعدي، بأبي من يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا، ثمّ قال: يا أبا حمزة، من أدركه فلم يسلّم له فما سلّم لمحمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم و عليّ عليه السلام، و قد حرّم الله عليه الجنّة، و مأواه النار، و بئس مثوى الظالمين.

و أوضح من هذا بحمد الله و أنور و أبين و أزهر لمن هداه الله و أحسن إليه قول الله في محكم كتابه: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ الله اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ الله يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ، و معرفة الشهور- المحرّم و صفر و ربيع و ما بعده، و الحرم منها و هي: رجب و ذو القعدة و ذو الحجّة و المحرم- لا يكون دينا قيّما؛ لأنّ اليهود و النصارى و المجوس و سائر الملل و الناس جميعا

ص: 111

من الموافقين و المخالفين يعرفون هذه الشهور، و يعدّونها بأسمائها، و إنّما هم الأئمّة عليهم السلام، القوّامون بدين الله و الحرم منها:

أمير المؤمنين الّذي اشتقّ الله تعالى له اسما من اسمه العليّ، كما اشتقّ لرسول الله اسما من اسمه المحمود، و ثلاثة من ولده أسماؤهم علي:

عليّ بن الحسين، و علي بن موسى، و عليّ بن محمّد، فصار لهذا الاسم المشتقّ من اسم الله تعالى حرمة به، و صلوات الله على محمّد و آله المكرّمين المتحرّمين به.545-(1)- إثبات الوصيّة: الحميري، عن محمّد بن عيسى، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن علي بن أبي حمزة، قال: كنت مع أبي بصير و معنا مولى لأبي جعفر، فحدّثنا أنّه سمع أبا جعفر أنّه قال: منّا اثنا عشر محدّثا، القائم السابع بعدي، فقام إليه أبو بصير فقال: أشهد لقد سمعت أبا جعفر يذكر هذا منذ أربعين سنة.

و يدلّ عليه أيضا الأحاديث 235، 242 إلى 308، 550، 551، 554 إلى 571، 608، 612، 641، 786 إلى 807، 859، 973، 974، 1216، 1230.

الفصل الرابع عشر في أنّه من ولد الصادق جعفر بن محمّد عليهم السلام و فيه 120 حديثا

546-(2)-

كشف الغمّة: قال ابن الخشّاب- رحمه الله-:

و حدّثني أبو القاسم طاهر بن هارون بن موسى العلوي، عن أبيه هارون، عن أبيه موسى، قال: قال سيّدي جعفر بن محمّد: الخلف الصالح من ولدي، و هو المهديّ، اسمه محمّد، و كنيته أبو القاسم، يخرج في آخر الزمان، يقال لامّه صقيل ... (إلى أن قال:) و هو ذو الاسمين: خلف و محمّد، يظهر في آخر الزمان و على رأسه غمامة تظلّه من الشمس، تدور معه حيثما دار، تنادي بصوت فصيح: هذا المهديّ.

و يدلّ عليه أيضا الروايات: 235، 242 إلى 308، 550، 551، 554 إلى 571، 608، 612، 641، 770، 786 إلى 807، 859، 973، 974، 1216، 1230.

ص: 112


1- . إثبات الوصيّة: ص 204، غيبة النعماني: ص 96- 97 ب 4، البحار: ج 36 ص 395 ب 45 ح 11.
2- . كشف الغمّة: ج 2 ص 475، أخرجه من كتاب التاريخ لابن الخشّاب، و الظاهر أنّه هو كتابه في تاريخ مواليد الأئمّة. و قوله: «و هو ذو الاسمين ... الخ» يحتمل أن يكون تتمّة هذا الحديث، و يحتمل أن يكون من كلام ابن الخشّاب استخرجه من كتب الحديث، ينابيع المودّة: ص 491 ب 94.

الفصل الخامس عشر في أنّه السادس من ولد الصادق جعفر بن محمّد عليهم السلام و فيه 112 حديثا

547-(1)-

كمال الدين: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد العطّار النيسابوري- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن قتيبة النيسابوري، عن حمدان بن سليمان، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حيّان السرّاج، قال: سمعت السيّد ابن محمّد الحميري يقول: كنت أقول بالغلوّ، و أعتقد غيبة محمّد بن علي- ابن الحنفيّة- قد ضللت في ذلك زمانا، فمنّ الله عليّ بالصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، و أنقذني به من النار، و هداني الى سواء الصراط، فسألته بعد ما صحّ عندي بالدلائل التي شاهدتها منه أنّه حجّة الله عليّ و على جميع أهل زمانه، و أنّه الإمام الذي فرض الله طاعته، و أوجب الاقتداء به، فقلت له: يا بن رسول الله، قد روي لنا أخبار عن آبائك عليهم السلام في الغيبة و صحّة كونها، فأخبرني بمن تقع؟ فقال عليه السلام: إنّ الغيبة ستقع بالسادس من ولدي، و هو الثاني عشر من الأئمّة الهداة بعد رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، و آخرهم القائم بالحقّ، بقيّة الله في الأرض و صاحب الزمان، و الله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه [في الأرض- خ]، لم يخرج من الدنيا حتّى يظهر، فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

قال السيّد: فلمّا سمعت ذلك من مولاي الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام تبت إلى الله تعالى ذكره على يديه، و قلت قصيدتي التي أوّلها:

فلمّا رأيت الناس في الدين قد غووا *** تجعفرت باسم الله فيمن تجعفروا

إلى آخر القصيدة(2).

و يدلّ عليه أيضا الروايات: 235، 242 إلى 308، 558 إلى 571، 608، 612، 641، 786 إلى 807، 859، 973، 1216، 1230.

ص: 113


1- . كمال الدين: ج 1 ص 33 و 34 مقدّمة المصنّف، بشارة المصطفى: ص 278 ح 10 و قد وقع فيه سهو واضح، البحار: ج 51 ص 145 ب 6 ح 12.
2- . راجع تمام القصيدة في كمال الدين، و بشارة المصطفى، و الغدير: ج 2 ص 246.

الفصل السادس عشر في أنّه من صلب الإمام أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهم السلام و فيه 121 حديثا

548-(1)-

غيبة الشيخ: قال أبو عبد الله عليه السلام في حديث طويل: يظهر صاحبنا و هو من صلب هذا، و أومأ بيده إلى موسى بن جعفر عليهما السلام، فيملأها عدلا كما ملئت جورا و ظلما، و تصفو له الدنيا.

و يدلّ عليه أيضا الروايات: 113، 242 إلى 308، 550 إلى 571، 608، 612، 641، 770، 786 إلى 807، 859، 973، 1216، 1230.

الفصل السابع عشر في أنّه الخامس من ولد الإمام السابع موسى بن جعفر عليه السلام و فيه 115 حديثا

549-(2)-

الكافي: علي بن محمّد، عن الحسن بن عيسى بن محمّد بن علي بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم، لا يزيلنّكم عنها أحد، يا بنيّ، إنّه لا بدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة، حتّى يرجع من هذا الأمر من كان يقول به، إنّما هي محنة من الله عزّ و جلّ امتحن بها خلقه، لو علم آباؤكم و أجدادكم دينا أصحّ من هذا لاتّبعوه، قال: قلت: يا سيّدي من الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بنيّ! عقولكم تصغر عن هذا، و أحلامكم تضيق عن حمله، و لكن إن تعيشوا فسوف تدركونه.

550-(3)-

كمال الدين: حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أبي، عن أيّوب بن نوح، عن محمّد بن سنان، عن صفوان بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّهقال: من أقرّ بجميع الأئمّة و جحد المهديّ كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء و جحد محمّدا صلّى الله عليه و آله و سلّم نبوّته، فقيل

ص: 114


1- . غيبة الشيخ: ص 42 ح 23، البحار: ج 49 ص 26 ب 2 ح 44، إثبات الهداة: ج 3 ص 241 ب 24 ح 53.
2- . الكافي: ج 1 ص 336 ب 138 ح 2، غيبة النعماني: ص 154 ب 10 ح 11، كمال الدين: ج 2 ص 359- 360 ب 34 ح 1 نحوه، علل الشرائع: ص 166- 167 ح 128، غيبة الشيخ: ص 104، كفاية الأثر: ب 35 ح 1 ص 268- 269، البحار: ج 51 ص 150 ب 7 ح 1، إثبات الهداة: ج 3 ص 476 ب 32 ح 164 و فيه: بدل «يا بنيّ» «يا أخي»، إعلام الورى: القسم الثاني من الركن الرابع ب 2 ف 1، بشارة الإسلام: ص 149- 150 ب 8 ح 1، إثبات الوصيّة: ص 205.
3- . كمال الدين: ج 2: ص 333 ب 33 ح 1 و ص 338 ب 33 ح 12 و ص 410 و 411 ب 39 ح 4 و ص 411 ب 39 ح 5، إعلام الورى: القسم الثاني من الركن الرابع ب 2 ف 2، البحار: ج 51 ص 145 ب 6 ح 10، إثبات الهداة: ج 3 ص 469- 470 ب 32 ح 138.

له: يا ابن رسول الله، فمن المهديّ من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع، يغيب عنكم شخصه، و لا يحلّ لكم تسميته.

و رواه في باب آخر عن الحسين بن أحمد أيضا.

و روى عن عليّ بن أحمد بن محمّد الدقّاق، عن محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن الحسن بن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن الصادق عليه السلام مثله، إلّا أنّه قال: من أقرّ بجميع الأئمّة من آبائي و ولدي و جحد المهدي من ولدي كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء و جحد محمّدا صلّى الله عليه و آله نبوّته، فقلت: يا سيدي، و من المهدي؟ ... الحديث.

و رواه في موضع آخر عن علي بن أحمد بن محمّد بسنده عن ابن أبي يعفور.

551-(1)-

كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني -رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: دخلت على موسى بن جعفر عليه السلام فقلت له: يا ابن رسول الله، أنت القائم بالحقّ؟ فقال: أنا القائم بالحقّ، و لكنّ القائم الذي يطهّر الأرض من أعداء الله عزّ و جلّ و يملأها عدلا كما ملئت جورا و ظلما هو الخامس من ولدي، له غيبة يطول أمدها خوفا على نفسه، يرتدّ فيها أقوام و يثبت فيها آخرون، ثمّ قال عليه السلام: طوبى لشيعتنا، المتمسّكين بحبلنا في غيبة قائمنا، الثابتين على موالاتنا و البراءة من أعدائنا، اولئك منّا و نحن منهم، قد رضوا بنا أئمّة و رضينا بهم شيعة، فطوبى لهم ثمّ طوبى لهم، و هم و الله معنا في درجاتنا يوم القيامة.

552-(2)-

مقتضب الأثر: محمّد بن جعفر الآدمي من أصل كتابه، و أثنى ابن غالب الحافظ عليه، قال: حدّثني أحمد بن عبيد بن ناصح، قال: حدّثني الحسين بن علوان الكلبي، عن همّام بن الحرث، عنوهب بن منبّه، قال: إنّ موسى نظر ليلة الخطاب إلى كلّ شجرة في الطور، و كلّ حجر و نبات ينطق بذكر محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم و اثني عشر وصيّا له من بعده، فقال موسى: إلهي، لا أرى شيئا خلقته إلّا و هو ناطق بذكر محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم و أوصيائه الاثني عشر، فما منزلة هؤلاء عندك؟ قال: يا ابن عمران، إنّي خلقتهم قبل خلق الأنوار، و جعلتهم في خزانة قدسي، يرتعون في رياض مشيئتي، و يتنسّمون روح جبروتي، و يشاهدون أقطار

ص: 115


1- . كمال الدين: ج 2 ص 361 ب 34 ح 5، كفاية الأثر: ص 269- 270 ب 35 ح 2، إعلام الورى: القسم الثاني من الركن الرابع ب 2 ف 2، البحار: ج 51 ص 151 ب 7 ح 6 و فيه بدل «بحبلنا»: «بحبنا»، إثبات الهداة: ج 3 ص 477 ب 32 ف 5 ح 168.
2- . مقتضب الأثر: ص 41 ح 24، البحار: ج 51 ص 149 ب 26 ح 24، إثبات الهداة: ج 1 ص 712 ب 9 ف 18 ح 161. أقول: لم نذكر هذا الخبر اعتمادا على وهب، بل اعتمادا على ما فيه من إخبار الإمام الصادق عليه السلام به.

ملكوتي، حتّى إذا شئت مشيّتي أنفذت قضائي و قدري، يا ابن عمران، إنّي سبقت بهم السباق حتّى ازخرف بهم جناني، يا ابن عمران، تمسّك بذكرهم فإنّهم خزنة علمي، و عيبة حكمتي، و معدن نوري.

قال الحسين بن علوان: فذكرت ذلك لجعفر بن محمّد عليهما السلام فقال: حقّ ذلك، هم اثنا عشر من آل محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم: عليّ، و الحسن، و الحسين، و علي بن الحسين، و محمّد بن عليّ، و من شاء الله، قلت: جعلت فداك، إنّما أسألك لتفتيني بالحقّ، قال: أنا و ابني هذا، و أومأ الى ابنه موسى، و الخامس من ولده يغيب شخصه، و لا يحلّ ذكره باسمه.

553-(1)-

كمال الدين: حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران- رضي الله عنه-: قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، قال:

حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنّ سنن الأنبياء عليهم السلام بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم منّا أهل البيت، حذو النعل بالنعل و القذّة بالقذّة، قال أبو بصير: فقلت له: يا ابن رسول الله، و من القائم منكم أهل البيت؟ قال: يا أبا بصير، هو الخامس من ولد ابني موسى، ذلك ابن سيّدة الإماء، يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون، ثمّ يظهره الله عزّ و جلّ فيفتح الله على يده مشارق الأرض و مغاربها، و ينزل روح الله عيسى بن مريم عليه السلام فيصلّي خلفه، و تشرق الأرض بنور ربّها، و لا تبقى في الأرض بقعة عبد فيها غير الله عزّ و جلّ إلّا عبد الله فيها، و يكون الدين كلّه لله و لو كره المشركون.

و يدلّ عليه أيضا الروايات: 242 إلى 308، 558 إلى 571، 608، 612، 641، 786 إلى 807، 859، 973، 1216، 1230.

الفصل الثامن عشر في أنّه الرابع من ولد الإمام أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهم السلام و فيه 111 حديثا

554-(2)-

كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، قال: قال علي بن موسى الرضا عليهما السلام: لا

ص: 116


1- . كمال الدين: ج 2 ص 345- 346 ب 33 ح 31، البحار: ج 51 ص 146 ب 6 ح 14 و فيه: «ما وقع عليهم من الغيبات جارية»، إثبات الهداة: ج 3 ص 473 ب 32 ف 5 ح 152 و فيه: «بما وقع عليهم» و فيه: «جارية في القائم ...».
2- . كمال الدين: ج 2 ص 371- 372 ب 35 ح 5، كفاية الأثر: ص 274- 275 ب 36 ح 1، فرائد السمطين: ب 61 من السمط الثاني ص 336 و 337 ح 590، ينابيع المودّة: ص 448 ب 78 و 489 ب 94، البحار: ج 52 ص 322- 325 ب 27 ح 29، إثبات الهداة: ج 3 ص 477- 478 ب 32 ف 5 ح 172، إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2.

دين لمن لا ورع له، و لا إيمان لمن لا تقيّة له، إنّ أكرمكم عند الله أعملكم بالتقيّة، فقيل له: يا ابن رسول الله إلى متى؟ قال: إلى يوم الوقت المعلوم، و هو يوم خروج قائمنا أهل البيت، فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا، فقيل له: يا ابن رسول الله، و من القائم منكم أهل البيت؟ قال: الرابع من ولدي، ابن سيّدة الإماء، يطهّر الله به الأرض من كلّ جور، و يقدّسها من كلّ ظلم، و هو الذي يشكّ الناس في ولادته، و هو صاحب الغيبة قبل خروجه، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره [بنور ربّها- خ] و وضع ميزان العدل بين الناس، فلا يظلم أحد أحدا، و [هو] الذي تطوى له الأرض، و لا يكون له ظلّ، و هو الذي ينادي مناد من السماء، يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه، يقول:

ألا إنّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله فاتّبعوه، فإنّ الحقّ معه و فيه، و هو قول الله عزّ و جلّ: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (1).

555-(2)-

كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريّان بن الصلت، قال: قلت للرضا عليه السلام: أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال:

أنا صاحب هذا الأمر، و لكنّي لست بالذي أملأها عدلا كما ملئت جورا، و كيف أكون ذلك على ما ترى من ضعف بدني، و إنّ القائم هو الذي إذا خرج كان في سن الشيوخ و منظر الشبّان، قويّا في بدنه، حتّى لو مدّ يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها، و لو صاح بين الجبال لتدكدكتصخورها، يكون معه عصا موسى و خاتم سليمان عليهما السلام، ذاك الرابع من ولدي، يغيّبه الله في ستره ما شاء، ثمّ يظهره فيملأ [به] الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

ص: 117


1- . الشعراء: 4.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 376 ب 35 ح 7، إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2، كشف الغمّة: ج 2 ص 524 و زاد في آخره: «كأنّي بهم آيس ما كانوا اذ نودوا نداء يسمع من بعد كما يسمع من قرب، يكون رحمة للعالمين و عذابا للكافرين» إلّا أنّ الظاهر أنّه من حديث آخر، و هو الحديث الثالث من الباب المذكور من كمال الدين، إثبات الهداة: ج 3 ص 478 ب 32 ح 173.

556-(1)-

كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول:

أنشدت مولاي الرضا عليّ بن موسى عليهما السلام قصيدتي الّتي أوّلها:

مدارس آيات خلت من تلاوة *** و منزل وحي مقفر العرصات

فلمّا انتهيت الى قولي:

خروج إمام لا محالة خارج *** يقوم على اسم الله و البركات

يميز فينا كلّ حقّ و باطل *** و يجزي على النعماء و النقمات

بكى الرضا عليه السلام بكاء شديدا، ثمّ رفع رأسه إليّ فقال لي:

يا خزاعي، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام، و متى يقوم؟ فقلت: لا يا مولاي، إلّا أنّي سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد و يملأها عدلا [كما ملئت جورا]، فقال: يا دعبل، الإمام بعدي محمّد ابني، و بعد محمّد ابنه عليّ، و بعد عليّ ابنه الحسن، و بعد الحسن ابنه الحجّة القائم، المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله عزّ و جل ذلك اليوم حتّى يخرج فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، و أمّا «متى» فإخبار عن الوقت، فقد حدّثني، أبي عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام أنّ النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم قيل له: يا رسول الله، متى يخرج القائم من ذرّيّتك؟ فقال صلّى الله عليه و آله و سلّم: مثله مثل الساعة التي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (2) لا يأتيكم إلّا بغتة.

و يدلّ عليه أيضا الروايات: 242 إلى 308، 558 إلى 571، 608، 641، 786 إلى 807، 859، 973، 1230.

ص: 118


1- . كمال الدين: ج 2 ص 372 و 373 ب 35 ح 6، كفاية الأثر: ص 275- 277 ب 36 ح 2، فرائد السمطين: ج 2 ص 61 من السمط الثاني ص 337 و 338 ح 191، الإتحاف بحبّ الأشراف: ص 62 ب 5، ينابيع المودّة: ص 454 ب 80، عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج 2 ص 269 و 270 ح 35، إعلام الورى: ر 3 ب 7 ف 4، البحار: ج 51 ص 154 ب 8 ح 4.
2- . الأعراف: 187.

الفصل التاسع عشر في أنّه من ولد الإمام محمّد بن عليّ الرضا عليهم السلام و فيه 109 حديثا

557-(1)-

كمال الدين: حدّثنا علي بن أحمد بن موسى الدقّاق- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن هارون الصوفي، قال: حدّثنا أبو تراب عبد الله بن موسى الروياني، قال: حدّثنا عبد العظيم بن عبد الله ابن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام [الحسني]، قال: دخلت على سيّدي محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام و أنا اريد أن أسأله عن القائم، أ هو المهدي أو غيره؟ فابتدأني فقال لي: يا أبا القاسم! إنّ القائم منّا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته، و يطاع في ظهوره، و هو الثالث من ولدي، و الّذي بعث محمّدا بالنبوّة و خصّنا بالإمامة إنّه لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيه فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، و إنّ الله تبارك و تعالى ليصلح أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسى إذ ذهب ليقتبس لأهله نارا فرجع و هو رسول نبيّ. ثمّ قال عليه السلام:

أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج.

و يدلّ عليه أيضا الروايات: 242 إلى 308، 558 إلى 571، 608، 641، 786 إلى 807، 859، 973، 1230.

الفصل العشرون في أنّه من ولد الإمام أبي الحسن علي بن محمّد بن علي بن موسى الرضا عليهم السلام و فيه 107 حديثا

558-(2)-

كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم، قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد الموصلي، قال: حدّثنا الصقر بن أبي دلف، قال: سمعت علي بن محمّد بن علي الرضا

ص: 119


1- . كمال الدين: ج 2 ص 377 ح 1، كفاية الأثر: ص 280- 281 ب 37 ح 1، إعلام الورى: ق 2 ر 4 ب 2 ف 2، إثبات الهداة: ج 3 ص 386 ب 27 ف 2 ح 19، البحار: ج 51 ص 156 ب 9 ح 1. أقول: «أبو تراب عبد الله بن موسى» في بعض نسخ كمال الدين، و إسناد غير هذا الحديث، و في التوحيد: ب 8 ح 19 و ب 28 ح 7 و في كفاية الأثر: «عبيد الله بن موسى»، و في البحار: «الدقّاق عن محمّد بن هارون الروياني عن عبد العظيم»، و الظاهر أنّه سقط عنه كلمة «عن» بين «هارون» و «الروياني».
2- . كمال الدين: ج 2 ص 383 ب 37 ح 10، كفاية الأثر: ص 292 ب 38 ح 4، إعلام الورى: ق 2 ر 4 ب 2 ف 2، إثبات الهداة: ج 3 ص 394 ب 30 ف 1 ح 17، البحار: ج 50 ص 239 ف 2 من أبواب تاريخ الإمام أبي محمّد العسكري عليه السلام ح 4.

عليهم السلام يقول: إنّ الإمام بعدي الحسن ابني، و بعد الحسن ابنه القائم الّذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

559-(1)-

كمال الدين: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن العبدوس العطّار- رضي الله عنه-: قال: حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوري، قال: حدّثنا حمدان بن سليمان، قال: حدّثنا الصقر بن أبي دلف، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي الرضا عليهما السلام يقول:

إنّ الإمام بعدي ابني علي، أمره أمري، و قوله قولي، و طاعته طاعتي، و الإمام بعده ابنه الحسن، أمره أمر أبيه، و قوله قول أبيه، و طاعته طاعة أبيه، ثمّ سكت، فقلت له: يا ابن رسول الله، فمن الإمام بعد الحسن؟

فبكى عليه السلام بكاء شديدا ثمّ قال: إنّ من بعد الحسن ابنه القائم بالحقّ المنتظر، فقلت له: يا ابن رسول الله، لم سمّي القائم؟ قال: لأنّه يقوم بعد موت ذكره، و ارتداد أكثر القائلين بإمامته، فقلت له: و لم سمّي المنتظر؟ قال: لأنّ له غيبة يكثر أيّامها، و يطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون، و ينكره المرتابون، و يستهزئ بذكره الجاحدون، و يكذب فيها الوقّاتون، و يهلك فيها المستعجلون، و ينجو فيها المسلمون.

و يدلّ عليه أيضا الروايات: 242 إلى 308، 558 إلى 571، 608، 641، 786 إلى 807، 859، 1230.

الفصل الحادي و العشرون في أنّه خلف خلف أبي الحسن و ابن أبي محمّد الحسن عليهم السلام و فيه 107 حديثا

560-(2)-

الكافي: علي بن محمّد، عمّن ذكره، عن محمّد بن أحمد العلوي، عن داود بن القاسم، قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟

ص: 120


1- . كمال الدين: ج 2 ص 378 ب 36 ح 3، إعلام الورى: ق 2 ر 4 ب 2 ف 2، كفاية الأثر: 283- 284 ب 37 ح 3، البحار: ج 51 ص 30 ب 2 ح 4.
2- . الكافي: ج 1 ص 328 ب 133 ح 13، و ص 332- 333 ب 136 ح 1، كمال الدين: ج 2 ص 381 ب 37 ح 5 «قال: حدّثنا محمّد بن الحسن- رضي الله عنه- قال: حدّثنا سعد بن عبد الله قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن أحمد العلوي عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن صاحب العسكر عليه السلام يقول: الخلف من بعدي ابني الحسن ... الحديث»، إلّا أنّه قال: «لأنّكم»، علل الشرائع: ص 245 ب 179 ح 5، غيبة الشيخ: ص 202 ح 169 مثل كمال الدين، كفاية الأثر: ص 288- 289 ب 38 ح 2، الإرشاد: ص 376، إعلام الورى: ق 2 ر 4 ب 2 ف 2، إثبات الهداة: ج 3 ص 393 ب 30 ف 1 ح 15، الصراط المستقيم: ج 2 ص 170 ق 3 ب 10 و ص 231 ب 11 ف 3، البحار: ج 50 ص 240 ب 2 ح 5 و ج 51 ص 31 ب 3 ح 2 و رمزه (ني) و يظهر من سنده أنّه سهو، و ص 158- 159 ب 9 ح 1، إثبات الوصيّة: ص 186، تقريب المعارف: ص 184 و 192، مرآة العقول: ج 3 ص 393، روضة الواعظين: ص 262، الوافي: ج 2 ص 403 ب 45 ح 903- 1، مستدرك الوسائل: ج 12 ص 281 ح 5، عيون المعجزات: ص 141، كشف الغمّة: في ذكر الامام الثاني عشر، باب ما جاء من النّص ... ص 406، الوسائل (ط آل البيت): ج 16 ص 239 ب 33 (21458).

فقلت: و لم جعلني الله فداك؟ فقال: إنّكم لا ترون شخصه، و لا يحلّ لكم ذكره باسمه، فقلت: فكيف نذكره؟ فقال: قولوا: الحجّة من آل محمّد عليهم السلام.

561-(1)-

كمال الدين: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار- رضي الله عنه- قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، قال: سمعت أبا محمّد الحسن بن علي عليهما السلام يقول: كأنّي بكم و قد اختلفتم بعدي في الخلف منّي، أما إنّ المقرّ بالأئمّة بعد رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم المنكر لولدي كمن أقرّ بجميع أنبياء الله و رسله ثمّ أنكر نبوّة رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، و المنكر لرسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم كمن أنكر جميع أنبياء الله لأنّ طاعة آخرنا كطاعة أوّلنا، و المنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلنا، أما إنّ لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلّا من عصمه الله عزّ و جلّ.

562-(2)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق- رضي الله عنه- قال: حدّثني أبو علي بن همّام، قال: سمعت محمّد بن عثمان العمري- قدّس الله روحه- يقول: سمعت أبي يقول: سئل أبو محمّد الحسن بن علي عليهما السلام و أنا عنده عن الخبر الّذي روي عن آبائه عليهم السلام: أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله على خلقه الى يوم القيامة، و أنّ من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، فقال عليه السلام: إنّ هذا حقّ كما أنّ النهار حقّ، فقيل له: يا ابن رسول الله، فمن الحجّة و الإمام بعدك؟ فقال: ابني محمّد، هو الإمام و الحجّة بعدي، من مات و لم يعرفه مات ميتة جاهلية، أما إنّ له غيبة يحار فيها الجاهلون، و يهلك فيها المبطلون، و يكذب فيها الوقّاتون، ثمّ يخرج فكأنّي أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة.

ص: 121


1- . كمال الدين: ج 2 ص 409 ب 38 ح 8، كفاية الأثر: ص 295- 296 ب 39 ح 5، البحار: ج 51 ص 160 ب 9 ح 6، الصراط المستقيم: ج 2 ص 232 ب 11 ف 2، إثبات الهداة: ج 3 ص 482 ب 32 ح 188.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 409 ب 38 ح 9، كفاية الأثر: ص 296 ب 39 ح 6، البحار: ج 51 ص 160 ب 9 ح 7، الصراط المستقيم: ج 2 ص 232 ب 11 ف 2، إثبات الهداة: ج 3 ص 482 ب 32 ح 189.

563-(1)-

ينابيع المودّة: في المناقب عن واثلة بن الأسقع بن قرخاب، عن جابر بن عبد الله الأنصاري (في حديث ذكر فيه دخول جندل بن جنادة بن جبير اليهودي على النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم وإيمانه بالله و رسوله، و ما سأل عنه رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و استجوابه له) قال (جندل): إنّي رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران عليه السلام فقال: يا جندل، أسلم على يد محمّد خاتم الأنبياء، و استمسك أوصياءه من بعده، فقلت: أسلم، فلله الحمد أسلمت و هداني بك، ثمّ قال: أخبرني يا رسول الله عن أوصيائك من بعدك لا تمسّك بهم، قال: أوصيائي الاثنا عشر، قال جندل: هكذا وجدناهم في التوراة، و قال: يا رسول الله، سمّهم لي، فقال: أوّلهم سيّد الأوصياء أبو الأئمّة عليّ، ثمّ ابناه الحسن و الحسين فاستمسك بهم، و لا يغرّنك جهل الجاهلين، فإذا ولد عليّ بن الحسين زين العابدين يقضي الله عليك، و يكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن تشربه، فقال جندل:

وجدنا في التوراة و في كتب الأنبياء عليهم السلام إيليا و شبّرا و شبيرا، فهذه اسم علي و الحسن و الحسين، فمن بعد الحسين و ما أساميهم؟ قال:

إذا انقضت مدّة الحسين فالإمام ابنه عليّ و يلقّب بزين العابدين، فبعده ابنه محمّد يلقّب بالباقر، فبعده ابنه جعفر يدعى بالصادق، فبعده ابنه موسى يدعى بالكاظم، فبعده ابنه عليّ يدعى بالرضا، فبعده ابنه محمّد يدعى بالتقيّ

ص: 122


1- . ينابيع المودّة: ص 442 و 443 ب 76، و «ابن قرخاب» فيه لعلّه مصحّف «أبو قرصافة» كنية «واثلة». البحار: ج 36 ص 304- 306 ب 41 ح 144، كفاية الأثر: ص 56- 61 ب 7 ح 2. أقول: و في النسخة الّتي هي بأيدينا من كفاية الأثر تهافت ما بين بعض ألفاظ الحديث لا يضرّ بالمقصود و قد تفطّن به العلامة المجلسي و حمله على وقوع التصحيف، و كيف كان فما في الينابيع سالم عن هذا التهافت. تبيين المحجّة الى تعيين الحجّة: ص 261- 264. و أخرج بعض ذيل الحديث في المحجّة: ص 17، إلّا أنّه رواه عن ابن بابويه، و لم أجده فيما بأيدينا من كتبه، و كأنّه زعم كون كفاية الأثر من الصدوق. و لا يخفى عليك ما وقع من السهو في الينابيع، فإن الآية (أُولئِكَ حِزْبُ الله أَلا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ) كما هو هكذا في كفاية الأثر الّذي هو من المصادر الأوّليّة من الحديث ممّا بأيدينا و في البحار و غيرهما، فليصحّح الحديث على هذه المصادر. و أيضا المذكور في كفاية الأثر و البحار و سائر الكتب الّتي راجعناها غير ينابيع المودّة «جندب (جندل- خ) بن جنادة اليهودي من خيبر». كما أنّ في الكفاية و غيره غير الينابيع المنع عن التصريح باسمه، و لفظه: «ثمّ يغيب عنهم إمامهم، قال: يا رسول الله هو الحسن؟ قال: لا، و لكن ابنه الحجّة، قال: يا رسول الله فما اسمه؟ قال: لا يسمّى حتّى يظهره الله ... الحديث» و فيه زيادات اخرى.

و الزكيّ، فبعده ابنه عليّ يدعى بالنقي و الهادي، فبعده ابنه الحسن يدعى بالعسكري، فبعده ابنه محمّد يدعى بالمهدي و القائم و الحجّة، فيغيب ثمّ يخرج، فإذا خرج يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محبّتهم، اولئك الّذين وصفهم الله في كتابه و قال: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ، ثمّ قال تعالى: أُولئِكَ حِزْبُ الله أَلا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ، فقال جندل: الحمد لله الذي وفّقني بمعرفتهم، ثمّ عاش إلى أن كانت ولادة عليّ بن الحسين فخرج الى الطائف و مرض و شرب لبنا، و قال: أخبرني رسول الله صلّى الله عليه و آله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن، و مات و دفن بالطائف بالموضع المعروف بالكوزارة.

564-(1)-

كمال الدين: حدّثنا علي بن عبد الله الورّاق، قال:

حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري، قال:

دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام و أنا اريد أن أسأله عن الخلف [من] بعده، فقال لي مبتدئا: يا أحمد بن إسحاق، إنّ الله تبارك و تعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم عليه السلام، و لا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجّة الله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، و به ينزّل الغيث، و به يخرج بركات الأرض، قال: فقلت له:

يا ابن رسول الله، فمن الإمام و الخليفة بعدك؟ فنهض عليه السلام مسرعا فدخل البيت، ثمّ خرج و على عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر من أبناء الثلاث سنين فقال: يا أحمد بن إسحاق، لو لاكرامتك على الله عزّ و جلّ و على حججه ما عرضت عليك ابني هذا، إنّه سميّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و كنيّه، الّذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، يا أحمد بن إسحاق، مثله في هذه الامّة مثل الخضر عليه السلام، و مثله مثل ذي القرنين، و الله ليغيبنّ غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلّا من ثبّته الله عزّ و جل على القول بإمامته، و وفّقه [فيها] للدعاء بتعجيل فرجه، فقال أحمد بن إسحاق: فقلت له: يا مولاي فهل من علامة يطمئنّ إليها قلبي؟ فنطق الغلام عليه السلام بلسان عربيّ فصيح فقال: أنا بقيّة الله في أرضه، و المنتقم من أعدائه، فلا تطلب أثرا بعد عين يا أحمد بن إسحاق، فقال أحمد بن إسحاق: فخرجت مسرورا فرحا، فلمّا كان من الغد عدت إليه فقلت له: يا ابن رسول الله، لقد عظم سروري بما مننت [به] عليّ، فما السنّة الجارية فيه من الخضر و ذي

ص: 123


1- . كمال الدين: ج 2 ص 384- 385 ب 38 ح 1، كشف الغمّة: ج 2 ص 526 ب 2 ف 3 ح 1، ينابيع المودّة: ص 458 ب 81، البحار: ج 52 ص 23- 24 ب 18 ح 16، إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 3، الصراط المستقيم: ج 2 ص 231- 232 ف 3 ب 11، إثبات الهداة: ج 3 ص 479- 480 ب 32 ح 180.

القرنين؟ فقال: طول الغيبة يا أحمد، قلت: يا ابن رسول الله، و إنّ غيبته لتطول؟ قال: إي و ربّي، حتّى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به، و لا يبقى إلّا من أخذ الله عزّ و جلّ عهده لولايتنا، و كتب في قلبه الإيمان، و أيّده بروح منه، يا أحمد بن إسحاق، هذا أمر من أمر الله، و سرّ من سرّ الله، و غيب من غيب الله، فخذ ما آتيتك و اكتمه و كن من الشاكرين تكن معنا غدا في علّيّين.

565-(1)-

تاريخ مواليد أهل البيت (لابن الخشّاب): قال:- «ذكر الخلف الصالح عليه السلام»: حدّثنا صدقة بن موسى، حدّثنا أبي، عن الرضا عليه السلام قال: الخلف الصالح من ولد أبي محمّد الحسن بن عليّ، و هو صاحب الزمان، و هو المهديّ.

566-(2)-

الكافي: علي بن محمّد، عن محمّد بن علي بن بلال، قال: خرج إليّ من أبي محمّد عليه السلام قبل مضيّه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده، ثمّ خرج إليّ قبل مضيّه بثلاثة أيّام يخبرني بالخلف من بعده.

567-(3)-

الخرائج: و منها ما روي عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عيسى بن مسيح، قال: دخل الحسن العسكري عليه السلام علينا الحبس و كنت به عارفا، فقال لي: لك خمس و ستّون سنة وشهر و يومان، و كان معي كتاب دعاء عليه تاريخ مولدي، و إني نظرت فيه فكان كما قال. قال: و قال: هل رزقت من ولد؟ قلت: لا، قال: اللهمّ ارزقه ولدا يكون له عضدا، فنعم العضد الولد، ثمّ تمثّل:

من كان ذا عضد يدرك ظلامته *** إنّ الذليل الّذي ليست له عضد

فقلت: أ لك ولد؟ قال: إي و الله سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطا و عدلا، فأمّا الآن فلا، ثمّ تمثّل:

لعلّك يوما إن تراني كأنّما *** بنيّ حواليّ الاسود اللوابد

فإنّ تميما قبل أن يلد الحصى *** أقام زمانا و هو في الناس واحد

ص: 124


1- . كشف الغمّة: ج 2 ص 475، ينابيع المودّة: ص 491 ب 94.
2- . الكافي: ج 1 ص 328 ب 134 ح 1، الوافي: ج 2 ص 391- 392 ب 42 ح 880- 1، مرآة العقول: ج 4 ص 1 ب 134 ح 1، الإرشاد: ص 375، إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 3.
3- . الخرائج:، ص 72 ب 13 ح 17، كشف الغمّة: ج 2 ص 503، و فيه و في البحار: «أ لك ولد؟ قال: إي و الله سيكون لي ولد»، البحار: ج 50 ص 275- 276 ب 37 ح 48 و ج 51 ص 162 ب 10 ح 15، الوسائل: ج 21 ص 360- 361، ب 3 من أبواب أحكام الأولاد ح 227302)، إثبات الهداة: ج 2 ص 422 ب 31 ح 78. و في الجميع غير كشف الغمّة: «عيسى بن صبيح» بدل «مسيح»، و في كشف الغمّة: «عيسى بن شج».

و يدلّ عليه أيضا الروايات: 242 إلى 308، 558، 559، 568 إلى 571، 608، 641، 786 إلى 807، 859، 1230.

الفصل الثاني و العشرون فيما يدلّ على أنّ اسم أبيه الحسن عليه السلام و فيه 108 حديثا

568-(1)-

مقتضب الأثر: قال: و ممّا حدّثني به هذا الشيخ الثقة أبو الحسين عبد الصمد بن علي، و أخرجه إليّ من أصل كتابه و تاريخه في سنة خمس و ثمانين و مائتين، سماعه من عبيد بن كثير أبيسعد العامري، قال: حدّثني

ص: 125


1- . مقتضب الأثر: ص 31، البحار: ج 51 ص 110 ح 4. اعلم أنّه يظهر من هذا الباب و غيره من أبواب الكتاب أنّه لا اعتناء بما ورد في رواية أبي داود عن زائدة عن عاصم عن زرّ عن عبد الله عن النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم أنّه قال: «لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث الله رجلا منّي، أو من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، و اسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا»؛ لدلالة هذه الأخبار الكثيرة المتواترة على أنّ اسم أبيه الحسن. و ذكر الكنجي في «البيان» أنّ الترمذي ذكر الحديث و لم يذكر قوله: «و اسم أبيه اسم أبي»، و أنّ الإمام أحمد مع ضبطه و اتقانه روى هذا الحديث في مسنده في عدّة مواضع: «و اسمه اسمي»، ثمّ قال: و جمع الحافظ أبو نعيم طرق هذا الحديث من الجمّ الغفير في «مناقب المهدي» كلّهم عن عاصم بن أبي النجود عن زرّ عن عبد الله عن النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم، فمنهم: سفيان بن عيينة و طرقه عنه بطرق شتّى، و منهم: فطر بن خليفة و طرقه عنه بطرق شتّى، و منهم: الأعمش و طرقه عنه بطرق شتّى، و منهم أبو إسحاق سليمان بن فيروز الشيباني و طرقه عنه بطرق شتّى، و منهم: حفص بن عمر، و منهم: سفيان الثوري و طرقه بطرق شتّى، و منهم: شعبة و طرقه بطرق شتّى، و منهم: واسط بن الحارث، و منهم: يزيد بن معاوية أبو شيبة له فيه طريقان، و منهم: سليمان بن قرم و طرقه عنه بطرق شتّى، و منهم جعفر الأحمر و قيس بن الربيع و سليمان بن قرم و أسباط جمعهم في سند واحد، و منهم: سلام أبو المنذر، و منهم: أبو شهاب محمّد بن إبراهيم الكناني و طرقه عنه بطرق شتّى، و منهم: عمرو بن عبيد التنافسي و طرقه عنه بطرق شتّى، و منهم: أبو بكر بن عيّاش و طرقه عنه بطرق شتّى، و منه: أبو الحجّاف داود بن أبي العوف و طرقه عنه بطرق شتّى، و منهم: عثمان بن شبرمة و طرقه عنه بطرق شتّى، و منهم: عبد الملك بن أبي عيينة، و منهم: محمّد بن عيّاش عن عمرو العامري و طرقه بطرق شتّى، و ذكر سندا و قال فيه: حدّثنا أبو غسّان، حدّثنا قيس و لم ينسبه. و منهم: عمرو بن قيس الملائي، و منهم: عمّار بن زريق، و منهم: عبد الله بن حكيم بن جبير الأسدي، و منهم: عمرو بن عبد الله بن بشير، و منهم: أبو الأحوص، و منهم سعد بن حسن بن اخت ثعلبة، و منهم: معاذ بن هشام، قال: حدّثني أبي عن عاصم، و منهم: يوسف بن يونس، و منهم غالب بن عثمان، و منهم: حمزة الزيّات، و منهم شيبان، و منهم الحكم بن هشام، و رواه غير عاصم عن زرّ و هو عمرو بن مرّة عن زرّ، كلّ هؤلاء رووا: «اسمه اسمي» إلّا ما كان من عبيد الله بن موسى عن زائدة عن عاصم فإنّه قال فيه: «و اسم أبيه اسم أبي»، و لا يرتاب اللبيب أنّ هذه الزيادة لا اعتبار بها مع اجتماع هؤلاء الأئمّة على خلافها، انتهى. و قال في «كشف الغمّة»: أمّا أصحابنا الشيعة فلا يصحّحون هذا الحديث؛ لما ثبت عندهم من اسمه و اسم أبيه عليهما السلام، و أمّا الجمهور فقد نقلوا أنّ زائدة (راوي الحديث) كان يزيد في الأحاديث، فوجب المصير الى أنّه من زيادته ليكون جمعا بين الأقوال و الروايات، انتهى. هذا مختصر الكلام في سند الحديث، و معلوم أنّ مع ذلك لا يبقى مجال للاعتماد على نقل زائدة، و يسقط عن الاعتبار بل تطمئنّ النفس بأنّ زائدة أو غيره من رواة الحديث زاد هذه الجملة فيه، و يحتمل قريبا أن تكون تلك الزيادة من صنعة أهل السياسة و الرئاسة، فإنّ للأحاديث كانت شأنا عظيما في نجاح السياسات و تأسيس الحكومات في الصدر الأوّل، فكانوا يأمرون بوضع الأحاديث، و يتوسّلون بها الى جلب قلوب العامّة لحفظ حكومتهم، و يشهد لذلك أعمال معاوية و شدّته على من يروي في فضل علي عليه السلام حديثا و منقبة، و اعطاؤه الجوائز و الصلات على من وضع حديثا في ذمّ عليّ و أهل البيت، أو مدح عثمان و غيره من بني اميّة، فاستأجر أمثال أبي هريرة من أهل الدنيا و عبدة الدنانير و الدراهم لجعل الأحاديث، و هكذا اجري الأمر في ابتداء خلافة بني العبّاس، و تأسيس حكومتهم و ثورتهم على الأمويين، و استمرّ الأمر، فوضع الوضّاعون بأمرهم أو تقرّبا إليهم أحاديث لتأييد مذاهبهم و آرائهم و سياستهم، و تصحيح أعمالهم الباطلة، و تقوية مواقعهم بين العامّة، و ممّا أخذه العبّاسيّون وسيلة لبناء حكومتهم على عقيدة دينيّة هذه البشائر الواردة في المهدي عليه السلام. فإذن لا بعد في أن يكون الداعي إلى زيادة هذه الجملة تقوية حكومة محمّد بن عبد الله المنصور العبّاسي الملقّب بالمهدي، أو تأييد دعوة محمّد بن عبد الله بن الحسن الملقّب بالنفس الزكيّة- رضي الله عنهم- و هذا الاحتمال عندي قريب جدا، و قد ذكر بعض المؤرّخين (كصاحب الفخري في الآداب السلطانية و الدول الاسلاميّة) أنّ عبد الله المحض أثبت في نفوس طوائف من الناس أنّ ابنه محمّدا هو المهديّ الّذي بشّر به، و أنّه يروي هذه الزيادة: «اسم أبيه اسم أبي»، و أنّ الصادق عليه السلام قال لأبيه عبد الله المحض: إنّ ابنه لا ينالها، فكيف كان، لا اعتبار بهذه الزيادة سيّما في قبال الأخبار المتواترة القطعيّة المذكورة في كتب الأصحاب. هذا، و قد ذكروا وجوها للجمع بين هذه الزيادة و الأخبار المذكورة. الأوّل: ما في كتاب «البيان» للكنجي الشافعي و هو احتمال التصحيف، و أنّ الصادر منه صلّى الله عليه و آله: «و اسم أبيه اسم ابني» يعني الحسن عليه السلام، فإنّ تعبيره صلّى الله عليه و آله عنه بابني و عنه و عن أخيه الحسين بابناي في نهاية الكثرة، فتوهّم فيه الراوي فصحّف ابني بأبي، و يؤيّد هذا الاحتمال الحديث المروي في البحار ج 51 ص 67. الثاني: ما ذكره كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي، قال في «مطالب السئول في مناقب آل الرسول»: لا بدّ قبل الشروع في تفصيل الجواب من بيان أمرين يبنى عليهما الغرض: الأوّل: إنّه شائع في لسان العرب إطلاق لفظة الأب على الجدّ الأعلى و قد نطق القرآن بذلك، فقال تعالى: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ)، و قال تعالى حكاية عن يوسف: (وَ اتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ)، و نطق بذلك النبي في حديث الإسراء، انه قال: «قلت: من هذا؟ قال: أبوك إبراهيم»، فعلم أنّ لفظة الأب تطلق على الجدّ و إن علا، فهذا أحد الأمرين. الثاني: إنّ لفظة الاسم تطلق على الكنية و على الصفة، و قد استعملها الفصحاء و دارت بها ألسنتهم، و وردت في الأحاديث حتّى ذكرها الإمامان البخاري و مسلم، كلّ منهما يرفعه إلى سهل بن سعد الساعدي أنّه قال: عن علي أنّ رسول الله سمّاه بأبي تراب، و لم يكن له اسم أحبّ إليه منه. فاطلق لفظ الاسم على الكنية، و مثل ذلك قال الشاعر: اجلّ قدرك ان تسمى مؤنّثة *** و من كناك فقد سمّاك للعرب و يروى «و من يصفك»، فأطلق التسمية على الكنية أو الصفة، و هذا شائع ذائع في لسان العرب. فإذا وضح ما ذكرناه من الأمرين فاعلم- أيّدك الله بتوفيقه- أنّ النبيّ كان له سبطان: أبو محمّد الحسن، و أبو عبد الله الحسين، و لمّا كان الحجّة الخلف الصالح محمّد من ولد أبي عبد الله الحسين، و لم يكن من ولد أبي محمّد الحسن، و كانت كنية الحسين أبا عبد الله فاطلق النبيّ على الكنية لفظ الاسم لأجل المقابلة بالاسم في حقّ أبيه، و أطلق على الجدّ لفظة الأب، فكأنّه قال: يواطئ اسمه اسمي، فهو محمّد و أنا محمّد، و كنية جدّه اسم أبي، إذ هو أبو عبد الله و أبي عبد الله، لتكون تلك الألفاظ المختصرة جامعة لتعريف صفاته، و إعلام أنّه من ولد أبي عبد الله الحسين بطريق جامع موجز، و حينئذ تنتظم الصفات، و توجد بأسرها مجتمعة للحجّة الخلف الصالح محمّد عليه السلام. فهذا بيان شاف و كاف في إزالة ذلك الإشكال فافهمه، انتهى. الثالث: ما نقل في البحار عن بعض معاصريه و هو أنّ كنية الحسن العسكري عليه السلام أبو محمّد، و عبد الله أبو النبيّ صلّى الله عليه و آله أبو محمّد فتوافق الكنيتان، و الكنية داخلة تحت الاسم (و قد مرّ وجهه في الوجه الثاني). الرابع: ما عن بعض الأفاضل قال: و أحسن الوجوه في جواب الخبر أن يقال: إنّ الخبر هكذا: «اسمه اسمي و اسم أبي» لما مرّ في أخبار عديدة في كتاب «الغيبة» من أنّ للمهديّ ثلاثة أسماء، منها: عبد الله و هو اسم أب النبيّ صلّى الله عليه و آله، و قد مرّ في بعضها: «اسمه اسم أبي» بهذه العبارة، فعلى هذا الخبر أيضا هكذا ورد: «و اسمه اسمي و اسم أبي»، و إنّما زاد الراوي قوله: «اسم أبيه» حيث لم يفهم معنى الخبر، و لم يحتمل أن يكون للمهدي- عجّل الله فرجه- اسمان، فأراد تصحيح الخبر من عنده فزاد هذه الجملة، و قد عرفت أنّ الخبر لا غبار عليه؛ لأنّ له عليه السلام ثلاثة أسماء، فقد بان عدم منافاة الخبر لأخبارنا بوجه، و هذا أحسن الأجوبة، و لم أر من تعرّض له على وضوحه، انتهى. الخامس: ما عن الفاضل المذكور أيضا قال: و يحتمل أن يكون الخبر هكذا: «اسمه اسمي و اسم ابنه اسم أبي»، لما يظهر من جملة من الأخبار أنّ من أولاده عليه السلام عبد الله، و يأتي في الباب الثالث عشر من هذا الكتاب أنّ من كناه عليه السلام أبا عبد الله، فبدّل اسم ابنه باسم ابيه، انتهى. و قد ذكرنا الرواية الّتي أشار إليها في (ب 3 تحت الرقم 397). السادس: ذكر الفاضل المتتبّع المولى محمّد رضا الإمامي في «جنّات الخلود» أنّ للإمام أبي محمّد الحسن العسكري عليه السلام اسمين: أحدهما: الحسن، و الثاني: عبد الله، و ذكر ذلك أيضا من علمائنا صاحب «كفاية الموحّدين»، و من العامّة ملك العلماء القاضي شهاب الدين الدولت آبادي صاحب التفسير المسمّى بالبحر الموّاج و مناقب السادات و هداية السعداء كما في النجم الثاقب، و المولى معين الهروي صاحب تفسير «أسرار الفاتحة» نقل ذلك عنه في «العبقري الحسان»، و على هذا يندفع الإشكال.

ص: 126

نوح بن درّاج، عن يحيى، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن ابن أبي جحيفة السوائي- من سواءة بن عامر- و الحرث بن عبد الله الحارثي الهمداني و الحرث بن شرب، كلّ حدّثنا أنّهم كانوا عند علي بن أبي طالب عليه السلام، فكان إذا أقبل ابنه الحسن عليه السلام يقول: مرحبا يا ابن رسول الله صلّى الله عليه و آله، و إذا أقبل الحسين يقول: بأبي أنت و امّي يا أبا ابن خيرة الإماء، فقيل له: يا أمير المؤمنين، ما بالك تقول هذا للحسن و تقول هذا للحسين؟ و من ابن خيرة الإماء؟

فقال: ذلك الفقيد الطريد الشريد: محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين عليهم السلام، هذا و وضع يده على رأس الحسين عليه السلام.

569-(1)-

كمال الدين: حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد الدقّاق-رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن المفضّل بن عمر، قال: دخلت على سيّدي جعفر بن محمّد عليهما السلام فقلت: يا سيّدي، لو عهدت إلينا في الخلف من بعدك؟ فقال لي:

يا مفضّل، الإمام من بعدي ابني موسى، و الخلف المأمول المنتظر «م ح م د» بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى عليهم السلام.سعد العامري، قال: حدّثني نوح بن درّاج، عن يحيى، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن ابن أبي جحيفة السوائي- من سواءة بن عامر- و الحرث بن عبد الله الحارثي الهمداني و الحرث بن شرب، كلّ حدّثنا أنّهم كانوا عند علي بن أبي طالب عليه السلام، فكان إذا أقبل ابنه الحسن عليه السلام يقول: مرحبا يا ابن رسول الله صلّى الله عليه و آله، و إذا أقبل الحسين يقول: بأبي أنت و امّي يا أبا ابن خيرة الإماء، فقيل له: يا أمير المؤمنين، ما بالك تقول هذا للحسن و تقول هذا للحسين؟ و من ابن خيرة الإماء؟

فقال: ذلك الفقيد الطريد الشريد: محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين عليهم السلام، هذا و وضع يده على رأس الحسين عليه السلام.

ص: 127


1- . كمال الدين: ج 2 ص 334 ب 33 ح 4، إعلام الورى: ص 404 و فيه: «و الخلف المنتظر م ح م د بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى عليهم السلام». أقول: كأنّ فيه اشارة إلى أنّ «الخلف» من ألقاب المهدي عليه السلام، قال ابن الأثير: «الخلف- بالتحريك و السكون- كلّ من يجي ء بعد من مضى، إلّا أنّه بالتحريك في الخير، و بالتسكين في الشرّ، يقال: خلف صدق و خلف سوء». و لعلّ اختصاصه عليه السلام بهذا اللقب لأنّه خلف جميع الأنبياء و الأئمّة عليهم السلام، و يجي ء بعد الجميع.

569-(1)-

كمال الدين: حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد الدقّاق-رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن المفضّل بن عمر، قال: دخلت على سيّدي جعفر بن محمّد عليهما السلام فقلت: يا سيّدي، لو عهدت إلينا في الخلف من بعدك؟ فقال لي:

يا مفضّل، الإمام من بعدي ابني موسى، و الخلف المأمول المنتظر «م ح م د» بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى عليهم السلام.

570-(2)- المناقب: و ممّا كتب عليه السلام (يعني: أبا محمّد الحسن العسكري عليه السلام) إلى أبي الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمّي: اعتصمت بحبل الله، بسم الله الرحمن الرحيم، و الحمد لله ربّ العالمين، و العاقبة للمتّقين، و الجنّة للموحّدين، و النار للملحدين، و لا عدوان إلّا على الظالمين، و لا إله إلّا الله أحسن الخالقين، و الصلاة على خير خلقه محمّد و عترته الطاهرين، و منها: عليك بالصبر و انتظار الفرج، قال النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم: أفضل أعمال أمّتي انتظار الفرج، و لا يزال شيعتنا في حزن حتّى يظهر ولدي الّذي بشّر به النبيّ، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، فاصبر يا شيخي يا أبا الحسن علي، و امر جميع شيعتي بالصبر، فإنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، و العاقبة للمتّقين، و السلام عليك و على جميع شيعتنا و رحمة الله و بركاته، و صلّى الله على محمّد و آله.

571-(3)-

إثبات الوصيّة: أبو الحسن محمّد بن جعفر الأسدي، قال: حدّثني أحمد بن إبراهيم، قال: دخلت على خديجة بنت محمّد بن علي الرضا عليهما السلام، اخت أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام في سنة اثنين

ص: 128


1- . كمال الدين: ج 2 ص 334 ب 33 ح 4، إعلام الورى: ص 404 و فيه: «و الخلف المنتظر م ح م د بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى عليهم السلام». أقول: كأنّ فيه اشارة إلى أنّ «الخلف» من ألقاب المهدي عليه السلام، قال ابن الأثير: «الخلف- بالتحريك و السكون- كلّ من يجي ء بعد من مضى، إلّا أنّه بالتحريك في الخير، و بالتسكين في الشرّ، يقال: خلف صدق و خلف سوء». و لعلّ اختصاصه عليه السلام بهذا اللقب لأنّه خلف جميع الأنبياء و الأئمّة عليهم السلام، و يجي ء بعد الجميع.
2- . المناقب: ج 4 ص 425- 426، مستدرك الوسائل: ج 3 الطبعة الاولى ص 527، رياض العلماء: ج 4 ص 7، روضات الجنّات: ج 3 الطبعة الاولى ص 377، مجالس المؤمنين: المجلس الخامس ص 195، الكنى و الألقاب: ص 217.
3- . إثبات الوصيّة: ص 206 الطبعة القديمة، كمال الدين: ج 2 ص 501 ب 45 ح 27 نحوه، و في نسخة: «خديجة»، و في بعضها: «حليمة»، و في بعضها: «حكيمة»، و الأصحّ: «خديجة». الغيبة: ص 230 ح 196 بسندين، و فيه: «خديجة» لكن محقّق الطبعة الأخيرة صحّحها على البحار و غيره بزعمه فجعلها «حكيمة» و هو و هم منه، فالاعتماد على نسخ الكتاب، البحار: ج 51 ص 363- 364 ب 16 ح 11، إثبات الهداة: ج 3 ص 506 ب 32 ح 313 عن كتاب الغيبة و فيه أيضا: «خديجة».

و ستّين و مائتين بالمدينة، فكلّمتها من وراء حجاب، و سألتها عن دينها، فسمّت لي من تأتمّ بهم، ثمّ قالت: و الخلف الزكيّ ابن الحسن بن علي أخي، فقلت لها: جعلني الله فداك معاينة أو خبرا؟

فقالت: خبرا عن ابن أخي (أبي محمّد) عليه السلام كتب به الى امّه، فقلت لها: فأين الولد؟ فقالت: مستور، قلت: فإلى من تفزع الشيعة؟

قالت: الى الجدّة أمّ أبي محمّد، فقلت لها: اقتداء بمن وصيّته إلى امرأة، فقالت لي: اقتداء بالحسين بن علي عليه السلام؛ لأنّه أوصى إلى اخته زينب بنت علي في الظاهر فكان ما يخرج من علي بن الحسين في زمانه من علم ينسب الى زينب بنت علي عمّته سترا على عليّ بن الحسين و تقيّة و إبقاءعليه، ثمّ قالت: إنّكم قوم أصحاب أخبار و رجال و ثقات، أ ما رويتم أنّ التاسع من ولد الحسين يقسم ميراثه و هو حيّ باق ...

الحديث.

و يدلّ عليه أيضا الروايات: 242 إلى 308، 558 إلى 567، 608، 641، 786 إلى 807، 859، 1166، 1230.

الفصل الثالث و العشرون في أنّه ابن سيّدة الإماء و خيرتهنّ و فيه 11 حديثا

572-(1)- شرح نهج البلاغة (لابن أبي الحديد): قال: و منها (يعني من خطبته التي ذكر بعضها الرضي قدّس سرّه): فانظروا أهل بيت نبيّكم، فإن لبدوا فالبدوا، و إن استنصروكم فانصروهم، فليفرّجنّ الله الفتنة برجل منّا أهل البيت، بأبي ابن خيرة الإماء، لا يعطيهم إلّا السيف هرجا هرجا، موضوعا على عاتقه ثمانية أشهر حتّى تقول

ص: 129


1- . شرح نهج البلاغة: ج 2 ص 179 ينابيع المودّة: ص 498 ب 96. قال ابن أبي الحديد في شرحه: فإن قيل: فمن يكون من بني اميّة في ذلك الوقت موجودا حتّى يقول عليه السلام في أمرهم ما قال من انتقام هذا الرجل منهم حتّى يودّوا لو أنّ عليّا عليه السلام كان المتولّي لأمرهم عوضا عنه؟ قيل: أمّا الإماميّة فيقولون بالرجعة، و يزعمون أنّه سيعاد قوم بأعيانهم من بني اميّة و غيرهم إذا ظهر إمامهم المنتظر، و أنّه يقطع أيدي أقوام و أرجلهم، و يسمل عيون بعضهم، و يصلب قوما آخرين، و ينتقم من أعداء آل محمّد عليه السلام المتقدّمين و المتأخّرين. ثمّ ردّ ابن أبي الحديد هذا الإشكال على مذهب أصحابه- بعد التصريح بأنّه عليه السلام من ولد فاطمة، و يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا، و ينتقم من الظالمين، و ينكل بهم أشدّ النكال، و أنّه ابن أمّ ولد كما قد ورد في هذا الأثر و غيره، و أنّ اسمه محمّد- بأنّه إنّما يظهر بعد أن يستولي على كثير من الاسلام ملك من أعقاب بني اميّة و هو السفياني الموعود به في الخبر الصحيح من ولد أبي سفيان بن حرب بن اميّة، و أنّ الإمام الفاطمي يقتله و يقتل أشياعه من بني اميّة و غيرهم، و حينئذ ينزل المسيح عليه السلام من السماء، و تبدو أشراط الساعة، و تظهر دابّة الأرض ... الخ. غيبة النعماني: ص 229 ب 13 ح 11 نحوه، البحار: ج 51 ص 121 ذيل ح 23.

قريش: لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا، يغريه الله ببني اميّة حتّى يجعلهم حطاما و رفاتا مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِيلًا، سُنَّةَ الله فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلًا.

573-(1)-

ينابيع المودّة: روى المدائني في كتاب صفّين، قال:

خطب عليّ عليه السلام بعد انقضاء أمر النهروان، فذكر طرفا من الملاحم، و قال: ذلك أمر الله، و هو كائن وقتا مريحا، فيا ابن خيرة الإماء، متى تنتظر؟ أبشر بنصر قريب من ربّ رحيم، فبأبي و امّيمن عدّة قليلة، أسماؤهم في الأرض مجهولة، قد دنا حينئذ ظهورهم، يا عجبا كلّ العجب بين جمادى و رجب، من جمع أشتات، و حصد نبات، و من أصوات بعد أصوات، ثمّ قال: سبق القضاء سبق.

قال رجل من أهل البصرة الى رجل من أهل الكوفة في جنبه:

أشهد أنّه كاذب، قال الكوفي: و الله ما نزل عليّ من المنبر حتّى فلج الرجل فمات من ليلته.

و لو أردنا استقصاء أخباره عن الغيوب الصادقة التي شاهدوا صدقها عيانا لبلغ كراريس كثيرة، انتهى الشرح.

574-(2)-

كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أبي أحمد محمّد بن زياد الأزدي، قال: سألت سيّدي موسى بن جعفر عليهما السلام عن قول الله عزّ و جلّ: «و أسبغ عليكم نعمه ظاهرة و باطنة» فقال عليه السلام: النعمة الظاهرة الإمام الظاهر، و الباطنة الإمام الغائب، فقلت له: و يكون في الائمّة من يغيب؟ قال: نعم، يغيب عن أبصار الناس شخصه، و لا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، و هو الثاني عشر منّا، يسهّل الله له كلّ عسير، و يذلّل له كلّ صعب، و يظهر له كنوز الأرض، و يقرّب له كلّ بعيد، و يبير به [يتبر- خ، يفني به من- خ] كلّ جبّار عنيد، و يهلك على يده كلّ شيطان مريد، ذلك ابن سيّدة الإماء الّذي تخفى على الناس ولادته، و لا يحلّ لهم تسميته حتّى يظهره الله عزّ و جلّ، فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

575-(3)-

كمال الدين: حدّثنا علي بن أحمد بن عمران- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله الكوفي، قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنّ سنن الأنبياء عليهم السلام بما وقع بهم من

ص: 130


1- . ينابيع المودّة: ص 512 ب 99.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 368 و 369 ب 34 ح 6، كفاية الأثر: ص 266 ب ما جاء عن موسى بن جعفر عليهما السلام ح 3 عن محمّد بن عبد الله بن حمزة عن عمّه الحسن بن حمزة عن علي بن إبراهيم بن هاشم. البحار: ج 51 ص 150 و 151 ح 2 ب 7.
3- . كمال الدين: ج 2 ص 345 و 346 ح 31.

الغيبات حادثة في القائم منّا أهل البيت حذو النعل بالنعل، و القذّة بالقذّة(1)،

قال أبو بصير: فقلت يا ابن رسول الله، و من القائم منكم أهل البيت؟ فقال:يا أبا بصير، هو الخامس من ولد ابني موسى، ذلك ابن سيّد الإماء، يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون، ثمّ يظهره الله عزّ و جلّ فيفتح الله على يده مشارق الأرض و مغاربها، و ينزل روح الله عيسى بن مريم عليه السلام فيصلّي خلفه، و تشرق الأرض بنور ربّها، و لا تبقى في الأرض بقعة عبد فيها غير الله عزّ و جلّ إلّا عبد الله عزّ و جل فيها، و يكون الدين كلّه لله و لو كره المشركون.

576-(2)-

غيبة النعماني: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن رباح الزهري، قال: حدّثنا أحمد بن علي الحميري، قال: حدّثنا الحكم أخو مشمعلّ الأسدي، قال:

حدّثني عبد الرحيم القصير، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: قول أمير المؤمنين عليه السلام «بأبي ابن خيرة الإماء» أ هي فاطمة؟ فقال: إنّ فاطمة عليها السلام خيرة الحرائر، ذاك المبدح بطنه (3)، المشرب حمرة، رحم الله فلانا.

577-(4)-

غيبة الشيخ: سعد بن عبد الله، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: سأل عمر بن الخطّاب أمير المؤمنين عليه

ص: 131


1- . أخرج الحاكم في المستدرك في كتاب الإيمان: ج 1 ص 37 بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: «لتتبعنّ سنن من كان قبلكم باعا فباعا، و ذراعا فذراعا، و شبرا فشبرا، حتّى لو دخلوا جحر ضبّ، قال: لدخلتموه معهم، قال: قيل: يا رسول الله، اليهود و النصارى، قال: فمن إذن». (قال الحاكم:) هذا حديث صحيح على شرط مسلم، و لم يخرّجاه بهذا اللفظ، انتهى. أقول: روي هذا الحديث بألفاظ مختلفة في كتب الفريقين.
2- . غيبة النعماني: ص 228 و 229 ب 13 ح 9.
3- . أي واسعه و عريضه.
4- . غيبة الشيخ: ص 281 فصل في ذكر طرف من صفاته ح 5، البحار ج 51 ص 36 ب 4 ح 6 عن النعماني و الشيخ و فيه: «عهد»، كمال الدين: ج 2 ص 468 ب 56 ح 3 أخرج صدره مع بعض الاختلاف في اللفظ، إعلام الورى: ص 434، الخرائج: ج 3 ص 1152 مختصرا، الإرشاد للمفيد: ص 363، كشف الغمّة: ج 2 ص 464 و فيه: «عهد» بدل «شهد»، روضة الواعظين: ج 2 ص 266 و فيه أيضا «عهد»، إثبات الهداة: ج 3 ص 730 ب 34 ف 6 ح 71 و فيه: «عهد». و اعلم أنّه لا منافاة بين مثل هذا الحديث و الأحاديث الكثيرة الدالّة علي طول عمره عليه السلام، فالجمع أنّه كناية عن زهر لونه و حسن منظره و أنّه بحالة الشباب و نشاط الشابّ، و صورته لا يهرم بمرور الأيّام.

السلام فقال: أخبرني عن المهدي ما اسمه؟ فقال: أمّا اسمه فإنّ حبيبي شهد إليّ أن لا احدّث باسمه حتّى يبعثه الله، قال:

فأخبرني عن صفته؟ قال: هو شابّ مربوع، حسن الوجه، حسن الشعر، يسيل شعره على منكبيه، و نور وجهه يعلو سواد لحيته و رأسه، بأبي ابن خيرة الإماء.

و يدلّ عليه أيضا الروايات: 539، 553، 554، 568، 651.

الفصل الرابع و العشرون في أنّه إذا توالت ثلاثة أسماء، محمّد و عليّ و الحسن كان الرابع هو القائم

و فيه حديثان 578-(1)-

دلائل الإمامة: و حدّثنا أبو المفضّل، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الكوفي، عن محمّد بن عبد الله الفارسي، عن يحيى بن ميمون الخراساني، عن عبد الله بن سنان، عن أخيه محمّد بن سنان الزاهري، عن سيّدنا أبي عبد الله جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه الحسين، عن عمّه الحسن، عن أمير المؤمنين، عن رسول الله صلّى الله عليه و آله قال: قال لي: يا علي، إذا تمّ من ولدك أحد عشر إماما فالحادي عشر منهم المهدي من أهل بيتي.

و بهذا الإسناد عن رسول الله أنّه قال: إذا توالت أربعة أسماء من الأئمّة من ولدي محمّد و علي و الحسن فرابعها هو القائم المأمول المنتظر.

579-(2)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أبو علي محمّد بن همّام، قال: حدّثنا أحمد بن ما بنداذ، قال: أخبرنا أحمد بن هلال، قال: حدّثني اميّة بن علي القيسي، عن أبي الهيثم التميمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا توالت ثلاثة أسماء: محمّد و علي و الحسن كان رابعهم قائمهم (3).

ص: 132


1- . دلائل الإمامة: ص 236 ب معرفة وجوب القائم ح 9، إثبات الهداة: ج 3 ص 103 ح 832 ف 69 ب 9 عن كتاب مناقب فاطمة و ولدها عليهم السلام بإسناده عن أمير المؤمنين عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 334 ب 32 ح 3، و نحوه ح 2 ص 333- 334، و أخرجه في مقدّمة كمال الدين عن ابن قبة في أجوبته عن اعتراضات ابن بشّار و لفظه: «إذا توالت ثلاثة أسماء محمّد و علي و الحسن فالرابع القائم» ص 55 ج 1، كفاية الأثر: ص 280 ذيل الحديث الرابع من باب ما جاء عن أبي جعفر محمّد بن علي الرضا عليهما السلام: بإسناده عن أبي الهيثم التميمي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «إذا توالت ثلاثة أسماء كان رابعهم قائمهم محمّد و علي و الحسن». غيبة النعماني: ص 179 ح 26، إعلام الورى: ص 403 و جاء بدل «توالت»: «اجتمعت».
3- . المراد من الأسماء الشريفة معلوم: محمّد هو الإمام محمّد بن عليّ بن موسى الرضا، و عليّ ابنه الإمام عليّ بن محمّد بن علي بن موسى الرضا، و الحسن ابنه الإمام الحسن العسكري صلوات الله عليهم أجمعين.

الفصل الخامس و العشرون فيما يدلّ على أنّه الثاني عشر من الأئمّة و خاتمهم عليهم السلام و فيه 151 حديثا

580-(1)-غيبة الفضل بن شاذان: حدّثنا صفوان بن يحيى- رضي الله عنه-، عن إبراهيم بن أبي زياد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي خالد الكابلي، قال: دخلت على سيّدي علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، فقلت: يا ابن رسول الله، أخبرني بالّذين فرض الله تعالى طاعتهم و مودّتهم، و أوجب على عباده الاقتداء بهم بعد رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، فقال: يا كابلي، إنّ أولي الأمر الّذين جعلهم الله عزّ و جلّ أئمّة للناس، و أوجب عليهم طاعتهم:

أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن عمّي، ثمّ الحسين أبي، ثمّ انتهى الأمر إلينا و سكت، فقلت له: يا سيّدي، روي لنا عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله عزّ و جلّ على عباده، فمن الحجّة و الإمام بعدك؟ فقال: ابني محمّد و اسمه في الصحف الاولى باقر، يبقر العلم بقرا، هو الحجّة و الإمام بعدي، و من بعد محمّد ابنه جعفر، و اسمه عند أهل السماء الصادق، فقلت له: يا سيّدي، فكيف صار اسمه الصادق و كلّكم صادقون؟ فقال: حدّثني أبي عن أبيه عليهما السلام عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم قال: إذا ولد ابني جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، فسمّوه الصادق، فإنّ الخامس من ولده الّذي اسمه جعفر يدّعي الإمامة اجتراء على الله و كذبا عليه، فهو عند الله جعفر الكذّاب، المفتري على الله و المدّعي ما ليس له بأهل، المخالف لأبيه، و الحاسد لأخيه، ذلك الّذي يروم كشف سرّ الله جلّ جلاله عند غيبة وليّ الله، ثمّ بكى علي بن الحسين بكاء شديدا، ثمّ قال: كأنّي بجعفر الكذّاب و قد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر وليّالله، و المغيب في حفظ الله، و الموكّل بحرم أبيه، جهلا منه بولادته، و حرصا منه على قتله إن ظفر به، و طمعا في ميراث أخيه حتّى يأخذه بغير حقّ، فقال أبو خالد: فقلت له:

ص: 133


1- . كفاية المهتدي (الأربعين): ص 92- 93 ح 20، و فيه بعض الأغلاط الظاهرة، مثل قوله: «و التوكيل بحرم أبيه جهاد منه برتبته»، و مثل: «أفضل من كلّ أهل زمان» صحّحناها على سائر المصادر. كمال الدين: ج 1 ص 319- 320 ب 21 ح 2 بطريقين عن السيّد عبد العظيم الحسنيّ رضي الله عنه عن صفوان بن يحيى، الاحتجاج: ج 2 ص 317- 318 و فيهما: «من أعظم الفرج»، قصص الأنبياء: ص 365- 366 ف 15 إلى قوله: «سرّا و جهرا»، البحار: ج 36 ص 386- 387 ب 44 ح 1 و فيه: «و من أعظم الفرج»، و ج 50 ص 227- 228 ب 6 ح 2، إعلام الورى: ر 4 ق 1 ف 2 ص 234 إلى قوله: «سرا و جهرا»، إثبات الهداة: ج 1 ص 514- 515 ب 9 ح 247 عن الفضل بن شاذان في إثبات الغيبة و عن الصدوق في كمال الدين و الطبرسي في الاحتجاج و الراوندي في قصص الأنبياء و فيه: «من أعظم»، الإنصاف: ص 55- 57 ح 47 و فيه: «من أفضل العمل».

يا ابن رسول الله، و إنّ ذلك لكائن؟ فقال: إي و ربّي إن ذلك لمكتوب عندنا في الصحيفة التي فيها ذكر المحن التي تجري علينا بعد رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، قال أبو خالد: فقلت: يا ابن رسول الله! ثمّ يكون ما ذا؟ قال: ثمّ تمتدّ الغيبة بوليّ الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله صلّى الله عليه و آله بعده، يا أبا خالد، إنّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته، و المنتظرين لظهوره أفضل من أهل كلّ زمان، فإنّ الله تبارك و تعالى أعطاهم من العقول و الأفهام و المعرفة ما صارت به الغيبة بمنزلة المشاهدة، و جعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم بالسيف، اولئك المخلصون حقّا، و شيعتنا صدقا، و الدعاة الى دين الله عزّ و جلّ سرّا و جهرا، و قال: انتظار الفرج من أفضل الفرج.

581-(1)-

كفاية الأثر: حدّثنا علي بن الحسين بن محمّد، قال:

حدّثنا هارون بن موسى ببغداد في صفر سنة إحدى و ثمانين و ثلاثمائة، قال: حدّثنا أحمد [محمّد- خ] [بن مخزوم- خ] بن محمّد المقري مولى بني هاشم في سنة أربع و عشرين و ثلاثمائة قال أبو محمّد: و حدّثنا أبو حفص عمر [عمرو- خ] بن الفضل الطبري، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الفرغاني، قال: حدّثنا عبد الله بن محمّد بن عمرو البلوي. قال أبو محمّد: و حدّثنا عبد الله [عبيد الله] بن الفضل بن هلال الطائي بمصر، قال: حدّثنا عبد الله بن محمّد بن عمر [عمرو] بن محفوظ البلوي؛ قال:

حدّثني إبراهيم بن عبد الله بن العلا، قال: حدّثني محمّد بن بكير، قال:

دخلت على زيد بن علي عليه السلام و عنده صالح بن بشر، فسلّمت عليه و هو يريد الخروج الى العراق، فقلت له: يا ابن رسول الله! حدّثني بشي ء سمعته من أبيك عليه السلام، فقال: نعم، حدّثني أبي عن جدّه [أبي عن أبيه عن جدّه- خ] قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: من أنعم الله عليه بنعمة فليحمد الله عزّ و جلّ، و من استبطأ الرزق فليستغفر [الله، و من حزنه أمر] فليقل: لا حول و لا قوّة إلّا بالله، فقلت: زدني يا ابن رسول الله! قال: نعم، حدّثني أبي عن جدّه [أبي عن أبيه عن جدّه- خ] قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: أربعة أنا لهم الشفيع [أنا شفيع لهم- خ] يوم القيامة: المكرم لذرّيّتي، و القاضي لهم حوائجهم، و الساعي لهم في امورهم عند اضطرارهم إليه، و المحبّ لهم بقلبه و لسانه، قال: فقلت: زدني يا ابن رسول الله من فضل ما أنعم الله عليكم، قال: نعم، حدّثني أبي [عن أبيه] عن جدّه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: من أحبّنا

ص: 134


1- . كفاية الأثر: فيما روي عن[ أبي الحسين] زيد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام في آخر الكتاب ص 298- 301 ب 40 ح 1، إرشاد القلوب: ص 414 مختصرا، البحار: ج 46 ص 201- 203 ب 11 ح 77.

أهل البيت في اللهحشر معنا، و أدخلناه معنا الجنّة، يا ابن بكير! من تمسّك بنا فهو معنا في الدرجات العلى، يا ابن بكير! انّ الله تبارك و تعالى اصطفى محمّدا صلّى الله عليه و آله و سلّم، و اختارنا له ذرّيّة، فلولانا لم يخلق الله تعالى الدنيا و الآخرة، يا ابن بكير! بنا عرف الله، و بنا عبد الله، و نحن السبيل الى الله، و منّا المصطفى، و [منّا] المرتضى، و منّا يكون المهدي، قائم هذه الامّة، قلت: يا ابن رسول الله! هل عهد إليكم رسول الله متى يقوم قائمكم؟ قال: يا ابن بكير! إنّك لن تلحقه، و إنّ هذا الأمر تليه ستّة من الأوصياء بعد هذا، ثمّ يجعل [الله] خروج قائمنا فيملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، فقلت: يا ابن رسول الله! أ لست صاحب هذا الأمر؟ فقال: أنا من العترة، فعدت فعاد إليّ، فقلت: هذا الّذي تقوله عنك أو عن رسول الله؟ فقال: لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير، لا و لكن عهد عهده إلينا رسول الله صلّى الله عليه و آله، ثمّ أنشأ يقول:

نحن سادات قريش *** و قوام الحقّ فينا

نحن الأنوار الّتي *** من قبل كون الخلق كنّا

نحن منّا المصطفى المختار *** و المهديّ منّا

فبنا قد عرف الله *** و بالحقّ [أ] قمنا

سوف يصلاه سعير [ا] *** من تولّى اليوم عنّا

قال علي بن الحسين: و حدّثنا محمّد بن الحسين البزوفري بهذا الحديث في مشهد مولانا الحسين بن علي عليهما السلام، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن سلمة بن الخطّاب، عن محمّد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة و صالح بن عقبة جميعا، عن علقمة بن محمّد الحضرمي، عن صالح [صلح- خ] قال: كنت عند زيد بن علي عليه السلام فدخل عليه [إليه] محمّد بن بكير ... و ذكر الحديث.

582-(1)-

كمال الدين: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي-رضي الله عنه- قال:

ص: 135


1- . كمال الدين: ج 1 ص 331- 332 ب 32 ح 17، إثبات الهداة: ج 1 ص 516 ب 9 ح 251 و فيه: «عليك سنته و القرآن الحكيم»، البحار: ج 51 ص 137 ب 5 ح 5، و في النسخة المطبوعة بطبع المكتبة الإسلاميّة ص 448 ج 1 ذكر: «أبو لبيد» بدل «أبو أيّوب»، و ذكر «الّذي يصلّي خلفه عيسى بن مريم عليه السلام عند سنة يس و القرآن الحكيم»، و هذا اللفظ موافق لما في الانصاف (ص 9، ب الهمزة، ح 12) إلّا أنّ الظاهر أنّ ذلك لوقوع التّصحيف و وهم النّساخ، فإنّ لفظ الحديث على النّسخة الّتي نقلناه منها و هي النسخة المصحّحة على نسخ مخطوطة «عليك بسنّته و القرآن الحكيم»، لكن ذكر مصحّحها أنّ لفظه في نسخة ثمينة بدون «عليك» فيكون المعنى أنّ عيسى- على نبيّنا و آله و عليه السلام- يعمل بشرع الإسلام و يصلّي خلفه بسنّته، أي سنّة النبي صلّى الله عليه و آله أو سنة الإمام عليه السلام التي هي أيضا ليست غير سنّة النّبي صلّى الله عليه و آله و بالقرآن الكريم، و هذه النسخ الّتي فيها «عليك» توافق البحار و إثبات الهداة، إلّا أنّ الأخير ذكر «الحكيم» بدل «الكريم».

حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، قال:حدّثنا أبو القاسم، قال: كتبت من كتاب أحمد الدهّان، عن القاسم بن حمزة، عن ابن أبي عمير قال: أخبرني أبو اسماعيل السرّاج، عن خيثمة الجعفي، قال: حدّثني أبو أيّوب المخزومي [أبو لبيد المخزومي- خ] قال:

ذكر أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام سير الخلفاء الاثني عشر الراشدين صلوات الله عليهم، فلمّا بلغ آخرهم قال: الثاني عشر الّذي يصلّي عيسى بن مريم عليه السلام خلفه، [عليك] بسنّته و القرآن الكريم.

و يدلّ عليه أيضا الروايات: 81، 113، 118، 153 إلى 165، 181، 196، 205 إلى 309، 553 إلى 541، 543 إلى 545، 547، 549 إلى 556، 574، 668، 1168، 1230.

الفصل السادس و العشرون في أنّه يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما و فيه 148 حديثا

583-(1)-

الفتن: حدّثنا الوليد، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه-، عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: يحثي المال حثيا، لا يعدّه عدّا، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

584-(2)-

الفتن: قال: قال الوليد عن أبي رافع إسماعيل بن رافع، عمّن حدّثه، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: تأوي إليه امّته كما تأوي النحلة يعسوبها، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، حتّى يكون الناس على مثل أمرهم الأوّل، لا يوقظ نائما، و لا يهريق دما.

585-(3)-

الفتن: حدّثنا ابن وهب، عن الحرث، عن منهال بن عمرو بن زياد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلّى الله عليه [و آله] و سلّم، قال: يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله ظلما و جورا، يملك سبع سنين.

ص: 136


1- . الفتن: ج 5 ص 192 ب سيرة المهدي و عدله و خصب زمانه.
2- . الفتن: ج 5 ص 192 و 193 ب سيرة المهدي و عدله و خصب زمانه.
3- . الفتن: ج 5 ص 193 ب سيرة المهدي و عدله و خصب زمانه، كشف الغمّة: ج 2 ص 468 مختصرا.

586-(1)-

المسند: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا عوف، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: لا تقوم الساعة حتّىتمتلئ الأرض ظلما و عدوانا، ثمّ يخرج رجل من عترتي، أو من أهل بيتي، يملأها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و عدوانا.

587-(2)-

كنز العمّال: عن علي قال: تملأ الأرض ظلما و جورا حتّى يدخل كلّ بيت خوف و حزن، يسألون درهمين و جريبين فلا يعطونه، فيكون قتال بقتال، و يسار بيسار، حتّى يحيط الله بهم في مصره، ثمّ تملأ الأرض عدلا و قسطا.

588-(3)-

كمال الدين: حدّثنا علي بن محمّد بن الحسن القزويني، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى الأحول، قال: حدّثنا خلّاد المقرئ، عن قيس بن أبي حصين، عن يحيى بن وثّاب، عن عبد الله بن عمر، قال: سمعت الحسين بن علي عليهما السلام يقول: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله عزّ و جلّ ذلك اليوم حتّى يخرج رجل من ولدي فيملأها عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما، كذلك سمعت رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يقول.

589-(4)-

كمال الدّين: حدّثنا أبي، و محمّد بن الحسن- رضي الله عنهما- قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله، و عبد الله بن جعفر الحميري، و محمّد بن يحيى العطّار، و أحمد بن إدريس جميعا، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب،

ص: 137


1- . المسند: ج 3 ص 36، كنز العمّال: ج 14 ص 271 ح 38691، عقد الدرر: ص 16 ب 1 و ص 36 و 37 ب 3، دلائل الإمامة: ب معرفة وجوب القائم ص 249 ح 40، البحار: ج 51 ص 82 ب 1 ح 22 ممّا جمعه الحافظ أبو نعيم.
2- . كنز العمّال: ج 14 ص 586 ح 39659.
3- . كمال الدين: ج 1 ص 317 و 318 ب 30 ح 4، البحار: ج 51 ص 133 ب 3 ح 5، إعلام الورى: ص 401 و 402 ف 2 ب 1.
4- . كمال الدين: ج 1 ص 288 و 289 ب 26 ح 1. أقول: و لا يخفى وضوح المراد من قوله عليه السلام: «الحادي عشر من ولدي»، و أنّ المراد منه الإمام الحادي عشر من ولده عليه السلام، و هو المهدي- روحي لمقدمه الفداء- و سنده الأوّل صحيح جدّا. غيبة النعماني: ص 60 و 61 ب 4 ح 4 نحوه، و فيه: «و لكنّ فكري في مولود يكون من ظهري، هو المهديّ الّذي يملأها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا، تكون له حيرة و غيبة يضلّ فيها أقوام و يهتدي فيها آخرون، فقلت: يا أمير المؤمنين، فكم تكون تلك الحيرة و الغيبة؟ فقال: سبت من الدهر ... الحديث». و ليس فيه: «الحادي عشر من ولدي». نعم، نقل عن بعض النسخ: «من ظهر الحادي عشر من ولدي» و لم يعلم أنّه من اختلاف نسخ الكتاب أو اختلاف متون الكتب. و كيف كان، فالنسخة الّتي جعلها الأصل الفاضل الخبير القمّي لطبعته الاولى، و صحّحها و طابقها مع النسخ المتعدّدة، القديمة ليست فيها هذه الزيادة، لا باللفظ الأوّل و لا باللفظ الثاني. هذا و لا يخفى عليك أنّ ما يستفاد من البحار من موافقة متن «غيبة النعماني» لمتن «الكافي» في الجواب عن سؤال مدّة الحيرة و الغيبة لا يوافق النسخ الموجودة عندنا من «غيبة النعماني»؛ لأنّه قال: «فقال: سبت من الدهر»، و ما في الكافي غير ذلك، و سيأتي متنه بلفظه. و السبت من الدهر: برهة منه، يجوز أن تكون طويلة أو قصيرة. و كذا لا يطابق متن «الاختصاص» حسب نسخته المطبوعة من النسخ المخطوطة القديمة لمتن الكافي أيضا، و ليس فيه السؤال عن مدّة الحيرة و الغيبة. الاختصاص: ص 209 ف إثبات الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام نحوه، إلّا أنّه قال: «و لكنّي فكّرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي، هو المهديّ الّذي ...». و هذا المتن بظاهره غير مستقيم، فإنّ الإمام الحسن العسكري والد مولانا المهدي عليهما السلام هو التاسع من ولد أمير المؤمنين عليه السلام، و لذا قال العلامة المجلسي- قدّس سرّه- في «مرآة العقول»: فالمعنى من ظهر الإمام الحادي عشر و «من ولدي» نعت مولود ... الخ. دلائل الإمامة: ص 289 ف معرفة ما ورد من الأخبار في وجوب الغيبة نحو ما في الاختصاص، إلّا أنّه قال في آخره: «فقلت: يا أمير المؤمنين، فكم تكون تلك الحيرة، و تلك الغيبة؟ قال عليه السلام: و أنّى بذلك؟ فكيف لك العلم بهذا الأمر يا أصبغ، أولئك خيار هذه الامّة مع أبرار هذه العترة». كفاية الأثر: ح 2 ب 29 ص 219 و 220 نحوه، و فيه: «و لكنّي فكّرت في مولود يكون من ظهري الحادي عشر من ولدي، هو المهدي، يملأها عدلا كما ملئت جورا و ظلما، و يكون له حيرة و غيبة، يضلّ فيها أقوام و يهتدي فيها آخرون ... الحديث بتمامه» فلم يذكر تمام الحديث. الكافي: ج 1 ص 338 ح 7 نحوه، إلّا أنّه قال: «فقلت: يا أمير المؤمنين، و كم تكون الحيرة و الغيبة؟ قال: ستّة أيّام، أو ستّة أشهر، أو ستّ سنين»، و قال في آخره: «فإنّ له بداءات و إرادات و غايات و نهايات». و اختلفت النسخ في قوله: «من ظهري الحادي عشر من ولدي»، ففي النسخة المطبوعة الجديدة من «مرآة العقول» ذكره «من ظهري»، و لكن يعلم من شرح العلامة المجلسي- قدّس سرّه- أنّ ما جعله الأصل لشرحه كان: «من ظهر»، و لكن صرّح بأنّ في بعض نسخ الكتاب: «من ظهري»، و في النسخة المطبوعة الجديدة من الكافي ذكره: «من ظهر»، و في البحار عن الكافي ذكره: «من ظهري». غيبة الشيخ: ص 103 و 104 نحو الكافي، إثبات الوصيّة أيضا نحو الكافي، و فيه: «من ظهري»، و رواه عن الكافي في إثبات الهداة: ج 6 ص 357 و 358 ب النصوص على إمامة صاحب الزمان ح 20 مقطّعا، و فيه: «من ظهري»، و أسقط السؤال و الجواب عن مدّة الحيرة و الغيبة، كما أسقط ذيل الحديث، و لعلّه صنع هكذا لأنّه لم ير الاعتماد بما أسقط لمخالفته مع سائر متون الحديث و غيره من الأحاديث. و لا يخفى عليك أنّ ما في الكافي من الجواب عن مدّة الحيرة و الغيبة بظاهره لا يستقيم مع ما يدلّ عليه قوله عليه السلام: «تكون له غيبة و حيرة يضلّ فيها أقوام و يهتدي فيها آخرون»، من تعظيم أمر الغيبة، و امتحان الناس بها، و استقرار من يضلّ على الضّلالة و من يهتدي على الهداية، و الغيبة و الحيرة في ستّة أيّام لا توجب الحيرة و ضلالة الأقوام، و كذا ستّة أشهر و ستّ سنين، و ترتفع بانقضاء هذه المدّة، دون ما إذا امتدّت مدّتها و طالت، فإنّه يضلّ فيها أقوام و يستمرّ ضلالتهم. و خلاصة الكلام أنّ متن الحديث في الكافي مضطرب جدّا، و لا حاجة إلى تأويله بالتكلّف بعد ضعف سنده، و بعد ما روي بسند صحيح، و بلفظ مستقيم خال عن الاضطراب، موافق لسائر الروايات، و هو ما أخرجه الصدوق- قدّس سرّه- في كمال الدّين في أحد سنديه لهذا الحديث: عن أبيه و محمّد بن الحسن- رضي الله عنهما قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله ... إلى آخر ما ذكرنا عنه في المتن، و هذا الطريق صحيح، فالاعتماد عليه و لا اعتماد على غيره بعد ما فيه من الاضطراب، و اختلاف النسخ، و ضعف السند، لعلّه جهالة بعض رجاله. نعم، يجوز الاعتماد بلفظ مثل غيبة النعماني و كفاية الأثر، لعدم اضطراب متنهما، و جبر ضعف سندهما بموافقة متنهما لسائر الروايات. إن قلت: إنّ الشيخ روى الحديث في غيبته بسند صحيح، و فيه السؤال عن مدّة الحيرة و الغيبة، و الجواب عنه كما في الكافي. قلت: بعد ما أخرج في «الكافي» بسند فيه بعض المجاهيل، و أخرج الشيخ الحديث بلفظ «الكافي» بسندين، أحدهما: سند الكافي الضعيف، و الثاني: غيره و هو الصحيح، و الظاهر أنّه اختصار سند الصدوق في «كمال الدين»، و هو الّذي اعتمدنا عليه، يعرف الحاذق في الرواية أنّ لفظ الحديث في غيبة الشيخ لفظ سند الكافي، و لو تنزلنا عن ذلك فلا أقل لا يثبت به رواية هذا المتن المضطرب المعلوم إخراجه بالطريق الضعيف من الطريق الصحيح أيضا. هذا تمام كلامنا في سند الحديث في «الكافي» و متنه، و يضاف على كلّ ذلك استقامة متن «غيبة النعماني» الّذي كان كاتب شيخنا الكليني- قدّس سرّهما- و إنّما أطنبنا الكلام في الحديث لا لمسيس الحاجة في إثبات أمر الغيبة و ما يرتبط إليها به- لغنائنا عنه بفضل الأحاديث الكثيرة المتواترة- بل للإشارة إلى عدم لزوم ارتكاب بعض التكلّفات و التأويلات الّذي لا يقع موقع القبول، و ربّما يصير سببا لإثارة بعض الشبهات في بعض النفوس، و الله هو الهادي الى الصواب. و يشبه متن «الكافي» لهذا الحديث متن حديث أخرجه الصدوق في «كمال الدين»: ج 1 ص 323 و 324 ح 8 ب 31، بسند فيه أيضا بعض من لم نظفر به في كتب الرجال عن مولانا زين العابدين عليه السلام، و هذا المتن أيضا مشتمل على بيان مدّة الغيبة القصرى، فقال: «إنّ للقائم منّا غيبتين، احداهما أطول من الاخرى، أمّا الاولى فستّة أيّام أو ستّة أشهر أو ستّ سنين، و أمّا الاخرى فيطول أمدها، حتّى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به، فلا يثبت عليه إلّا من قوي يقينه، و صحّت معرفته، و لم يجد في نفسه حرجا ممّا قضينا، و سلّم لنا أهل البيت»، و الكلام فيه أيضا يظهر ممّا ذكرنا في حديث الكافي، و نضيف إليه: أنّ الغيبة بالمعنى الّذي يراد منها في مثل هذه المقامات لا يصحّ إطلاقها على ستّة أيّام أو ستّة أشهر، و أنّ هذا الخبر بظاهره معارض لما في الكافي، و لا يصحّ الجمع بينهما بالإطلاق و التقييد، فلا يؤيّد هذا الخبر بحديث الأصبغ كما صنع شيخنا العلامة المجلسي- قدّس سرّه-، كما لا يؤيّد حديث الأصبغ أيضا به، و الأولى ردّ علم مثل هذه الأحاديث إلى أهله. ثمّ لا يخفى عليك أنّه لا يصحّ توجيه ما في هذه الرواية مع سندها الضعيف و متنها المضطرب من تحديد مدّة الغيبة بستّة أيّام أو ستّة أشهر أو ستّ سنين، بالقول بالبداء الّذي هو من أهمّ ما ابتنى عليه تحقّق مصالح النبوّات و فوائد بعث الرسل و إنزال الكتب، بل نظام الدين و الدنيا و التشريع و التكوين، لأنّا إنّما نقول به في الموارد الّتي ثبت بالعقل و الشرع جواز وقوعه فيها، كالآجال و الأمراض و الأرزاق و المنايا و البلايا بالدعاء و الصدقة و صلة الرحم، بل بالعلاج بالأدوية، و كل عمل يؤثّر فعله أو تركه في تقديم الأجل أو تأخيره، و في دفع البلاء و تغيير النعم و زوالها و زيادتها، كما حقّقناه في محله، قال الله تعالى: (يَمْحُوا الله ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ)، و قال: (إِنَّ الله لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)، و قال: (وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)، و قال: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ، و في الحديث: «سوسوا إيمانكم بالصدقة، و حصّنوا أموالكم بالزكاة، و ادفعوا أمواج البلاء بالدعاء»، و روي: «صلة الرحم تزيد في العمر، و تدفع ميتة السوء، و تنفي الفقر». و أمّا في غير هذه الموارد ممّا دلّ الدليل العقليّ أو النقليّ على عدم وقوع البداء فيه، كإخبار الأنبياء بنبوّة نبيّنا صلّى الله عليه و آله، و إخبار كلّ واحد منهم بنبوّة من يأتي بعده، و إخبار النبيّ صلّى الله عليه و آله بإمامة أمير المؤمنين عليه السلام و مواضعه و ما يقع بينه و بين المنافقين و الناكثين و القاسطين، و إخباره بإمامة الأئمّة من ولده الى الإمام الثاني عشر عليهم السلام، و إخبار كلّ إمام بإمامة من يلي بعده و بصفاتهم و علائمهم، و إخبار الله تعالى بظهور هذا الدين على الدين كلّه، و خروج دابّة الأرض، و غير ذلك ممّا جاء في الكتاب، أو ثبت الإخبار به بالسنّة من البشارات و الإنذارات و ما يعدّ من أمارات النبوّة و الإمامة، و الإخبار بالملاحم و الفتن و أحوال البرزخ و القيامة فلا يقع البداء فيها؛ لاستلزامه نقض الغرض الكامن في النبوّات و قاعدة اللطف، و تكذيب الرسل و الأولياء، أ لا ترى أنّه لا يصحّ دعوى وقوع البداء بل و إبداء احتمال ذلك في أخبار الأنبياء السالفة و تنصيصاتهم برسالة رسول الله صلّى الله عليه و آله و بسماته و صفاته، و أنّ مولده مكّة المكرّمة و مهجره المدينة المنوّرة، فكما لا يقبل من أحد لم يكن مولده مكّة و مهجره مدينة دعوى النبوّة بدعوى وقوع البداء في ذلك، كذلك لا يسمع من أحد إنكار نبوّة من تحقّق له ذلك بوقوع البداء في ذلك أو احتمال وقوعه فيه؛ فالضرورة قاضية على عدم جواز وقوع البداء في هذه الامور، و إلّا لبطلت النصوص، و لم يصحّ الاحتجاج بها بمثل قوله تعالى: (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ*)، و الدلائل و العلائم المذكورة في الأحاديث لمولانا المهدي- بأبي هو و امّي- التي عرف عليه السلام بها حكمها حكم النصوص الّتي تلوناها عليك، و من ذلك الأخبار بغيبته القصرى و الطولى، و أنّ علم مدّتها كعلم الساعة عند الله تعالى، و على هذا لا يجوز تصحيح ما جاء في بعض ألفاظ خبر واحد عرفت حاله سندا و متنا بأنّ مدّة الغيبة و الحيرة في رأس ستّ سنين لم تنقض لوقوع البداء في ذلك فامتدّت إلى وقت لا يعلمه إلّا الله تعالى، فلو كان هذا الخبر بهذا اللفظ على ظاهره صحيح السند و مستقيم المتن لكان عدم انقضاء مدّة الغيبة في تلك المدّة أقوى شاهد على عدم اعتباره و وقوع سهو أو اشتباه فيه لعدم جواز وقوع البداء فيه، فضلا عمّا فيه من ضعف السند و المتن، و مخالفته لمتنه المستقيم المروي بالسند الصحيح، و كونه معارضا للأخبار المتواترة. و قد ظهر لك ممّا تلونا عليك أنّ أوصاف مولانا المهدي- بأبي هو و امّي- و خصائصه و علائم ظهوره- كامتلاء الأرض جورا و ظلما و امتلائها به قسطا و عدلا، و حكومته العالميّة، و فتح مشارق الأرض و مغاربها على يده، و ظهور الإسلام به على جميع الأديان، و غير ذلك ممّا هو مصرّح في الكتاب أو السنّة- لا يجوز أن يقع فيها البداء، اللهمّ إلّا ما صرّح في الأحاديث الصحيحة بعدم حتميّتها. نعم يجوز وقوع البداء في وقت ظهوره الّذي لم نعلم وقته المعلوم، و لذا ندعو الله لتعجيل الفرج كما امرنا به، فالله تعالى إن شاء يعجّل ذلك و يهيّئ أسبابه، فإنّه على ما يشاء قدير. فإن قلت: إذا كان وقته معلوما عند الله تعالى فما فائدة الدعاء لتعجيل فرجه، و كيف يؤثّر الدعاء فيه؟ قلت: هذا الإشكال هو الإشكال على تأثير الدعاء في قضاء الحوائج، و على طلب المطالب من الله تعالى، و استجابته للدعاء و كفاية مهمّات عباده، و على تأثير الصدقة و صلة الرحم في تأخير الأجل، و تأثير قطع الرحم في تقديمه، و تأثير الأعمال الصالحة و الشكر في بقاء النعم و تزييدها من الله تعالى، مع أنّ كلّ ذلك معلوم له تعالى، و هو عالم بجميع الأشياء من الأزل قبل وجودها، لا يتغيّر علمه و لا يزيد في علمه شي ء و لا يزاد في علمه، منزّه عن كلّ ما فيه و صمة الجهل و النقص، و مقدّس من أن يظهر له أمر على خلاف ما علم أو بعد خفائه عنه. و قد أجبنا عن هذا الإشكال مفصّلا في رسالتنا في البداء، و اجماله: أنّ هذه الشبهة و شبهة المجبّرة ترتضعان من ثدي واحد، و جوابها: أوّلا: أنّ علمه تعالى قد تعلّق بوقوع الفرج في الوقت المعلوم بتأثير دعاء المؤمنين لتعجيله فيه، فلو كان تعلّقه به موجبا لعدم تأثير الدعاء فيه لزم الخلف، و تخلّف العلم عن المعلوم. و ثانيا: انّ العلم بالشي ء لا يكون علّة لوجوب وجوده؛ لأنّ المعلوم مع غضّ النظر عن تعلّق العلم به إن كان وجب وجوده بواسطة وجود علّته، و لذا صار وجوده متعلّقا للعلم، فلا معنى لتأثير العلم في وجوب وجوده، و إن لم يجب وجوده بحيث كان تعلّق العلم به علّة لوجوده أو من أجزاء علّته يلزم الدور المحال؛ لتوقّف العلم به على وجوده في ظرفه، و توقّف وجوده على وجوبه تحقّق علّته، و تحقق علّته متوقّف على العلم به. و تمام الكلام يطلب من رسالتنا، و من كتب الأصحاب في البداء. إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2، و جاء فيه «يكون عن ظهري الحادي عشر من ولدي».

ص: 138

ص: 139

ص: 140

و أحمد بن محمّد بن عيسى، و أحمد بن محمّد بن خالد البرقي و إبراهيم بن هاشم جميعا، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني؛ و حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، و سعد بن عبد الله، عن عبد الله بن محمّد الطيالسي، عن منذر بن محمّد بن قابوس، عن النصر بن أبي السري، عن أبي داود سليمان بن سفيان المسترقّ، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني، عن الحارث بن المغيرة النصري، عن الأصبغ بن نباتة، قال: أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فوجدته متفكّرا ينكت في الأرض، فقلت: يا أمير المؤمنين، مالي أراك متفكّرا تنكت في الأرض، أرغبت فيها؟ فقال: لا و الله ما رغبت فيها و لا في الدنيا يوما قط، و لكن فكّرت في مولود يكون من ظهري، الحادي عشر من ولدي، هو المهدي، يملأها عدلا كما ملئت جورا و ظلما، تكون له حيرة و غيبة، يضلّ فيها أقوام و يهتدي فيها آخرون، فقلت: يا أمير المؤمنين، و إنّ هذا لكائن؟ فقال:

نعم، كما أنّه مخلوق، و أنّى لك بالعلم بهذا الأمر يا أصبغ، اولئك خيار هذه الامّة مع أبرار هذه العترة، قلت: و ما يكون بعد ذلك؟ قال: ثمّ يفعل الله ما يشاء، فإنّ له إرادات و غايات و نهايات.

الحسين بن أبي الخطّاب، و أحمد بن محمّد بن عيسى، و أحمد بن محمّد بن خالد البرقي و إبراهيم بن هاشم جميعا، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني؛ و حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، و سعد بن عبد الله، عن عبد الله بن محمّد الطيالسي، عن منذر بن محمّد بن قابوس، عن النصر بن أبي السري، عن أبي داود سليمان بن سفيان المسترقّ، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني، عن الحارث بن المغيرة النصري، عن الأصبغ بن نباتة، قال: أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فوجدته متفكّرا ينكت في الأرض، فقلت: يا أمير المؤمنين، مالي أراك متفكّرا تنكت في الأرض، أرغبت فيها؟ فقال: لا و الله ما رغبت فيها و لا في الدنيا يوما قط، و لكن فكّرت في مولود يكون من ظهري، الحادي عشر من ولدي، هو المهدي، يملأها عدلا كما ملئت جورا و ظلما، تكون له حيرة و غيبة، يضلّ فيها أقوام و يهتدي فيها آخرون، فقلت: يا أمير المؤمنين، و إنّ هذا لكائن؟ فقال:

نعم، كما أنّه مخلوق، و أنّى لك بالعلم بهذا الأمر يا أصبغ، اولئك خيار هذه الامّة مع أبرار هذه العترة، قلت: و ما يكون بعد ذلك؟ قال: ثمّ يفعل الله ما يشاء، فإنّ له إرادات و غايات و نهايات.

ص: 141

590-(1)- كفاية الأثر: أخبرنا أبو المفضّل، قال: [حدّثنا] أبو عبد الله جعفر بن محمّد العلوي، قال: حدّثنا علي بن الحسين [الحسن- خ] بن علي بن عمر، عن أبيه علي بن الحسين، قال: كان يقول صلوات الله عليه: ادعوا لي ابني الباقر، و قلت لابني الباقر- يعني محمّدا- فقلت له: يا أبه، و لم [فلم- خ] سمّيته الباقر؟ قال: فتبسّم، و ما رأيته تبسّم [يتبسّم- خ] قبل ذلك، ثمّ سجد لله تعالى طويلا، فسمعته يقول في سجوده: اللهمّ لك الحمد سيّدي على ما أنعمت به علينا أهل البيت، يعيد ذلك مرارا، ثمّ قال: يا بني، إنّ الإمامة في ولده إلى أن يقوم قائمنا عليه السلام فيملأها قسطا و عدلا، و إنّه الإمام أبو الأئمّة، معدن الحلم، و موضع العلم، يبقره بقرا، و الله لهو أشبه الناس برسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، قلت [فقلت- خ]: فكم الأئمّة بعده؟ قال: سبعة، و منهم المهدي الّذي يقوم بالدين في آخر الزمان.

591-(2)-

دلائل الإمامة: و باسناده (أي أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى، عن أبيه) عن أبي علي النهاوندي، قال: حدّثنا أبو القاسم بن أبي حيّة، قال: حدّثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: حدّثنا أبو عبيدة الحدّاد، قال: حدّثنا عبد الواحد بن واصل السدوسي، قال:

حدّثنا عوف، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: لا تقوم الساعة حتّى تملأ الأرض ظلما و عدوانا، ثمّ يخرج رجل من عترتي، أو قال: من أهل بيتي، يملأها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و عدوانا.

592-(3)- غيبة الشيخ: و بهذا الإسناد (أي إبراهيم بن سلمة، عن أحمد بن مالك الفزاري، عن حيدر بن محمّد الفزاري، عن عبّاد بن يعقوب، عن نصر بن مزاحم، عن محمّد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح)، عن ابن عبّاس في قوله تعالى: اعْلَمُوا أَنَّ الله يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها يعني: يصلح الأرض بقائم آل محمّد من بَعْدَ مَوْتِها يعني: من بعد جور أهل مملكتها، قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ* بقائم آل محمّد لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.

ص: 142


1- . كفاية الأثر: 237- 238 ب 32 ح 2، البحار: ج 36 ص 388- 389 ب 44 ح 3 عن الكفاية، و في سنده: «علي بن الحسين بن علي بن عمر بن الحسين، عن حسين بن زيد، عن عمّه عمر بن عليّ، عن أبيه».
2- . دلائل الإمامة: ص 249 ح 40.
3- . غيبة الشيخ: ص 175 ح 131، البحار: ج 51 ص 53 ب 5 ح 32، إثبات الهداة: ج 3 ص 501 ب 32 ف 12 ح 287 و ص 581 ف 59 ح 762، منتخب الأنوار المضيئة: ص 18، المحجّة: ص 221 و 222.

593-(1)-

دلائل الإمامة: أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون، عن أبيه، قال: حدّثنا أبو عليّ الحسن بن محمّد النهاوندي، قال: حدّثنا العبّاس بن مطر الهمداني، قال: حدّثنا إسماعيل بن علي المقري، قال:حدّثنا محمّد بن سليمان، قال: حدّثني أبو جعفر العرجي، عن محمّد بن يزيد، عن سعيد بن عباية، عن سلمان الفارسي، قال: خطبنا أمير المؤمنين بالمدينة، و قد ذكر الفتنة و قربها، ثمّ ذكر قيام القائم من ولده، و أنّه يملأها عدلا كما ملئت جورا ... الحديث بطوله.

594-(2)-

الكافي: أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن جعفر بن القاسم، عن محمّد بن الوليد الخزّاز، عن الوليد بن عقبة، عن الحارث بن زياد، عن شعيب، عن أبي حمزة، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال: لا، فقلت: فولدك؟ فقال: لا، فقلت: فولد ولدك هو؟ قال: لا، فقلت:

فولد ولد ولدك؟ فقال: لا، قلت: من هو؟ قال: الّذي يملأها عدلا كما ملئت ظلما و جورا، على فترة من الأئمّة، كما أنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم بعث على فترة من الرسل.

595-(3)-

فرائد السمطين: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطّار النيسابوري، [قال: حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوري، قال: حدّثنا حمدان بن سليمان النيسابوري]، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر، عن أبيه سيّد العابدين علي بن الحسين، عن أبيه سيّد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه سيّد الأوصياء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: المهدي من ولدي، تكون له غيبة و حيرة تضلّ فيها الامم، يأتي بذخيرة الأنبياء عليهم السلام، فيملأها عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما.

ص: 143


1- . دلائل الإمامة: ص 253.
2- . الكافي: ج 1 ص 340- 341 ب 138 ح 21، غيبة النعماني: 186- 187 ب 10 ح 38، مرآة العقول: ج 4 ص 54 ح 21، قال المجلسي- قدّس سرّه-: «الفترة بين الرسولين هي الزمان الّذي انقطعت فيه الرسالة، و اختفى فيه الأوصياء، و المراد بفترة من الأئمّة خفاؤهم و عدم ظهورهم في مدّة طويلة، أو عدم إمام قادر قاهر، فتشمل أزمنة سائر الأئمّة سوى أمير المؤمنين، و الأوّل أظهر».
3- . فرائد السمطين: ج 2 ص 335 ح 587، ينابيع المودّة: ص 448 ب 94، كمال الدين: ج 1 ص 287 ب 25 ح 5، إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2، البحار: ج 51 ص 72 ب 1 من أبواب النصوص ح 17، غاية المرام: ص 695 ب 141 ح 30 و ص 695 ب 142 ح 23، إثبات الهداة: ج 3 ص 461 ب 32 ف 5 ح 105.

596-(1)-

تفسير فرات الكوفي: قال: حدّثني علي بن محمّد بن عمر الزهري معنعنا، عن أبي جعفر عليه السلام: قال: قال الحارث الأعور للحسين عليه السلام: يا ابن رسول الله صلّى الله عليه و آله وسلّم جعلت فداك، أخبرني عن قول الله في كتابه: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها قال: ويحك يا حارث، ذلك محمّد رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، قلت: جعلت فداك، قوله: وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها قال:

ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يتلو محمّدا صلّى الله عليه و آله قال: قلت: وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها قال: ذلك القائم من آل محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم، يملأ الأرض قسطا و عدلا.

597-(2)-

النكت الاعتقاديّة: عن النبيّ صلّى الله عليه و آله:

لو لم يبق من الدنيا إلّا ساعة واحدة لطوّل الله تلك الساعة حتّى يخرج رجل من ذرّيّتي، اسمه كاسمي، و كنيته ككنيتي، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، يجب على كلّ مخلوق متابعته.

598-(3)-المحكم و المتشابه: في قوله تعالى: الله نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ... الآية، عن تفسير النعماني، بسنده عن الصادق عليه السلام، عن أمير المؤمنين عليه السلام: فالمشكاة رسول الله صلّى الله عليه و آله، و المصباح الوصيّ و الأوصياء عليهم السلام، و الزجاجة فاطمة عليها السلام، و الشجرة المباركة رسول الله صلّى الله عليه و آله، و الكوكب الدرّي القائم المنتظر الّذي يملأ الأرض عدلا.

و يدلّ عليه أيضا الأحاديث 72، 80، 91، 95، 149، 153، 160، 161، 165، 181، 194، 205، 216، 217، 219، 221، 225، 226، 227 (و فيه: يملأ الله عزّ و جلّ به الأرض نورا بعد ظلمتها و عدلا

ص: 144


1- . تفسير فرات الكوفي: ص 212، راجع في ذلك «تأويل الآيات الظاهرة» تجد فيه أحاديث اخرى، عن الحلبي، و عن الفضل أبي العبّاس، و عن سليمان الديلمي في كلّها تأوّل قوله تعالى: (وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها) بالقائم عليه السلام و قيامه.
2- . النكت الاعتقاديّة: ص 35.
3- . المحكم و المتشابه: ص 27، إثبات الهداة: ج 2 ص 506 ب 9 ف 26 ح 468. و ممّا يناسب ذكره هنا ما في الكنى و الألقاب في الجزء الثالث ص 68 و 69 في «قفطان» عن أعيان الشيعة: أنّ الشيخ محمّد طه نجف روى عن الشيخ أحمد بن الشيخ حسن بن الشيخ عليّ النجفي الفاضل الأديب الشاعر المتوفّى (1293 ه) أنّه رأى الإمام المنتظر عليه السلام فيما يرى النائم و عاتبه، فأجابه بهذين البيتين: لنا أوبة من بعد غيبتنا العظمى *** فنملؤها عدلا كما ملئت ظلما سينجز وعدي قل لمن يكفرون *** لي لقد كان ذا حقّا على ربّنا حتما

بعد جورها و علما بعد جهلها)، 235، 241، 246، 247، 249، 253، 254، 257، 259، 263، 272، 275، 280، 281، 291، 295، 321، 339، 346، 353، 360، 365، 366، 367، 370، 371 (و فيه: ظلما و جورا و عدوانا)، 374، 375، 378، 382، 390، 396، 400، 404، 406، 428، 429، 431، 451، 453، 454، 458، 460، 461، 463، 484، 485، 492 (و فيه: يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا)، 494، 497، 498، 500، 502، 505، 507، 508، 511، 513، 524، 527، 528، 532، 535، 541، 543، 544، 547، 548، 551، 555، 556، 557، 563، 564، 567، 570، 581، 612، 653، 670، 701، 726، 748، 764، 775، 791،796، 806، 807، 810، 828، 859، 910، 950، 983 (و فيه: يملأ الأرض حقا و عدلا)، 1028، 1094، 1095، 1097، 1101، 1113، 1129، 1130، 1136، 1155 إلى 1160، 1195 (و فيه: قسطا و عدلا و نورا و برهانا)، 1198، 1204.

الفصل السابع و العشرون في أنّ له غيبتين إحداهما أقصر من الاخرى و فيه 10 أحاديث

599-(1)-

الكافي: محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:

للقائم غيبتان: إحداهما قصيرة، و الاخرى طويلة، الغيبة الاولى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصّة شيعته، و الاخرى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصّة مواليه.

600-(2)-

ينابيع المودّة: عن كتاب المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة في قوله تعالى: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، عن ثابت الثمالي، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه علي بن أبي طالب- رضي الله عنهم- قال: فينا نزلت هذه الآية، و جعل الله الإمامة في عقب الحسين إلى يوم القيامة، و إنّ للقائم منّا غيبتين: إحداهما أطول من الاخرى، فلا يثبت على إمامته إلّا من قوي يقينه، و صحّت معرفته.

ص: 145


1- . الكافي: ج 1 ص 340 ك الحجّة ب في الغيبة ح 19، مرآة العقول: ج 4 ص 52 ح 19، غيبة النعماني: ص 170 ب 10 فصل ح 2، إلّا أنّه قال: «إلّا خاصّة مواليه في دينه»، و روى هذا الحديث أيضا النعماني: «عن ابن عقدة قال: حدّثنا علي بن الحسن التيملي عن عمر بن عثمان عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن عمّار الصيرفي، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: للقائم غيبتان: إحداهما طويلة، و الاخرى قصيرة، فالاولى يعلم بمكانه فيها خاصّة من شيعته، و الاخرى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصّة مواليه في دينه» ص 170 ح 1. و ما وقع في الحديث الثاني من تقديم الغيبة الطويلة في الذكر على القصيرة الّتي هي الاولى لا يضرّ بالمقصود و استفادة المراد من الحديث.
2- . ينابيع المودّة: ص 427 ب 71، المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة: ص 200 الثامن و العشرون من سورة الزخرف.

601-(1)-

غيبة النعماني: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال:

حدّثنا علي بن الحسن، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي نجران، عن علي بن مهزيار، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، قال:

سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين، و سمعته يقول: لا يقوم القائم و لأحد في عنقه بيعة.602-(2)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال:

حدّثنا القاسم بن محمّد بن الحسن بن حازم من كتابه، قال: حدّثنا عبيس بن هشام، عن عبد الله بن جبلة، عن إبراهيم بن المستنير، عن المفضّل بن عمر الجعفي، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، قال: إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين: إحداهما تطول حتّى يقول بعضهم: مات، و بعضهم يقول: قتل، و بعضهم يقول: ذهب، فلا يبقى على أمره من أصحابه إلّا نفر يسير، لا يطّلع على موضعه أحد من وليّ و لا غيره إلّا المولى الّذي يلي أمره.

603-(3)-

غيبة النعماني: أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدّثنا محمّد بن المفضّل بن إبراهيم بن قيس، و سعدان [سعد- خ] بن إسحاق بن سعيد و أحمد بن الحسين [الحسن- خ] بن عبد الملك، و محمّد بن أحمد بن الحسن القطواني، قالوا جميعا: حدّثنا الحسن بن محبوب، عن إبراهيم [بن زياد] الخارقي، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كان أبو جعفر عليه السلام يقول: لقائم آل محمّد غيبتان: إحداهما أطول من الاخرى، فقال: نعم، و لا يكون ذلك حتّى يختلف سيف بني فلان، و تضيق الحلقة، و يظهر السفياني، و يشتدّ البلاء، و يشمل الناس موت و قتل، يلجئون فيه الى حرم الله و حرم رسوله صلّى الله عليه و آله و سلّم.

604-(4)-

غيبة النعماني: عبد الواحد بن عبد الله، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن رباح، قال: حدّثنا أحمد بن علي الحميري، قال:

حدّثنا الحسن بن أيّوب عن عبد الكريم بن عمرو، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم الثقفي، عن الباقر أبي جعفر عليه السلام أنّه سمعه يقول: إن للقائم غيبتين، يقال له في إحداهما: هلك، و لا يدري في أيّ واد سلك.

ص: 146


1- . غيبة النعماني: ص 171 ح 3.
2- . غيبة النعماني: ص 171 و 172 ح 5.
3- . غيبة النعماني: ص 172 و 173 ح 7، دلائل الإمامة في فصل معرفة ما ورد من الأخبار في وجوب الغيبة ص 293 إلى قوله: «قال: نعم».
4- . غيبة النعماني: ص 173 ح 8.

605-(1)-

الكافي: محمّد بن يحيى و أحمد بن إدريس، عن الحسن بن علي الكوفي، عن علي بن حسّان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن المفضّل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:لصاحب هذا الأمر غيبتان: إحداهما يرجع منها إلى أهله، و الاخرى يقال: هلك، في أيّ واد سلك؟ قلت: كيف نصنع إذا كان ذلك؟ قال:

إذا ادّعاها مدّع فاسألوه عن أشياء يجيب فيها مثله.

606-(2)-

الكافي: الحسين بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري، عن يحيى بن المثنّى، عن عبد الله بن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: للقائم غيبتان، يشهد في إحداهما المواسم، يرى الناس و لا يرونه.

607-(3)-

عقد الدرر: عن أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام أنّه قال: لصاحب هذا الأمر- يعني المهدي عليه السلام- غيبتان: إحداهما تطول حتّى يقول بعضهم: مات، و بعضهم: قتل، و بعضهم: ذهب، و لا يطّلع على موضعه أحد من وليّ و لا غيره إلّا المولى الّذي يلي أمره.

ص: 147


1- . الكافي: ج 1 ص 340 ب 138 ح 12، غيبة النعماني: ص 175- 176 ب 10 ح 9 و فيه: «يرجع في إحداهما»، و «فاسألوه عن تلك العظائم الّتي يجيب فيها مثله»، مرآة العقول: ج 4 ص 54 ح 20. أقول: و لعلّ مراده عليه السلام من رجوعه من إحداهما إلى أهله: عدم انقطاع خبر مكانه عن خواصّه، و اتّصالهم به- بأبي هو و امّي- بالمكاتبة و التشرّف بزيارته، و وجود الأبواب و الوكلاء و السفراء بينه و بين شيعته. قال المجلسي- رحمه الله-: «يرجع منها إلى أهله» أي عيال أبيه عليه السلام، أو إلى نوابه و سفرائه، و قال: «يجيب فيها مثله» أي مثل القائم عليه السلام عن مسائل لا يعلمها إلّا الإمام؛ كالإخبار بالمغيبات لعامّة الخلق، و السؤال عن غوامض المسائل و العلوم المختصّة بهم عليهم السلام، فإن أجاب بالحقّ فيها و موافقا لما وصل إليكم من آبائهم عليهم السلام فاعلموا أنّه الإمام، و هذا مختص بالعلماء.
2- . الكافي: ج 1 ص 339 ب 138 ح 12، غيبة النعماني: ص 175- 176 ب 10 ح 16 و فيه: «و لا يرونه فيه»، مرآة العقول: ج 4 ص 47 ح 12.
3- . عقد الدرر: ص 134 ب 5، البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان: ص 171 و 172 ب 12 ح 4 نحوه، بشارة الإسلام: ص 81 ب 4 ح 4. قال الشيخ الأجلّ الأقدم ابن أبي زينب الكاتب النعماني: «هذه الأحاديث الّتي يذكر فيها أنّ للقائم عليه السلام غيبتين أحاديث قد صحّت عندنا بحمد الله، و أوضح الله قول الأئمّة عليهم السلام و أظهر برهان صدقهم فيها. فأمّا الغيبة الاولى فهي الغيبة التي كانت السفراء فيها بين الإمام عليه السلام و بين الخلق قياما منصوبين ظاهرين موجودي الأشخاص و الأعيان، يخرج على أيديهم غوامض العلم[ الشفاء من العلم- خ، السهاء العلم- خ] و عويص الحكم، و الأجوبة عن كلّ ما كان يسأل عنه من المعضلات و المشكلات، و هي الغيبة القصيرة الّتي انقضت أيّامها و تصرّمت مدّتها، و الغيبة الثانية هي الّتي ارتفع فيها أشخاص السفراء و الوسائط للأمر الّذي يريده الله تعالى، و التدبير الّذي يمضيه في الخلق، و لوقوع التمحيص و الامتحان و البلبلة و الغربلة و التصفية على من يدّعي هذا الأمر، كما قال الله عزّ و جلّ: (ما كانَ الله لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَ ما كانَ الله لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) و هذا زمان ذلك قد حضر- جعلنا الله فيه من الثابتين على الحقّ، و ممّن لا يخرج في غربال الفتنة- فهذا معنى قولنا: «له غيبتان»، و نحن في الأخيرة نسأل الله أن يقرّب فرج أوليائه منها، و يجعلنا في حيّز خيرته، و جملة التابعين لصفوته، و من خيار من ارتضاه و انتجبه لنصرة وليّه و خليفته، فإنّه وليّ الإحسان، جواد منّان». (غيبة النعماني: ص 173- 174) و قال في «إعلام الورى» في الفصل الأوّل من الباب الثالث من القسم الثاني من الركن الرابع- بعد ذكر أنّ أخبار الغيبة قد سبقت زمان الحجّة عليه السلام بل زمان أبيه و جدّه، و أنّ المحدّثين من الشيعة خلّدوها في اصولهم المؤلّفة في أيّام السيّدين الباقر و الصادق عليهما السلام و أثروها عن النبيّ و الأئمّة عليهم السلام واحدا بعد واحد، و أنّ هذا دليل صحّة القول في إمامة صاحب الزمان لوجود هذه الصفة له، و الغيبة المذكورة في دلائله و أعلام امامته، و أنّه لا يمكن لأحد دفع ذلك- ما هذا لفظه: «و من جملة ثقات المحدّثين و المصنّفين من الشيعة: الحسن بن محبوب الزرّاد، و قد صنّف كتاب «المشيخة» الّذي هو في اصول الشيعة أشهر من كتاب المزني و أمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة، فذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة فوافق الخبر الخبر، و حصل كلّ ما تضمّنه الخبر بلا اختلاف، و من جملة ذلك ما رواه عن إبراهيم الخارقي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ثمّ ذكر الحديث الخامس من هذا الباب) و قال: فانظر كيف قد حصل الغيبتان لصاحب الأمر عليه السلام على حسب ما تضمّنه الأخبار السابقة لوجوده عن آبائه و جدوده، انتهى» (غيبة النعماني: ص 173- 174). و قال الشيخ المفيد في «الفصول العشرة»: «الأخبار عمّن تقدم من أئمّة آل محمّد عليهم السلام متناصرة بأنّه لا بدّ للقائم المنتظر من غيبتين: إحداهما أطول من الاخرى، يعرف خبره الخاصّ في القصرى، و لا يعرف العامّ له مستقرّا في الطولى، إلّا من تولّى خدمته من ثقات أوليائه، و لم ينقطع عنه إلى الاشتغال بغيره، و الأخبار بذلك موجودة في مصنّفات الشيعة الإماميّة قبل مولد أبي محمّد و أبيه و جدّه عليهم السلام، و ظهر حقّها عند مضي الوكلاء و السفراء الّذين سمّيناهم رحمهم الله، و بان صدق رواتها بالغيبة الطولى، و كان ذلك من الآيات الباهرات في صحّة ما ذهبت إليه الإماميّة انتهى». أقول: بل و يدلّ على صحّة هذه الأحاديث نفس تخريجها في الكافي الّذي صنّفه الكليني- قدّس سرّه- في عصر الغيبة الصغرى، و انقضاء عصرها و حصول الغيبة الثانية التامّة بعده، فإنّ عليّ بن محمّد السمري- رضي الله عنه- هو آخر السفراء توفّي في شعبان سنة (329 ه) و الكليني توفّي في سنة (328 ه)، و على قول توفّي في سنة (329 ه) في السنة الّتي توفي فيها السفير الرابع السمري فإنّه أيضا توفّي في النصف من شعبان من سنة (329 ه)، و احتمل بعضهم على فرض وقوع وفاة الكليني في سنة (329 ه) وقوعها قبل وفاة السمري. و كيف كان تخريج هذه الأحاديث في الكافي و انقضاء مدّة الغيبة القصرى و وقوع الغيبة الطولى التامّة بعده يؤكّد صحّة هذه الأحاديث، بل بنفسه دليل على صحّتها. هذا و لا يخفى عليك أنّ قصّة غيبة مولانا المهدي- بأبي هو و امّي- مذكورة في أشعار شعراء الشيعة كالحميري المتوفّى سنة (173 ه)، و هو الّذي يقول في قصيدته الّتي خاطب بها مولانا الصادق عليه السلام (انظر الغدير: ج 2 ص 247): و لكن روينا عن وصيّ محمّد *** و ما كان فيما قال بالمتكذّب بأنّ وليّ الأمر يفقد لا يرى *** ستيرا كفعل الخائف المترقّب فيقسم أموال الفقيد كأنّما *** تعيّبه بين الصفيح المنصّب فيمكث حينا ثمّ ينبع نبعة *** كنبعة جدي من الافق كوكب و أشهد ربّي أنّ قولك حجّة *** على الخلق طرّا من مطيع و مذنب بأنّ وليّ الأمر و القائم الّذي *** تطلّع نفسي نحوه بتطرّب له غيبة لا بدّ من أن يغيبها *** فصلّى عليه الله من متغيّب فيمكث حينا ثمّ يظهر حينه *** فيملأ عدلا كلّ شرق و مغرب

ص: 148

و يدلّ عليه أيضا الحديث: 254.

الفصل الثامن و العشرون في أنّ له غيبة طويلة الى أن يأذن الله تعالى له بالخروج و فيه 100 حديث

608-(1)-

كفاية الأثر: أحمد بن إسماعيل، عن محمّد بن همام، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن موسى بن مسلم، عن مسعدة قال:

كنت عند الصادق عليه السلام إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى متّكئا على عصاه، فسلّم فردّ أبو عبد الله الجواب، ثمّ قال: يا ابن رسول الله ناولني يدك أقبّلها، فأعطاه يده فقبّلها ثمّ بكى، فقال أبو عبد الله عليه السلام:

ما يبكيك يا شيخ؟ قال: جعلت فداك [يا ابن رسول الله] أقمت على قائمكم منذ مائة سنة، أقول هذا الشهر، و هذه السنة، و قد كبرت سنّي، و رقّ [دقّ- خ] عظمي، و اقترب أجلي، و لا أرى ما أحبّ [و أرى فيكم ما لا أحبّ- خ] أراكم مقتّلين [معتلين] مشرّدين، و أرى عدوّكم يطيرون بالأجنحة، فكيف لا أبكي؟ فدمعت عينا أبي عبد الله عليه السلام ثمّ قال: يا شيخ، إن أبقاك الله حتّى ترى قائمنا كنت معنا في السنام الأعلى، و إن حلّت بك المنيّة جئت يوم القيامة مع ثقل محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم، و نحن ثقله، فقال: [فقد قال عليه السلام- خ] إنّي مخلّف فيكم الثقلين فتمسّكوا بهما لن تضلوا: كتاب الله و عترتي أهل بيتي، فقال الشيخ: لا ابالي بعد ما سمعت هذا الخبر، قال: يا شيخ، انّ قائمنا يخرج من صلب الحسن، و الحسن يخرج من صلب عليّ، و عليّ يخرج من صلب محمّد، و محمّد يخرج من صلب عليّ، و عليّ يخرج من صلب ابني هذا، و أشار إلى موسى عليه السلام، و هذا خرج منو يدلّ عليه أيضا الحديث: 254.

الفصل الثامن و العشرون في أنّ له غيبة طويلة الى أن يأذن الله تعالى له بالخروج و فيه 100 حديث

608-(2)-

كفاية الأثر: أحمد بن إسماعيل، عن محمّد بن همام، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن موسى بن مسلم، عن مسعدة قال:

كنت عند الصادق عليه السلام إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى متّكئا على عصاه، فسلّم فردّ أبو عبد الله الجواب، ثمّ قال: يا ابن رسول الله ناولني يدك أقبّلها، فأعطاه يده فقبّلها ثمّ بكى، فقال أبو عبد الله عليه السلام:

ما يبكيك يا شيخ؟ قال: جعلت فداك [يا ابن رسول الله] أقمت على قائمكم منذ مائة سنة، أقول هذا الشهر، و هذه السنة، و قد كبرت سنّي، و رقّ [دقّ- خ] عظمي، و اقترب أجلي، و لا أرى ما أحبّ [و أرى فيكم ما لا أحبّ- خ] أراكم مقتّلين [معتلين] مشرّدين، و أرى عدوّكم يطيرون بالأجنحة، فكيف لا أبكي؟ فدمعت عينا أبي عبد الله عليه السلام ثمّ قال: يا شيخ، إن أبقاك الله حتّى ترى قائمنا كنت معنا في السنام الأعلى، و إن حلّت بك المنيّة جئت يوم القيامة مع ثقل محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم، و نحن ثقله، فقال: [فقد قال عليه السلام- خ] إنّي مخلّف فيكم الثقلين فتمسّكوا بهما لن تضلوا: كتاب الله و عترتي أهل بيتي، فقال الشيخ: لا ابالي بعد ما سمعت هذا الخبر، قال: يا شيخ، انّ قائمنا يخرج من صلب الحسن، و الحسن يخرج من صلب عليّ، و عليّ يخرج من صلب محمّد، و محمّد يخرج من صلب عليّ، و عليّ يخرج من صلب ابني هذا، و أشار إلى موسى عليه السلام، و هذا خرج منصلبي، نحن اثنا عشر كلّنا معصومون مطهّرون، فقال الشيخ: يا سيّدي، بعضكم أفضل من بعض؟ قال: لا، نحن في الفضل سواء، و لكن بعضنا أعلم من بعض، ثمّ قال: يا شيخ، و الله لو لم يبق من الدنيا

ص: 149


1- . كفاية الأثر: ص 260- 262 ب 34 ح 3، البحار: ج 36 ص 408- 409 ب 46 ح 17، العوالم: ج 15 ص 280- 281 ب 7 ح 17، إثبات الهداة: ج 1 ص 603 ب 9 ح 586، تبيين المحجّة: ص 336- 337 ح 31، الإنصاف: ص 294- 296 ب الميم 269.
2- . كفاية الأثر: ص 260- 262 ب 34 ح 3، البحار: ج 36 ص 408- 409 ب 46 ح 17، العوالم: ج 15 ص 280- 281 ب 7 ح 17، إثبات الهداة: ج 1 ص 603 ب 9 ح 586، تبيين المحجّة: ص 336- 337 ح 31، الإنصاف: ص 294- 296 ب الميم 269.

إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج قائمنا أهل البيت، ألا و إنّ شيعتنا يقعون في فتنة و حيرة في غيبته، هناك يثبت [الله] على هداه المخلصين، اللهم أعنهم على ذلك.

609-(1)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أحمد بن إدريس، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري الكوفي، قال: حدّثني إسحاق بن محمّد الصيرفي، عن أبي هاشم، عن فرات بن أحنف، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه ذكر القائم عليه السلام فقال: أما ليغيبنّ حتّى يقول الجاهل: ما لله في آل محمّد حاجة.

610-(2)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن أحمد الشيباني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الكوفي، قال: حدّثنا سهل بن زياد الآدمي، قال: حدّثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني- رضي الله عنه- عن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: للقائم منّا غيبة أمدها طويل، كأنّي بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته، يطلبون المرعى فلا يجدونه، ألا فمن ثبت منهم على دينه، و لم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه، فهو معي في درجتي يوم القيامة. ثمّ قال عليه السلام: إنّ القائم منّا إذا قام لم يكن لأحد في عنقه بيعة، فلذلك تخفى ولادته، و يغيب شخصه.

حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الكوفي، عن عبد الله بن موسى الروياني، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن محمّد بن عليّ الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام بهذا الحديث مثله سواء.

611-(3)- كمال الدين: حدّثنا أبي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن فضالة بن أيّوب، عن سدير في حديث عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: إنّ إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء، تاجروا يوسف و بايعوه، و هم إخوته و هو أخوهم فلم يعرفوه حتّى قال لهم: أنا يوسف، فما تنكر هذه الامّة أن يكون الله عزّ و جلّ في وقت من الأوقات يريد أن يستر [يبيّن خ]

ص: 150


1- . كمال الدين: ج 1 ص 302 ب 26 ح 9، غيبة الشيخ: ص 340- 341 ح 290، تقريب المعارف: ص 189، إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2، دلائل الإمامة: ب معرفة من شاهد صاحب الزمان عليه السلام ح 14، البحار: ج 51 ص 119 ب 2 ح 19 و ج 52 ص 101 ب 21 ح 1، إثبات الهداة: ج 3 ص 463 ب 32 ح 110 و ص 464 ح 116 و ص 510 ح 333.
2- . كمال الدين: ج 1 ص 303 ب 26 ح 14، البحار: ج 51 ص 109- 110 ب 2 ح 1، إثبات الهداة: ج 3 ص 464 ب 32 ح 115.
3- . كمال الدين: ج 2 ص 341 ب 33 ح 21، علل الشرائع: ص 244 ب 179 ح 3، دلائل الإمامة: ص 290 ب ما ورد من الأخبار في وجوب الغيبة، الكافي: ج 1 ص 336 ب 138 ح 4 نحوه، مرآة العقول: ج 4 ص 37- 39 ح 4، إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2، البحار: ج 51 ص 142 ب 6 ح 1.

حجّته؟ لقد كان يوسف عليه السلام إليه ملك مصر، و كان بينه و بين والده مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد الله عزّ و جلّ أن يعرّفه مكانه لقدر على ذلك، و الله لقد سار يعقوب و ولده عند البشارة مسيرة تسعة أيّام من بدوهم إلى مصر، فما تنكر هذه الامّة أن يكون الله عزّ و جلّ يفعل بحجّته ما فعل بيوسف أن يكون يسير في أسواقهم و يطأ بسطهم و هم لا يعرفونه حتّى يأذن الله عزّ و جل أن يعرّفهم بنفسه كما أذن ليوسف حتّى قال لهم: هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي ....

612-(1)-

كمال الدين: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطّار- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن قتيبة النيسابوري، قال: حدّثنا حمدان بن سليمان، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حيّان السرّاج، عن السيّد ابن محمّد الحميري في حديث طويل يقول فيه: قلت للصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: يا ابن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، قد روي لنا أخبار عن آبائك عليهم السلام في الغيبة و صحّة كونها، فأخبرني بمن تقع؟ فقال عليه السلام: إنّ الغيبة ستقع بالسادس من ولدي، و هو الثاني عشر من الأئمّة الهداة بعد رسول الله صلّى الله عليه و آله، أوّلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، و آخرهم القائم بالحقّ بقيّة الله في الأرض و صاحب الزمان، و الله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه، لم يخرج من الدنيا حتّى يظهر فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

613-(2)-

كمال الدين: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أبي، عن ابراهيم بن هاشم، عن محمّد بن أبي عمير، عن صفوان بن مهران الجمّال، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: أما و الله ليغيبنّ عنكم مهديّكم حتّى يقول الجاهل منكم: ما لله في آل محمّد حاجة، ثمّ يقبل كالشهاب الثاقب، فيملأها عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما.

614-(3)-

الكافي: علي بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن وهب بن شاذان، عن الحسن بن أبي الربيع، عن محمّد بن إسحاق، عن أمّ هاني، قالت: سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام عن

ص: 151


1- . كمال الدين: ج 2 ص 342 ب 33 ح 23، إثبات الهداة: ج 3 ص 458- 459 ف 5 ح 96.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 341 و 342 ب 33 ح 22، إثبات الهداة: ج 3 ص 472 ب 32 ف 5 ح 149، البحار: ج 51 ص 145 ب 6 ح 11.
3- . الكافي: ج 1 ص 341 ح 22 ب في الغيبة، و نحوه ح 23، غيبة النعماني: ص 150 ب 10 ح 6 بأحد طريقيه و 7 مثلهما عن الكليني، و نحوه بطريق آخر: ص 149 ب 10 ح 6 بطريقه الآخر، غيبة الشيخ: ص 159 ح 116 نحوه، ينابيع المودّة: ص 430 نحوه. و أخرج الصدوق في كمال الدين: ج 1 ص 330 ح 14: «بسنده عن إبراهيم بن عطيّة، عن أمّ هاني الثقفيّة، قالت: غدوت على سيّدي محمّد بن علي الباقر عليهما السلام، فقلت له: يا سيّدي، آية في كتاب الله عزّ و جلّ عرضت بقلبي فاقلقتني و أسهرت ليلي، قال: فسلي يا أمّ هاني: قالت: قلت: يا سيّدي قول الله عزّ و جلّ: (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ) قال: نعم المسألة سألتيني يا أمّ هاني، هذا مولود في آخر الزمان، هو المهدي من هذه العترة، تكون له حيرة، و غيبة يضلّ فيها أقوام و يهتدي فيها أقوام، فيا طوبى لك إن أدركتيه، و يا طوبى لمن أدركه». إثبات الوصيّة: ص 201 «بسنده عن أمّ هاني، قالت: لقيت أبا جعفر عليه السلام فسألته عن هذه الآية (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ)، قال: إمام يفقد في سنة ستّين و مائتين، ثمّ يبدو كالشهاب الوقّاد، فإن أدركت زمانه قرّت عيناك». إثبات الهداة: ج 3 ص 469 ب 32 ف 5 ح 136، البحار: ج 51 ص 51 ب 5 ح 26، تأويل الآيات الظاهرة عن تفسير محمّد بن العبّاس، تفسير نور الثقلين، و البرهان، و المحجّة، و الصافي، و غيرها ذيل الآية.

قول الله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ، قالت: فقال: إمام يخنس سنة ستّين و مائتين ثمّ يظهر كالشهاب، يتوقّد في الليلة الظلماء، فإن أدركت زمانه قرّت عينك.

615-(1)-

كمال الدّين: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدّثنا محمّد بن عيسى بن عبيد، عن صالح بن محمّد، عن هانئ التمّار، قال:

قال لي أبو عبد الله عليه السلام: إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة، فليتّق الله عبد و ليتمسّك بدينه.

616-(2)-

الكافي: محمّد بن يحيى، عن جعفر بن محمّد، عن إسحاق بن محمّد، عن يحيى بن المثنّى، عن عبد الله بن بكير، عن عبيد بن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يفقد الناس إمامهم، يشهد الموسم فيراهم و لا يرونه.

617-(3)- الكافي: محمّد بن يحيى، و الحسن بن محمّد جميعا، عن جعفر بن محمّد الكوفي، عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن صالح بن خالد، عن يمان التمّار، قال: كنّا عند أبي عبد الله عليه السلام جلوسا، فقال لنا: إنّ

ص: 152


1- . كمال الدين: ج 2 ص 343 ب 33 ح 25.
2- . الكافي: ج 1 ص 337 ب 138 ح 6، غيبة النعماني: ص 175 ح 14 و فيه: «المواسم»، مرآة العقول: ج 4 ص 42 ح 6، كمال الدين: ج 2 ص 346 ب 33 ح 33، دلائل الإمامة: ص 259 ب معرفة وجوب القائم ح 64 و ص 290 ب معرفة ما ورد من الأخبار في وجوب الغيبة ح 6، غيبة الشيخ: ص 161 ح 119، البحار: ج 52 ص 151 ب 23 ح 2، حلية الأبرار: ج 2 ص 546 ب 11 و ص 606 ب 29، إثبات الهداة: ج 3 ص 485 ب 32 ف 1 ح 205 و ص 500 ف 12 ح 279، و في طريق آخر: أخرج النعماني عن عبيد و لفظه: «يفتقد الناس إماما يشهد المواسم، يراهم و لا يرونه».
3- . الكافي: ج 1 ص 335- 336 ب 138 ح 1، مرآة العقول: ج 4 ص 33 ح 1، كمال الدين: ج 2 ص 346 ب 33 ح 34، غيبة النعماني: ص 169 ب 10 ح 11، إثبات الوصيّة: ص 226 ط المكتبة المرتضويّة، دلائل الإمامة: ص 290 بسند آخر، اثبات الهداة: ج 6 ص 411 ب 32 ف 5 ح 153 مع اختلاف يسير.

لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسّك فيها بدينه كالخارط للقتاد- ثمّ قال هكذا بيده- فأيّكم يمسك شوك القتاد بيده؟ ثمّ أطرق مليّا، ثمّ قال: إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة، فليتّق الله عبد و ليتمسّك بدينه.

618-(1)-

كمال الدين: حدّثنا أبي، و محمّد بن الحسن- رضي الله عنهما- قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله، و عبد الله بن جعفر الحميري، و أحمد بن إدريس جميعا، قالوا: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، و محمّد بن عبد الجبّار، و عبد الله بن عامر بن سعد الأشعري، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن محمّد بن المساور، عن المفضّل بن عمر الجعفي، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سمعته يقول: إيّاكم و التنويه (2)، أما و الله ليغيبنّ إمامكم سنينا من دهركم، و لتمحّصنّ، حتّى يقال: مات أو هلك، بأيّ واد سلك؟و لتدمعنّ عليه عيون المؤمنين، و لتكفأنّ كما تكفأ السفن في أمواج البحر، و لا ينجو إلّا من أخذ الله ميثاقه، و كتب في قلبه الإيمان، و أيّده بروح منه، و لترفعنّ اثنتا عشرة راية مشتبهة، لا يدرى أيّ من أيّ، قال:

فبكيت، فقال [لي]: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ فقلت: و كيف لا أبكي و أنت تقول: اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدرى أيّ من أيّ، فكيف نصنع؟

قال: فنظر إلى شمس داخلة في الصفّة، فقال: يا أبا عبد الله، ترى هذه الشمس؟ قلت: نعم، قال: و الله لأمرنا أبين من هذه الشمس.

ص: 153


1- . كمال الدين: ج 2 ص 347 ب 33 ح 35، الكافي: ج 1 ص 338 و 339 ب في الغيبة ح 11 من قوله عليه السلام: «أما و الله ليغيبنّ» نحوه، غيبة النعماني: ص 151 و 152 ب 10 ح 9 نحوه و فيه: «و الله ليغيبنّ سبتا من الدهر» بدل «سنينا» أو «شيئا»، و هذا أظهر و أنسب. غيبة الشيخ: ص 204 و 205 نحوه، إثبات الوصيّة: ص 200، دلائل الإمامة: ص 292 ب ما ورد من الأخبار في وجوب الغيبة.
2- . قال المجلسي في البحار ج 52 ص 282: التنويه: التشهير، أي لا تشهّروا أنفسكم، و لا تدعوا الناس إلى دينكم، أو لا تشهّروا ما نقول لكم من أمر القائم عليه السلام و غيره ممّا يلزم إخفاؤه عن المخالفين. «و ليمحص» على بناء التفعيل المجهول، من التمحيص، بمعنى الابتلاء و الاختبار، و نسبته إليه عليه السلام على المجاز، أو على بناء المجرّد المعلوم، من محص الظّبي كمنع إذا عدا، و محص منّي أي هرب. و في بعض نسخ الكافي على بناء المجهول المخاطب من التفعيل مؤكّدا بالنون، و هو أظهر. و قد مرّ في النعماني «و ليخملنّ»، و لعلّ المراد بأخذ الميثاق قبوله يوم أخذ الله ميثاق نبيّه و أهل بيته مع ميثاق ربوبيّته كما مرّ في الأخبار. «و كتب في قلبه الإيمان» إشارة إلى قوله تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِالله وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)، و الروح هو روح الإيمان كما مرّ، «مشتبهة» أي على الخلق، أو متشابهة يشبه بعضها بعضا ظاهرا و «لا يدرى» على بناء المجهول، «أي» مرفوع به، أي لا يدرى أيّ منها حقّ متميّزا من أيّ منها هو باطل، فهو تفسير للاشتباه، و قيل: «أيّ» مبتدأ، و «من أيّ» خبره، أي كلّ راية منها لا يعرف كونه من أيّ جهة من جهة الحقّ أو من جهة الباطل، و قيل: لا يدرى أيّ رجل من أي راية لتبدو النظام منهم، و الأوّل أظهر، انتهى. اثبات الهداة: ج 6، ص 411، ب 32، ف 5، ح 154 مختصرا.

619-(1)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني، قال: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن عيسى الوشّاء البغدادي، قال: حدّثنا أحمد بن طاهر [القمّي]، قال: حدّثنا محمّد بن بحر بن سهل الشيباني، قال: أخبرنا عليّ بن الحارث، عن سعيد بن منصور الجواشني، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ البديلي، قال: أخبرنا أبي، عن سدير الصيرفي، قال: دخلت أنا، و المفضّل بن عمر، و أبو بصير، و أبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله الصادق عليه السلام فرأيناه جالسا على التراب و عليه مسح خيبريّ مطوّق بلا جيب، مقصّر الكمّين، و هو يبكي بكاء الواله الثكلى، ذات الكبد الحريّ، قد نال الحزن من وجنتيه، و شاع التغيير في عارضيه، و أبلى الدموع محجريه، و هو يقول: سيّدي غيبتك نفت رقادي، و ضيّقت عليّ مهادي، و ابتزّت منّي راحة فؤادي، سيّدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد، و فقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع و العدد، فما أحسّ بدمعة ترقى من عيني، و أنين يفتر من صدري، عن دوارج الرزايا، و سوالف البلايا، إلّا مثّل بعيني عن غوابر أعظمها و أفظعها، و بواقي أشدّها و أنكرها، و نوائب مخلوطة بغضبك، و نوازل معجونة بسخطك.

قال سدير: فاستطارت عقولنا و لها، و تصدّعت قلوبنا جزعا، من ذلك الخطب الهائل، و الحادث الغائل، و ظننا أنّه سمت لمكروهة قارعة، أو حلّت به من الدهر بائقة، فقلنا: لا أبكى الله يا ابن خيرالورى عينيك، من أيّة حادثة تستنزف دمعتك، و تستمطر عبرتك؟ و أيّة حالة حتمت عليك هذا المأتم؟ قال: فزفر الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه، و اشتدّ عنها خوفه، و قال: ويلكم، نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم، و هو الكتاب المشتمل على علم المنايا و البلايا و الرزايا، و علم ما كان و ما يكون إلى يوم القيامة، الّذي خصّ الله به محمّدا و الأئمّة من بعده عليهم السلام، و تأمّلت منه مولد غائبنا و غيبته و إبطائه، و طول عمره، و بلوى المؤمنين في ذلك الزمان، و تولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، و ارتداد أكثرهم عن دينهم، و خلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم التي قال الله تقدّس ذكره: وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ- يعني الولاية- فأخذتني الرقّة، و استولت عليّ الأحزان، فقلنا: يا ابن رسول الله، كرّمنا و فضّلنا بإشراكك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك، قال: إنّ الله تبارك و تعالى أدار للقائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرّسل عليهم السلام: قدّر مولده تقدير مولد موسى عليه السلام، و قدّر غيبته تقدير غيبة عيسى عليه السلام، و قدّر إبطاءه تقدير إبطاء نوح عليه

ص: 154


1- . كمال الدين: ج 2 ص 352- 357 ب 33 ح 50، غيبة الشيخ: ص 167- 173 ح 129 نحوه، البحار: ج 51 ص 219- 223 ب 13 ح 9، ينابيع المودّة: ص 444 مختصرا عن المناقب، إثبات الهداة: ج 3 ص 475 ب 32 ف 5 ح 162 قطعة منه، كما أورده تامّا أو مختصرا، بعضا أو كلا في الصراط المستقيم، و نور الثقلين، و إعلام الورى، و الايقاظ من الهجعة، و غاية المرام، و حلية الأبرار، و غيرها.

السلام، و جعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح- أعني الخضر عليه السلام- دليلا على عمره، فقلنا له: اكشف لنا يا ابن رسول الله عن وجوه هذه المعاني، قال عليه السلام: أمّا مولد موسى عليه السلام، فإنّ فرعون لمّا وقف على أنّ زوال ملكه على يده أمر باحضار الكهنة فدلّوه على نسبه، و أنّه يكون من بني إسرائيل، و لم يزل يأمر أصحابه بشقّ بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل حتّى قتل في طلبه نيّفا و عشرين ألف مولود، و تعذّر عليه الوصول الى قتل موسى عليه السلام بحفظ الله تبارك و تعالى إيّاه، و كذلك بنو اميّة و بنو العبّاس لمّا وقفوا على أنّ زوال ملكهم و ملك الامراء و الجبابرة منهم على يد القائم منّا ناصبونا العداوة، و وضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول صلّى الله عليه و آله [أهل بيت رسول الله- خ]، و إبادة نسله طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم، و يأبى الله عزّ و جلّ أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلّا أن يتمّ نوره و لو كره المشركون.

و أمّا غيبة عيسى عليه السلام، فإنّ اليهود و النصارى اتّفقت على أنّه قتل فكذّبهم الله جلّ ذكره بقوله: وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ، كذلك غيبة القائم، فإنّ الامّة ستنكرها لطولها، فمن قائل يهذي بأنّه لم يلد، و قائل يقول: إنّه يتعدّى إلى ثلاثة عشر و صاعدا، و قائل يعصي الله عزّ و جلّ بقوله: إنّ روح القائم ينطق في هيكل غيره.

و أمّا إبطاء نوح عليه السلام؛ فانّه لمّا استنزلت العقوبة على قومه من السماء بعث الله عزّ و جلّ الروح الأمين عليه السلام بسبع نويات، فقال:

يا نبيّ الله، إنّ الله تبارك و تعالى يقول لك: إنّ هؤلاء خلائقي و عبادي، و لست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلّا بعد تأكيد الدعوة و إلزام الحجّة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك، فإنّي مثيبك عليه، و اغرس هذه النوى، فإنّ لك في نباتها و بلوغها و إدراكها إذا أثمرت الفرج و الخلاص، فبشّر بذلك من تبعك من المؤمنين، فلمّا نبتت الأشجار و تأزّرت و تسوّقت و تغصّنت و أثمرت و زها التمر عليها بعد زمان طويل استنجز من الله سبحانه و تعالى العدة، فأمره الله تبارك و تعالى أن يغرس من نوى تلك الأشجار و يعاود الصبر و الاجتهاد، و يؤكّد الحجّة على قومه، فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به، فارتدّ منهم ثلاثمائة رجل، و قالوا:

لو كان ما يدّعيه نوح حقّا لما وقع في وعد ربّه خلف، ثمّ إنّ الله تبارك و تعالى لم يزل يأمره عند كلّ مرّة بأن يغرسها مرّة بعد اخرى إلى أن غرسها سبع مرّات، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتدّمنه طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيّف و سبعين رجلا، فأوحى الله تبارك و تعالى عند ذلك إليه، و قال: يا نوح، الآن أسفر الصبح عن اللّيل لعينك حين صرح الحقّ عن محضه، و صفا [الأمر و الإيمان] من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة،

ص: 155

فلو أنّي أهلكت الكفّار و أبقيت من قد ارتدّ من الطوائف الّتي كانت آمنت بك لما كنت صدّقت وعدي السابق للمؤمنين الّذين أخلصوا التوحيد من قومك، و اعتصموا بحبل نبوّتك بأن أستخلفهم في الأرض، و امكّن لهم دينهم، و ابدّل خوفهم بالأمن، لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشكّ من قلوبهم، و كيف يكون الاستخلاف و التمكين و بدل الخوف بالأمن منّي لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الّذين ارتدّوا، و خبث طينهم، و سوء سرائرهم الّتي كانت نتائج النفاق و سنوح الضلالة، فلو أنّهم تسنّموا منّي الملك الّذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعداءهم لنشقوا روائح صفاته، و لاستحكمت سرائر نفاقهم، [و] تأبّدت حبال ضلالة قلوبهم، و لكاشفوا إخوانهم بالعداوة، و حاربوهم على طلب الرئاسة، و التفرّد بالأمر و النهي، و كيف يكون التمكين في الدّين و انتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن و إيقاع الحروب، كلا وَ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَ وَحْيِنا.

قال الصادق عليه السلام: و كذلك القائم، فإنّه تمتدّ أيّام غيبته ليصرح الحقّ عن محضه، و يصفو الإيمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة من الشيعة الّذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسّوا بالاستخلاف و التمكين و الأمن المنتشر في عهد القائم عليه السلام، قال المفضّل: فقلت: يا ابن رسول الله، فإنّ [هذه] النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر و عمر و عثمان و عليّ عليه السلام، فقال: لا يهدي الله قلوب الناصبة، متى كان الدين الّذي ارتضاه الله و رسوله متمكّنا بانتشار الأمن في الامّة، و ذهاب الخوف من قلوبها، و ارتفاع الشكّ من صدورها في عهد واحد من هؤلاء، و في عهد عليّ عليه السلام، مع ارتداد المسلمين و الفتن الّتي تثور في أيّامهم، و الحروب الّتي كانت تنشب بين الكفّار و بينهم؟! ثمّ تلا الصادق عليه السلام: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا.

و أمّا العبد الصالح- أعني الخضر عليه السلام- فإنّ الله تبارك و تعالى ما طوّل عمره لنبوّة قدّرها له، و لا لكتاب ينزله عليه، و لا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء، و لا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها، و لا لطاعة يفرضها له، بلى، إنّ الله تبارك و تعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم عليه السلام في أيّام غيبته ما يقدّر، و علم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول، طوّل عمر العبد الصالح في غير سبب يوجب ذلك، إلّا لعلّة الاستدلال به على عمر القائم عليه السلام، و ليقطع بذلك حجّة المعاندين، لئلا يكون للنّاس على الله حجّة.

ص: 156

620-(1)-

كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن خالد البرقي، عن علي بن حسّان، عن داود بن كثير الرقّي، قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عن صاحب هذا الأمر، قال: هو الطريد، الوحيد، الغريب، الغائب عن أهله، الموتور بأبيه عليه السلام.621-(2)- كمال الدين: حدّثنا أبي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري، عن علي بن الحسن بن فضّال، عن الريّان بن الصلت، قال: سمعته يقول:

سئل أبو الحسن الرضا عليه السلام عن القائم عليه السلام، فقال: لا يرى جسمه، و لا يسمّى باسمه.

622-(3)-

كمال الدين: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي العمري السمرقندي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه محمّد بن مسعود، عن جعفر بن أحمد، عن الحسن بن علي بن فضّال، قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهم السلام يقول: إنّ الخضر عليه السلام شرب من ماء الحياة، فهو حيّ لا يموت حتّى ينفخ في الصور، و إنّه ليأتينا [ليلقانا- خ] فيسلّم، فنسمع صوته و لا نرى شخصه، و إنّه ليحضر حيث ما ذكر، فمن ذكره منكم فليسلّم عليه، و إنّه ليحضر الموسم كلّ سنة فيقضي جميع المناسك، و يقف بعرفة فيؤمّن على دعاء المؤمنين، و سيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته، و يصل به وحدته.

623-(4)-

غيبة النعماني: حدّثنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: حدّثنا محمّد بن حسّان الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي، قال: حدّثنا عيسى بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: صاحب هذا الأمر من ولدي، هو الّذي يقال: مات أو هلك، لا بل في أيّ واد سلك؟.

624-(5)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم

ص: 157


1- . كمال الدين: ج 2 ص 361 ب 34 ح 4، إثبات الهداة: ج 3 ص 476- 477 ب 32 ف 5 ح 167.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 370 ب 35 ح 2، البحار: ج 51 ص 33 ب 13 ح 12.
3- . كمال الدين: ج 2 ص 390 ب 38 ح 4، إثبات الهداة: ج 3 ص 480 ب 32 ف 5 ح 181 مختصرا.
4- . غيبة النعماني: ص 156 ح 18 ب 10، غيبة الشيخ: ص 425 ح 409، «عن الفضل بن شاذان، عن أحمد بن عيسى العلوي، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: صاحب هذا الأمر من ولدي (الّذي) يقال: مات، قتل، لا بل هلك، لا بل بأيّ واد سلك»، البحار: ج 51 ص 114 ب 2 ح 11، إثبات الهداة: ج 3 ص 533 ب 32 ف 27 ح 468.
5- . كمال الدين: ج 1 ص 51، البحار: ج 51 ص 68 ب 1 ح 10، إثبات الهداة: ج 3 ص 459 ب 32 ف 5 ح 97.

السلام قال: قال النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم: و الّذي بعثني بالحقّ بشيرا ليغيبنّ القائم من ولدي بعهد معهود إليه منّي، حتّى يقول أكثر الناس: ما لله في آل محمّد حاجة، و يشكّ آخرون في ولادته، فمن أدرك زمانه فليتمسّك بدينه، و لا يجعل للشيطان إليه سبيلا بشكّه فيزيلهعن ملّتي، و يخرجه من ديني، فقد أخرج أبويكم من الجنّة من قبل، و إنّ الله عزّ و جلّ جعل الشياطين أولياء للّذين لا يؤمنون.

625-(1)- علل الشرائع: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي - رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن مسعود، و حيدر بن محمّد السمرقندي جميعا، قالا: حدّثنا محمّد بن مسعود، قال: حدّثنا جبرائيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، قال: حدّثني الحسن بن محمّد الصيرفي، عن حنّان بن سدير، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: إنّ للقائم منّا غيبة يطول أمدها، فقلت له: و لم ذاك يا ابن رسول الله؟ قال: إنّ الله عزّ و جلّ أبى إلّا أن يجري فيه سنن الأنبياء عليهم السلام في غيباتهم، و أنّه لا بدّ له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم، قال الله عزّ و جلّ: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ أي سننا على سنن من كان قبلكم.

626-(2)-

غيبة النعماني: حدّثنا محمّد بن همّام، قال: حدّثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدّثنا إسحاق بن سنان، قال: حدّثنا عبيد بن خارجة، عن علي بن عثمان، عن فرات بن أحنف، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السلام، قال: زاد الفرات على عهد أمير المؤمنين عليه السلام، فركب هو و ابناه الحسن و الحسين عليهما السلام فمرّ بثقيف، فقالوا: قد جاء عليّ يردّ الماء، فقال علي عليه السلام: أما و الله لاقتلنّ أنا و ابناي هذان، و ليبعثنّ الله رجلا من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا، و ليغيبنّ عنهم تمييزا لأهل الضلالة، حتى يقول الجاهل: ما لله في آل محمّد من حاجة.

627-(3)-

غيبة الشيخ: روى أبو بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: في القائم شبه من يوسف، قلت: و ما هو؟ قال: الحيرة و الغيبة.

628-(4)-كتاب تاريخ قم: عن محمّد بن قتيبة الهمداني، و الحسن بن علي الكشمارجاني [الكمشارجاني- خ]، عن علي بن النعمان، عن أبي الأكراد علي بن ميمون الصائغ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنّ الله احتجّ

ص: 158


1- . علل الشرائع: ج 1 ص 245 ب 179 ح 7، إثبات الهداة: ج 3 ص 487 ب 32 ف 5 ح 212 عن كمال الدين و العلل، المحجّة: ص 246 مختصرا.
2- . غيبة النعماني: ص 140 ب 10 ح 1، إثبات الهداة: ج 3 ص 532 ب 32 ح 462.
3- . غيبة الشيخ ص 163- 164، ح 125، إثبات الهداة: ج 3 ص 501 ب 32 ف 5 ح 284.
4- . البحار: ج 57 ص 212- 213 ب 36 ح 22.

بالكوفة على سائر البلاد، و بالمؤمنين من أهلها على غيرهم من أهل البلاد، و احتجّ ببلدة قم على سائر البلاد، و بأهلها على جميع أهل المشرق و المغرب من الجنّ و الإنس، و لم يدع الله قم و أهله مستضعفا بل وفّقهم و أيّدهم، ثمّ قال: إنّ الدين و أهله بقم ذليل، و لو لا ذلك لأسرع الناس إليه فخرب قم و بطل أهله، فلم يكن حجّة على سائر البلاد، و إذا كان كذلك لم تستقرّالسماء و الأرض، و لم ينظروا طرفة عين، و انّ البلايا مدفوعة عن قم و أهله، و سيأتي زمان تكون بلدة قم و أهلها حجّة على الخلائق، و ذلك في زمان غيبة قائمنا عليه السلام إلى ظهوره، و لو لا ذلك لساخت الأرض بأهلها، و انّ الملائكة لتدفع البلايا عن قم و أهله، و ما قصده جبّار بسوء إلّا قصمه قاصم الجبّارين، و شغله عنهم بداهية أو مصيبة أو عدوّ، و ينسي الجبّارين في دولتهم ذكر قم كما نسوا ذكر الله.

629-(1)-

الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن بلغكم عن صاحب هذا الأمر غيبة فلا تنكروها.

630-(2)-الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: لا بدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة، و لا بدّ له في غيبته من عزلة، و نعم المنزل طيبة، و ما بثلاثين من وحشة.

ص: 159


1- . الكافي: ج 1 ص 338 ب 138 ح 10، و في ص 340 ب 138 ح 15 عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم ... مثله. مرآة العقول: ج 4 ص 46 و 50 ح 10 و 15، إثبات الهداة: ج 3 ص 444 ب 32 ح 22.
2- . الكافي: ج 1 ص 340 ب 138 ح 16، مرآة العقول: ج 4 ص 50 ح 16، قال المجلسي- قدّس سرّه-: «في بعض النسخ: و لا له في غيبته أي ليس في غيبته معتزلا عن الخلق، بل هو بينهم و لا يعرفونه، و الأوّل أظهر، و موافق لما في سائر الكتب. و الطيبة بالكسر: اسم المدينة الطيّبة (إلى أن قال:) و ما بثلاثين من وحشة أي هو عليه السلام مع ثلاثين من مواليه و خواصّه». البحار: ج 52 ص 157 ب 23 ح 20 و قال العلامة المجلسي- قدس سره- أيضا: الطيبة اسم المدينة «الطيّبة، فيدلّ على كونه عليه السلام غالبا فيها و في حواليها، و على أنّ معه ثلاثين من مواليه و خواصّه إن مات أحد قام آخر مقامه. غيبة النعماني: ص 188 ب 10 ح 41، غيبة الشيخ: ص 162 ح 121 «بإسناده عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير نحوه قال: لا بدّ لصاحب هذا الأمر من عزلة، و لا بدّ في عزلته من قوّة، و ما بثلاثين من وحشة، و نعم المنزل طيبة»، إثبات الهداة: ج 3 ص 445 ب 32 ح 27.

631-(1)-

غيبة الشيخ: و أخبرني جماعة عن أبي جعفر محمّد بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عنصفوان بن يحيى، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها.

و يدلّ عليه أيضا الأحاديث: 205، 242، 244، 245، 254، 257، 261، 305 إلى 308، 317، 465، 497، 498، 499، 511، 535 إلى 539، 541، 547، 549 إلى 557، 559 إلى 564، 574، 575، 580، 589، 595، 599 إلى 607، 632 إلى 635، 637، 641، 643، 644، 645، 647، 649، 653، 669، 685، 686، 688 إلى 691، 806، 810، 1104، 1105.

ص: 160


1- . غيبة الشيخ: ص 160- 161 ح 118، البحار: ج 51 ص 146 ب 6 ح 15، و مرّ نحوه عن محمّد بن مسلم.

الفصل التاسع و العشرون في علّة غيبته

(1)، و فيه 9 أحاديث

632-(2)-

كمال الدين: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطّار- رضي الله عنه- قال: حدّثني علي بن محمّد بن قتيبة النيسابور يقال: حدّثنا حمدان بن سليمان النيسابوري، قال: حدّثني أحمد بن عبدالله بن جعفر

ص: 161


1- . اعلم أنّ اختفاء سبب الغيبة عنّا ليس مستلزما لصحّة إنكار وقوعها، أو عدم وجود مصلحة فيها، فإنّ سبيل هذه و سبيل غيرها من الحوادث الجارية بحكمة الله تعالى سواء، فكما أنّه لا سبيل إلى إنكار المصلحة في بعض أفعاله تعالى ممّا لم نعلم وجه حكمته و مصلحته لا طريق أيضا إلى إنكار المصلحة في غيبة وليّه و حجّته، فإنّ مداركنا و عقولنا قاصرة عن إدراك فوائد كثير من الأشياء، و سنن الله تعالى في عالم التكوين و التشريع، بل لم نعط مدارك يدرك بها كثير من المجهولات، فالاعتراف بقصور أفهامنا أولى، و لنعم ما قاله الشاعر: و انّ قميصا خيط من نسج تسعة *** و عشرين حرفا عن معاليه قاصر و قال بعضهم: العلم للرحمن جلّ جلاله *** و سواه في جهلاته يتغمغم ما للتراب و للعلوم و إنّما *** يسعى ليعلم أنّه لا يعلم و ما أحسن أدب من قال: علم الخلائق في جنب علم الله مثل لا شي ء في جنب ما لا نهاية له. و قال مولانا و سيّدنا أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام فيما روي عنه: «يا ابن آدم، لو أكل قلبك طائر لم يشبعه، و بصرك لو وضع عليه خرق إبرة لغطّاه، تريد أن تعرف بهما ملكوت السماوات و الأرض!»، و الحاصل أنّه ليس علينا السؤال عن هذه بعد إخبار النبيّ و المعصومين من أهل بيته صلّى الله عليهم أجمعين عن وقوعها، و دلالة الأحاديث القطعيّة عليها، و بعد وقوعها في الامم السالفة، كما ذكره الإمام في رواية سدير الطويلة، قال المفيد- قدّس سرّه-: و ثمّ وليّ لله تعالى يقطع الأرض بعبادة ربّه تعالى، و التفرّد من الظالمين بعمله، و نأى بذلك عن دار المجرمين، و تبعّد بدينه عن محلّ الفاسقين، لا يعرف أحد من الخلق له مكانا، و لا يدّعي إنسان منهم له لقاء و لا معه اجتماعا، و هو الخضر عليه السلام موجود قبل زمان موسى الى وقتنا هذا باجماع أهل النقل، و اتّفاق أصحاب السير و الأخبار، سائحا في الأرض لا يعرف له أحد مستقرّا، و لا يدّعي له اصطحابا إلّا ما جاء في القرآن به من قصّته مع موسى عليه السلام، و ما يذكره بعض الناس من أنّه يظهر أحيانا و لا يعرف، و يظنّ بعض الناس رآه، أنّه بعض الزهّاد فإذا فارق مكانه توهمه المسمّى بالخضر و إن لم يكن يعرف بعينه في الحال و لا ظنّه، بل اعتقد أنّه بعض أهل الزمان، انتهى كلامه في «الفصول العشرة». ثمّ ذكر غيبة موسى و يوسف و يونس و غيرهم. هذا، و قد صرّح أبو عبد الله عليه السلام بأنّ وجه الحكمة في غيبته لا ينكشف إلّا بعد ظهوره، و أنّه من أسرار الله (في حديث عبد الله بن الفضل الهاشمي الحديث الأوّل من هذا الباب)، فعليه يصحّ لنا أن نقول: بأنّ السبب الأصلي في حكمته خفي عنّا، و لا ينكشف تمام الانكشاف إلّا بعد ظهوره. نعم، لها فوائد و مصالح معلومة غيره، منها: امتحان العباد بغيبته، و اختبار مرتبة تسليمهم و معرفتهم و إيمانهم بما اوحي إلى النبيّ صلّى الله عليه و آله، و بشّر به عن الله تعالى، و قد جرت سنّة الله تعالى بامتحان عباده، بل ليس خلق الناس و بعث الرسل، و انزال الكتب إلّا للامتحان، قال الله تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ)، و قال عزّ شأنه: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)، و قال سبحانه: (أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ)، و يستفاد من الأخبار الّتي تقف عليها في هذا الكتاب أنّ الامتحان بغيبة المهدي عليه السلام من أشدّ الامتحانات، و أنّ المتمسّك فيها بدينه كالخارط للقتاد. هذا مضافا إلى أنّ في التصديق و عقد القلب و الالتزام و الإيمان بما أخبر به النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم من الامور الغيبيّة امتحانا و ارتياضا خاصّا، و ثمرة لصفاء الباطن و قوّة التديّن بدين الله تعالى، فامتحان الناس بغيبته عليه السلام يكون عملا و إيمانا و علما، أمّا عملا: فلما يحدث في زمان الغيبة من الفتن الشديدة الكثيرة، و وقوع الناس في بليّات عظيمة بحيث يصير أصعب الامور المواظبة على الوظائف الدينيّة. و أمّا علما و إيمانا فلأنّه إيمان بالغيب، فلا يؤمن به إلّا من كمل إيمانه، و قويت معرفته، و خلصت نيته. و الحاصل أنّ الناس ممتحنون في الإيمان بالله، و التسليم و التصديق بما أخبر به النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم، إلّا أنّ الامتحان بالإيمان بما كان من الامور الغيبيّة ربّما يكون أشدّ من غيره، و قد جاء التصريح بوصف هؤلاء المؤمنين في قوله تعالى: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ... الآيات، و ذلك لأنّ الإيمان بكلّ ما هو غيب عنّا ممّا أخبر به النبيّ صلّى الله عليه و آله لا يحصل إلّا لأهل اليقين و المتّقين الّذين نجوا عن ظلمة الوساوس و الشبهات الشيطانيّة، و أنار نفوسهم نور المعرفة و اليقين و الإيمان الكامل بالله و رسله و كتبه. و منها: انتظار كمال استعداد الناس لظهوره، فإنّ ظهوره ليس كظهور غيره من الحجج و الأنبياء، و ليس مبنيّا على الأسباب الظاهريّة و العاديّة، و سيرته أيضا- كما ترى في الأبواب الآتية- مبنيّة على الحقائق، و الحكم بالواقعيّات، و رفض التقيّة و التسامح في الامور الدينيّة، فالمهدي عليه السلام شديد على العمّال، شديد على أهل المعاصي، و حصول هذه الامور محتاج الى حصول استعداد خاصّ للعالم، و رقاء البشر في ناحية العلوم و المعارف، و في ناحية الفكر، و في ناحية الأخلاق، حتّى يستعدّ لقبول تعليماته العالية و برنامجه الاصلاحي. و منها: الخوف عن القتل، يشهد التاريخ أنّ سبب حدوث الغيبة ظاهرا خوفه عن قتله، فإنّ أعداءه- كما ستطّلع عليه في الأبواب الآتية- عزموا على قتله إطفاء لنوره، و اهتماما بقطع هذا النسل الطيّب المبارك، و لكن يأبى الله إلّا أن يتمّ نوره. و منها: غيرها ممّا ذكر في الكتب المفصّلة. فإن قلت: أيّ فائدة في وجود الإمام الغائب عن الأبصار، فهل وجوده و عدمه إلّا سواء؟ قلت أوّلا: إنّ فائدة وجود الحجّة ليست منحصرة في التصرف في الامور ظاهرا، بل أعظم فوائد وجوده ما يترتّب عليه من بقاء العالم بإذن الله تعالى و أمره كما ينادي بذلك قوله صلّى الله عليه و آله: «أهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض»، و قوله: «لا يزال هذا الدين قائما إلى اثني عشر أميرا من قريش، فإذا مضوا ساخت الأرض بأهلها»، و قال أمير المؤمنين عليه السلام: «اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم لله ... الخ» و سيجي ء في الباب الآتي بعض الأحاديث في انتفاع الناس منه في غيبته. و ثانيا: إنّ عدم تصرّفه ليس من قبله، و المسئوليّة في عدم تصرّفه متوجّهة إلى رعيّته، و أشار إلى الوجهين المحقّق الطوسي في «التجريد» بقوله: «وجوده لطف، و تصرّفه لطف آخر، و عدمه منّا». و ثالثا: نقول: إنّا لا نقطع على أنّه مستتر عن جميع أوليائه- كما في الشافي و تنزيه الأنبياء- فإذا لا مانع عن تصرّفه في بعض الامور المهمّة بواسطة بعض أوليائه و خواصّه و انتفاعهم منه. و رابعا: ما هو المسلّم و المعلوم استتاره عن الناس، و عدم إمكان الوصول إليه في الغيبة إلّا لبعض الخواصّ- و غيرهم أحيانا لبعض المصالح- و لكن لا يلازم هذا استتار الناس عنه صلوات الله عليه، فإنّه كما يستفاد من الروايات يحضر الموسم أيّام الحجّ، و يحجّ، و يزور جدّه و آباءه المعصومين، و يصاحب الناس، و يحضر المجالس، و يغيث المضطر، و يعود بعض المرضى و غيرهم، و ربّما يتكفّل بنفسه الشريفة- جعلني الله فداه- قضاء حاجاتهم. و المراد من عدم إمكان الوصول إليه في زمان الغيبة عدم إمكان معرفته بعينه و شخصه. و خامسا: لا يجب على الإمام أن يتولّى التصرّف في الامور الظاهريّة بنفسه، بل له تولية غيره بالخصوص كما فعل في زمان غيبته الصغرى، أو على نحو العموم كما فعل في الغيبة الكبرى، فنصب الفقهاء و العلماء العدول العالمين بالأحكام للقضاء، و إجراء السياسات، و إقامة الحدود، و جعلهم حجّة على الناس، فهم يقومون في عصر الغيبة بحفظ الشرع ظاهرا، و بيان الأحكام، و نشر المعارف الإسلاميّة، و دفع الشبهات، و بكلّ ما يتوقّف عليه نظم امور الناس. و تفصيل ذلك يطلب من الكتب الفقهيّة، و إن شئت زيادة التوضيح فيما ذكر فعليك بالرجوع إلى كتب أكابر أصحابنا كالمفيد، و السيّد، و الشيخ، و الصدوق، و العلامة، و غيرهم جزاهم الله عن الدين أفضل الجزاء.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 481- 482 ب 11 ح 44؛ علل الشرائع: ص 245- 246 ح 8؛ البحار: ج 52 ص 91 ب 20 ح 4؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 488 ب 32 ف 5 ح 217 مختصرا.

ص: 162

المدائني، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام يقول: إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة لا بدّ منها، يرتاب فيها كلّ مبطل، فقلت: و لم جعلت فداك؟ قال: لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم، قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال: وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدّمه من حجج الله تعالى ذكره، إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلّا بعد ظهوره، كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاه الخضر عليه السلام من خرق السفينة، و قتل الغلام، و إقامة الجدار لموسى عليه السلام إلّا وقت افتراقهما، يا ابن الفضل! إنّ هذا الأمر أمر من [أمر] الله تعالى، و سرّ من سرّ الله، و غيب من غيب الله، و متى علمنا أنّه عزّ و جلّ حكيم صدّقنا بأنّ أفعاله كلّها حكمة، و إن كان وجهها غير منكشف.الله بن جعفر المدائني، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام يقول: إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة لا بدّ منها، يرتاب فيها كلّ مبطل، فقلت: و لم جعلت فداك؟ قال: لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم، قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال: وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدّمه من حجج الله تعالى ذكره، إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلّا بعد ظهوره، كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاه الخضر عليه السلام من خرق السفينة، و قتل الغلام، و إقامة الجدار لموسى عليه السلام إلّا وقت افتراقهما، يا ابن الفضل! إنّ هذا الأمر أمر من [أمر] الله تعالى، و سرّ من سرّ الله، و غيب من غيب الله، و متى علمنا أنّه عزّ و جلّ حكيم صدّقنا بأنّ أفعاله كلّها حكمة، و إن كان وجهها غير منكشف.

633-(1)- كمال الدين: محمّد بن محمّد بن عصام الكليني، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن إسحاق بن يعقوب، عن صاحب الزمان صلوات الله عليه في آخر التوقيع الوارد في جواب كتابه الّذي سأل محمّد بن عثمان العمري أن يوصل إليه عجّل الله فرجه: أمّا علّة ما وقع من الغيبة فإنّ الله عزّ و جلّ يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ، إنّه لم يكن لأحد من آبائي عليهم السلام إلّا و قد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، و إنّي أخرج حين أخرج و لا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي، و أمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحاب، و إنّي لأمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء، فأغلقوا

ص: 163


1- . كمال الدين: ج 2 ص 483- 485 ح 4؛ غيبة الشيخ: ص 290- 293 ح 247؛ إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 3 ف 3؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 530- 532؛ الخرائج و الجرائح: ج 3 ص 1113- 1117 ح 30؛ الاحتجاج: ج 2 ص 281- 284؛ البحار: ج 53 ص 180- 182 ب 31 ح 10، و ج 75 ص 380 ب 30 ح 1 عن الدرّة الباهرة.

باب السؤال عمّا لا يعنيكم، و لا تكلّفوا علم ما قد كفيتم، و أكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإنّ ذلك فرجكم، و السلام عليك يا إسحاق بن يعقوب، و على من اتّبع الهدى.

634-(1)-

عيون أخبار الرضا: محمّد بن إبراهيم بن إسحاق، عن أحمد بن محمّد الهمداني، عن علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبيه، عن ابي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام، قال: كأنّي بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي كالنعم، يطلبون المرعى فلا يجدونه، قلت: و لم ذلك يا ابن رسول الله؟ قال: لأنّ إمامهم يغيب عنهم، فقلت: و لم؟ قال: لئلا يكون في عنقه لأحد بيعة إذا قام بالسيف.

635-(2)-

غيبة الشيخ: الحسين بن عبيد الله، عن أبي جعفر محمّد بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان النيسابوري، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، قال: إنّ للقائم غيبة قبل ظهوره، قلت: [و] لم؟ قال: يخاف القتل.

و يدلّ عليه أيضا الروايات: 337، 626، 654، 656، 669.

الفصل الثلاثون في بعض فوائد وجوده و انتفاع الناس منه في غيبته و تصرّفه في الامور و فيه 7 أحاديث

636-(3)

نهج البلاغة: اللهمّ بلى، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة، إمّا ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله و بيّناته، و كم ذا و أين [اولئك]؟ اولئك و الله الأقلّون عددا، و الأعظمون عند الله قدرا، يحفظ الله بهم حججه و بيّناته حتّى يودعوها نظراءهم، و يزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على

ص: 164


1- . عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 273 ب 28 ح 6؛ كمال الدين: ج 2 ص 480 ب 44 ح 4؛ البحار: ج 51 ص 152 ب 8 ح 1. أقول: و المراد بالثالث الإمام أبو محمّد الحسن والد الحجّة، و بالإمام الّذي يغيب، ابنه الحجّة عليهما السلام.
2- . غيبة الشيخ: ص 332 ح 274؛ الكافي: ج 1 ص 338 ب 138 ح 9 نحوه عن ابن بكير عن زرارة؛ غيبة النعماني: ص 176 و 177 نحوه بطرق متعدّدة و ألفاظ متقاربة ح 19 و 20 و 21 و 22 عن ابن بكير؛ علل الشرائع: ص 246 ح 9؛ كمال الدين: ج 2 ص 481 ب 44 ح 9 و عن ابن بكير و عن خالد بن نجيح الجوّان و ابن بكير عن زرارة نحوه ح 7 و 8 و 10؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 359 ح 23 نحوه مع اختلاف في الرواة و اختلاف يسير في المعنى.
3- . نهج البلاغة صبحي الصالح: ص 497 قصار الحكم 147؛ تذكرة الحفّاظ: ج 1 ص 11 نحوه، دستور معالم الحكم: ب 4 ص 82- 85 مسندا عن كميل؛ الغارات: ج 1 ص 153؛ تحف العقول: ص 170 من كلامه لكميل بن زياد؛ الخصال: ص 187 ب الثلاثة؛ الأمالي: ص 19- 20 ح 23، البحار: ج 23 ص 44- 46 ح 91 ب 1، الأمالي للمفيد: ص 250 المجلس 29، كمال الدين: ج 1 ص 289 ب 26 ح 2، و انظر البداية و النهاية ج 9 ص 46 و غيره من مصادره الكثيرة.

حقيقة البصيرة، و باشروا روح اليقين، و استلانوا ما استوعره المترفون، و أنسوا بما استوحش منه الجاهلون، و صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالمحلّ الأعلى، اولئك خلفاء الله في أرضه، و الدعاة إلى دينه، آه آه شوقا إلى رؤيتهم.

637-(1)-

ينابيع المودّة: عن نهج البلاغة: منّا المهديّ، يسري في الدنيا بسراج منير، و يحذو فيها على مثال الصالحين، ليحلّ ربقا، و يعتق رقّا، و يصدع شعبا، و يشعب صدعا، في سترة عن الناس، لا يبصر القائف أثره و لو تابع نظره.

و في نهج البلاغة (ج 2 ص 47 خ 146، ط مصر): يا قوم، هذا إبّان ورود كلّ موعد، و دنوّ من طلعة ما لا تعرفون، ألا و من أدركها منّا يسري فيها بسراج منير، و يحذو فيها على مثال الصالحين، ليحلّ فيها ربقا، و يعتق رقّا، و يصدع شعبا، و يشعب صدعا، في سترة عن الناس، لا يبصر القائف أثره و لو تابع نظره، ثمّ ليشحذنّ فيها قوم شحذ القين النصل، تجلى بالتنزيل أبصارهم، [و يرمى بالتفسير في مسامعهم]، و يغبقون كأس الحكمة بعد الصبوح.

638-(2)-

فرائد السمطين: أخبرنا أبو جعفر، ابن بابويه- رحمه الله- قال: أنبأنا محمّد بن أحمد السمناني، قال: أنبأنا أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان، قال: أنبأنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: أنبأنا فضل بن الصقر العبدي، قال: أنبأنا معاوية، عن سليمان بن مهران الأعمش، عن الصادق جعفر بنمحمّد عليهما السلام، عن أبيه محمّد بن عليّ عليهما السلام، عن أبيه علي بن الحسين عليهما السلام قال: نحن أئمّة المسلمين، و حجج الله على العالمين، و سادة المؤمنين، و قادة الغرّ المحجّلين، و موالي المؤمنين، و نحن أمان أهل الأرض، كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء، و نحن الذين بنا يمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا باذنه، و بنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها، و بنا ينزل الغيث، و تنشر الرحمة، و تخرج بركات الأرض، و لو لا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها. ثمّ قال: و لم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجّة لله فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور. و لا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة لله فيها، و لو لا ذلك لم يعبد الله.

قال سليمان: فقلت للصادق عليه السلام: فكيف ينتفع الناس بالحجّة الغائب المستور؟ قال: كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب (3).

ص: 165


1- . ينابيع المودّة: ص 437؛ نهج البلاغة صبحي الصالح: ص 208 خ 150.
2- . فرائد السمطين: ج 1 ص 45 و 46 ب 2 ح 11؛ ينابيع المودّة: ص 477.
3- . ذكر العلامة المجلسي- رحمه الله- في وجه تشبيهه بالشمس إذا سترها سحاب وجوها: الأوّل: أنّ نور الوجود و العلم و الهداية يصل الى الخلق بتوسّطه عليه السلام، إذ ثبت بالأخبار المستفيضة أنّهم العلل الغائية لإيجاد الخلق، فلولاهم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم، و ببركتهم و الاستشفاع بهم و التوسّل إليهم يظهر العلوم و المعارف على الخلق و يكشف البلايا عنهم، فلولاهم لاستحقّ الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب، كما قال تعالى: (وَ ما كانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ)، و لقد جرّبنا مرارا لا نحصيها أنّ عند انغلاق الامور، و إعضال المسائل، و البعد عن جناب الحقّ تعالى، و انسداد أبواب الفيض لما استشفعنا بهم و توسّلنا بأنوارهم، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنويّ بهم في ذلك الوقت تنكشف تلك الامور الصعبة، و هذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان. و قد مضى توضيح ذلك في كتاب الإمامة. الثاني: كما أنّ الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتفاع الناس بها ينتظرون في كلّ آن انكشاف السحاب عنها و ظهورها ليكون انتفاعهم بها أكثر، فكذلك في أيّام غيبته عليه السلام ينتظر المخلصون من شيعته خروجه و ظهوره في كلّ وقت و زمان، و لا ييأسون منه. الثالث: أنّ منكر وجوده عليه السلام مع وفور ظهور آثاره كمنكر وجود الشمس إذا غيّبها السحاب عن الأبصار. الرابع: أنّ الشمس قد تكون غيبتها في السحاب أصلح للعباد من ظهورها لهم بغير حجاب، فكذلك غيبته عليه السلام أصلح لهم في تلك الأزمان، فلذا غاب عنهم. الخامس: أن الناظر إلى الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن السحاب، و ربّما عمي بالنظر إليها لضعف الباصرة عن الإحاطة بها، فكذلك شمس ذاته المقدّسة ربّما يكون ظهوره أضرّ لبصائرهم، و يكون سببا لعماهم عن الحقّ، و يحتمل بصائرهم الإيمان به في غيبته كما ينظر الإنسان إلى الشمس من تحت السحاب و لا يتضرّر بذلك. السادس: أنّ الشمس قد تخرج من السحاب و ينظر إليها واحد دون واحد، كذلك يمكن أن يظهر عليه السلام في أيّام غيبته لبعض الخلق دون بعض. السابع: أنّهم كالشمس في عموم النفع، و إنّما لا ينتفع بهم من كان أعمى كما فسّر به في الأخبار قوله تعالى: (مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا). الثامن: أنّ الشمس كما أنّ شعاعها تدخل البيوت بقدر ما فيها من الروازن و الشبابيك و بقدر ما يرتفع عنها من الموانع عنها، فكذلك الخلق إنّما ينتفعون بأنوار هدايتهم بقدر ما يرفعون من الموانع عن حواسّهم و مشاعرهم الّتي هي روازن قلوبهم من الشهوات النفسانيّة و العلائق الجسمانيّة، و بقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانيّة، إلى أن ينتهي الأمر إلى حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوانبه بغير حجاب. فقد فتحت لك من هذه الجنّة الروحانيّة ثمانية أبواب، و لقد فتح الله علي بفضله ثمانية اخرى تضيق العبارة عن ذكرها، عسى الله أن يفتح علينا و عليك في معرفتهم ألف باب، يفتح من كلّ باب ألف باب، انتهى كلامه قدّس الله سرّه.

639-(1)- كمال الدين: حدّثنا أبي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا هارون بن مسلم، عن سعدان، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن علي عليهم السلام أنّه قال في خطبة له على منبر الكوفة: اللهم لا بدّ لأرضك من حجّة لك على خلقك، يهديهم إلى دينك، و يعلّمهم علمك، لئلا تبطل

ص: 166


1- . كمال الدين: ج 1 ص 302 ب 27 ح 11؛ إثبات الوصيّة ص 251؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 363 ح 112 ب 32 ف 2.

حجّتك، و لا يضلّ أتباع أوليائك بعد إذ هديتهم به، إمّا ظاهر ليس بالمطاع، أو مكتتم مترقّب، إن غاب عن الناس شخصه في حال هدايتهم، فإنّ علمه و آدابه في قلوب المؤمنين مثبتة، فهم بها عاملون.

640-(1)-

كتاب فضل بن شاذان: حدّثنا محمّد بن أبي عمير، و صفوان بن يحيى، قالا: حدّثنا جميل بن درّاج، عن الصادق عليه السلام، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام أنّه قال:

الإسلام و السلطان العادل أخوان توأمان، لا يصلح واحد منهما إلّا بصاحبه، الإسلام اسّ، و السلطان العادل حارس، ما لا اسّ له فمنهدم، و ما لا حارس له فضائع، فلذلك إذا رحل قائمنا لم يبق أثر من الدنيا.

و يدلّ عليه أيضا الروايتان: 245، 609.

الفصل الحادي و الثلاثون في أنّه عليه السلام طويل العمر جدّا و فيه 363 حديثا

641-(2)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي بن بشّار القزويني، قال: حدّثنا أبو الفرج المظفّر بن أحمد، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن صالح البزّاز، قال: سمعت الحسن بن علي العسكري عليهما السلام يقول: إنّ ابني هو القائم من بعدي، و هو الّذي تجري فيه سنن الأنبياء عليهم السلام بالتعمير و الغيبة، حتّى تقسو القلوب لطول الأمد، فلا يثبت على القول به إلّا من كتب الله عزّ و جلّ في قلبه الإيمان، و أيّده بروح منه (3).

ص: 167


1- . كفاية المهتدي (الأربعين): ص 222- 223 ذيل ح 39؛ كشف الحقّ (الأربعين): ح 35 ص 203 و لفظه: «إذا رحل قائمنا لم يبق أثر من الإسلام، و إذا لم يبق أثر من الإسلام لم يبق أثر من الدنيا».
2- . كمال الدين: ج 2 ص 524 ب 46 ح 4، البحار: ج 51 ص 224 ب 13 ح 11.
3- . اعلم أنّه استبعد طول عمره بعض من العامّة حتّى عاب الشيعة على قولهم ببقائه عليه السلام، و قال بعض منهم: إنّ الوصيّة لأجهل الناس تصرف إلى من ينتظر المهدي عليه السلام، و أنت خبير بأن لا قيمة للاستبعاد في الامور العلميّة، و المطالب الاعتقاديّة بعد ما قام عليها البرهان، و دلّت عليها الأدلّة القطعيّة من العقل و النقل، فهذا نوع من سوء الظنّ بقدرة الله تعالى، و ليس مبنى له إلّا عدم الأنس، و قضاء العادة في الجملة على خلافه، و إلّا فيتّفق في اليوم و الليلة بل في كلّ ساعة و آن ألوف من الحوادث و الوقائع العادية في عالم الكون، حتّى في المخلوقات الصغيرة و ما لا يرى إلّا باعانة المكبّرات ممّا أمره أعجب و أعظم من طول عمر إنسان سليم الأعضاء و القوى، العارف بقواعد حفظ الصحّة، العامل بها، بل ليس مسألة طول عمره أغرب من خلقته و تكوينه و انتقاله من عالم الأصلاب الى عالم الأرحام، و منه إلى عالم الدنيا، و بهذا دفع الله استبعاد المنكرين للمعاد في كتابه الكريم، قال الله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ...) الآية، و قال: (أَ وَ لَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ ...) الى آخر السورة، و قال عزّ من قائل: (وَ قالُوا أَ إِذا كُنَّا عِظاماً وَ رُفاتاً ...*) الى آخر الآيات، هذا مع وقوع طول العمر في بعض الأنبياء كالخضر و نوح و عيسى و غيرهم عليهم السلام، و كيف يكون الإيمان بطول عمر المهديّ عليه السلام أمارة الجهل مع تصريح القرآن الكريم بإمكان مثله في قوله تعالى: فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، و وقوعه بالنسبة إلى نوح عليه السلام في قوله تعالى: فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً، و بالنسبة إلى المسيح عليه السلام في قوله تعالى: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، و قد أخبر أيضا بحياة إبليس، و أنّه من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم و لم ينكر ذلك أحد من المسلمين و لم يستبعده، و روى مسلم في صحيحه في القسم الثاني من الجزء الثاني في باب ذكر ابن صيّاد، و الترمذي في سننه في الجزء الثاني، و أبو داود في صحيحه في باب خبر ابن صائد من كتاب الملاحم روايات متعدّدة في ابن صيّاد و ابن صائد، و أنّ النبيّ صلّى الله عليه و آله احتمل أن يكون هو الدجّال الّذي يخرج في آخر الزمان، و روى ابن ماجة في صحيحه في الجزء الثاني في أبواب الفتن في باب فتنة الدجّال و خروج عيسى، و أبو داود في الجزء الثاني من سننه من كتاب الملاحم في باب خبر الجسّاسة، و مسلم في صحيحه في باب خروج الدجّال و مكثه في الأرض حديث تميم الداري، و هو صريح في أنّ الدجّال كان حيّا في عصر النبيّ صلّى الله عليه و آله، و أنّه يخرج في آخر الزمان، فإن كان القول بطول عمر شخص من الجهل فلم لم ينسب هؤلاء أحد بالجهل مع إخراجهم هذه الأحاديث في كتبهم و صحاحهم؟ و كيف ينسب بالجهل من يعتقد طول عمر المهدي عليه السلام مع تجويز النبيّ صلّى الله عليه و آله مثله في عدوّ الله الدجّال؟! و الحاصل: أنّ بعد وقوع طول العمر لا موقع للتعجّب منه، فضلا عن الاستبعاد و القول باستحالته. قال السيّد ابن طاوس- رحمه الله- في الفصل 79 من كشف المحجّة في مناظرته مع بعض العامّة: «لو حضر رجل و قال: أنا أمشي على الماء ببغداد، فإنّه- يجتمع لمشاهدته لعلّ من يقدر على ذلك منهم، فإذا مشى على الماء و تعجّب الناس منه فجاء آخر قبل أن يتفرّقوا و قال أيضا: أنا أمشي على الماء، فإنّ التعجّب منه يكون أقلّ من ذلك فمشى على الماء، فإنّ بعض الحاضرين ربّما يتفرّقون و يقلّ تعجّبهم، فإذا جاء ثالث و قال: أنا أيضا أمشي على الماء فربّما لا يقف للنظر إليه إلّا قليل، فإذا مشى على الماء سقط التعجّب من ذلك، فإن جاء رابع و ذكر أنّه يمشي أيضا على الماء فربّما لا يبقى أحد ينظر إليه و لا يتعجّب منه، و هذه حالة المهدي عليه السلام، لأنّكم رويتم أنّ ادريس حيّ موجود في السماء منذ زمانه إلى الآن، و رويتم أنّ الخضر حيّ موجود مذ زمان موسى عليه السلام أو قبله إلى الآن، و رويتم أنّ عيسى حيّ موجود في السماء، و أنّه يرجع إلى الأرض مع المهديّ عليه السلام، فهذه ثلاثة نفر من البشر قد طالت أعمارهم، و سقط التعجّب بهم من طول أعمارهم، فهلّا كان لمحمّد بن عبد الله صلوات الله و سلامه عليه و آله اسوة بواحد منهم أن يكون من عترته آية لله جلّ جلاله في امّته بطول عمر واحد من ذرّيّته، فقد ذكرتم و رويتم أنّه يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا؟ و لو فكرتم لعرفتم أنّ تصديقكم و شهادتكم أنّه يملأ الأرض بالعدل شرقا و غربا و بعدا و قربا أعجب من طول بقائه، و أقرب إلى أن يكون ملحوظا بكرامات الله جلّ جلاله لأوليائه، و قد شهدتم أيضا له أنّ عيسى بن مريم النبيّ المعظّم عليهما السلام يصلّي خلفه، مقتديا به في صلاته، و تبعا له و منصورا به في حروبه و غزواته، و هذا أيضا أعظم مقاما ممّا استبعدتموه من طول حياته، فوافقوا على ذلك، انتهى». و قال العلامة سبط ابن الجوزي في «تذكرة الخواص» ص 377: «و عامّة الإماميّة على أنّ الخلف الحجّة موجود، و أنّه حيّ يرزق، و يحتجّون على حياته بأدلّة؛ منها: أنّ جماعة طالت أعمارهم: كالخضر، و إلياس، فإنّه لا يدرى كم لهما من السنين، و أنّهما يجتمعان كلّ سنة فيأخذ هذا من شعر هذا، و في التوراة: أنّ ذا القرنين عاش ثلاثة آلاف سنة، و المسلمون يقولون: ألفا و خمسمائة، و نقل عن محمّد بن إسحاق أسماء جماعة كثيرة رزقوا طول العمر، و قد أسرد الكلام في جواز بقائه عليه السلام مذ غيبته إلى الآن، و أنّه لا امتناع في بقائه، انتهى». و استدلّ الحافظ الكنجي الشافعي في كتاب «البيان»: ب 25 على ذلك ببقاء عيسى و الخضر و إلياس، و بقاء الدجّال و إبليس، و ذكر دليلا على بقاء الدجّال ما رواه مسلم في حديث طويل في الجساسة، انتهى. و قد تضمّنت التوراة من المعمّرين أسماء جماعة كثيرة و ذكر أحوالهم، ففي سفر التكوين الإصحاح الخامس الآية 5 على ما في ترجمتها من اللغة العبرانيّة و الكلدانيّة و اليونانيّة إلى اللغة العربية ط بيروت سنة (1870 م): «فكانت كلّ أيّام آدم الّتي عاشها تسعمائة و ثلاثين سنة و مات»، و في الآية 8 قال: «فكانت كلّ أيّام شيث تسعمائة و اثنتي عشرة سنة و مات»، و في الآية 11: «فكانت كلّ أيّام أنوش تسعمائة و خمس سنين و مات»، و في الآية 14: «فكانت كلّ أيّام قينان تسعمائة و عشر سنين و مات»، و في الآية 17: «فكانت كلّ أيّام مهللئيل ثمانمائة و خمسا و تسعين سنة و مات»، و في الآية 20: «فكانت كلّ أيّام يارد تسعمائة و اثنتين و ستين سنة و مات»، و في الآية 23: «فكانت كلّ أيّام أخنوخ ثلاثمائة و خمسا و ستين سنة»، و في الآية 27: «فكانت كلّ أيّام متوشالح تسعمائة و تسعا و ستين سنة و مات»، و في الآية 31: «فكانت كلّ أيّام لامك سبعمائة و سبعا و سبعين سنة و مات»، و في الإصحاح التاسع في الآية 29: «فكانت كلّ أيّام نوح تسعمائة و خمسين سنة و مات»، و في الإصحاح الحادي عشر في الآية 10 إلى 17: «10- هذه مواليد سام لما كان سام ابن مائة سنة ولد ارفكشاد بعد الطوفان بسنتين، 11- و عاش سام بعد ما ولد ارفكشاد خمسمائة سنة و ولد بنين و بنات، 12- و عاش ارفكشاد خمسا و ثلاثين سنة و ولد شالح، 13- و عاش ارفكشاد بعد ما ولد شالح اربعمائة و ثلاث سنين و ولد بنين و بنات، 14- و عاش شالح ثلاثين سنة و ولد عابر، 15- و عاش شالح بعد ما ولد عابر أربعمائة و ثلاث سنين و ولد بنين و بنات، 16- و عاش عابر أربعا و ثلاثين سنة و ولد فالج، 17- و عاش عابر بعد ما ولد فالج اربعمائة و ثلاثين سنة و ولد بنين و بنات»، و ذكر في هذا الإصحاح جماعة غير هؤلاء من المعمّرين نقتصر بذكر اسمائهم، و هم: فالح، و رعو، و سروج، و ناحور، و تارح. و في الإصحاح الخامس و العشرين في الآية 7 ذكر أنّ إبراهيم عاش مائة و خمسا و سبعين سنة، و في الآية 17 ذكر أنّ إسماعيل عاش 137 سنة، هذا بعض ما في التوراة من أسماء المعمّرين، و هو حجّة على اليهود و النصارى. و قال العلامة الكراجكي في «كنز الفوائد» في الكتاب الموسوم بالبرهان على صحّة طول عمر الإمام صاحب الزمان: إنّ أهل الملل كلّهم متّفقون على جواز امتداد الأعمار و طولها، و قال بعد ذكر بعض ما في التوراة: و قد تضمّنت نظيره شريعة الإسلام، و لم نجد أحدا من علماء المسلمين يخالفه أو يعتقد فيه البطلان، بل أجمعوا من جواز طول الأعمار على ما ذكرناه، انتهى. و قد نقل مثل ذلك عن المجوس و البراهمة و البودائيّة و غيرهم. و من يريد الاطّلاع على أحوال المعمّرين فليطلبها من «البحار»، و كتاب «المعمّرين» لأبي حاتم السجستاني، و كتاب «كمال الدين»، و «كنز الفوائد» في الرسالة الموسومة بالبرهان على صحّة طول عمر الإمام صاحب الزمان، فقد ذكر في هذه الرسالة جماعة من المعمّرين، و أشبع الكلام في بيان الأدلّة الدالّة على جواز طول الأعمار. هذا كلّه مع ما ثبت في علم الحياة، و علم منافع الأعضاء، و علم الطبّ من إمكان طول عمر الإنسان إذا واظب على رعاية قواعد حفظ الصحّة، و أنّ موت الإنسان ليس سببه أنّه عمّر تسعين أو ثمانين أو غيرهما، بل لعوارض تمنع عن استمرار الحياة، و قد تمكّن بعض العلماء كما ترى فيما نذكره عن «الهلال» من إطالة عمر بعض الحيوانات 900 ضعف عمره الطبيعي، فإذا اعتبرنا ذلك في الإنسان و قدّرنا عمره الطبيعي (80 سنة) يمكن إطالة عمره (72000 سنة). و إليك مقطع من بعض المقالة الّتي نشرتها مجلّة «الهلال» في الجزء الخامس من السنة الثامنة و الثلاثين ص 607 مارس 1930: كم يعيش الإنسان؟ من قلم: طبيب إنجليزي يعتقد العامّة و بعض الخاصّة حتّى من الأطبّاء أنّ مدى عمر الإنسان سبعون سنة على المتوسّط كما جاء في التوراة، و قلّ أن يجاوز ذلك، و قد وقف رئيس مدرسة طبّيّة ذات يوم خطيبا في تلاميذه، فقال: إنّ الأدلّة الباثولوجية تدلّ دلالة مقنعة على أنّ أنسجة الجسم تبلى بعد مرور زمان ما، و أنّ هنالك حدّا محدودا لعمر الإنسان. فإذا صحّ قول هذا المدير فإنّ الأسباب الكثيرة الّتي تنشأ منها دورة العمر هي ثابتة غير متغيّرة دون متناول العلم. و لنفرض أنّ منطقة قنال بناما المشهورة بأمراضها الكثيرة قطعت عن سائر العالم. و كنّا نحن فيها نجهل أحوال الحياة و الموت في العالم الّذي وراءها، لو حدث ذلك لكنّا نقول: إنّ كثرة الوفيات في هذه المنطقة و قصر العمر امور معيّنة بحكم الطبيعة، و أنّ التحكّم فيها دون متناول العلم. الفرق بين الأمرين هو في الدرجة لا في النوع، فإنّ جهلنا لأسباب بعض الأمراض هو الّذي يحول دون تقليل الوفيات و إطالة الأعمار في العالم، و دورة العمر كما نسمّيها متغيّرة، قابلة لتأثير العلم فيها، و الّذي يعارضني في ذلك أسأله: أيّ دورة من أدوار العمر هي الثابتة؟ دورة العمر في الهند أم في نيوزيلند أم في أميركا أم في منطقة القنال؟ و أيّ الحرف الّتي نحترفها نقول عنها: إنّ دورة العمر فيها ثابتة و طبيعيّة، أحرفة الفلكي الّتي الوفيات فيها 15 إلى 20 في المائة تحت المتوسط، أم المحاماة الّتي الوفيات فيها 5 الى 15 فوق المتوسط، أم تنظيف الشبابيك الّتي الوفيات فيها 40 إلى 60 في المائة فوق المتوسط؟ هذه أمثلة على عظم الفرق في متوسط الوفيات بين بعض الحرف على ما في إحصاءات بعض شركات التأمين. و هناك أدلّة كثيرة على أنّ أدوار الحياة بين الأحياء- و منها الإنسان- تغيّرت تغيّرا عظيما بالوسائل الصناعيّة، و أنّ أدوار الحياة في بعض الأحياء تزيد كثيرا عمّا قدّر للإنسان، فلما ذا تعيش السلحفاة 200 سنة، و الإنسان 70 سنة؟ و لم تعيش الخلايا الداخلية في بعض الأشجار 400 سنة، و في الإنسان أقلّ من 100 سنة؟ و قد يقال جوابا عن هذا: إنّ الإنسان يدفع بذلك ثمن عيشته الحضريّة الراقية، و تركيبه الراقي، فالشجرة المشار إليها تمكث في بقعة واحدة فتظهر فيها جميلة، و لكن أ ليس بين الرجال و النساء من لا يصنع أكثر ممّا تصنع الشجرة و ينال أجرا على ذلك؟ و تجارب المختبرات البيولوجيّة ذات مغزى كبير، فقد استطاع بعض العلماء استنبات أفخاذ الدعاميص (صغار الضفادع) من أجسادها قبل أوان خروجها بتغيير مقدار الأكسجين في الوسط الموجودة فيه، و هذا بمثابة تغيير جوهري في دورة حياة الدعاميص. و كذلك تمكّن آخرون من إطالة عمر ذبابة الأثمار 900 ضعف عمرها الطبيعي بحمايتها من السمّ و العدوى و تخفيض حرارة الوسط الّذي تعيش فيه. و تمكّن كارل بتجاربه من إبقاء الخلايا في قلب جنين دجاجة حيّا مدّة سبع عشرة سنة بصيانته من بعض العوامل في المحيط الذي وضع فيه. و إذا نظرنا إلى العوامل المتسلّطة على دور حياة الإنسان وجدنا أنّه إذا أخذنا شيئا من المادّة المعروفة باسم «كراتن» و المستخرجة من غدّة درقيّة عليلة أمكننا إعادتها إلى حالتها الطبيعيّة بحقنها بخلاصة غدّة صحيحة، و كثيرا ما انقذ الشخص المشرف على الموت بحقنه بخلاصة الكبد على أثر اشتداد إصابته بالإينميا الخبيثة، و موته بها لا يختلف في مبدئه عن الموت على أثر الشيخوخة، و يعاد المصاب بالسكّر الى حالته الطبيعيّة بحقنه بخلاصة البنكرياس. و امتدّت أيدي العلماء إلى أصل الجرثومة و قد كان يظنّ أنّه لا يمكن العبث بها، فتمكّنوا من تغيير جنس الضفادع و الطيور من الذكور و الإناث، و العكس، و لم يجرّب ذلك بعد في الإنسان، و لكن ما دام هذا المبدأ قد تأيّد في الحيوان فلا يمنع تأييده في الإنسان إلّا جهلنا لأشياء لا بدّ أن تبدو لنا في المستقبل، انتهى. و ذكر الشيخ طنطاوي جوهري في الجزء 17 من تفسيره الّذي سماه بالجواهر ص 224 في تفسير قوله تعالى: (وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) مقالة نشرتها مجلّة «كلّ شي ء»، تحكي عن إمكان إطالة العمر، و تجديد قوى الشيوخ، و أنّ الأستاذ أو الدكتور فورونوف الّذي طار اسمه في كلّ ناحية لا كطبيب بل كمبشّر بإمكان إطالة الأعمار إلى ما فوق المائة، و بإمكان عود الشباب، تجارب ذلك في الحيوانات، قال: قد عملت إلى الآن (600) عملية ناجحة، و أقول الآن عن اقتناع: إنّه لا ينصرم القرن العشرون حتّى يمكن تجديد قوى الشيوخ، و إزالة غبار السنين عن وجوههم كثيرة الغضون و الأسارير، و أجسامهم المحدوبة الهزيلة، و يمكن أيضا تأخير الشيخوخة، و مضاعفة العمر الّذي هو الآن 70 سنة على الغالب، و سيبقى الدماغ و القلب صحيحين إلى الآخر، و قد يمكن تغيير الصفات و الشخصيّات و العادات بهذه الطريقة، فتقلّ الجرائم، و تخلق العبقريّات، و تفرغ الشخصيّات في قوالب على حسب الطلب. و ذكر أيضا عن المجلّة المذكورة مقالة اخرى ص 226 و هي هذه: «كم يجب أن نعيش؟ و فوائد اخرى» يقول هوفلند أحد العلماء الّذين صرفوا عنايتهم إلى درس الحياة في كتاب وضعه و جعل عنوانه (فنّ إطالة العمر): إنّ المرء يولد مستعدّا للحياة قرنين من حيث تركيب بنيته و نظام قواه قياسا على ما نراه في الحيوانات، أ ليس الإنسان حيوانا مثلها؟ على أنّ هوفلند لم ينفرد في هذا الرأي، فكلّ الّذين يدرسون طبائع المخلوقات يرون رأيه، و يرون طلائع النور من أبحاثهم بإمكان إطالة العمر ... الى أن قال: و يدعم هذا الرأي ما نراه من حياة بعض الناس الّذين عاشوا أعمارا طويلة: إنّ هنري جنسكس الانجليزي الّذي ولد في ولاية يورك بانكلترا عاش (169 سنة) و لمّا بلغ سن 112 كان يحارب في معركة فلورفيلد، و جون بافن البولندي عاش (175 سنة)، و رأى بعينه ثلاثة من أولاده يتجاوزون المائة من أعمارهم، و يوحنا سور تنغتون النرويجي الّذي توفّي سنة (1797 م) عاش (160 سنة)، و كان بين أولاده من هو في المائة و خمس سنوات، و طوزمابار عاش (152 سنة)، و كورتوال (144 سنة)، على أنّ أكثر من عاش بين البشر حديثا على ما يعرف هو زنجي بلغ (200 سنة)، و الإحصاءات تدلّ على أنّ أعمار الناس أطول في أسوج، و النرويج، و انكلترا، منها في فرنسا، و ايطاليا، و كلّ جنوب اوربا، كما أنّ الّذين عاشوا هذه الأعمار الطويلة إنّما عاشوها ببساطة، و كانت حياتهم حياة جدّ و عمل. لا مشاحة في أنّ العمل و العادات و الاعتدال من العوامل الرئيسة لإطالة العمر، فالإفراط في كلّ أمر مع الانحراف عن النظام الطبيعيّ هو سبب تقصير أعمارنا ... الخ. و الغرض من ذلك كلّه أنّ مسألة طول العمر ليست من المسائل التي وقعت موقع إنكار العلماء و أرباب المذاهب و الأديان، بل قرّره كلّ واحد منهم من طريق فنّه و علمه، أو من طريق دينه و مذهبه، فكلّما كان الإنسان بقواعد حفظ صحّة البدن أعرف يكون عمره أطول، و كلّما كان أسباب تقصير العمر أكثر يكون نصيبه من حياته أقل و عمره أقصر، قال بعض الأطبّاء: «الموت ينشأ عن المرض لا عن الشيخوخة»، و الأمراض تنشأ من أسباب كثيرة، ليس بعضها تحت اختيار الإنسان نفسه كجهل آبائه و امّهاته بقواعد حفظ الصحّة و عدم رعايتهم لها، فإنّ لسلامة مزاج الوالدين دخلا عظيما في اعتدال مزاج طفلهما، و هكذا رعايتهما لآداب النكاح و قواعده، و هكذا حسن تربيتهما له، و كسوء البيئة و فساد المحيط و غيرها، و بعضها تحت اختياره، فهو متمكّن عن إزالته، و ذلك مثل الإفراط في الأكل و الشرب، و عدم الترتيب و النظم الصحيح في الأفعال و أعمال الغرائز و القوى ممّا يوجب الاختلال في المزاج، و مثل الأخلاق الرذيلة و الصفات السيّئة و المعتقدات الباطلة، فإنّها تورث الاضطرابات الروحيّة، و الابتلاء بالوساوس الخبيثة الّتي لا تدع نفس الانسان في طمأنينة و سكون، فلو أنّ إنسانا سدّ هذه الأبواب، و تسلّط على جميع ذلك ممّا يدخل النقص في بدنه و عمره، و اعتدل في مأكله و مشربه و ملبسه و مسكنه و غيرها، لما كان لعمره و حياته حدّ، و لا يمتنع بحسب القواعد العلميّة بقاؤه أبدا. نعم ثبت بأخبار الأنبياء أن لا بدّ لكلّ نفس أن تذوق الموت، و أنّ كلّ شي ء فان، و أينما تكونوا يدرككم الموت، و لكن هذا لا ينفي تعمير الانسان ألوفا من السنين و أزيد. و نختم الكلام في هذا الموضوع بذكر مقالة نقلت في (المهديّ) و غيره عن مجلّة «المقتطف» في الجزء الثالث من السنة التاسعة و الخمسين في ذيل عنوان: (هل يخلد الإنسان في الدنيا؟). و قالت: ما هي الحياة و ما هو الموت، و هل قدّر الموت على كلّ حيّ؟ كلّ حبّة حنطة جسم حيّ، و قد كانت في سنبلة، و السنبلة تنبت من حبّة اخرى، و هذه من سنبلة، و هلمّ جرّا بالتسلسل، و يسهل استقصاء تاريخ ستّة آلاف سنة أو أكثر، فقد وجدت حبوبه بين الآثار المصريّة و الآشوريّة القديمة، دلالة على أنّ المصريّين و الآشوريّين و الأقدمين كانوا يزرعونه، و يستغلّونه، و يصنعون خبزهم من دقيقه، و القمح الموجود الآن لم يخلق من لا شي ء، بل هو متسلسل من ذلك القمح القديم فهو جزء حيّ من جزء حيّ، و هلمّ جزّا إلى ستة آلاف سنة أو سبعة، بل إلى مئات الألوف من السنين و حبوب القمح الّتي نراها ناشفة لا تتحرّك و لا تنمو، هي في الحقيقة حيّة مثل كلّ حيّ، و لا ينقصها لظهور دلائل الحياة إلّا قليل من الماء، فحياة القمح متّصلة منذ ألوف من السنين إلى الآن، و هذا الحكم يطلق على كلّ أنواع النبات ذوات البذور و ذوات الأثمار، و ما الحيوان بخارج عن هذه القاعدة، فإنّ كلّ واحد من الحشرات و الأسماك و الطيور و الوحوش و الدبابات حتّى الإنسان سيّد المخلوقات كان جزءا صغيرا من والديه فنما كما نميا و صار مثلهما، و هما من والديهما و هلمّ جرا، و الإنسان الّذي يخلف نسلا يكون نسله جزءا حيّا منه كما أنّ البذرة جزء من الشجرة و هذا الجزء الحيّ تكوّن فيه جراثيم صغيرة جدّا مثل الجراثيم الّتي كوّنت أعضاء والديه، فتكون أعضاؤه بالغذاء الّذي تتناوله و تمثّله فتصير نواة التمر نخلة ذات جذع و سعوف و عروق و ثمر، و بذرة الزيتون شجرة ذات ساق و أغصان و ورق و ثمر، و قس على ذلك سائر أنواع النبات، و كذا بيوض الحشرات و الأسماك و الطيور و الوحوش و الدبابات حتّى الإنسان. و هذا كلّه من الامور المعروفة الّتي لا يختلف فيها اثنان، و لكن الشجرة نفسها قد تعمّر ألف سنة أو ألفي سنة، و الإنسان لا يعمّر أكثر من سبعين أو ثمانين سنة، و في النادر يبلغ مائة سنة، فالجراثيم المعدّة لإخلاف النسل تبقى حيّة و تنمو كما تقدّم، و لكن سائر أجزاء الجسم تموت كأنّ الموت مقدور عليه، و قد مرّت القرون و الناس يحاولون التخلّص من الموت أو إطالة الأجل، و لا سيما في هذا العصر، عصر مقاومة الأمراض و الآفات بالدواء و الوقاية، و لم يثبت على التحقيق أنّ أحدا عاش فيه (120 سنة). لكنّ العلماء الموثوق بعلمهم يقولون: إنّ كلّ الأنسجة الرئيسيّة من جسم الحيوان «أقول»: الثابت على التحقيق خلاف ذلك، فإنّ في عصرنا عاشوا جماعة أكثر من 120 سنة، و كثيرا ما نقرأ في الصحف و المجلات أنّ فلانا عاش 170 سنة، أو أكثر، أو أقلّ، منهم الشيخ محمّد سمحان على ما هو المذكور في مجلّة فارسيّة (صبا) العدد 29 من السنة الثالثة سنة (1324 ش ه) فقد عاش إلى السنة المذكورة (170 سنة)، و نقل ذلك عن مجلّة الاثنين المطبوعة في القاهرة، و منهم السيّد ميرزا القاساني ساكن محلّة محتشم على ما في جريدة (برجم إسلام) العدد الثالث من السنة الثانية، فإنّه قد بلغ عمره (154 سنة)، و المعمّرون البالغون في العمر (120 سنة) كثيرون جدّا، قد رأينا بعضهم، و لا حاجة لإثبات ذلك إلى نقل ما في الجرائد و المجلات و الإحصائيّات. تقبل البقاء إلى ما لا نهاية له، و أنّه في الإمكان أن يبقى الإنسان حيّا ألوفا من السنين إذا لم تعرض عليه عوارض تصرم حبل حياته، و قولهم هذا ليس مجرّد ظنّ، بل هو نتيجة عمليّة مؤيّدة بالامتحان. فقد تمكّن أحد الجرّاحين من قطع جزء من حيوان و إبقائه حيّا أكثر من السنين الّتي يحياها ذلك الحيوان عادة، أي صارت حياة ذلك الجزء مرتبطة بالغذاء الّذي يقدم له بعد السنين التي يحياها، فصار في الإمكان أن يعيش إلى الأبد ما دام الغذاء اللازم موفورا له. و هذا الجرّاح هو الدكتور ألكسي كارل، من المشتغلين في معهد (ركفلر) بنيويورك، و قد امتحن ذلك في قطعة من جنين الدجاج، فبقيت تلك القطعة حيّة نامية أكثر من ثماني سنوات، و هو و غيره امتحنا قطعا من أعضاء جسم الإنسان من أعضائه و عضلاته و قلبه و جلده و كليتيه، فكانت تبقى حيّة نامية ما دام الغذاء اللازم موفورا لها، حتّى قال الاستاذ ديمند و برل من أساتذة جامعة جونس هبكنس: إنّ كلّ الأجزاء الخلويّة الرئيسيّة من جسم الإنسان قد ثبت إمّا أنّ خلودها بالقوّة صار أمرا مثبتا بالامتحان، أو مرجّحا ترجيحا تامّا لطول ما عاشته حتّى الآن، و هذا القول غاية في الصراحة و الأهميّة على ما فيه من التحرّس العلميّ، و الظاهر أنّ أوّل من امتحن ذلك في أجزاء من جسم الحيوان هو الدكتور جاك لوب، و هو من المشتغلين في معهد (ركفلر) أيضا، فإنّه كان يمتحن توليد الضفادع من بيضها إذا كان غير ملقّح، فرأى أنّ بعض البيض يعيش زمانا طويلا و بعضها يموت سريعا، فقاده ذلك إلى امتحان أجزاء من جسم الضفدع، فتمكّن من إبقاء هذه الأجزاء حيّة زمانا طويلا، ثمّ أثبت الدكتور ورن لويس و زوجته أنّه يمكن وضع أجزاء خلوية من جسم جنين الطائر في سائل ملحيّ فتبقى حيّة، و إذا اضيفت إليه قليل من بعض المواد الآلية جعلت تلك الأجزاء تنمو و تتكاثر، و توالت التجارب فظهر أنّ الأجزاء الخلويّة من أيّ حيوان كان يمكن أن تعيش و تنمو في سائل فيه ما يغذّيها، و لكن لم يثبت ما ينفي موتها إذا شاخت، فقام الدكتور كارل و جرّب التجارب المشار إليها آنفا، فأثبت منها أنّ هذه الأجزاء لا تشيخ الحيوان الّذي اخذت منه، بل تعيش أكثر ممّا يعيش هو عادة، و قد شرع في التجارب المذكورة في شهر يناير سنة 1912، و لقي عقبات كثيرة في سبيله، فتغلّب عليه هو و مساعدوه، و ثبت له: أوّلا: أنّ هذه الأجزاء الخلويّة تبقى حيّة ما لم يعرض لها عارض يميتها، إمّا من قلّة الغذاء، أو من دخول بعض الميكروبات.- و ثانيا: أنّها لا تكتفي بالبقاء حيّة، بل تنمو خلاياها و تتكاثر كما لو كانت باقية في جسم الحيوان. و ثالثا: أنّه يمكن قياس نموها و تكاثرها، و معرفة ارتباطها بالغذاء الّذي يقدّم لها. و رابعا: أن لا تأثير للزمن، أي أنّها لا تشيخ و تضعف بمرور الزمن، بل لا يبدو عليها أقلّ أثر للشيخوخة، بل تنمو و تتكاثر هذه السنة كما كانت تنمو و تتكاثر في السنة الماضية و ما قبلها من السنين، و تدلّ الظواهر كلّها على أنّها ستبقى حيّة نامية ما دام الباحثون صابرين على مراقبتها و تقديم الغذاء الكافي لها، فشيخوخة الأحياء ليست سببا بل هي نتيجة. و لكن لما ذا يموت الانسان؟ و لما ذا نرى سنيه محدودة لا تتجاوز المائة إلّا نادرا جدّا، و غايتها العادية سبعون أو ثمانون؟ و الجواب: أنّ أعضاء جسم الحيوان كثيرة مختلفة، و هي مرتبطة بعضها ببعض ارتباطا محكما، حتّى إنّ حياة بعضها تتوقّف على حياة البعض الآخر، فإذا ضعف بعضها و مات لسبب من الأسباب مات بموته سائر الأعضاء، ناهيك بفتك الأمراض الميكروبيّة المختلفة، و هذا ممّا يجعل متوسط العمر أقلّ جدّا من السبعين و الثمانين، لا سيّما و أنّ كثيرين يموتون أطفالا. و غاية ما ثبت الآن من التجارب المذكورة أنّ الإنسان لا يموت لأنّه عمّر كذا من السنين، سبعين أو ثمانين أو مائة أو أكثر، بل لأنّ العوارض تنتاب بعض أعضائه فتتلفها، و لارتباط أعضائه بعضها ببعض تموت كلّها، فإذا استطاع العلم أن يزيل هذه العوارض، أو يمنع فعلها، لم يبق مانع يمنع استمرار الحياة مئات من السنين، كما يحيى بعض أنواع الأشجار، و قلّما ينتظر أن تبلغ العلوم الطبيّة و الوسائل الصحيّة هذه الغاية القصوى، و لكن لا يبعد أن تدانيها فيتضاعف متوسط العمر، أو يزيد ضعفين أو ثلاثة انتهى. و إن شئت زيادة توضيح على ذلك فراجع كتابنا «الإمامة و المهدويّة».

ص: 168

ص: 169

ص: 170

ص: 171

ص: 172

ص: 173

642-(1)- كمال الدين: علي بن أحمد الدقّاق، و محمّد بن أحمد الشيباني، قالا: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن حمزة بن حمران، عن أبيه حمران بن أعين، عن سعيد بن جبير، قال: سمعت سيّد العابدين علي بن الحسين عليه السلام يقول: في القائم سنّة من نوح، و هو طول العمر.

643-(2)-

غيبة النعماني: عبد الواحد بن عبد الله بن يونس، عن أحمد بن محمّد بن رباح الزهري، عن أحمد بن علي الحميري، عن الحسن بن أيّوب، عن عبد الكريم بن عمرو، عن محمّد بن الفضيل، عن حمّاد بن عبد الكريم الجلّاب، قال: ذكر القائم عند أبي عبد الله عليه السلام فقال: أما إنّه لو قد قام لقال الناس أنّى يكون هذا؟ و قد بليت عظامه مذ كذا و كذا.

644-(3)-الخرائج: عن الحسن العسكري عليه السلام أنّه قال لأحمد بن إسحاق- و قد أتاه ليسأله عن الخلف بعده، فلمّا رآه قال مبتدئا-: مثله مثل الخضر، و مثله مثل ذي القرنين، إنّ الخضر شرب من642-(4)- كمال الدين: علي بن أحمد الدقّاق، و محمّد بن أحمد الشيباني، قالا: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن حمزة بن حمران، عن أبيه حمران بن أعين، عن سعيد بن جبير، قال: سمعت سيّد العابدين علي بن الحسين عليه السلام يقول: في القائم سنّة من نوح، و هو طول العمر.

643-(5)-

غيبة النعماني: عبد الواحد بن عبد الله بن يونس، عن أحمد بن محمّد بن رباح الزهري، عن أحمد بن علي الحميري، عن الحسن بن أيّوب، عن عبد الكريم بن عمرو، عن محمّد بن الفضيل، عن حمّاد بن عبد الكريم الجلّاب، قال: ذكر القائم عند أبي عبد الله عليه السلام فقال: أما إنّه لو قد قام لقال الناس أنّى يكون هذا؟ و قد بليت عظامه مذ كذا و كذا.

644-(6)-

الخرائج: عن الحسن العسكري عليه السلام أنّه قال لأحمد بن إسحاق- و قد أتاه ليسأله عن الخلف بعده، فلمّا رآه قال مبتدئا-: مثله مثل الخضر، و مثله مثل ذي القرنين، إنّ الخضر شرب منماء الحياة، فهو حيّ لا يموت حتّى ينفخ في الصور، و إنّه ليحضر الموسم في كلّ سنة، و يقف بعرفة فيؤمّن على دعاء المؤمن، و سيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته، و يصل به وحدته، فله البقاء في الدنيا مع الغيبة عن الأبصار.

أقول: شباهته بذي القرنين من جهة بلوغه المشرق و المغرب، و يحتمل أن تكون من جهة اخرى غيرها؛ كالغيبة و طول العمر.

و يدلّ عليه بالمطابقة أو الالتزام أيضا الروايات: 497، 498، 535 إلى 539، 547، 549، 551 إلى 557، 559، 561، 562، 564، 574، 575، 580، 589، 599، 600، 602 إلى 605، 607 إلى 610،

ص: 174


1- . كمال الدين: ج 1 ص 322 ب 31 ح 5؛ البحار: ج 51 ص 217 ب 13 ح 5؛ الخرائج و الجرائح: ج 2 ص 965؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 399 ب 32 ح 25.
2- . غيبة النعماني: ص 155 ب 10 ح 14؛ البحار: ج 51 ص 225 ب 13 ذيل ح 13 مع اختلاف يسير؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 66 و 67 ب 32 ف 27 ح 467.
3- . الخرائج و الجرائح: ج 3 ص 1174؛ كمال الدين: ج 2 ص 390 ب 38 ح 4 رواه عن الإمام الرضا عليه السلام مع اختلاف في الراوي، و هناك اختلاف يسير في الحديث؛ البحار: ج 52 ص 152 ب 23 ح 3 رواه عن الإمام الرضا عليه السلام، و ج 13 ص 299 ب 10 ح 17 كذلك رواه عن الإمام الرضا عليه السلام؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 40 رواه عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام.
4- . كمال الدين: ج 1 ص 322 ب 31 ح 5؛ البحار: ج 51 ص 217 ب 13 ح 5؛ الخرائج و الجرائح: ج 2 ص 965؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 399 ب 32 ح 25.
5- . غيبة النعماني: ص 155 ب 10 ح 14؛ البحار: ج 51 ص 225 ب 13 ذيل ح 13 مع اختلاف يسير؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 66 و 67 ب 32 ف 27 ح 467.
6- . الخرائج و الجرائح: ج 3 ص 1174؛ كمال الدين: ج 2 ص 390 ب 38 ح 4 رواه عن الإمام الرضا عليه السلام مع اختلاف في الراوي، و هناك اختلاف يسير في الحديث؛ البحار: ج 52 ص 152 ب 23 ح 3 رواه عن الإمام الرضا عليه السلام، و ج 13 ص 299 ب 10 ح 17 كذلك رواه عن الإمام الرضا عليه السلام؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 40 رواه عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام.

612، 613، 618، 619، 623 إلى 626، 632، 645 إلى 650، 669، 686، و لو اضيف إلى هذه الأحاديث- بقرينة الروايات الواردة في أنّ الأرض لا تخلو من الحجّة و الإمام، و الأدلّة العقلية القطعية المذكورة في الكتب الكلاميّة- جميع الروايات المذكورة في البابين الأوّل و الثاني، فإنّها دلّت على انحصار الأئمّة و الحجج بعد رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم في الاثني عشر، و أنّ أوّلهم عليّ عليه السلام و آخرهم المهدي عليه السلام و أنّ تاسعهم قائمهم و التاسع من ولد الحسين و أنّه ابن الإمام الحسن العسكري عليه السلام يصير عدد هذه الطائفة من الأحاديث 363 حديثا لدلالة الجميع على هذا على بقائه و حياته منذ زمان ولادته إلى الآن، و الله على ما يشاء قدير و هو الحكيم العليم.

الفصل الثاني و الثلاثون في أنّه شاب المنظر لا يهرم بمرور الأيّام و فيه 10 أحاديث

645-(1)-

كمال الدين: محمّد بن محمّد بن عصام، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن القاسم بن العلاء، عن إسماعيل بن علي القزويني، عن علي بن إسماعيل، عن عاصم الحنّاط، عن محمّد بن مسلم الثقفي الطحّان، قال: دخلت على أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليه السلام و أنا اريد أن أسأله عن القائم من آل محمّد صلّى الله عليه و عليهم، فقال لي مبتدئا: يا محمّد بن مسلم، إنّ في القائم من آل محمّد سنّة [شبهة، شبها- خ] من خمسة من الرسل: يونس بن متّى، و يوسف بن يعقوب، و موسى، و عيسى، ومحمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم، فأمّا سنّة [شبهه- خ] من يونس بن متّى فرجوعه من غيبته و هو شابّ بعد كبر السنّ، و أمّا سنّة [شبهه- خ] من يوسف بن يعقوب فالغيبة من خاصّته و عامّته، و اختفاؤه من إخوته، و إشكال أمره على أبيه يعقوب النبيّ عليه السلام مع قرب المسافة بينه و بين أبيه و أهله و شيعته، و أمّا سنّة [شبهه- خ] من موسى فدوام خوفه، و طول غيبته، و خفاء ولادته، و تعب شيعته من بعده ممّا لقوا من الأذى و الهوان إلى أن أذن الله عزّ و جلّ في ظهوره و نصره، و أيّده على عدوّه، و أمّا سنّة [شبهه- خ] من عيسى فاختلاف من اختلف فيه حتّى قالت طائفة: ما ولد، و قالت طائفة: مات، و قالت طائفة: قتل و صلب، و أمّا سنّة [شبهه- خ] من جدّه المصطفى محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم فتجريده السيف [فخروجه بالسيف- خ] و قتله أعداء الله، و أعداء رسوله، و الجبّارين، و الطواغيت، و أنّه ينصر بالسيف و الرعب، و أنّه لا تردّ له راية، و إنّ من علامات خروجه عليه السلام خروج السفياني من الشام، و خروج اليماني [من اليمن] و صيحة من السماء في شهر رمضان، و مناد ينادي من السماء باسمه و اسم أبيه.

ص: 175


1- . كمال الدين: ج 1 ص 327 ب 32 ح 7؛ البحار: ج 51 ص 217- 218 ب 13 ح 6. أقول: لعلّ الوجه في إشكال أمره على أبيه عليهما السلام أنّ الله تعالى لم يعلم أباه ببعض شئونه و حالاته، مثل مدّة غيبته، و وقت ظهوره.

646-(1)-

كمال الدين: محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن أحمد بن علي الأنصاري، عن أبي الصلت الهروي، قال: قلت للرضا عليه السلام: ما علامات القائم عليه السلام منكم إذا خرج؟ قال:

علامته أن يكون شيخ السنّ، شابّ المنظر، حتّى إنّ الناظر ليحسبه ابن أربعين سنة أو دونها، و إنّ من علاماته أن لا يهرم بمرور الأيّام و الليالي حتى يأتيه أجله.

647-(2)-

عقد الدرر: عن أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام أنّه قال: لو قام المهدي لأنكره الناس؛ لأنّه يرجع إليهم شابّا موفقا، و إنّ من أعظم البليّة أن يخرج إليهم صاحبهم شابّا و هم يحسبونه شيخا كبيرا.

648-(3)-

غيبة النعماني: (عن أبي عبد الله عليه السلام في رواية): و إنّ من أعظم البليّة أن يخرج إليهم صاحبهم شابّا و هم يحسبونه شيخا كبيرا.

649-(4)- غيبة النعماني: حدّثنا علي بن الحسين المسعودي، قال:

حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثنا محمّد بن حسّان الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن جبلة، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: لو قد قام القائم لأنكره الناس؛ لأنّه يرجع إليهم شابّا موفقا، لا يثبت عليه إلّا من قد أخذ الله ميثاقه في الذرّ الأوّل.

650-(5)-

غيبة الشيخ: روي في خبر آخر أنّ في صاحب الزمان شبها من يونس: رجوعه من غيبته بشرخ الشباب (6).

و بما ذكرناه من الأحاديث و ما تقدّم و ما يأتي يفصّل و يفسّر بعض الأحاديث مثل حديث:

ص: 176


1- . كمال الدين: ج 2 ص 652 ب 57 ح 12؛ البحار: ج 52 ص 285 ح 16؛ الخرائج و الجرائح: ج 3 ص 1170 ذيل ح 65؛ إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 4 ف 4؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 733 ب 34 ف 8 ح 91.
2- . عقد الدرر: ص 41- 42 ب 3؛ ينابيع المودّة مختصرا: ص 492.
3- . غيبة النعماني: ص 188 ب 10 ح 43؛ غيبة الشيخ: ص 420 ح 398 نحوه؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 536 ب 32 ح 483؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 583 ب 21 ح 2.
4- . غيبة النعماني: ص 188 ب 10 ح 43؛ غيبة الشيخ: ص 420 ح 398 نحوه؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 536 ب 32 ح 483؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 583 ب 21 ح 2.
5- . غيبة الشيخ: ص 421 ح 399؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 512 ب 32 ح 341.
6- . شرخ الشباب: أوّله.

651-(1)-

غيبة الشيخ: سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى ابن عبيد، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: سأل عمر بن الخطاب أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أخبرني عن المهدي ما اسمه؟ فقال: أمّا اسمه فإنّ حبيبي شهد [عهد] إليّ أن لا احدّث باسمه حتى يبعثه الله، قال: فأخبرني عن صفته؟ قال: هو شابّ مربوع، حسن الوجه، حسن الشعر، يسيل شعره على منكبيه، و نور وجهه يعلو سواد لحيته و رأسه، بأبي ابن خيرة الإماء.

و مثل ما في:

652-(2)-

إسعاف الراغبين: قال: و ورد أيضا في حليته أنّه شابّ، أكحل العينين، أزجّ (3)

الحاجبين، أقنى الأنف، كثّ اللحية، على خدّه الأيمن خال، و على يده اليمنى خال.فالمراد بتوصيفه عليه السلام بأنّه شابّ كذا طراوة حداثة السنّ و نضارتها، و نشاط الشبّان، و حسن وجههم و قوتهم فيه، فكأنّه وصف شبابه بكونه مربوعا حسن الوجه ... دون حداثة السن.

و يدلّ عليه أيضا الحديثان: 539، 555.

الفصل الثالث و الثلاثون في أنّه خفيّ الولادة و فيه 13 حديثا

653-(4)-

كفاية الأثر: أخبرنا أبو عبد الله الخزاعي، قال: أخبرنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: قلت لمحمّد بن علي بن موسى: إنّي لأرجوك أن تكون القائم من أهل بيت محمّد الّذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، فقال عليه السلام: يا أبا القاسم، ما منّا إلّا قائم بأمر الله، و هاد إلى دين الله، و لكنّ القائم الّذي يطهّر الله عزّ و جلّ به الأرض من أهل الكفر و

ص: 177


1- . غيبة الشيخ: ص 470 ح 487؛ إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 4 ف 4؛ الإرشاد: في فصل صفة القائم عليه السلام ح 1؛ كشف الغمة: ج 2 ص 464؛ البحار: ج 51 ص 36 ب 3؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 730 ب 34 ف 6 ح 71، عقد الدرر: ص 41 ب 3 نحوه مختصرا.
2- . اسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار: ب 2، ص 135.
3- . قال في النهاية: «في صفته صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم: أزجّ الحواجب، الزجج-: تقوّس في الحاجب مع طول طرفه و امتداد»، و قال أيضا: «في صفته عليه السلام: كثّ اللحية، الكثاثة في اللحية أن تكون غير دقيقة و لا طويلة».
4- . كفاية الأثر: ص 277 ح 2 ب ما جاء عن أبي جعفر محمّد بن علي الرضا عليهما السلام؛ كمال الدين: ج 2 ص 377 ب 36 ح 2 مع زيادة في آخره؛ إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2 مع الزيادة المذكورة في آخره؛ الاحتجاج: ج 2 ص 449؛ كفاية المهتدي: ص 100- 101 ح 26 عن كمال الدين.

الجحود، و يملأها عدلا و قسطا، هو الّذي يخفى على الناس ولادته (1)،

و يغيب عنهم شخصه، و يحرم عليهم تسميته، و هو سمي رسول الله صلّى الله عليه و آله وسلّم و كنيّه، و هو الّذي تطوى له الأرض، و يذلّ له كلّ صعب، يجتمع إليه من أصحابه عدد أهل بدر، ثلاثمائة و ثلاث عشر رجلا من أقاصي الأرض، و ذلك قول الله عزّ و جلّ: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً إِنَّ الله عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الاخلاص [الأرض- خ] أظهر أمره، فإذا أكمل له العقد و هي عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله، فلا يزال يقتل

ص: 178


1- . السرّ في خفاء ولادته هو أنّ بني العبّاس لمّا علموا من الأخبار المرويّة عن النبيّ و الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام أنّ المهديّ عليه السلام هو الثاني عشر من الأئمّة، و هو الّذي يملأ الأرض عدلا، و يفتح حصون الضلالة، و يزيل دولة الجبابرة، و يقتل الطواغيت، و يملك الأرض شرقها و غربها، أرادوا إطفاء نوره بقتله، فلذا عيّنوا العيون و الجواسيس و القوابل للتفتيش عن بيت والد الحجّة الإمام أبي محمّد الحسن العسكري عليه السلام، و لكن يأبى الله إلّا أن يتمّ نوره، فأخفى عزّ و جلّ حمل امّه نرجس عن الناس، حتّى نقلوا أنّ المعتمد بعث القوابل سرّا و أمرهنّ أن يدخلن دور بني هاشم سيما دار العسكري عليه السلام بلا استئذان في أيّ وقت كان، لتفتيش أمره و استعلام حاله و خبره، فلم يقفن على شي ء، و أبى الله إلّا أن يجري في حجّته سنّة نبيّه موسى، كما أنّ أعداءه ركبوا سنّة فرعون و اتّخذوا السياسة الفرعونيّة، حيث علم أن زوال ملكه يكون بيد رجل من بني إسرائيل، فعيّن المفتّشين على الحوامل، و أخذ المواليد تحت المراقبة الشديدة، فإذا كان المولود ذكرا ذبحوه، و إن كان انثى يستحيونها، فقتلوا ألوفا من المواليد في طلب موسى، قال الله عزّ و جلّ: (يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَ يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ)، و مع ذلك جعل الله تعالى نبيّه في حفظه، و أخفى عنهم ولادته، قال الله تعالى: (وَ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَ لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)، و قد ذكر في الروايات الكثيرة شباهته عليه السلام بإبراهيم و موسى عليهما السلام أيضا. و نقل في «إلزام الناصب» عن بعض مؤلّفات العالم الفاضل محمّد يوسف الدهخوارقاني الّذي ألّفه في عصر الشاه عبّاس الثاني أنّه كان عليه السلام يوما من الأيّام في حجر والدته في صحن الدار إذا أحسّت نرجس بالقوابل، فاضطربت اضطرابا شديدا و لم تجد فرصة حتّى تخفي ذلك النور، فهتف هاتف بها أن ألقي حجّة الله القهّار في البئر الّتي في صحن الدار، فألقته في البئر، و قد سمعت القوابل صوت الطفل فدخلن الدار بسرعة، فبالغن في التفحّص فلم يجدن منه أثرا، فخرجن والهات حائرات، فلمّا فرغت الدار عن الأغيار أقبلت نرجس إلى البئر لكي تعلم ما جرى على قرّة عينها، فلمّا أشرفت على البئر رأت الماء يفور إلى أن ساوى أرض الدار، و حجّة الله فوق الماء صحيحا سالما كالبدر الطالع، و القماط الّذي عليه لم يبتلّ أبدا، فتناولته و أرضعته و حمدت الله و سجدت له شكرا ... الخ. و ممّا ذكرنا ظهر وجه اختصاص الحجّة بستر الولادة دون آبائه الطاهرين، و هو صدور هذه البشائر في شأنه دونهم، و أنّه هو الفاتح للحصون، و هادم أبنية الشرك و النفاق، و وارث الأرض و سلطانها في آخر الزمان، و أنّ أعداء آبائه كانوا يعرفون من رأيهم التقيّة، و تحريم الخروج بالسيف حتّى يسمع النداء من السماء، و تظهر الآيات و العلامات، و يخرج المهديّ الّذي هو آخر الأئمّة و خاتمهم بالسيف، و يرفع التقيّة، و يقتل أعداء الله، و يطهّر الأرض من الشرك و من الجبابرة و أهل الظلم و الإلحاد.

أعداء الله حتّى يرضى الله تبارك و تعالى، قال عبد العظيم: قلت له: يا سيّدي، و كيف يعلم أنّ الله قد رضي؟ قال:

يلقي في قلبه الرحمة ... الحديث بتمامه.

654-(1)-

كمال الدين: و هذا الإسناد- يعني حدّثنا علي بن أحمد الدقّاق و محمّد بن أحمد الشيباني- رضي الله عنهما- قالا: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن حمزة بن حمران، عن أبيه حمران بن أعين، عن سعيد بن جبير- قال: قال عليّ بن الحسين سيّد العابدين عليهما السلام:

القائم منّا تخفى ولادته على الناس حتّى يقولوا: لم يولد بعد، ليخرج حين يخرج و ليس لأحد في عنقه بيعة.

655-(2)-

كمال الدين: حدّثنا أحمد بن هارون الفامي، و علي بن الحسين بن شاذويه المؤدّب، و جعفر بن محمّد بن مسرور و جعفر بن الحسين- رضي الله عنهم- قالوا: حدّثنا محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أيّوب بن نوح، عن العبّاس بن عامر القصباني؛ و حدّثنا جعفر بن علي بنالحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي، قال: حدّثني جدّي الحسن بن علي بن عبد الله، عن العبّاس بن عامر القصباني، عن موسى بن هلال الضبّي، عن عبد الله بن عطاء! قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إن شيعتك بالعراق لكثيرون، فو الله ما في أهل بيتك مثلك، فكيف لا تخرج؟ فقال: يا عبد الله بن عطاء، قد أمكنت الحشو من اذنيك، و الله ما أنا بصاحبكم، قلت فمن صاحبنا؟

قال: انظروا من تخفى على الناس ولادته فهو صاحبكم.

656-(3)-

كمال الدين: عبد الواحد بن محمّد العطّار، عن أبي عمرو الليثي، عن محمّد بن مسعود، عن جبرائيل بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه

ص: 179


1- . كمال الدين: ج 1 ص 322- 323 ب 31 ح 6؛ إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2؛ البحار: ج 51 ص 135 ب 4 ح 3؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 466 ب 32 ح 126.
2- . كمال الدين: ج 1 ص 325 ب 32 ح 2؛ إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 522- 523؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 467 ب 32 ح 129. أقول: بهذا المعنى وردت روايات أخر، فراجع إن شئت الكافي: ج 1 ص 342 ب 138 ح 26؛ و غيبة النعماني: ص 167 و 168 ح 7 و 8 و 9؛ و البحار: ج 51 ص 128.
3- . كمال الدين: ج 2 ص 480 ح 5؛ البحار: ج 52 ص 96 ب 20 ح 15.

السلام قال: صاحب هذا الأمر تغيب ولادته عن هذا الخلق، كي لا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج، و يصلح الله عزّ و جلّ أمره في ليلة [واحدة].

657-(1)-

غيبة النعماني: الكليني، عن عدّة من أصحابنا، عن سعد بن عبد الله، عن أيّوب بن نوح، قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: إنّا نرجو أن تكون صاحب هذا الأمر، و أن يسوقه الله إليك عفوا بغير سيف، فقد بويع لك، و قد ضربت الدراهم باسمك، فقال:

ما منّا أحد اختلفت الكتب إليه، و اشير إليه بالأصابع، و سئل عن المسائل، و حملت إليه الأموال إلّا اغتيل أو مات على فراشه، حتّى يبعث الله لهذا الأمر غلاما(2)

منّا، خفيّ المولد و المنشأ غير خفيّ في نسبه.

658-(3)-

إثبات الوصيّة: عن سعد بن عبد الله بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام، قال: القائم من تخفى ولادته عن الناس.

659-(4)- غيبة النعماني: حدّثنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، قال: حدّثني محمّد بن أحمد القلانسي بمكّة سنة سبع و ستّين و مائتين، قال: حدّثنا علي بن الحسن، عن العبّاس بن عامر، عن موسى بن هلال، عن عبد الله بن عطاء المكّي، قال: خرجت حاجّا من واسط فدخلت على أبي جعفر محمّد بن علي عليهما السلام، فسألني عن الناس و الأسعار، فقلت: تركت الناس مادّين أعناقهم إليك، لو خرجت لاتّبعك الخلق، فقال: يا ابن عطاء! قد أخذت تفرش اذنيك للنوكى، لا و الله ما أنا بصاحبكم، و لا يشار إلى رجل منّا بالأصابع، و يمطّ إليه بالحواجب، إلّا مات قتيلا أو حتف أنفه، قلت: و ما حتف أنفه؟ قال:

ص: 180


1- . غيبة النعماني: ص 168 ب 10 ح 9؛ كمال الدين: ج 2 ص 370 ب 35 ح 1 نحوه.
2- . قال في لسان العرب: يقال: فلان غلام الناس و إن كان كهلا، كقولك: فلان فتى العسكر و إن كان شيخا، و أنشد: سيرا ترى منه غلام الناس *** مقنّعا و ما به من بأس و قال: و العرب يقولون للكهل غلام نجيب، و هو فاش في كلامهم، و قوله أنشده ثعلب: تنحّ يا عسيف عن مقامها *** و طرح الدلو إلى غلامها قال: غلامها: صاحبها. (لسان العرب: ج 12 ص 440). و في المصباح المنير: قال الأزهري: و سمعت العرب تقول للمولود حين يولد ذكرا غلاما، و سمعتهم يقولون للكهل غلام، و هو فاش في كلامهم، المصباح المنير: ج 2 ص 619.
3- . إثبات الوصيّة: ص 222- 223. أقول: المراد بالناس غير الشيعة، فإنّ في الروايات كثيرا، عبّروا عن غير الشيعة بالناس.
4- . غيبة النعماني: ص 168 ب 10 ح 8. أقول: المراد بالناس كما أشرنا إليه غير الشيعة.

يموت بغيظه على فراشه، حتّى يبعث الله من لا يؤبه لولادته، قلت: و من لا يؤبه لولادته؟ فقال: انظر من لا يدري الناس أنّه ولد أم لا، فذاك صاحبكم.

و يدلّ عليه أيضا الروايات: 539، 574، 610، 645، 686، 688.

الفصل الرابع و الثلاثون في أنّه ليس في عنقه بيعة لأحد و فيه 12 حديثا

660-(1)-

غيبة النعماني: علي بن الحسين، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن حسّان الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي، عن إبراهيم بن هاشم، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: يقوم القائم و ليس في عنقه بيعة لأحد.

661-(2)-

الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: يقوم القائم و ليس لأحد في عنقه عهد و لا عقد و لا بيعة.

662-(3)-إثبات الوصيّة: الحميري، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، عن عثمان بن نشيط، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: صاحب هذا الأمر ليس لأحد في عنقه عهد و لا عقد و لا ذمّة.

663-(4)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صاحب هذا الأمر تعمى ولادته على [هذا] الخلق لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج.

664-(5)-

كمال الدين: حدّثنا أبي، و محمّد بن الحسن- رضي الله عنهما- قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن محمّد بن عبيد و محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يبعث القائم و ليس في عنقه بيعة لأحد.

665-(6)-

كمال الدين: حدّثنا أبي- رحمه الله- قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، و الحسن بن ظريف جميعا، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يقوم القائم عليه السلام و ليس لأحد في عنقه بيعة.

ص: 181


1- . غيبة النعماني: ص 191 ب 10 ح 45.
2- . الكافي: ج 1 ص 342 كتاب الحجّة ب في الغيبة ح 27، غيبة النعماني: ص 171 ب 10 ح 4.
3- . إثبات الوصيّة: ص 223.
4- . كمال الدين: ج 2 ص 479 ب 44 ح 1.
5- . كمال الدين: ج 2 ص 479 و 480 ب 44 ح 2؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 435 ب 32 ح 208.
6- . كمال الدين: ج 2 ص 480 ب 44 ح 3؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 436 ب 32 ح 209.

و يدلّ عليه أيضا الروايات: 539، 601، 610، 634، 654، 656.

الفصل الخامس و الثلاثون

في أنّه يقتل أعداء الله، و يطهّر الأرض من الشرك [و يقاتل على التأويل] و من كلّ جور و ظلم، و يزيل ملك الجبابرة، و يقاتل على التأويل كما قاتل رسول الله صلّى الله عليه و آله على التنزيل و فيه 18 حديثا

666-(1)-كمال الدين: جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبد الله بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام (في حديث) قال:

القائم لم يظهر أبدا حتّى يخرج ودائع الله عزّ و جلّ، فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله عزّ و جلّ فقتلهم.

667-(2)-كمال الدين: المظفّر بن جعفر بن المظفّر- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، عن علي بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيمالكرخي، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام- أو قال له رجل-: أصلحك الله، أ لم يكن عليّ عليه السلام قويّا في دين الله عزّ و جلّ؟

قال: بلى، قال: فكيف ظهر عليه القوم، و كيف لم يدفعهم، و ما يمنعه من ذلك؟ قال: آية في كتاب الله عزّ و جلّ منعته، قال: قلت: و أيّة آية هي؟ قال: قوله عزّ و جلّ: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً، إنّه كان لله عزّ و جلّ ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين و منافقين، فلم يكن عليّ عليه السلام ليقتل الآباء حتّى يخرج الودائع، فلمّا خرجت الودائع ظهر على من ظهر فقاتله، و كذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتّى تظهر ودائع الله عزّ و جلّ، فإذا ظهرت ظهر على من يظهر فقتله.

و يدلّ عليه أيضا الروايات: 283، 423، 432، 446، 450، 463، 529، 535، 537، 551، 553، 554، 574، 645، 653، 1195.

ص: 182


1- . كمال الدين: ج 2 ص 641.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 641 و 642؛ نور الثقلين: ج 5 ص 70؛ تفسير القمّي: ج 2 ص 316؛ المحجّة: الآية الثامنة و الثلاثون ص 206، علل الشرائع: ج 1 ص 147 ح 3.

الفصل السادس و الثلاثون

في أنّه يعلن أمر الله، و يظهر دين الحقّ، و يميت البدع و الباطل، و يؤيّد بنصر الله، و ينصر بملائكة الله، و يبسط الإسلام على الأرض، و يصير سلطانا عليها، و يحيي الله به الأرض بعد موتها و فيه 51 حديثا

668-(1)-

كتاب فضل بن شاذان: حدّثنا فضالة بن أيّوب- رضي الله تعالى عنه- قال: حدّثنا عبد الله بن سنان، قال: سأل أبي عن أبي عبد الله عليه السلام عن السلطان العادل، قال: هو من افترض الله طاعته بعد الأنبياء و المرسلين، على الجنّ و الإنس أجمعين، و هو سلطان بعد سلطان إلى أن ينتهي إلى السلطان الثاني عشر، فقال رجل من أصحابه:

صف لنا من هم يا ابن رسول الله؟ قال: هم الّذين قال الله تعالى فيهم:

أَطِيعُوا الله وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، و الّذين خاتمهم الّذي ينزل في زمن دولته عيسى عليه السلام، و يصلّي خلفه، و هو الّذي يقتل الدجّال، و يفتح الله على يديه مشارق الأرض و مغاربها، و يمتدّ سلطانه الى يوم القيامة.

669-(2)-كمال الدين: حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدّثنا القاسم بن العلاء، قال: حدّثني إسماعيل بن علي القزويني، قال: حدّثني علي بن إسماعيل، عن عاصم بن حميد الحنّاط، عن محمّد بن مسلم الثقفي، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي الباقر عليهما السلام يقول: القائم منّا، منصور بالرعب، مؤيّد بالنصر، تطوى له الأرض، و تظهر له الكنوز، يبلغ سلطانه المشرق و المغرب، و يظهر الله عزّ و جلّ به دينه على الدين كلّه و لو كره المشركون، فلا يبقى في الأرض خراب إلّا قد عمّر، و ينزل روح الله عيسى بن مريم عليه السلامفيصلّي خلفه، قال: قلت [فقلت- خ]: يا ابن رسول الله، متى يخرج قائمكم؟ قال: إذا تشبّه الرجال بالنساء، و النساء بالرجال، و اكتفى الرجال بالرجال، و النساء بالنساء، و ركب ذوات الفروج السروج، و قبلت شهادات الزور، و ردّت شهادات العدول، و استخفّ الناس بالدماء و ارتكاب الزنا و أكل الربا، و اتّقي الأشرار مخافة ألسنتهم، و خروج السفياني من الشام، و اليماني من اليمن، و خسف

ص: 183


1- . كفاية المهتدي (الأربعين): ذيل ح 39، كشف الحقّ (الأربعين): ح 34.
2- . كمال الدين: ج 1 ص 330- 331 ب 32 ح 16؛ البحار: ج 52 ص 191- 192 ب 25 ح 24. أقول: تقدّم نحوه في الفصل الأوّل تحت الرقم 327 عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام، و فيه: «اسمه محمّد بن محمّد، و لقبه النفس الزكيّة».

بالبيداء، و قتل غلام من آل محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم بين الركن و المقام، اسمه محمّد بن الحسن النفس الزكيّة، و جاءت صيحة من السماء بأنّ الحقّ فيه و في شيعته، فعند ذلك خروج قائمنا، فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة، و اجتمع إليه ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا، و أوّل ما ينطق به هذه الآية: بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، ثمّ يقول: أنا بقيّة الله في أرضه، و خليفته، و حجّته عليكم، فلا يسلّم عليه مسلّم إلّا قال: السلام عليك يا بقيّة الله في أرضه، فإذا اجتمع إليه [له] العقد و هو عشرة آلاف رجل خرج، فلا يبقى في الأرض معبود من دون الله عزّ و جلّ، من صنم، [و وثن] و غيره، إلّا وقعت فيه نار فاحترق، و ذلك بعد غيبة طويلة، ليعلم الله من يطيعه بالغيب و يؤمن به.

670-(1)-

كمال الدين: حدّثنا أبو طالب المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدّثني محمّد بن نصير، قال: حدّثنا محمّد بن عيسى، [عن حمّاد بن عيسى]، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يقول: إنّ ذا القرنين كان عبدا صالحا، جعله الله عزّ و جلّ حجّة على عباده، فدعا قومه الى الله، و أمرهم بتقواه فضربوه على قرنه، فغاب عنهم زمانا حتّى قيل: مات أو هلك، بأيّ واد سلك؟ ثمّ ظهر و رجع الى قومه فضربوه على قرنه الآخر، و فيكم من هو على سنّته، و إنّ الله عزّ و جلّ مكّن لذي القرنين في الأرض، و جعل له [و آتاه- خ] من كلّ شي ء سببا، و بلغ المغرب و المشرق، و إنّ الله تبارك و تعالى سيجري سنّته في القائم من ولدي فيبلغه شرق الأرض و غربها، حتّى لا يبقي منهلا و لا موضعا من سهل و لا جبل وطأه ذو القرنين إلّا و وطأه، و يظهر الله عزّ و جلّ له كنوز الأرض و معادنها، و ينصره بالرعب، فيملأ الأرض به عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما.

671-(2)- تفسير العيّاشي: عن رفاعة بن موسى، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً قال: إذا قام القائم عليه السلام لا تبقى أرض إلّا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلّا الله، و أنّ محمّدا رسول الله.

ص: 184


1- . كمال الدين: ج 2 ص 394 ب 38 ح 4؛ البحار: ج 12 ص 194- 195 ب 8 ح 19. أقول: الظاهر كون محمّد بن نصير الراوي عن محمّد بن عيسى هو محمّد بن نصير الكشي، الثقة، جليل القدر، كثير العلم و لا يشتبه مثله في مثل هذه الأحاديث و روايات الثقات بمحمّد بن نصير النميري.
2- . تفسير العيّاشي: ج 1 ص 182 ح 81؛ المحجّة: ص 5 الآية 4؛ ينابيع المودّة: ص 421 ب 71 و فيه: «إذا قام القائم المهدي».

672-(1)- تفسير العيّاشي: عن زرارة، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: سئل أبي عن قول الله قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً(2)، حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله (3)، فقال: إنّه لم يجي ء تأويل هذه الآية، و لو قد قام قائمنا بعده سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، و ليبلغنّ دين محمّد صلّى الله عليه و آله ما بلغ الليل، حتّى لا يكون شرك [مشرك] على ظهر الأرض كما قال الله.

673-(4)-

ينابيع المودّة: و عن زين العابدين، و عن الباقر [عليهما السلام] رضي الله عنهما قال: إنّ الاسلام قد يظهره الله على جميع الأديان عند قيام القائم عليه السلام.

674-(5)-

ينابيع المودّة: عن أبي بصير، عن جعفر الصادق [عليه السلام] رضي الله عنه قال: عند قيام القائم يفرح المؤمنون بنصر الله.

675-(6)- تفسير علي بن إبراهيم: في تفسير قوله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ:

حدّثني أبي، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن صالح بن عقبة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزلت في القائم من آل محمّد عليهم السلام، و الله هو المضطرّ إذا صلّى في المقام ركعتين دعا إلى الله فأجابه و يكشف السوء، و يجعله خليفة في الأرض.

ص: 185


1- . تفسير العيّاشي: ج 2 ص 56 ح 48؛ و في مجمع البيان: ج 4 ص 543 قال: و روى زرارة و غيره، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: لم يجئ تأويل هذه الآية، و لو قام قائمنا بعد سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، و ليبلغنّ دين محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم ما بلغ الليل، حتّى لا يكون مشرك على ظهر الأرض كما قال الله تعالى: (يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)، البحار: ج 51 ص 55 ب 5 ح 41؛ المحجّة: الآية 21 و 25؛ ينابيع المودّة: ص 423 ب 71.
2- . التوبة: 36.
3- . الأنفال: 39.
4- . ينابيع المودّة: ص 423 ب 71 عن المحجّة.
5- . ينابيع المودّة: ص 426 ب 71 عن المحجّة.
6- . تفسير علي بن إبراهيم: ج 2 ص 129؛ المحجّة: الآية 73 ص 165.

676-(1)- ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام: بالإسناد (عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن إبراهيم بن عبد الحميد) عن عبد الحميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزّ و جلّ: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ قال:

هذه نزلت في القائم عليه السلام، إذا خرج تعمّم و صلّى عند المقام و تضرّع إلى ربّه، فلا تردّ له راية أبدا.

677-(2)- ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام: حدّثنا يوسف بن يعقوب، عن محمّد بن أبي بكر المقري، عن نعيم بن سليمان، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس في قوله عزّ و جلّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ* قال: لا يكون ذلك حتّى لا يبقى يهودي و لا نصراني و لا صاحب ملّة إلّا الإسلام، حتّى تأمن الشاة و الذئب و البقرة و الأسد و الإنسان و الحيّة، و حتّى لا تقرض فأرة جرابا، و حتّى توضع الجزية، و يكسر الصليب، و يقتل الخنزير، و [هو] قوله تعالى:

لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ*، و ذلك يكون عند قيام القائم عليه السلام.

678-(3)- كمال الدين: و بهذا الإسناد (يعني علي بن حاتم، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن علي بن سماعة) عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن الحسن بن محبوب، عن مؤمن الطاق، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزّ و جلّ اعْلَمُوا أَنَّ الله يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، قال: يحييها الله عزّ و جلّ بالقائم عليه السلام بعد موتها- يعني بموتها كفر أهلها و الكافر ميّت-.

679-(4)-غيبة النعماني: حدّثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، قال: حدّثنا عبد الله بن حماد الأنصاري، عن علي بن أبي حمزة، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:

إذا قام القائم صلوات الله عليه نزلت ملائكة بدر، و هم خمسة آلاف، ثلث على خيول شهب، و ثلث على خيول بلق، و ثلث على خيول حوّ، قلت: و ما الحوّ؟ قال: هي الحمر.

ص: 186


1- . تأويل الآيات الظاهرة: ص 399.
2- . تأويل الآيات الظاهرة: ص 663؛ ينابيع المودّة: ص 423 ب 71 مختصرا؛ البحار: ج 51 ص 61 ب 5 ح 59.
3- . كمال الدين: ج 2 ص 668 ب 58 ح 13.
4- . غيبة النعماني: ص 244 ب 13 ح 44.

680-(1)-

عيون أخبار الرضا عليه السلام: في حديث أخرجه عن محمّد بن علي ما جيلويه- رضي الله عنه- عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريّان بن شبيب، عن الرضا عليه السلام (و الحديث طويل قال فيه): يا ابن شبيب! إن كنت باكيا لشي ء فابك للحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، فإنّه ذبح كما يذبح الكبش، و قتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا مالهم في الأرض شبيهون، و لقد بكت السماوات السبع و الأرضون لقتله، و لقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره فلم يؤذن لهم، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم عليه السلام فيكونون من أنصاره، و شعارهم يا لثارات الحسين عليه السلام.

681-(2)-عيون المعجزات: روي عن عالم أهل البيت صلّى الله عليهم أنّ الله تعالى أهبط الى الحسين أربعة آلاف ملك، هم الّذين هبطوا على رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يوم بدر، و خيّر بينالنصر على أعدائه و لقاء جدّه، فاختار لقاه، فأمر الله تعالى الملائكة بالمقام عند قبره، فهم شعث غبر، ينتظرون قيام القائم من ولده صاحب الزمان عليه السلام.

و يدلّ عليه أيضا الأحاديث: 161، 205، 243، 324 إلى 332 و 337 إلى 339، 342، 343، 346، 373، 419، 423، 432، 435، 525، 529، 536، 538، 548، 553، 719، 807، 936، 1105، 1138، 1177، 1195، 1199.

الفصل السابع و الثلاثون في أنّه يردّ الناس الى الهدى و القرآن و السنّة و فيه أخبار كثيرة

682-(3)-

نهج البلاغة: و من خطبة له عليه السلام في ذكر الملاحم: يعطف الهوى على الهدى إذا عطفوا الهدى على الهوى، و يعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي، (و منها:) حتّى تقوم الحرب بكم على ساق،

ص: 187


1- . عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج 1 ص 233- 234 ب 28 ح 58.
2- . عيون المعجزات: ص 70.
3- . نهج البلاغة: ط مصر مطبعة الاستقامة ج 2 خ 134، ينابيع المودّة: ص 437 ب 74 و فيه: «المهدي يعطف ...».و قال الشيخ محمّد عبده مفتي الديار المصريّة سابقا في شرح قوله: «يعطف ...»: خبر عن قائم ينادي بالقرآن، و يطالب الناس باتّباعه، و ردّ كلّ رأي إليه. و قال في شرح قوله عليه السلام: «يأخذ الوالي ...»: إذا انتهت الحرب حاسب الوالي القائم كلّ عامل من عمّال السوء على مساوئ أعمالهم، و إنّما كان الوالي من غيرها، لأنّه بري ء من جرمها. و قال في شرح قوله عليه السلام: «أفاليذ كبدها»: أفاليذ: جمع أفلاذ، و أفلاذ جمع فلذة، و هي القطعة من الذهب و الفضّة، و هذا كناية عمّا يظهر لمن يقوم بالأمر من كنوز الأرض، و قد جاء ذلك في خبر مرفوع في لفظه: «و قاءت له الأرض أفلاذ كبدها»، و من الناس من يفسّر قوله تعالى:\i «وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها») بذلك، قاله ابن أبي الحديد، انتهى. و أمّا ابن أبي الحديد فقال في شرحه: هذا إشارة إلى إمام يخلقه الله تعالى في آخر الزمان، و هو الموعود به في الأخبار و الآثار، و معنى «يعطف الهوى» يقهره و يثنيه عن جانب الإيثار و الإرادة، عاملا عمل الهدى، فيجعل الهدى قاهرا له و ظاهرا عليه، و كذلك قوله: «و يعطف الرأي على القرآن» أي يقهر حكم الرأي و القياس و العمل بغلبة الظنّ عاملا على القرآن، و قوله: «إذا عطفوا الهدى» و «اذا عطفوا القرآن» إشارة إلى الفرق المخالفين لهذا الإمام، المشاقّين له، الّذين لا يعملون بالهدى بل بالهوى، و لا يحكمون بالقرآن بل بالرأي ...، و قال في قوله: «سيأتي غد بما لا تعرفون»: و المراد تعظيم شأن الغد الموعود بمجيئه، و مثل ذلك في القرآن كثير ... إلى أن قال: و الأفاليذ جمع أفلاذ، و أفلاذ جمع فلذ، و هي القطعة من الكبد، و هذا كناية عن الكنوز الّتي تظهر للقائم بالأمر، و قد جاء ذكر ذلك في خبر مرفوع في لفظة: «و قاءت له الأرض أفلاذ كبدها»، و قد فسر قوله تعالى:\i «وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها») بذلك في بعض التفاسير. شرح ابن أبي الحديد: ج 9 ص 40- 46.

باديا نواجذها، مملوءة أخلافها، حلوا رضاعها، علقما عاقبتها، ألا و في غد، و سيأتي غد بما لا تعرفون، يأخذ الوالي من غيرها عمالها على مساوئ أعمالها، و تخرج لهالأرض من أفاليذ كبدها، و تلقي إليه سلما مقاليدها، فيريكم كيف عدل السيرة، و يحيي ميّت الكتاب و السنّة.

و يدل عليه أخبار كثيرة جدّا، و ذلك لأنّ ردّ الناس إلى الكتاب و السنّة من أعظم أعمال المهدي عليه السلام و من صفاته البارزة، قلّما يوجد حديث لا يدل عليه بالالتزام أو المطابقة، فلا يكون المهدي، إلّا من يكون كذلك، و لا يقوم إلّا لإقامة الحقّ، و لا يقام الناس بردّ الناس إلى الكتاب و السنّة و لا يملأ الأرض من العدل و القسط إلّا به، و لا يعلن أمر الله و لا يظهر الإسلام على الأديان إلّا بردّ الناس إلى الكتاب و السنة، فكل أعماله الإصلاحية لا تتحقّق إلّا به، فهو لا يظهر و لا يقوم و لا يخرج إلّا لإقامة الشرع و العمل بالكتاب و السنّة.

الفصل الثامن و الثلاثون

في أنّه ينتقم من أعداء الله و أعداء رسوله و الأئمّة عليهم السلام و فيه 13 حديثا

683-(1)-

دلائل الإمامة: أخبرني علي بن هبة الله، قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى القمّي، قال: حدّثنا علي بن أحمد بن موسى بن محمّد الدقّاق، و محمّد بن محمّد بن عصام، قالا:

ص: 188


1- . دلائل الإمامة: ص 239 ف معرفة وجوب القائم و أنّه لا بدّ أن يكون ح 14، علل الشرائع: ص 160 ب 129 ح 1 بسنده عن الثمالي نحوه، و ذكر بعد قوله: «أ لستم كلّكم قائمين بالحقّ؟»: «قال: بلى، قلت: فلم سمّي القائم قائما؟ قال: لمّا قتل ... الحديث»، البحار: ج 37 ص 294 ب 54 ح 8. أقول: أخرج المجلسي- قدّس سرّه- قبل هذا الحديث حديثا آخر نحوه في وجه تسمية أمير المؤمنين عليه السلام بهذا اللقب، و ذكر وجوها لهذا المعنى، أظهرها الثالث منها، و هو: أن يكون المعنى أنّ أمراء الدنيا إنّما يسمّون بالأمير لكونهم متكفّلين لميرة الخلق، و ما يحتاجون إليه في معاشهم بزعمهم، و أمّا أمير المؤمنين عليه السلام فإمارته لأمر أعظم من ذلك؛ لأنّه يميرهم ما هو سبب لحياتهم الأبديّة، و قوتهم الروحانيّة و إن شارك سائر الأمراء في الميرة الجسمانيّة، و هذا أظهر الوجوه، انتهى كلامه.

حدّثنا محمّد بن يعقوب، عن القاسم بن العلاء، قال: حدّثنا إسماعيل الفزاري، قال: حدّثني محمّد بن جمهور العمّي، عن ابن أبي نجران، عمّن ذكره، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، قال: سألت أبا جعفر محمّدا الباقر عليه السلام، فقلت: يا ابن رسول الله، لم سمّي علي عليه السلام أمير المؤمنين، و هو اسم لم يسمّ به أحد قبله، و لا يحلّ لأحد بعده؟ فقال: لأنّه ميرة العلم، يمتار منه، و لا يمتار من أحد سواه، قلت: فلم سمّي سيفه ذا الفقار؟ قال: لأنّه ما ضرب به أحدا من أهل الدنيا إلّا أفقره به أهله و ولده، و أفقره في الآخرة الجنّة، فقلت: يا ابن رسول الله، أ لستم كلّكم قائمين بالحقّ؟ قال: لمّا قتل جدّيالحسين عليه السلام ضجّت الملائكة بالبكاء و النحيب، و قالوا: إلهنا! أتصفح عمّن قتل صفوتك و ابن صفوتك و خيرتك من خلقك، فأوحى الله إليهم: قرّوا ملائكتي، فو عزّتي و جلالي لأنتقمنّ منهم و لو بعد حين، ثمّ كشف لهم عن الأئمّة من ولد الحسين، فسرّت الملائكة بذلك، و رأوا أحدهم قائما يصلّي، فقال سبحانه: بهذا القائم أنتقم منهم.

684-(1)-

الأمالي: أخبرنا محمّد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن محمّد بن حمران، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لما كان من أمر الحسين بن علي عليهما السلام ما كان ضجّت الملائكة الى الله تعالى، و قالت: يا ربّ! يفعل هذا بالحسين صفيّك، و ابن نبيّك؟ قال:

فأقام الله لهم ظلّ القائم عليه السلام، و قال: بهذا أنتقم له من ظالميه.

685-(2)-

غيبة النعماني: محمّد بن همّام، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن إسحاق بن سنان، عن عبيد بن خارجة، عن عليّ بن عثمان، عن فرات بن أحنف، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السلام قال: زاد الفرات على عهد أمير المؤمنين عليه السلام، فركب هو و ابناه الحسن و الحسين عليهم السلام، فمرّ بثقيف فقالوا: قد جاء عليّ يردّ الماء، فقال علي عليه السلام: أما و الله لاقتلنّ أنا و ابناي هذان، و ليبعثنّ الله رجلا من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا، و ليغيبنّ عنهم تمييزا لأهل الضلالة، حتّى يقول الجاهل ما لله في آل محمّد من حاجة.

و يدلّ عليه أيضا الأحاديث: 109، 255، 258، 266، 270 293، 305، 424، 432، 515.

ص: 189


1- . أمالي الشيخ الطوسي: ج 2 ص 33؛ البحار: ج 45 ص 221 ب 41 ح 3.
2- . غيبة النعماني: ص 140- 141 ب 10 ح 1.

الفصل التاسع و الثلاثون

في أنّ فيه سننا من الأنبياء و منها الغيبة و فيه 23 حديثا

686-(1)-

كمال الدين: الشريف أبو الحسن علي بن موسى بن أحمد بن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، عن محمّد بنهمام، عن أحمد بن محمّد النوفلي، عن أحمد بن هلال، عن عثمان بن عيسى الكلابي، عن خالد بن نجيح [نجح- خ]، عن حمزة بن حمران، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، قال: سمعت سيّد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام يقول: في القائم سنن من سبعة أنبياء:

سنة من أبينا آدم، و سنّة من نوح، و سنّة من إبراهيم، و سنّة من موسى، و سنّة من عيسى، و سنّة من أيّوب، و سنّة من محمّد صلوات الله عليهم، فأمّا من آدم و نوح فطول العمر، و أمّا من إبراهيم فخفاء الولادة و اعتزال الناس، و أمّا من موسى فالخوف و الغيبة، و أمّا من عيسى فاختلاف الناس فيه، و أمّا من أيّوب فالفرج بعد البلوى، و أمّا من محمّد فالخروج بالسيف.

687-(2)-

غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا محمّد بن المفضّل، و سعدان بن إسحاق بن سعيد، و أحمد بن الحسين، و محمّد بن أحمد بن الحسن القطواني جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم الجواليقي، عن يزيد الكناسي، قال:

سمعت أبا جعفر الباقر عليه السلام يقول: إنّ صاحب هذا الأمر فيه شبه من يوسف، ابن أمة سوداء، يصلح الله له أمره في ليلة.

ص: 190


1- . كمال الدين: ج 1 ص 321 ب 31 ح 3؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 466 ب 32 ف 5 ح 124 مع بعض الاختلاف؛ إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2 و جاء فيه: «سنن من ستّة من الأنبياء» و ليس فيه: «من سبعة أنبياء»، كما جاء فيه: «و سنّة من نوح» و ليس فيه: «سنّة من أبينا آدم و سنّة من نوح»؛ البحار: ج 51 ص 217 ب 13 ح 4.
2- . غيبة النعماني: ص 163 ب 10 ح 3؛ كمال الدين: ج 1 ص 329 ب 32 ح 12؛ البحار: ج 51 ص 218 ب 13 ح 8؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 469 ب 32 ف 5 ح 135 عن كمال الدين، و لفظه هكذا: «صاحب هذا الأمر فيه سنّة من يوسف[ ابن أمة- خ] يصلح الله أمره في ليلة واحدة». قال في البحار: قوله: «ابن أمة سوداء» يخالف كثيرا من الأخبار الّتي وردت في وصف أمّه عليه السلام ظاهرا، إلّا أن يحمل على الامّ بالواسطة أو المربّية. أقول: هذه الجملة غير موجودة في نسخة كمال الدين المترجمة بالفارسية و نسخة طبع النجف سنة 1389 ص 320، راجع: ج 1 ص 445، هذا مضافا إلى أنّ شبهه من يوسف الغيبة و السجن، و على هذا لا يبعد احتمال الزيادة في الحديث، و الله أعلم.

688-(1)-

كمال الدين: حدّثنا أبي [و محمّد بن الحسن]- رضي الله عنه [ما]، قال [قالا]: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا المعلّى بن محمّد البصري، عن محمّد بن جمهور و غيره، عن [محمّد] بن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:

سمعته يقول: في القائم سنّة [شبه- خ] من موسى بن عمران عليه السلام، فقلت: و ما سنّة [شبه] موسى بن عمران؟ فقال: خفاء مولده، و غيبته عن قومه، فقلت: و كم غاب موسى بن عمران عليه السلام عن قومه و أهله؟ فقال: ثماني و عشرين سنة.

689-(2)- كمال الدين: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه محمّد بن مسعود العيّاشي، قال: حدّثنا علي بن محمّد بن شجاع، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إنّ في صاحب هذا الأمر سنن من الأنبياء: سنّة من موسى بن عمران، و سنّة من عيسى، و سنّة من يوسف، و سنّة من محمّد صلوات الله عليهم، فأمّا سنّة من موسى بن عمران فخائف يترقّب، و أمّا سنّة من عيسى فيقال فيه ما قيل في عيسى، و أمّا سنّة من يوسف فالستر يجعل الله بينه و بين الخلق حجابا يرونه و لا يعرفونه، و أمّا سنّة من محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم فيهتدي بهداه، و يسير بسيرته.

690-(3)-

الإمامة و التبصرة: عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عيسى، عن سليمان بن داود، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: في صاحب هذا الأمر أربعة سنن من أربع أنبياء: سنّة من موسى، و سنّة من عيسى، و سنّة من يوسف، و سنّة من محمّد صلّى الله عليه و آله، فأمّا سنّة من موسى، فخائف يترقّب، و أمّا سنّة من يوسف فالسجن، و أمّا سنّة من عيسى فقيل: إنّه مات و لم يمت، و أمّا سنة من محمّد صلّى الله عليه و آله فالسيف.

ص: 191


1- . كمال الدين: ج 2 ص 340 ب 33 ح 18؛ البحار: ج 51 ص 216 ب 13 ح 2؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 471- 472 ب 32 ف 5 ح 147.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 350 ب 33 ح 46؛ البحار: ج 51 ص 223- 224 ب 13 ح 10 و فيه: «سننا من الأنبياء»؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 474 ب 32 ف 5 ح 159.
3- . الإمامة و التبصرة: ص 93- 94 ح 84؛ غيبة الشيخ: ص 424 ح 408 و فيه: «و أمّا سنّة من يوسف عليه السلام فالغيبة»، و في موضع آخر منه: (ص 60 ح 57) جاء: «فالسجن»، و الظاهر أنّ المراد منه الغيبة، إثبات الهداة: ج 3 ص 499 ب 32 ف 12 ح 277، و ج 3 ص 460 ب 32 ف 5 ح 101؛ البحار: ج 51 ص 216 و 217 ب 13 ح 3؛ كمال الدين: ج 1 ص 152- 153 ب 6 ح 16 و فيه: «و السجن»، و أيضا ج 1 ص 326- 327 ب 32 ح 6 و فيه: «فالحبس».

691-(1)-

إثبات الوصيّة: الحميري، عن محمّد بن عيسى، عن سليمان بن داود، عن أبي نصر [أبي بصير- خ] قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: في صاحب هذا الأمر أربع سنن من أربعة أنبياء: سنّة من موسى في غيبته، و سنّة من عيسى في خوفه و مراقبة اليهود و قولهم مات و لم يمت و قتل و لم يقتل، و سنّة من يوسف في جماله و سخائه، و سنّة من محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم في السيف يظهر به.

و يدلّ عليه أيضا الأحاديث: 69، 249، 286، 540، 553، 557، 564، 575، 620، 626، 628، 632، 641، 642، 644، 645، 650.

الفصل الأربعون في أنّه يقوم بالسيف و فيه 10 أحاديث

692-(2)- كمال الدين: حدّثنا أبي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال في قول الله عزّ و جلّ: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ (3)، فقال عليه السلام: الآيات هم الأئمّة، و الآية المنتظرة القائم عليه السلام، فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف و إن آمنت بمن تقدّمه من آبائه عليهم السلام.

693-(4)-

غيبة النعماني: علي بن الحسين، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن حسان الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الله بن بكير، عن أبيه، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: صالح من الصالحين، سمّه لي اريد القائم عليه السلام، فقال: اسمه اسمي، قلت: أ يسير بسيرة محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم؟ قال: هيهات هيهات يا زرارة! ما يسير بسيرته، قلت: جعلت فداك لم؟

ص: 192


1- . إثبات الوصيّة: ص 202 طبعته الاولى.
2- . كمال الدين: ج 1 ص 8 و ج 2 ص 336 ب 33 ح 8؛ البحار: ج 51 ص 51 ب 5 ح 25؛ ينابيع المودّة: ص 422 ب 71.
3- . الأنعام: 158.
4- . غيبة النعماني: ص 231 ب 13 ح 14؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 77 و 78 ب 32 ف 27 ح 500؛ البحار: ج 52 ص 353 ب 26 ح 109.

قال: إنّ رسول الله سار في امته باللين [بالمنّ- خ] كان يتألّف الناس، و القائم يسير بالقتل، بذاك امر في الكتاب الّذي معه أن يسير بالقتل، و لا يستتيب أحدا، ويل لمن ناواه (1).

694-(2)-

غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدّثنا علي بن الحسن، عن محمّد بن خالد، عن ثعلبة بن ميمون، عن الحسن بن هارون بيّاع الأنماط، قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام جالسا، فسأله المعلّى بن خنيس: أ يسير القائم إذا قام بخلاف سيرة علي عليه السلام؟ فقال: نعم، و ذاك أنّ عليّا سار بالمنّ و الكفّ؛ لأنّه علم أنّ شيعته سيظهر عليهم من بعده، و أنّ القائم اذا قام سار فيهم بالسيف و السبي، و ذلك أنّه يعلم أنّ شيعته لم يظهر عليهم من بعده أبدا.

ص: 193


1- . لا منافاة بين هذا الحديث و ما يدلّ على أنّه يسير بسيرة رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، فإنّ المراد من أنّه يسير بسيرته شباهته به في قيامه بالسيف، و عدم شباهته في ذلك بمثل عيسى عليه السلام من الأنبياء، و شباهته به صلّى الله عليه و آله و سلّم في هدمه آثار الكفر، و إزالة العادات الذميمة، و القواعد و القوانين الباطلة الّتي تظهر في آخر الزمان.
2- . غيبة النعماني: ص 232 ب 13 ح 16؛ البحار: ج 52 ص 353 ب 26 ح 111؛ علل الشرائع: ج 1 ص 210 مع اختلاف في السند، حلية الأبرار: ج 2 ص 628 و 629.

695-(1)- تفسير القرطبي: في قوله تعالى: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ(2) روي عن جعفر بن محمّد [عليهما السلام] أنّه (أي العذاب الأكبر) خروج المهديّ بالسيف، و الأدنى: غلاء السعر.

و في تفسير الآلوسي أيضا ما هذا لفظه: و عن جعفر بن محمّد- رضي الله تعالى عنهما- أنّه خروج المهدي بالسيف.

696-(3)-

الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: وجدنا في كتاب عليّ عليه السلام إِنَّ الْأَرْضَ لله يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (4) أنا و أهل بيتي الّذين أورثنا الله الأرض، و نحن المتّقون، و الأرض كلّها لنا، فمن أحيا

ص: 194


1- . تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن): ج 14 ص 107، تفسير الآلوسي (روح المعاني): ج 21 ص 121. و في روح البيان: ج 21 ص 124 عن اللباب، عن تفسير النقّاش، أنّ الأدنى غلاء الأسعار، و الأكبر خروج المهديّ بالسيف. و لفظه بالفارسيّة هذا: «در لباب از تفسير نقّاش نقل كرده كه «أدنى» غلاء أسعار است، و «أكبر» خروج مهديّ به شمشير آبدار». و في التبيان: ج 8 ص 306 عن جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّ العذاب الأدنى هو القحط، و الأكبر خروج المهدي بالسيف. و في المحجّة ص 173 عن المفضّل بن عمر: «الأدنى» عذاب السفر (القبر)، و «الأكبر» المهديّ بالسيف. و عن محمّد بن الحسن الشيباني في كشف البيان: «الأدنى» القحط و الجدب، و «الأكبر» خروج القائم المهدي عليه السلام بالسيف في آخر الزمان. أقول: يجوز أن يكون تفسير «العذاب الأدنى» بالقحط و غيره ما يقع من ذلك قبل ظهور المهدي- بأبي هو و امّي- و كونه من مصاديقه، فلا ينافي هذا التفسير تفسيره بغير هذا أيضا ممّا جاء في التفاسير، كما يجوز الجمع بين تفسير «الأكبر» بخروجه بالسيف و بغيره أيضا، لكونه من مصاديقه، فلا يعارض تفسير «الأكبر» بعذاب الآخرة تفسيره بخروجه عليه السلام، مضافا إلى أنّ ما يحتجّ به عند اختلاف المفسّرين هو ما جاء من طرق أهل البيت عليهم السلام، كما بيّنّاه في كتابنا: «أمان الامّة من الضلال و الاختلاف». و جاء في بحار الأنوار: ج 51 ص 59، و تأويل الآيات الظاهرة: ص 437، قال: ( «الأدنى» غلاء السعر، و «الأكبر» المهدي بالسيف). و جاء في إلزام الناصب: «الأدنى» عذاب السقر، و «الأكبر» المهدي عليه السلام بالسيف في آخر الزمان.
2- . السجدة: 21.
3- . الكافي: ج 1 ص 407 و 408 ح 1 ب أنّ الأرض كلّها للإمام عليه السلام؛ تفسير نور الثقلين: ج 2 ص 56 ح 222 من تفسير سورة الأعراف؛ تفسير العيّاشي: ج 2 ص 25 ح 66، تفسير الصافي: ج 2 ص 228 من تفسير سورة الأعراف؛ تفسير البرهان: ج 2 ص 28 من تفسير سورة الأعراف؛ البحار: ج 100 ص 58 ب 9 ح 2.
4- . الأعراف: 128.

أرضا من المسلمين فليعمّرها، و ليؤدّ خراجها إلى الإمام من أهل بيتي، و له ما أكل منها، فإن تركها أو أخربها و أخذها رجل من المسلمين من بعده فعمّرها و أحياها فهو أحقّ بها من الّذي تركها، يؤدّي خراجها إلى الإمام من أهل بيتي، و له ما أكل منها، حتّىيظهر القائم من أهل بيتي بالسيف فيحويها و يمنعها و يخرجهم منها كما حواها رسول الله صلّى الله عليه و آله و منعها، إلّا ما كان في أيدي شيعتنا، فإنّه يقاطعهم على ما في أيديهم و يترك الأرض في أيديهم.

و يدلّ عليه الأحاديث: 423، 426، 572، 713، 715.

الفصل الحادي و الأربعون فيما يدلّ على تمكين الناس لسلطانه و فيه 3 أحاديث

697-(1)-

سنن ابن ماجة: حدّثنا حرملة بن يحيى المصري، و إبراهيم بن سعيد الجوهري، قالا: حدّثنا أبو صالح عبد الغفّار بن داود الحرّاني، حدّثنا ابن لهيعة، عن أبي زرعة عمرو بن جابر الحضرمي، عن عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: يخرج ناس من المشرق فيوطّئون للمهدي، يعني:

سلطانه.

698-(2)-سنن أبي داود: قال هارون: حدّثنا عمرو بن أبي قيس، عن مطرف بن طريف، عن أبي الحسن، عن هلال بن عمرو، قال: سمعت عليّا- رضي الله عنه- يقول: قال النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: يخرج رجل

ص: 195


1- . سنن ابن ماجة: ج 2 ص 1368 ب خروج المهدي، من كتاب الفتن ب (34) ح 4088. أقول: قال السندي في حاشيته: قوله: «فيوطّئون للمهدي» أي يمهّدون. عقد الدرر: ص 125 ب 5 أخرجه عن ابن ماجة في سننه و عن البيهقي، إلّا أنّه قال: «اناس»، و أخرجه في التذكرة: ص 240 عن أبي داود إلّا أنّه قال: «فيوطّئون للمهدي كرسي سلطانه»، فرائد السمطين: ج 2 ص 333 ب 61، معجم الطبراني الأوسط: ج 1 ص 200 ح 287 باختلاف قليل، المنار المنيف: ص 145 ف 50 ح 332، نهاية البداية و النهاية: ج 1 ص 41، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 147 ب 7 ح 2 و فيه: «فيوطّئون للمهدي سلطانه»، مختصر تذكرة القرطبي للشعراني: ص 40، و فيه «اناس» و «فيوطّئون للمهدي كرسي سلطانه»، الإذاعة: ص 124، كنز العمّال: ج 14 ص 263 ح 38657، مجمع الزوائد: ج 7 ص 318، و مصادر كثيرة اخرى.
2- . سنن أبي داود: ج 4 ص 108 و 109 كتاب المهدي ح 4290؛ مصابيح السنّة في باب اشتراط الساعة: ج 2 ص 194؛ عقد الدرر: ص 130 ب 5 عن أبي داود و سنن النسائي، و عن البيهقي و المصابيح؛ جمع الجوامع: ج 1 ص 997 عن أبي داود؛ التذكرة: ص 240 إلّا أنّه قال: «يخرج رجل من وزراء المهدي يقال له الحرث بن الحراث»، و قال: «أو قال: إعانته»؛ ينابيع المودّة: ص 430 ب 72؛ التاج الجامع للاصول: ج 5 ص 344 و مصادر كثيرة اخرى.

من وراء النهر، يقال له: الحارث بن الحراث، على مقدّمته رجل يقال له: منصور، يوطّئ أو يمكّن لآل محمّد كما مكّنت قريش لرسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم، وجب على كلّ مؤمن نصره، أو قال: إجابته.و يدلّ عليه أيضا الحديث: 720.

الفصل الثاني و الأربعون في سيرته عليه السلام و فيه 47 حديثا

699-(1)-

الفتن: حدّثنا أبو معاوية، عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد- رضي الله عنه- عن النبي صلّى الله عليه [و آله] و سلّم قال: يخرج في آخر الزمان خليفة، يعطي المال بغير عدد.

700-(2)-

الفتن: حدّثنا عبد الرزّاق، عن معمر، عن قتادة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: إنّه سيخرج الكنوز، و يقسّم المال، و يلقي الإسلام بجرانه.

701-(3)-

الفتن: حدّثنا الوليد، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: يحثي المال حثيا، و لا يعدّه عدّا، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

702-(4)-

غيبة النعماني: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن رباح، قال: حدّثنا أحمد بن عليّ الحميري، قال: حدّثني الحسن بن أيّوب، عن عبد الكريم بن عمرو، قال:

حدّثنا أحمد بن الحسن بن أبان، قال: حدّثنا عبد الله بن عطاء المكي، عن شيخ من الفقهاء، يعني: أبا عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن سيرة المهدي كيف سيرته؟ فقال: يصنع كما صنع رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، يهدم ما كان قبله كما هدم رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم أمر الجاهليّة، و يستأنف الإسلام جديدا(5)

ص: 196


1- . الفتن: ج 5 ص 191.
2- . الفتن: ج 5 ص 192؛ الملاحم و الفتن: ص 69 ب 146، و جاء فيه: «معمر بن قتادة» و هو وهم.
3- . الفتن: ج 5 ص 192؛ الملاحم و الفتن: ص 69 ب 147؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 713 ب 54 ح 99 و قال: هذا حديث ثابت صحيح؛ أخرجه الحافظ مسلم في صحيحه و قد جاء فيه: «من خلفائكم خليفة» و لم يذكر ذيل الحديث؛ صحيح مسلم: ج 18 كتاب الفتن ص 39 و جاء فيه: «من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا» و لم يذكر ذيل الحديث.
4- . غيبة النعماني: باب ما روي في صفته و سيرته ص 230 ح 13؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 627 و 628 ب 37 في سيرته عليه السلام.
5- . المراد بهدمه ما قبله في هذه الرواية و غيرها: هدمه ما ظهر في الناس من السنن السيّئة، و العادات الذميمة، و القواعد الباطلة، و القوانين الناقصة الظالمة الّتي تظهر في آخر الزمان. و قوله: «و يستأنف الإسلام جديدا» أي يدعو إلى الإقرار و العمل بما درس من شرائع الإسلام.

703-(1)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا علي بن الحسن، عن أبيه، عن رفاعة بن موسى، عن عبد الله بن عطاء، قال: سألت أبا جعفر الباقر عليه السلام فقلت: إذا قام القائم عليه السلام بأيّ سيرة يسير في الناس؟ فقال: يهدم ما قبله كما صنع رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، و يستأنف الإسلام جديدا.

704-(2)-

قرب الإسناد: هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن جعفر، عن أبيه، أنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم أمر بالنزول على أهل الذمّة ثلاثة أيّام، و قال: إذا قام قائمنا اضمحلّت القطائع فلا قطائع.

705-(3)-

الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور، عن فضل الأعور، عن أبي عبيدة الحذّاء في حديث عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام- قال:

يا أبا عبيدة، إذا قام قائم آل محمّد عليهم السلام حكم بحكم داود و سليمان، لا يسأل بيّنة(4).

ص: 197


1- . غيبة النعماني: باب ما روي في صفته ص 232 ح 17؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 629 ب 37 في سيرته عليه السلام.
2- . قرب الإسناد: ص 39.
3- . الكافي: ج 1 ص 397 باب في الأئمّة عليهم السلام أنّهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود ح 1؛ البحار: ج 23 ص 85 و 86 ب 4 ح 28 و جاء في آخره: «لا يسأل الناس بيّنة»؛ بصائر الدرجات: ص 259 ب 15 ح 3 و جاء في آخره: «لا يسأل الناس بيّنة»؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 45 ح 404 ب 32؛ الخرائج و الجرائح: ج 2 ص 861 ذيل ح 77 و جاء في آخره «لا يسأل الناس بيّنة».
4- . ممّا يناسب المقام دفع شبهة أوردها علينا بعض المخالفين، و هي أنّ الإجماع قائم على أنّه لا نبيّ بعد رسول الله صلّى الله عليه و آله، و أنتم زعمتم أنّ القائم إذا قام لم يقبل الجزية من أهل الكتاب، و أنّه يقتل من بلغ العشرين و لم يتفقّه في الدين، و يأمر بهدم المساجد و المشاهد، و يحكم بحكم داود و لا يسأل عن بيّنة، و أشباه ذلك، و هذا يكون نسخا. و قد ذكر جماعة من العلماء الجواب عن هذه الشبهة في كتبهم، و نحن نقتصر في جوابها بما ذكره الشيخ الجليل الطبرسي في «إعلام الورى» قال: إنّا لا نعرف ما تضمّنه السؤال من أنّه لا يقبل الجزية من أهل الكتاب، و أنّه يقتل من بلغ العشرين و لم يتفقّه في الدين، فإن كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به، و أمّا هدم المساجد و المشاهد فممّا سمعناه، و يجوز أن يختصّ بهدم ما بني[ من] ذلك على غير تقوى الله، و على خلاف ما أمر الله به، و هذا مشروع قد فعله النبيّ، و أمّا ما روي أنّه يحكم بحكم داود لا يسأل عن بيّنة فهذا أيضا غير مقطوع به، و إن صحّ فتأويله أنّه يحكم بعلمه، و إذا علم الإمام أو الحاكم أمرا من الامور فعليه أن يحكم بعلمه و لا يسأل البيّنة، و ليس في هذا نسخ للشريعة، على أنّ هذا الّذي ذكروه من ترك قبول الجزية و استماع البيّنة لو صحّ لم يكن ذلك نسخا للشريعة، لأنّ النسخ هو ما تأخّر دليله عن حكم المنسوخ و لم يكن مصاحبا له، فأمّا إذا اصطحب الدليلان فلا يكون أحدهما ناسخا لصاحبه و إن كان يخالفه في الحكم، و لهذا اتّفقنا على أن الله لو قال: الزموا السبت إلى وقت كذا و كذا ثمّ لا تلتزموه، إنّ ذلك لا يكون نسخا؛ لأنّ الدليل الرافع مصاحب للدليل الموجب، و إذا صحّت هذه الجملة و كان النبيّ قد أعلمنا بأنّ القائم من ولده يجب اتّباعه و موافقته، فنحن إذا صرنا إلى ما يحكم به فينا، و إن خالف بعض الأحكام المتقدّمة غير عاملين بالنسخ؛ لأنّ النسخ لا يدخل فيما يصطحب الدليل، و هذا واضح، انتهى.

706-(1)- الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن أبان، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:

لا تذهب الدنيا حتّى يخرج رجل منّي، يحكم بحكومة آل داود، و لا يسأل بيّنة، يعطي كلّ نفس حقّها.

707-(2)-

الكافي: إسحاق، قال: حدّثني الحسن بن ظريف، قال: اختلج في صدري مسألتان أردت الكتاب فيهما إلى أبي محمّد عليه السلام، فكتبت أسأله عن القائم عليه السلام بما يقضي، و أين مجلسه الّذي يقضي فيه بين الناس؟ و أردت أن أسأله عن شي ء لحمّى الربع، فأغفلت خبر الحمّى، فجاء الجواب: سألت عن القائم، فإذا قام قضى بين الناس بعلمه كقضاء داود عليه السلام لا يسأل البيّنة، و كنت أردت أن تسأل لحمّى الربع فأنسيت، فاكتب في ورقة و علّقه على المحموم، فإنّه يبرأ بإذن الله إن شاء الله يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ، فعلّقنا عليه ما ذكر أبو محمّد عليه السلام فأفاق.

708-(3)-

التهذيب: محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن جعفر بن بشير، و محمّد بن عبد الله بن هلال، عن العلاء بن رزين القلا، عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن القائم- عجّل الله فرجه- إذا قام بأيّ سيرة يسير في الناس؟ فقال: بسيرة ما سار به رسول الله صلّى الله عليه و آله حتّى يظهر الإسلام، قلت: و ما كانت سيرة رسول الله صلّى الله عليه و آله؟

قال: أبطل ما كان في الجاهليّة و استقبل الناس بالعدل، و كذلك القائم عليه السلام إذا قام يبطل ما كان في الهدنة ممّا كان في أيدي الناس، و يستقبل بهم العدل.

709-(4)-

التهذيب: محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حمزة بن زيد، عن عليّ بن سويد، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: إذا قام قائمنا قال: يا معشر الفرسان! سيروا في وسط الطريق، يا معشرالرجال! سيروا على

ص: 198


1- . الكافي: ج 1 ص 397 و 398 باب في الأئمّة أنّهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود ح 2.
2- . الكافي: ج 1 ص 509 باب مولد أبي محمّد عليه السلام ح 13؛ الإرشاد: باب ذكر طرف من أخبار أبي محمّد عليه السلام ص 343 و فيه: «قال: حدّثني الحسين بن ظريف»، و ليس في متنه قوله: «فإنّه يبرأ ... إلى: إن شاء الله»، و في آخره: «فأفاق و برئ»؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 403 ب 31 ح 15؛ البحار: ج 95 ص 66 و 67 ب 55 ح 46 و ج 50 ص 264 ب 3 ح 24؛ المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 431 مختصرا؛ الخرائج و الجرائح: ج 1 ص 431 و 432 ح 10؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 413؛ إعلام الورى: ص 357؛ الدعوات لقطب الدين الراوندي: ص 209 الرقم 567.
3- . التهذيب: ج 6 ص 154 باب سيرة الإمام ح 1 (270)؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 377 ف 2 ب 32 ح 76.
4- . التهذيب: ج 10 ص 314 ب 28 ح 10 (1169)؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 379 ف 2 ب 32 ح 81 مختصرا.

جنبي الطريق، فأيّما فارس أخذ على جنبي الطريق فأصاب رجلا عيب ألزمناه الدية، و أيّما رجل أخذ في وسط الطريق فأصابه عيب فلا دية له.

710-(1)-

التهذيب: عنه (يعني عن محمّد بن الحسن الصفّار) عن يعقوب، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لن تبقى الأرض إلّا و فيها منّا عالم يعرف الحقّ من الباطل، قال: إنّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدم، فإذا بلغت التقيّة الدم فلا تقيّة، و ايم الله لو دعيتم لتنصرونا، لقلتم: لا نفعل، إنّما نتّقي، و لكانت التقيّة أحبّ إليكم من آبائكم و امّهاتكم، و لو قد قام القائم عليه السلام ما احتاج إلى مساءلتكم عن ذلك، و لأقام في كثير منكم من أهل النفاق حدّ الله.

711-(2)-التهذيب: عنه (أي: الحسين بن سعيد) عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنّ لي أرض خراج و قد ضقت بها، أ فأدعها؟ قال: فسكت عنّي هنيئة، ثمّ قال: إنّ قائمنا لو قد قام كان يصيبك من الأرض أكثر منها، و قال: و لو قد قام قائمنا عليه السلام كان للإنسان أفضل من قطائعهم.

712-(3)-

الخصال: حدّثنا أبي، و محمّد بن الحسن، و أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار- رضي الله عنهم- قالوا: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن مالك بن عطيّة، عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: سيأتي مسجدكم هذا- يعني مكّة- ثلاثمائة و ثلاثة عشر، يعلم أهل مكّة أنّهم لم يلدهم آباؤهم و لا أجدادهم، عليهم السيوف، مكتوب على كلّ سيف كلمة تفتح ألف كلمة، تبعث الريح، فتنادي بكلّ واد: هذا المهديّ يقضي بقضاء آل داود، لا يسأل عليه بيّنة.

و يدلّ عليه أيضا الأحاديث: 344، 345، 346، 368، 383، 403، 405، 419، 425، 426، 432، 466، 481، 484، 535، 583، 682، 689، 692 إلى 695، 713 إلى 718، 719، 726، 732، 1115، 1199.

ص: 199


1- . التهذيب: ج 6 ص 172 ب 79 ح 13 (335).
2- . التهذيب: ج 7 ص 149 باب أحكام الأرضين ح 6 (660)؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 378 ب 32 ف 2 ح 78.
3- . الخصال: ج 2 ص 649 ح 43؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 455 ح 261 ب 32 ف 8، و ج 7 ص 91 و 92 ح 539 مع اختلاف متنا و سندا، و كذلك جاء في غيبة النعماني: ص 314 و 315 ح 7.

الفصل الثالث و الأربعون في زهده عليه السلام و فيه 6 أحاديث

713-(1)-

غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدّثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسن الجعفي، قال:

حدّثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدّثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه و وهيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال:

إذا خرج القائم لم يكن بينه و بين العرب و قريش إلّا السيف، ما يأخذ منها إلّا السيف، و ما يستعجلون بخروج القائم؟ و الله ما لباسه إلّا الغليظ، و ما طعامه إلّا الشعير الجشب، و ما هو إلّا السيف، و الموت تحت ظلّ السيف.

714-(2)-

غيبة النعماني: أخبرنا علي بن الحسين، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار بقم، قال: حدّثنا محمّد بن حسّان الرازي، قال:

حدّثنا محمّد بن علي الكوفي، عن معمّر بن خلاد، قال: ذكر القائم عند أبي الحسن الرضا عليه السلام، فقال: أنتم اليوم أرخى بالا منكم يومئذ، قالوا: و كيف؟ قال: لو قد خرج قائمنا عليه السلام لم يكن إلّا العلق و العرق و النوم على السروج، و ما لباس القائم عليه السلام إلّا الغليظ، و ما طعامه إلّا الجشب.

715-(3)-

غيبة النعماني: أخبرنا علي بن الحسين، بإسناده عن محمّد بن علي الكوفي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: ما تستعجلون بخروج القائم؟ فو الله ما لباسه إلّا الغليظ، و لا طعامه إلّا الجشب، و ما هو إلّا السيف، و الموت تحت ظلّ السيف.

716-(4)- الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن المعلّى بن خنيس، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام يوما: جعلت فداك، ذكرت آل فلان و ما هم فيه من النعيم، فقلت: لو كان هذا

ص: 200


1- . غيبة النعماني: ص 234 باب 13 ح 21؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 79 ب 32 ف 27 ح 504 مختصرا؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 629 و 630 ب 37.
2- . غيبة النعماني: ص 285 ب 15 ح 5، إثبات الهداة: ج 7 ص 85 ب 32 ف 27 ح 527.
3- . غيبة النعماني: ص 233 ب 13 ح 20؛ غيبة الشيخ: ص 277 بسند آخر و هو: «عنه- يعني الفضل- عن عبد الرحمن[ بن] أبي هاشم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام»، و متنه كما في الغيبة إلّا أنّ فيه زيادة لفظ «الشعير» قبل «الجشب»؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 79 ب 32 ف 27 ح 503؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 629 ب 37.
4- . الكافي: ج 1 باب سيرة الإمام في نفسه ... إذا ولي الأمر ص 410 ح 2.

إليكم لعشنا معكم، فقال: هيهات يا معلّى! أما و الله أن لو كان ذاك ما كان إلّا سياسة الليل، و سياحة النهار، و لبس الخشن، و أكل الجشب، فزوي ذلك عنّا، فهل رأيت ظلامة قطّ صيّرها الله تعالى نعمة إلّا هذه.

717-(1)-

غيبة النعماني: حدّثنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس، قال: حدثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهلي، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، قال: حدّثنا عبد الله بن حمّاد الأنصاري، عن المفضّل بن عمر، قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام بالطواف، فنظر إليّ و قال لي: يا مفضّل مالي أراك مهموما متغيّر اللون؟ قال: فقلت له: جعلت فداك، نظري إلى بني العبّاس و ما في أيديهم من هذا الملك و السلطان و الجبروت، فلو كان ذلك لكم لكنّا فيه معكم، فقال:

يا مفضّل! أما لو كان ذلك لم يكن إلّا سياسة الليل، و سياحة النهار، و أكل الجشب، و لبس الخشن، شبه أمير المؤمنين عليه السلام، و إلّا فالنار، فزوي ذلك عنّا، فصرنا نأكل و نشرب، و هل رأيت ظلامة جعلها الله نعمة مثل هذا؟

718-(2)-

غيبة النعماني: أخبرنا أبو سليمان، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق، قال: حدّثنا عبد الله بن حمّاد، عن عمرو بن شمر، قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام في بيته، و البيت غاصّ بأهله، فأقبل الناس يسألونه، فلا يسأل عن شي ء إلّا أجاب فيه، فبكيت من ناحية البيت، فقال: ما يبكيك يا عمرو؟ قلت: جعلت فداك، و كيف لا أبكي؟ و هل في هذه الامّة مثلك، و الباب مغلق عليك، و الستر مرخى عليك؟ فقال: لا تبك يا عمرو، نأكل أكثر الطيب، و نلبس اللين، و لو كان الّذي تقول لم يكن إلّا أكل الجشب، و لبس الخشن، مثل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، و إلّا فمعالجة الأغلال في النار.

الفصل الرابع و الأربعون

في كمال عدالته، و بسط العدل و الأمنيّة في دولته و فيه 17 حديثا

719-(3)-

الإرشاد: و روى علي بن عقبة، عن أبيه، قال: إذا قام القائم عليه السلام حكم بالعدل، و ارتفع في أيّامه الجور، و أمنت به السبل، و أخرجت الأرض بركاتها، و ردّ كلّ حقّ إلى أهله، و لم يبق أهل دين حتّى يظهروا الإسلام و يعترفوا بالإيمان، أ ما سمعت الله سبحانه يقول: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً

ص: 201


1- . غيبة النعماني: ص 286 و 287 ب 1 ح 7؛ البحار: ج 52 ص 359 ب 27 ح 127 مع اختلاف في السند.
2- . غيبة النعماني: ص 287 و 288 ب 15 ح 8؛ البحار: ج 52 ص 360 ب 27 ح 128.
3- . الإرشاد: ص 364 و 365؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 465 و 466 و فيه: «و روى علي بن عقبة عن أبي عبد الله عليه السلام»، إعلام الورى: ص 432، البحار: ج 52، ص 338، ح 83.

وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (1)، و حكم بين الناس بحكم داود و حكم محمّد صلّى الله عليه و آله، فحينئذ تظهر الأرض كنوزها، و تبدي بركاتها، و لا يجد الرجل منكم يومئذ موضعا لصدقته و لا لبرّه، لشمول الغنى جميع المؤمنين، ثمّ قال: إنّ دولتنا آخر الدول، و لم يبق أهل بيت لهم دولة إلّا ملكوا قبلنا، لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا بمثل سيرة هؤلاء، و هو قول الله تعالى: وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ*.

720-(2)-

المحجّة: قال أبو جعفر عليه السلام: يقاتلون و الله حتّى يوحّد الله و لا يشرك به شيئا، و حتّى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب و لا ينهاها أحد، و يخرج الله من الأرض بذرها، و ينزل من السماء قطرها، و يخرج الناس خراجهم على رقابهم إلى المهدي عليه السلام، الحديث.

721-(3)-

الفتن: حدّثنا معتمر بن سليمان [معمر بن سليمان]، عن جعفر بن سيّار الشامي، قال: يبلغ من ردّ المهدي عليه السلام المظالم حتّى لو كان تحت ضرس إنسان شي ء انتزعه حتّى يردّه.

و يدلّ عليه الأحاديث: 367، 368، 455، 505، 538، 554، 584، 726، 1204، 1210، 1213، 1214، 1217، 1246، و أحاديث كثيرة اخرى.

الفصل الخامس و الأربعون في علمه عليه السلام و فيه 6 أحاديث

722-(4)-

عقد الدرر: عن الحارث بن المغيرة النضري [النصري]، قال: قلت لأبي عبد الله الحسين بن علي عليه السلام: بأيّ شي ء يعرف الإمام المهدي؟ قال: بالسكينة و الوقار، قلت: و بأيّ شي ء قال: بمعرفة الحلال و الحرام، و بحاجة الناس إليه و لا يحتاج إلى أحد.

ص: 202


1- . آل عمران: 83.
2- . المحجّة: ص 79- 84 الآية 22؛ و رواه في الينابيع: ص 423 ب 71 عن زرارة عنه عليه السلام مع اختلاف لفظي يسير، تفسير العيّاشي: و الحديث طويل، فيه بعض كيفيّات خروجه و تفاصيل اخرى راجعه إن شئت ج 2 ص 56- 61.
3- . الفتن ص 191 ح 5؛ الملاحم و الفتن ص 68 ب 139 عن نعيم؛ عقد الدرر: ص 36 ب 3 إلّا أنّه قال: «جعفر بن يسار الشامي».
4- . عقد الدرر: ص 41 ب 3. أقول: أبو عبد الله المروي عنه الحديث هو الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام، لا مولانا الإمام أبو عبد الله الحسين السبط سيّد شباب أهل الجنّة عليه السلام، و قد وقع السهو و الاشتباه في ذلك في عدّة مواضع من كتاب عقد الدرر، و لا أدري أنّ السهو من مؤلفه، أو من كتاب أخرج الحديث منه، أو من النسّاخ. و الحارث بن المغيرة نصري النسبة، من بني نصر كما حكي في معجم رجال الحديث عن الكشّي، روى عن الإمام أبي جعفر محمّد الباقر، و ابنه الإمام جعفر بن محمّد، و ابنه الإمام موسى بن جعفر، و زيد الشهيد عليهم السلام. و في لسان الميزان ج 2 ص 160: «الحارث بن المغيرة النضري- بالنون-، البصري- بالموحّدة-، روى عن الباقر و أخيه زيد بن علي و جعفر بن محمّد رضي الله عنهم، ذكره الطوسي و ابن النجاشي في رجال الشيعة و وثّقاه، و قال علي بن الحكم: كان من أورع الناس، روى عنه: ثعلبة بن ميمون، و هشام بن سالم، و جعفر بن بشير، و آخرون».

723-(1)-

كمال الدين: علي بن أحمد بن موسى- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدّثنا إسماعيل بن مالك، عن محمّد بن سنان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال:

إنّ العلم بكتاب الله عزّ و جلّ و سنّة نبيّه صلّى الله عليه و آله لينبت في قلب مهديّنا كما ينبت الزرع على أحسن نباته، فمن بقي منكم حتّى يراه فليقل حين يراه: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة و النبوّة و معدن العلم و موضع الرسالة.

724-(2)-

غيبة النعماني: حدّثنا علي بن أحمد، قال: حدّثني عبيد الله بن موسى العلوي، عن أبي محمّد موسى بن هارون بن عيسى المعبدي، قال: حدّثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، قال: حدّثنا سليمان بن بلال، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد عليهما السلام، عن أبيه، عن جدّه، عن الحسين بن علي عليهم السلام، قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال له: يا أمير المؤمنين، نبّئنا بمهديّكم هذا؟فقال: إذا درج الدارجون، و قلّ المؤمنون، و ذهب المجلبون، فهناك هناك، فقال: يا أمير المؤمنين ممّن الرجل؟ فقال: من بني هاشم، من ذروة طود العرب، و بحر مغيضها إذا وردت، و مخفر أهلها إذا اتيت، و معدن صفوتها إذا اكتدرت، لا يجبن إذا المنايا هكعت، و لا يخور إذا المنون اكتنعت، و لا ينكل إذا الكماة اصطرعت، مشمّر، مغلولب، ظفر، ضرغامة، حصد، مخدش، ذكر، سيف من سيوف الله، رأس، قثم، نشوء رأسه في باذخ السؤدد، و عارز مجده في أكرم المحتد، فلا يصرفنّك عن بيعته صارف عارض، ينوص إلى الفتنة كلّ مناص، إن قال فشرّ قائل، و إن سكت فذو دعائر.

ثمّ رجع إلى صفة المهدي عليه السلام فقال: أوسعكم كهفا، و أكثركم علما، و أوصلكم رحما، اللهمّ فاجعل بعثه خروجا من الغمّة، و اجمع به شمل الامّة، فإن خار الله لك فاعزم، و لا تنثن عنه إن وفّقت له، و لا تجوزنّ عنه إن هديت إليه، هاه- و أومأ بيده الى صدره- شوقا إلى رؤيته.

ص: 203


1- . كمال الدين: ج 2 ص 653 ب 57 ح 18؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 557 ب 15 و جاء فيه: «حتّى يلقاه» بدل «حتّى يراه»، و ص 639 ب 42؛ البحار: ج 52 ص 317 و 318 ب 27 ح 16.
2- . غيبة النعماني: ص 212- 214 ب 13 ح 1.

725-(1)-

سنن الداني: قال ابن شوذب: إنّما سمّي المهدي لأنّه يهدي إلى جبل من جبال الشام، يستخرج منه أسفار التوراة، يحاجّ بها اليهود، فيسلم على يديه جماعة من اليهود.

و يدلّ عليه الحديثان: 726 و 1182.

الفصل السادس و الأربعون

في جوده عليه السلام، و أنّه يقسّم المال و لا يعدّه و فيه 29 حديثا

726-(2)-

علل الشرائع: حدّثنا أبي- رحمه الله- قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبد الله بن المغيرة، عن سفيان بن عبد المؤمن الأنصاري، عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: أقبل رجل إلى أبي جعفر عليه السلام و أنا حاضر، فقال: رحمك الله، اقبض هذه الخمسمائةدرهم فضعها في موضعها، فإنّها زكاة مالي، فقال له أبو جعفر عليه السلام: بل خذها أنت فضعها في جيرانك و الأيتام و المساكين، و في إخوانك من المسلمين، إنّما يكون هذا إذا قام قائمنا، فإنّه يقسّم بالسويّة، و يعدل في خلق الرحمن، البرّ منهم و الفاجر، فمن أطاعه فقد أطاع الله، و من عصاه فقد عصى الله، فإنّما سمّي المهدي لأنّه يهدي إلى أمر خفيّ، يستخرج التوراة و سائر كتب الله من غار بأنطاكية، فيحكم بين أهل التوراة بالتوراة، و بين أهل الإنجيل بالإنجيل، و بين أهل الزبور بالزبور، و بين أهل الفرقان بالفرقان، و تجمع إليه أموال الدنيا كلّها، ما في بطن الأرض و ظهرها، فيقول للناس، تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام، و سفكتم فيه الدماء، و ركبتم فيه محارم الله، فيعطي شيئا لم يعط أحد كان قبله، قال: و قال رسول الله صلّى الله عليه و آله: و هو رجل منّي، اسمه كاسمي، يحفظني الله فيه، و يعمل بسنّتي، يملأ الأرض قسطا و عدلا و نورا بعد ما تمتلئ ظلما و جورا و سوءا.

727-(3)-

المصنّف: أخبرنا عبد الرزّاق، عن معمر، عن سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله، قال: يكون على الناس إمام، لا يعدّ لهم الدراهم و لكن يحثو.

ص: 204


1- . عقد الدرر: ص 40 و 41 ب 3، البرهان: ص 157 ب 8 ح 7؛ و في إسعاف الراغبين ص 139 ب 2: و جاء في روايات: «...، و أنّ المهدي يستخرج تابوت السكينة من غار أنطاكية، و أسفار التوراة من جبل بالشام يحاجّ بها اليهود، فيسلم كثير منهم». أقول: جاء ترجمة «ابن شوذب»، و هو عبد الله بن شوذب الخراساني في «تهذيب التهذيب»، و إنّما ذكرنا قوله في الأحاديث بناء على أنّهم كانوا لا يقولون في مثل هذه الأمور الّتي لا يعلمها إلّا من اوتي علمها من الله تعالى، إلّا بما وصل إليهم من رسول الله صلّى الله عليه و آله، و مع ذلك حيث ورد نحو هذا عن كعب الأحبار المعلوم حاله، يحتمل أن يكون هو الأصل فيما قاله ابن شوذب و غيره من غير اعتماد على حديث رسول الله صلّى الله عليه و آله، فلا اعتماد بقوله.
2- . علل الشرائع: ج 1 ب 129 ص 161 ح 3؛ البحار: ج 51 ص 29 ح 2؛ غيبة النعماني: ص 237 ب 13 ح 26 بسنده عن جابر نحوه؛ البحار: ج 52 ص 350 و 351 ب 27 ح 103 مع اختلاف؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 556 ب 14.
3- . المصنّف: ج 11 ب المهدي ح 20774.

728-(1)-

صحيح مسلم: حدّثنا زهير بن حرب، و عليّ بن حجر- و اللفظ لزهير- قالا: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن الجريري، عن أبي نضرة، قال: كنّا عند جابر بن عبد الله، فقال: يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز و لا درهم، قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل العجم يمنعون ذاك. ثمّ قال: يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار و لا مدي، قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل الروم، ثمّ سكت هنيئة، ثمّ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: يكون في آخر أمّتي خليفة يحثي المال حثيا، لا يعدّه عددا.

قال: قلت لأبي نضرة و أبي العلاء: أ تريان أنّه عمر بن عبد العزيز؟

فقالا: لا.

و حدّثنا ابن المثنّى، حدّثنا عبد الوهاب، حدّثنا سعيد- يعني: الجريري- بهذا الإسناد نحوه.

729-(2)-

صحيح مسلم: حدّثنا نصر بن علي الجهضمي، حدّثنا بشر- يعني: ابن المفضّل- ح؛ و حدّثنا علي بن حجر السعدي، حدّثنا إسماعيل- يعني ابن علية- كلاهما عن سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة،عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا، لا يعدّه عددا.

و في رواية ابن حجر: يحثي المال.

ص: 205


1- . صحيح مسلم: ج 8 ص 185؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 713 ب 54 ح 98 مع اختصار، كشف الغمّة: ج 2 ص 482، و جاء بدل «يجبى»: «يجي ء»، و بدل «مدي»: «مدّ»، البيان في أخبار صاحب الزمان: ص 121 ب 10.
2- . صحيح مسلم: ج 8 ص 185. أقول: في حاشية صحيح مسلم (النسخة المطبوعة الّتي أخرجنا الحديث منها) ما لفظه: «و في الآبي ذكر الترمذي و أبو داود هذا الخليفة، و سمّياه بالمهدي، انتهى». و لا ريب في أنّ هذا الخليفة هو المهدي عليه السلام، سيّما بقرينة سائر الروايات الّتي جاء فيها: «في آخر أمّتي»، و «في آخر الزمان» كما لا يخفى على أحد من الحذّاق في علم الحديث أنّ ما جاء في إمام يقوم في آخر الزمان، أو خليفة، أو من يملأ الأرض قسطا و عدلا، أو من يفعل كذا و كذا كلّها يرجع إلى شخص واحد متّصف بجميع هذه الصفات، و هو المهدي عليه السلام. قال الشيخ علي ناصف في «غاية المأمول» ج 5 ص 311: هذا هو المهدي- رضي الله عنه- بدليل الحديث الآتي (المذكور فيه المهدي عليه السلام تصريحا) و ذلك لكثرة الغنائم و الفتوحات، مع سخاء نفسه، و بذله الخير لكلّ الناس. حلية الأبرار: ج 2 ص 713 ب 54 ح 99، كشف الغمّة: ج 2 ص 483؛ البيان في أخبار صاحب الزمان: ص 122 ب 10، و مصادر اخرى.

730-(1)-

صحيح مسلم: حدّثني زهير بن حرب، حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدّثنا أبي، حدّثنا داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد و جابر بن عبد الله، قالا: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: يكون في آخر الزمان خليفة يقسّم المال و لا يعدّه.

و حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا أبو معاوية، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النّبي صلّى الله عليه [و آله] و سلّم بمثله.

731-(2)-

سنن الترمذي: حدّثنا محمّد بن بشّار، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، قال: سمعت زيدا العمّي قال: سمعت أبا الصدّيق الناجي يحدّث عن أبي سعيد الخدري، قال: خشينا أن يكون بعد نبيّنا حدث، فسألنا نبيّ الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم، فقال: إنّ في أمّتي المهديّ، يخرج يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا- زيد الشاكّ- قال: قلنا: و ما ذاك؟ قال: سنين، قال: فيجي ء إليه رجل فيقول:

يا مهديّ! أعطني أعطني، قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله.قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، و قد روي من غير وجه عن أبي سعيد، عن النبيّ صلّى الله عليه [و آله] و سلّم. و أبو الصدّيق الناجي اسمه: بكر بن عمرو، و يقال: بكر بن قيس.

732-(3)-

الفتن: حدّثنا فضيل بن عيّاض و ابن عيينة جميعا، عن ليث، عن طاوس، قال: علامة المهديّ أن يكون شديدا على العمّال، جوادا بالمال، رحيما بالمساكين.

733-(4)-

الفتن: حدّثنا عبد الرزّاق، عن معمر، عن قتادة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: إنّه- يعني: المهديّ عليه السلام- سيخرج الكنوز، و يقسّم المال، و يلقي الإسلام بجرانه.

734-(5)-

الفتن: حدّثنا ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، قال:

قال طاوس: وددت أنّي لا أموت حتّى أدرك زمان المهدي، يزاد المحسن في إحسانه، و يتاب على المسي ء.

ص: 206


1- . صحيح مسلم: ج 8 ص 185، حلية الأبرار: ج 2 ص 713 ب 54 ح 100؛ البيان في أخبار صاحب الزمان: ص 122 و 123؛ مسند أحمد بن حنبل: ج 3 ص 333 و ص 38؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 483.
2- . سنن الترمذي: ج 4 ص 506؛ كتاب الفتن (34) ب 53 ح 2232؛ مصابيح السنّة: ج 2 ص 194 ب أشراط الساعة؛ كنز العمّال: ج 14 ص 262 ح 38654؛ منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 29، ينابيع المودّة: ص 431 و 435؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 478.
3- . الفتن: ج 5 ص 191؛ عقد الدرر: ص 167 ب 8.
4- . الفتن: ج 5 ص 193.
5- . الفتن: ج 5 ص 193؛ عقد الدرر: ص 143 ب 7.

(و فيه أيضا قال:) حدّثنا حميد الرواسي، عن محمّد بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس قال: إذا كان المهديّ زيد المحسن في إحسانه، و تيب على المسي ء من إساءته، و هو يبذل المال، و يشدّ على العمّال، و يرحم المساكين.

735-(1)-

الفتن: حدّثنا يحيى، عن سيف بن واصل، عن أبي يونس، عن أبي رؤبة، قال: المهديّ كأنّما يلعق المساكين الزبد.

و يدلّ عليه أيضا الأحاديث: 160، 358، 379، 380، 383 إلى 389، 436، 437، 453، 503، 583، 699، 700، 701.

الفصل السابع و الأربعون

في أنّ الله تعالى يظهر على يده معجزات الأنبياء لإتمام الحجّة على الأعداء و أنّ معه مواريث الأنبياء و راية رسول الله صلّى الله عليه و آله و فيه 15 حديثا

736-(2)-

غيبة النعماني: أخبرنا أبو سليمان أحمد بن هوذة، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، قال: حدّثنا عبد الله بن حمّاد الأنصاري، قال: حدّثنا أبو الجارود زياد بن المنذر، قال: قال أبو جعفرمحمّد بن علي عليهما السلام: إذا ظهر القائم عليه السلام ظهر براية رسول الله صلّى الله عليه و آله، و خاتم سليمان، و حجر موسى و عصاه، ثمّ يأمر مناديه فينادي: ألا لا يحملنّ رجل منكم طعاما و لا شرابا و لا علفا، فيقول أصحابه: إنّه يريد أن يقتلنا و يقتل دوابّنا من الجوع و العطش، فيسير و يسيرون معه، فأوّل منزل ينزله يضرب الحجر فينبع منه طعام و شراب و علف، فيأكلون و يشربون دوابّهم، حتّى ينزلوا النجف بظهر الكوفة.

737-(3)-

الأمالي للشيخ المفيد: قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه- رحمه الله- عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن مسكان، عن بشير الكناسي، عن أبي خالد الكابلي، قال: قال لي علي بن الحسين عليهما السلام: يا أبا خالد: لتأتينّ فتن كقطع الليل المظلم، لا ينجو إلّا من أخذ الله ميثاقه، اولئك مصابيح الهدى، و ينابيع العلم، ينجّيهم الله من كلّ فتنة مظلمة، كأنّي بصاحبكم قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان في ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا، جبرئيل عن يمينه، و ميكائيل عن شماله، و إسرافيل أمامه، معه راية رسول الله صلّى الله عليه و آله قد نشرها، لا يهوي بها إلى قوم إلّا أهلكهم الله عزّ و جلّ.

ص: 207


1- . الفتن: ج 5 ص 191؛ عقد الدرر: ص 227 ب 9 ف 3.
2- . غيبة النعماني: ص 238 ب 13 ح 28؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 579 ب 19.
3- . الأمالي: ص 45 المجلس السادس ح 5.

738-(1)-

غيبة فضل بن شاذان: حدّثنا أحمد بن محمّد بن أبي نصر- رضي الله عنه- قال: حدّثنا حمّاد بن عيسى، قال: حدّثنا عبد الله بن أبي يعفور، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمّد عليهما السلام: ما من معجزة من معجزات الأنبياء و الأوصياء إلّا يظهر الله تبارك و تعالى مثلها على يد قائمنا، لإتمام الحجّة على الأعداء.

739-(2)-

الكافي: محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عبد الله بن محمّد، عن منيع بن الحجّاج البصري، عن مجاشع، عن معلّى، عن محمّد بن الفيض، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كانت عصا موسى لآدم عليه السلام، فصارت إلى شعيب، ثمّ صارت إلى موسى بن عمران، و إنّها لعندنا، و إنّ عهدي بها آنفا، و هي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرتها، و إنّها لتنطق إذا استنطقت، اعدّتلقائمنا عليه السلام، يصنع بها ما كان يصنع موسى، و إنّها لتروّع و تلقف ما يأفكون، و تصنع ما تؤمر به، إنّها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون، يفتح لها شعبتان: إحداهما في الأرض، و الاخرى في السقف، و بينهما أربعون ذراعا تلقف ما يأفكون بلسانها.

740-(3)-

الكافي: محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي سعيد الخراساني، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إنّ القائم إذا قام بمكّة و أراد أن يتوجّه إلى الكوفة نادى مناديه: ألا لا يحمل أحد منكم طعاما و لا شرابا، و يحمل حجر موسى بن عمران و هو وقر بعير، فلا ينزل منزلا إلّا انبعث عين منه، فمن كان جائعا شبع، و من كان ظامئا روي، فهو زادهم حتّى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة.

741-(4)-

كمال الدين: و بهذا الإسناد(5)، عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: كأنّي أنظر إلى القائم عليه السلام على ظهر النجف، فإذا استوى على ظهر النجف ركب فرسا أدهم أبلق، بين عينيه شمراخ،

ص: 208


1- . كفاية المهتدي (الأربعين): ص 141 ح 37؛ كشف الحقّ (الأربعين): ص 67 ح 13؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 700 ب 33 ف 7 ح 137 عن كتاب الفضل بن شاذان.
2- . الكافي: ج 1 ص 231 باب ما عند الأئمّة من آيات الأنبياء عليهم السلام ح 1؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 439 ب 32 ح 2؛ بصائر الدرجات: الجزء الرابع باب ما عند الأئمّة عليهم السلام من سلاح رسول الله صلّى الله عليه و آله و ... ص 183 ح 36، البحار: ج 52 ص 27 ص 318 و 319 ح 19، كمال الدين: ج 2 ص 674 ب 58 ح 27، حلية الأبرار: ج 2 ص 578 ب 19.
3- . الكافي: ج 1 ص 231 باب ما عند الأئمّة من آيات الأنبياء عليهم السلام ح 3؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 579 ب 19؛ كمال الدين: ج 2 ص 670 و 671 ب 58 ح 17 مع اختلاف؛ كشف الحقّ: ص 207 ح 37 مختصرا مع اختلاف في السند؛ البحار: ج 52 ص 324 ب 27 ح 37 مع اخلاف يسير في اللفظ و السند؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 351 ب 32 ح 3.
4- . كمال الدين: ج 2 ص 671 و 672 ب 58 ح 22؛ البحار: ج 52 ص 325 ب 27 ح 40؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 642 ب 44 مختصرا؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 493 ب 32 ح 244 و 245 مختصرا.
5- . أي: «ابن الوليد، عن الصفّار، عن يعقوب، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان».

ثمّ ينتفض به فرسه، فلا يبقى أهل بلدة إلّا و هم يظنّون أنّه معهم في بلادهم، فإذا نشر راية رسول الله صلّى الله عليه و آله انحطّ إليه ثلاثة عشر ألف ملك و ثلاثة عشر ملكا، كلّهم ينتظر القائم عليه السلام، و هم الذين كانوا مع نوح عليه السلام في السفينة، و الّذين كانوا مع إبراهيم الخليل عليه السلام حيث ألقي في النار، و كانوا مع عيسى عليه السلام حيث رفع، و أربعة آلاف مسوّمين و مردفين و ثلاثمائة و ثلاثة عشر ملكا يوم بدر، و أربعة آلاف ملك الّذين هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن عليّ عليهما السلام، فلم يؤذن لهم فصعدوا في الاستئذان، و هبطوا و قد قتل الحسين عليه السلام، فهم شعث غبر، يبكون عند قبر الحسين عليه السلام إلى يوم القيامة، و ما بين قبر الحسين عليه السلام إلى السماء مختلف الملائكة.

742-(1)-

كمال الدين: و بهذا الإسناد، عن أبان بن تغلب، قال:حدّثني أبو حمزة الثمالي، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: كأنّي أنظر الى القائم عليه السلام قد ظهر على نجف الكوفة، فإذا ظهر على النجف نشر راية رسول الله صلّى الله عليه و آله، [و] عمودها من عمد عرش الله تعالى، و سائرها من نصر الله عزّ و جلّ، و لا تهوى بها إلى أحد إلّا أهلكه الله تعالى، قال: قلت: أو تكون معه أو يؤتى بها؟ قال: بلى، يؤتى بها، يأتيه بها جبرئيل عليه السلام.

743-(2)-

غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدّثنا محمّد بن المفضّل بن إبراهيم، و سعدان بن إسحاق بن سعيد، و أحمد بن الحسين بن عبد الملك، و محمّد بن أحمد بن الحسن القطواني، قالوا جميعا: حدّثنا الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عصا موسى قضيب آس من غرس الجنّة، أتاه بها جبرائيل عليه السلام لما توجّه تلقاء مدين، و هي و تابوت آدم في بحيرة طبريّة، و لن يبليا و لن يتغيّرا حتّى يخرجهما القائم عليه السلام إذا قام.

744-(3)-

كامل الزيارات: حدّثني الحسين بن محمّد بن عامر، عن أحمد بن إسحاق بن سعد، عن سعدان بن مسلم، عن عمر بن أبان، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كأنّي بالقائم على نجف الكوفة و قد لبس درع رسول الله صلّى الله عليه و آله، فينتفض هو بها فتستدير عليه، فيغشاها بحداجة من استبرق، و

ص: 209


1- . كمال الدين: ج 2 ص 672 ب 58 ح 23؛ البحار: ج 52 ص 326 ب 27 ح 41؛ النوادر: ص 182 كتاب أنباء القائم عليه السلام ب 66؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 493 ب 32 ح 245 مختصرا.
2- . غيبة النعماني: ص 238 ب 13 ح 27؛ البحار: ج 52 ص 351 ح 104 ب 27؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 540- 541 ب 32 ف 27 ح 508؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 579- 580 ب 19.
3- . كامل الزيارات: ص 119 و 120 ب 41 ح 5؛ البحار: ج 52 ص 328 ح 48 و ص 391 ب 27 ح 214 عن الكتاب المذكور نحوه؛ دلائل الإمامة: ص 243 ب معرفة وجوب القائم مع اختلاف في بعض الألفاظ؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 493 ب 32 ح 244 مختصرا؛ العدد القوية: ص 74.

يركب فرسا أدهم بين عينه شمراخ، فينتفض به انتفاضة لا يبقى أهل بلد إلّا و هم يرون أنّه معهم في بلادهم، فينشر راية رسول الله صلّى الله عليه و آله، عمودها من عمود العرش، و سائرها من نصر الله، لا يهوي بها إلى شي ء أبدا إلّا هتكه الله، فإذا هزّها لم يبق مؤمن إلّا صار قلبه كزبر الحديد، و يعطى المؤمن قوّة أربعين رجلا، و لا يبقى مؤمن إلّا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره، و ذلك حين يتزاورون في قبورهم، و يتباشرون بقيام القائم، فينحطّ عليه ثلاثة عشر ألف ملك و ثلاثمائة و ثلاثة عشر ملكا، قلت: كلّ هؤلاء الملائكة؟ قال: نعم، الّذين كانوا مع نوح في السفينة، و الّذين كانوا مع إبراهيم حين القي في النار، و الّذين كانوا مع موسى حين فلق البحر لبني إسرائيل، و الّذين كانوا مع عيسى حين رفعه الله إليه، و أربعة آلاف ملك مع النبيّ صلّى الله عليه و آله مسوّمينو ألف مردفين و ثلاثمائة و ثلاثة عشر ملائكة بدريّين، و أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين عليه السلام فلم يؤذن لهم في القتال، فهم عند قبره شعث غبر، يبكونه إلى يوم القيامة، و رئيسهم ملك يقال له: منصور، فلا يزوره زائر إلّا استقبلوه، و لا يودّعه مودّع إلّا شيّعوه، و لا يمرض مريض إلّا عادوه، و لا يموت ميّت إلّا صلّوا على جنازته و استغفروا له بعد موته، و كلّ هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم عليه السلام إلى وقت خروجه عليه صلوات الله و السلام.

745-(1)-

غيبة النعماني: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر القرشي، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب قال: حدّثنا محمّد بن سنان، عن حمّاد بن أبي طلحة، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا ثابت! كأني بقائم أهل بيتي قد أشرف على نجفكم هذا- و أومأ بيده إلى ناحية الكوفة- فإذا هو أشرف على نجفكم نشر راية رسول الله صلّى الله عليه و آله، فإذا هو نشرها انحطّت عليه ملائكة بدر، قلت: و ما راية رسول الله صلّى الله عليه و آله؟ قال: عمودها من عمد عرش الله و رحمته، و سائرها من نصر الله، لا يهوي بها إلى شي ء إلّا أهلكه الله، قلت: فمخبوّة عندكم حتّى يقوم القائم عليه السلام، أم يؤتى بها؟ قال:

بل يؤتى بها، قلت: من يأتيه بها؟ قال: جبرئيل عليه السلام.

746-(2)-

غيبة النعماني: حدّثنا محمّد بن همّام، قال: حدّثنا أحمد بن مابنداذ، قال: حدّثنا أحمد بن هلال، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي المغراء، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لمّا التقى أمير المؤمنين عليه

ص: 210


1- . غيبة النعماني: ص 308 و 309 ب 19 ح 3؛ البحار: ج 52 ص 361 و 362 ب 27 ح 130؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 545- 546 ب 32 ح 534.
2- . غيبة النعماني: ص 307 ب 19 ح 1؛ البحار: ج 52 ص 367 ب 27 ح 151؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 544- 545 ب 32 ح 532.

السلام و أهل البصرة نشر الراية- راية رسول الله صلّى الله عليه و آله- فزلزلت أقدامهم، فما اصفرّت الشمس حتّى قالوا:

آمنّا يا ابن أبي طالب، فعند ذلك قال: لا تقتلوا الأسرى، و لا تجهزوا الجرحى، و لا تتبّعوا مولّيا، و من ألقى سلاحه فهو آمن، و من أغلق بابه فهو آمن، و لمّا كان يوم صفّين سألوه نشر الراية فأبى عليهم، فتحمّلوا عليه بالحسن و الحسين عليهما السلام و عمّار بن ياسر رضي الله عنه فقال للحسن: يا بنيّ، إنّ للقوم مدّة يبلغونها، و إنّ هذه راية لا ينشرها بعدي إلّا القائم صلوات الله عليه.747-(1)- الفتن: حدّثنا يحيى بن اليمان، عن قيس، عن عبد الله بن شريك، قال: مع المهديّ راية رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم المغلبة.

أقول: و في هذا الباب عن كعب الأحبار روايات تركناها استغناء عن مثلها.

و يدلّ عليه أيضا الأحاديث: 373، 555، 1213.

الفصل الثامن و الأربعون

في أنّه لا يظهر إلّا بعد امتحان شديد، و وقوع المؤمنين في المضائق الشديدة و البليّات العظيمة و فيه 42 حديثا

748-(2)-

المصنّف: أخبرنا عبد الرزّاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: لتملأن الأرض ظلما و جورا، حتّى لا يقول أحد الله الله، يستعلق به، ثمّ لتملأنّ بعد ذلك قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.

749-(3)-

غيبة الشيخ: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن أبي جعفر محمّد بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس، قال: حدّثني علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان النيسابوري، عن ابن أبي نجران، عن محمّد بن منصور، عن أبيه، قال: كنّا عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة نتحدّث، فالتفت إلينا فقال: في أيّ شي ء أنتم؟

ص: 211


1- . الفتن: ج 5 ص 191.
2- . المصنّف: ج 11 باب المهدي ح 20776.
3- . غيبة الشيخ: ص 335- 336 ح 281؛ البحار: ج 52 ص 112 ب 21 ح 23 مثله؛ غيبة النعماني: ص 208- 209 ب 12 ح 16 مع اختلاف لفظي، غير أنّه أخرجه عن محمّد بن منصور بن الصيقل عن أبيه (و قال:) دخلت على أبي جعفر الباقر عليه السلام ... الحديث. أقول: منصور بن الوليد الصيقل، كوفي يكنّى أبا محمّد، روى عنهما (جامع الرواة). و في طبقات رجال الكافي لاستاذنا الأكبر السيّد البروجردي قدّس سرّه أنّه منصور بن عبد الله الصيقل، من الخامسة يروي عن أبي عبد الله عليه السلام، و ابنه محمّد بن منصور من السادسة.

أيهات أيهات، لا و الله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تغربلوا، لا و الله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تميّزوا [لا و الله لا يكون ما تمدّون إليه اعينكم حتّى تتمحّصوا] لا و الله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم إلّا بعد إياس، لا و الله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى يشقى من شقي، و يسعد من سعد.

750-(1)- دلائل الإمامة: قال أبو علي النهاوندي: حدّثنا القاشاني، قال: حدّثنا محمّد بن سليمان، قال: حدّثنا علي بن سيف، قال: حدّثني أبي، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فشكى إليه طول دولة الجور، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: و الله [لا يكون] ما تأملون حتّى يهلك المبطلون، و يضمحلّ الجاهلون، و يأمن المتّقون، و قليل ما يكون، حتى لا يكون لأحدكم موضع قدمه، و حتى تكونوا على الناس أهون من الميت [الميتة] عند صاحبها، فبينا أنتم كذلك إذا جاء نصر الله و الفتح، و هو قوله عزّ و جلّ في كتابه: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا(2).

751-(3)-

نهج البلاغة: و من خطبة له عليه السلام: ألا بأبي و امّي هم، من عدّة أسماؤهم في السماء معروفة، و في الأرض مجهولة، ألا فتوقّعوا ما يكون من إدبار أموركم، و انقطاع وصلكم، و استعمال صغاركم، ذاك حيث تكون ضربة السيف على المؤمن أهون من الدرهم من حلّه، ذاك حيث يكون المعطى أعظم أجرا من المعطي، ذاك حيث تسكرون من غير شراب، بل من النعمة و النعيم، و تحلفون من غير اضطرار، و تكذبون من غير إحراج، ذاك إذا عضّكم البلاء كما يعضّ القتب غارب البعير، ما أطول هذا العناء، و أبعد هذا الرجاء!

752-(4)- غيبة الشيخ: أحمد بن إدريس، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: قال أبو الحسن عليه السلام: أما و الله لا يكون الّذي تمدّون إليه أعينكم حتّى تميّزوا و تمحّصوا، حتّى لا يبقى منكم إلّا الأندر، ثمّ تلا: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَ لَمَّا يَعْلَمِ الله الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ و يعلم الصّابرين.

ص: 212


1- . دلائل الإمامة: ص 251- 252 باب معرفة وجوب القائم ... ح 49؛ إلزام الناصب: ج 1 ص 68 الآية السادسة و الثلاثون من قوله تعالى:\i «حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا»)، المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة: الآية الحادية و الثلاثون ص 107.
2- . يوسف: 110.
3- . نهج البلاغة لصبحي الصالح: خ 187 ص 277.
4- . غيبة الشيخ: ص 336- 337 ح 283؛ البحار: ج 52 ص 113 ب 21 ح 24.

753-(1)-

غيبة الشيخ: عن جابر الجعفي، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: متى يكون فرجكم؟ فقال: هيهات هيهات! لا يكون فرجنا حتّى تغربلوا، ثمّ تغربلوا، ثمّ تغربلوا- يقولها ثلاثا- حتّى يذهب الله تعالى الكدر و يبقي الصفو.

754-(2)- غيبة الشيخ: و عنه (يعني محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري) عن أبيه، عن أيّوب بن نوح، عن العبّاس بن عامر، عن الربيع بن محمّد المسلي، قال: قال [لي] أبو عبد الله عليه السلام: و الله لتكسرنّ كسر الزجاج، و إنّ الزجاج يعاد فيعود كما كان، و الله لتكسرنّ كسر الفخار، و إنّ الفخار لا يعود كما كان، [و الله لتميزنّ]، و الله لتمحصنّ، و الله لتغربلنّ كما تغربل الزوان (3) من القمح.

755-(4)-

الكافي: محمّد بن يحيى، و الحسن بن محمّد [الحسن بن علي- خ]، عن جعفر بن محمّد، عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن جعفر بن محمّد الصيقل، عن أبيه، عن منصور، قال:

قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا منصور! إنّ هذا الأمر لا يأتيكم إلّا بعد إياس، و لا و الله حتّى تميّزوا و لا و الله حتّى تمحّصوا، و لا و الله حتّى يشقى من يشقى و يسعد من يسعد.

و يدلّ عليه أيضا الأحاديث: 113، 245، 254، 286، 327، 337، 342، 407، 411، 427، 433، 456، 511، 527، 534، 538، 617، 618، 619، 641، 669، 908، 911، 912، 971، 1015، 1017، 1018، 1019، 1022، 1023، 1024، 1130، 1195.

ص: 213


1- . غيبة الشيخ: ص 339 ح 287؛ البحار: ج 52 ص 113 ب 21 ح 28.
2- . غيبة الشيخ: ص 340 ح 289؛ البحار: ج 52 ص 101 و 102 ب 21 ح 3؛ غيبة النعماني: ص 207 ب 12 ح 13 مع زيادة: «عن الربيع، عن مهزم و غيره، عن أبي عبد الله عليه السلام».
3- . الزوان: ما يخرج من الطعام فيرمى به، و هو الردي ء منه (لسان العرب: مادّة: زون).
4- . الكافي: ج 1 ص 370 ب 141 ح 3؛ كمال الدين: ج 2 ص 346 ب 33 ح 32 مع اختلاف يسير في اللفظ عن محمّد بن الفضيل عن أبيه عن منصور و فيه: «حتّى تمحّصوا»، البحار: ج 52 ص 111 ب 21 ح 20.

الفصل التاسع و الأربعون

في أنّه يؤمّ عيسى بن مريم، و يصلّي عيسى خلفه عليهما السلام و فيه 36 حديثا

756-(1)-

البيان في أخبار صاحب الزمان: أخبرنا الحافظ يوسف بحلب، أخبرنا القاضي أبو المكارم، أخبرنا [أبو الحسن بن أحمد] أبو علي الحسن بن أحمد، أخبرنا الحافظ [أبو الفرج] أبو نعيم، أخبرنا أبو الفرج الأصبهاني، أخبرنا أحمد بن الحسن بن شعبة، حدّثنا أبي، حدّثنا حصين بن مخارق، عن الخليلبن لطيف، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله: منّا الّذي يصلّي عيسى بن مريم عليه السلام خلفه.

قلت: أخرجه الحافظ أبو نعيم في كتاب «مناقب المهدي عليه السلام»، و كتابه أصل.

757-(2)-

غاية المأمول للطبراني: يلتفت المهدي، و قد نزل عيسى بن مريم عليه السلام، كأنّه يقطر من شعره الماء، فيقول له المهدي:

تقدّم صلّ بالناس، فيقول: إنّما اقيمت لك الصلاة، فيصلّي خلف رجل من ولدي و هو المهدي رضي الله عنه.

758-(3)-

الفتن: عن غير واحد، عن حمّاد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن رجل، عن عبد الله بن عمرو، قال: المهديّ الّذي ينزل عليه عيسى بن مريم، و يصلّي خلفه عيسى عليهما السلام.

759-(4)-

الفتن: حدّثنا أبو اسامة، عن هشام، عن محمّد، قال: المهديّ من هذه الامّة، و هو الّذي يؤمّ عيسى بن مريم عليهما السلام.

ص: 214


1- . البيان: ص 116 ب 7؛ كنز العمّال: ج 14 ب 266 ح 38673 أخرجه عن أبي نعيم في كتاب المهدي عن أبي سعيد؛ منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 30؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 706 ح 73 ب 54؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 158 ب 9 ح 1.
2- . غاية المأمول (شرح التاج الجامع للاصول): ج 5 ص 365؛ إسعاف الراغبين: ص 147 و قال: في صحيح ابن حبّان في «إمامة المهدي» نحوه، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 158 «عن أبي عمرو الداني في سننه عن حذيفة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم: يلتفت المهدي ...»، الصواعق المحرقة: في الآية الثانية عشرة من الآيات الواردة فيهم (في أهل البيت عليهم السلام) ص 164 عن الطبراني و صحيح ابن حبّان؛ ينابيع المودّة: ص 433 و 469 ب 73 و 85؛ جواهر العقدين: ق 2 ذ 8 عن حذيفة، و قال: أخرجه الطبراني، و في صحيح ابن حبّان من حديث عقبة بن عامر في إمامة المهدي نحوه؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 160 ب التاسع ح 9 عن أبي عمرو الداني في سننه؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 719 ب 54 ح 121 مختصرا عن معجم الطبراني و مناقب المهدي لأبي نعيم.
3- . الفتن: ج 5 ص 200.
4- . الفتن: ج 5 ص 200 ب نسبة المهدي؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 719 ب 54 ح 123؛ ينابيع المودّة: ص 449 ب 78.

760-(1)-

المصنّف لابن أبي شيبة: حدّثنا أبو اسامة، عن هشام، عن ابن سيرين، قال: المهديّ من هذه الامّة، و هو الّذي يؤمّ عيسى بن مريم عليهما السلام.

761-(2)- الفتن لأبي صالح السليلي: حدّثنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا سفيان بن سعيد الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن ربعي بن خراش، قال: سمعت حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فذكر حديث الفتن بطوله ثمّ قال:- قد أفلحت أمّة أنا أوّلها، و عيسى آخرها، فيصلّي خلف رجل من ولدي ...

الحديث.

762-(3)-

الدرّ المنثور: و أخرج ابن أبي شيبة و أحمد و الطبراني و الحاكم و صحّحه، عن عثمان بن أبي العاص: سمعت رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم يقول ... فذكر الحديث إلى أن قال: فينزل عيسى عند صلاة الفجر، فيقول له أمير الناس: تقدّم يا روح الله فصلّ بنا، فيقول: إنّكم معشر هذه الامّة امراء بعضكم على بعض، تقدّم أنت فصلّ بنا، فيتقدّم فيصلّي بهم، فإذا انصرف أخذ عيسى حربته نحو الدجّال، فإذا رآه ذاب كما يذوب الرصاص، فتقع حربته بين ثندوته فيقتله، ثمّ ينهزم أصحابه، فليس شي ء يومئذ يجنّ أحدا منهم، حتّى إنّ الحجر يقول: يا مؤمن! هذا كافر فاقتله، و الشجر يقول: يا مؤمن! هذا كافر فاقتله.

763-(4)-

سنن ابن ماجة: حدّثنا علي بن محمّد، حدّثنا عبد الرحمن المحاربي، عن إسماعيل بن رافع أبي رافع، عن أبي زرعة الشيباني يحيى بن أبي عمرو، عن أبي امامة الباهلي، قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و

ص: 215


1- . المصنّف لابن أبي شيبة: ج 5 ص 198 كتاب الفتن ح 19495؛ الإعلام بحكم عيسى عليه السلام (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 299 و هو آخر ما في الإعلام، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 135.
2- . الملاحم و الفتن: ص 153 ب 83 ممّا أخرجه عن كتاب الفتن لأبي صالح السليلي.
3- . الدرّ المنثور: ج 2 ص 243؛ الإعلام بحكم عيسى عليه السلام (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 298؛ مجمع الزوائد: ج 7 ص 342 ب ما جاء في الدجّال نحوه؛ مسند أحمد: ج 4 ص 216 و 217 نحوه؛ التصريح بما تواتر في نزول المسيح: ص 162- 164 ح 12 نحوه؛ المستدرك: ج 4 ص 478.
4- . سنن ابن ماجة: ج 2 ص 1359- 1362 ح 4407، سنن أبي داود: ج 4 ص 117؛ صحيح ابن خزيمة (مخطوط)؛ المستدرك: ج 4 ص 536 و أقرّه الذهبي في تلخيص المستدرك؛ فتح الباري: ج 6 ص 358 و 450 و ج 13 ص 83 و 84 و 87 و 88 و 93؛ تفسير ابن كثير: ج 1 ص 581؛ التصريح بما تواتر في نزول المسيح: ص 142- 156 ح 13؛ عقد الدرر: ص 231 ب 10؛ حلية الأولياء: ج 2 ص 712 ح 94 مختصرا و ج 6 ص 108؛ الإعلام بحكم عيسى عليه السلام (الحاوي للفتاوي): ج 3 ص 298. أقول: لا صراحة لهذا الحديث على أنّ عيسى يصلّي خلف المهدي عليهما السلام، إلّا أنّه يستظهر منه بقرينة سائر الروايات ذلك، كما يستظهر منه بالقرينة المقاميّة ذلك، فإنّ إعراض عيسى عن الصلاة جماعة و تركه الاقتداء به و الصلاة مع المسلمين بعيد جدّا، فكأنّه اختصرت الحكاية و اكتفي بوضوح الحال. البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان: ص 160 ب 9 ح 6؛ نور الأبصار: ص 188.

سلّم، فكان أكثر خطبته حديثا حدّثناه عن الدجّال و حذّرناه ... ثمّ ذكر الحديث إلى أن قال: و إمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدّم يصلّي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى بن مريم الصبح، فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدّم عيسى يصلّي بالناس، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثمّ يقول له: تقدّم فصلّ، فإنّها لك اقيمت، فيصلّي بهم إمامهم ... الحديث.

764-(1)-

عيون المعجزات: عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم أنّه أخبر الأئمّة بخروج المهدي خاتم الأئمّة، الّذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا، و أنّ عيسى عليه السلام ينزل عليه وقت خروجه و ظهوره، و يصلّي خلفه، [قال:] و هذا خبر قد اتفقت عليه الشيعة، و العلماء، و غير العلماء، و السنّة، و الخاصّ، و العامّ، و الشيوخ، و الأطفال لشهرة هذا الخبر.

765-(2)- عيون المعجزات: عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: و الّذي نفسي بيده إنّ مهديّ هذه الإمامة [الامّة- ظ] الّذي يصلّي خلفه عيسى عليه السلام منّا؛ ثمّ ضرب بيده على منكب الحسين عليه السلام و قال: من هذا، من هذا.

766-(3)-

التفضيل: و ممّا نقلته الشيعة، و بعض محدّثي العامّة أنّ المهدي صلّى الله عليه إذا ظهر أنزل الله تعالى المسيح عليه السلام، فإنّهما يجتمعان، فإذا حضرت صلاة الفرض قال المهديّ للمسيح: تقدّم يا روح الله، يريد تقدّم الإمامة، فيقول المسيح: أنتم أهل البيت لا يتقدّمكم أحد، فيتقدّم المهدي ثمّ يصلّي المسيح خلفه صلّى الله عليهما.

767-(4)-

حاشية فتح المبين: و في رواية ينزل بعد شروع المهدي في الصلاة، فيرجع المهدي القهقرى ليتقدّم عيسى عليه السلام، فيضع عيسى عليه السلام يده بين كتفيه و يقول له: تقدّم.- و قال قبل نقل هذه الرواية-: و نزوله يكون عند صلاة الفجر.

ص: 216


1- . عيون المعجزات: ص 141.
2- . عيون المعجزات: ص 64.
3- . التفضيل: ص 24.
4- . حاشية فتح المبين: ص 76 ط مصر سنة 1307 ه؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 712 ب 54 ح 94 نقلا عن الحافظ أبي عبد الله.

768-(1)- أنوار التنزيل: في الحديث: ينزل عيسى على ثنيّة بالأرض المقدّسة يقال لها: أفيق، و بيده حربة يقتل بها الدجّال، فيأتي بيت المقدس و الناس في صلاة الصبح، فيتأخّر الإمام، فيقدّمه عيسى و يصلّي خلفه على شريعة محمّد عليه الصلاة و السلام.

و قال علي بن برهان الدين الحلبي الشافعي في السيرة الحلبيّة: نزوله يكون عند صلاة الفجر، فيصلّي خلف المهدي بعد أن يقول له المهدي:

تقدّم يا روح الله! فيقول: تقدّم فقد اقيمت لك.

و قال نحوه في روح البيان في تفسير قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ(2)، و ذكر في الكشّاف أيضا نحوه.

و في تفسير روح المعاني: المشهور نزوله بدمشق و الناس في صلاة الصبح، فيتأخّر الإمام و هو المهدي، فيقدّمه عيسى عليه السلام و يصلّي خلفه، و يقول: إنّما اقيمت لك.

و قال السيوطي في الإعلام بحكم عيسى عليه السلام ردّا على من أنكر صلاة عيسى خلف المهدي عليه السلام، و قال في توجيه ذلك: «إنّ النبيّ أجلّ مقاما من أن يصلّي خلف غير نبيّ»: و هذا من أعجب العجب، فإنّ صلاة عيسى خلف المهدي ثابتة في عدّة أحاديث صحيحة، بإخبار الرسول صلّى الله عليه [و آله] و سلّم، و هو الصادق المصدّق الّذي لا يخلف خبره ... ثمّ ذكر طائفة من هذه الأحاديث و ساق الكلام إلى أن قال: و لست أعجب من إنكار من لا يعرف، إنّما أعجب من إقدامه على تسطير ذلك في ورق يخلد بعده!

769-(3)-

تفسير القمّي: حدّثني أبي، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن أبي حمزة، عن شهر بن حوشب، قال: قال لي الحجّاج بأنّ آية في كتاب الله قد أعيتني، فقلت: أيّها الأمير، أيّة آية هي؟ فقال: قوله: وَ

ص: 217


1- . أنوار التنزيل (في تفسير قوله تعالى: و إنّه لعلم للساعة): ج 2 ص 370، السيرة الحلبيّة: ج 1 ص 226 ط مصر مطبعة مصطفى محمّد، روح البيان و الكشّاف في تفسير الآية المذكورة، روح المعاني: ج 25 ص 95؛ الإعلام بحكم عيسى عليه السلام (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 297- 299. أقول: جاء في بعض ما روي من طرق العامّة أنّ عيسى على نبيّنا و آله و عليه السلام يقتل الدجّال، و دلّت الأحاديث المعتبرة المرويّة من طرق أهل البيت عليهم السلام أنّ المهدي عليه السلام هو الّذي يقتل الدجّال، (راجع: ج 3 ص ف 7 ب 7) و يمكن الجمع بينهما ببناء «يقتل» في الحديث على المجهول، أو أنّ المراد أنّه يعين المهدي عليه السلام على قتله، أو أنّه يباشر قتله بأمر المهدي عليه السلام.
2- . الزخرف: 61.
3- . تفسير القمّي: ج 1 ص 158 ضمن سورة النساء آية: 159؛ الأربعين للمجلسي: ص 411 ح 28 نحوه عن عليّ بن الحسين عليهما السلام؛ مجمع البيان: ج 2 ص 137، و قال في تفسير الآية: «اختلف فيه على أقوال: أحدها: أنّ كلا الضميرين يعودان إلى المسيح، أي ليس يبقى أحد من أهل الكتاب- من اليهود و النصارى- إلّا و يؤمننّ بالمسيح قبل موت المسيح إذا أنزله الله إلى الأرض وقت خروج المهدي في آخر الزمان لقتل الدجّال، فتصير الملل كلّها ملّة واحدة، و هي ملّة الإسلام الحنيفيّة دين إبراهيم؛ عن ابن عبّاس، و أبي مالك، و الحسن، و قتادة، و ابن زيد، و ذلك حين لا ينفعهم الإيمان، و اختاره الطبري قال: و الآية خاصّة لمن يكون منهم في ذلك الزمان. و ذكر علي بن إبراهيم في تفسيره أنّ أباه حدّثه عن سليمان بن داود المنقري ... ثمّ ذكر الحديث». تفسير الصافي: ج 1 ص 411 ... مثله؛ تفسير نور الثقلين: ج 1 ص 473؛ تفسير البرهان: ج 1 ص 426؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 619 ب 34؛ المحجّة: ص 62.

إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، و الله إنّي لآمر باليهودي و النصراني فيضرب عنقه، ثمّ أرمقه بعيني فما أراه يحرّك شفتيه حتّى يخمد، فقلت: أصلح الله الأمير ليس على ما تأوّلت، قال: و كيف هو؟ قلت: إنّ عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا، فلا يبقى أهل ملّة يهودي و لا نصراني إلّا آمن به قبل موته، و يصلّي خلف المهدي، قال: ويحك أنّي لك هذا، و من أين جئت به؟

فقلت: حدّثني به محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، فقال: جئت بها و الله من عين صافية.

770-(1)-

عيون أخبار الرضا عليه السلام: حدّثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي- رضي الله عنه- قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا أحمد بن علي الأنصاري، عن الحسن بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون يوما و عنده علي بن موسى الرضا عليه السلام، و قد اجتمع الفقهاء و أهل الكلام من الفرق المختلفة، فسأله بعضهم فقال

ص: 218


1- . عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج 2 ص 200 و 201 و 202 ب 46 ح 1. أقول: قد جاء في هذا الحديث الشريف ذكر الرجعة، و قد دلّت عليها الأحاديث الصحيحة و المتواترة معنى و إجمالا من طرق أهل البيت عليهم السلام، بل دلّ عليه الكتاب المجيد؛ مثل قوله تعالى: (وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ)، فإنّه لا ريب في أنّ هذا اليوم ليس يوم القيامة الكبرى، لأنّه يحشر فيه جميع الأمم كما قال تعالى: (وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)، و قد أفرد في إثباتها جمع من قدماء الأصحاب، و على هذا يجب الاعتقاد بها على سبيل الإجمال دون التفاصيل الّتي جاءت في أخبار الآحاد، إلّا ما ثبت بالأخبار المتواترة أو المحفوفة بالقرائن الّتي يحصل القطع و اليقين بها. و مراده عليه السلام بنطق القرآن بالرجعة في الأمم السالفة آيات ناطقة بها، مثل قوله تعالى: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ الله بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ الله مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ)، و قوله تعالى: (أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ الله مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ)، و قوله تعالى لعيسى عليه السلام: (وَ إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي)، و قوله عزّ و جلّ في قصّة المختارين من قوم موسى لميقات ربّه: (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، و قوله عزّ من قائل في استجابته لأيّوب: (فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَ آتَيْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) هذا، و تمام الكلام في الرجعة، و ما قيل فيها، و ما تأوّل بها ما ورد في وقوعها في آخر الزمان، و ما اجيب عنه، و غير ذلك ممّا يتعلّق بها يطلب من الكتب المفردة فيها، و غيرها من الكتب المفصّلة و الموسوعات كالبحار: ج 53 ص 39- 144 باب (29) الرجعة، و الأربعين للمجلسي: ص 400- 448 ح 28.

له: يا ابن رسول الله! بأيّ شي ء تصحّ الإمامة لمدّعيها؟ قال: بالنصّ والدليل ... و ساق الحديث الشريف إلى أن قال: فمن ادّعى للأنبياء و ادّعى للأئمّة ربوبيّة أو نبوّة، أو لغير الأئمّة إمامة فنحن منه برآء في الدنيا و الآخرة، فقال المأمون: يا أبا الحسن، فما تقول في الرجعة؟ فقال الرضا عليه السلام:

إنّها لحقّ، قد كانت في الامم السالفة، و نطق به القرآن، و قد قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: يكون في هذه الامّة كلّ ما كان في الامم السالفة، حذو النعل بالنعل و القذّة بالقذّة، قال عليه السلام: إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسى بن مريم عليه السلام فصلّى خلفه.

771-(1)-

البرهان في تفسير القرآن: عن ابن بابويه بإسناده، عن معمر، عن أبي عبد الله عليه السلام، في حديث طويل عن النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم قال: و من ذرّيّتي المهدي، إذا خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته، و قدّمه و صلّى خلفه.

و لا يخفى عليك انّ الأخبار بهذا المضمون لا تنحصر فيه و لكننا اكتفينا به لئلّا يطول الباب.

و يدلّ عليه أيضا الأحاديث: 118، 153، 219، 284، 327، 361، 399، 429، 530، 539، 553، 582، 668، 669، 910، 1066، 1071، 1081، 1083، 1105.

الفصل الخمسون فيما يدلّ على رايته عليه السلام، و صاحبها، و ما كتب فيها و فيه 9 أحاديث

772-(2)-

الفتن: حدّثنا رشدين، عن ابن لهيعة، قال: أخبرني أبو زرعة، عن ابن زرير، عن عمّار بن ياسر، قال: المهدي على لوائه شعيب بن صالح.

و فيه أيضا: حدّثنا الوليد و رشدين، عن ابن لهيعة الكوفي، قال:

حدّثني أبو زرعة، عن ابن زرير، عن عمّار بن ياسر، قال: إذا بلغ السفياني الكوفة و قتل أعوان آل محمّد خرج المهدي على لوائه شعيب بن صالح.

773-(3)- الفتن: حدّثنا الوليد و رشدين، عن ابن لهيعة، عن كعب بن علقمة، عن سفيان الكلبي، قال: يخرج على لواء المهدي غلام حديث السنّ، خفيف اللحية أصفر (و لم يذكر الوليد: أصفر) لو قاتل الجبال لهزّها و قال الوليد: لهدّها- حتّى ينزل إيليا.

ص: 219


1- . البرهان في تفسير القرآن: ج 1 ص 89 ح 14.
2- . الفتن: ج 4 ص 166 و 168؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 151 ب 7 ح 19 و ص 152 ح 23 ب 7، و زاد في آخره: «فيهزم أصحابه»؛ الملاحم و الفتن: ب 96 ص 53 و ب 103 ص 55.
3- . الفتن: ج 4 ص 167 ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس، و ج 5 ص 196 في ب صفة المهدي و نعته، الملاحم و الفتن: ب 98 ص 53 و 54؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 151 و 152 ب 7 ح 21.

774-(1)-

الفتن: حدّثنا يحيى بن اليمان، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن نوف البكالي، قال: في راية المهدي مكتوب:

البيعة لله.

775-(2)-

البرهان: أخرج الطبراني في الأوسط، عن ابن عمر أنّ النبي صلّى الله عليه [و آله] و سلّم أخذ بيد علي [عليه السلام] فقال:

سيخرج من صلب هذا فتى يملأ الأرض قسطا و عدلا، فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التميمي، فإنّه يقبل من قبل المشرق، و هو صاحب راية المهدي.

776-(3)- كمال الدين: روي انه يكون في راية المهدي عليه السلام: الرفعة لله عزّ و جلّ.

777-(4)-

بحار الأنوار: عن السيّد علي بن عبد الحميد بإسناده إلى كتاب الفضل بن شاذان، قال: روي أنّه يكون في راية المهدي عليه السلام: اسمعوا و أطيعوا.

ص: 220


1- . الفتن: ج 5 ص 191، ينابيع المودّة: ص 435؛ الملاحم و الفتن: ب 141 ف 1 ص 68.
2- . البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 150 و 151 ب 7 ح 16؛ العرف الوردي (الحاوي للفتاوي) ج 2: ص 130 عن الطبراني في الأوسط؛ مجمع الزوائد: ج 7 ص 318 مع زيادة في أوّله. و لا يخفى عليك أنّ المراد من قوله صلّى الله عليه و آله: «فتى» ليس أنّه في سنّ الفتيان، و ذلك بدلالة روايات اخرى متواترة، بل المراد إمّا أنّه فتى المنظر، كما ورد في بعض الروايات أنّه شاب المنظر، لا يهرم بمرور الأيّام، و أنّه إذا خرج يخرج في منظر الشبّان و هم يظنّون أنّه كهل و في منظر الكهول، أو أنّه إشارة إلى فتوّته و كرمه و سخائه، و ربّما يفسر «الفتية» في قوله تعالى: (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ)، و (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ) على ذلك. قال في لسان العرب: «قال القتيبي: ليس الفتى بمعنى الشاب و الحدث، إنّما هو بمعنى الكامل الجزل من الرجال، يدلّ على ذلك قول الشاعر: إنّ الفتى حمّال كلّ ملمّة *** ليس الفتى بمنعم الشبّان قال ابن هرمة: قد يدرك الشرف الفتى و رداؤه *** خلق و جيب قميصه مرقوع و قال الأسود بن يعفر: (ثمّ ذكر أشعاره ... إلى أن قال:) (وَ دَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ) جائز أن يكونا حدثين أو شيخين؛ لأنّهم كانوا يسمّون المملوك فتى. الجوهري: الفتى: السخيّ الكريم، يقال: هو فتى بين الفتوّة» (لسان العرب: ج 15 ص 146 مادّة: فتا).
3- . كمال الدين: ج 2 ص 654 ب 57 ذيل ح 22؛ البحار: ج 52 ص 324 ب 27 ح 35.
4- . بحار الأنوار: ج 52 ص 305 ب 26 ح 77.

778-(1)-

العرف الوردي: أخرج أيضا (يعني نعيما) عن ابن سيرين، قال: على راية المهدي مكتوب: البيعة لله.

779-(2)-

الفتن: حدّثنا رشدين، عن ابن لهيعة، قال: أخبرني عبد الرحمن بن سالم، عن أبيه، عن أبي رومان و أبي ثابت، عن علي- رضي الله عنه-: قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم:

يخرج رجل من أهل بيتي في تسع رايات، يعني بمكّة.

780-(3)-

الفتن: حدّثنا يحيى بن اليمان، عن قيس، عن عبد الله بن شريك، قال: مع المهدي راية رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم المغلبة، ليتني كنت أدركته و أنا أجدع.

الفصل الحادي و الخمسون

في الرايات السود الثانية التي هي غير الرايات السود الاولى و فيه 5 أحاديث

781-(4)-

الفتن: أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن أحمد بن ربذة، أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، أخبرنا أبو زيد عبد الرحمن بن حاتم المرادي بمصر سنة ثمانين و مائتين، حدّثنا نعيم بن حمّاد، عن الوليد و رشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن عليّ- رضي الله عنه- قال: يلتقي السفياني و الرايات السود، فيهم شابّ من بني هاشم، في كفّه اليسرى خال، و علىمقدّمته رجل من بني تميم يقال له: شعيب بن صالح بباب اصطخر، فيكون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر الرايات السود و يهرب خيل السفياني، فعند ذلك يتمنّى الناس المهدي و يطلبونه.

782-(5)-

الفتن: حدّثنا سعيد أبو عثمان، عن جابر، عن أبي جعفر، قال: تنزل الرايات السود الّتي تقبل من خراسان الكوفة، فإذا ظهر المهدي بمكة بعث بالبيعة إلى المهدي.

ص: 221


1- . العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 150؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 152 ب 7 ح 25؛ كمال الدين: ج 2 ص 654 ح 22. أقول: لا منافاة بين الأحاديث من جهة عدم اتّفاقها على ما كتب في رايته؛ لتعدّدها كما في الرواية الثامنة من هذا الباب.
2- . الفتن: ج 4 ص 166 ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس.
3- . الفتن: ج 5 ص 191 ب سيرة المهدي و عدله و خصب زمانه؛ البرهان: ص 152 ب 7 ح 24 إلّا أنّه قال: «المخملة» و في العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 150 «المعلمة».
4- . الفتن: ج 5 ص 172؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 151 ح 20 ب 7 مختصرا.
5- . الفتن: ج 5 ص 173؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 150 ب 7 ح 12؛ البحار: ج 52 ص 217 ح 77.

783-(1)-

الفتن: حدّثنا الوليد بن مسلم، عن أبي عبد الله، عن عبد الكريم (أي اميّة)، عن محمّد بن الحنفية، قال: تخرج راية سوداء لبني العبّاس، ثمّ تخرج من خراسان اخرى سوداء، قلانستهم سود، و ثيابهم بيض، على مقدّمتهم رجل يقال له: شعيب بن صالح، أو صالح بن شعيب من تميم، يهزمون أصحاب السفياني حتّى ينزل بيت المقدس، يوطئ للمهدي سلطانه، و يمدّ إليه ثلاثمائة من الشام، يكون بين خروجه و بين أن يسلّم الأمر للمهديّ اثنان و سبعون شهرا.

784-(2)-

الفتن: حدّثنا عبد الله بن مروان، عن العلاء بن عتبة، عن الحسن: أنّ رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم ذكر بلاء يلقاه أهل بيته حتّى يبعث الله راية من المشرق سوداء، من نصرها نصره الله، و من خذلها خذله الله، حتّى يأتوا رجلا اسمه كاسمي فيولّيه أمرهم، فيؤيّده الله و ينصره.

785-(3)-

الفتن: حدّثنا محمّد بن عبد الله بن عبد الله التيهرتي، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن مسلم بن يسار، عن سعيد بن المسيّب، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم: تخرج من المشرق رايات سود لبني العبّاس، ثمّ يمكثون ما شاء الله، ثم تخرج رايات سود صغار تقاتل رجلا من ولد أبي سفيان و أصحابه من قبل المشرق، يؤدّون الطاعة إلى المهدي.

الباب الرابع في ولادة المهديّ عليه السلام، و كيفيّتها، و تاريخها، و بعض حالات امّه و اسمها، و معجزاته في حياة أبيه، و من رآه في أيّامه و فيه ثلاثة فصول

الفصل الأوّل

في ثبوت ولادته، و كيفيّتها، و تاريخها، و بعض حالات امّه و اسمها عليهما السلام و فيه 426 حديثا

786-(4)-

كتاب فضل بن شاذان: حدّثنا محمّد بن علي بن حمزة بن الحسين بن عبيد الله بن العبّاس بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، قال: سمعت أبا محمّد عليه السلام يقول: قد ولد ولي الله، وحجّته على عباده، و

ص: 222


1- . الفتن: ج 5 ص 165 ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس.
2- . الفتن: ج 5 ص 167 ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس.
3- . الفتن: ج 5 ص 168 ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس.
4- . كفاية المهتدي (الأربعين): ص 116 ح 30؛ كشف الحقّ (الأربعين): ص 24 ح 2 و فيه: «صقيل» بدل «صيقل»، و فيه: «حمزة بن الحسن» بدل «حمزة بن الحسين»، و في كتب الرجال أيضا «الحسن»؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 570 ب 32 ح 683. أقول: قال المحدّث النوري- رحمه الله- في «النجم الثاقب» بالفارسيّة ما هذه ترجمته: «و من هذا الخبر يظهر وجه الاختلاف في اسم امّه المعظّمة، و أنّها تسمّى بكلّ واحد من هذه الأسماء الخمسة، انتهى». و الفضل بن شاذان توفّي بعد ولادة المهديّ عليه السلام و قبل وفاة والده أبي محمّد الحسن العسكري عليه السلام (بين سنة 255 ه إلى 260 ه)، و قال النجاشي: «كان ثقة، أحد أصحابنا الفقهاء و المتكلّمين، و له جلالة في هذه الطائفة، و هو في قدره أشهر من أن نصفه». و ذكر الكشي أنّه صنّف مائة و ثمانين كتابا، و ذكر أسماء ما وقع إليه من كتبه، ممّا يدلّ على تبحّره في العلوم الإسلاميّة و ما اختلف فيه أهل المذاهب، سيّما علوم العقائد و التوحيد و الإمامة و الفرائض و غيرها. و عدّه الشيخ في رجاله تارة في أصحاب الهادي، و اخرى في أصحاب العسكري عليهما السلام، و قال: الفضل بن شاذان النيشابوري فقيه، متكلّم، جليل القدر، له كتب و مصنّفات منها ... الخ، و من كتبه: كتاب الملاحم، و كتاب القائم عليه السلام، و كتاب الإمامة. و أمّا محمّد بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العبّاس بن علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال النجاشي: أبو عبد الله، ثقة، عين في الحديث، صحيح الاعتقاد، له رواية عن أبي الحسن و أبي محمّد عليهما السلام، و أيضا له مكاتبة، و في داره حصلت أمّ صاحب الأمر عليه السلام بعد وفاة الحسن عليه السلام. ثمّ اعلم أنّ الأشهر، بل المشهور أنّ ولادته عليه السلام اتّفقت كما في هذا الحديث الشريف الصحيح في ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين للهجرة (869 م). قال المفيد في الإرشاد: «كان الإمام بعد أبي محمّد عليه السلام ابنه المسمّى باسم رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، المكنّى بكنيته، و لم يخلف أبوه ولدا ظاهرا و لا باطنا غيره، و خلفه غائبا مستترا على ما قدّمنا ذكره، و كان مولده عليه السلام ليلة النصف من شعبان سنة (255 ه)، و امّه أمّ ولد يقال لها: نرجس، و كان سنّه عند وفاة أبيه خمس سنين، آتاه الله فيها الحكمة كما آتاها يحيى صبيّا، و جعله إماما في حال الطفولية الظاهرة كما جعل عيسى بن مريم في المهد نبيّا، و قد سبق النصّ عليه في ملّة الإسلام من نبيّ الهدى عليه السلام، ثمّ من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، و نصّ عليه الأئمّة واحدا بعد واحد إلى أبيه الحسن عليه السلام، و نصّ أبوه عليه عند ثقاته و خاصّة شيعته، و كان الخبر بغيبته ثابتا قبل وجوده، و بدولته مستفيضا قبل غيبته، و هو صاحب السيف من أئمّة الهدى عليه السلام، و القائم بالحقّ المنتظر لدولة الإيمان، و له قبل قيامه غيبتان، إحداهما أطول من الاخرى كما جاءت بذلك الأخبار، فأمّا القصرى منهما فمنذ وقت مولده إلى انقطاع السفارة بينه و بين شيعته، و عدم السفراء بالوفاة، و أمّا الطولى فهي بعد الاولى، و في آخرها يقوم بالسيف ... الخ». و قال الكليني في الكافي: «ولد عليه السلام للنصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين»، و روي ذلك عن الكراجكي في كنز الفوائد، و الشهيد في «الدروس»، و قال الشيخ في «مصباح المتهجّد»: «في هذه الليلة ولد الخلف[ الحجّة- خ] صاحب الأمر عليه السلام، و يستحبّ أن يدعى فيها بهذا الدعاء، ثمّ ذكر دعاء: اللهم بحقّ ليلتنا هذه و مولودها ... إلى آخره»، و قال الشيخ البهائي في توضيح المقاصد: «فيه- يعني في اليوم الخامس عشر- ولد الإمام أبو القاسم محمّد المهدي صاحب الزمان صلوات الله عليه و على آبائه الطاهرين، و ذلك بسرّمن رأى سنة (255 ه)»، و قال الطبرسي في إعلام الورى: «ولد عليه السلام بسرّمن رأى ليلة النصف من شعبان سنة (255 ه)»، و عيّن الشيخ في المصباحين، و السيّد في الإقبال و سائر مؤلّفي كتب الدعوات على ما في البحار، و المفيد في مسارّ الشيعة، ولادته عليه السلام في النصف من شعبان. و صرّح بذلك جماعة من أعلام العامّة، قال ابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمة: «ولد أبو القاسم محمّد الحجّة بن الحسن الخالص بسرّمن رأى، ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين للهجرة ... إلى أن قال: و أما امّه فام ولد يقال لها: نرجس خير أمة، و قيل: اسمها غير ذلك»، و قال ابن خلكان في وفيات الاعيان: «كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين و لمّا توفّي أبوه- و قد سبق ذكره- كان عمره خمس سنين، و اسم امّه خمط، و قيل: نرجس»، و في روضة الصفا نقل عن ترجمة المستقصى بالفارسيّة ما هذا حاصله: «كانت ولادة الإمام المهدي المسمّى باسم الرسول، و المكنّى بكنيته بسرّمن رأى، في ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين، و كان عمره وقت وفاة أبيه خمس سنين، آتاه الله الحكمة كما آتاها يحيى صبيّا، و جعله في الطفوليّة إماما كما جعل عيسى نبيّا»، و صرّح به أيضا السيّد محمّد خواجه پارسا صاحب «روضة الأحباب» و غيرهم. و لا بأس بذكر تصريحات جماعة من أعيان العامّة بولادته عليه السلام، و التعرّض لذكر أساميهم، و قد وافقنا كثير منهم في حياته الآن، و بقائه عليه السلام إلى أن يأذن الله تعالى له في الظهور: 1- الشيخ ابن حجر الهيثمي المكّي الشافعي المتوفّى سنة (974 ه)، قال في الصواعق بعد ذكر بعض حالات الإمام أبي محمد عليه السلام: «و لم يخلف غير ولده أبي القاسم محمّد الحجّة، و عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لكن اتاه الله فيها الحكمة». 2- صاحب «روضة الأحباب» و هو كتاب فارسيّ للسيّد جمال الدين عطاء الله بن السيّد غياث الدين فضل الله بن السيّد عبد الرحمن المحدّث المعروف، و عن القاضي حسين الدياربكري أنّه عدّه في أوّل كتابه تاريخ الخميس من الكتب المعتمدة، و صنّفه كما في كشف الظنون بالتماس الوزير مير علي شير بعد الاستشارة مع استاذه و ابن عمّه السيد أصيل الدين عبد الله، و هو على ثلاثة مقاصد، و توفّي كما في هذا الكتاب سنة 1000 (ألف)، قال في «روضة الأحباب» على ما حكى عنه في «كشف الأستار»، و «النجم الثاقب» بالفارسيّة: «كلام در بيان امام دوازدهم محمّد بن الحسن عليهما السلام تولّد همايون آن در درج ولايت و جوهر معدن هدايت بقول اكثر أهل روايت در منتصف شعبان سنه دويست و پنجاه و پنج در سامره اتفاق افتاد (إلى أن قال:) و مادر آن عالى گهر أمّ ولد بود، مسمّاة بصيقل يا سوسن، و قيل: نرجس، و قيل: حكيمة، و آن امام ذوي العزّ و الاحترام در كنيت و نام با حضرت خير الأنام موافقت دارد، و مهدى منتظر و الخلف الصالح و صاحب الزمان در ألقاب او منتظم است، و در وقت فوت پدر بزرگوار خود بروايت كه بصحّت أقرب است پنج سأله بود، و بقول ثاني دو سأله، و حضرت واهب العطايا آن شكوفه گلزار را مانند يحيى بن زكريا سلام الله عليهما در حال طفوليت حكمت كرامت فرمود، و در وقت صبا بمرتبه بلند امامت رسانيده (و ساق الكلام إلى أن قال:) راقم حروف گويد كه چون سخن بدينجا رسيد، جواد خوشخرام خامه طى بساط انبساط واجب ديد، رجاء واثق و وثوق صادق كه ليالى مهاجرت محبان خاندان مصطفوى، و أيام مصابرت مخلصان دودمان مرتضوى بنهايت رسيده، و آفتاب طلعت با بهجت صاحب الزمان على أسرع الحال از مطلع نصرت و اقبال طلوع نمايد، تا رايت هدايت اينان مظهر انوار فضل و احسان از مشرق مراد برآمده، غمام حجاب از چهره عالمتاب بگشايد، به يمن اهتمام آن سرور عاليمقام اركان مبانى ملّت بيضا مانند ايوان سپهر خضرا سمت ارتفاع و استحكام گيرد، و بحسن اجتهاد آن سيّد ذوى الاحترام قواعد بنيان ظلام نشان در بسيط غبرا صفت انخفاض و انعدام پذيرد، و اهل اسلام در ظلال اعلام ظفر اعلامش از تاب آفتاب حوادث امان، و خوارج شقاوت فرجام از اصابت حسام خون آشامش، جزاى اعمال خويش يافته به قعر جهنم شتابند، و لله درّ من قال أبيات: بيا اى امام هدايت شعار *** كه بگذشت از حدّ غم انتظار ز روى همايون برافكن نقاب *** عيان ساز رخسار چون آفتاب برون آى از منزل اختفا *** نمايان كن آثار مهر و وفا» 3- علي بن محمّد بن أحمد بن عبد الله المالكي المكّي، الّذي يعرف بابن الصبّاغ، المتولّد سنة (734 ه) و المتوفّى سنة (855 ه) على ما نقل عن كتاب الضوء اللامع لشمس الدين محمّد بن عبد الرحمن المصري، تلميذ ابن حجر، فإنّه صرّح في كتابه «الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة» بولادته عليه السلام و تاريخها، و أنّ امّه نرجس خير أمة كما ذكرنا لفظه، و صرّح أيضا بنسبه، و ذكر أسماء آبائه، و جملة من حالاتهم و كلماتهم و معجزاتهم، و صرّح بأنّه الإمام الثاني عشر، و ذكر جملة من الأحاديث الواردة في حقّه عليه السلام. 4- الشيخ شمس الدين أبو المظفّر يوسف بن قز أوغلي بن عبد الله، سبط الشيخ جمال الدين أبي الفرج، ابن الجوزي، المتوفّى سنة (654 ه) صاحب التاريخ الكبير الّذي قال ابن خلّكان على ما حكي عنه: «رأيته بخطّه في أربعين مجلدا، سمّاه مرآة الزمان»، و صاحب كتاب تذكرة الخواصّ قال في كتابه تذكرة الخواص: «فصل: هو محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن عليّ الرضا بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، و كنيته: أبو عبد الله، و أبو القاسم، و هو الخلف، الحجّة، صاحب الزمان، القائم، و المنتظر، و التالي، و آخر الأئمّة، أنبأنا عبد العزيز بن محمود بن البزّاز عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله: يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي، اسمه كاسمي، و كنيته ككنيتي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، فذلك هو المهدي. و هذا حديث مشهور، و قد أخرج أبو داود و الزهري عن عليّ بمعناه، و فيه: لو لم يبق من الدهر إلّا يوم واحد لبعث الله من أهل بيتي من يملأ الأرض عدلا، و ذكره في روايات كثيرة، و يقال له: ذو الاسمين: محمّد و أبو القاسم، قالوا: امّه أمّ ولد يقال لها: صقيل. و قال السدي: يجتمع المهدي و عيسى بن مريم، فيجي ء وقت الصلاة فيقول المهدي لعيسى: تقدّم، فيقول عيسى: أنت أولى بالصلاة، فيصلّي عيسى وراءه مأموما ... إلى آخر كلامه». 5- نور الدين عبد الرحمن بن أحمد بن قوام الدين الدشتي، الجامي، الحنفي، الشاعر، العارف، صاحب شرح الكافية، فقد جعل في كتابه «شواهد النبوّة» على ما حكى عنه في كشف الأستار الحجّة بن الحسن الإمام الثاني عشر، و ذكر غرائب حالات ولادته، و بعض معاجزه، و أنّه الّذي يملأ الأرض عدلا و قسطا، ثمّ روى خبر حكيمة في الولادة، و خبر غيرها في أنّه عليه السلام لمّا ولد جثا على ركبتيه، و رفع سبابته إلى السماء، و عطس فقال: الحمد لله ربّ العالمين، و خبر من دخل على أبي محمّد عليه السلام و سأله عن الخلف و الإمام بعده، فدخل الدار ثمّ خرج و قد حمل طفلا كأنّه البدر في ليلة تمامه في سنّ ثلاث سنين، قال: يا فلان! لو لا كرامتك على الله لما أريتك هذا الولد، اسمه اسم رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، و كنيته كنيته، هو الّذي يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما، و خبر من دخل على أبي محمّد عليه السلام و على طرف البيت ستر مسبل على بيت فسأله من صاحب هذا الأمر بعد هذا؟ فقال: ارفع الستر، و خبر من بعثه المعتضد ... الخ. 6- الشيخ الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي، المتوفّى سنة (658 ه)، صاحب كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان، و كتاب كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال في الباب الثامن من الابواب التي ألحقها بأبواب الفضائل من كتاب كفاية الطالب بعد ذكر الأئمّة من ولد أمير المؤمنين عليه السلام: «و خلّف- يعني عليّا الهادي عليه السلام- من الولد أبا محمّد الحسن ابنه، مولده بالمدينة في شهر ربيع الآخر من سنة اثنين و ثلاثين و مائتين، و قبض يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأوّل سنة ستين و مأتين، و له يومئذ ثمان و عشرون سنة، و دفن في داره بسرّمن رأى في البيت الّذي دفن فيه أبوه، و خلّف ابنه و هو الإمام المنتظر صلوات الله عليه، و نختم الكتاب بذكره مفردا». و قال في كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان: الباب الخامس و العشرون: في الدلالة على جواز بقاء المهدي عليه السلام مذ غيبته إلى الآن، و لا امتناع في بقائه، بدليل بقاء عيسى و إلياس و الخضر من أولياء الله تعالى، و بقاء الدجّال و إبليس الملعونين أعداء الله تعالى ... إلى آخر كلامه الطويل الذّيل، في هذا الباب. 7- أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى البيهقي الخسروجردي النيسابوري، الفقيه الشافعي، المتوفّى سنة (458 ه) قال في وفيات الأعيان: «الحافظ الكبير المشهور، واحد زمانه، و فرد أقرانه في الفنون، من كبار أصحاب الحاكم ... إلى أن قال: و كان قانعا من الدنيا بالقليل». و قال إمام الحرمين في حقّه: «ما من شافعي المذهب إلّا و للشافعي عليه منّة، إلّا أحمد البيهقي، فإنّ له على الشافعي منّة، انتهى». قال البيهقي في كتابه «شعب الإيمان»، المعدود من مؤلّفاته في كلام ابن خلّكان على ما حكي عنه في «كشف الأستار»: «اختلف الناس في أمر المهديّ، فتوقّف جماعة و أحالوا العلم إلى عالمه، و اعتقدوا أنّه واحد من أولاد فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، يخلقه الله متى شاء، يبعثه نصرة لدينه، و طائفة يقولون: إنّ المهديّ الموعود ولد يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين، و هو الإمام الملقب بالحجّة القائم المنتظر محمّد بن الحسن العسكري، و أنّه دخل السرداب بسرّمن رأى، و هو حي مختف عن أعين الناس، منتظر خروجه، و سيظهر و يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما، و لا امتناع في طول عمره و امتداد أيّامه كعيسى بن مريم و الخضر عليهما السلام، و هؤلاء الشيعة، خصوصا الإماميّة، و وافقهم عليه جماعة من أهل الكشف، انتهى». و مراده من جماعة من أهل الكشف كما صرّح به بعض الأعلام غير الشيخ محيي الدين و الشعراني و الشيخ حسن العراقي ممّن يأتي ذكرهم ان شاء الله تعالى، لتقدّمه عليهم بسنين كثيرة، فإنّ البيهقي توفّي سنة (458 ه)، و الشيخ محي الدين توفّي سنة (638 ه)، كما صرّح به العراقي في أوائل الفصل الأوّل من اليواقيت على ما حكي عنه، و هكذا الشعراني كان بعد عصر البيهقي، فإنّه فرغ من تصنيف اليواقيت سنة (955 ه)، و العراقي و الخوّاص كانا معاصرين للشعراني. و كيف كان، فيظهر من كلام البيهقي الميل إلى هذا القول، بل اختياره، و إلّا لأنكره. 8- الشيخ كمال الدين أبو سالم محمّد بن طلحة الشافعي القرشي النصيبي، المتولّد سنة (582 ه)، صاحب كتاب العقد الفريد، قال في طبقات الشافعيّة على ما حكي عنها: «تفقّه و برع في المذهب، و سمع الحديث بنيسابور من المؤيّد الطوسي و زينب الشعريّة، و حدّث بحلب و دمشق، و روى عنه الحافظ الدمياطي و مجد الدين بن العديم، و كان من صدور الناس، ولي الوزارة بدمشق يومين و تركها و خرج عمّا يملك من ملبوس و مملوك و غيره تزهّدا، و توفّي ابن طلحة في سابع رجب سنة (652 ه). قال ابن طلحة في كتاب «الدرّ المنظّم» على ما نقل عنه في ينابيع المودّة ص 410: «و إنّ لله تبارك و تعالى خليفة، يخرج في آخر الزمان و قد امتلأت الأرض جورا و ظلما فيملأها قسطا و عدلا ... إلى أن قال: و هذا الإمام المهدي القائم بأمر الله يرفع المذاهب، فلا يبقى إلّا الدين الخالص ... الخ». و قال في «مطالب السئول في مناقب آل الرسول»، و هو كتاب ذكر فيه أسماء الأئمة الاثني عشر عليهما السلام و بعض أحوالهم: «الباب الحادي عشر: في أبي محمّد الحسن بن علي، الخالص مولده سنة إحدى و ثلاثين و مائتين للهجرة، و أمّا نسبه أبا و امّا، فأبوه أبو الحسن علي المتوكل بن محمّد القانع بن علي الرضا، و قد تقدّم القول في ذلك، و امّه أمّ ولد يقال لها: سوسن، و أمّا اسمه: الحسن، و كنيته: أبو محمّد، و لقبه: الخالص، و أمّا مناقبه: فاعلم أنّ المنقبة العليا و المزيّة الكبرى الّتي خصّه الله عزّ و جلّ بها، و قلّده فريدها، و منحه تقليدها، و جعلها صفة دائمة لا يبلي الدهر جديدها، و لا تنسى الألسنة تلاوتها و ترديدها، أنّ المهدي محمّدا نسله المخلوق منه، و ولده المنتسب إليه، و بضعته المنفصلة عنه، و سيأتي في الباب الّذي يتلو هذا الباب شرح مناقبه، و تفصيل أحواله إن شاء الله. الباب الثاني عشر: في أبي القاسم محمّد بن الحسن الخالص بن علي المتوكّل بن محمّد القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين الزكيّ بن علي المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب، المهدي الحجّة الخلف الصالح المنتظر عليهم السلام و رحمة الله و بركاته. فهذا الخلف الحجّة قد أيّده الله *** هدانا منهج الحقّ و آتاه سجاياه و أعلى في ذرى العلياء بالتأييد مرقاه *** و آتاه حلي فضل عظيم فتحلّاه و قد قال رسول الله قولا قد رويناه *** و ذو العلم بما قال إذا أدرك معناه يرى الأخبار في المهدي جاءت بمسمّاه *** و قد أبداه بالنسبة و الوصف و سمّاه و يكفي قوله مني لإشراق محيّاه *** و من بضعته الزهراء مرساه و مسراه و لن يبلغ ما أوتيه أمثال و أشباه *** فإن قالوا هو المهديّ ما مانوا بما فاهوا ثمّ مدحه مدحا بليغا، و ذكر تاريخ ولادته و نسبه عليه السلام أبا و امّا، و أورد بعض الأخبار الواردة في المهدي عليه السلام من طريق أبي داود، و الترمذي، و البغوي، و مسلم، و البخاري، و الثعلبي، و ذكر بعض الشبهات و أجاب عنها». 9- الحافظ أبو محمّد أحمد بن إبراهيم بن هاشم الطوسي البلاذري، من أهل طوس، و في «كشف الأستار» عن السمعاني: أنّه كان حافظا فهيما عارفا بالحديث ... إلى أن قال: كان واحد عصره في الحفظ و الوعظ، و من أحسن الناس عشرة، و أكثرهم فائدة، و كان يكثر المقام بنيسابور، يكون له في كلّ اسبوع مجلسان عند شيخي البلد: أبي الحسين المحمي، و أبي نصر العبدي، و كان أبو علي الحافظ و مشايخنا يحضرون مجالسه، و يفرحون بما يذكره على الملأ من الأسانيد، و لم أرهم غمزوه قط في إسناد أو اسم أو حديث، و كتب بمكّة عن إمام أهل البيت عليهما السلام أبي محمّد الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى الرضا عليهم السلام. و ذكر أبو الوليد الفقيه، قال: «كان أبو محمّد البلاذري و سمع كتاب الجهاد من محمّد بن إسحاق، و امّه عليلة بطوس ... إلى أن قال: قال الحاكم: استشهد بالطاهران سنة (339 ه)، فقال علامة عصره، الشاه وليّ الله الدهلوي- والد عبد العزيز المعروف بشاه صاحب، صاحب «التحفة الاثنا عشريّة في الردّ على الاماميّة» الذي وصفه ولده بقوله: خاتم العارفين، و قاصم المخالفين، سيّد المحدّثين، سند المتكلّمين، حجّة الله على العالمين ... الخ- في كتاب النزهة: إنّ الوالد روى في كتاب المسلسلات المشهور بالفضل المبين: قلت: شافهني ابن عقلة باجازة جميع ما يجوز له روايته، و وجدت في مسلسلاته حديثا مسلسلا بانفراد كلّ راو من رواته بصفة عظيمة تفرّد بها، قال- رحمه الله-: أخبرني فريد عصره الشيخ حسن بن علي العجمي، أنا حافظ عصره جمال الدين الباهلي، أنا مسند وقته محمّد الحجازي الواعظ، أنا صوفي زمانه الشيخ عبد الوهاب الشعراني، أنا مجتهد عصره الجلال السيوطي، أنا حافظ عصره أبو نعيم رضوان العقبي، أنا مقرئ زمانه الشمس محمّد بن الجزري، أنا الإمام جمال الدين محمّد بن محمّد الجمال زاهد عصره، أنا الإمام محمّد بن مسعود محدث بلاد فارس في زمانه، أنا شيخنا إسماعيل بن مظفّر الشيرازي عالم وقته، أنا عبد السلام بن أبي الربيع الحنفي محدث زمانه، أنا أبو بكر عبد الله بن محمّد بن شابور القلانسي شيخ عصره، أنا عبد العزيز، ثنا محمّد الآدمي إمام أوانه، أنا سليمان بن إبراهيم بن محمّد بن سليمان نادرة عصره، ثنا أحمد بن محمد بن هاشم البلاذري حافظ زمانه، ثنا م ح م د بن الحسن بن علي المحجوب إمام عصره، ثنا الحسن بن علي، عن أبيه، عن جدّه علي بن موسى الرضا عليهم السلام، ثنا موسى الكاظم، قال: ثنا أبي جعفر الصادق، ثنا أبي محمّد الباقر بن علي، ثنا أبي علي بن الحسين زين العابدين السجّاد، ثنا أبي الحسين سيّد الشهداء، ثنا أبي علي بن أبي طالب عليهم السلام سيّد الأولياء، قال: أخبرنا سيّد الأنبياء محمّد بن عبد الله صلّى الله عليه و آله قال: أخبرني جبرئيل سيّد الملائكة قال: قال الله تعالى سيّد السادات: إنّي أنا الله لا إله إلّا أنا، من أقرّ لي بالتوحيد دخل حصني، و من دخل حصني أمن من عذابي. قال الشمس ابن الجزري: كذا وقع هذا الحديث من المسلسلات السعيدة، و العهدة فيه على البلاذري و قال الشاه ولي الله المذكور أيضا في رسالته: «النوادر من حديث سيّد الأوائل و الأواخر» ما لفظه: «حديث م ح م د بن الحسن الّذي يعتقد الشيعة أنّه المهديّ عن آبائه الكرام: وجدت في مسلسلات الشيخ ابن عقلة المكّي، عن الحسن العجمي ح، أخبرنا أبو طاهر أقوى أهل عصره سندا إجازة لجميع ما تصحّ له روايته، قال: أخبرنا فريد عصره الشيخ حسن بن علي العجمي ... إلى آخر ما تقدّم، باختلاف جزئيّ في تقديم بعض الألقاب و تأخيره عن الأسامي، انتهى كلام «كشف الأستار». و قال في كتاب «البرهان على وجود صاحب الزمان» بعد ذكر ما ذكرنا من «كشف الأستار»: «و في عجائب الآثار للشيخ عبد الرحمن الجبرتي الحنفي، المطبوع بمصر على هامش كامل ابن الأثير سنة (1301 ه)، في حوادث شهر ذي الحجّة سنة (1215 ه): «و أمّا من مات في هذه السنّة ممّن له ذكر: مات الإمام الفاضل الصالح العلامة الشيخ عبد العليم بن محمّد بن محمّد بن عثمان المالكي الأزهري الضرير، حضر درس الشيخ علي الصعيدي رواية و دراية، فسمع عليه جملة من الصحيح و الموطأ و الشمائل و الجامع الصغير و مسلسلات ابن عقلة، و روى عن كلّ من: الملوي و الجوهري و البليدي ... الى أن قال: و كان من البكّائين عند ذكر الله، سريع الدمعة، كثير الخشية، و عن السيوطي في «رسالة التدريب» أنّه قال: و ذكر في «شرح النخبة» أنّ المسلسل بالحفّاظ ممّا يفيد العلم القطعيّ، انتهى. فلا وجه لقول ابن الجزري كما تقدّم: «و العهدة فيه على البلاذري»، هذا مع ما سمعت عن السمعاني في حقّ البلاذري، سيّما قوله: و لم أرهم غمزوه قطّ، انتهى ما في كتاب «البرهان». و ذكر أيضا المحدّث النوري هذا الحديث في النجم الثاقب. 10- القاضي فضل بن روزبهان، شارح «الشمائل» للترمذي، و صاحب كتاب «إبطال نهج الباطل في ردّ كتاب كشف الحقّ و نهج الصدق و الصواب»، تصنيف آية الله العلامة الحلّي الّذي ردّ عليه نصرة للعلامة- قدّس سرّه- القاضي الشريف الشهيد السعيد نور الله بن شريف المرعشي الحسيني- ألبسه الله من حلل رحمته- في كتابه المعروف ب «إحقاق الحق و إزهاق الباطل»، و ردّ على هذا الكتاب «إبطال نهج الباطل» أيضا بعض الأعلام من المعاصرين- جزاه الله عن الحق و أهله- في كتابه «دلائل الصدق». قال القاضي فضل بن روزبهان في المسألة الخامسة في القسم الثالث في شرح قول العلامة (المطلب الثاني: في زوجته و أولاده ... الخ) ما هذا لفظه: «أقول: ما ذكر من فضائل فاطمة- صلوات الله على أبيها و عليها و على سائر آل محمّد و السلام- أمر لا ينكر، فإنّ الإنكار على البحر برحمته، و على البرّ بسعته، و على الشمس بنورها، و على الأنوار بظهورها، و على السحاب بجوده، و على الملك بسجوده، إنكار لا يزيد المنكر إلّا الاستهزاء به، و من هو قادر على أن ينكر على جماعة هم أهل السداد، و خزّان معدن النبوّة، و حفّاظ آداب الفتوة، صلوات الله و سلامه عليهم، و نعم ما قلت فيهم منظوما: سلام على المصطفى المجتبى *** سلام على السيّد المرتضى سلام على ستّنا فاطمة *** من اختارها الله خير النساء سلام من المسك أنفاسه *** على الحسن الألمعي الرضا سلام على الأروعي الحسين *** شهيد برى جسمه كربلا سلام على سيّد العابدين *** علي بن الحسين المجتبى سلام على الباقر المهتدي *** سلام على الصادق المقتدى سلام على الكاظم الممتحن *** رضيّ السجايا إمام التقى سلام على الثامن المؤتمن *** علي الرضا سيّد الأصفياء سلام على المتّقي التقي *** محمّد الطيّب المرتجى سلام على الأريحي النقي *** علي المكرّم هادي الورى سلام على السيّد العسكريّ *** إمام يجهّز جيش الصفا سلام على القائم المنتظر *** أبي القاسم القرم نور الهدى سيطلع كالشمس في غاسق *** ينجّيه من سيفه المنتضى ترى يملأ الأرض من عدله *** كما ملئت جور أهل الهوى سلام عليه و آبائه *** و أنصاره ما تدوم السماء 11- العالم المشهور أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن محمّد بن الخشّاب، المتوفّى سنة (567 ه)، روى في كتابه تاريخ مواليد الأئمّة و وفياتهم على ما حكى عنه في «كشف الأستار» و «النجم الثاقب» و «أعيان الشيعة»: «بإسناده عن أبي بكر أحمد بن نصر بن عبد الله بن الفتح الدرّاع النهرواني، حدّثنا صدقة بن موسى، حدّثنا أبي، عن الرضا عليه السلام، قال: الخلف الصالح من ولد أبي محمّد الحسن بن علي، و هو صاحب الزمان، و هو المهديّ. و حدّثني الجرّاح بن سفيان، قال: حدّثني أبو القاسم طاهر بن هارون بن موسى العلوي، عن أبيه هارون، عن أبيه موسى، قال: قال سيّدي جعفر بن محمّد عليهما السلام: الخلف الصالح من ولدي، و هو المهديّ، اسمه: م ح م د، و كنيته: أبو القاسم، يخرج في آخر الزمان، يقال لامّه صيقل ... الخ». أقول: كتابه مواليد الأئمّة مطبوع موجود. 12- الشيخ محيي الدين أبو عبد الله محمّد بن علي، المعروف بابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي، المتوفى كما في كشف الظنون سنة (638 ه)، المدفون بصالحيّة الشام، و قبره بها معروف مزور، فقد نقل ذلك عنه الشيخ عبد الوهاب الشعراني في المبحث الخامس و الستّين من كتاب «اليواقيت و الجواهر» (ص 145 ج 2 ط المطبعة الازهرية المصرية سنة 1307 ه)، قال الشعراني: «و عبارة الشيخ محيي الدين في الباب 366 من الفتوحات: و اعلموا أنّه لا بدّ من خروج المهدي عليه السلام، لكن لا يخرج حتّى تمتلأ الأرض جورا و ظلما فيملأها قسطا و عدلا، و لو لم يكن من الدنيا إلّا يوم واحد طوّل الله تعالى ذلك اليوم حتّى يلي ذلك الخليفة، و هو من عترة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم، من ولد فاطمة رضي الله عنها، جدّه الحسين بن علي بن أبي طالب، و والده الحسن العسكري ابن الإمام عليّ النقي- بالنون- ابن محمّد التقي- بالتاء- ابن الإمام عليّ الرضا ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمّد الباقر ابن الإمام زين العابدين ابن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يواطئ اسمه اسم رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، يبايعه المسلمون بين الركن و المقام، يشبه رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم في الخلق- بفتح الخاء- و ينزّل عنه في الخلق- بضمّها- اذ لا يكون أحد مثل رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم في أخلاقه. و الله تعالى يقول: «و انّك لعلى خلق عظيم»، هو أجلى الجبهة، أقنى الأنف، أسعد الناس به أهل الكوفة، يقسم المال بالسويّة، و يعدل في الرعيّة، يأتيه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني و بين يديه المال، فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله ... الخ» و ذكر صفاته، و أوصافه، و أفعاله. و نقل هذه الألفاظ بعينها عن الفتوحات الشيخ الاستاذ محمّد الصبّان في «اسعاف الراغبين» (ب 2 ص 142 ط المطبعة الميمنيّة بمصر سنة 1312 ه). هذا و لم أجد هذا التصريح فيما رأيت من النسخ كالنسخة المطبوعة بدار الكتب العربيّة بمصر فإنّها تخالف عباراتها مع ما في اليواقيت، و ظنّي أنّه قد عملت فيها أيدي الّذين يحرّفون الكلم عن مواضعه، فاسقطت عنها ذكر نسبه الشريف، و كم لهذه التصرّفات و التحريفات من نظير في الكتب المطبوعة بمصر، و لعمر الحقّ إنّها لجناية كبيرة على العلم و الدين، و على الامّة الإسلاميّة، و على روّاد الحقائق، و كأنّهم يرون من الواجبات هذه التصرّفات و التحريفات إذا كان في كتاب منقبة و فضيلة لأهل بيت النبيّ و الوصيّ، و ما لا يوافق أهواءهم و آراءهم، أعاذنا الله و إيّاهم من التعصّب و العناد. و من شعر الشيخ محيي الدين كما في الفتوحات ب 366: هو السيّد المهديّ من آل أحمد *** هو الصارم الهنديّ حين يبيد هو الشمس يجلو كلّ غمّ و ظلمة *** هو الوابل الوسميّ حين يجود و نقل عنه في «ينابيع المودّة» ص 467 عن كتابه «عنقاء المغرب» في بيان المهدي الموعود و وزرائه أبياتا، أوّلها: و عند فناء خاء الزمان و دالها .... 13- الشيخ سعد الدين محمّد بن المؤيّد بن أبي الحسين بن محمّد بن حمويه، المعروف بالشيخ سعد الدين الحموي، و قد صنّف كتابا مفردا في أحوال صاحب الزمان وافق فيه الاماميّة، كما نقل عن عبد الرحمن الجامي في «مرآة الأسرار» عن صاحب المقصد الأقصى و نقل عن صاحب العقائد النسفيّة أنّ سعد الدين هذا صرّح بإمامة المهديّ، و أنّه صاحب الزمان عليه السلام، و أنّه آخر الأولياء الاثني عشر، و أنّه ليس أزيد من هؤلاء الأئمّة، إنّ الله تعالى جعلهم في دين محمّد نوّابه، «و العلماء ورثة الأنبياء» قاله رسول الله في حقّهم، و كذا قوله: «علماء أمّتي كأنبياء بني إسرائيل» قاله في حقّهم. قال في «ينابيع المودّة» ص 474 ما هذا لفظه: «و في كتاب الشيخ عزيز بن محمّد النفسي رحمه الله: شيخ الشيوخ سعد الدين الحموي- قدّس الله سره- مى فرمايد كه پيش از پيغمبر ما محمّد صلّى الله عليه و سلّم در أديان سابق اسم ولي نبود، و اسم نبيّ بود، و مقربان حضرت خداى را كه وارثان صاحب شريعتند جمله را انبيا مى گفتند در هر دينى از يك صاحب شريعت زياده نبود، پس در دين آدم عليه السلام چندين پيغمبر بودند كه وارثان او بودند، خلق را بدين او و شريعت او دعوت مى كردند، هم چنين در دين نوح و در دين ابراهيم و در دين موسى و در دين عيسى عليهم السلام و چون دين جديد و شريعت جديده بمحمد صلّى الله عليه و آله و سلّم پيدا آمد، حقّتعالى دوازده كس از اهل بيت محمّد صلّى الله عليه و سلّم را برگزيد و وارثان او گردانيد، و مقرّب حضرت خود كرد، و بولايت خود مخصوص گردانيد، و ايشان را نائبان محمّد صلّى الله عليه و سلّم، و وارثان او گردانيد، كه حديث «العلماء ورثة الأنبياء» در حقّ اين دوازده كس فرمود، و حديث «علماء أمّتي كأنبياء بني اسرائيل» در حقّ ايشان فرمود، امّا ولى آخرين كه نايب آخرين است، ولى دوازدهم و نايب دوازدهم مى باشد خاتم اوليا است، و مهدىّ صاحب الزمان نام او است، و شيخ مى فرمايد كه اوليا در عالم بيش از دوازده نيستند، و امّا آن سيصد و پنجاه و شش كس كه از رجال الغيبند ايشان را اولياء نمى گويند، و ايشان را ابدال مى گويند.» أقول: يوجد هذا في «الإنسان الكامل» (ط طهران ص 319) للنسفي مع اختلاف يسير. 14- أبو المواهب الشيخ عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني، المتوفّى سنة (973 ه) كما في موضع من كشف الظنون، و في موضع آخر سنة (960 ه)، قال في «اليواقيت و الجواهر» ص 145 ج 2 ط المطبعة الأزهريّة المصريّة سنة (1307 ه) المبحث الخامس و الستّون في بيان أنّ جميع أشراط الساعة الّتي أخبرنا بها الشارع حقّ لا بدّ أن تقع كلّها قبل قيام الساعة، و ذلك كخروج المهدي ... الى أن قال: و هو من أولاد الإمام حسن العسكري، و مولده عليه السلام ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين، و هو باق الى أن يجتمع بعيسى بن مريم عليه السلام، فيكون عمره إلى وقتنا هذا- و هو سنة ثمان و خمسين و تسعمائة- سبعمائة سنة و ستّ سنين، هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كوم الريش المطلّ على بركة الرطلي بمصر المحروسة، عن الإمام المهدي حين اجتمع به، و وافقه على ذلك شيخنا سيدي عليّ الخوّاص رحمهما الله تعالى. 15- الشيخ حسن العراقي المذكور، فإنّه ذكر الحجّة عليه السلام، و اجتماعه معه على ما ذكره الشعراني في «لواقح الأنوار في طبقات الأخيار» المطبوعة بمصر سنة 1305 ه ج 2 ص 140، و حكي عن هذا الكتاب بعد ذكر سياحة حسن العراقي أنّه قال: و سألت المهدي عن عمره، فقال: يا ولدي عمري الآن (620 سنة)، ولي عنه الآن مائة سنة، قال الشعراني: فقلت ذلك لسيدي علي الخوّاص، فوافقه على عمر المهديّ رضي الله عنهما. 16- الشيخ عليّ الخوّاص المذكور (الخوّاص بتشديد الواو كتمّار و لبّان: صانع الخوص) و قد بالغ الشعراني في مدحه في طبقاته الموسوم ب «لواقح الأنوار»: ج 2 ص 151- 170. 17- حسين بن معين الدين الميبدي، قال في ص 371 شرح الديوان في شرح قوله عليه السلام: بنيّ إذا ما جاشت الترك فانتظر *** ولاية مهديّ يقوم و يعدل و ذلّ ملوك الأرض من آل هاشم *** و بويع منهم من يلذّ و يهزل صبيّ من الصبيان لا رأي عنده *** و لا عنده جدّ و لا هو يعقل فثمّ يقوم القائم الحقّ منكم *** و بالحقّ يأتيكم و بالحقّ يعمل سمّي نبيّ الله نفسي فداؤه *** فلا تخذلوه يا بني و عجلوا ما هذا لفظه: «اميد به كرم وهاب نعم آنكه باصره ما از كحل الجواهر خاك آستان آن حضرت روشنى يابد و آفتاب عالمتاب حقيقة جامعه او بر در و بام تشخص ما تابد، و ما ذلك على الله بعزيز»، و صرّح في ص 123 بولادته عليه السلام و تاريخها. 18- الحافظ محمّد بن محمّد محمود البخاري، المعروف بخواجه پارسا من أعيان علماء الحنفيّة، و أكابر مشايخ النقشبنديّة، توفّي كما في كشف الظنون سنة (822 ه)، قال في فصل الخطاب: «و أبو محمّد الحسن العسكري ولده م ح م د- رضي الله عنهما- معلوم عند خاصّة أصحابه، و ثقات أهله، ثمّ ذكر حديث حكيمة، و حكاية المعتضد، و بعض علائم ظهوره (إلى أن قال:) و الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى، و مناقب المهدي صاحب الزمان، الغائب عن الأعيان، الموجود في كلّ زمان كثيرة، و قد تظاهرت الأخبار على ظهوره، و إشراق نوره، يجدّد الشريعة المحمّديّة، و يجاهد في الله حقّ جهاده، و يطهّر من الأدناس أقطار البلاد، زمانه زمان المتّقين، و أصحابه خلصوا من الريب، و سلموا من العيب، و أخذوا بهديه و طريقه، و اهتدوا من الحقّ إلى تحقيقه، به ختمت الخلافة و الإمامة، و هو الإمام من لدن مات أبوه إلى يوم القيامة، و عيسى عليه السلام يصلّي خلفه، و يصدّقه على دعواه، و يدعو إلى ملّته الّتي هو عليها، و النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم صاحب الملّة» و حكى ذلك عنه النوري في «كشف الأستار». و نقل في «ينابيع المودّة» عنه ص 451 أيضا التصريح بولادته، و غيبته، و اختفائه. 19- الحافظ أبو الفتح محمّد بن أبي الفوارس، روى في أربعينه الموجود تصوير نسخته الخطّية- الموجودة في مكتبة آستان قدس عندنا- حديث: من أحبّ أن يلقى الله عزّ و جلّ و هو مقبل عليه فليتولّ عليّا إلى آخر الاثني عشر. و قال في آخر كلامه- كما في هذا الكتاب-: «و إنّما ملت إلى تفضيلهم (يعني: أهل البيت) بعد أن تقدّمت مذاهب فعرفتها، و بان لي الحقيقة فعرفتها، و تبيّنت الطريقة فسلكتها بالشواهد اللائحة، و الأخبار الصحيحة الواضحة، و نبّئت بها من الثقات و أهل الورع و الديانات، و كذلك أدّيناها حسب ما رويناها». 20- أبو المجد عبد الحقّ الدهلوي البخاري، صاحب التصانيف الكثيرة، حتّى نقل أنّ تصنيفاته بلغت مائة مجلّد، توفّي سنة (1052 ه)، قال في رسالته في المناقب و أحوال الأئمة عليهم السلام كما في «كشف الأستار»: «و أبو محمّد الحسن العسكري ولده م ح م د- رضي الله عنهما- معلوم عند خواصّ أصحابه و ثقاته»، ثمّ نقل قصّة الولادة بالفارسيّة. 21- الشيخ أحمد الجامي النامقي، قال كما في «ينابيع المودّة» ص 472، و في مجالس المؤمنين في المجلس السادس: من ز مهر حيدرم هر لحظه اندر دل صفا است *** از پى حيدر حسن ما را امام و رهنما است همچو كلب افتاده ام بر آستان بو الحسن *** خاك نعلين حسين بر هر دو چشمم توتيا است عابدين تاج سر و باقر دو چشم روشنم *** دين جعفر بر حق است و مذهب موسى روا است اى موالى وصف سلطان خراسان را شنو *** ذره اى از خاك قبرش دردمندان را دواست پيشواى مؤمنان است اى مسلمانان تقى *** گر نقى را دوست دارى بر همه ملت روا است عسكرى نور دو چشم آدم است و عالم است *** همچو يك مهدى سپهسالار در عالم كجا است شاعران از بهر سيم و زر سخنها گفته اند *** احمد جامى غلام خاص شاه اوليا است 22- الشيخ فريد الدين محمّد العطّار النيسابوري، المقتول كما في مجالس المؤمنين سنة (627 ه) أو (589 ه)، قال في كتاب «مظهر الصفات» كما نقل عنه في «ينابيع المودّة» ص 473: مصطفى ختم رسل شد در جهان *** مرتضى ختم ولايت در عيان جمله فرزندان حيدر اوليا *** جمله يك نورند حق كرد اين ندا و بعد ذكر أسماء الأئمّة عليهم السلام قال: صد هزاران اوليا روى زمين *** از خدا خواهند مهدى را يقين يا الهى مهديم از غيب آر *** تا جهان عدل گردد آشكار مهدى هادى است تاج اتقيا *** بهترين خلق برج اوليا اى تو ختم اولياى اين زمان *** و از همه معنى نهانى جان جان اى تو هم پيدا و پنهان آمده *** بنده عطارت ثنا خوان آمده 23- جلال الدين محمّد العارف البلخي الرومي، المعروف بالمولوي، المتوفّى سنة (672 ه)، قال في ديوانه الكبير الّذي جمع على ترتيب حروف الهجاء كما في «ينابيع المودّة» ص 473: اى سرور مردان على مستان سلامت مى كنند *** و اى صفدر مردان على مردان سلامت مى كنند ... الى أن قال: با قاتل كفار گو با دين و با ديندار گو *** با حيدر كرار گو مستان سلامت مى كنند با درج دو گوهر بگو با برج دو اختر بگو *** با شبّر و شبير بگو مستان سلامت مى كنند با زين دين عابد بگو با نور دين باقر بگو *** با جعفر صادق بگو مستان سلامت مى كنند با موسى كاظم بگو با طوسى عالم بگو *** با تقى قائم بگو مستان سلامت مى كنند با مير دين هادى بگو با عسكرى مهدى بگو *** با آن ولى مهدى بگو مستان سلامت مى كنند 24- الشيخ العارف بأسرار الحروف صلاح الدين الصفدي، المتوفّى سنة (764 ه)، قال في شرح الدائرة كما في «ينابيع المودّة»: «إنّ المهدي الموعود هو الإمام الثاني عشر من الأئمّة، أوّلهم سيّدنا علي، و آخرهم المهدي رضي الله عنهم». 25- المولوي علي أكبر بن أسد الله المؤودي، من متأخّري علماء الهند، في كتاب المكاشفات الذّي جعله كالحواشي على نفحات الانس للمولى عبد الرحمن الجامي، فإنّه كما في كشف الأستار ص 80 و حكي عن استقصاء الأفحام أيضا ص 98 صرّح في المبحث الخامس و الأربعين بإمامة الحجّة بن الحسن العسكري و آبائه و عصمتهم إلى أمير المؤمنين علي، و أنّه كان قطبا بعد أبيه الحسن العسكري عليهما السلام، كما كان قطبا بعد أبيه إلى الإمام علي بن أبي طالب، و كونه غائبا عن العوام و الخواصّ لا عن أعين أخصّ الخواص، و صرّح بعصمة الأئمّة الاثني عشر. 26- الشيخ عبد الرحمن صاحب كتاب «مرآة الأسرار» أحد مشايخ الصوفيّة، و هو الّذي ينقل عنه الشاه ولي الله الهندي الدهلوي، والد الشاه عبد العزيز صاحب «التحفة الاثنا عشريّة»، قال في كتاب «مرآة الأسرار» على ما حكي عنه في النجم الثاقب و كشف الأستار ما هذا لفظه: «ذكر آن آفتاب دين و دولت آن هادى جميع ملّت، و دولت آن قائم مقام پاك أحمدى، امام بر حق، ابو القاسم محمّد بن الحسن المهدى رضي الله عنه، وى امام دوازدهم است، از ائمّه اهل بيت، مادرش أمّ ولد بود، نرجس نام داشت، ولادتش شب جمعه پانزدهم شعبان سنه خمس و خمسين و مأتين ... تا اينكه گويد: و امام دوازدهم در كنيه و نام حضرت رسالت پناهى موافقت دارد، و القاب شريفش: مهدى، و حجّت، و قائم، و منتظر، و صاحب الزمان، و خاتم اثنى عشر، و صاحب الزمان عليه السلام، در وقت وفات پدر خود امام حسن عسكري عليه السلام پنج سأله بود، كه بر مسند امامت نشست چنانچه حقّتعالى حضرت يحيى بن زكريا عليهما السلام را در حال طفوليت حكمت كرامت فرمود، و عيسى بن مريم را وقت صبا به مرتبه بلند رسانيد، و همچنين او را در صغر سن امام گردانيد، و خوارق عادات او نه چندان است كه در اين مختصر گنجايش دارد (ثمّ نقل كلام الشيخ محيي الدين المتقدّم ذكره و قال:) و حضرت مولانا عبد الرحمن جامى مردي صوفى كارها ديده، و شافعى مذهب بوده، تمام احوالات و حقيقت متولّد شدن و مخفى گشتن امام محمّد بن حسن عسكرى عليهما السلام مفصّل در كتاب «شواهد النبوّة»، تصنيف خود بوجه احسن از ائمه اهل بيت عترت و طهارت، و ارباب سيرت روايت كرده است، و صاحب كتاب «مقصد أقصى» مى نويسد، كه حضرت شيخ سعد الدين حموى خليفة حضرت نجم الدين در حقّ امام مهدى يك كتاب تصنيف كرده است، و ديگر چيزها بسيار همراه او نموده است، كه ديگر هيچ آفريده اى را آن اقوال و تصرّفات ممكن نيست، چون او ظاهر شود ولايت مطلقه آشكارا گردد، و اختلاف مذاهب و ظلم و بدخوئى برخيزد، چنانكه أوصاف حميده در احاديث نبوى وارد شده است، كه مهدى در آخر زمان آشكارا گردد، و تمام ربع مسكون را از جور و ظلم پاك سازد، و يك مذهب پديد آيد مجملا هرگاه دجال بدكردار پيدا شده بود و زنده و مخفي هست، و حضرت عيسى عليه السلام كه بوجود آمده بود و مخفى از خلق است، پس اگر فرزند رسول خدا صلّى الله عليه و آله امام محمّد مهدى بن حسن عسكري عليهما السلام از نظر عوام پوشيده شد، و بوقت خود مثل عيسى عليه السلام و دجال موافق تقدير الهى آشكار گردد، جاي تعجّب نيست از اقوال چندين بزرگان، و از فرموده أئمّه أهل بيت رسول خدا صلّى الله عليه و آله انكارنمودن از راه تعصّب چندان ضرور نيست». 27- بعض مشايخ الشعراني، قال في «ينابيع المودّة» ص 470: «إنّ الشيخ عبد الوهاب الشعراني- قدّس سرّه- قال في كتابه «الأنوار القدسيّة»: إنّ بعض مشايخنا قال: نحن بايعنا المهدي عليه السلام بدمشق الشام، و كنّا عنده سبعة أيّام، و قال لي الشيخ عبد اللطيف الحلبي سنة ألف و مائتين و ثلاث و سبعين: إنّ أبي الشيخ إبراهيم- رحمه الله- قال: سمعت بعض مشايخي من مشايخ مصر، يقول: بايعنا الإمام المهدي، انتهى». 28- ملك العلماء القاضي شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي، صاحب التفسير المسمّى ب «البحر الموّاج»- بالفارسيّة- و «مناقب السادات»- بالفارسيّة- المتوفّى سنة (849 ه)، و صاحب كتاب «المناقب الموسوم بهداية السعداء»، و قد صرّح فيه على ما حكي عنه في النجم الثاقب و كشف الأستار بإمامة الأئمّة الاثني عشر و أساميهم، و نقل حديث اللوح، و قال في حقّ الحجّة بن الحسن عليه السلام: «هو غائب، و له عمر طويل كما عمّر بين المؤمنين: عيسى، و إلياس، و الخضر، و في الكافرين: الدجّال، و السامري». أقول: راجع الهداية الجولة الثانية من الهداية الثالثة عشرة. 29- الشيخ سليمان بن شيخ إبراهيم، المعروف بخواجه كلان، الحسيني، البلخي، القندوزي، المتوفّى سنة (1294 ه) صاحب «ينابيع المودّة»، فإنّه ذكر في هذا الكتاب في عدّة مواضع حالاته، و معجزاته، و تاريخ ولادته، و نسبه، و بعض الأخبار الواردة في شأنه، و قال في ص 452 بعد ذكر أقوال بعضهم في تاريخ ولادته: «فالخبر المعلوم المحقّق عند الثقات أنّ ولادة القائم عليه السلام كانت ليلة الخامس عشر من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين، في بلدة سامراء، عند القران الأصغر الّذي كان في القوس، و هو رابع القران الأكبر الذي كان في القوس، و كان الطالع الدرجة الخامسة و العشرين من السرطان زايجته المباركة في افق سامراء هذه ... الخ». 30- الشيخ عامر بن عامر البصري، صاحب القصيدة التائيّة المسمّاة بذات الأنوار، و هي في المعارف و الحكم و الأسرار و الآداب مشتملة على اثني عشر نورا، فقال: «النور التاسع: في معرفة صاحب الوقت ذاته، و وقت ظهوره (كما في كشف الأستار): إمام الهدى حتّى متى أنت غائب *** فمنّ علينا يا أبانا بأوبة تراءت لنا رايات جيشك قادما *** ففاحت لنا منها روائح مسكة و بشرت الدنيا بذلك فاغتدت *** مباسمها مفترة عن مسرّة مللنا و طال الانتظار فجد لنا *** بربّك يا قطب الوجود بلقية إلى أن قال: فعجّل لنا حتّى نراك فلذّة *** المحبّ لقا محبوبه بعد غيبة 31- القاضي جواد الساباطي، الّذي كان نصرانيّا فأسلم، و صنّف كتاب «البراهين الساباطيّة في الردّ على النصارى»، و ذكر في هذا الكتاب على ما حكى عنه في النجم الثاقب و كشف الأستار بعد ذكر اختلاف المسلمين في المهديّ: «أنّ قول الإماميّة أقرب، لمطابقته مع النصّ». 32- الشيخ أبو المعالي صدر الدين القونوي، صاحب «تفسير الفاتحة»، و «مفتاح الغيب»، و غيرهما، له كما في «كشف الأستار» أبيات أوّلها: «يقوم بأمر الله في الأرض ظاهرا ...»، و قال (كما في هذا الكتاب) لتلاميذه في وصاياه: «إنّ الكتب الّتي كانت لي من كتب الطبّ، و كتب الحكماء، و كتب الفلاسفة، بيعوها و تصدّقوا بثمنها للفقراء، و أمّا كتب التفاسير و الأحاديث و التصوّف فاحفظوها في دار الكتب، و اقرءوا كلمة التوحيد: لا إله إلّا الله سبعين ألف مرّة ليلة الاولى بحضور القلب، و بلّغوا منّي سلاما إلى المهدي عليه السلام». 33- الفاضل البارع عبد الله بن محمّد المطيري شهرة المدني حالا، صرّح به في كتابه «الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبيّ و عترته الطاهرة»، فعدّ هنا الأئمّة واحدا بعد واحد (على ما حكى عنه في كشف الأستار) إلى أن قال: «الحادي عشر ابنه الحسن العسكري- رضي الله عنه- الثاني عشر ابنه محمّد القائم المهدي- رضي الله عنه- و قد سبق النصّ عليه في ملّة الإسلام من النبي محمّد صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم، و كذا من جدّه علي رضوان الله عليه و من بقيّة آبائه أهل الشرف و المراتب، و هو صاحب السيف القائم المنتظر، كما ورد ذلك في صحيح الخبر، و له قبل قيامه غيبتان ... إلى آخر ما قال. قال في «كشف الأستار»: و النسخة الّتي عثرت عليها عتيقة، و كانت لمؤلّفها، و بخطّه على ظهرها: كتاب الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبيّ و عترته الطاهرة، تأليف الفقير إلى الله عبد الله محمّد المطيري شهرة المدني حالا، الشافعي مذهبا، الأشعري اعتقادا، و النقشبندي طريقة، نفعنا الله من بركاتهم، آمين. 34- شيخ الإسلام أبو المعالي محمّد سراج الدين الرفاعي، ثمّ المخزومي الشريف الكبير، ذكر في كتابه صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطميّة الأخيار في ترجمة أبي الحسن الهادي عليه السلام (على ما في كشف الأستار): «و أمّا الإمام علي الهادي بن الإمام محمّد الجواد عليهما السلام، و لقبه: النقي، و العالم، و الفقيه، و الأمير، و الدليل، و العسكري، و النجيب، ولد في المدينة سنة (212 ه) من الهجرة، و توفّي شهيدا بالسمّ في خلافة المعتزّ العبّاسي يوم الاثنين لثلاث ليال خلون من رجب سنة (254 ه) و كان له خمسة أولاد: الإمام الحسن العسكري، و الحسين، و محمّد، و جعفر، و عائشة: فأمّا الحسن العسكريّ فأعقب صاحب السرداب الحجّة المنتظر، ولي الله الإمام المهدي عليه السلام». 35- مير خواند، المؤرّخ الشهير محمّد بن خاوندشاه بن محمود، المتوفّى- كما في كشف الظنون- سنة 903، ذكر في تاريخ روضة الصفا في المجلد الثالث: ولادته، و بعض أحواله، و معجزاته. 36- نصر بن علي الجهضمي النصري، أحد أعلام أهل السنّة و ثقاتهم، فإنّه صرّح كما في النجم الثاقب بولادته، و اسم امّه، و أسماء بوّابه، و هذا النصر هو الّذي ذكره الشهيد الأول كما في هذا الكتاب أنّه روى في محضر المتوكّل أنّ النبي صلّى الله عليه و آله أخذ بيد الحسنين عليهما السلام، و قال: «من أحبّني و أحبّ هذين و أحبّ امّهما كان معي في درجتي يوم القيامة» فأمر المتوكّل بضرب ألف سوط عليه، فقال أبو جعفر بن عبد الواحد: إنّه من أهل السنّة، فعفا عنه. 37- شيخ الإسلام المحدّث الكبير إبراهيم بن محمّد بن المؤيّد الجويني الخراساني، المتوفّى سنة (730 ه)، في كتابه فرائد السمطين- المطبوع في مجلّدين كبيرين- صرّح في هذا الكتاب في عدّة مواضع بولادته، و أخرج الأخبار المبشّرة به و بالأئمّة الاثني عشر عليهم السلام. 38- القاضي المحقّق بهلول بهجت أفندي، مؤلّف كتاب «المحاكمة في تاريخ آل محمّد»، بالتركيّة المترجم بالفارسيّة، قد طبعت ترجمته مرارا لكثرة طالبيه، و هو كتاب جيّد حسن نافع، باحث عن المواقع المهمّة في التاريخ، و كاشف عن كثير من الحجب الّتي جعلتها أيدي المتعصّبين وراء الحوادث التاريخيّة و غيرها، و صرّح فيه بإمامة الأئمّة الاثني عشر، و ذكر بعض فضائلهم و أحوالهم، و ذكر ولادة الإمام الثاني عشر، و أنّه ولد في الخامس عشر من شعبان سنة (255 ه)، و أنّ اسم امّه نرجس، و أنّ له غيبتين: الاولى الصغرى، و الثانية الكبرى، و صرّح ببقائه عليه السلام، و أنّه يظهر حين يأذن الله تعالى له بالظهور، و يملأ الأرض قسطا و عدلا، و قال: «إنّ ظهوره أمر اتّفق عليه المسلمون، فلا حاجة الى ذكر الدلائل»، ثمّ ذكر بعض كلمات الأعاظم في حقّه، و بعض صفاته و علاماته. 39- الشيخ شمس الدين محمّد بن يوسف الزرندي، قال (كما في إلزام الناصب) في كتاب «معراج الوصول الى معرفة فضيلة آل الرسول»: «الإمام الثاني عشر صاحب الكرامات المشتهرة، الّذي عظم قدره بالعلم و اتّباع الحقّ و الأثر، القائم بالحقّ، و الداعي الى منهج الحقّ، الإمام أبو القاسم محمّد بن الحسن»، ثمّ ذكر تاريخ مولده. 40- شمس الدين التبريزي، شيخ المولوي، جلال الدين الرومي، نسب إليه ذلك في «ينابيع المودّة» على ما في «كشف الأستار». 41- المؤرّخ الشهير ابن خلّكان في «وفيات الأعيان»، و قد مرّ كلامه في ولادته و تاريخها. 42- المؤرّخ ابن الأزرق في «تاريخ ميافارقين»، على ما حكى عنه ابن خلّكان في وفيات الأعيان. 43- المولى علي القارئ، فإنّه ذكر في كتاب «المرقاة في شرح المشكاة» (على ما حكي عنه في إلزام الناصب و كشف الأستار) أسماء الأئمّة الاثني عشر، و أشار إلى مناقبهم و كراماتهم. 44- القطب المدار الّذي كتب عبد الرحمن الصوفي «مرآة الأسرار» لأجله، كما في «كشف الأستار». 45- المؤرّخ ابن الوردي، قال في «نور الأبصار» في الباب الثاني ص 153: «و في تاريخ ابن الوردي: ولد محمّد بن الحسن الخالص سنة خمس و خمسين و مائتين». 46- السيّد مؤمن بن حسن الشبلنجي، صاحب كتاب «نور الأبصار»، قال في هذا الكتاب في الباب الثاني ص 152: «فصل في ذكر مناقب محمّد بن الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمّد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، امّه أمّ ولد، يقال لها: نرجس، و قيل: صقيل، و قيل: سوسن، و كنيته: أبو القاسم، و لقّبه الإماميّة: بالحجّة، و المهديّ، و القائم، و المنتظر، و صاحب الزمان، و أشهرها المهديّ». 47- الشيخ النسّابة أبو الفوز محمّد أمين البغدادي السويدي، صاحب كتاب «سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب»، فانه ذكر أسماء الأئمّة الاثني عشر، و بعض فضائلهم و مناقبهم، و ذكر الإمام الحسن العسكري في ص 77 ب 6، و قال في ص 78 في خطّ الحسن العسكري: «محمّد المهدي، و كان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، و كان مربوع القامة، حسن الوجه و الشعر، أقنى الأنف، صبيح الجبهة». 48- شيخ الإسلام، إبراهيم بن سعد الدين، كما حكي عنه. 49- صدر الأئمّة ضياء الدين موفّق بن أحمد الخطيب المالكي، ثمّ الخوارزمي، أخطب خطباء خوارزم، فإنّه كما حكى عنه في «كشف الأستار» ذكر في مناقبه من الأحاديث ما هو صريح في الدلالة على هذا القول. 50- المولى حسين بن علي الكاشفي، صاحب «جواهر التفسير»، المتوفّى سنة (906 ه) كما في «كشف الظنون»، ذكر في «كشف الأستار» أنّ بعض البارعين نسب هذا القول إليه، و نقل في كشف الأستار عنه كلمات ظاهرة في الميل إليه. 51- السيّد علي بن شهاب الهمداني، صرّح بذلك في المودّة العاشرة من كتابه «المودّة في القربى». 52- الشيخ محمّد الصبّان المصري، المتوفّى سنة (1206 ه) كما يظهر من بعض كلماته في إسعاف الراغبين. 53- الناصر لدين الله أحمد بن المستضي ء بنور الله الخليفة العبّاسي، قال في «كشف الأستار» و «إلزام الناصب»: أمر بعمارة السرداب الشريف، و جعل على الصفة الّتي فيه شباكا من خشب ساج، منقوش عليه: «بسم الله الرحمن الرحيم، قل لا أسألكم عليه أجرا إلّا المودّة في القربى، و من يقترف حسنة نزد له فيها حسنا، إن الله غفور شكور، هذا ما أمر بعمله سيّدنا و مولانا الإمام المفترض الطاعة على جميع الأنام أبو العبّاس أحمد الناصر لدين الله، أمير المؤمنين، و خليفة ربّ العالمين، الّذي طبق البلاد إحسانه، و عمّ البلاد رأفته و فضله، قرّب الله أوامره الشريفة باستمرار النجح و اليسر، و ناطها بالتأييد و النصر، و جعل لأيّامه المخلّدة حدّا لا يكبو جواده، و لآرائه الممجّدة سعدا لا يخبو زناده، في عزّ تخضع له الأقدار فيطيعه عواصيها، و ملك تخشع له الملوك فيملكه نواصيها، بتولّي المملوك معد بن الحسين بن معد الموسوي الّذي يرجو الحياة في أيّامه المخلّدة، و يتمنّى إنفاق عمره في الدعاء لدولته المؤيّدة، و استجاب الله أدعيته، و بلغه في أيّامه الشريفة امنيته[ ذلك في ربيع الثاني] من سنة ستّ و ستمائة الهلاليّة، و حسبنا الله و نعم الوكيل، و صلّى الله على سيّدنا خاتم النبيين، و على آله الطاهرين و عترته و سلّم تسليما». و نقش أيضا في الخشب الساج داخل الصفة في دائر الحائط: «بسم الله الرحمن الرحيم، محمّد رسول الله، أمير المؤمنين علي ولي الله، فاطمة، الحسن بن علي، الحسين بن علي، علي بن الحسين، محمّد بن علي، جعفر بن محمّد، موسى بن جعفر، علي بن موسى، محمّد بن علي، علي بن محمّد، الحسن بن علي، القائم بالحقّ عليهم السلام، هذا عمل علي بن محمّد وليّ آل محمّد رحمه الله». و لو لا اعتقاد الناصر بانتساب السرداب إلى المهدي بكونه محلّ ولادته أو موضع غيبته أو مقام بروز كرامته، (لا أنّه مكان إقامته في طول غيبته كما نسبه بعض من لا خبرة له إلى الإماميّة و ليس في كتبهم قديما و حديثا أثر منه أصلا) لما أمر بعمارته و تزيينه، و لو كانت كلمات علماء عصره متّفقة على نفيه و عدم ولادته لكان إقدامه عليه بحسب العادة صعبا أو ممتنعا، فلا محالة فيهم من وافقه في معتقده الموافق لمعتقد جملة ممّن سبقت إليهم الإشارة، و هو المطلوب. و إنّما أدخلنا الناصر في سلك هؤلاء، لامتيازه عن أقرانه بالفضل و العلم، و عداده من المحدّثين، فقد روى عنه ابن سكينة و ابن الأخضر و ابن النجّار و ابن الدامغاني، انتهى ما في كشف الأستار. أقول: هذه العبارات موجودة باقية في السرداب الشريف قد رأيناها و قرأناها غير مرّة و راجع دليل سامراء، ليونس الشيخ إبراهيم السامرائي في سرداب الغيبة: ص 33- 36 تجد ذلك كلّه فيه. و يظهر من «نسمة السحر بذكر من تشيّع و شعر» ج 1 ص 253 أنّ الناصر يرى نفسه نائبا عن المهدي عليه السلام، و حكي عن الذهبي أيضا. 54- صاحب كتاب «شذرات الذهب»، أبو الفلاح عبد الحيّ بن العماد الحنبلي، المتوفّى سنة (1089 ه)، صرّح بولادته في الجزء الثاني من هذا الكتاب ص 141 و ص 150. 55- الشيخ عبد الرحمن محمّد بن علي بن أحمد البسطامي، قال في كتاب درة المعارف كما في ينابيع المودّة ص 401: «و المهدي أكثر الناس علما و حلما، و على خدّه الأيمن خال، و هو من ولد الحسين»، و له أشعار في شأن المهدي كما في «ينابيع المودّة»: و يظهر ميم المجد من آل أحمد *** و يظهر عدل الله في الناس أوّلا كما قد روينا عن عليّ الرضا *** و في كنز علم الحرف أضحى محصّلا و قال أيضا: و يخرج حرف الميم من بعد شينه *** بمكّة نحو البيت بالنصر قد علا فهذا هو المهدي بالحقّ ظاهر *** سيأتي من الرحمن للحقّ مرسلا و يملأ كلّ الأرض بالعدل رحمة *** و يمحو ظلام الشرك و الجور أوّلا ولايته بالأمر من عند ربّه *** خليفة خير الرسل من عالم العلا 56- الشيخ عبد الكريم اليماني، قال في «ينابيع المودّة» ص 466: «قال الشيخ الجليل عبد الكريم اليماني، قدّس الله سرّه، و وهب لنا فيوضه و علومه: و في يمن أمن يكون لأهلها *** الى أن ترى نور الهداية مقبلا بميم مجيد من سلالة حيدر *** و من آل بيت طاهرين بمن علا يلقّب بالمهديّ بالحقّ ظاهر *** بسنّة خير الخلق يحكم أوّلا 57- السيّد النسيمي، ذكره في «كشف الأستار» عن ينابيع المودّة. 58- عماد الدين الحنفي، ذكر في «كشف الأستار» أنّه نسب إليه هذا القول بعض البارعين. 59- الفاضل البارع عبد الله بن محمّد المطيري شهرة المدني حالّا في كتابه الموسوم ب «الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي و عترته الطاهرة صلوات الله عليهم»، صدّر كتابه هذا بذكر تمام رسالة «إحياء الميت بفضائل أهل البيت عليهم السلام» للامام جلال الدين السيوطي، و هي تشتمل على ستين حديثا فتمّمها و أنهاها إلى مائة و واحد و خمسين و روى في الحديث الاخير «أنّ من ذرّية الحسين بن علي المهدي المبعوث في آخر الزمان» ... إلى أن قال: فالإمام الأوّل علي بن أبي طالب عليه السلام ... و ساق أسامي الأئمّة ثمّ قال: الحادي عشر ابنه الحسن العسكري، الثاني عشر ابنه محمّد القائم المهدي، و قد سبق النصّ عليه في ملّة الإسلام من النبيّ محمّد صلّى الله عليه و آله، و كذا من جدّه علي بن أبي طالب (رضوان الله عليه)، و من بقيّة آبائه أهل الشرف و المراتب، و هو صاحب السيف القائم المنتظر». 60- الفاضل رشيد الدين الدهلوي الهندي، فقد ذكر- كما في كتاب الإمام الثاني عشر- في كتابه «إيضاح لطافة المقال» كلام خواجه پارسا في فصل الخطاب مرتضيا له. 61- الشاه وليّ الله الدهلوي، والد صاحب «التحفة في كتاب النزهة»، و غيره ممّن- روى الحديث المسلسل الّذي مرّ ذكره في «البلاذري». 62- الشيخ أحمد الفاروقي النقشبندي، المعروف بالمجدّد في الألف الثاني، كما نقل في «العبقري الحسان» عن كتابه «المكاتيب» ج 3 المكتوب 123. 63- أبو الوليد؛ محمّد بن شحنة الحنفي، قال في تاريخه المسمّى بروضة المناظر في أخبار الأوائل و الأواخر- المطبوع بهامش مروج الذهب في المطبعة الأزهريّة المصريّة سنة 1303 ه ج 1 ص 294-: «و ولد لهذا الحسن (يعني: الحسن العسكري عليه السلام) ولده المنتظر، ثاني عشرهم، و يقال له: المهدي، و القائم، و الحجّة محمّد، ولد في سنة خمس و خمسين و مائتين». 64- الشيخ خالد النقشبندي، المتوفّى سنة 1242 ه، مؤلّف «فرائد الفوائد»، و «رسالة الرابطة»، و صاحب ديوان مطبوع باسلامبول، في قصيدته الّتي مدح بها الإمام الثامن علي بن موسى الرضا عليه السلام، ذكر فيها الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام ... إلى أن قال: ديگر به نيكى تقى و پاكى نقى *** آنگه به عسكرى كه همه جسم، جوهر است ديگر به عدل پادشهى كز عدالتش *** با برّه شير شرزه بس به ز مادر است 65- سيّد باقر بن سيّد عثمان بخاري، مؤلّف «جواهر الأولياء» المطبوع (1396 ه)، في ص 31 و 32 و 307 و 378 و 471 و 541 و 544 و 556. 66- جمال الدين خواجه أحمد حقّاني، راجع جواهر الأولياء: ص 478. 67- سيّد و داية بن سيد عثمان بخاري، نقل عنه في جواهر الأولياء: ص 544 مناجاة بالفارسيّة، تتضمّن أسماء الأئمّة الاثنى عشر إلى مولانا المهدي عليهم السلام. 68- الشيخ عبد الله بن محمّد بن عامر الشبراوي الشافعي، شيخ الجامع الأزهر، صرّح في كتابه «الاتحاف بحبّ الأشراف» بإمامة الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام، و ولادة مولانا المهدي الإمام الثاني عشر عليه السلام، و ذكر قسما من فضائلهم و مقاماتهم.

ص: 223

ص: 224

ص: 225

ص: 226

ص: 227

ص: 228

ص: 229

ص: 230

ص: 231

ص: 232

ص: 233

ص: 234

ص: 235

ص: 236

ص: 237

ص: 238

ص: 239

خليفتي من بعدي، مختونا ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين عند طلوع الفجر، و كان أوّل من غسله رضوان خازن الجنّة مع جمع من الملائكة المقرّبين بماءحجّته على عباده، و خليفتي من بعدي، مختونا ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين عند طلوع الفجر، و كان أوّل من غسله رضوان خازن الجنّة مع جمع من الملائكة المقرّبين بماءالكوثر و السلسبيل، ثمّ غسلته عمّتي حكيمة بنت محمّد بن علي الرضا عليهما السلام، فسئل محمّد بن عليّ بن حمزة- رضي الله عنه- عن امّه عليه السلام، قال: امّه مليكة الّتي يقال لها بعض الأيّام: سوسن، و في بعضها: ريحانة، و كان صيقل و نرجس أيضا من أسمائها.

787-(1)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن رزق الله، قال: حدّثني موسى بن محمّد بن القاسم ابن حمزة بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال: حدّثتني حكيمة بنت محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قالت: بعث إليّ أبو محمّد الحسن بن علي عليهما السلام، فقال: يا عمّة، اجعلي إفطارك [هذه] الليلة عندنا، فإنّها ليلة النصف من شعبان، فإنّ الله تبارك و تعالى سيظهر في هذه الليلة الحجّة، و هو حجّته في أرضه، قالت: فقلت له: و من أمّه؟ قال لي: نرجس، قلت له:

جعلني الله فداك، ما بها أثر، فقال: هو ما أقول لك، قالت: فجئت، فلمّا سلّمت و جلست جاءت تنزع خفّي و قالت لي: يا سيّدتي [و سيّدة أهلي] كيف أمسيت؟ فقلت: بل أنت سيّدتي و سيّدة أهلي، قالت: فأنكرت قولي، و قالت: ما هذا يا عمّة؟! قالت: فقلت لها: يا بنيّة! إنّ الله تعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيّدا في الدنيا و الآخرة، قالت: فخجلت و استحيت، فلمّا أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة أفطرت و أخذت مضجعي فرقدت، فلمّا أن كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة، ففرغت من صلاتي و هي نائمة ليس بها حادث، ثمّ جلست معقّبة، ثمّ اضطجعت، ثمّ انتبهت فزعة و هي راقدة، ثمّ قامت فصلّت و نامت.

ص: 240


1- . كمال الدين: ج 2 ص 424 ب 42 ح 1؛ غيبة الشيخ: ص 234- 237 ح 204 بسنده عن أبي عبد الله المطهّري عن حكيمة نحوه، و فيه: «بعث إليّ أبو محمّد عليه السلام سنة خمس و خمسين و مائتين في النصف من شعبان ... الحديث»، و فيه حديث آخر ح 205 بمثل حديثه الأوّل مع زيادة، و حديث آخر ح 206 و 207 ص 237- 240 يؤيّد بعضها بعضا؛ ينابيع المودّة»: ص 449- 451 ب 79 ح 1 روى الحديث بطرق كثيرة، إثبات الوصيّة: ص 218- 220 مثله في المعنى؛ إعلام الورى: ر 4 ب 1 ف 2 البحار: ج 51 ب 1 ح 3.

قالت حكيمة: و خرجت أتفقّد الفجر، فإذا أنا بالفجر الأوّل كذنب السرحان و هي نائمة، فدخلني الشكوك، فصاح بي أبو محمّد عليه السلام من المجلس، فقال: لا تعجلي يا عمّة! فهاك الأمر قد قرب، قالت: فجلست و قرأت الم السجدة، و يس، فبينما أنا كذلك إذ انتبهت فزعة، فوثبت إليها، فقلت: اسم اللهعليك، ثمّ قلت لها: أ تحسّين شيئا؟ قالت: نعم يا عمّة، فقلت لها: اجمعي نفسك، و اجمعي قلبك، فهو ما قلت لك، قالت:

فأخذتني فترة و أخذتها فترة، فانتبهت بحسّ سيّدي، فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به عليه السلام ساجدا يتلقّى الأرض بمساجده، فضممته إليّ فإذا أنا به نظيف متنظّف، فصاح بي أبو محمّد عليه السلام: هلمّي إليّ ابني يا عمّة! فجئت به إليه، فوضع يديه تحت أليتيه و ظهره، و وضع قدميه على صدره، ثمّ أدلى لسانه في فيه، و أمرّ يده على عينيه و سمعه و مفاصله، ثمّ قال:

تكلّم يا بنيّ، فقال: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، ثمّ صلّى على أمير المؤمنين و على الأئمّة عليهم السلام، إلى أن وقف على أبيه ثمّ أحجم، ثمّ قال أبو محمّد عليه السلام: يا عمّة! اذهبي به إلى امّه ليسلّم عليها و ائتيني به، فذهبت به فسلّم عليها و رددته فوضعته في المجلس، ثمّ قال: يا عمّة! إذا كان يوم السابع فأتينا؛ قالت حكيمة: فلمّا أصبحت جئت لأسلّم على أبي محمّد عليه السلام، و كشفت الستر لأتفقّد سيّدي عليه السلام فلم أره، فقلت: جعلت فداك، ما فعل سيّدي؟ فقال: يا عمّة! استودعناه الّذي استودعته أمّ موسى عليه السلام، قالت حكيمة: فلمّا كان في اليوم السابع جئت فسلّمت و جلست، فقال: هلمّي إليّ ابني، فجئت بسيّدي عليه السلام و هو في الخرقة، ففعل به كفعلته الاولى، ثمّ أدلى لسانه في فيه كأنّه يغذّيه لبنا أو عسلا، ثمّ قال: تكلّم يا بنيّ، فقال: أشهد أن لا إله إلّا الله، و ثنّى بالصلاة على محمّد و على أمير المؤمنين و على الأئمّة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، حتّى وقف على أبيه عليه السلام، ثمّ تلا هذه الآية: بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*، وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ، وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ (1).

قال موسى: فسألت عقبة الخادم عن هذه، فقالت: صدقت حكيمة.

ص: 241


1- . القصص: 5.

788-(1)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه، و أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار- رضي الله عنهما- قالا: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثنا الحسين بن علي النيسابوري، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر عليهما السلام، عن السيّاري، قال: حدّثني نسيم و مارية، قالتا: إنّه لمّا سقط صاحب الزمان عليه السلام من بطن امّه جاثيا على ركبتيه، رافعا سبّابتيه إلى السماء، ثمّعطس فقال: الحمد لله ربّ العالمين، و صلّى الله على محمّد و آله، زعمت الظّلمة أنّ حجّة الله داحضة، لو اذن لنا في الكلام لزال الشك.

789-(2)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه، و محمّد بن موسى بن المتوكّل؛ و أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار- رضي الله عنهم- قالوا: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثني إسحاق بن رياح البصري، عن أبي جعفر العمري، قال: لمّا ولد السيّد عليه السلام قال أبو محمّد عليه السلام: ابعثوا إلى أبي عمرو، فبعث إليه، فصار إليه، فقال له:

اشتر عشرة آلاف رطل خبز، و عشرة آلاف رطل لحم، و فرّقه- أحسبه قال:

على بني هاشم- و عقّ عنه بكذا و كذا شاة.

790-(3)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدّثنا علي بن محمّد، قال: ولد الصاحب عليه السلام للنصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين.

791-(4)-

غيبة فضل بن شاذان: حدّثنا أحمد بن إسحاق بن عبد الله الأشعري قال: سمعت أبا محمّد، ابن علي العسكري عليه السلام يقول:

ص: 242


1- . كمال الدين: ج 2 ص 430 ب 42 ح 5؛ غيبة الشيخ: ص 147؛ إثبات الوصيّة: ص 221 في ولادته: «عن عدّة، عن محمّد بن يحيى، عن الحسين بن علي النيسابوري، عن إبراهيم بن محمّد، عن أحمد بن محمد السيّاري ... نحوه»، و ذكر بعد قوله عليه السلام «و صلّى الله على محمّد و آله»: «عبد داخر لله، غير مستنكف و لا مستكبر»، الخرائج و الجرائح: ج 1 ص 457 ح 2، إثبات الهداة: ج 3 ص 668 ب 33 ح 34 و 35؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 498 و 499 في معجزات صاحب الزمان؛ البحار: ج 51 ص 4 ب 1 ح 1؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 544 ب 10؛ الوسائل: ج 8 ص 461 ب 59 ح 1 و فيه القسم الأخير من الحديث؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 160 مختصرا؛ إعلام الورى: الركن الرابع ب 1 ف 2.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 430 و 431 ب 42 ح 6؛ البحار: ج 51 ص 5 ب 1 ح 9؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 483 ب 32 ف 5 ح 195.
3- . كمال الدين: ج 2 ص 430 ح 4؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 430 ب 32 ف 5 ح 194.
4- . كفاية المهتدي (الأربعين): ص 111 ح 29؛ كفاية الأثر: ص 290 و 291 ب 39 ح 4؛ كمال الدين: ج 2 ص 408 و 409 ب 38 ح 7 قال: «حدّثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود العيّاشي، عن أبيه، عن أحمد بن علي بن كلثوم، عن علي بن أحمد الرازي، عن أحمد بن إسحاق بن سعد، قال: سمعت أبا محمّد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام يقول: الحمد لله ...» و فيه: «الخلف من بعدي».

الحمد لله الّذي لم يخرجني من الدنيا حتّى أراني الخلف بعدي، أشبه الناس برسول الله خلقا و خلقا، يحفظه الله تبارك و تعالى في غيبته، ثمّ يظهره فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

792-(1)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدّثني علّان الرازي، قال: أخبرني بعض أصحابنا أنّه لمّا حملت جارية أبي محمّد عليه السلام قال: ستحملين ذكرا، و اسمه محمّد، و هو القائم من بعدي.

793-(2)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا الحسن بن علي بن زكريّا بمدينة السلام، قال: حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن خليلان، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن غياث بن أسيد، قال: شهدت محمّد بن عثمان العمري- قدّس الله روحه- يقول: لمّا ولد الخلف المهدي عليه السلام سطع نور من فوق رأسه إلى أعنان السماء، ثمّ سقط لوجهه ساجدا لربّه تعالى ذكره، ثمّ رفع رأسه و هو يقول: شهد الله أنّه لا إله إلّا هو و الملائكة و اولوا العلم قائما بالقسط، لا إله إلّا هو العزيز الحكيم، إنّ الدين عند الله الإسلام. قال: و كان مولده يوم الجمعة.

794-(3)-

كمال الدين: حدّثنا علي بن عبد الله الورّاق، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثني موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، أنّه خرج من أبي محمّد عليه السلام توقيع: زعموا أنّهم يريدون قتلي ليقطعوا هذا النسل، و قد كذّب الله عزّ و جلّ قولهم و الحمد لله.

795-(4)-

تاريخ الأئمة: و من الدلائل ما جاء عن الحسن بن علي العسكري عليهما السلام عند ولادة (م ح م د) بن الحسن عليه السلام في كلام كثير: زعمت الظّلمة أنّهم يقتلونني ليقطعوا هذا النسل، كيف رأوا قدرة القادر، و سمّاه المؤمّل.

ص: 243


1- . كمال الدين: ج 2 ص 408 ب 38 ح 4؛ كفاية الأثر: ص 489 و 490 ب 39 ح 2؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 481 ب 32 ف 5 ح 185؛ البحار: ج 51 ص 161 ب 9 ح 13.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 433 ب 42 ح 13؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 669 ب 33 ح 37.
3- . كمال الدين: ج 2 ص 407 ب 38 ح 3؛ البحار: ج 51 ص 160 و 161 ب 9 من أبواب النصوص ح 8؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 481 ح 184 ب 32.
4- . تاريخ الأئمّة: ص 14 ب «ولد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام». أقول: كتاب تأريخ الأئمّة، أو تأريخ آل الرسول، أو تواريخ الأئمّة أو المواليد، كتاب موجز مختصر في تأريخ مواليد الرسول و فاطمة الزهراء و الأئمّة الاثني عشر صلوات الله عليهم أجمعين؛ لابن أبي الثلج البغدادي المتوفّى سنة (325 ه)، و هو أبو بكر محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الله بن إسماعيل، المعروف بابن أبي الثلج. قال ابن النديم في «الفهرست»: خاصّيّ عامّيّ، و التشيع أغلب عليه، و له رواية كثيرة من روايات العامّة و تصنيفات في هذا المعنى، و كان ديّنا فاضلا ورعا، انتهى. و توجد ترجمته في غيره من كتب التراجم. و أمّا كتابه هذا فقد ظنّ أنّه من نصر بن علي الجهضمي؛ لأنّ ابن أبي الثلج روى في أوّله مواليد النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم و سيّدة النساء و الأئمّة إلى الرضا- عليهم السلام- بسنده عن نصر عن الرضا عليه السلام، فظنّ أنّ جميع الكتاب مروي عن النصر، و يظهر عدم صحّة هذا الظنّ بالمراجعة الى الكتاب نفسه. هذا مضافا إلى أنّ نصر بن علي مات في أيّام المستعين، سنة خمسين أو إحدى و خمسين بعد المائتين، و لو كان للنصر أيضا كتاب في مواليدهم عليهم السلام إلى مولانا المهدي صلوات الله عليه- كما صرّح به السيّد بن طاوس في مهج الدعوات: ص 276، و أخرج منه هذا الحديث، فقال: ذكر نصر بن عليّ الجهضمي، و هو من ثقات رجال المخالفين ... في كتاب «مواليد الأئمّة» فقال: و من الدلائل ما جاء عن الحسن بن علي العسكري عند ولادة محمّد بن الحسن: زعمت الظلمة ... فساق الحديث إلى قوله: «و سمّاه المؤمّل- فلا محيص إلّا من القول بأنّ وفاته وقعت بعد ولادة الإمام عليه السلام سنة 255 ه، و أنّ ما حكي عنه أنّ المستعين بعث إليه ليولّيه القضاء فقال لأمير البصرة: أرجع فأستخير الله تعالى، فرجع إلى بيته فصلّى ركعتين ثمّ قال: اللهمّ إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك، فنام فنبّهوه فإذا هو ميّت، غير صحيح و أنّ مستقضيه غير المستعين، و لعلّه كان المهتدي أو المعتمد. و من المحتمل أن يكون الكتاب من النصر إلى تاريخ ميلاد مولانا الرضا عليه السلام و وفاته، و أنّ أحمد بن محمّد الفاريابي الراوي عن نصر- و الّذي يروي عنه ابن أبي الثلج بواسطة عتبة بن سعد بن كنانة- اتمّه إلى مولانا القائم- بأبي هو و امّي-. و على جميع الاحتمالات، نسبة الكتاب إلى ابن أبي الثلج لم تقع في غير محلّه؛ لأنّه إمّا رواه عن الفاريابي و هو روى جزءا منه عن النصر و أتمّه بنفسه، و إمّا دوّن ما رواه عن النصر و الفاريابي و جمع ما بينهما في هذا الكتاب. و كيف كان فالمسمّى باسم مواليد الأئمّة أو تأريخ الأئمّة أو .. هو هذا الكتاب الّذي رواه عن ابن أبي الثلج أبو المفضّل الشيباني و غيره، فنسبة الكتاب إليه في محلّه، كما أنّ الاعتماد عليه و الحكم باعتباره باعتبار كون راويه شخصا مثل ابن أبي الثلج أيضا في محلّه، و الله أعلم. غيبة الشيخ: ص 223 ح 686 و ص 231 ح 197؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 430 ب 31 ف 10 ح 116.

796-(1)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد العلوي، عن أبي غانم الخادم، قال: ولد لأبي محمّد عليه السلام ولد فسمّاه محمّدا، فعرضه على أصحابه يوم الثالث، و قال: هذا صاحبكم من بعدي، و خليفتي عليكم، و هو القائم الّذي تمتدّ إليه الأعناق بالانتظار، فإذا امتلأت الأرض جورا و ظلما خرج فملأها قسطا و عدلا.

797-(2)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثني أبو علي الخيزراني، عن جارية له كان أهداها لأبي محمّد عليه السلام، فلمّا أغار جعفر الكذّاب على الدار

ص: 244


1- . كمال الدين: ج 2 ص 431 ب 42 ح 8؛ ينابيع المودّة: ص 460 ب 82؛ غيبة الشيخ: ص 100؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 483- 484 ب 32 ف 5 ح 196.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 431 ح 7 ب 42؛ البحار: ج 51 ص 5 ب 1 ح 10؛ تبصرة الولي: ص 45- 46 ح 12. أقول: كون موتها عليها السلام قبل وفاة الإمام أبي محمّد عليه السلام- كما في هذا الخبر- مخالف لغيره من الأخبار، مثل الخبر 804 و سيأتي تمام الكلام هناك.

جاءته فارّة من جعفر فتزوّج بها، قال أبو علي: فحدّثتني أنّها حضرت ولادةالسيّد عليه السلام، و أنّ اسم أمّ السيّد: صقيل، و أنّ أبا محمّد عليه السلام حدّثها بما يجري على عياله، فسألته أن يدعو الله عزّ و جلّ لها أن يجعل منيّتها قبله، فماتت في حياة أبي محمّد عليه السلام، و على قبرها لوح مكتوب عليه: هذا قبر أمّ محمّد.

قال أبو علي: و سمعت هذه الجارية تذكر أنّه لمّا ولد السيّد عليه السلام رأت له نورا ساطعا قد ظهر منه و بلغ افق السماء، و رأيت طيورا بيضاء تهبط من السماء و تمسح أجنحتها على رأسه و وجهه و سائر جسده، ثمّ تطير، فأخبرنا أبا محمّد عليه السلام بذلك، فضحك ثمّ قال: تلك ملائكة نزلت للتبرّك بهذا المولود، و هي أنصاره إذا خرج.

798-(1)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الكرخي، قال: حدّثنا عبد الله بن العبّاس العلوي، قال: حدّثنا أبو الفضل الحسن بن الحسين العلوي، قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن علي عليهما السلام بسرّ من رأى، فهنأته بولادة ابنه القائم عليه السلام.

799-(2)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل- رضي الله عنه- قال: حدّثني عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدّثني محمّد بن إبراهيم الكوفي أنّ أبا محمّد عليه السلام بعث إلى بعض من سمّاه لي بشاة مذبوحة، و قال: هذه من عقيقة ابني محمّد [عليه الصلاة و السلام].

800-(3)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثنا الحسين بن علي النيسابوري، قال: حدّثنا الحسن بن المنذر، عن حمزة بن أبي الفتح، قال:جاءني يوما فقال لي: البشارة، ولد البارحة مولود لأبي محمّد عليه السلام و أمر بكتمانه، و أمر أن يعقّ عنه ثلاثمائة شاة، قلت: و ما اسمه؟ قال:

ص: 245


1- . كمال الدين: ج 2 ص 434 ب 43 ح 1؛ غيبة الشيخ: ص 229- 230 ح 195؛ البحار: ج 51 ص 17 ب 1 ح 24؛ إثبات الهداة: ص 506 ب 32 ح 312.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 432 ب 42 ح 10؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 484 ب 32 ف 5 ح 198؛ البحار: ج 51 ص 15 ب 5 ح 17.
3- . كمال الدين: ج 2 ص 106 ب 45 ح 11 ط الاسلامية، و ج 2 ص 432 ب 42 ح 11، ط مكتبة الصدوق، إلّا أنّه سقط منه قوله: «و أمر أن يعقّ عنه ثلاثمائة شاة». أقول: لعلّ المراد من قوله: «و كنّي بجعفر» في هذا الحديث، و في الحديث الخامس من الباب الثلاثين من كمال الدين ج 1 ص 318 «المكنّى بعمّه» هو عمّه و عمّ آبائه إلى الإمامين السيّدين الحسن و الحسين عليهم السلام جعفر الطيّار الشهيد؛ إحياء لاسمه، و تقديرا لجلالة مقامه، دون عمّه الأدنى جعفر بن عليّ بن محمّد، و في خبر عقيد الخادم المروي أيضا في كمال الدين ج 2 ص 474 ب 43 ح 25: «و يكنّى أبو القاسم، و يقال: أبو جعفر». البحار: ج 51 ص 15 ب 5 ح 18؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 484 ب 32 ح 199 و ليس فيهما «و أمر أن ...».

يسمّى بمحمّد، و كنّي بجعفر.

801-(1)-

كمال الدين: حدّثنا أبو العباس أحمد بن الحسين بن عبد الله بن مهران الآبي الأزدي العروضي بمرو، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن بن إسحاق القمّي، قال: لمّا ولد الخلف الصالح عليه السلام ورد عن مولانا أبي محمّد الحسن بن علي عليهما السلام إلى جدّي أحمد بن إسحاق كتاب، فإذا فيه مكتوب بخطّ يده عليه السلام الّذي كان ترد به التوقيعات عليه، و فيه: ولد لنا مولود، فليكن عندك مستورا، و عن جميع الناس مكتوما، فإنّا لم نظهر عليه إلّا الأقرب لقرابته، و الولي لولايته، أحببنا إعلامك ليسرّك الله به مثل ما سرّنا به، و السلام.

802-(2)-

كمال الدين: حدّثنا أبو طالب المظفّر بن جعفر بن المظفّر بن جعفر بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن

ص: 246


1- . كمال الدين: ج 2 ص 433 و 434 ب 42 ح 16؛ البحار: ج 51 ص 16 ب 5 ح 21؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 484 ب 32 ف 5 ح 202.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 441 ب 43 ح 11 ط مكتبة الصدوق، و ج 2 ص 114 و 115 ب 47 ح 12 ط الإسلامية. و لا يخفى عليك أنّ اختلاف رقم الأبواب و الأحاديث في النسختين لا واقع له، غير أنّ في نسخة مطبوعة جعل المحقّق بابين بابا واحدا، و جعل أو زعم حديثين حديثا واحدا و في نسخة اخرى انتهى اجتهاد المحقّق إلى عكس ذلك، و بالإشارة إلى النسختين يرفع الاشتباه. و أمّا «نسيم» فالمصرّح به في هذا الخبر و ما روي أيضا في كمال الدين في ج 2 ص 430 ب 42 ح 5 (ط مكتبة الصدوق)، و ج 2 ص 104 ب 45 ح 5 (ط الإسلاميّة) أنّها امرأة، و المصرّح به في رواية الشيخ في غيبته (ص 139 فصل ولادته عليه السلام): عن محمّد بن يعقوب رفعه عن نسيم الخادم خادم أبي محمّد عليه السلام أنّه كان رجلا. و الأرجح عندي أنّها كانت امرأة؛ لأنّها و مارية- امرأة اخرى- روتاكما في الرواية الاخرى الّتي أشرنا إليها بأنّه عليه السلام لمّا سقط من بطن امّه جاثيا على ركبتيه ... الخ، و هذا ما لا يشهد به إلّا النساء، و لا يرد ذلك أنّه ليس في الرواية شهودهما عند ولادته، فلعلّهما شهدتا بما كان معلوما عندهما بشهادة النساء، فإنّ ذلك خلاف ظاهر الحديث، فتأمّل فيه. و فيما رواه الشيخ في الغيبة قال بدل «بعد مولده بليلة»: «بعد مولده بعشر ليال». الخرائج: ج 2 ص 692 فصل اعلام الامام المهدي «عن إبراهيم الكرخي قال: حدّثنا نسيم خادم أبي محمّد»، و فيه: «و قد دخلت عليه بعد عشرة أيّام من مولده». إثبات الوصيّة: ص 198 عن علّان قال: حدّثني نسيم خادم أبي محمّد عليه السلام، و فيه: «بعد مولده بليلة». أقول: لا يوجب مثل هذه الاختلافات في الروايات ضعف أصل ما يدلّ عليه و اتّفق جميع الرواة و المآخذ عليه، فإنّ أمثال هذا الاختلاف- سيّما بعد ما نعلم من أنّهم ربّما يروون الأحاديث بالمضمون- يقع فيها، و الفطن بالحديث يعرف موارد ذلك، و يأخذ بالقدر المشترك و المتيقن الّذي اتّفقت عليه ألفاظ الحديث، أو ما كان رواته أحفظ أو أضبط، أو كان أرجح بحسب المرجّحات العقلائيّة المذكورة في كتب الدراية، و لا يردّ الحديث بمجرّد هذه الاختلافات الفرعيّة. البحار: ج 52 ص 30 ب 18 ح 24؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 500؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 160؛ الوسائل: ج 8 ص 461 ح 1 ب 59؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 544 ب 10.

مسعود، قال:حدّثنا أبو النضر محمّد بن مسعود، قال: حدّثنا آدم بن محمّد البلخي، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن [الحسين- خ] الدقّاق، قال: حدّثني إبراهيم بن محمّد العلوي، قال:

حدّثتني نسيم خادمة أبي محمّد عليه السلام، قالت: دخلت على صاحب هذا الأمر عليه السلام بعد مولده بليلة فعطست عنده، قال لي: يرحمك الله، قالت نسيم: ففرحت [بذلك]، فقال لي عليه السلام: أ لا أبشّرك في العطاس؟ قلت: بلى، قال: هو أمان من الموت ثلاثة أيّام.

803-(1)-

كمال الدين: قال: و بهذا الإسناد (يعني الإسناد المذكور في الحديث الثامن من بابنا هذا) عن محمّد بن عثمان العمري- قدّس الله روحه- أنّه قال: ولد السيّد عليه السلام مختونا، و سمعت حكيمة تقول:

لم ير بامّه دم في نفاسها، و هكذا سبيل امّهات الأئمّة عليهم السلام.

804-(2)-

غيبة الشيخ: أحمد بن علي الرازي، عن محمد بن علي، عن عبد الله بن محمّد بن خاقان الدهقان، عن أبي سليمان داود بن غسّان البحراني، قال: قرأت على أبي سهل إسماعيل بن عليالنوبختي مولد محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي الرضا بن موسى بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين: ولد عليه السلام بسامراء سنة ستّ و خمسين و مائتين، امّه:

صقيل، و يكنّى: أبا القاسم، بهذه الكنية أوصى النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم؛ إنّه قال: اسمه كاسمي، و كنيته كنيتي، لقبه المهدي، و هو الحجّة، و هو المنتظر، و هو صاحب الزمان.

قال إسماعيل بن علي: دخلت على أبي محمّد الحسن بن علي عليه السلام في المرضة الّتي مات فيها، و أنا عنده إذ قال لخادمه عقيد- و كان الخادم أسود نوبيّا، قد خدم من قبله عليّ بن محمّد، و هو ربّى الحسن عليه السلام- فقال: يا عقيد، اغل لي ماء بمصطكي، فأغلى له، ثمّ جاءت به صقيل الجارية أمّ الخلف عليه السلام، فلمّا صار القدح في يديه و همّ بشربه فجعلت يده ترتعد حتّى ضرب القدح ثنايا الحسن، فتركه من يده و قال لعقيد: ادخل البيت، فإنّك ترى صبيّا ساجدا فأتني به، قال أبو سهل: قال عقيد: فدخلت أتحرّى، فإذا أنا بصبيّ ساجد، رافع

ص: 247


1- . كمال الدين: ج 2 ص 433 ب 42 ح 14؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 484 ب 32 ح 201؛ البحار: ج 51 ص 16 ب 1 ح 20.
2- . غيبة الشيخ: ص 271- 273 ح 237 فصل أخبار بعض من رآه. أقول: هذا الخبر يدلّ على أنّ أبا سهل النوبختي كان يرى أنّ ولادته عليه السلام وقعت في سنة ستّ و خمسين و مائتين، و مثله خبر أبي هارون (كمال الدين: ج 2 ص 432 ب 42 ح 9). البحار: ج 52 ص 16 و 17 ب 18 ح 14، تبصرة الولي: ص 164، 166 ح 69؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 415 ب 31 ح 55 مختصرا و في ص 509 ح 325 ب 32 أخرج صدره و ذيله.

سبّابته نحو السماء، فسلّمت عليه فأوجز في صلاته، فقلت: إنّ سيّدي يأمرك بالخروج إليه، إذ جاءت امّه صقيل (1)

فأخذت بيده و أخرجته إلى أبيه الحسن عليه السلام، قال أبو سهل: فلمّا مثل الصبيّ بين يديه سلّم و إذا هو درّيّ اللون، و في شعر رأسه قطط، مفلّج الأسنان، فلما رآه الحسن عليه السلام بكى، و قال: يا سيّد أهل بيته، اسقني الماء فإنّي ذاهب إلىربّي، و أخذ الصبي القدح المغلي بالمصطكي بيده، ثمّ حرّك شفتيه ثمّ سقاه، فلمّا شربه قال: هيّئوني للصلاة، فطرح في حجره منديل، فوضّأه الصبيّ واحدة واحدة، و مسح على رأسه و قدميه، فقال له أبو محمّد عليه السلام: أبشر يا بنيّ، فأنت صاحب الزمان، و أنت المهدي، و أنت حجّة الله على أرضه، و أنت ولدي و وصيّي و أنا ولدتك، و أنت محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولدك رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، و أنت خاتم الأئمّة الطاهرين، و بشّر بك رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، و سمّاك و كنّاك بذلك، عهد إليّ أبي عن آبائك الطاهرين، صلّى الله على أهل البيت ربّنا، إنّه حميد مجيد، و مات الحسن بن علي من وقته صلوات الله عليهم أجمعين.

805-(2)-

إثبات الوصيّة: الحميري، عن أحمد بن إسحاق، قال: دخلت على أبي محمّد عليه السلام، فقال لي: يا أحمد! ما كان حالكم فيما كان الناس فيه من الشكّ و الارتياب؟ قلت: يا سيّدي! لمّا وردالكتاب بخبر سيّدنا

ص: 248


1- . اعلم أنّه اختلفت الروايات في نهاية حال أمّ الإمام عليه السلام، ففي بعضها أنّها حصلت بعد وفاة الإمام أبي محمّد العسكري عليه السلام في دار محمّد بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العبّاس بن مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (وصفوه بأنّه ثقة عين في الحديث، صحيح الاعتقاد، له كتاب)، و في بعضها أنّها طلبت من الإمام أبي محمّد عليه السلام أن يدعو لها بالموت قبل وفاته عليه السلام فاستجيب دعاؤه، و في بعضها أنّها كانت حاضرة عند وفاة الإمام عليه السلام (و هو هذا الخبر)، و في بعضها أنّها هاجرت إلى مكّة المكرّمة في حياة الإمام عليه السلام مع ابنه الحجّة عليهما السلام، بأمر الإمام أبي محمّد عليه السلام. و كما ترى أكثر هذه الروايات قد دلّ على حياتها بعد الإمام عليه السلام، و الظاهر الأرجح حياتها بعد وفاة الإمام أبي محمّد عليه السلام، و الشاهد على ذلك وقوع قبرها خلف قبر الإمام أبي محمّد عليه السلام. و على كلّ حال لا يضرّ مثل هذه الاختلافات ما نحن بصدده، فإنّ اعتمادنا في هذا الكتاب على ما تواترت به الأحاديث أو استفاضت به في الأقلّ دون أخبار الآحاد، فالأخبار يؤيّد بعضها بعضا فيما اتّفقت عليه. و لا يخفى عليك أنّ مثل هذه الاختلافات الفرعيّة قد وقعت في تواريخ السائرين من الأئمّة و الأنبياء و رجالات التاريخ، و كيفيّات وقوع الحوادث المهمّة المقطوع بأصلها عند الكلّ دون أن يصير ذلك سببا للشكّ في أصل وجود الأشخاص، و أحوالهم المعلومة، و الحوادث التاريخيّة المشهورة. هذا مضافا إلى أنّ الظروف و الأحوال الّتي كان عصر الإمام أبي محمّد عليه السلام إلى بعد وفاته محفوفا بها ربّما تقتضي خفاء مثل هذه الامور الجزئيّة.
2- . إثبات الوصيّة: ص 194- 195؛ عيون المعجزات: ص 138 نحوه عن أحمد بن مصقلة، و ليس فيه خروج الصاحب عليه السلام مع أمّ الإمام أبي محمّد عليه السلام إلى مكّة، فلفظه هكذا: «ثمّ سلّم الاسم الأعظم و المواريث و السلاح إلى القائم الصاحب عليه السلام، و خرجت أمّ أبي محمّد إلى مكّة». أقول: من المحتمل كون أحمد بن مصقلة المذكور في عيون المعجزات أحمد بن عبد الله بن عيسى بن مصقلة بن سعد الأشعري القمّي، منسوبا إلى جدّه الأعلى، كما اتّفق ذلك في أسناد كثير من الروايات، و عليه يكون هو من أبناء عمومة أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك بن الأحوص الأشعري أبي علي القمّي، الّذي روى عن أبي جعفر الثاني و أبي الحسن، و كان خاصّة أبي محمّد عليهم السلام، و رأى صاحب الزمان عليه السلام. و أمّا أحمد بن عبد الله، فقال النجاشي: «ثقة، له نسخة عن أبي جعفر الثاني عليه السلام»، و على هذا كان معاصرا لابن عمّه أحمد بن إسحاق، و أدرك الإمام أبا محمّد عليه السلام، و كان حيّا إلى بعد سنة ستّين و مائتين. و أمّا احتمال اتّحاد أحمد بن عبد الله و أحمد بن إسحاق فلا شاهد له غير انتهاء نسبهما إلى سعد، و غير اتّحاد اسم جدّ أحمد بن إسحاق مع اسم والد أحمد بن عبد الله، و احتمال سقوط «إسحاق» عن نسبة أحمد بن عبد الله و عيسى بن مصقلة عن نسبة أحمد بن إسحاق، فكان النسبة هكذا: «أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن عيسى بن مصقلة بن سعد بن مالك بن الأحوص الأشعري»، و لعلّك تجد لهذا الاحتمال- مع بعده في نفسه بعض الشواهد عند ما راجعت تراجم سائر رجال هذا البيت، كما أنّه يحتمل أن يكون أحمد بن إسحاق ابن أخ أحمد بن عبد الله. هذا كلّه، و لكنّ الأقرب إلى الاعتبار تعدّدهما. نعم احتمال كون أحمد بن مصقلة هو أحمد بن عبد الله بن عيسى بن مصقلة قويّ جدّا. إثبات الهداة: ج 3 ص 579 ب 32 ف 56 ح 750 مختصرا عن المسعودي.

و مولده لم يبق منّا رجل و لا امرأة و لا غلام بلغ الفهم و إلّا قال بالحقّ، فقال: أ ما علمتم أنّ الأرض لا تخلو من حجّة الله؟ ثمّ أمر أبو محمّد بالحجّ والدته في سنة تسع و خمسين و مائتين، و عرّفها ما يناله في سنة الستين، و أحضر الصاحب عليه السلام فأوصى إليه، و سلّم الاسم الأعظم و المواريث و السلاح إليه، و خرجت أمّ أبي محمّد مع الصاحب عليهم السلام جميعا إلى مكّة، و كان أحمد بن محمّد بن مطهّر أبو علي المتولّي لما يحتاج إليه الوكيل، فلمّا بلغوا بعض المنازل من طريق مكّة تلقّى الأعراب القوافل فأخبروهم بشدّة الخوف و قلّة الماء، فرجع أكثر الناس إلّا من كان في الناحية فإنّهم نفذوا و سلموا.

806-(1)-

غيبة فضل بن شاذان: حدّثنا محمّد بن عبد الجبّار، قال:

قلت لسيّدي الحسن بن علي عليه السلام: يا ابن رسول الله! جعلني الله فداك، احبّ أن أعلم من الإمام و حجّة الله على عباده من بعدك؟ فقال عليه السلام: إنّ الإمام و حجّة الله من بعدي ابني، سميّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و كنيّه، الّذي هو خاتم حجج الله، و آخر خلفائه، فقلت: ممّن يتولّد يا ابن رسول الله؟ قال:

ص: 249


1- . كفاية المهتدي (الأربعين): ص 104 ح 28؛ الأربعين الموسوم بكشف الحقّ: ص 8 ح 1 و ص 136 و 137 ح 22؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 569 ب 32 ف 44 ح 680.

من ابنة ابن قيصر ملك الروم؛ ألا إنّه سيولد فيغيب عن الناس غيبة طويلة، ثمّ يظهر و يقتل الدجّال، فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، فلا يحلّ لأحد أن يسمّيه أو يكنّيه قبل خروجه صلوات الله عليه (1).

807-(2)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي بن حاتم النوفلي، قال:

حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي، قال: حدّثنا أحمد بن طاهر القمّي، قال: حدّثنا أبو الحسين محمّد بن بحر الشيباني، قال: وردت كربلاء سنة ستّ و ثمانين و مائتين، قال: وزرت قبر غريب رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، ثم انكفأت الى مدينة السلام متوجّها إلى مقابر قريش، في وقت قد تضرّمت الهواجر، و توقّدت السمائم، فلمّا وصلت منها إلى مشهد الكاظم عليه السلام و استنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة، المحفوفة بحدائق الغفران، أكببت عليها بعبرات متقاطرة، و زفرات متتابعة، و قد حجب الدمع طرفي عن النظر، فلمّا رقأت العبرة، و انقطع النحيب فتحت بصري فإذا أنا بشيخ قد انحنى صلبه، و تقوّس منكباه، و ثفنت جبهته و راحتاه، و هو يقول لآخر معه عند القبر: يا ابن أخي! لقد نال عمّك شرفا بما حمّله السيّدان من غوامض الغيوب، و شرائف العلوم الّتي لم يحمل مثلها إلّا سلمان، و قد أشرف عمّك على استكمال المدّة و انقضاء العمر، و ليس يجد في أهل الولاية رجلا يفضي إليه بسرّه، قلت:

يا نفس! لا يزال العناء و المشقّة ينالان منك باتعابي الخفّ و الحافر في طلب العلم، و قد قرع سمعي من هذا الشيخ لفظ يدلّ على علم جسيم و أثر عظيم، فقلت: أيّها الشيخ! و من السيّدان؟ قال: النجمان المغيّبان في الثرى بسرّمن رأى، فقلت: إنّي اقسم بالموالاة، و شرف محلّ هذين السيّدين من الإمامة و الوراثة إنّي خاطب علمهما، و

ص: 250


1- . قال الشيخ المفيد- رضوان الله عليه- في الفصول العشرة في الغيبة ص 9: «و الخبر بصحة ولد الحسن قد ثبت بأوكد ما يثبت به أنساب الجمهور من الناس، إذ كان النسب يثبت بقول القابلة، و مثلها من النساء اللاتي جرت عادتهنّ بحضور ولادة النساء و تولّي معونتهن عليه، و باعتراف صاحب الفراش وحده بذلك دون من سواه، و بشهادة رجلين من المسلمين على إقرار الأب بنسب الابن منه. و قد ثبتت أخبار عن جماعة من أهل الديانة، و الفضل، و الورع، و الزهد، و العبادة، و الفقه، عن الحسن بن علي أنّه اعترف بولادة المهدي عليه السلام، و آذنهم بوجوده، و نصّ لهم على إمامته من بعده، و بمشاهدة بعضهم له طفلا، و بعضهم له يافعا و شابّا كاملا، و إخراجهم إلى شيعته بعد أبيه الأوامر و النواهي و الأجوبة عن المسائل، و تسليمهم له حقوق الأئمّة من أصحابه. و قد ذكرت أسماء جماعة ممّن وصفت حالهم من ثقات الحسن بن علي عليهما السلام، و خاصّته المعروفين بخدمته و التحقيق به، و أثبتّ ما رووه عنه في وجود ولده، و مشاهدتهم من بعده، و سماعهم النصّ بالإمامة عليه، و ذلك موجود في مواضع من كتبي، و خاصّة في كتابي المعروف أحدهما بالإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، و الثاني الإيضاح في الإمامة و الغيبة، و وجود ذلك فيما ذكرت يغني تكلّف إثباته في هذا الكتاب».
2- . كمال الدين: ج 2 ص 417- 423 ب 41 ح 1؛ غيبة الشيخ: ص 208- 214 ح 178 نحوه؛ البحار عن غيبة الشيخ: ج 51 ص 6- 10 ح 12 ب 1؛ و عن كمال الدين: ح 13 ص 10- 11؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 363- 365 ب 29 ف 2 ح 17، و في ص 408- 409 ب 31 ف 1 ح 37 مختصرا.

طالب آثارهما، و باذل من نفسي الأيمان المؤكّدة على حفظ أسرارهما، قال: إن كنت صادقا فيما تقول فأحضر ما صحبك من الآثار عن نقلة أخبارهم، فلمّا فتّش الكتب و تصفّح الروايات منها قال: صدقت، أنا بشر بن سليمان النخّاس، من ولد أبي أيّوب الأنصاري، أحد موالي أبي الحسن و أبي محمّد عليهما السلام، و جارهما بسرّمن رأى، قلت: فأكرم أخاك ببعض ما شاهدت من آثارهما، قال: كان مولانا أبو الحسن علي بن محمّد العسكري عليهما السلام فقّهني في أمر الرقيق، فكنت لا أبتاع و لا أبيع إلّا بإذنه، فاجتنبت بذلك موارد الشبهات حتّى كملت معرفتي فيه، فأحسنت الفرق [فيما] بين الحلال و الحرام. فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسرّمن رأى و قد مضى هويّ من الليل إذ قرع الباب قارع، فعدوت مسرعا فاذا أنا بكافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمّد عليهما السلام يدعوني إليه، فلبست ثيابي و دخلت عليه فرأيته يحدّث ابنه أبا محمّد و اخته حكيمةمن وراء الستر، فلمّا جلست قال: يا بشر! إنّك من ولد الأنصار، و هذه الولاية لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف، فأنتم ثقاتنا أهل البيت، و إنّي مزكّيك و مشرّفك بفضيلة تسبق بها شأو الشيعة في الموالاة بها، بسرّ أطلعك عليه، و أنفذك في ابتياع أمة، فكتب كتابا ملصقا بخطّ روميّ و لغة روميّة، و طبع عليه بخاتمه، و أخرج شستقة صفراء فيها مائتان و عشرون دينارا، فقال: خذها و توجّه بها إلى بغداد، و احضر معبر الفرات ضحوة كذا، فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا، و برزن الجواري منها، فستحدق بهم طوائف المبتاعين من وكلاء قوّاد بني العبّاس و شراذم من فتيان العراق، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمّى عمر بن يزيد النخّاس عامّة نهارك، إلى أن يبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا و كذا، لابسة حريرتين صفيقتين، تمتنع من السفور، و لمس المعترض، و الانقياد لمن يحاول لمسها و يشغل نظره بتأمّل مكاشفها من وراء الستر الرقيق، فيضربها النخّاس فتصرخ صرخة روميّة، فاعلم أنّها تقول:

و اهتك ستراه! فيقول بعض المبتاعين: عليّ بثلاثمائة دينار، فقد زادني العفاف فيها رغبة، فتقول بالعربيّة: لو برزت في زيّ سليمان و على مثل سرير ملكه ما بدت لي فيك رغبة، فأشفق على مالك، فيقول النخّاس: فما الحيلة و لا بدّ من بيعك، فتقول الجارية: و ما العجلة و لا بدّ من اختيار مبتاع يسكن قلبي [إليه و] إلى أمانته و ديانته، فعند ذلك قم الى عمر بن يزيد النخّاس و قل له: إنّ معي كتابا ملصقا لبعض الاشراف كتبه بلغة روميّة و خطّ روميّ، و وصف فيه كرمه و وفاه و نبله و سخاءه، فناولها لتتأمّل منه أخلاق صاحبه، فإن مالت إليه و رضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك.

قال بشر بن سليمان النخّاس: فامتثلت جميع ما حدّه لي مولاي أبو الحسن عليه السلام في أمر الجارية، فلمّا نظرت في الكتاب بكت بكاء شديدا، و قالت لعمر بن يزيد النخّاس: بعني من صاحب هذا الكتاب، و حلفت بالمحرّجة المغلّظة أنّه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها، فما زلت اشاحّه في ثمنها حتّى استقرّ الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي عليه السلام من الدنانير في الشستقة الصفراء، فاستوفاه منّي و تسلّمت منه الجارية

ص: 251

ضاحكة مستبشرة، و انصرفت بها إلى حجرتي الّتي كنت آوي إليها ببغداد، فما أخذها القرار حتّى أخرجت كتاب مولاها عليه السلام من جيبها و هي تلثمه و تضعه على خدّها، و تطبقه على جفنها، و تمسحه على بدنها، فقلت تعجّبا منها: أ تلثمين كتابا و لا تعرفين صاحبه؟ قالت: أيّها العاجز الضعيف المعرفة بمحلّ أولاد الأنبياء، أعرني سمعك، و فرّغ لي قلبك، أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، و امّي من ولد الحواريّين، تنسب إلى وصيّ المسيح شمعون، انبئك العجب العجيب، إنّ جدّي قيصر أراد أن يزوّجني من ابن أخيه و أنا من بنات ثلاث عشرة سنة، فجمع في قصره من نسل الحواريّين و من القسّيسين و الرهبان ثلاثمائة رجل، و من ذوي الأخطارسبعمائة رجل، و جمع من امراء الأجناد و قوّاد العساكر و نقباء الجيوش و ملوك العشائر أربعة آلاف، و أبرز من بهو ملكه عرشا مسوغا [مصوغا- ظ] من أصناف الجواهر إلى صحن القصر فرفعه فوق أربعين مرقاة، فلمّا صعد ابن أخيه و أحدقت به الصلبان و قامت الأساقفة عكفا و نشرت أسفار الإنجيل تسافلت الصلبان من الأعالي فلصقت بالأرض، و تقوّضت الأعمدة فانهارت الى القرار، و خرّ الصاعد من العرش مغشيّا عليه، فتغيّرت ألوان الاساقفة، و ارتعدت فرائصهم، فقال كبيرهم لجدّي:

أيّها الملك، اعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالّة على زوال هذا الدين المسيحيّ و المذهب الملكاني، فتطيّر جدّي من ذلك تطيّرا شديدا، و قال للأساقفة: أقيموا هذه الأعمدة و ارفعوا الصلبان، و أحضروا أخا هذا المدبر العاثر المنكوس جدّه لازوّج منه هذه الصبيّة فيدفع نحوسه عنكم بسعوده، فلمّا فعلوا ذلك حدث على الثاني ما حدث على الأوّل، و تفرّق الناس، و قام جدّي قيصر مغتمّا و دخل قصره و أرخيت الستور، فاريت في تلك الليلة كأنّ المسيح و الشمعون و عدّة من الحواريّين قد اجتمعوا في قصر جدّي، و نصبوا فيه منبرا يباري السماء علوّا و ارتفاعا في الموضع الّذي كان جدّي نصب فيه عرشه، فدخل عليهم محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم مع فتية و عدّة من بنيه، فيقوم إليه المسيح فيعتنقه، فيقول: يا روح الله! إنّي جئتك خاطبا من وصيّك شمعون فتاته مليكة لا بني هذا، و أومأ بيده إلى أبي محمّد صاحب هذا الكتاب، فنظر المسيح إلى شمعون فقال له: قد أتاك الشرف فصل رحمك برحم رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، قال: قد فعلت، فصعد ذلك المنبر و خطب محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم و زوّجني و شهد المسيح عليه السلام و شهد بنو محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم و الحواريّون، فلمّا استيقظت من نومي أشفقت أن أقصّ هذه الرؤيا على أبي و جدّي مخافة القتل، فكنت أسرّها في نفسي و لا ابديها لهم، و ضرب صدري بمحبّة أبي محمّد حتّى امتنعت من الطعام و الشراب، و ضعفت نفسي، و دقّ شخصي، و مرضت مرضا شديدا، فما بقي من مدائن الروم طبيب إلّا أحضره جدّي و سأله عن دوائي، فلمّا برّح به اليأس قال: يا قرّة عيني! فهل تخطر ببالك شهوة فازوّدكها في هذه الدنيا؟ فقلت: يا جدّي! أرى أبواب الفرج عليّ مغلقة، فلو كشفت العذاب عمّن في سجنك من اسارى المسلمين، و فككت عنهم الأغلال، و تصدّقت عليهم و مننتهم بالخلاص لرجوت أن يهب المسيح و امّه لي عافية و شفاء، فلمّا فعل ذلك جدّي تجلّدت

ص: 252

في إظهار الصحّة في بدني، و تناولت يسيرا من الطعام، فسرّ بذلك جدّي، و أقبل على إكرام الاسارى و إعزازهم، فرأيت أيضا بعد أربع ليال كأنّ سيّدة النساء قد زارتني و معها مريم بنت عمران و ألف وصيفة من وصائف الجنان، فتقول لي مريم: هذه سيّدة النساء أمّ زوجك أبي محمّد عليه السلام، فأتعلّق بها و أبكي و أشكو إليها امتناع أبي محمّد من زيارتي، فقالت لي سيّدة النساء عليها السلام: إنّ ابني أبا محمّد لا يزورك و أنت مشركةبالله و على مذهب النصارى، و هذه اختي مريم تبرأ إلى الله تعالى من دينك، فإن ملت إلى رضا الله عزّ و جلّ و رضا المسيح و مريم عنك و زيارة أبي محمّد إيّاك فتقولي: أشهد أن لا إله إلّا الله و أشهد أنّ- أبي- محمّدا رسول الله، فلمّا تكلّمت بهذه الكلمة ضمّتني سيّدة النساء إلى صدرها، فطيّبت لي نفسي، و قالت: الآن توقّعي زيارة أبي محمّد إيّاك فإنّي منفذه إليك، فانتبهت و أنا أقول: وا شوقاه إلى لقاء أبي محمّد! فلمّا كانت الليلة القابلة جاءني أبو محمّد عليه السلام في منامي فرأيته كأنّي أقول له: جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبّك! قال: ما كان تأخيري عنك إلّا لشركك، و إذ قد أسلمت فإنّي زائرك في كلّ ليلة إلى أن يجمع الله شملنا في العيان، فما قطع عنّي زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية.

قال بشر: فقلت لها: و كيف وقعت في الأسر؟ فقالت: أخبرني أبو محمّد ليلة من الليالي أن جدّك سيسرب جيوشا إلى قتال المسلمين يوم كذا، ثمّ يتبعهم، فعليك باللحاق بهم متنكّرة في زيّ الخدم مع عدّة من الوصائف من طريق كذا، ففعلت فوقعت علينا طلائع المسلمين حتّى كان من أمري ما رأيت و ما شاهدت، و ما شعر أحد [بي] بأنّي ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية سواك، و ذلك باطلاعي إيّاك عليه، و لقد سألني الشيخ الّذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته، و قلت: نرجس، فقال: اسم الجواري.

فقلت: العجب! إنّك روميّة و لسانك عربيّ؟ قالت: بلغ من ولوع جدّي و حمله إيّاي على تعلّم الآداب أن أوعز إلى امرأة ترجمان له في الاختلاف إليّ، فكانت تقصدني صباحا و مساء، و تفيدني العربيّة حتّى استمرّ عليها لساني و استقام.

قال بشر: فلمّا انكفأت بها إلى سرّ من رأى دخلت على مولانا أبي الحسن العسكري عليه السلام، فقال لها: كيف أراك الله عزّ الإسلام و ذلّ النصرانيّة، و شرف أهل بيت محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم؟ قالت: كيف أصف لك يا ابن رسول الله ما أنت أعلم به منّي؟ قال: فإنّي اريد أن اكرمك، فأيّما أحبّ إليك عشرة آلاف درهم، أم بشرى لك فيها شرف الأبد؟ قالت: بل البشرى، قال عليه السلام: فأبشري بولد يملك الدنيا شرقا و غربا، و يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا، قالت: ممّن؟

قال عليه السلام: ممّن خطبك رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم له من ليلة كذا من شهر كذا من سنة كذا بالروميّة؟ قالت: من المسيح و وصيّه، قال: فممّن زوّجك المسيح و وصيّه؟ قالت: من ابنك أبي محمّد، قال: فهل تعرفينه؟ قالت: و هل خلوت ليلة من زيارته إيّاي منذ الليلة الّتي أسلمت فيها على يد سيّدة النساء امّه؟

ص: 253

فقال أبو الحسن عليه السلام: يا كافور! ادع لي اختي حكيمة، فلمّا دخلت عليه قال عليه السلام لها: ها هي، فاعتنقتها طويلا، و سرّت بها كثيرا، فقال لها مولانا: يا بنت رسول الله! أخرجيها إلى منزلك، و علّميها الفرائض و السنن، فإنّها زوجة أبي محمّد و أمّ القائم عليهما السلام.

و يدلّ عليه بالمطابقة أو الالتزام، و بتفسير سائر الروايات الأحاديث 1 إلى 309، 543، 544، 545، 547، 549 إلى 558، 560 إلى 571، 574، 575، 580، 581، 589، 590، 608، 612، 614، 808 إلى 862، 864، 866 إلى 870، 873، 878، 881 إلى 899.

مضافا إلى أنّ مقتضى الأحاديث المتواترة القطعيّة الدالّة على انحصار الخلفاء في ساداتنا الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام، و الأحاديث الصحيحة الواردة في أنّ الأرض لا تخلو من حجّة، مع اليقين بوفاة الإمام الحسن العسكري والد الحجّة عليهما السلام هو القطع و اليقين بولادة مولانا صاحب الزمان عليه السلام.

الفصل الثاني: في معجزاته في حياة أبيه عليهما السلام و فيه 10 أحاديث

808-(1)-

غيبة الشيخ: جعفر بن محمّد بن مالك، قال: حدّثني محمّد بن جعفر بن عبد الله، عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري، قال:

وجّه قوم من المفوّضة و المقصّرة كامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمّد عليه السلام، قال كامل: فقلت في نفسي: أسأله لا يدخل الجنّة إلّا من عرف معرفتي و قال بمقالتي، قال: فلمّا دخلت على سيّدي أبي محمّد نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه، فقلت في نفسي: وليّ الله و حجّته يلبس الناعم من الثياب، و يأمرنا نحن بمواساة الإخوان، و ينهانا عن لبس مثله، فقال متبسّما: يا كامل! و حسر عن ذراعيه فإذا مسح أسود خشن على جلده، فقال: هذا لله و هذا لكم، فسلّمت و جلست إلى باب عليه ستر مرخى، فجاءت الريح فكشف طرفه فإذا أنا بفتى كأنّه فلقة قمر، من أبناء أربع سنين أو مثلها، فقاللي: يا كامل بن إبراهيم! فاقشعررت من ذلك، و ألهمت أن قلت: لبّيك

ص: 254


1- . غيبة الشيخ: ص 246- 248 ح 216؛ دلائل الإمامة: ص 273 و 274 بسنده عن أبي نعيم؛ الخرائج: ج 1 ص 458- 459 ح 4؛ إثبات الوصيّة: ص 222 ط منشورات الرضي عن جعفر بن محمّد بن مالك؛ البحار: ج 25 ص 336- 337 فصل في بيان التفويض و معانيه ح 16 و ج 52 ص 50- 51 ب 18 ح 35؛ و صدره في ج 50 ص 253 ب 3 ح 7 و ج 67 ص 117 ب 51 ح 5 ج 76 ص 302 ب 109 ح 12؛ تبصرة الولي: ص 59- 61 ح 26؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 499؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 415 ب 31 ح 54 و ص 508 ب 32 ح 320 و ص 683 ب 33 ح 91؛ ينابيع المودّة: ص 461 ب 82 «عن كامل بن إبراهيم المدني قال: دخلت على أبي محمّد الحسن و على باب البيت ستر، فجاءت الريح فكشفت طرف الستر، فإذا غلام كأنّه القمر، فقال أبو محمّد: يا كامل، قد أنبأك بحاجتك هذا الحجّة من بعدي».

يا سيّدي، فقال: جئت إلى وليّ الله و حجّته و بابه تسأله هل يدخل الجنّة إلّا من عرف معرفتك، و قال بمقالتك؟ فقلت: إي و الله، قال:

إذن و الله يقلّ داخلها، و الله انّه ليدخلها قوم يقال لهم الحقّيّة، قلت:

يا سيّدي و من هم؟ قال: قوم من حبّهم لعليّ يحلفون بحقّه و لا يدرون ما حقّه و فضله، ثمّ سكت صلوات الله عليه عنّي ساعة، ثمّ قال: و جئت تسأله عن مقالة المفوّضة، كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيّة الله، فإذا شاء شئنا، و الله يقول: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ الله*، ثمّ رجع الستر إلى حالته فلم أستطع كشفه، فنظر إليّ أبو محمّد عليه السلام متبسّما، فقال: يا كامل! ما جلوسك و قد أنبأك بحاجتك الحجّة من بعدي، فقمت و خرجت و لم أعاينه بعد ذلك.

قال أبو نعيم: فلقيت كاملا فسألته عن هذا الحديث، فحدّثني به.

قال الشيخ: و روى هذا الخبر أحمد بن علي الرازي، عن محمّد بن علي، عن علي بن عبد الله بن عائذ الرازي، عن الحسن بن وجناء النصيبي، قال: سمعت أبا نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري ... و ذكر مثله.

809-(1)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي بن محمّد بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني، قال: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن عيسى الوشّاء البغدادي، قال: حدّثنا أحمد بن طاهر القمّي، قال: حدّثنا محمّد بن بحر بن سهل

ص: 255


1- . كمال الدين: ج 2 ص 454- 465 ب 23 ح 21؛ دلائل الإمامة: ص 274- 281 ب معرفة من شاهده في حياة أبيه ح 2 «عن أبي القاسم عبد الباقي بن يزداد بن عبد الله البزّاز، عن أبي محمّد عبد الله بن محمّد الثعالبي قراءة في يوم الجمعة مستهلّ رجب سنة سبعين و ثلاثمائة، عن أبي علي أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمّي (إلى قوله:) و جعلنا نختلف إلى مولانا أيّاما فلا نرى الغلام عليه السلام». الخرائج: ج 1 ص 481- 484 ح 22 مختصرا؛ تبصرة الولي: ص 93- 108 ح 48؛ الاحتجاج: ج 2 ص 461- 467؛ البحار: ج 52 ص 78- 89 ب 19 ح 1؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 557- 568 المنهج 13 ب 15 ح 3، إثبات الهداة: ج 1 ص 380 ب 7 ح 106 و ج 7 ص 347 ح 121 و 122 ب 33 مختصرا؛ إلزام الناصب: ج 1 ص 342- 351؛ مكيال المكارم: ج 1 ص 16- 24 ب 2 ح 14. اعلم أنّه قد أورد بعض المعاصرين على هذا الخبر بضعف السند تارة، و بضعف المتن اخرى، بل حكم عليه بالوضع! و إذ قد أشبعنا الكلام في ردّه و بيان ما هو الحقّ و التحقيق في هذا الحديث و أمثاله في رسالة مفردة مسمّاة ب «النقود اللطيفة» تركنا الكلام فيه هنا حذرا من الإطالة، و ستأتي الرسالة في المجلد الثالث من كتابنا هذا ان شاء الله. منتخب الأنوار المضيئة: ص 145- 175؛ تأويل الآيات الظاهرة: ص 292- 294 الآية الاولى من سورة مريم مختصرا؛ ينابيع المودّة: ص 459 ب 81؛ الثاقب في المناقب: ص 585- 589 ب 15 ف 2 ح 534/ 1.

الشيباني، قال: حدّثنا أحمد بن مسرور، عن سعد بن عبد الله القمّي، قال: كنت امرألهجا بجمع الكتب المشتملة على غوامض العلوم و دقائقها، كلفا باستظهار ما يصحّ لي من حقائقها، مغرما بحفظ مشتبهها و مستغلقها، شحيحا على ما أظفر به من معضلاتها و مشكلاتها، متعصّبا لمذهب الإماميّة، راغبا عن الأمن و السلامة في انتظار التنازع و التخاصم و التعدّي إلى التباغض و التشاتم، معيبا للفرق ذوي الخلاف، كاشفا عن مثالب أئمّتهم، هتّاكا لحجب قادتهم، إلى أن بليت بأشدّ النواصب منازعة، و أطولهم مخاصمة، و أكثرهم جدلا، و أشنعهم سؤالا، و أثبتهم على الباطل قدما، فقال ذات يوم- و أنا اناظره-: تبّا لك و لأصحابك يا سعد! إنّكم معاشر الرافضة تقصدون على المهاجرين و الأنصار بالطعن عليهما، و تجحدون من رسول الله ولايتهما و إمامتهما، هذا الصدّيق الّذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته، أ ما علمتم أنّ رسول الله ما أخرجه مع نفسه إلى الغار إلّا علما منه أنّ الخلافة له من بعده، و أنّه هو المقلّد لأمر التأويل، و الملقى إليه أزمّة الامّة، و عليه المعوّل في شعب الصدع، و لمّ الشعث، و سدّ الخلل، و إقامة الحدود، و تسريب الجيوش لفتح بلاد الشرك، و كما أشفق على نبوّته أشفق على خلافته، إذ ليس من حكم الاستتار و التواري أن يروم الهارب من الشرّ مساعدة إلى مكان يستخفي فيه، و لمّا رأينا النبيّ متوجّها إلى الانجحار، و لم تكن الحال توجب استدعاء المساعدة من أحد استبان لنا قصد رسول الله بأبي بكر للغار للعلّة الّتي شرحناها، و إنّما أبات عليّا على فراشه لمّا لم يكن يكترث به، و لم يحفل به لاستثقاله، و لعلمه بأنّه إن قتل لم يتعذّر عليه نصب غيره مكانه للخطوب الّتي كان يصلح لها.

قال سعد: فأوردت عليه أجوبة شتّى، فما زال يعقّب كلّ واحد منها بالنقض و الردّ عليّ، ثمّ قال: يا سعد! و دونكها اخرى بمثلها تخطم انوف الروافض، أ لستم تزعمون أنّ الصدّيق المبرّأ من دنس الشكوك و الفاروق المحامي عن بيضة الإسلام كانا يسرّان النفاق، و استدللتم بليلة العقبة، أخبرني عن الصدّيق و الفاروق أسلما طوعا أو كرها؟ قال سعد: فاحتلت لدفع هذه المسألة عنّي؛ خوفا من الإلزام، و حذرا من أنّي إن أقررت له بطوعهما للإسلام احتجّ بأنّ بدء النفاق و نشأه في القلب لا يكون إلّا عند هبوب روائح القهر و الغلبة، و إظهار البأس الشديد في حمل المرء على من ليس ينقاد إليه قلبه نحو قول الله تعالى فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِالله وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا، و إن قلت:

أسلما كرها كان يقصدني بالطعن إذ لم تكن ثمّة سيوف منتضاة كانت تريهما البأس.

ص: 256

قال سعد: فصدرت عنه مزورّا، قد انتفخت أحشائي من الغضب، و تقطّع كبدي من الكرب، و كنت قد اتّخذت طومارا(1)،

و أثبتّ فيه نيّفا و أربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيبا على أن أسأل عنها خبير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمّد عليه السلام، فارتحلت خلفه وقد كان خرج قاصدا نحو مولانا بسرّمن رأى فلحقته في بعض المنازل، فلمّا تصافحنا قال: بخير لحاقك بي، قلت: الشوق ثمّ العادة في الأسئلة، قال: قد تكافينا على هذه الخطّة الواحدة، فقد برّح بي القرم إلى لقاء مولانا أبي محمّد عليه السلام و أنا اريد أن أسأله عن معاضل في التأويل، و مشاكل في التنزيل، فدونكها الصحبة المباركة فإنّها تقف بك على ضفّة بحر لا تنقضي عجائبه، و لا تفنى غرائبه، و هو إمامنا.

فوردنا سرّ من رأى، فانتهينا منها إلى باب سيّدنا، فاستأذنّا فخرج علينا الإذن بالدخول عليه، و كان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطّاه بكساء طبري فيه مائة و ستّون صرّة من الدنانير و الدراهم، على كلّ صرّة منها ختم صاحبها، قال سعد: فما شبّهت وجه مولانا أبي محمّد عليه السلام حين غشينا نور وجهه إلّا ببدر قد استوفى من لياليه أربعا بعد عشر، و على فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة و المنظر، على رأسه فرق بين و فرتين كأنّه ألف بين واوين، و بين يدي مولانا رمّانة ذهبيّة تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركّبة عليها، قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة، و بيده قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض شيئا قبض الغلام على أصابعه، فكان مولانا يدحرج الرمّانة بين يديه و يشغله بردّها كيلا يصدّه عن كتابة ما أراد، فسلّمنا عليه فألطف في الجواب و أومأ إلينا بالجلوس، فلمّا فرغ من كتبة البياض الّذي كان بيده أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طيّ كسائه فوضعه بين يديه، فنظر الهادي عليه السلام إلى الغلام و قال له: يا بنيّ! فضّ الخاتم عن هدايا شيعتك و مواليك، فقال:

يا مولاي! أ يجوز أن أمدّ يدا طاهرة إلى هدايا نجسة و أموال رجسة، قد شيب أحلّها بأحرمها؟ فقال مولاي: يا ابن إسحاق! استخرج ما في الجراب ليميّز ما بين الحلال و الحرام منها، فأوّل صرّة بدأ أحمد بإخراجها قال الغلام: هذه لفلان بن فلان، من محلة كذا بقمّ، يشتمل على اثنين و ستّين دينارا فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها و كانت إرثا له عن أبيه خمسة و أربعون دينارا، و من أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دينارا، و فيها من اجرة الحوانيت ثلاثة دنانير، فقال مولانا: صدقت يا بنيّ! دلّ الرجل على الحرام منها. فقال عليه السلام: فتّش عن دينار رازي السكّة، تاريخه سنة كذا، قد انطمس من نصف إحدى صفحتيه نقشه، و قراضة آمليّة وزنها ربع دينار، و العلّة في تحريمها أنّ صاحب هذه الصرّة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل منّا و ربع منّ فأتت على ذلك مدّة و في انتهائها قيّض لذلك الغزل سارق، فأخبر به الحائك صاحبه فكذّبه و

ص: 257


1- . الطومار: الصحيفة.

استردّ منه بدل ذلك منّا و نصف منّ غزلا أدقّ ممّا كان دفعه إليه و اتّخذ من ذلك ثوبا، كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه،فلمّا فتح رأس الصرّة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه و بمقدارها على حسب ما قال، و استخرج الدينار و القراضة بتلك العلامة.

ثمّ أخرج صرّة اخرى، فقال الغلام: هذه لفلان بن فلان، من محلّة كذا بقم، تشتمل على خمسين دينارا لا يحلّ لنا لمسها، قال: و كيف ذاك؟

قال: لأنّها من ثمن حنطة حاف صاحبها على أكّاره في المقاسمة، و ذلك أنّه قبض حصّته منها بكيل واف و كان [كال] ما خصّ الأكّار بكيل بخس، فقال مولانا: صدقت يا بنيّ! ثمّ قال: يا أحمد بن إسحاق، احملها بأجمعها لتردّها أو توصي بردّها على أربابها، فلا حاجة لنا في شي ء منها، و ائتنا بثوب العجوز، قال أحمد: و كان ذلك الثوب في حقيبة لي فنسيته.

فلمّا انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب نظر إليّ مولانا أبو محمّد عليه السلام فقال: ما جاء بك يا سعد؟ فقلت: شوّقني أحمد بن إسحاق على لقاء مولانا، قال: و المسائل الّتي أردت أن تسأله عنها؟ قلت: على حالها يا مولاي! قال: فسل قرّة عيني- و أومأ إلى الغلام- فقال لي الغلام: سل عمّا بدا لك منها، فقلت له: مولانا و ابن مولانا إنّا روينا عنكم أنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين عليه السلام حتّى أرسل يوم الجمل إلى عائشة: إنّك قد أرهجت على الإسلام و أهله بفتنتك، و أوردت بنيك حياض الهلاك بجهلك، فإن كففت عنّي غربك و إلّا طلّقتك، و نساء رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم قد كان طلاقهنّ وفاته. قال: ما الطلاق؟ قلت: تخلية السبيل، قال: فإذا كان طلاقهنّ وفاة رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم قد خلّيت لهنّ السبيل فلم لا يحلّ لهنّ الأزواج؟ قلت: لأنّ الله تبارك و تعالى حرّم الأزواج عليهنّ، قال: كيف و قد خلّى الموت سبيلهنّ؟ قلت: فأخبرني يا ابن مولاي عن معنى الطلاق الّذي فوّض رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم حكمه إلى أمير المؤمنين عليه السلام، قال: إنّ الله تقدّس اسمه عظّم شأن نساء النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم فخصّهنّ بشرف الامّهات، فقال رسول الله: يا أبا الحسن! إنّ هذا الشرف باق لهنّ ما دمن لله على الطاعة، فأيّتهنّ عصت الله بعدي بالخروج عليك فأطلق لها في الأزواج، و أسقطها من شرف أمومة المؤمنين.

قلت: فأخبرني عن الفاحشة المبيّنة الّتي إذا أتت المرأة بها في عدّتها حلّ للزوج أن يخرجها من بيته؟ قال: الفاحشة المبيّنة هي السحق دون الزنا، فإنّ المرأة إذا زنت و اقيم عليها الحدّ ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزوّج بها لأجل الحدّ، و إذا سحقت وجب عليها الرجم و الرّجم خزي و من قد أمر الله برجمه فقد أخزاه، و من أخزاه فقد أبعده، و من أبعده فليس لأحد أن يقربه.

ص: 258

قلت: فأخبرني يا ابن رسول الله عن أمر الله لنبيه موسى عليه السلام «فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً» فإنّ فقهاء الفريقين يزعمون أنّها كانت من إهاب الميتة، فقال عليه السلام: من قال ذلك فقد افترى على موسى و استجهله في نبوّته؛ لأنّه ما خلا الأمر فيها من خطيئتين: إمّا أن تكون صلاة موسى فيهما جائزة أو غير جائزة، فإن كانت صلاته جائزة جاز له لبسهما في تلك البقعة، و إن كانت مقدّسة مطهّرة فليس بأقدس و أطهر من الصلاة، و إن كانت صلاته غير جائزة فيهما فقد أوجب على موسى أنّه لم يعرف الحلال من الحرام، و ما علم ما تجوز فيه الصلاة و ما لم تجز، و هذا كفر.

قلت: فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما، قال: إنّ موسى ناجى ربّه بالواد المقدّس فقال: يا ربّ إنّي قد أخلصت لك المحبّة منّي، و غسلت قلبي عمّن سواك- و كان شديد الحبّ لأهله- فقال الله تعالى: «فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ» أي انزع حبّ أهلك من قلبك إن كانت محبّتك لي خالصة، و قلبك من الميل إلى من سواي مغسولا.

قلت: فأخبرني يا ابن رسول الله عن تأويل «كهيعص»، قال: هذه الحروف من أنباء الغيب، أطلع الله عليها عبده زكريّا، ثمّ قصّها على محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم، و ذلك أنّ زكريّا سأل ربّه أن يعلّمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل فعلّمه إيّاها، فكان زكريّا إذا ذكر محمّدا و عليّا و فاطمة و الحسن [و الحسين] سري عنه همّه، و انجلى كربه، و إذا ذكر الحسين خنقته العبرة، و وقعت عليه البهرة، فقال ذات يوم: يا إلهي! ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسلّيت بأسمائهم من همومي، و إذا ذكرت الحسين تدمع عيني و تثور زفرتي؟ فأنبأه الله تعالى عن قصّته، و قال: «كهيعص» «فالكاف» اسم كربلاء، و «الهاء» هلاك العترة، و «الياء» يزيد، و هو ظالم الحسين عليه السلام، و «العين» عطشه، و «الصاد» صبره، فلمّا سمع ذلك زكريّا لم يفارق مسجده ثلاثة أيّام، و منع فيها النّاس من الدخول عليه، و أقبل على البكاء و النحيب، و كانت ندبته: إلهي أتفجّع خير خلقك بولده؟ إلهي أ تنزل بلوى هذه الرزيّة بفنائه؟ إلهي أتلبس عليّا و فاطمة ثياب هذه المصيبة؟ إلهي أ تحلّ كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟! ثمّ كان يقول: اللهمّ ارزقني ولدا تقرّ به عيني على الكبر، و اجعله وارثا وصيّا، و اجعل محلّه منّي محلّ الحسين، فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبّه، ثمّ فجّعني به كما تفجّع محمّدا حبيبك بولده؛ فرزقه الله يحيى و فجّعه به. و كان حمل يحيى ستّة أشهر، و حمل الحسين عليه السلام كذلك، و له قصّة طويلة.

قلت: فأخبرني يا مولاي عن العلّة الّتي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم، قال: مصلح أو مفسد؟ قلت: مصلح، قال: فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟ قلت: بلى، قال: فهي العلّة، و أوردها لك ببرهان ينقاد له عقلك، أخبرني عن الرسل الّذين اصطفاهم الله تعالى و أنزل عليهم الكتاب و أيّدهم بالوحي و العصمة، إذ هم أعلام الامم و أهدىإلى الاختيار منهم؛ مثل موسى

ص: 259

و عيسى عليهما السلام، هل يجوز مع وفور عقلهما و كمال علمهما إذا همّا بالاختيار أن يقع خيرتهما على المنافق و هما يظنّان أنّه مؤمن؟ قلت:

لا، فقال: هذا موسى كليم الله مع وفور عقله و كمال علمه و نزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه و وجوه عسكره لميقات ربّه سبعين رجلا ممّن لا يشكّ في إيمانهم و إخلاصهم، فوقعت خيرته على المنافقين، قال الله تعالى: «وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا- إلى قوله- لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى الله جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ» فلمّا وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوّة واقعا على الأفسد دون الأصلح و هو يظنّ أنّه الأصلح دون الأفسد، علمنا أن لا اختيار إلّا لمن يعلم ما تخفي الصدور، و ما تكنّ الضمائر و تتصرّف عليه السرائر، و أن لا خطر لاختيار المهاجرين و الأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لمّا أرادوا أهل الصلاح.

ثمّ قال مولانا: يا سعد! و حين ادّعى خصمك أنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم لما أخرج مع نفسه مختار هذه الامّة إلى الغار إلّا علما منه أنّ الخلافة له من بعده، و أنّه هو المقلّد امور التأويل، و الملقى إليه أزمّة الامّة، و عليه المعوّل في لمّ الشعث، و سدّ الخلل، و إقامة الحدود، و تسريب الجيوش لفتح بلاد الكفر، فكما أشفق على نبوّته أشفق على خلافته، إذ لم يكن من حكم الاستتار و التواري أن يروم الهارب من الشرّ مساعدة من غيره إلى مكان يستخفي فيه، و إنّما أبات عليّا على فراشه لما لم يكن يكترث له و لم يحفل به لاستثقاله إيّاه، و علمه أنّه إن قتل لم يتعذّر عليه نصب غيره مكانه للخطوب الّتي كان يصلح لها! فهلا نقضت عليه دعواه بقولك: أ ليس قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: «الخلافة بعدي ثلاثون سنة»، فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة الّذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم، فكان لا يجد بدّا من قوله لك: بلى، قلت: فكيف تقول حينئذ؟ أ ليس كما علم رسول الله أنّ الخلافة من بعده لأبي بكر علم أنّها من بعد أبي بكر لعمر، و من بعد عمر لعثمان، و من بعد عثمان لعليّ؟ فكان أيضا لا يجد بدّا من قوله لك: نعم، ثمّ كنت تقول له: فكان الواجب على رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم أن يخرجهم جميعا [على الترتيب] إلى الغار، و يشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر، و لا يستخفّ بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إيّاهم و تخصيصه أبا بكر و إخراجه مع نفسه دونهم.

و لمّا قال: أخبرني عن الصدّيق و الفاروق أسلما طوعا أو كرها؟ لم لم تقل له: بل أسلما طمعا، و ذلك بأنّهما كانا يجالسان اليهود و يستخبرانهم عمّا كانوا يجدون في التوراة و في سائر الكتب المتقدّمة الناطقة بالملاحم من حال إلى حال من قصّة محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم و من عواقب أمره، فكانت اليهود تذكر أنّ محمّدا يسلّط على العرب كما كان بخت نصّر سلّط على بني إسرائيل، و لا بدّ له من الظفر بالعرب كما ظفر بخت نصّر ببني إسرائيل غير أنّه كاذب في دعواه أنّه نبيّ، فأتيا محمّدافساعداه على شهادة أن لا إله إلّا الله و بايعاه طمعا في أن ينال كلّ

ص: 260

واحد منهما من جهته ولاية بلد إذا استقامت اموره و استتبّت أحواله، فلمّا أيسا من ذلك تلثّما و صعدا العقبة مع عدّة من أمثالهما من المنافقين على أن يقتلوه، فدفع الله تعالى كيدهم و ردّهم بغيظهم لم ينالوا خيرا، كما أتى طلحة و الزبير عليّا عليه السلام فبايعاه و طمع كلّ واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد، فلمّا أيسا نكثا بيعته و خرجا عليه فصرع الله كلّ واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثين.

قال سعد: ثمّ قام مولانا الحسن بن عليّ الهادي عليه السلام للصلاة مع الغلام، فانصرفت عنهما و طلبت أثر أحمد بن إسحاق، فاستقبلني باكيا، فقلت: ما أبطأك و أبكاك؟ قال: قد فقدت الثوب الّذي سألني مولاي إحضاره، قلت: لا عليك فأخبره، فدخل عليه مسرعا و انصرف من عنده متبسّما و هو يصلّي على محمّد و آل محمّد، فقلت: ما الخبر؟ قال: وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا يصلّي عليه.

قال سعد: فحمدنا الله تعالى على ذلك، و جعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا أيّاما، فلا نرى الغلام بين يديه، فلمّا كان يوم الوداع دخلت أنا و أحمد بن إسحاق و كهلان من أهل بلدنا، و انتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائما و قال: يا ابن رسول الله! قد دنت الرحلة، و اشتدّت المحنة، فنحن نسأل الله تعالى أن يصلّي على المصطفى جدّك و على المرتضى أبيك و على سيّدة النساء امّك و على سيّدي شباب أهل الجنّة عمّك و أبيك و على الأئمّة الطاهرين من بعدهما آبائك، و أن يصلّي عليك و على ولدك، و نرغب إلى الله أن يعلي كعبك، و يكبت عدوّك، و لا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك. قال: فلمّا قال هذه الكلمات استعبر مولانا حتّى استهلّت دموعه، و تقاطرت عبراته، ثمّ قال: يا ابن إسحاق! لا تكلّف في دعائك شططا، فإنّك ملاق الله تعالى في صدرك هذا، فخرّ أحمد مغشيّا عليه، فلمّا أفاق قال: سألتك بالله و بحرمة جدّك إلّا شرّفتني بخرقة أجعلها كفنا، فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهما، فقال: خذها و لا تنفق على نفسك غيرها، فإنّك لن تعدم ما سألت، و إنّ الله تبارك و تعالى لن يضيع أجر من أحسن عملا.

قال سعد: فلمّا انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حلوان على ثلاثة فراسخ حمّ أحمد بن إسحاق، و ثارت به علّة صعبة أيس من حياته فيها، فلمّا وردنا حلوان و نزلنا في بعض الخانات دعا أحمد بن إسحاق برجل من أهل بلده كان قاطنا بها، ثمّ قال: تفرّقوا عنّي هذه الليلة و اتركوني وحدي، فانصرفنا عنه و رجع كلّ واحد منّا إلى مرقده.

قال سعد: فلمّا حان أن ينكشف الليل عن الصبح أصابتني فكرة ففتحت عيني فإذا أنا بكافور الخادم، خادم مولانا أبي محمّد عليه السلام و هو يقول: أحسن الله بالخير عزاكم، و جبر بالمحبوب رزيّتكم،قد فرغنا من غسل صاحبكم و من تكفينه، فقوموا لدفنه فإنّه من أكرمكم محلا عند سيّدكم، ثمّ غاب عن أعيننا، فاجتمعنا على رأسه بالبكاء و العويل حتّى قضينا حقّه، و فرغنا من أمره، رحمه الله.

ص: 261

810-(1)-

غيبة الفضل بن شاذان: حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن فارس النيسابوري، قال: لمّا همّ الوالي عمرو بن عوف بقتلي و هو رجل شديد النصب، و كان مولعا بقتل الشيعة، فاخبرت بذلك، و غلب عليّ خوف عظيم، فودّعت أهلي و أحبّائي و توجّهت إلى دار أبي محمّد عليه السلام لاودّعه و كنت أردت الهرب، فلمّا دخلت عليه رأيت غلاما جالسا في جنبه و كان وجهه مضيئا كالقمر ليلة البدر، فتحيّرت من نوره و ضيائه، و كاد أن ينسيني ما كنت فيه من الخوف و الهرب، فقال: يا إبراهيم! لا تهرب فإنّ الله تبارك و تعالى سيكفيك شرّه، فازداد بحيرتي، فقلت لأبي محمّد عليه السلام: يا سيّدي! جعلني الله فداك، من هو فقد أخبرني عمّا كان في ضميري؟ فقال: هو ابني و خليفتي من بعدي، و هو الّذي يغيب غيبة طويلة، و يظهر بعد امتلاء الأرض جورا و ظلما فيملأها عدلا و قسطا، فسألته عن اسمه، قال: هو سميّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و كنيّه، و لا يحلّ لأحد أن يسمّيه باسمه أو يكنّيه بكنيته إلى أن يظهر الله دولته و سلطنته، فاكتم يا إبراهيم ما رأيت و سمعت منّا اليوم إلّا عن أهله، فصلّيت عليهما و آبائهما و خرجت مستظهرا بفضل الله تعالى، واثقا بما سمعته من الصاحب عليه السلام، فبشّرني عمّي علي بن فارس بأنّ المعتمد قد أرسل أبا أحمد أخاه و أمره بقتل عمرو بن عوف، فأخذه أبو أحمد في ذلك اليوم و قطّعه عضوا عضوا، و الحمد لله ربّ العالمين.

و يدلّ عليه أيضا من الأحاديث: 787، 788، 793، 797، 802، 804، 814.

الفصل الثالث

في من رآه في أيّام والده عليهما السلام و فيه 20 حديثا

811-(2)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، حدّثني جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري، قال: حدّثني معاوية بن حكيم، و محمّد بن أيّوب بن نوح، و محمّد بن عثمان العمري- رضي الله عنه- قالوا: عرض علينا أبو محمّد الحسن بن علي عليهما السلام و نحن في منزله و كنّا أربعين رجلا، فقال: هذا إمامكم من بعدي، و خليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا، أما إنّكم لا ترونه بعد يومكم هذا، قالوا: فخرجنا من عنده، فما مضت إلّا أيّام قلائل حتّى مضى أبو محمّد عليه السلام.

ص: 262


1- . كفاية المهتدي (الأربعين): ذيل ح 32 ص 122؛ كشف الحقّ (الأربعين): ص 32 ح 7.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 435 ب 43 ح 2؛ ينابيع المودّة: ص 460 ب 82 إلى قوله: «فخرجنا»؛ البحار: ج 52 ص 25 و 26 ب 18 ح 19 و فيه: «عرض علينا أبو محمّد الحسن بن علي عليهما السلام ابنه»؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 2 ف 3؛ تبصرة الولي: ص 48- 49 ح 16.

812-(1)-

غيبة الشيخ: قال (يعني هبة الله بن محمّد الّذي روى عنه أحمد بن علي بن نوح أبي العبّاس السيرافي): و قال جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري البزّاز، عن جماعة من الشيعة، منهم: علي بن بلال، و أحمد بن هلال، و محمّد بن معاوية بن حكيم، و الحسن بن أيّوب بن نوح (في خبر طويل مشهور) قالوا جميعا: اجتمعنا إلى أبي محمّد الحسن بن علي عليهما السلام نسأله عن الحجّة من بعده، و في مجلسه عليه السلام أربعون رجلا، فقام إليه عثمان بن سعيد بن عمرو العمري، فقال له: يا ابن رسول الله! اريد أن أسألك عن أمر أنت أعلم به منّي، فقال له: اجلس يا عثمان! فقام مغضبا ليخرج فقال: لا يخرجنّ أحد، فلم يخرج منّا أحد، إلى أن كان بعد ساعة، فصاح عليه السلام بعثمان، فقام على قدميه، فقال: اخبركم بما جئتم؟ قالوا: نعم يا ابن رسول الله! قال: جئتم تسألوني عن الحجّة بعدي، قالوا: نعم، فإذا غلام كأنّه قطع قمر، أشبه الناس بأبي محمّد عليه السلام، فقال: هذا إمامكم من بعدي، و خليفتي عليكم، أطيعوه و لا تتفرّقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم؛ ألا و إنّكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتّى يتمّ له عمر، فاقبلوا من عثمان ما يقوله، و انتهوا إلى أمره، و اقبلوا قوله فهو خليفة إمامكم و الأمر إليه ... و الحديث طويل.

813-(2)-

كمال الدين: حدّثنا علي بن الحسن بن الفرج المؤذّن- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الكرخي، قال: سمعت أبا هارون- رجلا من أصحابنا- يقول: رأيت صاحب الزمان و وجهه يضي ء كأنّه القمر ليلة البدر ... الحديث.

814-(3)-

كمال الدين: حدّثنا أبو طالب المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه محمّد بن مسعود العيّاشي، قال: حدّثنا آدم بن محمّد البلخي، قال: حدّثني علي بن الحسن [الحسين] بن هارون الدقّاق، قال:حدّثنا جعفر بن محمّد بن عبد الله بن القاسم بن إبراهيم بن الأشتر، قال:

حدّثنا يعقوب بن منقوش [منفوس]، قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن علي عليهما السلام و هو جالس على دكّان في الدار، و عن يمينه بيت و عليه ستر مسبل، فقلت له: يا سيّدي! من صاحب هذا الأمر؟ فقال: ارفع الستر، فرفعته فخرج إلينا غلام خماسي، له عشر أو ثمان أو نحو ذلك، واضح الجبين، أبيض الوجه، درّيّ المقلتين،

ص: 263


1- . غيبة الشيخ: السفراء الممدوحون ص 357 ح 319؛ البحار: ج 51 ص 346- 347 ب 16 ح 1؛ تبصرة الولي: ص 183- 185 ح 76؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 415- 416 ب 31 ح 56 صدره، و ذيله في ص 511 ب 32 ح 337.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 434 ب 44 ح 1؛ البحار: ج 52 ص 25 ب 18 ح 18؛ اعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 1 ف 3.
3- . كمال الدين: ج 2 ص 436 و 437 ب 44 ح 5؛ ينابيع المودّة: ص 461 ب 82 عن يعقوب نحوه؛ البحار: ج 52 ص 25 ب 18 ح 17؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 2 ف 2.

شثن الكفّين، معطوف الركبتين، في خدّه الأيمن خال، و في رأسه ذؤابة، فجلس على فخذ أبي محمّد عليه السلام، ثمّ قال لي: هذا هو صاحبكم، ثمّ وثب فقال له: يا بنيّ! ادخل إلى الوقت المعلوم، فدخل البيت و أنا أنظر إليه، ثمّ قال لي:

يا يعقوب! انظر إلى من في البيت، فدخلت فما رأيت أحدا.

815-(1)-

الكافي: علي بن محمّد، عن جعفر بن محمّد الكوفي، عن جعفر بن محمّد المكفوف، عن عمرو الأهوازي، قال: أراني أبو محمّد عليه السلام ابنه، و قال: هذا صاحبكم من بعدي.

816-(2)-

الكافي: علي بن محمّد، عن الحسين و محمد ابني علي بن إبراهيم، عن محمّد بن علي بن عبد الرحمن العبدي- من عبد قيس-، عن ضوء بن علي العجلي، عن رجل من أهل فارس سمّاه، قال: أتيت سامراء و لزمت باب أبي محمّد عليه السلام، فدعاني فدخلت عليه و سلّمت، فقال:

ما الّذي أقدمك؟ قال: قلت: رغبة في خدمتك، قال: فقال لي: فالزم الباب، قال: فكنت في الدار مع الخدم، ثمّ صرت أشتري لهم الحوائج من السوق، و كنت أدخل عليهم من غير إذن إذا كان في الدار رجال، قال:

فدخلت عليه يوما و هو في دار الرجال فسمعت حركة في البيت، فناداني:

مكانك لا تبرح، فلم أجسر أن أدخل و لا أخرج، فخرجت عليّ جارية معها شي ء مغطّى، ثمّ ناداني: ادخل، فدخلت، و نادى الجارية فرجعت إليه، فقال لها: اكشفي عمّا معك، فكشفت عن غلام أبيضحسن الوجه، و كشف عن بطنه فإذا شعر نابت من لبّته إلى سرّته أخضر ليس بأسود، فقال: هذا صاحبكم، ثمّ أمرها فحملته، فما رأيته بعد ذلك حتّى مضى أبو محمّد عليه السلام.

817-(3)-

الكافي: علي بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، و كان أسنّ شيخ من ولد رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم بالعراق، فقال: رأيته بين المسجدين و هو غلام عليه السلام.

ص: 264


1- . الكافي: ج 1 ص 328 ب الإشارة و النصّ إلى صاحب الدار عليه السلام ح 3، و ج 1 ص 332 ب في تسمية من رآه عليه السلام ح 12؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 2 ف 3؛ الإرشاد: ص 349؛ غيبة الشيخ: ص 234 ح 203؛ ينابيع المودّة: ص 461 ب 82؛ البحار: ج 52 ص 60 ب 18 ح 48؛ تبصرة الولي: ص 50- 51 ح 19 و ص 275 ح 111.
2- . الكافي: ج 1 ص 329 ح 6 باب الإشارة و النصّ إلى صاحب الدار عليه السلام، و مختصرا ص 332 ح 14 باب في تسمية من رآه عليه السلام، و أطول من ذلك في باب مولد الصاحب عليه السلام ص 514- 515 ح 2؛ كمال الدين: ج 2 ص 435- 436 ب 44 ح 4؛ غيبة الشيخ: ص 233- 234 ح 202؛ ينابيع المودّة: مختصرا ص 461 ب 82؛ تبصرة الولي: ص 51- 52 ح 20 و ص 276- 277 ح 115؛ البحار: ج 52 ص 26- 27 ب 18 ح 21؛ تقريب المعارف: ص 184- 185.
3- . الكافي: ب في تسمية من رآه عليه السلام ج 1 ص 330 ح 2، الإرشاد: ب ذكر من رأى الإمام ص 350 إلّا أنّه قال: «رأيت ابن الحسن بن علي بن محمد عليهم السلام بين المسجدين و هو غلام»؛ ينابيع المودّة: ص 461 ب 82؛ غيبة الشيخ: ص 268 ح 230؛ البحار: ج 52 ص 13 ب 18 ح 8؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 449؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 1 ف 2؛ تبصرة الولي: ص 55 ح 22؛ الصراط المستقيم: ج 2 ص 240 ب 11 ف 4. أقول: لعلّ المراد بالمسجدين في الحديث مسجدا مكّة المكرمة و المدينة المنورة.

818-(1)-

الكافي: محمّد بن يحيى، عن الحسين بن رزق الله أبو عبد الله، قال: حدّثني موسى بن محمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر، قال: حدّثتني حكيمة ابنة محمّد بن علي- و هي عمّة أبيه- أنّها رأته ليلة مولده و بعد ذلك.

819-(2)-

الكافي: محمّد بن يحيى، عن الحسن بن علي النيسابوري، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر، عن أبي نصر ظريف الخادم أنّه رآه عليه السلام.

820-(3)-

الكافي: علي بن محمّد عن فتح مولى الرازي [الزراري] قال: سمعت أبا علي بن مطهّر يذكر أنّه قد رآه، و وصف له قدّه.

و يدلّ عليه الأحاديث 786، 787، 788، 796، 797، 802، 804، 808، 809، 810.

ص: 265


1- . الكافي: ب تسمية من رآه عليه السلام ج 1 ص 330 و 331 ح 3، و قوله: «عمّة أبيه» يعني عمّة الإمام أبي محمّد والد الحجّة عليه السلام، الإرشاد: ب ذكر من رأى الإمام ص 376 إلّا أنّه قال: «... و هي عمّة الحسن، أنّها رأت القائم ...»، و فيه: «الحسن بن رزق الله».
2- . الكافي: ب في تسمية من رآه عليه السلام ج 1 ص 332 ح 13؛ الإرشاد: ب ذكر من رأى الإمام الثاني عشر عليه السلام ص 351؛ البحار: ج 52 ص 60 و 61 ب 18 ح 49؛ الصراط المستقيم: ج 2 ص 241 ب 11 ف 4.
3- . الكافي: ب في تسمية من رآه عليه السلام ج 1 ص 331 ح 5؛ الإرشاد: ب ذكر من رأى الإمام الثاني عشر ص 350؛ ينابيع المودّة: ص 461 ب 82، و لفظه: «عن أبي علي بن مطهّر قال: رأيت ولد أبي محمّد و له قدر جليل»؛ تبصرة الولي فيمن رأي القائم المهدي عليه السلام: ص 55 ح 23 و ص 273 ح 103؛ البحار: ج 52 ص 14 ب 18 ح 11؛ غيبة الشيخ: ص 269 ح 233؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 450؛ الصراط المستقيم: ج 2 ص 240 ب 11 ف 4.

الباب الخامس في حالاته و معجزاته [و ذكر من تشرّف بمقام السفارة] في الغيبة الصغرى بعد وفاة أبيه، و ذكر من تشرّف بمقام السفارة في الغيبة الصغرى و من فاز برؤيته فيها و فيه ثلاثة فصول

الفصل الأوّل

في من فاز برؤيته عليه السلام في الغيبة الصغرى (1) و فيه 27 حديثا

821-(2)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: سألت محمّد بن عثمان العمري- رضي الله عنه- فقلت له: أ رأيت صاحب هذا الأمر؟ فقال: نعم، و آخر عهدي به عند بيت الله الحرام و هو يقول:

ص: 266


1- . اعلم أنّه قد دلّت الروايات الكثيرة- كما قرأت بعضها في الفصل السابع و العشرين من ب 3- على أن له غيبتين؛ إحداهما أطول من الاخرى، و امتدّت الغيبة الصغرى إلى سنة 329 ه، سنة موت أبي الحسن علي بن محمّد السمري الّذي ختم به النيابة الخاصّة، و انقطعت بموته السفارة، فكانت مدّتها 74 سنة، على أن يكون أوّلها سنة ولادة الحجّة عليه السلام، و 69 سنة على أن يكون أوّلها سنة وفاة أبيه سنة ستين و مائتين، و في هذه المدّة كان السفراء- رضوان الله عليهم- هم الوسائط بينه و بين شيعته، و يصل إليه وكلاؤه و بعض الخواصّ من الشيعة، و يصدر منه التوقيعات إلى بعض الخواصّ، و يجي ء من ناحيته المقدّسة بتوسّط السفراء أجوبة المسائل و الأحكام الشرعيّة و غيرها، و الخواصّ من الشيعة يعرفون خطّه الشريف. و يمكن أن يكون السرّ في وقوع الغيبة الصغرى عدم انس الشيعة بالغيبة التامّة، فوقعت الغيبة الصغرى قبل الغيبة الكبرى لئلا يستوحشوا منها إذا وقعت، بل الناظر في التواريخ يرى أنّهم عليهم السلام كانوا يعوّدون الشيعة باختفاء الإمام عن نظر الرعيّة في الجملة من زمان الإمام أبي الحسن علي بن محمّد الهادي عليهما السلام. ذكر ذلك المسعودي- المؤرّخ الكبير- في إثبات الوصيّة، قال: «و روي أنّ أبا الحسن صاحب العسكر احتجب عن كثير من الشيعة إلّا عن عدد يسير من خواصّه، فلمّا افضي الأمر إلى أبي محمّد كان يكلّم شيعته الخواصّ و غيرهم من وراء الستر إلّا في الأوقات الّتي يركب فيها إلى دار السلطان، و إنّ ذلك إنّما كان منه و من أبيه قبله مقدّمة لغيبة صاحب الزمان، لتألف الشيعة ذلك و لا تنكر الغيبة، و تجري العادة بالاحتجاب و الاستتار، انتهى». و بعد انقضاء الغيبة القصرى وقعت الغيبة الطولى، فلا ظهور إلى أن يأذن الله تعالى، و لا يتّفق درك خدمته إلّا لأوحدي من الناس، و انسدّت فيها باب السفارة و النيابة الخاصّة، و فوّض الأمر إلى الفقهاء العالمين بالأحكام، و حملة الآثار و الأخبار و علوم الأئمّة الطاهرين، فقد روى الصدوق في «كمال الدين» عن محمّد بن محمّد بن عصام عن محمّد بن يعقوب عن إسحاق بن يعقوب، قال: سألت محمّد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل شكلت عليّ، فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان عليه السلام: «أما ما سألت عنه أرشدك الله و ثبّتك ... إلى أن قال بعد ذكر أجوبة مسائله: و أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم و أنا حجّة الله عليهم». و رواه الشيخ في كتاب «الغيبة» عن جماعة عن جعفر بن محمّد بن قولويه و أبي غالب الزراري و غيرهما كلّهم عن محمّد بن يعقوب، و رواه في الاحتجاج عن محمّد بن يعقوب عن إسحاق، و قال أبو عبد الله عليه السلام في الحديث المشهور الّذي رواه الكليني بسنده عن عمر بن حنظلة، و الشيخ أيضا بإسناده عنه (كما في الوسائل: ج 18 كتاب القضاء ب 11 من أبواب صفات القاضي ح 1): «من كان منكم ممّن قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فليرضوا به حكما، فإنّي قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما استخفّ بحكم الله و علينا ردّ، و الرادّ علينا كالراد على الله، و هو على حدّ الشرك بالله». و روى في الاحتجاج عن الإمام أبي محمّد العسكري في حديث عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: «فأمّا من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه»، و روى أيضا في الاحتجاج بسنده عن الإمام أبي محمّد الحسن عن أبيه علي بن محمّد الهادي عليهم السلام قال: «لو لا من يبقى بعد غيبة قائمكم عليه السلام من العلماء الداعين إليه، و الدالّين عليه، و الذابّين عن دينه بحجج الله، و المنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس و مردته و فخاخ النواصب لما بقي أحد إلّا ارتدّ عن دين الله، و لكنّهم الّذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها، اولئك هم الأفضلون عند الله عزّ و جلّ» و روى الشهيد الثاني في «منية المريد» عن الإمام الهادي عليه السلام نحوه، و تدلّ على ذلك غير هذه الأحاديث روايات اخرى ذكرها الأصحاب- رضوان الله عليهم- في كتبهم. تنبيه فيه تأكيد: اعلم أنّه- كما أشرنا إليه- قد انقضى بانقضاء عصر الغيبة القصرى الصغرى و وقوع الغيبة التامّة الطولى الكبرى عصر السفارة و الوكالة، فليس لأحد بعد ذلك أن يدّعي السفارة و البابيّة و النيابة و الوكالة الخاصّة و الوساطة بين الإمام و السائرين إلى أن يظهر الله أمر وليّه و حجّته عليه السلام، فمن ادّعى ما يفيد بعض هذه المعاني يكذّب و يردّ عليه، و هذا من ضروريات المذهب، و اتّفق عليه الأكابر و الأعلام خلفا عن سلف، و عليه إجماع الطائفة. و يدلّ عليه الأخبار الناصّة على غيبته الطولى و ابتلاء الناس فيها بالتمحيص و الابتلاء و الامتحان الشديد، و يكفيك في ذلك ما قاله الشيخ الأجلّ الأقدم أبو القاسم جعفر بن محمّد بن جعفر بن موسى بن قولويه، المتوفّى سنة (368 أو 369 ه)، مؤلّف كتاب «كامل الزيارات» رضوان الله تعالى عليه، قال: «عندنا أنّ كلّ من ادّعى الأمر بعد السمري- رحمه الله- فهو كافر منمس ضالّ مضلّ».
2- . كمال الدين: ج 2 ص 440 ب 43 ذكر من شاهد القائم عليه السلام و رآه و كلّمه ح 9؛ غيبة الشيخ: ص 251 ح 222؛ البحار: ج 51 ص 351 و ج 52 ص 30 ب 18 ح 23؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 452 ب 32 ح 69؛ تبصرة الولي: ص 71 ح 37؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 607.

اللهمّ أنجز لي ما وعدتني.

822-(1)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: سمعت محمّد بن عثمان العمري- رضي الله عنه- يقول: رأيته صلوات الله عليه متعلّقا بأستار الكعبة في المستجار، و هو يقول: اللهمّ انتقم لي من أعدائي.

ص: 267


1- . كمال الدين: ج 2 ص 440 ب 43 ذكر من شاهد القائم عليه السلام و رآه و كلّمه ح 10؛ غيبة الشيخ: ص 251 ح 222 و لفظه: «اللهمّ انتقم لي من أعدائك»؛ ينابيع المودّة: ص 463 ب 83؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 453 ب 32 ح 70؛ تبصرة الولي: ص 71 ح 38؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 607.

823-(1)- الكافي: أخرج عن علي بن محمّد، و عن غير واحد من أصحابنا القمّيّين، عن محمّد بن محمّد العامري، عن أبي سعيد غانم الهندي حديثا طويلا، ذكر فيه أبو سعيد كيفيّة إسلامه، و في آخره ذكر فوزه بلقاء الإمام عليه السلام، و ما رأى منه عليه السلام من المعجزات، و أنّه أعطاه صرّة لنفقته. و الحديث كما قلنا طويل، فمن شاء فليقرأها في الكافي أو في كمال الدين.

824-(2)-

كمال الدين: و بهذا الإسناد، عن إبراهيم بن محمّد العلوي، قال: حدّثني طريف أبو نصر، قال: دخلت على صاحب الزمان عليه السلام، فقال: عليّ بالصندل الأحمر، فأتيته به، ثمّ قال: أ تعرفني؟ قلت: نعم، فقال: من أنا؟ فقلت: أنت سيّدي و ابن سيّدي، فقال: ليس عن هذا سألتك، قال طريف: فقلت: جعلني الله فداك، فبيّن لي، قال: أنا خاتم الأوصياء، و بي يدفع الله عزّ و جلّ البلاء عن أهلي و شيعتي.

825-(3)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: قلت لمحمّد بن عثمان العمري- رضي الله عنه-: إنّي أسألك سؤال إبراهيم ربّه- جلّ جلاله- حين قال له: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي، فأخبرني عن صاحب هذا الأمر، هل رأيته؟

قال: نعم، و له رقبة مثل ذي، و أشار بيده إلى عنقه.

ص: 268


1- . الكافي: ج 1 ب مولد الصاحب عليه السلام ص 515- 517 ح 3؛ كمال الدين: رواه من طرق ثلاثة ب 43 ذكر من شاهد القائم و رآه و كلّمه ص 437- 440 ح 6؛ ينابيع المودّة: ص 463 ب 83.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 43 ذكر من شاهد القائم و رآه و كلّمه ص 441 ح 12، و مراده من الإسناد ما ذكره للحديث الحادي عشر من هذا الباب هكذا: «حدّثنا أبو طالب المظفّر بن جعفر بن المظفّر بن جعفر بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، قال: حدّثنا أبو النضر محمّد بن مسعود، قال: حدّثنا آدم بن محمّد البلخي، قال: حدّثنا علي بن الحسن[ الحسين] الدقّاق، قال: حدّثني إبراهيم بن محمّد العلوي». غيبة الشيخ: ص 246 ح 215 و فيه: «عن ظريف»؛ الخرائج: ب العلامات الدالّة على صاحب الزمان عليه السلام؛ اثبات الوصيّة ص 221- 222؛ ينابيع المودّة: ص 463 ب 83 نحوه؛ البحار: ج 52 ص 30 ب 18 ح 25؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 499؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 508 ب 32 ح 319 مختصرا؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 544- 545؛ تبصرة الولي: ص 72 ح 39.
3- . كمال الدين: ج 2 ص 435 ب 43 ح 3، و رواه باختلاف و زيادة في آخره تدلّ على عدم جواز التسمية في الجملة «عن أبيه و محمّد بن الحسن رضي الله عنهما، عن عبد الله بن جعفر الحميري»: ج 2 ص 441 و 442 ب 43 ح 14؛ البحار: ج 52 ص 26 ب 18 ح 20؛ تبصرة الولي: ص 49- 50 ح 17؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 581 ب 20.

826-(1)- كمال الدين: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي العمري- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدّثنا جعفر بن معروف، عن أبي عبد الله البلخي، عن محمّد بن صالح بن علي بن محمّد بن قنبر الكبير، مولى الرضا عليه السلام، قال: خرج صاحب الزمان على جعفر الكذّاب من موضع لم يعلم به عند ما نازع في الميراث بعد مضيّ أبي محمّد عليه السلام، فقال له: يا جعفر! مالك تعرض في حقوقي؟ فتحيّر جعفر و بهت، ثمّ غاب عنه، فطلبه جعفر بعد ذلك في الناس فلم يره، فلمّا ماتت الجدّة أمّ الحسن أمرت أن تدفن في الدار، فنازعهم و قال: هي داري لا تدفن فيها، فخرج عليه السلام فقال: يا جعفر، أ دارك هي؟ ثمّ غاب عنه فلم يره بعد ذلك.

827-(2)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن أحمد الكوفي، المعروف بأبي القاسم الخديجي، قال: حدّثنا سليمان بن إبراهيم الرقي، قال:

حدّثنا أبو محمّد الحسن بن وجناء النصيبي، قال: كنت ساجدا تحت الميزاب في رابع أربع و خمسين حجّة بعد العتمة، و أنا أتضرّع في الدعاء إذ حرّكني محرّك، فقال: قم يا حسن بن وجناء! قال: فقمت فإذا جارية صفراء نحيفة البدن، أقول: إنّها من أبناء أربعين فما فوقها، فمشت بين يديّ و أنا لا أسألها عن شي ء حتّى أتت بي إلى دار خديجة عليها السلام، و فيها بيت بابه في وسط الحائط، و له درج ساج يرتقى، فصعدت الجارية، و جاءني النداء: اصعد يا حسن! فصعدت فوقفت بالباب، فقال لي صاحب الزمان عليه السلام: يا حسن! أتراك خفيت عليّ، و الله ما من وقت في حجّك إلّا و أنا معك فيه، ثمّ جعل يعدّ عليّ أوقاتي، فوقعت [مغشيّا] على وجهي، فحسست بيد قد وقعت عليّ فقمت، فقال لي:

يا حسن! الزم دار جعفر بن محمّد عليهما السلام، و لا يهمنّك طعامك و لا شرابك و لا ما يستر عورتك، ثمّ دفع إليّ دفترا فيه دعاء الفرج و صلاة عليه، فقال: بهذا فادع، و هكذا صلّ عليّ، و لا تعطه إلّا محقّي أوليائي، فإنّ الله جلّ جلاله موفّقك، فقلت: يا مولاي! لا أراك بعدها؟ فقال:

يا حسن إذا شاء الله، قال: فانصرفت من حجّتي و لزمت دار جعفر بن محمّد عليهما السلام، فأنا أخرج منها فلا أعود إليها إلّا لثلاث خصال:

ص: 269


1- . كمال الدين: ج 2 ص 442 ب 43 ح 15؛ ينابيع المودّة: ص 461 ب 82 نحوه؛ البحار: ج 52 ص 42 ب 18 ح 31؛ إحقاق الحقّ: ج 19 ص 642.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 443- 444 ب 43 ح 17؛ ينابيع المودّة: ص 464 ب 83 نحوه؛ البحار: ج 52 ص 31- 32 ب 18 ح 27؛ تبصرة الولي: ص 76- 78 ح 44؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 671 ب 33 ح 38.

لتجديد وضوء أو لنوم أو لوقت الإفطار، و أدخل بيتي وقت الإفطار فاصيب رباعيّا مملوءا ماء و رغيفا على رأسه و عليه ما تشتهي نفسي بالنهار، فآكل ذلك فهو كفاية لي، و كسوة الشتاء في وقت الشتاء، و كسوة الصيف في وقت الصيف، و إنّي لادخل الماء بالنهار فأرشّ البيت و أدع الكوز فارغا، فاوتى بالطعام [و أواني الطعام- خ] و لا حاجة لي إليه فأصّدّق به ليلا كيلا يعلم بي من معي.

828-(1)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أبو القاسم علي بن أحمد الخديجي الكوفي، قال: حدّثنا الأزدي، قال: بينما أنا في الطواف قد طفت ستّا و أنا اريد أن أطوف السابع فإذا أنا بحلقة عن يمين الكعبة، و شابّ حسن الوجه طيّب الرائحة هيوب مع هيبته متقرّب إلى الناس يتكلّم، فلم أر أحسن من كلامه، و لا أعذب من نطقه و حسن جلوسه، فذهبت اكلّمه فزبرني الناس، فسألت بعضهم من هذا؟ فقالوا: هذا ابن رسول الله، يظهر في كلّ سنة يوما لخواصّه يحدّثهم، فقلت: يا سيّدي! مسترشدا أتيتك فأرشدني هداك الله، فناولني عليه السلام حصاة فحوّلت وجهي، فقال لي بعض جلسائه: ما الّذي دفع إليك؟ فقلت: حصاة، و كشفت عنها فإذا أنا بسبيكة ذهب، فذهبت فإذا أنا به عليه السلام قد لحقني، فقال لي: ثبتت عليك الحجّة، و ظهر لك الحقّ، و ذهب عنك العمى، أ تعرفني؟ فقلت: لا، فقال عليه السلام: أنا المهدي، [و] أنا قائم الزمان، أنا الّذي أملأها عدلا كما ملئت جورا، إنّ الأرض لا تخلو من حجّة، و لا يبقى الناس في فترة، و هذا أمانة لا تحدّث بها إلّا إخوانك من أهل الحقّ.

829-(2)-

كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدّثنا أبو القاسم جعفر بن أحمد العلوي الرقي العريضي، قال: حدّثنا أبو الحسن علي بن أحمد العقيقي، قال: حدّثني أبو نعيم الأنصاري الزيدي، قال: كنت بمكّة عند المستجار و جماعة من المقصّرة و فيهم:

ص: 270


1- . كمال الدين: ج 2 ص 444 و 445 ب 43 ح 18؛ غيبة الشيخ: ص 253- 254 ح 223 بسنده عن الأودي؛ ينابيع المودّة: ص 464 ب 83 نحوه؛ البحار: ج 52 ص 1 و 2 ب 18 ح 1؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 3 ف 2؛ تبصرة الولي: ص 78- 79 ح 45؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 670- 671 ب 33 ح 39؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 573؛ الثاقب: ص 613- 614 ح 559/ 7؛ الخرائج: ص 784- 785 ب 15. أقول: الأزدي أو الأودي هو أحمد بن الحسين (أو الحسن) بن عبد الملك الأودي أو الأزدي، كوفي، ثقة، مرجوع إليه. راجع جامع الرواة و غيره.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 470- 473 ب 43 ح 24، و حكي عن بعض النسخ المصحّحة بدل «أبو القاسم جعفر بن أحمد العلوي»: «أبو القاسم جعفر بن محمّد العلوي»؛ غيبة الشيخ: أخرج بطريقين نحوه؛ أحدهما: «عن أحمد بن علي الرازي، عن علي بن عائذ الرازي، عن الحسن بن وجناء النصيبي، عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري»، و ثانيهما قال: «و أخبرنا جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى التلّعكبريّ، عن أبي علي محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، عن محمّد بن جعفر بن عبد الله، عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري- و ساق الحديث بطوله»: ص 259- 263 ح 227؛ دلائل الإمامة: «أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون، عن أبيه، قال: حدّثنا أبو علي محمّد بن همام، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري الكوفي، قال حدّثنا محمّد بن جعفر بن عبد الله، قال: حدّثني إبراهيم بن محمّد بن أحمد الأنصاري، قال: كنت حاضرا عند المستجار ... الحديث»: ص 298- 300 ب معرفة من شاهد صاحب الزمان عليه السلام ح 3؛ ينابيع المودّة: ص 465 و 466 ب 83؛ تبصرة الوليّ: ص 115- 122 ح 50؛ البحار: ج 52 ص 6- 9 ب 18 ح 5 و ج 61 ص 187- 190 ب 35 ح 2، و ج 62 ص 157، و ج 83 ص 27- 28؛ مستدرك الوسائل: ج 5 ص 70- 72 ح 5382/ 3 و 5383/ 4؛ فلاح السائل: 179- 182؛ نزهة الناظر: ص 147- 151 ب لمع من كلام الإمام الحجّة بن الحسن بن علي عليهم السلام.

المحمودي، و علان الكليني، و أبو الهيثم الديناري، و أبو جعفر الأحول الهمداني، و كانوا زهاء ثلاثين رجلا، و لم يكن منهم مخلص علمته غير محمّد بن القاسم العلوي العقيقي، فبينا نحن كذلك في اليوم السادس من ذي الحجّة سنة ثلاث و تسعين و مائتين من الهجرة إذ خرج علينا شابّ من الطواف عليه إزاران محرم [بهما]، و في يده نعلان، فلمّا رأيناه قمنا جميعا هيبة له، فلم يبق منّا أحد إلّا قام و سلّم عليه، ثمّ قعد و التفت يمينا و شمالا، ثمّ قال: أ تدرون ما كان أبو عبد الله عليه السلام يقول في دعاء الإلحاح؟ قلنا: و ما كان يقول؟ قال: كان يقول: اللهم إنّي أسألك باسمك الّذي به تقوم السماء، و به تقوم الأرض، و به تفرّق بين الحقّ و الباطل، و به تجمع بين المتفرّق، و به تفرّق بين المجتمع، و به أحصيت عدد الرمال وزنة الجبال و كيل البحار، أن تصلّي على محمّد و آل محمّد، و أن تجعل لي من أمري فرجا و مخرجا؛ ثمّ نهض فدخل الطواف، فقمنا لقيامه حين انصرف، و انسينا أن نقول له: من هو؟

فلمّا كان من الغد في ذلك الوقت خرج علينا من الطواف، فقمنا كقيامنا الأوّل بالأمس، ثمّ جلس في مجلسه متوسّطا، ثمّ نظر يمينا و شمالا، قال: أ تدرون ما كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول بعد صلاة الفريضة؟ قلنا: و ما كان يقول؟ قال: كان يقول: اللهمّ إليك رفعت الأصوات، [و دعيت الدعوات]، و لك عنت الوجوه، و لك خضعت الرقاب، و إليك التحاكم في الأعمال، يا خير مسئول و خير من أعطى، يا صادق، يا بارئ، يا من لا يخلف الميعاد، يا من أمر بالدّعاء و تكفّل بالاجابة، يا من قال: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، يا من قال: وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ، يا من قال: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، ثمّ نظر

ص: 271

يمينا و شمالا بعد هذا الدعاء فقال: أ تدرون ما كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول في سجدة الشكر؟ قلنا: و ما كان يقول؟قال: كان يقول: يا من لا يزيده إلحاح الملحّين إلّا جودا و كرما، يا من له خزائن السماوات و الأرض، يا من له خزائن ما دقّ و جلّ، لا تمنعك إساءتي من إحسانك إليّ، إنّي أسألك أن تفعل بي ما أنت أهله، و أنت أهل الجود و الكرم و العفو، يا ربّاه! يا الله! افعل بي ما أنت أهله، فأنت قادر على العقوبة و قد استحققتها، لا حجّة لي و لا عذر لي عندك، أبوء إليك بذنوبي كلّها، و أعترف بها كي تعفو عنّي و أنت أعلم بها منّي، بؤت إليك بكلّ ذنب أذنبته، و بكلّ خطيئة أخطأتها، و بكلّ سيّئة عملتها، يا ربّ اغفر لي و ارحم، و تجاوز عمّا تعلم، إنّك أنت الأعزّ الأكرم.

و قام فدخل الطواف، فقمنا لقيامه، و عاد من غد في ذلك الوقت، فقمنا لاستقباله كفعلنا فيما مضى، فجلس متوسّطا و نظر يمينا و شمالا، فقال: كان علي بن الحسين سيّد العابدين عليه السلام يقول في سجوده في هذا الموضع- و أشار بيده إلى الحجر نحو الميزاب-: عبيدك بفنائك، مسكينك ببابك، أسألك ما لا يقدر عليه سواك، ثمّ نظر يمينا و شمالا و نظر إلى محمّد بن القاسم العلوي، فقال: يا محمّد بن القاسم! أنت على خير إن شاء الله، و قام فدخل الطواف، فما بقي أحد منّا إلّا و قد تعلّم ما ذكر من الدعاء، و [ا] نسينا أن نتذاكر أمره إلّا في آخر يوم، فقال لنا المحموديّ: يا قوم أ تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا و الله صاحب الزمان عليه السلام، فقلنا: و كيف ذاك يا أبا علي؟ فذكر أنّه مكث يدعو ربّه عزّ و جلّ و يسأله أن يريه صاحب الأمر سبع سنين، قال: فبينا أنا يوما في عشيّة عرفة فإذا بهذا الرجل بعينه فدعا بدعاء وعيته، فسألته ممّن هو؟

فقال: من الناس، فقلت: من أيّ الناس، من عربها أو مواليها؟ فقال:

من عربها، فقلت: من أيّ عربها؟ فقال: من أشرفها و أشمخها، فقلت:

و من هم؟ فقال: بنو هاشم، فقلت: من أيّ بني هاشم؟ فقال: من أعلاها ذروة و أسناها رفعة، فقلت: و ممّن هم؟ فقال: ممّن فلق الهام، و أطعم الطعام، و صلّى بالليل و الناس نيام، فقلت: إنّه علويّ، فأحببته على العلويّة، ثمّ افتقدته من بين يديّ، فلم أدر كيف مضى في السماء أم في الأرض، فسألت القوم الّذين كانوا حوله، أ تعرفون هذا العلويّ؟

فقالوا: نعم، يحجّ معنا كلّ سنة ماشيا، فقلت: سبحان الله! و الله ما أرى به أثر مشي، ثمّ انصرفت إلى المزدلفة كئيبا حزينا على فراقه، و بتّ في ليلتي تلك فإذا أنا برسول الله صلّى الله عليه و آله، فقال: يا محمّد، رأيت طلبتك؟ فقلت: و من ذاك يا سيّدي؟ فقال: الّذي رأيته في عشيّتك فهو صاحب زمانكم. فلمّا سمعنا ذلك منه عاتبناه على ألّا يكون أعلمنا ذلك، فذكر أنّه كان ناسيا أمره إلى وقت ما حدّثنا.

ص: 272

و حدّثنا بهذا الحديث عمّار بن الحسين بن إسحاق الأسروشني- رضي الله عنه- بجبل بوتك من أرض فرغانة، قال: حدّثني أبو العبّاس أحمد بن الخضر، قال: حدّثني أبو الحسين محمّد بن عبد اللهالإسكافي، قال: حدّثني سليم، عن أبي نعيم الأنصاري، قال: كنت بالمستجار بمكّة أنا و جماعة من المقصّرة، فيهم: المحمودي، و علّان الكليني ... و ذكر الحديث مثله سواء.

و حدّثنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن علي بن محمّد بن حاتم، قال:

حدّثنا أبو الحسين عبيد الله بن محمّد بن جعفر القصباني البغدادي، قال:

حدّثني أبو محمّد علي بن محمّد بن أحمد بن الحسين الماذرائي، قال:

حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي المنقذي الحسني بمكّة، قال: كنت جالسا بالمستجار و جماعة من المقصّرة و فيهم: المحمودي، و أبو الهيثم الديناري، و أبو جعفر الأحول، و علان الكليني، و الحسن بن وجناء، و كانوا زهاء ثلاثين رجلا ... و ذكر الحديث مثله سواء.

830-(1)-

كمال الدين: و حدّث أبو الأديان، قال: كنت أخدم الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، و أحمل كتبه إلى الأمصار، فدخلت عليه في علّته الّتي توفّي فيها صلوات الله عليه فكتب معي كتبا، و قال: امض بها إلى المدائن، فإنّك ستغيب خمسة عشر يوما و تدخل إلى سرّ من رأى يوم الخامس عشر، و تسمع الواعية في داري، و تجدني على المغتسل. قال أبو الأديان: فقلت: يا سيّدي! فإذا كان ذلك فمن؟ قال:

من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم من بعدي، فقلت: زدني، فقال:

من يصلّي عليّ فهو القائم بعدي، فقلت: زدني، فقال: من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي، ثمّ منعتني هيبته أن أسأله عمّا في الهميان.

و خرجت بالكتب إلى المدائن، و أخذت جواباتها و دخلت سرّ من رأى يوم الخامس عشر كما ذكر لي عليه السلام، فإذا أنا بالواعية في داره، و إذا به على المغتسل، و إذا أنا بجعفر بن عليّ أخيه بباب الدار و الشيعة من حوله يعزّونه و يهنّونه، فقلت في نفسي: إن يكن هذا الإمام فقد بطلت الإمامة، لأنّي كنت أعرفه يشرب النبيذ و يقامر في الجوسق و يلعب بالطنبور، فتقدّمت فعزّيت و هنّيت، فلم يسألني عن شي ء، ثمّ خرج عقيد، فقال: يا

ص: 273


1- . كمال الدين: ج 2 ص 43 من شاهد القائم عليه السلام ص 475 و 476؛ البحار: ج 50 ص 332- 333 ب 5 ح 4، و ج 52 ص 67- 68 ب 18 ح 53؛ تبصرة الولي: ص 127- 130 ح 41؛ ينابيع المودّة: ص 461 ب 82 عن أبي الأديان نحوه؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 547- 549؛ الثاقب في المناقب: ص 607- 608 ح 554/ 2؛ الخرائج: ب العلامات الدالّة على صاحب الزمان عليه السلام.

سيّدي! قد كفّن أخوك فقم و صلّ عليه، فدخل جعفر بن عليّ و الشيعة من حوله يقدمهم السمّان و الحسن بن عليّ قتيل المعتصم المعروف بسلمة، فلمّا صرنا في الدارإذا نحن بالحسن بن عليّ صلوات الله عليه على نعشه مكفّنا، فتقدّم جعفر بن عليّ ليصلّي على أخيه، فلمّا همّ بالتكبير خرج صبيّ بوجهه سمرة، بشعرة قطط، بأسنانه تفليج، فجبذ برداء جعفر بن عليّ، و قال: تأخّر يا عمّ! فأنا أحقّ بالصلاة على أبي، فتأخّر جعفر، و قد اربدّ وجهه و اصفرّ، فتقدّم الصبيّ و صلّى عليه، و دفن إلى جانب قبر أبيه عليهما السلام، ثمّ قال: يا بصريّ! هات جوابات الكتب الّتي معك، فدفعتها إليه، فقلت في نفسي: هذه بيّنتان، بقي الهميان، ثمّ خرجت إلى جعفر بن علي و هو يزفر، فقال له حاجز الوشّاء: يا سيّدي! من الصبيّ لنقيم الحجّة عليه؟ فقال: و الله ما رأيته قط و لا أعرفه فنحن جلوس إذ قدم نفر من قمّ فسألوا عن الحسن بن علي عليهما السلام، فعرفوا موته فقالوا: فمن [نعزّي]؟ فأشار الناس إلى جعفر بن علي، فسلّموا عليه و عزّوه و هنّوه، و قالوا: إنّ معنا كتبا و مالا، فتقول ممّن الكتب؟ و كم المال؟ فقام ينفض أثوابه و يقول: تريدون منّا أن نعلم الغيب؟ قال: فخرج الخادم فقال: معكم كتب فلان و فلان [و فلان] و هميان فيه ألف دينار و عشرة دنانير منها مطليّة، فدفعوا إليه الكتب و المال، و قالوا: الّذي وجّه بك لأخذ ذلك هو الإمام، فدخل جعفر بن علي على المعتمد و كشف له ذلك، فوجّه المعتمد بخدمه فقبضوا على صقيل الجارية، فطالبوها بالصبيّ، فأنكرته و ادّعت حبلا بها لتغطّي حال الصبيّ، فسلّمت إلى ابن أبي الشوارب القاضي، و بغتهم موت عبيد الله بن يحيى بن خاقان فجأة، و خروج صاحب الزنج بالبصرة، فشغلوا بذلك عن الجارية، فخرجت عن أيديهم، و الحمد لله ربّ العالمين.

831-(1)-

الكافي: عليّ، عن أبي علي أحمد بن إبراهيم بن إدريس، عن أبيه أنّه قال: رأيته عليه السلام بعد مضيّ أبي محمّد حين أيفع، و قبّلت يديه و رأسه.

ص: 274


1- . الكافي: ج 1 كتاب الحجّة ب في تسمية من رآه عليه السلام ص 331 ح 8؛ غيبة الشيخ: فصل الأخبار المتضمّنة لمن رآه عليه السلام ص 268 ح 232 بإسناده عن إبراهيم بن إدريس؛ البحار: ج 52 ص 14 ب 18 ح 10؛ الإرشاد: ب ذكر من رأى الإمام الثاني عشر عليه السلام؛ تبصرة الولي: ص 61 و 274 ح 18 و 107؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 450؛ ينابيع المودّة: «عن كتاب الغيبة عن إبراهيم بن إدريس قال: رأيت المهدي بعد أن مضى أبو محمّد غلاما حين أيفع، و قبّلت يده و رأسه الشريف» ص 461 ب 82. قال ابن الأثير في النهاية: «خرج عبد المطّلب و معه رسول الله صلّى الله عليه[ و آله] و سلّم و قد أيفع أو كرب، أيفع الغلام فهو يافع إذا شارف الاحتلام و لمّا يحتلم».

832-(1)- كمال الدين: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن الحسين بن عبد الله بن محمّد بن مهران الآبي العروضي- رضي الله عنه- بمرو، قال: حدّثنا [أبو] الحسين [بن] زيد بن عبد الله البغدادي، قال: حدّثنا أبو الحسن علي بن سنان الموصلي، قال: حدّثني أبي، قال: لمّا قبض سيّدنا أبو محمّد الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليهما وفد من قمّ و الجبال وفود بالأموال الّتي كانت تحمل على الرسم و العادة و لم يكن عندهم خبر وفاة الحسن عليه السلام، فلمّا أن وصلوا إلى سرّ من رأى سألوا عن سيّدنا الحسن بن علي عليهما السلام، فقيل لهم: إنّه قد فقد، فقالوا: و من وارثه؟ قالوا: أخوه جعفر بن علي، فسألوا عنه، فقيل لهم:

إنّه قد خرج متنزّها، و ركب زورقا في دجلة يشرب و معه المغنّون، قال:

فتشاور القوم، فقالوا: هذه ليست من صفة الإمام، و قال بعضهم لبعض: امضوا بنا حتّى نردّ هذه الأموال على أصحابها، فقال أبو العبّاس محمّد بن جعفر الحميري القمّي: قفوا بنا حتّى ينصرف هذا الرجل و نختبر أمره بالصحّة.

قال: فلمّا انصرف دخلوا عليه فسلّموا عليه، و قالوا: يا سيّدنا! نحن من أهل قمّ و معنا جماعة من الشيعة و غيرها، و كنّا نحمل إلى سيّدنا أبي محمّد الحسن بن عليّ الأموال، فقال: و أين هي؟ قالوا:

معنا، قال: احملوها إليّ، قالوا: لا، إنّ لهذه الأموال خبرا طريفا، فقال: و ما هو؟ قالوا: إنّ هذه الأموال تجمع و يكون فيها من عامّة الشيعة الدينار و الديناران، ثمّ يجعلونها في كيس و يختمون عليه، و كنّا إذا وردنا بالمال على سيّدنا أبي محمّد عليه السلام يقول: جملة المال كذا و كذا دينارا، من عند فلان كذا، و من عند فلان كذا، حتّى يأتي على أسماء النّاس كلّهم، و يقول ما على الخواتيم من نقش، فقال جعفر: كذبتم، تقولون على أخي ما لا يفعله، هذا علم الغيب و لا يعلمه إلّا الله، قال:

فلمّا سمع القوم كلام جعفر جعل بعضهم ينظر إلى بعض، فقال لهم:احملوا هذا المال إليّ، قالوا: إنّا قوم مستأجرون، وكلاء لأرباب المال، و لا نسلّم المال إلّا بالعلامات الّتي كنّا نعرفها من سيّدنا الحسن بن عليّ عليهما السلام، فإن كنت الإمام فبرهن لنا و إلّا رددناها إلى أصحابها، يرون فيها رأيهم.

ص: 275


1- . كمال الدين: ج 2 ص 476- 479 ب 43 من شاهد القائم و رآه و كلّمه ح 26؛ الخرائج بسنده عن الموصلي: ج 3 ص 1104 ب العلامات السارّة الدالّة على صاحب الزمان حجّة الرحمن عليه السلام ح 24 نحوه؛ تبصرة الوليّ: ص 130- 136 ح 55؛ ينابيع المودّة مختصرا: ص 462 ب 82؛ البحار: ج 52 ص 47- 50 ب 18 ح 34، و في ج 73 ص 63- 64 ب 108 ح 4 قطعة منه؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 301 ب 33 ح 43؛ الخرائج: ب العلامات الدالّة على صاحب الزمان عليه السلام؛ الثاقب: ص 608- 611 ح 555/ 3.

قال: فدخل جعفر على الخليفة- و كان بسرّمن رأى- فاستعدى عليهم، فلمّا احضروا، قال الخليفة: احملوا هذا المال إلى جعفر، قالوا:

أصلح الله أمير المؤمنين، إنّا قوم مستأجرون، وكلاء لأرباب هذه الأموال، و هي وداعة لجماعة، و أمرونا بأن لا نسلّمها إلّا بعلامة و دلالة، و قد جرت بهذه العادة مع أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام، فقال الخليفة: فما كانت العلامة الّتي كانت مع أبي محمّد؟ قال القوم: كان يصف لنا الدنانير، و أصحابها، و الأموال، و كم هي، فإذا فعل ذلك سلّمناها إليه، و قد وفدنا إليه مرارا فكانت هذه علامتنا معه و دلالتنا، و قد مات، فإن يكن هذا الرجل صاحب هذا الأمر فليقم لنا ما كان يقيمه لنا أخوه، و إلّا رددناها إلى أصحابها، فقال جعفر: يا أمير المؤمنين! إنّ هؤلاء قوم كذّابون، يكذبون على أخي، و هذا علم الغيب، فقال الخليفة: القوم رسل، و ما على الرسول إلّا البلاغ المبين، قال: فبهت جعفر و لم يرد جوابا، فقال القوم: يتطوّل أمير المؤمنين بإخراج أمره إلى من يبدرقنا حتّى نخرج من هذه البلدة، قال: فأمر لهم بنقيب فأخرجهم منها، فلمّا أن خرجوا من البلد خرج إليهم غلام أحسن الناس وجها، كأنّه خادم، فنادى يا فلان بن فلان و يا فلان بن فلان أجيبوا مولاكم، قال: فقالوا: أنت مولانا؟ قال: معاذ الله: أنا عبد مولاكم فسيروا إليه، قالوا: فسرنا [إليه] معه حتّى دخلنا دار مولانا الحسن بن علي عليهما السلام، فإذا ولده القائم سيّدنا عليه السلام قاعد على سرير كأنّه فلقة قمر، عليه ثياب خضر، فسلّمنا عليه، فردّ علينا السلام، ثمّ قال:

جملة المال كذا و كذا دينارا، حمل فلان كذا، [و حمل] فلان كذا، و لم يزل يصف حتّى وصف الجميع، ثمّ وصف ثيابنا و رحالنا، و ما كان معنا من الدوابّ، فخررنا سجّدا لله عزّ و جلّ شكرا لما عرّفنا، و قبّلنا الأرض بين يديه، و سألناه عمّا أردنا فأجاب، فحملنا إليه الأموال، و أمرنا القائم عليه السلام أن لا نحمل إلى سرّ من رأى بعدها شيئا من المال، فإنّه ينصب لنا ببغداد رجلا يحمل إليه الأموال، و يخرج من عنده التوقيعات، قالوا: فانصرفنا من عنده و دفع إلى أبي العبّاس محمّد بن جعفر القمّي الحميري شيئا من الحنوط و الكفن، فقال له: أعظم الله أجرك في نفسك، قال: فما بلغ أبو العبّاس عقبة همدان حتّى توفّي رحمه الله.

و كان بعد ذلك نحمل الأموال إلى بغداد، إلى النوّاب المنصوبين بها، و يخرج من عندهم التوقيعات.

833-(1)- غيبة الشيخ: و حدّث عن رشيق صاحب المادراي، قال: بعث إلينا المعتضد و نحن ثلاثة نفر، فأمرنا أن يركب كلّ واحد منّا فرسا و نجنب آخر و نخرج مخفّين، لا يكون معنا قليل و لا كثيرإلّا على السرج مصلّى،

ص: 276


1- . غيبة الشيخ: ص 248- 250 ح 218 في فصل ولادة صاحب الزمان عليه السلام؛ الخرائج: ج 1 ص 460 ب 13 ح 5؛ ينابيع المودّة: ص 458 ب 81 (في خوارق المهديّ و كراماته الّتي ظهرت للناس) نحوه؛ فرج المهموم: ص 248؛ تبصرة الوليّ: ص 56- 58 ح 25؛ البحار: ج 52 ص 51- 52 ب 18 ملحق ح 36؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 683 684 ب 33 ح 92. قوله: «اكبسوا الدار» أي ادخلوها بالاقتحام و بغير إذن و فجأة، و قوله: «نفي من جدّي» أي منفيّ من جدّه، يريد به العبّاس بن عبد المطّلب، أي لست من بني العبّاس لو لم أضرب أعناقكم إن بلغني عنكم هذا الخبر، و في البحار: «انا لغيّ من جدّي» أي لزنية منفيّ عن جدّي، و الرشيق مولى المعتضد؛ فراجع الكامل: ج 7 ص 365. ثمّ اعلم أنّ من مخاريق بعض العامّة و افتراءاتهم نسبتهم إلى الشيعة اعتقاد أنّ القائم عليه السلام غاب في السرداب، و أنّه بعد غيبته باق فيه، و لم يخرج منه إلى الآن، و لم يره أحد، و أنّه يخرج منه و الشيعة ينتظرون خروجه منه، حتّى قال ابن حجر في الصواعق: «و لقد أحسن القائل: ما آن للسرداب أن يلد الّذي ... الخ». أقول: قال الله تعالى: (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ الله وَ أُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ) أيها العلماء، أيّها القرّاء، يا أهل الإنصاف، هذه كتب علماء الإماميّة من عصر الغيبة، بل قبلها إلى زماننا بين أظهركم و أيديكم، فانظروا فيها حتّى تقفوا على شدّة التعصّب و العناد، و انظروا فيها حتّى تعرفوا قيمة هذه الافتراءات، و انظروا فيها حتّى تعلموا أنّه ليس لهذا البهتان أثر في كتاب واحد من أصاغر علماء الشيعة فضلا عن أكابرهم و أعيانهم؛ كالكليني، و الصدوق، و النعماني، و المفيد، و الشيخ، و السيّدين المرتضى و الرضي، و العلامة، و غيرهم، انظروا فيها حتّى تقفوا على ما هو السبب الوحيد لافتراق كلمة هذه الامّة، و المانع الفذّ من تقريبهم و توحيد كلمتهم، و لعمر الحقّ إنّ لمثل هذا البهتان تقشعرّ الجلود، و تندهش العقول، رجال يعدّون أنفسهم من العلماء و من أهل التثبّت و التحقيق و من المسلمين ثمّ يأتون بأكذوبة و بهتان على طائفة عظيمة من المسلمين، فيهم في كلّ عصر و جيل ألوف من العلماء، و الحكماء، و الادباء، و الشعراء، و المتكلّمين، و أهل التصنيف و التأليف، و أكابر كلّ فنّ من فنون العلم، و يكتبونها في كتبهم الّتي يقرأها المسلمون و أهل العلم و الاطلاع جيلا بعد جيل، فيعرفون منها ميزان علمهم، و مبلغ همهم، نعوذ بالله ممّا تزلّ به الأقلام و الألباب. نعم لو جعلنا كتب الإماميّة- قديما و حديثا- تجاه نظرنا لوجدناها مشحونة بروايات و أحاديث و حكايات كلّها يكذّب هذه المخاريق و المجعولات، و قد ذكرنا طائفة كثيرة من هذه الروايات في هذا الكتاب، قال المحدّث النوري- رحمه الله- في طي كلماته في «كشف الأستار»: «نحن كلّما راجعنا، و تفحّصنا، لم نجد لما ذكروه أثرا، بل ليس فيها ذكر للسرداب أصلا سوى قضيّة المعتضد الّتي نقلها نور الدين عبد الرحمن الجامي في «شواهد النبوة»، و هي موجودة في كتبهم بأسانيدهم، و لكنّهم ساقوا المتن هكذا عن رشيق صاحب المادراي (ثمّ ذكر ما نقلناه في المتن عن غيبة الشيخ عن رشيق، و قال:) و ليس فيه ذكر للسرداب أصلا، إلّا أنّ القطب الراوندي ذكر في الخرائج هذا الخبر، ثمّ قال في موضع آخر على ما نقله عنه بعض أصحابنا، (و إن لم نجده أيضا فيما عندي من نسخه): «ثمّ بعثوا عسكرا أكثر، فلمّا دخلوا الدار سمعوا من السرداب قراءة القرآن، فاجتمعوا على بابه و حفظوه حتّى لا يصعد و لا يخرج و أميرهم قائم حتّى يصل العسكر كلّهم، فخرج من السكّة الّتي على باب السرداب و مرّ عليهم، فلمّا غاب قال الأمير: انزلوا عليه، فقالوا: أ ليس هو قد مرّ عليك؟ فقال: ما رأيت، قال: و لم تركتموه؟ قالوا: إنّا حسبنا أنّك تراه» و الظاهر أنّ هذا الخبر هو الوجه في تسمية السرداب بسرداب الغيبة في لسان بعض العلماء في خصوص كتب المزار» انتهى ما في «كشف الأستار»، و ليس فيما نقل عن الخرائج (و إن لم أجده أيضا في النسخة الموجودة منه عندي) دلالة أو إشارة إلى ما نسب إلى الشيعة، بل دليل على فساد هذه النسبة، لتضمّنه خروجه من السرداب. هذا مع أنّ هذه القصّة إنّما وقعت بعد وقوع الغيبة بسنوات، فإنّ غيبته عليه السلام وقعت في سنة (260 ه)، و المعتضد ملك الخلافة في رجب سنة (279 ه)، و إن شئت مزيد توضيح لذلك فعليك بكتاب «كشف الأستار» فإنّه قد أدّى حقّ المقام؛ و أمّا ما يشاهد من السنّة الجارية بين الشيعة، و هي زيارة مولانا المهدي عليه السلام في هذا الموضع الشريف فليس لاعتقاد أنّه غاب في السرداب و يجب أن ينتظر خروجه منه، بل لأنّ الموضع المعروف بالسرداب و حرم العسكريّين عليهما السلام محلّ دورهم و بيوتهم الشريفة التي أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه، و محلّ ولادة القائم عليه السلام، و محلّ بروز بعض معجزاته و خوارق عاداته، و ليس لها خصوصيّة إلّا ما ذكر، و لكن هذه الخصوصيّة تدعو شيعته و محبيه إلى زيارته فيها، و الاشتغال فيها بتلاوة القرآن و الدعاء لفرجه، و تعجيل ظهوره، و الصلوات عليه و على أبيه و جدّه و امّه عليهم السلام، و للشيعة في غير هذا الموضع مقامات اخرى يزورونه عليه السلام فيها، لما ثبت عندهم من مقامه عليه السلام فيها في وقت من الأوقات.

ص: 277

و قال [لنا]: الحقوا بسامرة، و وصف لنا محلّة و دارا، و قال: إذا أتيتموها تجدون على الباب خادما أسود، فاكبسوا الدار و من رأيتم فيها فأتوني برأسه، فوافينا سامرة فوجدنا الأمر كما وصفه، و في الدهليز خادم أسود و في يده تكّة ينسجها، فسألناه عن الدار و من فيها، فقال: صاحبها، فو الله ما التفت إلينا، و قلّ اكتراثه بنا، فكبسنا الدار كما أمرنا فوجدنا دارا سريّة، و مقابل الدار ستر ما نظرت قط إلى أنبل منه، كأنّ الأيدي رفعت عنه في ذلك الوقت، و لم يكن في الدار أحد، فرفعنا الستر فإذا بيت كبير كأنّ بحرا فيه ماء، و في أقصى البيت حصير قد علمنا أنّه على الماء، و فوقه رجل من أحسن الناس هيئة قائم يصلّي، فلم يلتفت إلينا و لا إلى شي ء من أسبابنا، فسبق أحمد بن عبد الله ليتخطّى البيت فغرق في الماء، و ما زال يضطرب حتّى مددت يدي إليه فخلّصته و أخرجته و غشي عليه و بقي ساعة، و عاد صاحبي الثاني إلى فعل ذلك الفعل فناله مثل ذلك، و بقيت مبهوتا فقلت لصاحب البيت: المعذرة إلى الله و إليك، فو الله ما علمت كيف الخبر و لا إلى من أجي ء و أنا تائب إلى الله، فما التفت إلى شي ء ممّا قلنا، و ما انفتل عمّا كان فيه، فهالنا ذلك و انصرفنا عنه، و قد كان المعتضد ينتظرنا و قد تقدّم إلى الحجّاب إذا وافيناه أن ندخل عليه في أيّ وقت كان، فوافيناه فيبعض الليل فادخلنا عليه، فسألنا عن الخبر فحكينا له ما رأينا، فقال: و يحكم، لقيكم أحد قبلي و جرى منكم إلى أحد سبب أو قول؟ قلنا: لا، فقال: أنا نفي من جدّي، و حلف بأشدّ أيمان له إنّه رجل إن بلغه هذا الخبر ليضربنّ أعناقنا، فما جسرنا أن نحدّث به إلّا بعد موته.

834-(1)-

الكافي: علي بن محمّد، عن محمّد بن علي بن إبراهيم، عن أبي عبد الله بن صالح انّه رآه عند الحجر الأسود و الناس يتجاذبون عليه و هو يقول: ما بهذا امروا.

ص: 278


1- . الكافي: ج 1 ص 331 كتاب الحجّة ب في تسمية من رآه عليه السلام ح 7؛ الإرشاد: ب ذكر من رأى الإمام عليه السلام ص 377؛ ينابيع المودّة: ص 463؛ تبصرة الوليّ: ص 61 ح 27 عن محمّد بن يعقوب بسنده عن أبي عبد الله بن صالح؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 450.

835-(1)-

غيبة الشيخ: و أخبرنا جماعة عن التلعكبري، عن أحمد بن علي الرازي، عن علي بن الحسين، عن رجل- ذكر أنه من أهل قزوين لم يذكر اسمه- عن حبيب بن محمد بن يونس بن شاذان الصنعاني، قال: دخلت الى علي بن ابراهيم بن مهزيار الأهوازي، فسألته عن آل أبي محمّد عليه السلام، فقال: يا أخي! لقد سألت عن أمر عظيم، حججت عشرين حجّة، كلا أطلب به عيان الإمام فلم أجد الى ذلك سبيلا، فبينا أنا ليلة نائم في مرقدي إذ رأيت قائلا يقول: يا علي بن ابراهيم! قد أذن الله لي في الحجّ، فلم أعقل ليلتي حتى أصبحت، فأنا مفكّر في أمري أرقب الموسم ليلي و نهاري، فلمّا كان وقت الموسم أصلحت أمري، و خرجت متوجها نحو المدينة، فما زلت كذلك حتى دخلت يثرب، فسألت عن آل أبي محمد عليه السلام فلم أجد له أثرا و لا سمعت له خبرا، فأقمت متفكّرا في أمري حتى خرجت من المدينة اريد مكة، فدخلت الجحفة و أقمت بها يوما، و خرجت منها متوجها نحو الغدير و هو على أربعة أميال من الجحفة، فلمّا أن دخلت المسجد صلّيت و عفّرت و اجتهدت في الدعاء و ابتهلت الى الله لهم، و خرجت أريد عسفان، فما زلت كذلك حتى دخلت مكّة فأقمت بها أيّاما أطوف البيت و اعتكفت، فبينا أنا ليلة في الطواف إذا أنا بفتى حسن الوجه، طيّب الرائحة، يتبختر في مشيته، طائف حول البيت، فحسّ قلبي به فقمت نحوه فحككته، فقال لي: من أين الرجل؟ فقلت: من أهل العراق؟ [فقال لي: من أي العراق؟] قلت: من الأهواز، فقال لي:تعرف بها الخصيب؟ فقلت: رحمه الله، دعي فأجاب، فقال: رحمه الله، فما كان أطول ليلته و أكثر تبتّله و أغزر دمعته! أ فتعرف علي بن مهزيار؟ فقلت: أنا علي بن إبراهيم، فقال: حيّاك الله أبا الحسن! ما فعلت بالعلامة التي بينك و بين أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام؟

فقلت: معي، قال: أخرجها، فأدخلت يدي في جيبي فاستخرجتها، فلما أن رآها لم يتمالك أن تغرغرت عيناه بالدموع، و بكى منتحبا حتى بلّ أطماره، ثم قال: اذن لك الآن يا ابن مهزيار! صر الى رحلك، و كن على أهبة(2) من أمرك، حتى إذا لبس الليل جلبابه، و غمر الناس ظلامه، سر الى شعب بني عامر فإنّك ستلقاني هناك، فسرت الى منزلي، فلما أن أحسست بالوقت أصلحت رحلي و قدمت راحلتي و عكمته شديدا، و حملت و صرت في متنه و أقبلت مجدّا في السير، حتى وردت الشعب فإذا أنا بالفتى قائم ينادي: يا أبا الحسن! إليّ، فما زلت نحوه، فلما

ص: 279


1- . غيبة الشيخ: ص 263- 267 ح 228 باب من رآه عليه السلام؛ دلائل الامامة: ص 269 و 297 باب معرفة من شاهد صاحب الزمان عليه السلام في حال الغيبة و عرفه من أصحابنا ح 2 نحوه؛ البحار: ج 52، 9- 12 ب 18 ح 6؛ تبصرة الوليّ: ص 143- 147 ح 60 و ص 156- 161 ح 65.
2- . الأهبة- بضم الهمزة و بسكون الهاء-: العدّة.

قربت بدأني بالسلام و قال لي: سر بنا يا أخ! فما زال يحدّثني و احدّثه حتى تخرقنا(1)

جبال عرفات، و سرنا الى جبال منى، و انفجر الفجر الأول و نحن قد توسطنا جبال الطائف، فلمّا أن كان هناك أمرني بالنزول، و قال لي: انزل فصلّ صلاة الليل فصلّيت، و أمرني بالوتر فأوترت، و كانت فائدة منه، ثم أمرني بالسجود و التعقيب، ثم فرغ من صلاته و ركب، و أمرني بالركوب، و سار و سرت معه حتّى علا ذروة الطائف، فقال: هل ترى شيئا؟ قلت: نعم، أرى كثيب رمل عليه بيت شعر، يتوقّد البيت نورا، فلمّا أن رأيته طابت نفسي فقال لي: هناك الأمل و الرجاء، ثم قال: سر بنا يا أخ! فسار و سرت بمسيره الى أن انحدر من الذروة و سار في أسفله، فقال: انزل، فهاهنا يذلّ كل صعب، و يخضع كل جبّار، ثم قال: خلّ عن زمام الناقة، قلت: فعلى من أخلفها؟ فقال: حرم القائم عليه السلام لا يدخله إلّا مؤمن و لا يخرج منه إلّا مؤمن، فخلّيت من زمام راحلتي، و سار و سرت معه الى أن دنا من باب الخباء فسبقني بالدخول، و أمرني أن أقف حتى يخرج إليّ، ثم قال لي: ادخل هناك السلامة، فدخلت فإذا أنا به جالس قد اتّشح ببردة و اتّزر باخرى، و قد كسر بردته على عاتقه، و هو كاقحوانة(2)

ارجوان قد تكاثف عليها الندى، و أصابها ألم الهوى، و إذا هو كغصنبان أو قضيب ريحان، سمح سخيّ، تقيّ نقيّ، ليس بالطويل الشامخ، و لا بالقصير اللازق، بل مربوع القامة، مدوّر الهامة، صلت الجبين، أزجّ الحاجبين، أقنى الأنف، سهل الخدّين، على خدّه الأيمن خال كأنّه فتات مسك على رضراضة عنبر، فلمّا أن رأيته بدرته بالسلام، فردّ عليّ أحسن ما سلّمت عليه، و شافهني و سألني عن أهل العراق، فقلت: سيدي قد ألبسوا جلباب الذلة، و هم بين القوم أذلّاء، فقال لي: يا ابن المازيار لتملكونهم كما ملكوكم و هم يومئذ أذلاء، فقلت: سيدي لقد بعد الوطن و طال المطلب، فقال: يا ابن المازيار أبي أبو محمد عهد إليّ أن لا اجاور قوما غضب الله عليهم و لعنهم و لهم الخزي في الدنيا و الآخرة و لهم عذاب أليم، و أمرني أن لا أسكن من الجبال إلّا وعرها، و من البلاد إلّا عفرها، و الله مولاكم أظهر التقية فوكّلها بي، فأنا في التقية الى يوم يؤذن لي فأخرج، فقلت: يا سيدي متى يكون هذا الأمر؟ فقال: إذا حيل بينكم و بين سبيل الكعبة، و اجتمع الشمس و القمر، و استدار بهما الكواكب و النجوم، فقلت:

ص: 280


1- . أي قطعناها و مررنا فيها عرضا على غير طريق.
2- . قال في البحار: «بيان: قال الفيروزآبادي: الاقحوان- بالضم- البابونج، و الأرجوان- بالضمّ- الأحمر، و لعلّ المعنى: أنّ في اللطافة كان مثل الأقحوان، و في اللون كالارجوان، فإن الاقحوان أبيض، و لا يبعد أن يكون في الأصل «كاقحوانة و ارجوان» و «عليهما» و «أصابهما»، أو يكون «الارجوان» بدل «الاقحوان» فجمعهما النساخ، و اصابة الندى تشبيه لما أصابه عليه السلام من العرق، و إصابة ألم الهواء لانكسار لون الحمرة و عدم اشتدادها، أو لبيان كون البياض أو الحمرة مخلوطة بالسمرة، فراعى في بيان سمرته عليه السلام غاية الأدب، و قال الجزري: في صفة النبي صلّى الله عليه و آله كان صلت الجبين، أي واسعه، و قيل: الصلت: الأملس، و قيل: البارز. و قال: في صفته صلّى الله عليه و آله أزج الحواجب، الزجج: تقويس في الحاجب مع طول في طرفه و امتداده. و قال الفيروزآبادي: رجل سهل الوجه، قليل لحمه».

متى يا ابن رسول الله؟ فقال لي: في سنة كذا و كذا تخرج دابة الأرض من بين الصفا و المروة، و معه عصا موسى و خاتم سليمان، يسوق الناس الى المحشر.

قال: فأقمت عنده أيّاما، و أذن لي بالخروج بعد أن استقصيت لنفسي و خرجت نحو منزلي، و الله لقد سرت من مكّة الى الكوفة و معي غلام يخدمني، فلم أر إلّا خيرا، و صلى الله على محمد و آله و سلّم تسليما.

836-(1)-

كمال الدين: حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكل- رضي الله عنه- قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، قال: قدمت مدينة الرسول صلّى الله عليه و آله، فبحثت عن أخبار آل أبي محمّد الحسن بن علي الأخير عليهما السلام فلم أقع على شي ء منها، فرحلت منها الى مكة مستبحثا عن ذلك، فبينما أنا في الطواف إذا تراءى لي فتى أسمر اللون، رائع الحسن، جميلالمخيلة، يطيل التوسم فيّ، فعدت إليه مؤمّلا منه عرفان ما قصدت له، فلمّا قربت منه سلّمت، فأحسن الإجابة، ثم قال: من أيّ البلاد أنت؟ قلت: رجل من أهل العراق، قال: من أيّ العراق؟ قلت: من الأهواز، فقال: مرحبا بلقائك، هل تعرف بها جعفر بن حمدان الحصيني، قلت: دعي فأجاب، قال: رحمة الله عليه ما كان أطول ليله و أجزل نيله! فهل تعرف إبراهيم بن مهزيار، قلت: أنا إبراهيم بن مهزيار، فعانقني مليّا ثم قال:

مرحبا بك يا أبا إسحاق، ما فعلت بالعلامة التي وشّجت بينك و بين أبي محمد عليه السلام؟ فقلت: لعلك تريد الخاتم الذي آثرني الله به من الطيّب أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام؟ فقال: ما أردت سواه، فأخرجته إليه، فلمّا نظر إليه استعبر و قبّله، ثم قرأ كتابته فكانت «يا الله يا محمد يا علي»، ثم قال: بأبي يدا [كذا] طالما جلت فيها، و تراخى بنا فنون الأحاديث ... الى أن قال لي: يا أبا اسحاق! أخبرني عن عظيم ما توخّيت بعد الحجّ؟ قلت: و أبيك ما توخّيت إلّا ما سأستعلمك مكنونه، قال: سل عمّا شئت فإني شارح لك إن شاء الله؟ قلت: هل تعرف من أخبار آل أبي محمد الحسن عليهما السلام شيئا؟ قال لي: و ايم الله إنّي لأعرف الضوء بجبين محمد و موسى ابني الحسن بن علي عليهم السلام، ثم إنّي لرسولهما إليك قاصدا لإنبائك أمرهما، فإن أحببت لقاءهما و الاكتحال بالتبرّك بهما فارتحل معي الى الطائف و ليكن ذلك في خفية من رجالك و اكتتام.

قال إبراهيم: فشخصت معه إلى الطائف أتخلّل رملة فرملة حتى أخذ في بعض مخارج الفلاة، فبدت لنا خيمة شعر قد أشرفت على أكمة رمل، تتلألأ تلك البقاع منها تلألؤا، فبدرني إلى الإذن، و دخل مسلّما عليهما و أعلمهما

ص: 281


1- . كمال الدين: ج 2 ص 445- 452 ب 43 ح 19. أقول: الظاهر أنّ ما أخرجه في ينابيع المودة ص 466 ب 83، عن كتاب الغيبة عن إبراهيم بن مهزيار هو مختصر هذا الحديث. البحار: ج 52 ص 32- 37 ب 18 ح 28؛ تبصرة الوليّ: ص 80- 90 ح 46؛ الخرائج: ب العلامات الدالة على صاحب الزمان عليه السلام ج 3 ص 1099- 1101.

بمكاني، فخرج علي أحدهما و هو الأكبر سنّا «م ح م د» بن الحسن عليهما السلام، و هو غلام أمرد ناصع اللون، واضح الجبين، أبلج الحاجب، مسنون الخدّين، أقنى الأنف، أشمّ، أروع كأنّه غصن بان، و كأنّ صفحة غرّته كوكب درّيّ، بخدّه الأيمن خال كأنه فتات مسك على بياض الفضّة، و إذا برأسه وفرة سحماء سبطة تطالع شحمة اذنه، له سمت ما رأت العيون أقصد منه و لا أعرف حسنا و سكينة و حياء، فلمّا مثل لي أسرعت الى تلقّيه، فأكببت عليه ألثم كلّ جارحة منه، فقال لي: مرحبا بك يا أبا إسحاق! لقد كانت الأيام تعدني و شك لقائك، و المعاتب بيني و بينك على تشاحط الدار و تراخي المزار، تتخيّل لي صورتك حتى كأنّا لم نخل طرفة عين من طيب المحادثة، و خيال المشاهدة، و أنا أحمد الله ربّي ولي الحمد على ما قيّض من التلاقي و رفّه من كربة التنازع، و الاستشراف عن أحوالها متقدّمها و متأخّرها، فقلت:

بأبي أنت و امّي، ما زلت أفحص عن أمرك بلدا فبلدا منذ استأثر الله بسيدي أبي محمد عليه السلام، فاستغلق عليّ ذلك حتى منّ الله عليّ بمن أرشدني إليك و دلّني عليك، و الشكر لله على ما أوزعني فيكمن كريم اليد و الطول؛ ثم نسب نفسه و أخاه موسى و اعتزل بي ناحية، ثم قال: إن أبي عليه السلام عهد إلي أن لا أوطن من الأرض إلّا أخفاها و أقصاها إسرارا لأمري، و تحصينا لمحلّي لمكايد أهل الضلال، و المردة من أحداث الامم الضوالّ، فنبذني الى عالية الرمال، و جبت صرائم الأرض، ينظرني الغاية التي عندها يحلّ الأمر، و ينجلي الهلع، و كان عليه السلام أنبط لي من خزائن الحكم، و كوامن العلوم ما إن أشعت إليك منه جزءا أغناك عن الجملة.

[و اعلم] يا أبا إسحاق أنّه قال عليه السلام: يا بنيّ! إنّ الله جلّ ثناؤه لم يكن ليخلي أطباق أرضه و أهل الجدّ في طاعته و عبادته بلا حجّة يستعلي بها، و إمام يؤتمّ به، و يقتدى بسبيل سنّته و منهاج قصده، و أرجو يا بنيّ أن تكون أحد من أعدّه الله لنشر الحقّ، و وطء الباطل، و إعلاء الدين، و إطفاء الضلال، فعليك يا بنيّ بلزوم خوافي الأرض، و تتبّع أقاصيها، فإنّ لكل وليّ لأولياء الله عزّ و جلّ عدوّا مقارعا، و ضدّا منازعا، افتراضا لمجاهدة أهل النفاق، و خلاعة اولي الالحاد و العناد، فلا يوحشنّك ذلك.

و اعلم أنّ قلوب أهل الطاعة و الإخلاص نزّع إليك مثل الطير إلى أو كارها، و هم معشر يطلعون بمخائل الذلة و الاستكانة، و هم عند الله بررة أعزاء، يبرزون بأنفس مختلّة محتاجة، و هم أهل القناعة و الاعتصام، استنبطوا الدين فوازروه على مجاهدة الاضداد، خصّهم الله باحتمال الضيم في الدنيا ليشملهم باتساع العزّ في دار القرار، و جبلهم على خلائق الصبر لتكون لهم العاقبة الحسنى، و كرامة حسن العقبى، فاقتبس يا بنيّ نور الصبر على موارد امورك تفز بدرك الصنع في مصادرها، و استشعر العزّ فيما ينوبك تحظ بما تحمد غبّه إن شاء الله، و كأنك يا بنيّ بتأييد نصر الله [و] قد آن، و تيسير الفلج و علوّ الكعب [و] قد حان، و كأنّك بالرايات الصفر و الأعلام البيض تخفق على أثناء أعطافك ما بين الحطيم و زمزم، و كأنك بترادف البيعة و تصافي الولاء يتناظم عليك تناظم الدرّ في مثاني العقود، و تصافق الأكفّ على جنبات الحجر الأسود، تلوذ بفنائك من ملأ براهم الله

ص: 282

من طهارة الولادة و نفاسة التربة، مقدّسة قلوبهم من دنس النفاق، مهذّبة أفئدتهم من رجس الشقاق، لينة عرائكهم للدين، خشنة ضرائبهم عن العدوان، واضحة بالقبول أوجههم، نضرة بالفضل عيدانهم، يدينون بدين الحقّ و أهله، فإذا اشتدّت اركانهم، و تقوّمت أعمادهم فدّت بمكانفتهم طبقات الامم الى إمام، إذ تبعتك في ظلال شجرة دوحة تشعّبت أفنان غصونها على حافّات بحيرة الطبريّة، فعندها يتلألأ صبح الحقّ، و ينجلي ظلام الباطل، و يقصم الله بك الطغيان، و يعيد معالم الإيمان، يظهر بك استقامة الآفاق، و سلام الرفاق، يودّ الطفل في المهد لو استطاع إليك نهوضا و نواشط الوحش لو تجد نحوك مجازا، تهتزّ بك أطراف الدنيا بهجة، و تنشر عليك أغصان العزّ نضرة، و تستقرّ بواني الحقّ في قرارها، و تؤوب شواردالدين إلى أوكارها، تتهاطل عليك سحائب الظفر، فتخنق كلّ عدوّ و تنصر كلّ وليّ، فلا يبقى على وجه الأرض جبّار قاسط، و لا جاحد غامط، و لا شانئ مبغض، و لا معاند كاشح، و من يتوكّل على الله فهو حسبه، إنّ الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شي ء قدرا.

ثم قال: يا أبا اسحاق! ليكن مجلسي هذا عندك مكتوما إلّا عن أهل التصديق، و الاخوّة الصادقة في الدين، إذا بدت لك أمارات الظهور و التمكن فلا تبطئ بإخوانك عنّا، و باهر [بأهل] المسارعة الى منار اليقين و ضياء مصابيح الدين تلق رشدا إن شاء الله.

قال إبراهيم بن مهزيار: فمكثت عنده حينا أقتبس ما أؤدّي إليهم من موضحات الأعلام، و نيّرات الأحكام، و اروّي نبات الصدور من نضارة ما ادّخره الله في طبائعه من لطائف الحكم، و طرائف فواضل القسم، حتى خفت إضاعة مخلّفي بالأهواز لتراخي اللقاء عنهم فاستأذنته بالقفول، و أعلمته عظيم ما أصدر به عنه من التوحّش لفرقته، و التجرع للظعن عن محالّه، فأذن و أردفني من صالح دعائه ما يكون ذخرا عند الله و لعقبي و قرابتي إن شاء الله، فلمّا أزف ارتحالي، و تهيأ اعتزام نفسي، غدوت عليه مودّعا و مجدّدا للعهد، و عرضت عليه مالا كان معي يزيد على خمسين ألف درهم، و سألته أن يتفضل بالأمر بقبوله منّي، فابتسم و قال: يا أبا اسحاق! استعن به على منصرفك، فإنّ الشقّة قذفة، و فلوات الأرض أمامك جمّة، و لا تحزن لأعراضنا عنه، فإنّا قد أحدثنا لك شكره و نشره، و ربضناه عندنا بالتذكرة و قبول المنّة، فبارك الله فيما خوّلك، و أدام لك ما نوّلك و كتب لك أحسن ثواب المحسنين، و أكرم آثار الطائعين، فإنّ الفضل له و منه، و أسأل الله أن يردّك إلى أصحابك بأوفر الحظّ من سلامة الأوبة و أكناف الغبطة بلين المنصرف، و لا أوعث الله لك سبيلا، و لا حيّر لك دليلا، و أستودعه نفسك وديعة لا تضيع و لا تزول بمنّه و لطفه إن شاء الله.

يا أبا اسحاق! قنعنا بعوائد احسانه و فوائد امتنانه، و صان أنفسنا عن معاونة الأولياء لنا عن الاخلاص في النية، و إمحاض النصيحة، و المحافظة على ما هو أنقى و أتقى و أرفع ذكرا.

ص: 283

قال: فاقفلت عنه حامدا لله عزّ و جلّ على ما هداني و أرشدني، عالما بأنّ الله لم يكن ليعطّل أرضه، و لا يخلّيها من حجّة واضحة، و إمام قائم، و ألقيت هذا الخبر المأثور و النسب المشهور توخّيا للزيادة في بصائر أهل اليقين، و تعريفا لهم ما منّ الله عزّ و جلّ به من إنشاء الذريّة الطيبة و التربة الزكية، و قصدت أداء الأمانة و التسليم لما استبان، ليضاعف الله عزّ و جلّ الملة الهادية، و الطريقة المستقيمة المرضية قوة عزم، و تأييد نيّة، و شدّة أزر، و اعتقاد عصمة و الله يهدي من يشاء.

837-(1)- كمال الدين: حدثنا أبو الحسن علي بن موسى بن أحمد بن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال: وجدت في كتاب أبي- رضي الله عنه- قال: حدثنا محمّد بن أحمد الطوال، عن أبيه، عن الحسن بن علي الطبري، عن أبى جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن إبراهيم بن مهزيار، قال: سمعت أبي يقول: سمعت جدّي علي بن ابراهيم بن مهزيار يقول: كنت نائما في مرقدي إذ رأيت في ما يرى النائم قائلا يقول لي: حجّ فإنّك تلقى صاحب زمانك، قال علي بن ابراهيم: فانتبهت و أنا فرح مسرور، فما زلت في الصلاة حتى انفجر عمود الصبح، و فرغت من صلاتي و خرجت أسأل عن الحاجّ، فوجدت فرقة تريد الخروج، فبادرت مع أول من خرج، فما زلت كذلك حتى خرجوا و خرجت بخروجهم اريد الكوفة، فلمّا وافيتها نزلت عن راحلتي و سلّمت متاعي الى ثقات إخواني، و خرجت أسأل عن آل أبي محمد عليه السلام، فما زلت كذلك فلم أجد أثرا، و لا سمعت خبرا، و خرجت في أول من خرج اريد المدينة، فلمّا دخلتها لم أتمالك أن نزلت عن راحلتي و سلّمت رحلي الى ثقات إخواني، و خرجت أسأل عن الخبر

ص: 284


1- . كمال الدين: ج 2 ص 465- 470 ب 43 ح 23. أقول: لا يخفى عليك أنّ احتمال اتحاد هذه الأحاديث الثلاثة الأخيرة و حديث دلائل الإمامة الذي أشرنا إليه قويّ جدا، و اختلاف ألفاظها و اشتمال بعضها على ما ليس في البعض الآخر و على ما ليس معروفا بين الشيعة، و كون الراوي في الحديث (15) الذي أخرجناه عن الغيبة و في هذا الحديث (17) علي بن إبراهيم بن مهزيار، و في الحديث (16) الذي أخرجناه عن كمال الدين بسنده الصحيح عن إبراهيم بن مهزيار، لا يوجب ضعف أصل الحديث و دلالته على تشرّف ابراهيم بن مهزيار، أو علي بن ابراهيم بن مهزيار و إن لم يكن مذكورا في كتب الرجال، فإن مثل هذا يقع عند نقل الأحاديث بالمضمون و وقوع الاشتباه في نقل الأعلام و الأسماء، لانس الذهن ببعض الأسماء، و لغير ذلك، و قد أشبعنا الكلام في ذلك في رسالة مفردة أسميناها بالنقود اللطيفة و ستأتي في المجلّد الثالث إن شاء الله تعالى. هذا مضافا إلى أنّ وجود بعض العلل إنّما يضرّ بالاعتماد على الحديث إذا كان الاعتماد عليه بالخصوص و احتجاجا بأخبار الآحاد، و أمّا إذا كان اخراجه لاثبات التواتر المعنوي بل و الإجمالي فلا يضرّ وجود بعض العلل التي تسقط الحديث عن الاعتماد عليه بالخصوص فيه، سيّما إذا كان من قبيل غرابة بعض المضامين و التفرّد، و الإنصاف أن دعوى حصول الاطمئنان بصحة مضمون الأحاديث المذكورة بالإجمال مقبولة جدا، خصوصا مع اعتماد مثل الصدوق و الشيخ- رضوان الله تعالى عليهما- عليها، و احتجاجها بها. البحار: ج 52 ص 42- 46 ب 18 ح 32؛ تبصرة الوليّ: ص 109- 115 ح 49.

و أقفو الأثر، فلا خبرا سمعت، و لا أثرا وجدت، فلم أزل كذلك الى أن نفر الناس الى مكّة، و خرجت مع من خرج، حتى وافيت مكّة، و نزلت فاستوثقت من رحلي و خرجت أسأل عن آل أبي محمد عليه السلام،فلم أسمع خبرا، و لا وجدت أثرا، فما زلت بين الإياس و الرجاء متفكرا في أمري و عائبا على نفسي و قد جنّ الليل، فقلت: أرقب إلى أن يخلو لي وجه الكعبة لأطوف بها و أسأل الله عزّ و جلّ أن يعرفني أملي فيها، فبينما أنا كذلك و قد خلا لي وجه الكعبة إذ قمت الى الطواف، فإذا أنا بفتى مليح الوجه، طيّب الرائحة، متّزر ببردة، متّشح باخرى، و قد عطف بردائه على عاتقه، فرعته، فالتفت إليّ فقال: ممن الرجل؟ فقلت: من الأهواز، فقال: أ تعرف بها ابن الخصيب؟ فقلت: رحمه الله، دعي فأجاب، فقال: رحمه الله، لقد كان بالنهار صائما، و بالليل قائما، و للقرآن تاليا، و لنا مواليا، فقال: أ تعرف بها علي بن ابراهيم بن مهزيار؟ فقلت: أنا علي، فقال: أهلا و سهلا بك يا أبا الحسن! أ تعرف الصريحين؟ قلت: نعم، قال: و من هما؟ قلت: محمد و موسى، ثم قال: ما فعلت العلامة التي بينك و بين أبي محمد عليه السلام، فقلت:

معي، فقال: أخرجها إليّ، فأخرجتها إليه خاتما حسنا على فصّه «محمد و علي»، فلما رأى ذلك بكى [مليّا و رنّ شجيّا، فأقبل يبكي بكاء] طويلا، و هو يقول: رحمك الله يا أبا محمد! فلقد كنت إماما عادلا، ابن أئمة و أبا إمام، أسكنك الله الفردوس الأعلى مع آبائك عليهم السلام، ثم قال: يا أبا الحسن! صر الى رحلك، و كن على اهبة من كفايتك، حتى إذا ذهب الثلث من الليل و بقي الثلثان فالحق بنا، فإنّك ترى مناك [إن شاء الله].

قال ابن مهزيار: فصرت الى رحلي اطيل التفكر حتى إذا هجم الوقت، فقمت الى رحلي و أصلحته، و قدّمت راحلتي و حملتها و صرت في متنها حتى لحقت الشعب، فإذا أنا بالفتى هناك يقول: أهلا و سهلا بك يا أبا الحسن! طوبى لك، فقد اذن لك، فسار و سرت بسيره حتى جاز بي عرفات و منى، و صرت في أسفل ذروة جبل الطائف، فقال لي:

يا أبا الحسن! انزل و خذ في اهبة الصلاة، فنزل و نزلت حتى فرغ و فرغت، ثم قال لي: خذ في صلاة الفجر و أوجز، فأوجزت فيها و سلّم و عفّر وجهه في التراب، ثم ركب و أمرني بالركوب فركبت، ثم سار و سرت بسيره حتى علا الذروة، فقال: المح، هل ترى شيئا؟ فلمحت فرأيت بقعة نزهة كثيرة العشب و الكلاء، فقلت: يا سيدي أرى بقعة نزهة كثيرة العشب و الكلأ، فقال لي: هل ترى في أعلاها شيئا؟ فلمحت فإذا أنا بكثيب من رمل فوقه بيت من شعر يتوقّد نورا، فقال لي: هل رأيت شيئا؟ فقلت: أرى كذا و كذا، فقال لي: يا ابن مهزيار! طب نفسا، و قرّ عينا، فإنّ هناك أمل كلّ مؤمّل، ثم قال لي: انطلق بنا، فسار و سرت حتى صار في أسفل الذروة، ثم قال: انزل، فهاهنا يذلّ لك كل صعب، فنزل و نزلت حتى قال لي: يا ابن مهزيار، خلّ عن زمام الراحلة، فقلت: على من أخلّفها و ليس هاهنا أحد؟ فقال: إنّ هذا حرم لا يدخله إلّا وليّ، و لا يخرج منه إلّا وليّ، فخليّت

ص: 285

عن الراحلة، فسار و سرت،فلمّا دنا من الخباء سبقني و قال لي: قف هناك إلى أن يؤذن لك، فما كان إلّا هنيئة فخرج إليّ و هو يقول: طوبى لك قد اعطيت سؤلك، قال:

فدخلت عليه صلوات الله عليه و هو جالس على نمط عليه نطع أديم أحمر، متّكئ على مسورة أديم، فسلّمت عليه و ردّ عليّ السلام، و لمحته فرأيت وجهه مثل فلقة قمر، لا بالخرق و لا بالبزق، و لا بالطويل الشامخ، و لا بالقصير اللاصق، ممدود القامة، صلت الجبين، أزجّ الحاجبين، أدعج العينين، أقنى الأنف، سهل الخدّين، على خدّه الأيمن خال فلمّا أن بصرت به حار عقلي في نعته وصفته، فقال لي: يا ابن مهزيار! كيف خلّفت إخوانك في العراق؟ قلت: في ضنك عيش و هناة، قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان، فقال: قاتلهم الله أنّى يؤفكون، كأنّي بالقوم قد قتلوا في ديارهم، و أخذهم أمر ربّهم ليلا و نهارا، فقلت: متى يكون ذلك يا ابن رسول الله؟ قال: إذا حيل بينكم و بين سبيل الكعبة بأقوام لا خلاق لهم و الله و رسوله منهم براء، و ظهرت الحمرة في السماء ثلاثا، فيها أعمدة كأعمدة اللجين تتلألأ نورا، و يخرج السروسي من إرمنيّة و أذربيجان يريد وراء الريّ الجبل الأسود المتلاحم بالجبل الأحمر، لزيق جبل طالقان، فيكون بينه و بين المروزيّ وقعة صيلمانيّة، يشيب فيها الصغير، و يهرم منها الكبير، و يظهر القتل بينهما، فعندها توقّعوا خروجه إلى الزوراء، فلا يلبث بها حتّى يوافي باهات، ثمّ يوافي واسط العراق، فيقيم بها سنة أو دونها، ثم يخرج الى كوفان فيكون بينهم وقعة من النجف إلى الحيرة الى الغريّ وقعة شديدة تذهل منها العقول، فعندها يكون بوار الفئتين، و على الله حصاد الباقين، ثمّ تلا قوله تعالى: بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ، فقلت: سيدي يا ابن رسول الله! ما الأمر؟ قال: نحن أمر الله و جنوده، قلت: سيدي يا ابن رسول الله! حان الوقت؟ قال: و اقتربت الساعة و انشقّ القمر.

838-(1)-

غيبة الشيخ: أخبرني أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، عن أبي الحسن محمد بن عليّ الشجاعي الكاتب، عن أبي عبد الله محمد بن ابراهيم النعماني، عن يوسف بن أحمد [محمد خ ل] الجعفري، قال: حججت سنة ستّ و ثلاثمائة، و جاورت بمكة تلك السنة و ما بعدها الى سنة تسع و ثلاثمائة، ثم خرجت عنها منصرفا الى الشام، فبينا أنا في بعض الطريق و قد فاتتني صلاة الفجر، فنزلت من المحمل و تهيّأت للصلاة، فرأيت أربعة

ص: 286


1- . غيبة الشيخ: ص 257- 258 ح 225 فصل من رآه عليه السلام و هو لا يعرفه أو عرفه بعدها؛ الخرائج: ج 1 ص 466- 467 ب 13 ح 13 نحوه؛ البحار: ج 52 ص 5 ب 18 ح 3؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 684 ب 33 ح 93؛ الثاقب: ص 614- 615 ح 562.

نفر في المحمل، فوقفت أعجب منهم، فقال أحدهم: ممّ تعجب؟ تركت صلاتك، و خالفت مذهبك؛ فقلت للذي يخاطبني: و ما علمك بمذهبي؟ فقال: تحبّ أن ترى صاحب زمانك؟ فقلت: نعم، فأومأ إلى أحد الأربعة، فقلت له: إنّ له دلائل و علامات، فقال: أيّما أحبّ إليك، أن ترى الجمل و ما عليه صاعدا الى السماء، أو ترى المحمل صاعدا الى السماء؟ فقلت: أيهما كان فهي دلالة، فرأيت الجمل و ما عليه يرتفع الى السماء، و كان الرجل أومأ إلى رجل به سمرة، و كان لونه الذهب، بين عينيه سجّادة.

839-(1)- غيبة الشيخ: أحمد بن علي الرازي، عن أبي ذر أحمد بن أبي سورة و هو محمّد بن الحسن بن عبد الله التميمي، و كان زيديا قال: سمعت هذه الحكاية عن جماعة يروونها عن أبي- رحمه الله- أنّه خرج إلى الحير، قال: فلما صرت إلى الحير إذا شابّ حسن الوجه يصلّي، ثم إنّه ودّع و ودّعت و خرجنا فجئنا الى المشرعة، فقال لي:

يا باسورة! أين تريد؟ فقلت: الكوفة، فقال لي: مع من؟ قلت: مع الناس، قال لي: لا تريد نحن جميعا نمضي، قلت: و من معنا؟ فقال:

ليس نريد معنا أحدا، قال: فمشينا ليلتنا، فإذا نحن على مقابر مسجد السهلة، فقال لي: هو ذا منزلك، فإن شئت فامض، ثم قال لي: تمرّ إلى ابن الزراري عليّ بن يحيى فتقول له: يعطيك المال الذي عنده، فقلت له: لا يدفعه إليّ، فقال لي: قل له: بعلامة أنّه كذا و كذا دينارا، و كذا و كذا درهما، و هو في موضع كذا و كذا، و عليه كذا و كذا مغطّى، فقلت له: و من أنت؟ قال: أنا محمد بن الحسن، قلت: فإن لم يقبل منّي و طولبت بالدلالة؟ فقال: أنا وراك، قال: فجئت الى ابن الزراري فقلت له، فدفعني، فقلت له: قد قال لي: أنا وراك، فقال: ليس بعد هذا شي ء، و قال: لم يعلم بهذا إلّا الله تعالى و دفع إليّ المال.

840-(2)-

الهداية: قال: و عنه (يعني الحسين بن حمدان)، عن أبي محمّد عيسى بن مهدي الجوهري، قال: خرجت في سنة ثمان و ستين و مائتين الى الحجّ، و كان قصدي المدينة حيث صحّ عندنا أنّ صاحب الزمان قد ظهر، فاعتللت و قد خرجنا من فيد(3)

و قد تعلّقت نفسي بشهوة السمك [و التمر]، فلمّا وردت المدينة و لقيت بها إخواننا، بشّروني بظهوره عليه السلام بصاديا، فصرت الى صاديا، فلمّا أشرفت على الوادي رأيت عنيزات عجافا،

ص: 287


1- . غيبة الشيخ: ص 269- 270 ح 234 فصل من رآه عليه السلام؛ البحار: ج 52 ص 14 ب 18 ح 12؛ تبصرة الولي: ص 161- 162 ح 66؛ اثبات الهداة: ج 3 ص 684- 685 ب 33 ح 94.
2- . الهداية «مخطوط»: باب الإمام الثاني عشر صلوات الله عليه و على آبائه، البحار: ج 52 ص 68- 70 ب 18 ح 54، عن بعض تأليفات أصحابنا عن الحسين بن حمدان عن أبي محمد عيسى بن مهدي الجوهري، تبصرة الولي: 195- 198 ح 83.
3- . فيد: قلعة قرب مكة.

فدخلت القصر فوقفت أرتقب الأمر، إلى أن صلّيت العشاءين و أنا أدعو و أتضرّع و أسأل، فإذا أنا ببدر الخادم يصيح بي: يا عيسى بن مهدي الجوهري ادخل، فكبّرت و هلّلت، و أكثرت من حمد الله عزّ و جلّ و الثناء عليه، فلمّا صرت في صحن القصر رأيتمائدة منصوبة، فمرّ بي الخادم إليها فأجلسني عليها، و قال لي: أمرك مولاك أن تأكل ما اشتهيت في علّتك و أنت خارج من فيد، فقلت في نفسي: حسبي هذا برهانا، فكيف آكل و لم أر سيدي و مولاي؟

فصاح بي: يا عيسى كل من طعامك فإنّك تراني، فجلست على المائدة فنظرت فإذا عليها سمك حارّ يفور و تمر إلى جانبه أشبه التمور بتمورنا، و بجانب التمر لبن، فقلت في نفسي: أنا عليل و سمك و تمر و لبن، فصاح بي: يا عيسى! أ تشكّ في أمرنا؟ أ فأنت أعلم بما ينفعك و ما يضرّك؟

فبكيت و استغفرت الله و أكلت من الجميع، و كلّما رفعت يدي منه لم يتبيّن موضعها فيه، فوجدته أطيب ما ذقته في الدنيا، فأكلت منه كثيرا حتّى استحييت، فصاح بي: لا تستحي يا عيسى! فإنّه من طعام الجنّة لم تصنعه يد مخلوق، فأكلت، فرأيت نفسي لا تنتهي عنه من أكله، فقلت:

يا مولاي حسبي، فصاح بي: أقبل إليّ، فقلت في نفسي: آتي مولاي و لم أغسل يدي، فصاح بي: يا عيسى، و هل لما أكلت غمرة؟ فشممت يدي فإذا هي أعطر من المسك و الكافور، فدنوت منه عليه السلام فبدا لي نور غشي بصري، و رهبت حتى ظننت أن عقلي قد اختلط، فقال لي:

يا عيسى! ما كان لك أن تراني لو لا المكذّبون القائلون أين هو؟ و متى كان؟ و أين ولد؟ و من رآه؟ و ما الذي خرج إليكم منه؟ و بأيّ شي ء نبأكم؟

و أيّ معجز أتاكم؟ أما و الله لقد دفعوا أمير المؤمنين مع ما رووه و قدّموا عليه، و كادوه و قتلوه، و كذلك فعلوا بآبائي عليهم السلام و لم يصدّقوهم، و نسبوهم الى السحرة و الكهنة و خدمة الجنّ إلى ما تبين ...

الى أن قال: يا عيسى فخبّر أولياءنا ما رأيت، و إيّاك أن تخبر عدوّنا فتسلبه (فتسليه خ) فقلت: يا مولاي ادع لي بالثبات، فقال لي: و لو لم يثبّتك الله ما رأيتني، فامض بحاجتك راشدا، فخرجت و أنا أكثر حمدا لله و شكرا.

841-(1)-

الكافي: علي بن محمّد، عن محمّد بن شاذان بن نعيم، عن خادم لإبراهيم بن عبدة [عبيدة خ ل] النيسابوري أنّها قالت:

ص: 288


1- . الكافي: ج 1 ص 331 ب 135 ح 6؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 1 ف 3، في ذكر من رآه «بسنده عن خادمة لإبراهيم بن عبدة و كانت من الصالحات قالت: كنت واقفة مع إبراهيم على الصفا فجاء صاحب الأمر عليه السلام حتى وقف معه ... الخ» الوافي: ج 1 ص 172 س 17 ب تسمية من رآه؛ البحار: ج 52 ص 13 و 14 ب 18 ح 9؛ الإرشاد: ص 350 ب ذكر من رأى الإمام الثاني عشر عليه السلام؛ غيبة الشيخ: ص 268 ح 231 ب من رآه عليه السلام و فيه: «إبراهيم بن عبدة»؛ تبصرة الولي: ص 55- 56 ح 24 و ص 274 ح 105؛ كشف الغمة: ج 2 ص 450. أقول: لم أجد ترجمة لهذه الخادمة الصالحة في ما كان عندي من كتب الرجال مع أنّها وقعت في إسناد الكليني قدس سرّه، و أما ابراهيم بن عبدة فقد روى الكشّي في رجاله توقيعات في حقّه، و في تنقيح المقال: إنّه فوق مرتبة العدالة و الثقة.

كنت واقفة مع إبراهيم على الصفا فجاء عليه السلام حتّى وقف على إبراهيم و قبض على كتاب مناسكه و حدّثه بأشياء.

842-(1)-

مهج الدعوات: وجدت في مجلّد عتيق من كتب بعض أصحابنا، و تاريخ كتابته شوّال سنة ستّ و تسعين و ثلاثمائة ما هذا لفظه: دعاء علّمه سيّدنا المؤمّل صلوات الله عليه رجلا من شيعته و أهله في المنام، و كان مظلوما ففرّج الله عنه، و قتل عدوّه: حدثني أبو علي أحمد بن محمّد بن الحسين بن اسحاق بن جعفر بن محمّد العلوي العريضي بحرّان قال: حدثني محمّد بن علي العلوي الحسيني، و كان يسكن بمصر، قال: دهمني أمر عظيم، و همّ شديد من قبل صاحب مصر فخشيته على نفسي، و كان قد سعى بي الى أحمد بن طولون، فخرجت من مصر حاجّا، و صرت من الحجاز الى العراق فقصدت مشهد مولاي أبي عبد الله الحسين بن علي صلوات الله عليهما عائذا به، و لائذا بقبره، و مستجيرا به من سطوة من كنت أخافه، فأقمت بالحائر خمسة عشر يوما أدعو و أتضرّع ليلي و نهاري، فتراءى لي قيّم الزمان، و وليّ الرحمن و أنا بين النائم و اليقظان، فقال لي: يقول لك الحسين عليه السلام يا بنيّ! خفت فلانا؟ فقلت: نعم، أراد هلاكي، فلجأت الى سيدي عليه السلام، و أشكو إليه عظيم ما أراد بي، فقال: هلّا دعوت الله ربّك عزّ و جلّ و ربّ آبائك بالأدعية التي دعا بها ما سلف من الأنبياء عليهم السلام؟ فقد كانوا في شدّة فكشف الله عنهم ذلك، قلت: و ما ذا دعوه؟ فقال: إذا كان ليلة الجمعة فاغتسل، و صلّ صلاة الليل، فإذا سجدت سجدة الشكر دعوت بهذا الدعاء و أنت بارك على ركبتيك، فذكر لي دعاء، قال: و رأيته في مثل ذلك الوقت يأتيني و أنا بين النائم و اليقظان قال: و كان يأتيني خمس ليال متواليات يكرّر عليّ هذا القول و الدعاء حتّى حفظته، و انقطع عنّي مجيئه ليلة الجمعة، فاغتسلت، و غيّرت ثيابي و تطيّبت، و صلّيت صلاة الليل، و سجدت سجدة الشكر، و جثوت على ركبتي و دعوت الله جلّ و تعالى بهذا الدعاء، فأتاني عليه السلام ليلة السبت فقال لي: قد اجيبتدعوتك يا محمّد، و قتل عدوّك عند فراغك من الدعاء عند من وشي بك إليه، قال: فلما أصبحت ودّعت سيدي و خرجت متوجّها الى مصر، فلمّا بلغت الاردن و أنا متوجه الى مصر

ص: 289


1- . مهج الدعوات: ص 278- 279. أقول: روى في مهج الدعوات أيضا (ص 280)، في شرح هذا الدعاء عن أبي الحسن علي بن حمّاد المصري، عن الحسين بن محمد العلوي، عن محمد بن علي العلوي الحسيني المصري ... نحوه. و الدعاء طويل من اراده فليطلبه من كتاب مهج الدعوات و غيره من كتب الأدعية. البحار: ج 51 ص 307 و 308 ح 23 ب 15؛ و ج 92 ص 266- 279 ب 107 ح 34؛ تبصرة الولي: ص 210 ب 233 ح 90 و 91.

رأيت رجلا من جيراني بمصر و كان مؤمنا، فحدّثني أن خصمك قبض عليه أحمد بن طولون فأمر به فأصبح مذبوحا من قفاه، قال: و ذلك في ليلة الجمعة، و أمر به فطرح في النيل، و كان ذلك فيما أخبرني جماعة من أهلنا، و إخواننا الشيعة أنّ ذلك كان فيما بلغهم عند فراغي من الدعاء كما أخبرني مولاي صلوات الله عليه.

843-(1)-

كمال الدين: حدّثنا محمد بن محمد الخزاعي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أبو علي الأسدي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي أنه ذكر عدد من انتهى إليه ممن وقف على معجزات صاحب الزمان عليه السلام، و رآه من الوكلاء ببغداد: العمري (1)، و ابنه (2)، و حاجز (3)، و البلالي (4)، و العطّار (5). و من الكوفة:

العاصمي (6). و من أهل الأهواز: محمد بن ابراهيم بن مهزيار (7). و من أهل قم: أحمد بن اسحاق (8). و من أهل همدان: محمد بن صالح (9).

و من أهل الري: البسّامي (10)، و الأسدي (11)- يعني نفسه-. و من أهل آذربيجان: القاسم بن العلاء (12). و من أهل نيسابور: محمد بن شاذان (13).

و من غير الوكلاء من أهل بغداد: أبو القاسم بن أبي حليس (14)، و أبو عبد الله الكندي (15)، و أبو عبد الله الجنيدي (16)، و هارون القزّاز (17) و النيلي (18)، و أبو القاسم بن دبيس (19)، و أبو عبد الله بن فرّوخ (20)، و مسرور الطبّاخ مولى أبي الحسن عليه السلام (21)، و أحمد (22) و محمد (23) ابنا الحسن، و اسحاق الكاتب (24) من بني نيبخت، و صاحب النواء (25)، و صاحب الصرّة المختومة (26).

و من همدان: محمد بن كشمرد (27)، و جعفر بن حمدان (28)، و محمد بن هارون بن عمران (29). و من الدينور: حسن بن هارون (30)، و أحمد بن اخيّة (31)، و أبو الحسن (32). و من أصفهان: ابن باذشالة (33).

و من الصيمرة: زيدان (34). و من قم: الحسن بن النضر (35)، و محمد بن محمد (36)، و علي بن محمد بن اسحاق (37)، و أبوه (38)، و الحسن بن يعقوب (39). و من أهل الري: القاسم بنموسى (40)، و ابنه (41)، و ابو محمد بن هارون (42)، و صاحب الحصاة (43)، و علي بن محمد (44)، و محمد بن محمد الكليني (45)، و أبو جعفر الرفاء (46). و من قزوين:

مرداس (47)، و علي بن أحمد (48)، و من فاقتر رجلان (49 و 50). و من شهرزور: ابن الخال (51). و من فارس: المحروج (52). و من مرو:

صاحب الألف دينار (53)، و صاحب المال (54)، و الرقعة البيضاء (55)، و أبو ثابت (56)، و من نيسابور: محمد بن شعيب بن صالح (57). و من اليمن: الفضل بن يزيد (58)، و الحسن ابنه (59)، و الجعفري

ص: 290


1- . كمال الدين: ج 2 ص 442- 443 ب 43 ح 16؛ البحار: ج 52 ص 30- 31 ب 18 ح 26؛ تبصرة الولي: ص 74- 76 ح 43 و ص 269- 271 ح 99.

(60)، و ابن الأعجمي (61)، و الشمشاطي (62). و من مصر: صاحب المولودين (63)، و صاحب المال بمكة (64)، و أبو رجاء (65). و من نصيبين: أبو محمد بن الوجناء (66). و من الأهواز: الحصيني (67).

أقول: ذكر المحدّث النوري- رحمه الله- في ابتداء الباب السابع من النجم الثاقب- بعد ذكر ترجمة هذا الخبر بالفارسية- أسماء جماعة اخرى ممن اطّلع على معجزات صاحب الأمر عليه السلام و تشرّف بحضوره و فاز برؤيته لا بأس بذكرها، و على من يريد الاطلاع على أحوالهم و تفاصيل أخبارهم الرجوع الى تصنيفات أصحابنا في الغيبة و كتب الرجال، و إليك أسماؤهم كما في الكتاب المذكور: الشيخ أبو القاسم حسين بن روح (68)، أبو الحسن علي بن محمد السمري (69)، حكيمة بنت الإمام محمد التقي عليه السلام (70)، نسيم خادم أبي محمد عليه السلام (71)، أبو نصر الطريف الخادم (72)، كامل بن ابراهيم المدني (73)، البدر الخادم (74)، العجوز المربية لأحمد بن بلال بن داود الكاتب (75)، مارية الخادمة (76)، جارية أبي علي الخيزراني (77)، أبو غانم الخادم (78)، و جماعة من الاصحاب (79) أبو هارون (80) معاوية بن حكيم (81) محمد بن أيوب بن نوح (82) عمر الأهوازي (83)، رجل من أهل فارس (84)، محمد بن اسماعيل بن موسى بن جعفر عليهما السلام (85) أبو علي بن المطهر (86)، إبراهيم بن عبدة النيسابوري (87)، خادمته (88)، رشيق (89) مصاحباه (90- 91)، أبو عبد الله بن الصالح، أبو علي احمد بن ابراهيم بن إدريس (92) جعفر بن علي الهادي عليه السلام (93)، رجل من الجلاوزة (94)، أبو الحسين محمد بن محمد بن خلف (95)، يعقوب بن منفوس (96)، أبو سعيد الغانم الهندي (97)، محمد بن شاذان الكابلي (98)، عبد الله السوري (99) الحاج الهمداني (100) سعد بن عبد الله القمّي الأشعري (101) ابراهيم بن محمد بن فارس النيسابوري (102)، علي بن ابراهيم بن مهزيار (103) أبو نعيم الأنصاري الزيدي (104) أبو علي محمد بن أحمد المحمودي (105) علان الكليني (107) أبو الهيثم الأنباري [الديناري- خ] (108) سليمان بن أبي نعيم و أبو جعفر الأحول الهمداني (109 الى 139) محمد بن أبي القاسم العلويالعقيقي مع جماعة زهاء ثلاثين رجلا (140) جد أبي الحسن بن وجناء (141) أبو الأديان (142) أبو الحسين محمد بن جعفر الحميري و جماعة من أهل قم (143)، إبراهيم بن محمد بن أحمد الأنصاري (144)، محمد بن عبد الله القمي (145)، يوسف بن أحمد الجعفري (146)، أحمد بن عبد الله الهاشمي العباسي (147 الى 186) ابراهيم بن محمد التبريزي مع تسعة و ثلاثين نفر (187)، الحسن بن عبد الله التميمي الزيدي (188)، الزهري (189)، أبو سهل اسماعيل بن علي النوبختي (190)، العقيد النوبي الخادم (191)، مربّية الإمام أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام (192)، يعقوب بن يوسف الضراب الغساني أو الأصفهاني الراوي للصلوات الكبيرة (193) العجوز الخادمة للإمام العسكري عليه السلام التي كان منزلها في مكة المكرمة (194)، محمد بن عبد الله الحميد (195)، عبد أحمد بن الحسن المادراني (196)، أبو الحسن العمري (197)، عبد الله السفياني (198)، أبو الحسن الحسني (199)، محمد بن عباس القصري (200)، أبو الحسن علي بن

ص: 291

الحسن اليماني (201)، رجلان من أهل مصر (202) العابد المتهجّد الأهوازي (203)، أمّ كلثوم بنت أبي جعفر محمد بن عثمان العمري (204)، الرسول القمّي (205)، سنان الموصلي (206) أحمد بن حسن بن أحمد الكاتب (207)، حسين بن علي بن محمد المعروف بابن البغدادي (208)، محمد بن الحسن الصيرفي (209)، البزاز القمّي (210)، جعفر بن أحمد (211) الحسن بن وطاة الصيدلاني وكيل الوقف في الواسط (212)، أحمد بن أبي روح (213)، أبو الحسن خضر بن محمد (214)، أبو جعفر محمد بن أحمد (215)، المرأة الدينورية (216)، الحسن بن الحسين الأسباب آبادي (217)، رجل من أهل استرآباد (218)، محمد بن الحصين الكاتب المروي (219 و 220)، رجلان من أهل مدائن (221)، علي بن حسين بن موسى بن بابويه القمّي والد الصدوق (222)، أبو محمد الدعلجي (223)، أبو غالب أحمد بن محمد بن سليمان الزراري (224)، حسين بن حمدان ناصر الدولة (225)، أحمد أبي سورة (226)، محمد بن الحسن بن عبيد الله التميمي (227)، أبو طاهر علي بن يحيى الزراري [الرازي- خ] (228)، أحمد بن إبراهيم بن مخلّد (229)، محمد بن علي الأسود الداودي (230)، العفيف (231)، أبو محمد الثمالي (232)، محمد بن أحمد (233)، رجل وصل إليه التوقيع في عكبرا (234)، عليان (235)، الحسن بن جعفر القزويني (236)، الرجل الفاينمي (237)، أبو القاسم الجليسي (238)، نصر بن صباح (239)، أحمد بن محمد السراج الدينوري (240)، أبو العباس (241)، محمد بن أحمد بن جعفر القطّان الوكيل (242)، حسين بن محمد الأشعري (243) محمد بن جعفر الوكيل (244) رجل من أهل آبة (245)، أبو طالب خادم رجل من أهل مصر (246)، مرداس بن علي (247)، رجل من أهل ربض حميد (248)، أبو الحسن بن كثير النوبختي (249)، محمد بن علي الشلمغاني (250)، مصاحب أبي غالبالزراري (251)، ابن الرئيس (252)، هارون بن موسى بن الفرات (253)، محمد بن يزداد (254)، أبو علي النيلي (255)، جعفر بن عمرو (256)، إبراهيم بن محمد بن الفرج الرخجي (257)، أبو محمد السروي (258)، جارية موسى بن عيسى الهاشمي (259)، صاحبة الحقّة (260)، أبو الحسن أحمد بن محمد بن جابر البلاذري صاحب تاريخ الأشراف (261)، أبو الطيّب أحمد بن محمد بن بطّة (262)، أحمد بن الحسن بن أبي صالح الخجندي (263)، ابن اخت أبي بكر العطّار الصوفي (264)، الى (302)، محمد بن عثمان العمري كما في تاريخ قم، عن محمد بن علي ماجيلويه بسند صحيح عنه قال: عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي عليهما السلام في يوم من الأيام ابنه م ح م د المهدي عليه السلام و نحن في منزله و كنّا أربعين رجلا ... الحديث.

و نقل بعض المعاصرين عن كتاب بغية الطالب أسماء جماعة ممن رآه و وقف على معجزاته في الغيبة الصغرى، و ذكر بعض أحوالهم، و بعض هؤلاء من المذكورين في النجم الثاقب، و بعضهم من غيرهم.

و ذكر في تذكرة الطالب فيمن رأي الإمام الغائب أيضا أسماء ثلاثمائة منهم.

ص: 292

و أفرد السيد هاشم البحراني أيضا كتابا في ذلك سمّاه تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي، و ذكر فيه جماعة كثيرة ممن فاز برؤيته في حياة أبيه عليهما السلام و في الغيبة الصغرى.

و يدلّ عليه من هذا الباب، ح 859 (و من المحتمل وقوعه في الغيبة الكبرى فراجع) و الأحاديث 862، 864، 867.

الفصل الثاني

في ذكر بعض معجزاته عليه السلام في الغيبة الصغرى و فيه 29 حديثا

844-(1)-

الكافي: علي بن محمد، عن محمد بن علي بن شاذان النيسابوريّ، قال: اجتمع عندي خمسمائة درهم تنقص عشرين درهما، فأنفت أن أبعث بخمسمائة تنقص عشرين درهما، فوزنت منعندي عشرين درهما و بعثتها الى الاسدي و لم أكتب مالي فيها، فورد: وصلت خمسمائة درهم لك منها عشرون درهما.

ص: 293


1- . الكافي: ج 1 ص 523 و 524 ب مولد الصاحب عليه السلام ح 23؛ كمال الدين: ج 2 ص 485 و 486 ب 45 ح 5 بسنده عن محمد بن شاذان بن نعيم النيسابوري؛ الارشاد: ص 383 ب دلائل صاحب الزمان عليه السلام (ص 353 و 354 ب في معجزاته و كراماته ط مؤسسة الأعلمي- بيروت)؛ كشف الغمة: ح 2 ص 456 ب دلائل صاحب الزمان عليه السلام؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 3 ف 2؛ دلائل الامامة: ص 286 ب شيوخ الطائفة الذين عرفوا صاحب الزمان عليه السلام في مدة مقامه بسرّمن رأى بالدلائل ... كلهم باسنادهم عن محمد بن شاذان؛ البحار: ج 51 ص 295 ب 15 ح 8 و ص 325 ح 44. أقول: محمد بن شاذان المذكور في كمال الدين و الارشاد و كشف الغمة و الدلائل إمّا هو محمد بن علي بن شاذان المذكور في سند الكافي، أو محمد بن أحمد بن شاذان المذكور ترجمته في كتب الرجال كما ذكره بعض مصنفي المعاجم، و عليه يكون هو غير محمد بن علي بن شاذان، مع أن الظاهر ان الحكاية واحدة. و على كلا الاحتمالين لا يرد بذلك ضعف في السند، فإنّه يظهر للمراجع الى كتب الحديث و الرجال جلالة قدره، و هو مذكور في عداد الوكلاء في الحديث السادس عشر من باب من شاهد القائم عليه السلام من كمال الدين، فلا اعتناء بقول بعض المعاصرين من الأجلة بأنه مجهول الحال. و أما محمد بن علي بن شاذان على القول بكونه غير محمد بن شاذان فيكفي في صحة الاحتجاج بروايته رواية على بن محمد عنه الذي هو من شيوخ الكليني- قدس سرّه- و أكثر الرواية عنه في الكافي. لا يقال: إنّ هذا لا يمنع من مجهولية حاله، فإنّه يقال: إنّ اعتماد شيخ أكثر الكليني الرواية عنه عليه و اعتماد الكليني على روايته و تخريجه في كتابه للاحتجاج به يكفي في معرفته بالوثاقة، و لو تنزلنا عن ذلك يكفي في الاعتماد على خصوص هذه الرواية حصول الاطمئنان بصدورها كسائر الاخبار التي يحصل الاطمئنان بصدورها ببعض القرائن. و مما ينبغي إيراده هنا أنا نحتمل قويّا كون علي بن محمد المذكور في روايات الباب في الكافي و الارشاد و كمال الدين هو علي بن محمد بن ابراهيم بن أبان الرازي، المعروف بعلان الذي هو من شيوخ الكليني، فإنّه كان له كتاب موسوم بأخبار القائم عليه السلام، و هو من أعلام القرن الثالث، و الظاهر أنّه أدرك العصرين عصر الإمام أبي محمد عليه السلام، و عصر إمامة ولده المهدي عليه السلام في غيبته القصرى. إثبات الهداة: ج 3 ص 663- 664، ب 33 ح 22، الثاقب في المناقب: ص 604 ح 552/ 16، عن محمد بن شاذان بن نعيم النيسابوري.

845-(1)-

الكافي: علي بن محمّد، قال: أوصل رجل من أهل السواد مالا فردّ عليه، و قيل له: أخرج حقّ ولد عمّك منه و هو أربعمائة درهم، و كان الرجل في يده ضيعة لولد عمّه، فيها شركة قد حبسها عليهم، فنظر فإذا الّذي لولد عمّه من ذلك المال أربعمائة درهم، فأخرجها و أنفذ الباقي فقبل.

846-(2)- كمال الدين: حدثني أبي- رضي الله عنه-، عن سعد بن عبد الله، عن علي بن محمّد الرازي، قال: حدثني جماعة من أصحابنا أنّه بعث الى أبي عبد الله بن الجنيد و هو بواسط غلاما و أمر ببيعه، فباعه و قبض ثمنه، فلمّا عيّر الدنانير نقصت من التعيير ثمانية عشر قيراطا و حبّة، فوزن من عنده ثمانية عشر قيراطا و حبّة و أنفذها، فردّ عليه دينارا وزنه ثمانية عشر قيراطا و حبّة.

847-(3)- كمال الدين: حدثنا محمّد بن الحسن- رضي الله عنه- عن سعد بن عبد الله، عن علي بن محمّد الرازي المعروف بعلّان الكليني، قال: حدثني محمّد بن جبرئيل الأهوازي، عن إبراهيم و محمد ابني الفرج، عن محمّد بن إبراهيم بن مهزيار أنّه ورد العراق شاكّا مرتادا، فخرج إليه: قل للمهزياري قد فهمنا ما حكيته عن موالينا بناحيتكم، فقل لهم: أ ما سمعتم الله عزّ و جلّ يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ هل أمر إلّا بما هو كائن الى يوم القيامة، أو لم تروا أنّ الله عزّ و جلّ جعل لكم معاقل تأوون إليها، و أعلاما تهتدون بها من لدن آدم عليه السلام الى أن ظهر الماضي [أبو محمد] صلوات الله عليه، كلّما غاب علم بدا علم، و إذا أفل نجم طلع نجم، فلما قبضه الله إليه ظننتم أنّ الله عزّ و جلّ قد قطع السبب بينه و بين خلقه، كلّا ما كان

ص: 294


1- . الكافي: ج 1 ص 519 ب مولد الصاحب عليه السلام ح 8؛ الارشاد: ص 378 ب ذكر طرف من دلائل صاحب الزمان عليه السلام و بيّناته و آياته ح 3 مثله إلّا أنّه قال: «قد حبسها عنهم» (ص 352 ط مؤسسة الأعلمي- بيروت)، دلائل الإمامة: ص 286- 287 ب معرفة شيوخ الطائفة الذين عرفوا صاحب الزمان عليه السلام ح 6 نحوه «عن أبي المفضّل، قال: أخبرني محمد بن يعقوب، قال: حدثني اسحاق بن يعقوب، قال: سمعت الشيخ العمري محمد بن عثمان يقول: صحبت رجلا من أهل السواد ... الخ، و أخرجه عن علي بن محمد». البحار: ج 51 ص 326 ب 15 ح 45؛ اثبات الهداة: ج 3 ص 659 ب 33 ح 7؛ الثاقب في المناقب: ص 597 ح 540/ 4 عن اسحاق بن يعقوب عن الشيخ العمري؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 3 ف 2 عن علي بن محمد.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 486 ب 45 ح 7؛ البحار: ج 51 ص 326 ب 15 ح 46؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 673 ب 33 ح 45؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 3 ف 2؛ الثاقب: ص 597، إلّا أنّ فيه سقطا.
3- . كمال الدين: ج 2 ص 486 و 487 ب 45 ح 8؛ البحار: ج 51 ص 326 ب 15 ح 47 ذكر فقط ذيل الحديث؛ دلائل الامامة: ص 287 ب معرفة شيوخ الطائفة ح 7 بسنده عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار نحوه الى قوله: «بضعة عشر دينارا».

ذلك و لا يكون حتى تقوم الساعة و يظهر أمر الله عزّ و جلّ و هم كارهون، يا محمد بن ابراهيم! لا يدخلك الشكّ فيما قدمت له، فإنّ الله عزّ و جلّ لا يخلي الأرض من حجّة أ ليس قال لك أبوك قبل وفاته: أحضر الساعة من يعيّر هذه الدنانير التي عندي، فلما ابطئ ذلك عليه و خاف الشيخ على نفسه الوحا قال لك: عيّرها على نفسك و أخرج إليك كيسا كبيرا و عندك بالحضرة ثلاثة أكياس و صرّة فيها دنانير مختلفة النقد فعيّرتها، و ختم الشيخ بخاتمه و قال لك: اختم مع خاتمي، فإن أعش فأنا أحقّ بها، و إن أمت فاتّق الله في نفسك أولا ثمّ فيّ، فخلّصني و كن عند ظنّي بك، أخرج رحمك الله الدنانير التي استفضلتها من بين النقدين من حسابنا و هي بضعة عشر دينارا و استردّ من قبلك، فإنّ الزّمان أصعب ممّا كان، و حسبنا الله و نعم الوكيل.

قال محمّد بن إبراهيم: و قدمت العسكر زائرا فقصدت الناحية، فلقيتني امرأة و قالت: أنت محمّد بن ابراهيم؟ فقلت: نعم، فقالت لي:

انصرف فإنّك لا تصل في هذا الوقت، و ارجع الليلة فإنّ الباب مفتوح لك، فادخل الدار و اقصد البيت الّذي فيه السراج، ففعلت و قصدت الباب فإذا هو مفتوح، فدخلت الدار و قصدت البيت الّذيوصفته، فبينا أنا بين القبرين أنتحب و أبكي إذ سمعت صوتا و هو يقول: يا محمّد! اتّق الله و تب من كلّ ما أنت عليه فقد قلّدت أمرا عظيما.

848-(1)-

كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد- رضي الله عنه-، عن سعد بن عبد الله، عن علي بن محمد الرازي، عن نصر بن الصباح البلخي، قال: كان بمرو كاتب كان للخوزستاني- سمّاه لي نصر- و اجتمع عنده ألف دينار للناحية فاستشارني، فقلت: ابعث بها إلى الحاجزي، فقال: هو في عنقك إن سألني الله عزّ و جلّ عنه يوم القيامة، فقلت: نعم، قال نصر: ففارقته على ذلك، ثم انصرفت إليه بعد سنتين فلقيته فسألته عن المال، فذكر أنّه بعث من المال بمائتي دينار إلى الحاجزي فورد عليه وصولها و الدعاء له، و كتب إليه: كان المال ألف دينار فبعثت بمائتي دينار، فإن أحببت أن تعامل أحدا فعامل الأسدي بالري. قال نصر: و ورد عليّ نعي حاجز فجزعت (2)

من ذلك جزعا شديدا و اغتممت له، فقلت له: و لم تغتمّ و تجزع و قد منّ الله عليك بدلالتين: قد أخبرك بمبلغ المال، و قد نعى إليك حاجزا مبتدئا.

ص: 295


1- . كمال الدين: ج 2 ص 488 ب 45 ح 9؛ البحار: ج 51 ص 326- 327 ب 15 ح 48 و ذكر: «أنّه بعث من المال بمائتي دينار الى الحجاز»؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 673 ب 33 ح 46.
2- . الظاهر أنّ في الحديث سقطا فراجع الخرائج: ج 2 ص 696 ح 10.

849-(1)-

كمال الدين: حدثنا أبو جعفر محمّد بن علي الأسود- رضي الله عنه- قال: سألني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه- رضي الله عنه- بعد موت محمّد بن عثمان العمري- رضي الله عنه- أن أسأل أبا القاسم الروحي أن يسأل مولانا صاحب الزمان عليه السلام أن يدعو الله عزّ و جلّ أن يرزقه ولدا ذكرا، قال: فسألته، فأنهى ذلك، ثمّ أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيّام أنّه قد دعا لعلي بن الحسين، و أنّه سيولد له ولد مبارك ينفع [الله] به و بعده أولاده.

قال أبو جعفر محمّد بن علي الأسود- رضي الله عنه-: و سألته في أمر نفسي أن يدعو الله لي أن يرزقني ولدا ذكرا فلم يجبني إليه، و قال:ليس إلى هذا سبيل، قال: فولد لعلي بن الحسين- رضي الله عنه- محمد بن علي و بعده أولاده و لم يولد لي شي ء.

قال مصنّف هذا الكتاب [الصدوق]- رضي الله عنه-: كان أبو جعفر محمد بن علي الأسود- رضي الله عنه- كثيرا ما يقول لي- إذا رآني أختلف إلى مجلس شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد- رضي الله عنه- و أرغب في كتب العلم و حفظه-: ليس بعجب أن تكون لك هذه الرغبة في العلم و أنت ولدت بدعاء الإمام عليه السلام.

850-(2)-

كمال الدين: حدثنا أحمد بن هارون القاضي- رضي الله عنه- قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن إسحاق بن حامد الكاتب، قال: كان بقم رجل بزّاز مؤمن و له شريك مرجئي، فوقع بينهما ثوب نفيس، فقال المؤمن: يصلح هذا الثوب لمولاي، فقال له شريكه: لست أعرف مولاك، و لكن افعل بالثوب ما تحبّ، فلمّا وصل الثوب إليه شقّه عليه السلام بنصفين طولا، فأخذ نصفه و ردّ النصف الآخر، و قال: لا حاجة لنا في مال المرجئي.

ص: 296


1- . كمال الدين: ج 2 ص 502 و 503 ب 45 ح 31؛ غيبة الشيخ: ص 320 ح 266؛ رجال النجاشي: ص 184 و 185؛ الخرائج و الجرائح: ج 3 ص 1124 ح 42؛ البحار: ج 51 ص 335- 336 ب 15 ح 61؛ فرج المهموم: ص 258 و ص 130؛ ينابيع المودة: ص 460 ب 81؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 678 ب 33 ح 76 و 77؛ الثاقب في المناقب: ص 614 ح 560/ 8.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 510 ب 45 ح 40؛ البحار: ج 51 ص 340 ب 15 ح 66؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 680 ب 33 ح 83؛ الثاقب: ص 600 ح 547/ 11.

851-(1)-

دلائل الإمامة: حدثني أبو المفضّل محمّد بن عبد الله، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمّد المقري، قال: حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن شابور، قال: حدّثني الحسن بن محمّد بن حيوان السرّاج القاسم، قال: حدّثني أحمد الدينوري السرّاج المكنّى بأبي العبّاس الملقّب باستاره، قال: انصرفت من أردبيل إلى الدينور أريد الحجّ، و ذلك بعد مضيّ أبي محمّد الحسن بن علي بسنة أو سنتين و كان الناس في حيرة، فاستبشروا- أهل الدينور- بموافاتي، و اجتمع الشيعة عندي، فقالوا: قد اجتمع عندنا ستّة عشر ألف دينار من مال الموالي، و يحتاج أن تحملها معك و تسلّمها بحيث يجب تسليمها، قال: فقلت:

يا قوم! هذه حيرة و لا نعرف الباب في هذا الوقت، قال: فقالوا: إنّما اخترناك لحمل هذا المال لما نعرف من ثقتك و كرمك، فاحمله على ألّا تخرجه من يدك إلّا بحجّة، قال: فحمل إليّ ذلك المال في صرر باسم رجل [رجل]، فحملت ذلك المال و خرجت، فلمّا وافيت قرميسين و كان أحمد بن الحسن مقيما بها فصرت إليه مسلّما، فلمّا لقيني استبشر بي، ثمّ أعطاني ألف دينار في كيس و تخوت ثياب منألوان معتمة لم أعرف ما فيها، ثمّ قال لي [يا] أحمد: احمل هذا معك و لا تخرجه عن يدك إلّا بحجّة، قال: فقبضت منه المال و التخوت بما فيها من الثياب، فلمّا وردت بغداد لم يكن لي همّة غير البحث عمّن اشير إليه بالبابيّة، فقيل لي: إنّ هاهنا رجلا يعرف بالباقطاني يدّعي بالبابيّة، و آخر يعرف بإسحاق الأحمر يدعي بالبابيّة، و آخر يعرف بأبي جعفر العمري يدّعي بالبابيّة، قال: فبدأت بالباقطاني، فصرت إليه فوجدته شيخا بهيّا، له مروّة ظاهرة، و فرش [فرس] عربي، و غلمان كثير، و يجتمع عنده الناس يتناظرون، قال: فدخلت إليه و سلّمت عليه، فرحّب و قرّب و برّ و سرّ، قال: فأطلت القعود إلى أن خرج أكثر الناس، قال: فسألني عن حاجتي، فعرّفته أنّي رجل من أهل الدينور و معي شي ء من المال أحتاج أن اسلّمه، قال لي: احمله، قال: فقلت: اريد حجّة، قال: تعود إليّ في غد، قال: فعدت إليه من الغد فلم يأت بحجّة، و عدت إليه في اليوم الثالث فلم يأت بحجّة، قال: فصرت الى إسحاق الأحمر فوجدته شابّا نظيفا، منزله أكبر من منزل الباقطاني، و فرشه [فرسه] و لباسه و مروّته أسرى، و غلمانه أكثر من غلمانه، و يجتمع عنده من الناس أكثر مما يجتمعون عند الباقطاني، قال: فدخلت و سلّمت، فرحّب و قرّب، قال:

فصبرت إلى أن خفّ الناس، فسألني عن حاجتي، فقلت له كما قلت للباقطاني، و عدت إليه ثلاثة أيّام فلم يأت بحجّة، قال: فصرت إلى أبي جعفر العمري، فوجدته شيخا متواضعا، عليه مبطنة بيضاء، قاعد على لبد في بيت صغير، ليس له غلمان و لا له من المروة و الفرش [الفرس] ما وجدته لغيره، قال: فسلّمت، فردّ جوابي و أدناني و بسط منّي، ثم سألني عن حالي، فعرّفته أنّي وافيت من الجبل و حمّلت مالا، فقال: إن أحببت أن تصل

ص: 297


1- . دلائل الإمامة: باب معرفة شيوخ الطائفة الذين عرفوا صاحب الزمان عليه السلام، ص 282- 285، ح 1؛ فرج المهموم: ص 239- 244 بإسناده إلى محمّد بن جرير، البحار: ج 51 ص 300- 303 ب 15 ح 19.

هذا الشي ء إلى حيث [يجب أن يصل إليه] يجب أن تخرج الى سرّ من رأى و تسأل دار ابن الرضا، و عن فلان بن فلان الوكيل- و كانت دار ابن الرضا عامرة بأهلها- فإنّك تجد هناك ما تريد، قال: فخرجت من عنده و مضيت نحو سرّ من رأى، و صرت إلى دار ابن الرضا و سألت عن الوكيل، فذكر البوّاب أنّه مشتغل في الدار، و أنّه يخرج آنفا، فقعدت على الباب أنتظر خروجه، فخرج بعد ساعة فقمت و سلّمت عليه، و أخذ بيدي الى بيت كان له، و سألني عن حالي و عمّا وردت له، فعرّفته أنّي حملت شيئا من المال من ناحية الجبل، و أحتاج أن اسلّمه بحجّة، قال: فقال: نعم، ثمّ قدّم إليّ طعاما، و قال لي: تغدّ بهذا و استرح، فإنّك تعب و أن بيننا و بين صلاة الاولى ساعة، فإنّي أحمل إليك ما تريد، قال: فأكلت و نمت، فلمّا كان وقت الصلاة نهضت و صليت، و ذهبت إلى المشرعة فاغتسلت و انصرفت، و مكثت الى أن مضى من الليل ربعه، فجاءني و معه درج فيه: بسم الله الرحمن الرحيم وافى أحمد بن محمّد الدينوري و حمل ستّة عشر ألف دينار، و في كذا و كذا صرّة، فيها صرّة فلان بن فلان كذا و كذا دينارا، و صرّة فلان بن فلان كذا و كذادينارا إلى أن عدّ الصرار كلّها، و صرّة فلان بن فلان الذرّاع ستّة عشرة دينارا، قال: فوسوس لي الشيطان أن سيّدي أعلم بهذا منّي؟ فما زلت أقرأ ذكر صرّة صرّة و ذكر صاحبها حتّى أتيت عليها عند آخرها، ثمّ ذكر قد حمل من قرميسين من عند أحمد بن الحسن البادراني أخي الصرّاف كيسا فيه ألف دينار و كذا و كذا تختا ثيابا، منها ثوب فلاني، و ثوب لونه كذا، حتّى نسب الثياب الى آخرها بأنسابها و ألوانها، قال: فحمدت الله و شكرته على ما منّ الله به عليّ من إزالة الشكّ عن قلبي، و أمر بتسليم جميع ما حملته إلى حيث ما يأمرك أبو جعفر العمري، قال: فانصرفت إلى بغداد و صرت إلى أبي جعفر العمري، قال: و كان خروجي و انصرافي في ثلاثة أيّام، قال: فلمّا بصر بي أبو جعفر العمري قال لي: لم لم تخرج؟ فقلت: يا سيّدي! من سرّ من رأى انصرفت، قال: فأنا أحدّث أبا جعفر بهذا إذ وردت رقعة على أبي جعفر العمري من مولانا عليه السلام، و معها درج مثل الدرج الذي كان معي، فيه ذكر المال و الثياب، و أمر أن يسلّم جميع ذلك الى أبي جعفر محمّد بن أحمد بن جعفر القطّان القمّي، فلبس أبو جعفر العمري ثيابه، و قال لي: احمل ما معك إلى منزل محمّد بن أحمد بن جعفر القطّان القمّي، قال: فحملت المال و الثياب إلى منزل محمّد بن أحمد بن جعفر القطّان و سلّمتها و خرجت الى الحجّ، فلمّا انصرفت إلى الدينور اجتمع عندي الناس، فأخرجت الدرج الذي أخرجه وكيل مولانا إليّ و قرأته على القوم، فلمّا سمع ذكر الصرّة باسم الذرّاع [صاحبها] سقط مغشيّا عليه، فما زلنا نعلّله حتّى أفاق، فسجد شكرا لله عزّ و جلّ، و قال: الحمد لله الذي منّ علينا بالهداية، الآن علمت أنّ الأرض لا تخلو من حجّة، هذه الصرّة دفعها و الله إليّ هذا الذرّاع و لم يقف على ذلك إلّا الله عزّ و جلّ، قال: فخرجت و لقيت بعد ذلك بدهر أبا الحسن البادراني و عرّفته الخبر و قرأت عليه الدرج، قال: يا سبحان الله! ما شككت في شي ء فلا تشكنّ في أنّ الله عزّ و جلّ لا يخلي أرضه من حجّة، اعلم لمّا غزا ارتكوكين يزيد بن عبد الله بسهرورد و ظفر ببلاده و

ص: 298

احتوى على خزانته صار إليّ رجل، و ذكر أنّ يزيد بن عبد الله جعل الفرس الفلاني و السيف الفلاني في باب مولانا عليه السلام، قال:

فجعلت أنقل خزائن يزيد بن عبد الله إلى ارتكوكين أوّلا فأوّلا، و كنت أدافع [ب] الفرس و السيف إلى أن لم يبق شي ء غيرهما، و كنت أرجو أن أخلّص ذلك لمولانا، فلما اشتد مطالبة ارتكوكين إيّاي و لم يمكنني مدافعته جعلت في السيف و الفرس في نفسي ألف دينار و وزنتها و دفعتها إلى الخازن، و قلت: ادفع هذه الدنانير في أوثق مكان، و لا تخرجنّ إليّ في حال من الأحوال و لو اشتدّت الحاجة إليها، و سلّمت الفرس و النصل، قال: فأنا قاعد في مجلسي بالريّ ابرم الامور و اوفي القصص و آمر و أنهى إذ دخل أبو الحسن الأسدي، و كان يتعاهدني الوقت بعد الوقت، و كنت أقضي حوائجه، فلمّا طال جلوسه و عليّ بؤس كثير قلت له: ما حاجتك؟ قال: أحتاج منك إلى خلوة، فأمرت الخازن أنيهيّ ء لنا مكانا من الخزانة، فدخلنا الخزانة، فأخرج إليّ رقعة صغيرة من مولانا، فيها: يا أحمد بن الحسن! الألف دينار التي لنا عندك ثمن النصل و الفرس سلّمها الى أبي الحسن الأسدي، قال: فخررت لله عزّ و جلّ ساجدا شاكرا لما منّ به علىّ و عرفت أنّه خليفة الله حقّا، فإنّه لم يقف على هذا أحد غيري، فأضفت إلى ذلك المال ثلاثة آلاف دينار سرورا بما منّ الله عليّ بهذا الأمر.

852-(1)-

دلائل الإمامة: أخبرني أبو المفضّل محمّد بن عبد الله، قال: أخبرني محمّد بن يعقوب، قال: قال القاسم بن العلاء: كتبت الى صاحب الزمان ثلاثة كتب في حوائج لي، و أعلمته أنني رجل قد كبر سنّي، و أنّه لا ولد لي، فأجابني عن الحوائج و لم يجبني عن الولد بشي ء، فكتبت إليه في الرابعة كتابا و سألته أن يدعو الله لي أن يرزقني ولدا، فأجابني و كتب بحوائجي، و كتب: اللهم ارزقه ولدا ذكرا تقرّبه عينه، و اجعل هذا الحمل الذي له وارثا، فورد الكتاب و أنا لا أعلم أنّ لي حملا، فدخلت إلى جاريتي فسألتها عن ذلك فأخبرتني أنّ علّتها قد ارتفعت فولدت غلاما.

853-(2)-

دلائل الإمامة: حدثني علي بن محمّد، قال: حدّثني نصر بن الصباح، قال: أنفذ رجل من أهل بلخ خمسة دنانير إلى الصاحب و كتب معها غيّر فيها [رقعة] اسمه، فأوصلها إلى الصاحب، فخرج الوصول باسمه و نسبه و الدعاء له.

ص: 299


1- . دلائل الإمامة: ص 286 ب معرفة شيوخ الطائفة الذين عرفوا صاحب الزمان عليه السلام ح 4؛ فرج المهموم: ص 244 عن الحميري و الطبري؛ البحار: ج 51 ص 303 و 304 ب 15 ذيل ح 19؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 701 ب 33 ح 141.
2- . دلائل الإمامة: ص 287 ب معرفة شيوخ الطائفة الذين عرفوا صاحب الزمان عليه السلام ح 8؛ البحار: ج 51 ص 327 ب 15 ح 49؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 673 ب 33 ح 47 و فيهما: «و كتب رقعة غيّر فيها».

854-(1)-

دلائل الإمامة: و قال: حدّثني أبو جعفر، قال: ولد لي مولود فكتبت أستأذن في تطهيره يوم السابع، فورد: لا، فمات المولود يوم السابع، ثمّ كتبت أخبره بموته، فورد: سيخلف الله عليك غيره و غيره فسمّه أحمد، و بعد أحمد جعفرا، فجاء كما قال.

855-(2)- الكافي: علي بن محمّد، عن أبي عقيل عيسى بن نصر، قال: كتب علي بن زياد الصيمري يسأل كفنا، فكتب إليه: إنّك تحتاج إليه في سنة ثمانين، فمات في سنة ثمانين و بعث إليه بالكفن قبل موته بأيّام.

856-(3)-

الكافي: القاسم بن العلاء، قال: ولد لي عدّة بنين، فكنت أكتب و أسأل الدعاء، فلا يكتب إليّ لهم بشي ء، فماتوا كلّهم، فلمّا ولد لي الحسن ابني كتبت أسأل الدعاء، فأجبت: يبقى و الحمد لله.

857-(4)-

الخرائج: و منها (أي من معجزات الإمام صاحب الزمان عليه السلام): أنّ أبا محمّد الدعلجي كان له ولدان، و كان من خيار أصحابنا، و كان قد سمع الاحاديث، و كان أحد ولديه على الطريقة المستقيمة، و هو

ص: 300


1- . دلائل الإمامة: ص 288 ب معرفة شيوخ الطائفة الذين عرفوا صاحب الزمان عليه السلام ح 10؛ فرج المهموم: ص 244 عن الطبري و الحميري و فيه: «فسمّ أحمد»؛ البحار: ج 51 ص 308 ب 15 ح 24 و فيه: «فسمّ الأوّل أحمد»؛ الإرشاد: ص 355 ب ذكر طرف من دلائل صاحب الزمان عليه السلام؛ غيبة الشيخ: ص 283 ح 242 و فيه: «و تسمّيه أحمد»؛ الكافي: ص 522 ح 17 و فيه: «تسمّيه»؛ كشف الغمة: ج 2 ص 455 و فيه: «فسمّ الأوّل»؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 662 ب 33 ح 16.
2- . الكافي: ج 1 ص 524 ب 125 ح 27؛ مرآة العقول: ج 6 ص 199 ب مولد الصاحب ح 27 و قال: «في سنة ثمانين» أي من عمرك أو أراد الثمانين بعد المائتين من الهجرة؛ غيبة الشيخ: ص 283- 284 ح 243 نحوه بسنده عن أبي عقيل؛ البحار: ج 51 ص 306 ب 15 ح 20؛ كشف الغمة: ج 2 ص 456؛ تقريب المعارف: ص 196؛ الثاقب: ص 590 ح 535/ 1؛ و في دلائل الإمامة: ص 285 و 286 (ب معرفة شيوخ الطائفة الذين عرفوا صاحب الزمان عليه السلام) روى مثل هذه المعجزة عنه عليه السلام في علي بن محمد السمري و روى ما في الدلائل في فرج المهموم: ص 244 عن الطبري صاحب الدلائل و الحميري. أقول: و من المحتمل وقوع الوهم في استنساخ الدلائل، و يقرّب ذلك وقوع وفاة علي بن محمّد السمري- رضي الله عنه- في سنة 328 ه أو 329 ه، اللهمّ إلّا أن يكون المراد من «ثمانين» ثمانين من عمره. كمال الدين: ج 2 ص 501 ب 45 ح 26؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 664 ب 33 ح 26 إعلام الورى: ص 421 ف 2؛ الخرائج و الجرائح: ج 1 ص 463 و 464 ح 8.
3- . الكافي: ج 1 ص 519 ب 125 ح 9؛ البحار: ج 51 ص 309 ب 15 ح 27؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 659 ب 33 ح 8؛ إعلام الورى: ص 418 و 419 ف 2.
4- . الخرائج: ج 1 ص 480 ب في معجزات الإمام صاحب الزمان، ح 21 ط مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام؛ البحار: ج 52 ص 59 ب 18 ح 42؛ فرج المهموم: ص 256، و في آخره: «فذهبت بها» و قال: «الدعلجي منسوب الى موضع خلف باب الكوفة ببغداد يقال لأهله الدعالجة، و كان فقيها عارفا، ذكره النجاشي في كتابه بما ذكرناه» قال: «و عليه تعلّمت المواريث، و له كتاب الحجّ»، و على هذا فالأقرب بالظنّ أنّ هذه المعجزة إنّما وقعت في الغيبة الكبرى، فإنّ النجاشي توفي سنة 450 ه، و ولد سنة 372 ه. إثبات الهداة: ج 3 ص 695 ب 33 ح 120؛ وسائل الشيعة: ج 8 ص 147 ب 24 ح 2؛ مستدرك الوسائل: ج 8 ص 70- 71 ح 4.

أبو الحسن، و كان يغسل الأموات، و ولد آخر يسلك مسالك الأحداث في فعلالحرام، و كان قد دفع إلى أبي محمّد حجّة يحجّ بها عن صاحب الزمان عليه السلام، و كان ذلك عادة الشيعة وقتئذ فدفع شيئا منها إلى ولده المذكور بالفساد شيئا و خرج إلى الحجّ.

فلمّا عاد حكى أنّه كان واقفا بالموقف، فرأى الى جانبه شابّا حسن الوجه، أسمر اللون، بذؤابتين، مقبلا على شأنه في الابتهال و الدعاء و التضرّع و حسن العمل، فلمّا قرب نفر الناس التفت إليّ و قال: يا شيخ! أ ما تستحي؟! فقلت: من أيّ شي ء يا سيّدي؟ قال: تدفع إليك حجّة عمّن تعلم فتدفع منها الى فاسق يشرب الخمر، يوشك أن تذهب عينيك [عينك- ظ] و أومأ الى عيني، و أنا من ذلك اليوم على و جل و مخافة، و سمع أبو عبد الله محمّد بن محمّد النعمان ذلك، قال: فما مضى عليه أربعون يوما بعد مورده حتى خرج في عينه التي أومأ إليها قرحة فذهبت.

858-(1)-

كمال الدين: حدثنا أبي- رضي الله عنه- عن سعد بن عبد الله، عن علان الكليني، عن الأعلم المصري، عن أبي رجاء المصري، قال: خرجت في الطلب بعد مضي أبي محمّد عليه السلام بسنتين لم أقف فيهما على شي ء، فلمّا كان في الثالثة كنت بالمدينة في طلب ولد لأبي محمّد عليه السلام بصرياء، و قد سألني أبو غانم أن أتعشّى عنده، و أنا قاعد مفكر في نفسي و أقول: لو كان شي ء لظهر بعد ثلاث سنين، فإذا هاتف أسمع صوته و لا أرى شخصه و هو يقول: يا نصر بن عبد ربّه! قل لأهل مصر: آمنتم برسول الله صلّى الله عليه و آله حيث رأيتموه؟ قال نصر: و لم أكن أعرف اسم أبي، و ذلك أنّي ولدت بالمدائن فحملني النوفلي و قد مات أبي، فنشأت بها، فلمّا سمعت الصوت قمت مبادرا و لم أنصرف إلى أبي غانم، و أخذت طريق مصر.

قال: و كتب رجلان من أهل مصر في ولدين لهما، فورد: أمّا أنت يا فلان فآجرك الله، و دعا للآخر، فمات ابن المعزّى.

ص: 301


1- . كمال الدين: ج 2 ص 491 و 492 ب 45 ح 15؛ الخرائج و الجرائح: ج 2 ص 698 و 699 ف اعلام الإمام صاحب الزمان عليه السلام ح 1 ط مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام باختلاف؛ البحار: ج 51 ص 295 ب 15 ح 10؛ فرج المهموم: فصل دلائل المهدي عليه السلام ص 239؛ اثبات الهداة: ج 3 ص 696 باختلاف في ألفاظه.

859-(1)-

الغيبة: (للشريف الفقيه المحدّث الزاهد الحسن بن حمزة رضي الله عنه، المتوفى سنة 358 ه): حدثنا رجل صالح من أصحابنا، قال: خرجت سنة من السنين حاجّا الى بيت الله الحرام، و كانتسنة شديدة الحرّ، كثيرة السموم، فانقطعت عن القافلة و ضللت الطريق، فغلب عليّ العطش، حتى سقطت و أشرفت على الموت، فسمعت صهيلا، ففتحت عيني فإذا بشابّ حسن الوجه، حسن الرائحة، راكب على دابّة شهباء، فسقاني ماء أبرد من الثلج، و أحلى من العسل، و نجّاني من الهلاك، فقلت: يا سيّدي من أنت؟ قال: أنا حجّة الله على عباده، و بقيّة الله في أرضه، أنا الذي أملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، أنا ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام، ثم قال: اخفض عينيك، فخفضتهما، ثمّ قال: افتحهما، ففتحتهما فرأيت نفسي في قدّام القافلة، ثمّ غاب من نظري صلوات الله عليه.

860-(2)-

الدلائل: (للشيخ أبي العبّاس عبد الله بن جعفر الحميري، من أعلام القرن الثالث): قال: و كتب رجل من ربض حميد يسأل الدعاء في حمل له، فورد عليه الدعاء في الحمل قبل الاربعة أشهر، و أنّها ستلد ابنا، فكان الأمر كما قال صلوات الله عليه.

861-(3)-

فرج المهموم: و من الكتاب المذكور (الظاهر أنّه هو الدلائل للحميري) ما رويناه عن الشيخ المفيد، و نقلناه عن نسخة عتيقة جدّا من اصول أصحابنا، قد كتبت في زمان الوكلاء، فقال فيهاما هذا لفظه: قال

ص: 302


1- . الاربعين الموسوم بكفاية المهتدي: ص 140 ح 36، الاربعين للخاتون آبادي: ص 49 ح 12. أقول: و إن كان من المحتمل وقوع هذه المعجزة في الغيبة الكبرى إلّا أنه لما كان احتمال وقوعها في الغيبة الصغرى أقرب الى النظر ذكرناه هنا، و الله أعلم. ثمّ اعلم أنّ أساتذة فن الرجال قد نعتوا هذا الشريف بالفقه و الزهد و الورع و غيرها، قال الشيخ: «كان فاضلا أديبا، عارفا، فقيها، زاهدا، ورعا، كثير المحاسن، له كتب و تصانيف كثيرة ...» و قال النجاشي: «كان من أجلاء هذه الطائفة»، و في تنقيح المقال: «هو من السادة الأطياب، و شيخ من أعاظم مشايخ الأصحاب، ذكره علماء الرجال، و نعتوه بكل جميل، و عظّموه غاية التعظيم».
2- . فرج المهموم: ص 247 قال: «فصل: و ممّا رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي العبّاس عبد الله بن جعفر الحميري في ج 2 من كتاب الدلائل قال: ...»؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 675 ب 33 ح 558؛ البحار: ج 51 ص 332 ب 15 عجز ح 56 و فيه: «فورد الدعاء في الحمل» و «ستلد انثى» و ليس فيه: «عليه».
3- . فرج المهموم: ص 248- 253 و حيث إنّ النسخة مغلوطة صححناها من البحار. غيبة الشيخ: ص 310- 315 ح 263، و فيه: «عبد الله بن عبيد الله»، و الظاهر أنّه و هم من النسّاخ، و الصحيح: عتبة بن عبيد الله، و هو ابن موسى بن عبد الله الهمداني، تولّى مقام القضاء في مراغة، ثم في آذربايجان و همدان و بغداد، توفي سنة 351 ه، عاش ستّا و ثمانين سنة. راجع سير أعلام النبلاء: ج 16 ص 47 و تاريخ بغداد: ج 12، ص 320. الثاقب في المناقب: ص 590 ح 536/ 2 و فيه: «أبو السائب عتبة بن عبيد الله المسعودي»؛ البحار: ج 51 ص 313- 316 ب 15 ح 37 و فيه أيضا: «عتبة بن عبيد الله»، إثبات الهداة: ج 3 ص 690- 692 ب 33 ح 106؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 130- 134؛ الخرائج و الجرائح: ج 1 ص 467- 470 ح 14 و فيه أيضا: «أبو السائب عتبة بن عبيد الله المسعودي».

الصفواني- رحمه الله-: رأيت القاسم بن العلاء و قد عمّر مائة سنة و سبع عشرة، منها ثمانون سنة صحيح العينين، فيها لقي مولانا أبا الحسن و مولانا أبا محمد العسكري عليهما السلام، و حجب بعد الثمانين و ردّت عيناه قبل موته بسبعة أيام، و ذلك أنّي كنت مقيما عنده بمدينة اران من أرض آذربايجان، و كان لا تنقطع عنه توقيعات مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه على يد أبي جعفر محمد بن عثمان العمري، و بعده على يد أبي القاسم بن روح- قدّس الله ارواحهما- فانقطعت عنه المكاتبة نحوا من شهرين، فقلق- رحمه الله- لذلك، فبينا نحن عنده إذ دخل البوّاب مستبشرا، و قال: فيج العراق قد ورد و لا يسمّى بغيره، فاستبشر القاسم و حوّل وجهه الى القبلة فسجد، و دخل رجل قصير بالصرر [أثر] الفيوج عليه و عليه جبّة مصريّة، و في رجليه نعل آمليّ، و على كتفه مخلاة، فقام إليه و عانقه، و وضع المخلاة من عنقه، و دعا بطست من ماء فغسل وجهه، و أجلسه الى جانبه، فأكلنا و غسلنا أيدينا، فقام الرجل و أخرج كتابا أفضل من نصف الدرج، فناوله القاسم فقبّله و دفعه الى كاتب له يقال له: عبد الله بن أبي سلمة، فأخذه و فضّه و قرأه و بكى حتّى أحسّ القاسم ببكائه، فقال القاسم له: يا عبد الله خيرا، قال: ما يكره فلا، قال: فما هو؟ قال: ينعى الشيخ [إلى] نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوما، و أنّه يمرض في اليوم السابع من ورود هذا الكتاب، و أنّ الله يردّ عليه بعد ذلك عينيه و قد حمل إليه سبعة أثواب، فقال القاسم: في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك، فضحك- رحمه الله- و قال: ما أؤمّل بعد هذا العمر؟ ثمّ قام الرجل الوارد فأخرج من مخلاته ثلاثة ازر [و حبرة] يمانيّة حمراء و عمامة و ثوبين و منديلا فأخذها الشيخ، و كان عنده قميص خلعه عليه مولانا أبو الحسن ابن الرضا عليه السلام، و كان له صديق يقال له:

عبد الرحمن بن محمّد السري، و كان شديد النصب، و كان بينه و بين القاسم- نضر الله وجهه- مودّة في امور الدنيا شديدة، و كان يوادّه، و كان عبد الرحمن وافى الى اران للاصلاح بين أبي جعفر ابن حمدون الهمداني و بين حيّان العين فربّما حضر عنده، فقال لشيخين كانا مقيمين عنده- احدهما يقال له: أبو حامد عمران بن المفلس و الآخر يقال له: أبو علي محمد-: اريد أن أقرأ هذا الكتاب لعبد الرحمن، فإنّي احبّ هدايته، و أرجو أن يهديه الله عزّ و جلّ بقراءة هذا الكتاب، فقال: لا إله الّا الله، هذا الكتاب لا يحتمل ما فيه خلق من الشيعة فكيف عبد

ص: 303

الرحمن؟ فقال: إنّي أعلم أني مفش سرّا لا يكون لي إعلانه، و لكن لمحبتي عبد الرحمن أشتهي أن يهديه الله لهذا الأمر، فأقرأه له، فلمّا مرّ ذلك اليوم، و كان الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب سنة أربع و ثلاثمائة دخل عبد الرحمن و سلّم عليه، فقال له: اقرأ هذا الكتاب و انظر لنفسك، فقرأه، فلمّا بلغ الى موضع النعي به رمى الكتاب من يده، و قال للقاسم: يا أبا محمد! اتّق الله، فإنّك رجل فاضل في دينك، متمكّن من عقلك، إن الله يقول: وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، و يقول: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً، فضحك القاسم و قال: أتمّ الآية: إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ و مولاي هذا المرتضى من رسول، قد علمت أنّك تقول هذا، و لكن أرّخ هذا اليوم، فإن أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرخ في الكتاب فاعلم أنّي لست على شي ء، و إن أنا متّ فانظر لنفسك، فأرّخ عبد الرحمن اليوم و افترقوا، فلمّا كان اليوم السابع من ورود الكتاب حمّ القاسم و اشتدّت به العلّة، و استند في فراشه الى الحائط، و كان ابنه الحسن بن القاسم مدمنا على شرب الخمر، و كان متزوّجا الى أبي عبد الله ابن حمدون الهمداني، و كان ابن حمدون الهمداني جالسا في ناحية من الدار و رداؤه على وجهه، و أبو حامد في ناحية، و أبو علي بن محمد و جماعة من أهل البلد يبكون إذ اتكأ القاسم على يديه الى خلف، و جعل يقول: يا محمد يا علي يا حسن يا حسين ... إلى آخر الائمّة، يا موالي كونوا شفعائي إلى الله عزّ و جلّ، ثمّ قالها ثانية، ثم قالها ثالثة، فلمّا وصل إلى يا موسى! يا علي! تفرقعت أجفان عينيه كما تفرقع الصبيان شقائق النعمان، و انفتحت حدقتاه، و جعل يمسح بكمّه عينيه، و خرج من عينيه شي ء يشبه ماء اللحم، ثمّ مدّ طرفه الى ابنه فقال: يا حسن إليّ، يا أبا حامد إليّ، يا أبا عليّ إليّ، فاجتمعوا حوله و نظروا الى حدقتيه صحيحين، فقال أبو حامد: تراني؟ فجعل يده على كلّ واحد منّا، و شاع في الناس هذا، فأتاه الناس ينظرون إليه، و ركب إليه القاضي و هو عينية(1)

بن عبيد الله أبو ثابت المسعودي قاضي القضاة ببغداد، فدخل عليه و قال: يا أبا محمد! ما هذا الذي بيدي؟ و أراه خاتما فصّه فيروزج و قرّبه منه، فقال: خاتم فصّه فيروزج، عليه ثلاثة أسطر، فتناوله القاسم فلم يمكنه قراءته، و خرج الناس متعجبين يتحدثون بخبره، فالتفت القاسم إلى ابنه الحسن، فقال: يا بني! إنّ الله عزّ اسمه جعل منزلتك منزلتي، و مرتبتك مرتبتي، فاقبلها بشكر، فقال الحسن: قد قبلتها، قال القاسم: على ما ذا؟ قال: على ما تأمرني به، قال: أن تنزع عمّا أنت عليه من شرب الخمر، فقال: يا أبه! و حقّ

ص: 304


1- . الظاهر أن الصحيح كما ذكرناه: «عتبة بن عبيد الله أبو السائب المسعودي».

من أنت في ذكره لأنزعنّ عن شرب الخمر، و مع الخمر أشياء لا تعرفها، فرفع القاسم يده الى السماء، و قال: اللهمّ ألهم الحسن طاعتك، و جنّبه معصيتك، ثلاث مرّات، ثم دعا بدرج و كتب وصيّته- رحمه الله- بيده، و كانت الضياع التي بيده لمولانا عليه السلام وقفها له أبوه، فكان فيما أوصى الحسن أن قال له: إنّك إن أهّلت الأمر- يعني الوكالة لمولانا عليه السلام- تكون مؤونتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرجند و سائرها ملك لمولاي، و إن لم تؤهّل فاطلب خيرك من حيث يبعث الله لك، فقبل الحسن وصيّته على ذلك، فلمّا كان يوم الأربعين و قد طلع الفجر مات القاسم، فوافاه عبد الرحمن بن محمد يعدو في الأسواق حافيا حاسرا و هو يصيح: وا سيّداه! فاستعظم الناس منه ذلك، و جعلوا يقولون له: ما الذي تفعل بنفسك؟ فقال: اسكتوا، فإنّي رأيت ما لم تروا، و شيّعه و رجع عمّا كان عليه، و وقف أكثر ضياعه، فتجرّد أبو علي بن محمد و غسّل القاسم، و أبو حامد يصبّ عليه الماء، و لفّ في ثمانية أثواب، على بدنه قميص مولانا، و ما يليه السبعة أثواب التي جاءت من العراق، فلمّا كان بعد مدّة يسيرة ورد كتاب تعزية على الحسن من مولانا صلوات الله عليه، و دعا له في آخره: ألهمه الله طاعته و جنّبه معصيته، و هو الدعاء الذي كان دعا به أبوه، و كان في آخره: قد جعلنا أباك لك إماما، و فعاله مثلا.

و روينا هذا الحديث الذي ذكرناه أيضا عن أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه.

862-(1)- الخرائج و الجرائح: قال: و منها ما روي عن أبي الحسن المسترقّ الضرير: كنت يوما في مجلس الحسن بن عبد الله بن حمدان ناصر الدولة، فتذاكرنا أمر الناحية، قال: كنت أزري عليها، الى أن حضرت مجلس عمّي الحسين يوما، فأخذت أتكلّم في ذلك، فقال:

يا بنيّ! قد كنت أقول بمقالتك هذه الى أن ندبت لولاية قم حين استصعبت على السلطان، و كان كلّ من ورد إليها من جهة السلطان يحاربه أهلها، فسلّم إليّ جيشا و خرجت نحوها، فلمّا بلغت الى ناحية طرز خرجت الى الصيد، ففاتتني طريدة فاتّبعتها، و أوغلت في أثرها، حتى بلغت الى نهر، فسرت فيه، و كلّما أسير يتّسع النهر، فبينما أنا كذلك إذ طلع عليّ فارس تحته شهباء، و هو معمّم بعمامة خزّ خضراء، لا أرى منه إلّا عينيه، و في رجليه خفّان أحمران، فقال لي: يا حسين! فلا هو أمّرني و لا كنّاني، فقلت: ما ذا تريد؟ قال: لم تزري على الناحية؟

ص: 305


1- . الخرائج و الجرائح: ج 1 ص 472- 475 ح 17؛ فرج المهموم: ص 253 و 254؛ البحار: ج 52 ص 56 و 57 ب 18 ح 40؛ اثبات الهداة: ج 3 ص 694 ب 33 ف 3 ح 118 مختصرا؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 500 و 501 في معجزات صاحب الزمان عليه السلام.

و لم تمنع أصحابي خمس مالك؟ و كنت الرجل الوقور الذي لا يخاف شيئا فارعدت و تهيّبته، و قلت له: أفعل يا سيّدي ما تأمر به، فقال: إذا مضيت الى الموضع الذي أنت متوجّه إليه، فدخلته عفوا و كسبت ما كسبته، تحمل خمسه الى مستحقّه، فقلت: السمع و الطاعة، فقال:

امض راشدا، و لوى عنان دابّته و انصرف، فلم أدر أي طريق سلك، و طلبته يمينا و شمالا فخفي عليّ أمره، و ازددت رعبا و انكفأت راجعا الى عسكري و تناسيت الحديث، فلما بلغت قم و عندي أنّي أريد محاربة القوم، خرج إليّ أهلها و قالوا: كنّا نحارب من يجيئنا بخلافهم لنا، فأمّا إذا وافيت أنت فلا خلاف بيننا و بينك، ادخل البلدة فدبّرها كما ترى، فأقمت فيها زمانا، و كسبت أموالا زائدة على ما كنت أقدّر، ثمّ وشى القوّاد بي الى السلطان، و حسدت على طول مقامي، و كثرة ما اكتسبت، فعزلت و رجعت الى بغداد، فابتدأت بدار السلطان و سلّمت عليه، و أتيت الى منزلي، و جاءني فيمن جاءني محمد بن عثمان العمري، فتخطّى الناس حتّى اتّكأ على تكأتي، فاغتظت من ذلك، و لم يزل قاعدا ما يبرح، و الناس داخلون و خارجون و أنا أزداد غيظا، فلمّا انصرم [الناس و خلا] المجلس، دنا إليّ و قال: بيني و بينك سرّ فاسمعه، فقلت: قل، فقال: صاحب الشهباء و النهر يقول: قد وفينا بما وعدنا، فذكرت الحديث و ارتعت من ذلك و قلت: السمع و الطاعة، فقمت فأخذت بيده ففتحت الخزائن، فلميزل يخمّسها الى أن خمّس شيئا كنت قد نسيته ممّا كنت قد جمعته، و انصرف، و لم أشكّ بعد ذلك و تحققت الأمر.

فأنا منذ سمعت هذا من عمّي أبي عبد الله زال ما كان اعترضني من شك.

و يدل عليه من هذا الباب الأحاديث 823، 827، 828، 830، 832، 833، 838، 839، 840، 868.

ص: 306

الفصل الثالث

في حالات سفرائه و نوّابه في الغيبة الصغرى و فيه 27 حديثا(1)

863-(2)-

غيبة الشيخ: أخبرني جماعة، عن أبي محمد هارون بن موسى، عن أبي علي محمّد بن همام الإسكافي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدّثنا أحمد بن إسحاق بن سعد القمّي،[قال:] دخلت على أبي

ص: 307


1- . اعلم ان وكلاءه و نوّابه عليه السلام في زمان الغيبة الصغرى كما يظهر من مراجعة الكتب المعتبرة كانوا عدّة من الثقات الممدوحين بالوثاقة و الأمانة و الصداقة، و كان يخرج من عندهم توقيعاته و أوامره و نواهيه عليه السلام، و يظهر منهم الكرامات و الإخبار عن المغيبات من جهته، و اقتصر على ذكر اسماء الاربعة المعروفين منهم الذين أجمع الشيعة على أمانتهم و عدالتهم، و رفعة مقامهم، و علوّ درجتهم، فنقول: الأول: الشيخ أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري- رضي الله تعالى عنه- و قد نصبه أبو الحسن علي بن محمد العسكري، و أبو محمد الحسن بن علي عليهم السلام، و كان أسديّا، و يقال له: العسكري، و السمّان؛ لأنّه كان يتّجر في السمن تغطية على الأمر، و قد ورد النصّ عليه من الإمامين المذكورين، و من مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه. و قد ذكره الشيخ في رجاله تارة في ذكر اصحاب الهادي عليه السلام، فقال: «عثمان بن سعيد العمري، يكنّى أبا عمرو السمّان، و يقال له: الزيّات، خدمه و له إحدى عشرة سنة، و له إليه عهد معروف»، و تارة في اصحاب أبي محمد الحسن عليه السلام، فقال: «جليل القدر، ثقة، وكيله عليه السلام»، و قال أيضا في رجاله: «محمد بن عثمان بن سعيد العمري، يكنّى أبا جعفر، و أبوه يكنّى أبا عمرو، جميعا وكيلان من جهة صاحب الزمان عليه السلام، و لهما منزلة جليلة عند الطائفة، انتهى»، و لقد أجاد المولى الوحيد حيث قال كما في تنقيح المقال: «هو أجلّ و أشهر من أن يذكر». الثاني: أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري رضوان الله تعالى عليه، فإنّه لمّا مضى أبوه أبو عمرو قام مقامه بنصّ أبي محمد عليه السلام عليه، و نص أبيه عثمان عليه بأمر القائم عليه السلام، و قد نقل الشيخ في غيبته عن أبي العبّاس عن هبة الله بن محمد عن شيوخه إجماع الشيعة على عدالته و وثاقته و أمانته، لما ورد عليه من النصّ عليه بالعدالة و الأمر بالرجوع إليه في حياة الحسن عليه السلام، و بعد موته في حياة أبيه، قال: «و قد نقلت عنه دلائل كثيرة، و معجزات الإمام ظهرت على يده ... الخ». قال في تنقيح المقال: «جلالة شأن الرجل و علوّ قدره و منزلته في الإماميّة أشهر من أن يحتاج إلى بيان ... الخ»، و كانت له كتب مصنّفة مما سمعها من أبي محمد الحسن، و من الصاحب عليهما السلام، و من أبيه عثمان بن سعيد عن أبي محمد و عن أبي الحسن الهادي عليهما السلام، قال الشيخ في كتاب الغيبة: «قال أبو نصر هبة الله: وجدت بخطّ أبي غالب الزراري- رحمه الله و غفر له- أن أبا جعفر محمد بن عثمان العمري- رحمة الله عليه- مات في آخر جمادى الاولى سنة خمس و ثلاثمائة، و ذكر أبو نصر هبة الله بن محمد بن أحمد أنّ أبا جعفر العمري مات في سنة أربع و ثلاثمائة، و أنّه كان يتولّى هذا الأمر نحوا من خمسين سنة، يحمل الناس إليه أموالهم، و يخرج إليهم التوقيعات بالخطّ الذي كان يخرج في حياة الحسن عليه السلام إليهم بالمهمّات في أمر الدين و الدنيا، و فيما يسألونه من المسائل بالاجوبة العجيبة، رضي الله عنه و أرضاه». الثالث من السفراء: الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي- رحمة الله عليه- المتولّي لمقام النيابة الخاصّة بعد محمد بن عثمان- رحمهما الله- و القائم مقامه بنصّ منه بأمر الإمام عليه السلام، و هو من أعقل الناس عند الموافق و المخالف، و كان له مكانة عظيمة عند العامّة أيضا، و قد كان لمحمّد بن عثمان نحوا من عشرة أنفس، و أبو القاسم بن روح فيهم، و كانوا كلّهم أخصّ به من الشيخ أبي القاسم، و بلغ جعفر بن أحمد بن متيل منه من الخصوصية به، و كثرة كينونته في منزله بمرتبة كان أصحابنا لا يشكّون إن كانت حادثة لم تكن الوصيّة إلّا إليه، و لكن لمّا وقع الاختيار بأمر الإمام على أبي القاسم لم ينكروا و سلّموا، و لم يزل جعفر بن أحمد بن متيل في جملة أبي القاسم و بين يديه كتصرّفه بين يدي أبي جعفر العمري إلى أن مات، و توفّي الشيخ أبو القاسم- رضي الله عنه- في شعبان سنة ست و عشرين و ثلاثمائة، فكانت مدّة سفارته إحدى أو اثنتان و عشرون سنة. الرابع من الوكلاء في عصر الغيبة الصغرى: الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري- رحمة الله عليه- القائم مقام الشيخ أبي القاسم بنصّ منه، و هو آخر الوكلاء، و بموته وقعت الغيبة التامّة، و صار الأمر إلى الفقهاء و حملة الأحاديث و علوم أهل البيت عليهم السلام، فيجب على العوام الرجوع إليهم، و دلّت على ذلك روايات كثيرة قد مرّ بعضها، و مات أبو الحسن علي بن محمّد السمري في سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة.
2- . غيبة الشيخ: ص 354- 355 ح 315 فصل طرف من أخبار السفراء؛ البحار: ج 51 ص 344- 345 ب 16.

الحسن علي بن محمد صلوات الله عليه في يوم من الأيّام، فقلت: يا سيدي أنا أغيب و أشهد، و لا يتهيّأ لي الوصول إليك إذا شهدت في كلّ وقت فقول من نقبل، و أمر من نمتثل؟

فقال لي صلوات الله عليه: هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ما قاله لكم فعنّي يقوله، و ما أدّاه إليكم فعني يؤديه، فلمّا مضى أبو الحسن عليه السلام وصلت إلى أبي محمّد ابنه الحسن العسكري عليه السلام ذات يوم، فقلت له عليه السلام مثل قولي لأبيه، فقال لي: هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ثقة الماضي، و ثقتي في المحيا و الممات، فما قاله لكم فعنّي يقوله، و ما أدّى إليكم فعنّي يؤدّيه.

قال أبو محمّد هارون: قال أبو علي: قال أبو العبّاس الحميري:

فكنّا كثيرا ما نتذاكر هذا القول، و نتواصف جلالة محلّ أبي عمرو.

864-(1)-

غيبة الشيخ: و أخبرنا جماعة، عن أبي محمّد هارون، عن محمد بن همّام، عن عبد الله بن جعفر، قال: حججنا في بعض السنين بعد مضيّ أبي محمّد عليه السلام، فدخلت على أحمد بن إسحاق بمدينة السلام فرأيت أبا عمرو عنده، فقلت: إنّ هذا الشيخ - و أشرت الى أحمد بن إسحاق- و هو عندناالثقة المرضي، حدّثنا فيك بكيت و كيت، و اقتصصت عليه ما تقدّم- يعني: ما ذكرناه عنه من فضل أبي عمرو و محلّه- و قلت: أنت الآن ممّن لا يشكّ في قوله و صدقه، فأسألك بحقّ الله، و بحقّ الإمامين اللذين وثّقاك، هل رأيت ابن أبي محمّد الذي هو صاحب الزمان؟ فبكى، ثم قال: على أن لا تخبر بذلك أحدا و أنا حيّ، قلت: نعم، قال: قد رأيته عليه السلام و عنقه هكذا- يريد أنّها أغلظ الرقاب حسنا و تماما- قلت: فالاسم؟ قال: نهيتم عن هذا.

ص: 308


1- . غيبة الشيخ: الفصل المذكور ص 355 ح 316؛ البحار: ج 51 ص 345 ب 16.

865-(1)-

غيبة الشيخ: و روى أحمد بن علي بن نوح أبو العبّاس السيرافي، قال: أخبرنا أبو نصر عبد الله بن محمّد بن أحمد المعروف بابن برنيّة الكاتب، قال: حدثني بعض الشرّاف من الشيعة الإماميّة أصحاب الحديث، قال: حدّثني أبو محمّد العبّاس بن أحمد الصائغ، قال: حدّثني الحسين بن أحمد الخصيبي، قال: حدّثني محمّد بن إسماعيل، و علي بن عبد الله الحسنيّان، قالا: دخلنا على أبي محمّد الحسن عليه السلام بسرّمن رأى و بين يديه جماعة من أوليائه و شيعته، حتّى دخل عليه بدر خادمه، فقال: يا مولاي بالباب قوم شعث غبر، فقال لهم: هؤلاء نفر من شيعتنا باليمن (في حديث طويل يسوقانه إلى أن ينتهي إلى أن قال الحسن عليه السلام لبدر:) فامض فأتنا بعثمان بن سعيد العمري، فما لبثنا إلّا يسيرا حتّى دخل عثمان، فقال له سيّدنا أبو محمّد عليه السلام: امض يا عثمان! فإنّك الوكيل و الثقة المأمون على مال الله، و اقبض من هؤلاء النفر اليمنيين ما حملوه من المال ... ثم ساق الحديث الى أن قالا: ثم قلنا بأجمعنا: يا سيّدنا! و الله إنّ عثمان لمن خيار شيعتك، و لقد زدتنا علما بموضعه من خدمتك، و أنّه وكيلك و ثقتك على مال الله تعالى، قال:

نعم، و اشهدوا عليّ أنّ عثمان بن سعيد العمري وكيلي، و أنّ ابنه محمدا وكيل ابني مهديّكم.

866-(2)-

غيبة الشيخ: عنه (أي: أحمد بن علي بن نوح)، عن أبي نصر هبة الله بن أحمد الكاتب، ابن بنت أبي جعفر العمري- قدّس الله روحه و أرضاه- عن شيوخه أنّه لمّا مات الحسن بن على عليهماالسلام حضر غسله عثمان بن سعيد- رضي الله عنه و أرضاه- و تولّى جميع أمره في تكفينه و تحنيطه و تقبيره، مأمورا بذلك للظاهر من الحال التي لا يمكن جحدها و لا دفعها إلّا بدفع حقائق الأشياء في ظواهرها، و كانت توقيعات صاحب الأمر عليه السلام تخرج على يدي عثمان بن سعيد، و ابنه أبي جعفر محمد بن عثمان الى شيعته و خواصّ أبيه أبي محمد عليه السلام، بالأمر و النهي، و الاجوبة عمّا يسأل الشيعة عنه إذا احتاجت الى السؤال فيه، بالخطّ الذي كان يخرج في حياة الحسن عليه السلام، فلم تزل الشيعة مقيمة على عدالتهما الى أن توفي عثمان بن سعيد- رحمه

ص: 309


1- . غيبة الشيخ: فصل طرف من أخبار السفراء ص 355- 356 ح 317؛ البحار: ج 51 ص 345 ب 16.
2- . غيبة الشيخ: ف طرف من أخبار السفراء ص 356- 357 ح 318، و قال الشيخ في ص 320: «و قال أبو نصر هبة الله بن محمد: و قبر عثمان بالجانب الغربي من مدينة السلام، في شارع الميدان، في أوّل الموضع المعروف بدرب جبلة في مسجد الدرب، يمنة الداخل إليه، و القبر في نفس قبلة المسجد، رحمه الله. قال محمد بن الحسن مصنّف هذا الكتاب: رأيت قبره في الموضع الذي ذكره، و كان بني في وجهه حائط، و به محراب المسجد، و الى جنبه باب يدخل الى موضع القبر، في بيت ضيّق مظلم، فكنّا ندخل إليه و نزوره مشاهرة، و كذلك من وقت دخولي الى بغداد و هي سنة ثمان و أربعمائة إلى سنة نيف و ثلاثين و أربعمائة ثمّ نقض ذلك الحائط الرئيس أبو منصور محمد بن الفرج، و أبرز القبر الى برّا، و عمل عليه صندوقا، و هو تحت سقف يدخل إليه من أراده و يزوره، و يتبرّك جيران المحلّة بزيارته، و يقولون: هو رجل صالح، و ربّما قالوا: هو ابن داية الحسين عليه السلام، و لا يعرفون حقيقة الحال فيه، و هو إلى يومنا هذا- و ذلك سنة سبع و أربعين و أربعمائة- على ما هو عليه»، البحار: ج 51 ص 346 ب 16.

الله و رضي عنه- و غسّله ابنه أبو جعفر، و تولّى القيام به، و حصل الأمر كلّه مردودا إليه، و الشيعة مجتمعة على عدالته و ثقته و أمانته، لما تقدّم له من النصّ عليه بالأمانة و العدالة، و الأمر بالرجوع إليه في حياة الحسن عليه السلام، و بعد موته في حياة أبيه عثمان- رحمة الله عليه-.

867-(1)-

الكافي: محمّد بن عبد الله و محمّد بن يحيى جميعا، عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: اجتمعت أنا و الشيخ أبو عمرو- رحمه الله- عند أحمد بن إسحاق، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف، فقلت له: يا أبا عمرو! إنّي اريد أن أسألك عن شي ء، و ما أنا بشاكّ فيما اريد أن أسألك عنه، فإنّ اعتقادي و ديني أنّ الأرض لا تخلو من حجّة إلّا إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوما، فإذا كان ذلك رفعت الحجّة، و اغلق باب التوبة، فلم يك ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، فأولئك أشرار من خلق الله عزّ و جلّ، و هم الذين تقوم عليهم القيامة، و لكنّي أحببت أن أزداد يقينا، و إنّ إبراهيم عليه السلام سأل ربّه عزّ و جلّ أن يريه كيف يحيي الموتى، قال: أ و لم تؤمن، قال: بلى، و لكن ليطمئنّ قلبي، و قد أخبرني أبو علي أحمد بن إسحاق عن أبي الحسن عليه السلام، قال: سألته و قلت: من اعامل أو عمّن آخذ، و قول من أقبل؟ فقال له: العمري ثقتي، فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي، و ما قال لك فعني يقول، فاسمع له و أطع، فإنّه الثقة المأمون. و أخبرني أبو علي أنّه سأل أبا محمّد عليه السلام عن مثل ذلك، فقال له: العمري و ابنه ثقتان، فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان، و ما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما و أطعهما، فإنّهما الثقتان المأمونان. فهذا قول إمامين قد مضيا فيك، قال: فخرّ أبو عمرو ساجدا و بكى، ثمّ قال: سل حاجتك، فقلت له: أنت رأيتالخلف من بعد أبي محمّد عليه السلام؟ فقال: إي و الله، و رقبته مثل ذا- و أومأ بيده-، فقلت له: فبقيت واحدة، فقال لي: هات، قلت:

فالاسم، قال: محرّم عليكم أن تسألوا عن ذلك، و لا أقول هذا من عندى، فليس لي أن أحلّل و لا احرّم، و لكن عنه عليه السلام، فإنّ الأمر عند السلطان أنّ أبا محمّد مضى و لم يخلف ولدا، و قسّم ميراثه و أخذه من لا حقّ له فيه، و هو ذا عياله يجولون ليس أحد يجسر أن يتعرّف إليهم أو ينيلهم شيئا، و إذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتّقوا الله و أمسكوا عن ذلك.

قال الكليني- رحمه الله-: و حدّثني شيخ من أصحابنا- ذهب عنّي اسمه- أنّ أبا عمرو سئل عند أحمد بن إسحاق عن مثل هذا فأجاب بمثل هذا.

ص: 310


1- . الكافي: ص 329 و 330 ب تسمية من رآه عليه السلام؛ غيبة الشيخ: فصل طرف من أخبار السفراء ص 359- 361 ح 322، و في فصل ولادة صاحب الأمر عليه السلام ص 243- 244 ح 209؛ البحار: ج 51 ص 347- 348 ب 16.

868-(1)-

كمال الدين: قال عبد الله بن جعفر الحميري: و خرج التوقيع إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري في التعزية بأبيه رضي الله تعالى عنهما، و في فصل من الكتاب: إنّا لله و إنّا إليه راجعون، تسليما لأمره، و رضاء بقضائه، عاش أبوك سعيدا و مات حميدا، فرحمه الله و ألحقه بأوليائه و مواليه عليهم السلام، فلم يزل مجتهدا في أمرهم، ساعيا فيما يقرّبه الى الله عزّ و جلّ و إليهم، نضر الله وجهه، و أقاله عثرته.

و في فصل آخر: أجزل الله لك الثواب، و أحسن لك العزاء، رزئت و رزئنا، و أوحشك فراقه و أوحشنا، فسرّه الله في منقلبه، و كان من كمال سعادته أن رزقه الله عزّ و جلّ ولدا مثلك يخلفه من بعده، و يقوم مقامه بأمره، و يترحّم عليه، و أقول: الحمد لله، فإنّ الأنفس طيّبة بمكانك، و ما جعله الله عزّ و جلّ فيك و عندك، أعانك الله و قوّاك و عضدك و وفّقك، و كان الله لك وليّا و حافظا و راعيا و كافيا و معينا.

869-(2)-

غيبة الشيخ: و أخبرني جماعة، عن هارون بن موسى، عن محمد بن همّام، [قال:] قال لي عبد الله بن جعفر الحميري: لمّا مضى أبو عمرو- رضي الله تعالى عنه- أتتنا الكتب بالخطّ الذي كنّا نكاتب به بإقامة أبي جعفر- رضي الله عنه- مقامه.

870-(3)- غيبة الشيخ: (و بهذا الاسناد) عن محمد بن همّام، قال: حدّثني محمّد بن حمويه بن عبد العزيز الرازي في سنة ثمانين و مائتين، قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي أنّه خرج إليه بعد وفاة أبي عمرو: و الابن- وقاه الله- لم يزل ثقتنا في حياة الأب- رضي الله عنه و أرضاه و نضر وجهه- يجري عندنا مجراه، و يسدّ مسدّه، و عن أمرنا يأمر الابن، و به يعمل، تولاه الله فانته الى قوله، و عرّف معاملتنا ذلك.

871-(4)-

كمال الدين: و حدّثنا أبو جعفر محمد بن على الاسود- رضي الله عنه- أنّ أبا جعفر العمري- قدّس سرّه- حفر لنفسه قبرا و سوّاه بالساج، فسألته عن ذلك، فقال: للناس أسباب، ثمّ سألته بعد ذلك، فقال: قد امرت أن أجمع أمري، فمات بعد ذلك بشهرين- رضي الله عنه-.

ص: 311


1- . كمال الدين: ج 2 ص 510 ب 45 ح 41؛ غيبة الشيخ: فصل طرف من أخبار السفراء بسنده عن عبد الله بن جعفر ص 361 ح 323؛ الخرائج و الجرائح: ج 3 ص 1112 ح 28، البحار: ج 51 ص 348 و 349 ب 16؛ الاحتجاج: ج 2 ص 300- 301.
2- . غيبة الشيخ: فصل طرف من أخبار السفراء ص 362 ح 324؛ البحار: ج 51 ص 349 ب 16 ح 2.
3- . غيبة الشيخ: الفصل المذكور ص 362 ح 325؛ البحار: ج 51 ص 349 ب 16 ح 2.
4- . كمال الدين: ج 2 ص 502 ب 45 ح 29؛ غيبة الشيخ: فصل طرف من أخبار السفراء ص 365- 366 ح 333 عن ابن بابويه عن جماعة؛ الخرائج و الجرائح: ج 3 ص 1120 ح 36؛ البحار: ج 51 ص 351- 352 ب 16 ضمن الحديث الرابع؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 677 ب 33 ح 74؛ اعلام الورى: ص 422.

872-(1)-

كمال الدين: و أخبرنا محمد بن علي بن متيل، قال:

قال عمّي جعفر بن محمد بن متيل: دعاني أبو جعفر محمد بن عثمان السمّان، المعروف بالعمري- رضي الله عنه- فأخرج إليّ ثويبات معلمة و صرّة فيها دراهم، فقال لي: يحتاج أن تصير [تسير- ظ] بنفسك الى واسط في هذا الوقت، و تدفع ما دفعت إليك الى أوّل رجل يلقاك عند صعودك من المركب الى الشطّ بواسط، قال: فتداخلني من ذلك غمّ شديد، و قلت: مثلي يرسل في هذا الأمر و يحمل هذا الشي ء الوتح (2)،

قال: فخرجت الى واسط، و صعدت من المركب، فأوّل رجل يلقاني سألته عن الحسن بن محمد بن قطاة الصيدلاني، وكيل الوقف بواسط، فقال: أنا هو، من أنت؟ فقلت: أنا جعفر بن محمّد بن متّيل، قال:

فعرفني باسمي و سلّم عليّ و سلّمت عليه، و تعانقنا، فقلت له: أبو جعفر العمري يقرأ عليك السلام و دفع إليّ هذه الثويبات و هذه الصرّة لاسلّمها إليك، فقال: الحمد لله، فإنّ محمّد بن عبد الله الحائري [العامري- خ] قد مات و خرجت لإصلاح كفنه، فحلّ الثياب و إذا فيها ما يحتاج إليه من حبر و ثياب و كافور في الصرّة، و كري الحمّالين و الحفّار، قال: فشيّعنا جنازته و انصرفت.

873-(3)- غيبة الشيخ: أخبرني الحسين بن إبراهيم، عن ابن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن محمّد، قال: حدّثني خالى أبو إبراهيم جعفر بن أحمد النوبختي، قال: قال لي أبي أحمد بن إبراهيم، و عمّي أبو جعفر عبد الله بن إبراهيم، و جماعة من أهلنا- يعني: بني نوبخت-: إنّ أبا جعفر العمري لمّا اشتدّت حاله اجتمع جماعة من وجوه الشيعة، منهم: أبو علي بن همّام، و أبو عبد الله بن محمد الكاتب، و أبو عبد الله الباقطاني، و أبو سهل إسماعيل بن علي النوبختي، و أبو عبد الله بن الوجناء، و غيرهم من الوجوه و الأكابر، فدخلوا على أبي جعفر- رضي الله عنه- فقالوا له: إن حدث أمر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم: هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي، القائم مقامي، و السفير بينكم و بين صاحب الأمر عليه السلام، و الوكيل، و الثّقة الأمين، فارجعوا إليه في اموركم، و عوّلوا عليه في مهمّاتكم، فبذلك امرت، و قد بلّغت.

ص: 312


1- . كمال الدين: ج 2 ص 504 ب 45 ح 35؛ الخرائج و الجرائح: باب العلامات السارّة ... ص 1119 ح 35،؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 314 و 315 ب 33 ح 79؛ البحار: ج 51 ص 336- 337 ب 15 ح 63.
2- . الوتح: القليل من كلّ شي ء. لسان العرب: ج 2 ص 628 مادّة «وتح».
3- . غيبة الشيخ: فصل طرف من أخبار السفراء ص 371- 372 ح 342؛ البحار: ج 51 ص 355 ب 16 ح 6.

874-(1)-

غيبة الشيخ: و سأله (أي الحسين بن روح) بعض المتكلّمين، و هو المعروف بترك الهروي، فقال له: كم بنات رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم؟ فقال: أربع، قال: فأيّتهنّ أفضل؟ فقال:

فاطمة عليها السلام، فقال: و لم صارت أفضل و كانت أصغرهنّ سنّا، و أقلّهنّ صحبة لرسول الله صلّى الله عليه و آله؟ قال: لخصلتين خصّها الله بهما تطوّلا عليها، و تشريفا و إكراما لها: إحداهما أنّها ورثت رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و لم يرث غيرها من ولده، و الاخرى أنّ الله تعالى أبقى نسل رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم منها و لم يبقه من غيرها، و لم يخصّصها بذلك إلّا لفضل إخلاص عرفه من نيّتها، قال الهروي: فما رأيت أحدا تكلّم و أجاب في هذا الباب بأحسن و لا أوجز من جوابه.

875-(2)-

غيبة الشيخ: و أخبرني جماعة، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، قال: حدثني جماعة من أهل بلدنا المقيمين كانوا ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة على الحاجّ و هي سنة تناثر الكواكب، أنّ والدي- رضي الله عنه- كتب الى الشيخ أبي القاسم الحسين بنروح- رضي الله عنه- يستأذن في الخروج الى الحجّ، فخرج فى الجواب: لا تخرج في هذه السنة، فأعاد فقال: هو نذر واجب، أ فيجوز لي القعود عنه؟ فخرج الجواب: إن كان لا بدّ فكن في القافلة الأخيرة، فكان في القافلة الأخيرة، فسلم بنفسه و قتل من تقدّمه في القوافل الأخر.

876-(3)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني- رضي الله عنه- قال: كنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح- قدّس الله روحه- مع جماعة فيهم علي بن عيسى القصري، فقام إليه رجل، فقال له: إنّي اريد أن أسألك عن شي ء، فقال له: سل عمّا بدا لك، فقال الرجل: أخبرني عن الحسين بن علي عليهما السلام أ هو وليّ الله؟ قال: نعم، قال: أخبرني عن قاتله أ هو عدوّ الله؟ قال: نعم، قال الرجل: فهل يجوز أن يسلّط الله عزّ و جلّ عدوّه على وليّه؟ فقال له أبو القاسم الحسين بن روح- قدس الله روحه-: افهم عنّي ما أقول لك،

ص: 313


1- . غيبة الشيخ: فصل طرف من أخبار السفراء ص 388 ح 353؛ البحار: ج 43 ص 37 ب 2 ذيل ح 40 و فيه: «بزل الهروي»، المناقب: ج 3 ص 323 و 324 ب مناقب فاطمة الزهراء عليها السلام و فيه أيضا: «بزل الهروي» و يحتمل وقوع التصحيف و أنّ الأصل كان «بديل بن أحمد الهروي» لكنّه على ما ذكره الفيروزآبادي محدّث و الله أعلم.
2- . غيبة الشيخ: ص 322 ح 270؛ البحار: ج 51 ص 293 ب 15 ح 1؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 692 ب 33 ح 110.
3- . كمال الدين: ج 2 ص 507- 509 ب 45 ح 37؛ غيبة الشيخ: ص 321- 322 ح 269 و ص 324- 326 ح 273 فصل طرف من أخبار السفراء ح 33؛ البحار: ج 44 ص 273 و 274 ب 33 ح 1؛ علل الشرائع: ج 1 ص 241- 243 ب 177 ح 1؛ الاحتجاج: ج 2 ص 285- 288 و ص 471- 473 طبع بيروت.

اعلم أنّ الله عزّ و جلّ لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان، و لا يشافههم بالكلام، و لكنّه جلّ جلاله يبعث إليهم رسلا من أجناسهم و أصنافهم بشرا مثلهم، و لو بعث إليهم رسلا من غير صنفهم و صورهم لنفروا عنهم و لم يقبلوا منهم، فلمّا جاءوهم و كانوا من جنسهم يأكلون الطعام و يمشون في الأسواق قالوا لهم: أنتم بشر مثلنا، و لا نقبل منكم حتّى تأتوننا بشي ء نعجز أن نأتي بمثله، فنعلم أنّكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه، فجعل الله عزّ و جلّ لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها، فمنهم من جاء بالطوفان بعد الإنذار و الإعذار، فغرق جميع من طغى و تمرّد، و منهم من القي في النار فكانت بردا و سلاما، و منهم من أخرج من الحجر الصلد ناقة و أجرى من ضرعها لبنا، و منهم من فلق له البحر، و فجّر له من الحجر العيون، و جعل له العصا اليابسة ثعبانا تلقف ما يأفكون، و منهم من أبرأ الاكمه و الأبرص و أحيى الموتى بإذن الله، و أنبأهم بما يأكلون و ما يدّخرون في بيوتهم، و منهم من انشقّ له القمر، و كلّمته البهائم مثل البعير و الذئب و غير ذلك، فلمّا أتوا بمثل ذلك و عجز الخلق عن أمرهم و عن أن يأتوا بمثله كان من تقدير الله عزّ و جلّ و لطفه بعباده و حكمته أن جعل أنبياءه عليهم السلام مع هذه القدرة و المعجزات في حالة غالبين و في أخرى مغلوبين، و في حال قاهرين و في اخرى مقهورين، و لو جعلهم الله عزّ و جلّ في جميع أحوالهم غالبين و قاهرين و لم يبتلهم و لم يمتحنهم لاتّخذهم الناس آلهة من دون الله عزّ و جلّ، و لما عرف فضل صبرهم على البلاء و المحن و الاختبار، و لكنّه عزّ و جلّ جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم، ليكونوا في حال المحنة و البلوى صابرين، و في حال العافية و الظهور على الأعداء شاكرين، و يكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين و لا متجبّرين، و ليعلم العباد أنّ لهم عليهم السلام إلها هو خالقهم و مدبّرهم فيعبدوه، و يطيعوا رسله، و تكون حجّة الله ثابتة على من تجاوز الحدّ فيهم و ادّعى لهم الربوبيّة، أو عاند أو خالف و عصى و جحد بما أتت به الرسل و الأنبياء عليهم السلام، لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ.

قال محمّد بن إبراهيم بن اسحاق- رضي الله عنه- فعدت إلى الشيخ أبي القاسم بن روح- قدّس الله روحه- من الغد و أنا أقول في نفسي: أ تراه ذكر ما ذكر لنا يوم أمس من عند نفسه، فابتدأني فقال لي:يا محمّد بن إبراهيم! لأن أخرّ من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق أحبّ إليّ من أن أقول في دين الله عزّ و جلّ برأيي أو من عند نفسي، بل ذلك عن الأصل، و مسموع عن الحجّة صلوات الله عليه و سلامه.

ص: 314

877-(1)-

غيبة الشيخ: و أخبرني جماعة، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن بابويه القمّي، قال: حدّثني جماعة من أهل قم، منهم: علي بن بابويه، قال: حدّثني جماعة من أهل قم منهم: عمران الصفّار، و قريبه علوية الصفّار، و الحسين بن أحمد بن عليّ بن أحمد بن إدريس- رحمهم الله- قالوا: حضرنا بغداد في السنة التي توفي فيها أبي علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، و كان أبو الحسن علي بن محمّد السمري- قدّس سرّه- يسألنا كلّ قريب عن خبر على بن الحسين- رحمه الله- فنقول: قد ورد الكتاب باستقلاله، حتّى كان اليوم الذي قبض فيه فسألنا عنه فذكرنا له مثل ذلك، فقال: آجركم الله في عليّ بن الحسين، فقد قبض في هذه الساعة. قالوا: فأثبتنا تأريخ الساعة و اليوم و الشهر، فلمّا كان بعد سبعة عشر يوما أو ثمانية عشر يوما ورد الخبر أنّه قبض في تلك الساعة التي ذكرها الشيخ أبو الحسن- قدّس سرّه-.

878-(2)-

كمال الدين: حدّثنا أبو محمّد؛ الحسن بن أحمد المكتّب، قال: كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمد السمري- قدّس الله روحه- فحضرته قبل وفاته بأيّام، فأخرج إلىالناس توقيعا نسخته:

ص: 315


1- . غيبة الشيخ: ص 395- 396 ح 366، و في بعض النسخ: «قرينه»؛ كمال الدين: ج 2 ص 503 ب 45 ح 32؛ رجال النجاشي: ص 262 برقم 684؛ فرج المهموم: ص 130؛ إعلام الورى: ص 422- 423 ب 3 ف 2؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 693 ف 12 ب 33 ح 113 و فيه: «هرثمة بن العلوية»؛ البحار: ج 51 ص 361 ب 16 ح 8؛ الخرائج و الجرائح: ج 3 ص 1128 ح 45 مختصرا.
2- . كمال الدين: ج 2 ص 516 ب 45 ح 44؛ غيبة الشيخ: ص 395 ح 365؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 3 ف 2 و فيه: «و سيأتي شيعتي»؛ الخرائج و الجرائح: ج 3 ص 1128 ح 6 ط مؤسّسة الإمام المهديّ عليه السلام؛ البحار: ج 51 ص 360 و 361 ب 16 ح 7؛ جنّة المأوى المطبوع مع المجلّد 53 من البحار: ص 318. أقول: في بعض نسخ كمال الدين و سائر الكتب: «فقد وقعت الغيبة التامّة»، و في اصل النسخة المطبوعة من غيبة الشيخ: «و سيأتي لشيعتي»، و في الخرائج و جنّة المأوى: «و سيأتي من شيعتي»، و في بعض الكتب: «و سيأتي في شيعتي»، هذا و ربّما يقال بأنّ هذا التوقيع بظاهره ينافي الحكايات الكثيرة المتواترة القطعيّة التي لا يمكن احصاؤها لكثرتها، و تدلّ على وقوع المشاهدة، و تشرّف البعض بدرك فيض زيارته و محضره، و ينافي أيضا ما اتّفق الكلّ عليه ظاهرا حتى الصدوق ناقل هذا التوقيع من مشاهدة جماعة كثيرة إيّاه، و قد ذكروا لرفع التنافي أو الجواب عن هذا الخبر وجوها، ذكر الستة منها في جنّة المأوى، منها: ما عن المجلسي في البحار و غيره، و هو أنّ سياق الخبر يشهد بأنّ المراد من ادّعاء المشاهدة ادّعاؤها مع النيابة و السفارة، و ايصال الأخبار من جانبه الى الشيعة على مثال السفراء في الغيبة الصغرى، و هذا الوجه قريب جدا، و منها: أنّه خبر واحد مرسل ضعيف، لم يعمل به ناقله و هو الصدوق في الكتاب المذكور، و أعرض الاصحاب عنه، فلا يعارض تلك الوقائع و القصص التي يحصل القطع عن مجموعها، بل من بعضها المتضمّن لكرامات و مفاخر لا يمكن صدورها من غيره عليه السلام. إثبات الهداة: ج 3 ص 693 ف 3 ب 33 ح 112 مختصرا؛ الاحتجاج: ج 2 ص 478 طبع بيروت.

بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي بن محمد السمري! أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنّك ميّت ما بينك و بين ستّة أيّام، فاجمع أمرك، و لا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة الثانية [التامّة- خ]، فلا ظهور إلّا بعد إذن الله عزّ و جلّ، و ذلك بعد طول الأمد، و قسوة القلوب، و امتلاء الأرض جورا، و سيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني و الصيحة فهو كاذب مفتر، و لا حول و لا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.

قال: فنسخنا هذا التوقيع و خرجنا من عنده، فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه و هو يجود بنفسه، فقيل له: من وصيّك من بعدك؟

فقال: لله أمر هو بالغه، و مضى- رضي الله عنه فهذا آخر كلام سمع منه.

879-(1)-

غيبة الشيخ: و أخبرني محمّد بن محمّد بن النعمان و الحسين بن عبيد الله، عن أبي عبد الله، أحمد بن محمّد الصفواني، قال: أوصى الشيخ أبو القاسم- رضي الله عنه- الى أبي الحسن، علي بن محمد السمري- رضي الله عنه- فقام بما كان الى أبي القاسم، فلمّا حضرته الوفاة حضرت الشيعة عنده، و سألته عن الموكّل بعده، و لمن يقوم مقامه، فلم يظهر شيئا من ذلك، و ذكر أنّه لم يؤمر بأن يوصي إلى أحد بعده في هذا الشأن.

880-(2)-

رجال الكشي: جعفر بن معروف الكشّي، قال: كتب أبو عبد الله البلخي إليّ، يذكر عن الحسين بن روح القمّي أنّ أحمد بن إسحاق كتب إليه يستأذنه في الحجّ، فأذن له و بعث إليه بثوب، فقال أحمد بن إسحاق: نعى إليّ نفسي، فانصرف من الحج فمات بحلوان.

و يدلّ عليه أيضا الأحاديث 789، 793، 811، 812، 821، 822، 825، 849، 861.

ص: 316


1- . غيبة الشيخ: ص 394 ح 363؛ البحار: ج 51 ص 360 ب 16؛ إعلام الورى: ص 417 ب 3 ف 1.
2- . رجال الكشي: ص 557 رقم 1052 طبع جامعة مشهد، إثبات الهداة: ج 7 ص 363 ف 12 ب 33 ح 148؛ معجم رجال الحديث: ج 2 ص 49 برقم 433؛ البحار: ج 51 ص 306 ب 15 ح 21.

الباب السادس في حالاته و معجزاته في الغيبة الكبرى، و ذكر بعض من تشرّف بزيارته و فيه فصلان

الفصل الأول في معجزاته في الغيبة الكبرى و فيه 15 حديثا

881- 882-(1)-

كشف الغمة: أنا أذكر من ذلك قصّتين قرب عهدهما من زماني، و حدّثني بهما جماعة من ثقات إخواني.

كان في البلاد الحليّة شخص يقال له إسماعيل بن الحسن الهرقلي، من قرية يقال لها: هرقل، مات في زماني و ما رأيته، حكى لي ولده شمس الدين، قال: حكى لي والدي أنّه خرج فيه- و هو شابّ- على فخذه الأيسر توثة مقدار قبضة الإنسان و كانت في كلّ ربيع تشقّق و يخرج منها دم و قيح، و يقطعه ألمها عن كثير من أشغاله، و كان مقيما بهرقل فحضر الحلّة يوما و دخل الى مجلس السعيد رضى الدين على بن طاوس- رحمه الله- و شكا إليه ما يجده منها، و قال: اريد أن أداويها، فأحضر له أطبّاء الحلّة و أراهم الموضع، فقالوا: هذه التوثة فوق العرق الأكحل، و علاجها خطر، و متى قطعت خيف أن ينقطع العرق فيموت، فقال له السعيد رضي الدين- قدس روحه-: أنا متوجّه الى بغداد، و ربّما كان أطباؤها أعرف و أحذق من هؤلاء فاصحبني، فأصعد معه و أحضر الأطباء، فقالوا كما قال اولئك، فضاق صدره، فقال له السعيد: إنّ الشرع قد فسح لك في الصلاة في هذه الثياب، و عليك الاجتهاد في الاحتراس، و لا تغرّر بنفسك فالله تعالى قد نهى عن ذلك و رسوله، فقال له والدي: إذا كان الأمر على ذلك و قد وصلت الى بغداد فأتوجّه الى زيارة المشهد الشريف بسرّمن رأى على مشرّفه السلام، ثم أنحدر إلى أهلي، فحسّن له ذلك، فترك ثيابه و نفقته عند السعيد رضي الدين و توجّه، قال: فلمّا دخلت المشهد وزرت الأئمة عليهم السلام، نزلت السرداب و استغثت بالله تعالى و بالإمام عليه السلام، و قضيت بعض الليل في السرداب، و بتّ في المشهد إلى الخميس، ثمّ مضيت إلى دجلة و اغتسلت و لبست ثوبا نظيفا، و ملأت إبريقا كان معي، و صعدت أريد المشهد، فرأيت أربعة فرسان خارجين من باب السور، و كان حول المشهد قوم من الشرفاء يرعون أغنامهم فحسبتهم منهم، فالتقينا فرأيت شابّين أحدهما عبد مخطوط، و كلّ واحد منهم متقلّد بسيف، و شيخا منقّبا بيده رمح، و الآخر متقلّد بسيف، و عليه فرجيّة ملوّنة فوق السيف و هو متحنّك بعذبته، فوقف الشيخ صاحب الرمح يمين الطريق و وضع كعب الرمح في الأرض، و وقف الشابّان عن يسار الطريق، و بقي صاحب الفرجيةعلى الطريق مقابل والدي، ثمّ سلّموا عليه، فردّ عليهم السلام، فقال له صاحب الفرجيّة: أنت غدا تروح الى أهلك؟ فقال: نعم، فقال له: تقدّم حتّى أبصر ما يوجعك؟ قال: فكرهت ملامستهم، و قلت

ص: 317


1- . كشف الغمة: ج 2 ص 493- 497؛ البحار: ج 52 ص 61- 66 ب 18 ح 51؛ الأنوار النعمانية: ج 2 ص 44- 46.

في نفسي: أهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة و أنا قد خرجت من الماء و قميصي مبلول، ثمّ إنّي بعد ذلك تقدّمت إليه فلزمني بيده و مدّني إليه، و جعل يلمس جانبي من كتفي الى أن أصابت يده التوثة فعصرها بيده، فأوجعني، ثمّ استوى في سرجه كما كان، فقال لي الشيخ:

أفلحت يا إسماعيل فعجبت من معرفته باسمي، فقلت: أفلحنا و أفلحتم إن شاء الله، قال: فقال لي الشيخ: هذا هو الإمام، قال: فتقدّمت إليه فاحتضنته و قبّلت فخذه.

ثمّ إنّه ساق و أنا أمشي معه محتضنه، فقال: ارجع، فقلت:

لا أفارقك أبدا، فقال: المصلحة رجوعك، فأعدت عليه مثل القول الأوّل، فقال الشيخ: يا إسماعيل! ما تستحيي؟ يقول لك الإمام مرّتين ارجع و تخالفه؟ فجبهني بهذا القول، فوقفت، فتقدّم خطوات و التفت إليّ، و قال: إذا وصلت بغداد فلا بدّ أن يطلبك أبو جعفر- يعني الخليفة المستنصر- رحمه الله- فإذا حضرت عنده و أعطاك شيئا فلا تأخذه، و قل لولدنا الرضي ليكتب لك إلى علي بن عوض، فإنّني أوصيه يعطيك الذي تريد، ثم سار و أصحابه معه، فلم أزل قائما أبصرهم إلى أن غابوا عنّي، و حصل عندي أسف لمفارقته، فقعدت إلى الأرض ساعة ثمّ مشيت إلى المشهد، فاجتمع القوّام حولي و قالوا: نرى وجهك متغيّرا أوجعك شي ء؟ قلت: لا، قالوا: أخاصمك أحد؟ قلت: لا، ليس عندي ممّا تقولون خبر، لكن أسألكم هل عرفتم الفرسان الذين كانوا عندكم؟

فقالوا: هم من الشرفاء أرباب الغنم، فقلت: لا، بل هو الإمام عليه السلام، فقالوا: الإمام هو الشيخ أو صاحب الفرجية؟ فقلت: هو صاحب الفرجيّة، فقالوا: أريته المرض الذي فيك؟ فقلت: هو قبضه بيده و أوجعني، ثمّ كشفت رجلي فلم أر لذلك المرض أثرا، فتداخلني الشكّ من الدهش، فأخرجت رجلي الاخرى فلم أر شيئا، فانطبق الناس عليّ و مزّقوا قميصي، فأدخلني القوّام خزانة و منعوا الناس عنّي، و كان ناظر بين النهرين بالمشهد، فسمع الضجّة و سأل عن الخبر فعرّفوه، فجاء الى الخزانة و سألني عن اسمي، و سألني منذ كم خرجت من بغداد، فعرّفته أنّي خرجت في أوّل الاسبوع، فمشى عنّي و بتّ في المشهد و صلّيت الصبح و خرجت و خرج الناس معي إلى أن بعدت عن المشهد، و رجعوا عنّي، و وصلت إلى أوانا فبتّ بها، و بكرت منها أريد بغداد فرأيت الناس مزدحمين على القنطرة العتيقة، يسألون من ورد عليهم من اسمه و نسبه و أين كان، فسألوني عن اسمي و من أين جئت، فعرّفتهم فاجتمعوا عليّ و مزّقوا ثيابي و لم يبق لي في روحي حكم، و كان ناظر بين النهرين كتب الى بغداد و عرّفهم الحال، ثمّ حملوني إلى بغداد، و ازدحم الناس عليّ و كادوا يقتلونني من كثرة الزحام،و كان الوزير القمّي- رحمه الله تعالى- قد طلب السعيد رضي الدين رحمه الله، و تقدّم أن يعرّفه صحّة هذا الخبر.

قال: فخرج رضي الدين و معه جماعة فوافينا باب النوبي، فردّ أصحابه الناس عنّي، فلمّا رآني قال: أ عنك يقولون؟ قلت: نعم، فنزل عن دابّته و كشف عن فخذي فلم ير شيئا، فغشي عليه ساعة و أخذ بيدي و أدخلني

ص: 318

على الوزير و هو يبكي، و يقول: يا مولانا! هذا أخي، و أقرب الناس إلى قلبي، فسألني الوزير عن القصّة، فحكيت له، فأحضر الأطبّاء الذين أشرفوا عليها و أمرهم بمداواتها، فقالوا: ما دواءها إلّا القطع بالحديد، و متى قطعها مات، فقال لهم الوزير: فبتقدير أن تقطع و لا يموت في كم تبرأ؟ فقالوا: في شهرين، و تبقى في مكانها حفيرة بيضاء لا ينبت فيها شعر، فسألهم الوزير: متى رأيتموه؟ قالوا: منذ عشرة أيّام، فكشف الوزير عن الفخذ الذي كان فيه الألم و هي مثل اختها ليس فيها أثر أصلا، فصاح أحد الحكماء: هذا عمل المسيح، فقال الوزير:

حيث لم يكن عملكم فنحن نعرف من عملها.

ثم إنّه احضر عند الخليفة المستنصر- رحمه الله تعالى- فسأله عن القصّة فعرّفه بها كما جرى، فتقدّم له بألف دينار، فلمّا حضرت قال:

خذ هذه فأنفقها، فقال: ما أجسر آخذ منه حبّة واحدة، فقال الخليفة:

ممّن تخاف؟ فقال: من الذي فعل معي هذا، قال: لا تأخذ من أبي جعفر شيئا، فبكى الخليفة و تكدّر و خرج من عنده و لم يأخذ شيئا.

قال أفقر عباد الله تعالى إلى رحمته علي بن عيسى- عفا الله عنه-:

كنت في بعض الأيّام أحكي هذه القصّة لجماعة عندي، و كان هذا شمس الدين محمّد ولده عندي، و أنا لا أعرفه، فلمّا انقضت الحكاية قال: أنا ولده لصلبه، فعجبت من هذا الاتّفاق، و قلت: هل رأيت فخذه و هي مريضة؟ فقال: لا لأنّي أصبوا عن ذلك، و لكنّي رأيتها بعد ما صلحت و لا أثر فيها، و قد نبت في موضعها شعر، و سألت السيّد صفي الدين محمّد بن محمّد بن بشر العلوي الموسوي، و نجم الدين حيدر بن الأيسر- رحمهما الله تعالى- و كانا من أعيان الناس و سراتهم و ذوي الهيئات منهم، و كانا صديقين لي و عزيزين عندي، فأخبراني بصحّة هذه القصّة، و أنّهما رأياها في حال مرضها و حال صحّتها. و حكى لي ولده هذا أنّه كان بعد ذلك شديد الحزن لفراقه عليه السلام، حتّى إنّه جاء الى بغداد و أقام بها في فصل الشتاء، و كان كلّ أيّامه يزور سامراء و يعود الى بغداد فزارها في تلك السنة أربعين مرّة طمعا أن يعود له الوقت الذي مضى أو يقضي له الحظّ بما قضى، و من الذي أعطاه دهرهالرضا، أو ساعده بمطالبه صرف القضاء، فمات- رحمه الله- بحسرته، و انتقل الى الآخرة بغصّته، و الله يتولاه و إيّانا برحمته بمنّه و كرامته.

و حكى لي السيّد باقي بن عطوة العلوي الحسيني أن أباه عطوة كان به أدرة، و كان زيدي المذهب، و كان ينكر على بنيه الميل إلى مذهب الإماميّة، و يقول: لا اصدّقكم و لا أقول بمذهبكم حتى يجي ء صاحبكم- يعني المهدي- فيبرئني من هذا المرض، و تكرّر هذا القول منه، فبينا نحن مجتمعون عند وقت عشاء الآخرة إذا أبونا يصيح و يستغيث بنا؛ فأتيناه سراعا، فقال: الحقوا صاحبكم، فالساعة خرج من عندي، فخرجنا فلم نر أحدا، فعدنا إليه و سألناه، فقال: إنّه دخل إليّ شخص، و قال:

ص: 319

يا عطوة! فقلت: من أنت؟ فقال: أنا صاحب بنيك، قد جئت لابرئك ممّا بك، ثمّ مدّ يده فعصر قروتي و مشى، و مددت يدي فلم أر لها أثرا، قال لي ولده: و بقي مثل الغزال ليس به قلبة، و اشتهرت هذه القصّة، و سألت عنها غير ابنه فأخبر عنها فأقرّ بها.

و الأخبار عنه عليه السلام في هذا الباب كثيرة، و أنّه رآه جماعة قد انقطعوا في طرق الحجاز و غيرها فخلّصهم، و أوصلهم الى حيث أرادوا، و لو لا التطويل لذكرت منها جملة، و لكن هذا القدر الذي قرب عهده من زماني كاف.

883-(1)-

جنّة المأوى: الحكاية الثانية و الثلاثون: في شهر جمادى الاولى من سنة ألف و مائتين و تسعة و تسعين، ورد الكاظمين عليهما السلام رجل اسمه آقا محمّد مهدي، و كان من قاطني بندر ملومين من بنادر ماجين و ممالك برمه، و هو الآن في تصرّف الإنجريز، و من بلدة كلكتة قاعدة سلطنة ممالك الهند، إليه مسافة ستّة أيّام من البحر مع المراكب الدخانيّة، و كان أبوه من أهل شيراز و لكنّه ولد و تعيّش في البندر المذكور، و ابتلي قبل التاريخ المذكور بثلاث سنين بمرض شديد، فلمّا عوفي منه بقي أصمّ أخرس، فتوسّل لشفاء مرضه بزيارة أئمّة العراق عليهم السلام، و كان له أقارب في بلدة الكاظمين عليهما السلام من التجّار المعروفين، فنزل عليهم و بقي عندهم عشرين يوما، فصادف وقت حركة مركب الدخان إلى سرّ من رأى لطغيان الماء، فأتوا به إلى المركب و سلّموه الى راكبيه، و هم من أهل بغداد و كربلاء، و سألوهم المراقبة في حاله و النظر في حوائجه، لعدم قدرته على إبرازها، و كتبوا الى بعض المجاورين من أهل سامراء للتوجّه في اموره.

فلمّا ورد تلك الأرض المشرّفة و الناحية المقدّسة، أتى إلى السرداب المنوّر بعد الظهر من يوم الجمعة العاشر من جمادى الآخرة من السنة المذكورة، و كان فيه جماعة من الثقات و المقدّسين، إلىأن أتى إلى الصفّة المباركة فبكى و تضرّع فيها زمانا طويلا، و كان يكتب قبيله حاله على الجدار، و يسأل من الناظرين الدعاء و الشفاعة، فما تمّ بكاؤه و تضرّعه إلّا و قد فتح الله تعالى لسانه، و خرج بإعجاز الحجّة عليه السلام من ذلك المقام المنيف مع لسان ذلق، و كلام فصيح، و أحضر في يوم السبت في محفل تدريس سيّد الفقهاء و شيخ العلماء رئيس الشيعة، و تاج الشريعة، المنتهية إليه رئاسة الإماميّة، سيّدنا الأفخم و استاذنا الأعظم الحاجّ الآميرزا محمّد حسن الشيرازي متّع الله المسلمين بطول بقائه، و قرأ عنده متبرّكا السورة المباركة الفاتحة بنحو أذعن الحاضرون بصحّته و حسن قراءته، و صار يوما مشهودا و مقاما محمودا.

و في ليلة الأحد و الاثنين اجتمع العلماء و الفضلاء في الصحن الشريف فرحين مسرورين، و أضاءوا فضاءه من المصابيح و القناديل، و نظموا القصّة و نشروها في البلاد، و كان معه في المركب مادح أهل البيت عليهم السلام

ص: 320


1- . جنّة المأوى المطبوع مع المجلّد 53 من البحار: ص 265- 269.

الفاضل اللبيب الحاجّ ملّا عباس الصفّار الزنوزي البغدادي، فقال و هو من قصيدة طويلة، و رآه مريضا و صحيحا:

و في عامها جئت و الزائرين *** الى بلدة سرّ من قد رآها

رأيت من الصين فيها فتى *** و كان سميّ إمام هداها

يشير إذا ما أراد الكلام *** و للنفس منه ...(1) براها

و قد قيّد السقم منه الكلام *** و أطلق من مقلتيه دماها

فوافا إلى باب سرداب من *** به الناس طرّا ينال مناها

يروم بغير لسان يزور *** و للنفس منه دهت بعناها

و قد صار يكتب فوق الجدار *** ما فيه للروح منه شفاها

أروم الزيارة بعد الدعاء *** ممّن رأى أسطري و تلاها

لعلّ لساني يعود الفصيح *** و عليّ أزور و أدعو الإلها

إذا هو في رجل مقبل *** تراه ورى البعض من أتقياها

تأبط خير كتاب له *** و قد جاء من حيث غاب ابن طه

فأومى إليه ادع ما قد كتب *** و جاء فلمّا تلاه دعاها

و أوصى به سيّدا جالسا *** أن ادعوا له بالشفاء شفاها

فقام و أدخله غيبة الإ *** مام المغيّب من أوصياها

و جاء إلى حفرة الصفّة *** التي هي للعين نور ضياها

و أسرج آخر فيها السراج *** و أدناه من فمه ليراها

هناك دعا الله مستغفرا *** و عيناه مشغولة ببكاها

و مذ عاد منها يريد الصلاة *** قد عاود النفس منه شفاها

ص: 321


1- . كذا في المصدر.

و قد أطلق الله منه اللسان *** و تلك الصلاة أتمّ أداها

و لمّا بلغ الخبر إلى خرّيت صناعة الشعر، السيّد المؤيد، الأديب اللبيب، فخر الطالبيّين، و ناموس العلويّين، السيد حيدر بن السيّد سليمان الحلّي- أيّده الله تعالى- بعث الى سرّ من رأى كتابا صورته:

بسم الله الرحمن الرحيم، لمّا هبّت من الناحية المقدّسة نسمات كرم الإمامة فنشرت نفحات عبير هاتيك الكرامة، فأطلقت لسان زائرها من اعتقاله عند ما قام عندها في تضرّعه و ابتهاله، أحببت أن أنتظم في سلك من خدم تلك الحضرة، في نظم قصيدة تتضمّن بيان هذا المعجز العظيم و نشره، و أن أهنّئ علامة الزمن و غرّة وجهه الحسن، فرع الأراكة المحمّديّة، و منار الملّة الأحمديّة، علم الشريعة، و إمام الشيعة، لأجمع بين العبادتين في خدمة هاتين الحضرتين، فنظمت هذه القصيدة الغرّاء، و أهديتها إلى دار إقامته و هي سامرّاء، راجيا أن تقع موقع القبول، فقلت و من الله بلوغ المأمول:

كذا يظهر المعجز الباهر *** و يشهده البرّ و الفاجر

و تروى الكرامة مأثورة *** يبلّغها الغائب الحاضر

يقرّ لقوم بها ناظر *** و يقذي لقوم بها ناظر

فقلب لها ترحا واقع *** و قلب بها فرحا طائر

أجل طرف فكرك يا مستدلّ *** و أنجد بطرفك يا غائر

تصفّح مآثر آل الرسول *** و حسبك ما نشر الناشر

و دونكه نبأ صادقا *** لقلب العدوّ هو الباقر

فمن صاحب الأمر أمس استبان *** لنا معجز أمره باهر

بموضع غيبته مذ ألمّ *** أخو علّة داؤها ظاهر

رمى فمه باعتقال اللسان *** رام هو الزمن الغادر

فأقبل ملتمسا للشفاء *** لدى من هو الغائب الحاضر

و لقّنه القول مستأجر *** عن القصد فى أمره جائر

فبيناه في تعب ناصب *** و من ضجر فكره حائر

إذ انحلّ من ذلك الاعتقال *** و بارحه ذلك الضائر

فراح لمولاه في الحامدين *** و هو لآلائه ذاكر

ص: 322

لعمري لقد مسحت داءه *** يد كلّ خلق لها شاكر

يد لم تزل رحمة للعباد *** لذلك أنشأها الفاطر

تحدّر و إن كرهت أنفس *** يضيق شجى صدرها الواغر

و قل إنّ قائم آل النبيّ *** له النهي و هو هوالآمر

أ يمنع زائره الاعتقال *** ممّا به ينطق الزائر

و يدعوه صدقا إلى حلّه *** و يقضي على أنّه القادر

و يكبو مرجّيه دون الغياث *** و هو يقال به العاثر

فحاشاه بل هو نعم المغيث *** إذا نضنض الحارث الفاغر

فهذي الكرامة لا ما غدا *** يلفّقه الفاسق الفاجر

أدم ذكرها يا لسان الزمان *** و في نشرها فمك العاطر

و هنّ بها سرّ من را و من *** به ربعها آهل عامر

هو السيد الحسن المجتبى *** خضمّ الندى غيثه الهامر

و قل يا تقدّست من بقعة *** بها يهب الزلّة الغافر

كلا اسميك في الناس باد له *** بأوجههم أثر ظاهر

فأنت لبعضهم سرّ من *** رأى و هو نعت لهم ظاهر

فأنت لبعضهم ساء من *** رأى و به يوصف الخاسر

لقد أطلق الحسن المكرمات *** محيّاك فهو بهيّ سافر

فأنت حديقة زهو به *** و أخلافه روضك الناضر

عليم تربّى بحجر الهدى *** و نسج التقى برده الطاهر

... إلى أن قال- سلّمه الله تعالى-:

كذا فلتكن عترة المرسلين *** و إلّا فما الفخر يا فاخر

ص: 323

884-(1)- تنبيه الخواطر (المعروف بمجموعة ورّام): حدثني السيّد الأجلّ الشريف أبو الحسن علي بن إبراهيم العريضي العلوي الحسيني، قال: حدّثني علي بن نما، قال: حدّثني أبو محمّد الحسن بن علي بن حمزة الأقساني في دار الشريف علي بن جعفر بن علي المدائني العلوي، قال:

كان بالكوفة شيخ قصّار، و كان موسوما بالزهد، منخرطا في سلك السياحة، متبتّلا للعبادة، مقتفيا للآثار الصالحة، فاتّفق يوما أنّني كنت بمجلس والدي و كان هذا الشيخ يحدّثه و هو مقبل عليه، قال: كنت ذات ليلة بمسجد جعفي، و هو مسجد قديم، و قد انتصف الليل و أنا بمفردي فيه للخلوة و العبادة،فإذا أقبل عليّ ثلاثة أشخاص فدخلوا المسجد، فلمّا توسّطوا صرحته جلس أحدهم ثمّ مسح الأرض بيده يمنة و يسرة، فحصحص الماء و نبع، فأسبغ الوضوء منه ثم أشار إلى الشخصين الآخرين بإسباغ الوضوء فتوضّئا، ثمّ تقدّم فصلّى بهما إماما، فصلّيت معهم مؤتمّا به، فلمّا سلّم و قضى صلاته بهرني حاله، و استعظمت فعله من إنباع الماء، فسألت الشخص الذي كان منهما إلى يميني عن الرجل، فقلت له: من هذا؟ فقال لي: هذا صاحب الأمر ولد الحسن عليه السلام، فدنوت منه و قبّلت يديه، و قلت له: يا ابن رسول الله صلّى الله عليه و آله! ما تقول في الشريف عمر بن حمزة، هل هو على الحقّ؟

فقال: لا، و ربّما اهتدى، إلّا أنّه ما يموت حتّى يراني، فاستطرفنا هذا الحديث، فمضت برهة طويلة فتوفّي الشريف عمر و لم يشع أنّه لقيه، فلمّا اجتمعت بالشيخ الزاهد ابن نادية أذكرته بالحكاية التي كان ذكرها، و قلت له مثل الرادّ عليه: أ ليس كنت ذكرت أنّ هذا الشريف عمر لا يموت حتى يرى صاحب الأمر الذي أشرت إليه، فقال لي: و من أين لك أنّه لم يره؟ ثمّ إنّني اجتمعت فيما بعد بالشريف أبى المناقب ولد الشريف عمر بن حمزة و تفاوضنا أحاديث والده، فقال: إنّا كنّا ذات ليلة في آخر الليل عند والدي و هو في مرضه الذي مات فيه، و قد سقطت قوّته و خفت صوته و الأبواب مغلقة علينا إذ دخل علينا شخص هبناه و استطرفنا دخوله و ذهلنا عن سؤاله، فجلس الى جنب والدي و جعل يحدّثه مليّا و والدي يبكي، ثمّ نهض، فلمّا غاب عن أعيننا تحامل والدي و قال: أجلسوني، فأجلسناه و فتح عينيه و قال: أين الشخص الذي كان عندي؟ فقلنا: خرج من حيث أتى، فقال: اطلبوه، فذهبنا في أثره فوجدنا الأبواب مغلقة و لم نجد له أثرا، فعدنا إليه فأخبرناه بحاله و أنّا لم نجده، ثمّ إنّا سألناه عنه، فقال: هذا صاحب الأمر، ثمّ عاد إلى ثقله في المرض و اغمي عليه، تمّ الحديث.

ص: 324


1- . تنبيه الخواطر: ج 2 ص 303- 305؛ البحار: ج 52 ص 55 و 56 ب 18 ح 39؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 365 ف 15 ب 364 ح 151.

885-(1)-

السلطان المفرج عن أهل الإيمان: و من ذلك بتاريخ صفر لسنة سبعمائة و تسع و خمسين حكى لى المولى الأجلّ الأمجد، العالم الفاضل، القدوة الكامل، المحقّق المدقّق، مجمع الفضائل، و مرجع الأفاضل، افتخار العلماء في العالمين، كمال الملّة و الدين، عبد الرحمن بن العمّاني، و كتب بخطّه الكريم، عندي ما صورته:

قال العبد الفقير إلى رحمة الله تعالى عبد الرحمن بن ابراهيم القبائقي: إنّي كنت أسمع في الحلة السيفيّة- حماها الله تعالى- أنّ المولى الكبير المعظّم جمال الدين ابن الشيخ الأجلّ الأوحد الفقيه القارئ نجم الدين جعفر بن الزهدري كان به فالج، فعالجته جدّته لأبيه بعد موت أبيه بكلّ علاج للفالج، فلم يبرأ، فأشار عليها بعض الأطبّاء ببغداد فأحضرتهم فعالجوه زمانا طويلا فلم يبرأ، و قيل لها: ألّا تبيّتينهتحت القبّة الشريفة بالحلّة المعروفة بمقام صاحب الزمان عليه السلام، لعلّ الله تعالى يعافيه و يبرئه، ففعلت و بيّتته تحتها، و إنّ صاحب الزمان عليه السلام أقامه و أزال عنه الفالج.

ثمّ بعد ذلك حصل بيني و بينه صحبة حتّى كنّا لم نكد نفترق، و كان له دار المعشرة، يجتمع فيها وجوه أهل الحلّة و شبابهم و أولاد الأماثل منهم، فاستحكيته عن هذه الحكاية، فقال لي: إنّي كنت مفلوجا و عجز الأطبّاء عنّي، و حكى لي ما كنت أسمعه مستفاضا في الحلّة من قضيّته، و أنّ الحجّة صاحب الزمان عليه السلام قال لي و قد أباتتني جدّتي تحت القبّة: قم، فقلت: يا سيّدي لا أقدر على القيام منذ سنتي، فقال: قم بإذن الله تعالى، و أعانني على القيام، فقمت و زال عنّي الفالج، و انطبق عليّ الناس حتّى كادوا يقتلونني، و أخذوا ما كان علي من الثياب تقطيعا و تنتيفا يتبرّكون فيها، و كساني الناس من ثيابهم، و رحت إلى البيت، و ليس بي أثر الفالج، و بعثت الى الناس ثيابهم، و كنت أسمعه يحكي ذلك للناس و لمن يستحكيه مرارا حتّى مات رحمه الله.

886-(2)-

السلطان المفرّج عن أهل الإيمان: و من ذلك ما أخبرني من أثق به، و هو خبر مشهور عند أكثر أهل المشهد الشريف الغروي- سلّم الله تعالى على مشرّفه- ما صورته: إنّ الدار التي هي الآن- سنة سبعمائة و تسع و ثمانين- أنا ساكنها كانت لرجل من أهل الخير و الصلاح يدعى حسين المدلّل، و به يعرف ساباط المدلّل ملاصقة جدران الحضرة الشريفة، و هو مشهور بالمشهد الشريف الغروي عليه السلام، و كان الرجل له عيال و أطفال، فأصابه فالج فمكث مدّة لا يقدر على القيام و إنّما يرفعه عياله عند حاجته و ضروراته، و مكث على ذلك مدّة مديدة، فدخل على عياله و أهله بذلك شدّة شديدة، و احتاجوا الى الناس و اشتدّ عليهم الناس، فلما كان سنة عشرين و سبعمائة هجريّة في ليلة من لياليها بعد ربع الليل أنبه عياله فانتبهوا في الدار، فإذا الدار و السطح قد امتلأ نورا يأخذ بالأبصار، فقالوا: ما الخبر؟ فقال: إنّ الإمام عليه السلام جاءني و قال لي: قم يا حسين!

ص: 325


1- . البحار: ج 52 ص 73 ب 18 ضمن ح 55 عن الكتاب المذكور.
2- . البحار: ج 52 ص 73 و 74 ب 18 ضمن ح 55 عن الكتاب المذكور.

فقلت: يا سيّدي، أ تراني أقدر على القيام؟ فأخذ بيدي و أقامني فذهب ما بي، و ها أنا صحيح على أتمّ ما ينبغي، و قال لي: هذا الساباط دربي الى زيارة جدّي عليه السلام فأغلقه في كلّ ليلة، فقلت:

سمعا و طاعة لله و لك يا مولاي، فقام الرجل و خرج الى الحضرة الشريفة الغرويّة، و زار الإمام عليه السلام، و حمد الله تعالى على ما حصل له من الإنعام، و صار هذا الساباط المذكور إلى الآن ينذر له عند الضرورات، فلا يكاد يخيب ناذره من المراد ببركات الإمام القائم عليه السلام.

887-(1)- قبس المصباح: أخبرنا الشيخ الصدوق، أبو الحسن أحمد بن علي بن أحمد النجاشي الصيرفي، المعروف بابن الكوفي ببغداد في آخر شهر ربيع الأوّل سنة اثنين و أربعين و أربعمائة، و كان شيخا بهيّا ثقة، صدوق اللسان عند الموافق و المخالف، رضي الله عنه و أرضاه، قال:

أخبرني الحسن بن محمد بن جعفر التميمي قراءة عليه، قال: حكى لي أبو الوفاء الشيرازي و كان صديقا، أنّه قبض عليّ أبو على إلياس صاحب كرمان فقيّدني، و كان الموكلون بي يقولون: إنّه قد همّ فيك بمكروه، فقلقت من ذلك و جعلت أناجي الله تعالى بالنبي و الائمة عليهم السلام، و لمّا كانت ليلة الجمعة فرغت من صلواتي و نمت، فرأيت النبي صلّى الله عليه و آله في نومي و هو يقول: لا تتوسّل بي و لا بابنتي و لا ابني لشي ء من أغراض الدنيا إلّا لما تبتغيه من طاعة الله تعالى و رضوانه، فأمّا أبو الحسن أخي فإنّه ينتقم لك ممّن ظلمك، قال: فقلت: يا رسول الله! كيف ينتقم ممّن ظلمني و قد لبّب في حبل فلم ينتقم، و غصب على حقّه فلم يتكلّم؟

قال: فنظر إليّ عليه السلام كالمتعجّب و قال: ذلك عهد عهدته إليه، و أمر أمرته به، فلمّا يجز له إلّا القيام به، و قد أدّى الحقّ فيه، إلّا أنّ الويل لمن تعرّض لوليّ الله، و أمّا عليّ بن الحسين فللنجاة من السلاطين و نفث الشياطين، و أمّا محمد بن علي و جعفر بن محمّد عليهما السلام فللآخرة و ما تبتغيه من طاعة الله عزّ و جلّ، و أمّا موسى بن جعفر عليهما السلام فالتمس به العافية من الله عزّ و جلّ، و أمّا عليّ بن موسى عليهما السلام فاطلب به السلام في البراري و البحار، و أمّا محمّد بن علي فاستنزل به الرزق من الله تعالى، و أمّا علي بن محمّد عليهما السلام فللنوافل و برّ الإخوان و ما تبتغيه من طاعة الله تعالى، و أمّا الحسن بن علي عليهما السلام فللآخرة، و أما صاحب الزمان فإذا بلغ منك السيف، و وضع يده على حلقه، فاستعن به فإنّه يعينك، فناديت في نومي:

يا صاحب الزمان أدركني فقد بلغ مجهودي، قال أبو الوفاء: انتبهت من نومي و الموكلون يأخذون قيودي.

ص: 326


1- . الكلم الطيّب: ص 63- 66 عن قبس المصباح للشيخ الصهرشتي. أقول: ذكر السيّد الأجلّ السيّد علي خان- قدّس سرّه- فى الكلم الطيّب عن الصهرشتي دعاء للتوسّل بالنبي و الائمة عليهم السلام، و بعده دعاء أيضا للتوسّل بهم عليهم السلام.

888-(1)-

كشف الأستار: ... قد ظهر في هذه الأيّام كرامة باهرة من المهدي عليه السلام في متعلقات أجزاء الدولة العلية العثمانية المقيمين في المشهد الشريف الغروي، و صارت في الظهور و الشيوعكالشمس فى رابعة النهار، و نحن نتبرّك بذكرها بالسند الصحيح العالي: حدّث جناب الفاضل الرشيد السيّد محمّد سعيد أفندي الخطيب فيما كتبه بخطّه:

كرامة لآل الرسول عليه و عليهم الصلاة و السلام ينبغي بيانها لإخواننا أهل الإسلام، و هي: أنّ امرأة اسمها ملكة بنت عبد الرحمن، زوجة ملّا أمين المعاون لنا في المكتب الحميدي الكائن في النجف الأشرف، ففي الليلة الثانية من شهر ربيع الأوّل من هذه السنة- أي سنة 1317 ه ليلة الثلاثاء، صار معها صداع شديد، فلمّا أصبح الصباح فقدت ضياء عينيها، فلم تر شيئا قط، فأخبروني بذلك، فقلت لزوجها المذكور:

اذهب بها ليلا الى روضة حضرة المرتضى- عليه من الله تعالى الرضا- لتستشفع به و تجعله واسطة بينها و بين الله، لعلّ الله سبحانه و تعالى أن يشفيها، فلم تذهب في تلك الليلة- يعني ليلة الأربعاء- لانزعاجها ممّا هي فيه، فنامت بعض تلك الليلة فرأت في منامها أنّ زوجها المذكور و امرأة اسمها زينب كأنهما مضيا معها لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام، فكأنّهم رأوا في طريقهم مسجدا عظيما مشحونا من الجماعة، فدخلوا فيه لينظروه، فسمعت المصابة رجلا يقول من بين الجماعة: لا تخافي أيّتها المرأة التي فقدت عينيها، إن شاء الله تشفيان، فقالت: من أنت بارك الله فيك؟ فأجابها: أنا المهديّ؛ فاستيقظت فرحانة، فلمّا صار الصباح- يعني يوم الأربعاء- ذهبت و معها نساء كثيرات الى مقام سيّدنا المهدي خارج البلد، فدخلت وحدها و أخذت بالبكاء و العويل و التضرّع، فغشي عليها من ذلك، فرأت في غشيتها رجلين جليلين، الأكبر منهما متقدّم و الآخر شابّ خلفه، فخاطبها الأكبر بأن لا تخافي، فقالت له: من أنت؟ قال:

أنا علي بن أبي طالب، و هذا الذي خلفي ولدي المهدي- رضي الله تعالى عنهما- ثمّ أمر الأكبر- المشار إليه- امرأة هناك و قال: قومي يا خديجة و امسحي على عيني هذه المسكينة، فجاءت و مسحت عليهما فانتبهت و أنا أرى و أنظر أحسن من الأوّل، و النساء يهلهلن فوق رأسي، فجاءت النساء بها بالصلوات و الفرح، و ذهبن بها الى زيارة حضرة المرتضى- كرّم الله تعالى وجهه- و عيناها الآن لله الحمد أحسن من الأوّل.

و ما ذكرناه لمن أشرنا إليهما قليل، إذ يقع أكبر منه لخدّامهما من الصالحين بإذن المولى الجليل، فكيف بأعيان آل سيد المرسلين- عليه و عليهم الصلاة و السلام الى يوم الدين- اماتنا الله على حبّهم، آمين آمين.

هذا ما اطّلع عليه الحقير الخطيب و المدرّس في النجف الأشرف السيّد محمّد سعيد، انتهى.

ص: 327


1- . كشف الأستار: ص 206- 206.

889-(1)- إثبات الهداة: و منها: إنّا كنّا جالسين في بلادنا في قرية مشغرا في يوم عيد و نحن جماعة من طلبة العلم و الصلحاء، فقلت لهم: ليت شعرى في العيد المقبل من يكون من هؤلاء الجماعة حيّا، و من يكون قد مات؟ فقال لي رجل كان اسمه الشيخ محمّد و كان شريكنا في الدرس: أنا أعلم أنّي أكون في عيد آخر حيّا، و في عيد آخر و عيد آخر الى ستّ و عشرين سنة، و ظهر منه أنّه جازم بذلك من غير مزاح، فقلت له: أنت تعلم الغيب؟ فقال: لا، و لكنّي رأيت المهدي عليه السلام في النوم و أنا مريض شديد المرض، فقلت له: أنا مريض، و أخاف أن أموت و ليس لى عمل صالح ألقى الله به، فقال: لا تخف، فإنّ الله يشفيك من هذا المرض و لا تموت فيه، بل تعيش ستّا و عشرين سنة، ثمّ ناولني كأسا كان في يده فشربت منه و زال عنّي المرض و حصل لي الشفاء، و جلست و أنا أعلم أنّ هذا ليس من الشيطان، فلمّا سمعت كلام الرجل كتبت التاريخ و كان سنة (1049 ه)، و مضت لذلك مدّة طويلة و انتقلت الى المشهد المقدّس سنة (1072 ه)، فلمّا كانت السنة الأخيرة وقع في قلبي أنّ المدة انقضت، فرجعت الى ذلك التاريخ و سنته فرأيت قد مضى منه ستّ و عشرون سنة، فقلت: ينبغى أن يكون الرجل مات، فما مضت إلّا مدّة نحو شهر أو شهرين حتّى جاءتني كتابة من أخي و كان في البلاد يخبرني أنّ الرجل المذكور مات.

890-(2)-

الإمامة و المهدويّة- حكاية شفاء الصالحة زوجة العالم الجليل الفاضل الشيخ محمّد المتّقي الهمداني، و هو من فضلاء الحوزة العلميّة بقم، معروف بطهارة النفس و التقوى، أعرفه منذ سنين بالدين و الأخلاق الحميدة، و هذه عين ترجمة ما كتبه شرحا لهذه الواقعة:

رأيت من المناسب أن أذكر توسّلي بالإمام بقيّة الله في الأرضين الحجّة بن الحسن العسكري و توجهه عليه السلام إليّ، لكون موضوع هذا الكتاب هو في إثبات وجود حضرته من طريق المعجزات و خرق العادات:

يوم الاثنين في الثامن عشر من شهر صفر من سنة ألف و ثلاثمائة و سبعة و تسعين عرض لنا أمر مهم أقلقنا و مئات أشخاص آخرين، و ذلك لأنّ زوجة هذا العبد- محمّد متّقي همداني- و على أثر الهم و الغمّ و البكاء و العويل- و لمدّة سنتين- بسبب موت اثنين من أولادها في عنفوان شبابهما و في لحظة واحدة في جبال شميران، في

ص: 328


1- . إثبات الهداة: ج 3 ص 712 ب 33 ح 170؛ البحار: ج 53 ص 273- 274؛ جنّة المأوى: الحكاية 37.
2- . الإمامة و المهدوية (امامت و مهدويت) لمؤلّف هذا الكتاب: ج 2 ص 171- 174. أقول: قد ذكر في البحار حكايات كثيرة جدّا في ذلك، و المحدّث الجليل الشيخ الحرّ في إثبات الهداة: ج 7، و هكذا ذكر المحدّث النورى في دار السلام و جنّة المأوى و النجم الثاقب، و الفاضل الميثمي العراقي في دار السلام، و غيرهم من المحدّثين و العلماء معجزات كثيرة تتجاوز عن حدّ التواتر قطعا، و أسناد كثير منها في غاية الصحّة و المتانة، رواها الزهّاد و الاتقياء من العلماء، هذا مع ما نرى في كلّ يوم و ليلة من بركات وجوده و ثمرات التوسّل و الاستشفاع به ممّا جرّبناه مرارا، جعلنا الله تعالى من أنصاره و شيعته، و المجاهدين بين يديه، بحقّ محمد و آله الطاهرين، صلوات الله عليهم أجمعين.

هذا اليوم اصيبت بنوبة ناقصة، و مع كلّ ما بذله الأطبّاء في علاجها إلّا أنّه لم ينفع معها شي ء، و بقيت على هذا الحال إلى ليلة الجمعة في الثاني و العشرين من صفر، يعني بعد أربعة أيّام من وقوع حادثة النوبة و ذلك عند الساعة الحادية عشر تقريبا، و قد ذهبت الى غرفتي للاستراحة، و بعد تلاوة بعض الآيات من كلام الله و قراءة دعاء وجيز من أدعية ليالى الجمعة، و بعدها ابتهلت الى الباري تعالى في أن يأذن لسيّدي و مولاي صاحب الزمان الحجّة بن الحسن صلوات الله عليه و على آبائه المعصومين ليجي ء لإغاثتنا، و كان سبب توسّلي بهذا المولى العظيم و أنّي لم أطلب حاجتي من الباري تبارك و تعالى مباشرة، هو أنّني قبل شهر تقريبا من يوم الحادثة كانت ابنتي الصغيرة فاطمة قد طلبت منّي أن أسرد لها قصص و حكايات الأشخاص الذين صاروا موردا لألطاف حضرة بقيّة الله- روحي و أرواح العالمين له الفداء- و مشمولين لحنان و إحسان هذا المولى، و كنت قد لبّيت طلبها و قرأت لها كتاب «النجم الثاقب» للحاج النوري، و لذا خطر في ذهني أنّه: لم لا أكون كبقية المئات من هؤلاء الأفراد، و أتوسّل بالحجّة المنتظر الإمام الثاني عشر من الائمة المعصومين عليهم سلام الله الملك الأكبر؟

و لذا- و كما ذكرت قبل قليل- و في حدود الساعة الحادية عشرة من الليل توسّلت بهذا المولى العظيم، و بقلب ملأه الحزن، و عين تفيض بالدمع، فأخذني النوم، و عند الساعة الرابعة بعد منتصف الليل و على المعتاد استيقظت و فجأة أحسست بصوت و همهمة تصلني من الغرفة السفلى الّتي كانت مريضتنا راقدة فيها، ثمّ ازداد هذا الصوت و الهمهمة، ثمّ سكت كلّ شي ء و هدأ، و في الساعة الخامسة و النصف- التي كانت تلك الأيّام وقت أذان الصبح- نزلت الى الأسفل لأتوضّأ و فجأة رأيت ابنتي الكبيرة- و التي تكون عادة و في مثل هذا الوقت نائمة- مستيقظة و في نشاط و سرور كبير، فما أن رأتني حتّى قالت: أبة ... البشارة ... البشارة ...! قلت: ما الخبر؟ و ظننت أنّ أخي أو اختي قد جاء أحدهما من همدان، قالت: بشارة، لقد عوفيت والدتي، قلت: من شفاها؟ قالت: إنّ والدتي في الساعة الرابعة بعد منتصف اللّيل أيقظتنا بصوت عال و فزع و اضطراب، و لما كانت ابنتها و أخوها الحاجّ مهدى و ابن اختها المهندس غفّاري اللذان قد أقبلا أخيرا من طهران لأخذ المريضة إلى طهران للمعالجة و قد كانوا في الغرفة لمراقبة المريضة، و إذا بهم فجأة سمعوا صياح و نداء المريضة و هي تقول: انهضوا و شيّعوا المولى ... انهضوا و شيّعوا المولى ...، و كانت ترى إن انتظرت إلى أنيستيقظوا من نومهم كان الإمام قد ذهب، و لأجل هذا قد طفرت من مقامها مع أنّها كانت غير قادرة على الحركة منذ أربعة أيّام و شايعت الإمام إلى باب الدار، و كانت ابنتها التي كانت تمرّض والدتها قد استيقظت على أثر صياح امّها «شيّعوا المولى» و ذهبت وراء والدتها الى باب الدار لتراها أين تذهب، و أمّا المريضة فإنّها التفتت الى نفسها لكنّها لم تكن مصدّقة أنّها قد جاءت الى هذا المكان بنفسها، فسألت من ابنتها زهراء: يا زهراء! هل أرى حلما أم أنا في يقظة؟ أجابت ابنتها: أمّاه لقد شفيت ... أين هو المولى الذي كنت تقولين: «شيّعوا المولى»، فإنّنا لم نشاهد أحدا؟ فقالت الامّ: لقد كان سيّدا عظيما في زيّ أهل العلم و جليل القدر، و لم يكن شابا و لا شيخا كبيرا، جاء و وقف عند

ص: 329

رأسي، و قال: انهضي فقد شفاك الله، قلت: لا أستطيع النهوض، فقال بلحن أشدّ: انهضي فقد شفيت، فنهضت لمهابة هذا العظيم، فقال: لقد شفيت فلا تتناولي الدواء بعد و لا تبكي، و لأنّه أراد الخروج من الغرفة فإنّني أيقظتكم كيما تشيّعونه، و لكنّي رأيتكم قد أبطأتم فقمت من مكاني لاشيّع المولى بنفسي، و بحمد الله تعالى و بعد هذه العناية التي شملتها فقد تحسّنت حالتها فورا، و عينها اليمنى التي كانت لا تبصر بها الأشياء بوضوح على أثر السكتة قد تحسّنت بعد تلك الأيّام الأربعة التي لم يكن لها فيها رغبة إلى الطعام، و في تلك اللحظة قالت: إنّي جائعة، آتوني بطعام، فأعطيناها قدحا من حليب كان فى الدار، فتناولته بكل شهيّة، و عاد لون وجهها الى طبيعته، و على أثر قول الإمام لها: لا تبكي، ارتفع غمّها و حزنها من قلبها، علما بأنّها كانت مبتلاة بمرض الرماتزم قبل خمس سنوات و قد شفيت بلطفه عليه السلام، مع أنّ الأطبّاء عجزوا عن معالجتها.

و من تمام القول أن نذكر أنّه في الأيّام الموسومة بالأيّام الفاطمية كنّا عقدنا مجلسا لأجل شكر هذه النعمة العظمى، ثمّ إنّي قد شرحت قضية شفائها لجناب السيّد الطبيب دانشور، و الذي كان من الأطباء المعالجين لهذه السيّدة، فقال الطبيب: إنّ هذا المرض الذي رأيته كان سكتة لا يمكن علاجها بالطرق العادية، اللهمّ إلّا عن طريق الخوارق و المعاجز، و الحمد لله رب العالمين، و صلّى الله على محمد و آله المعصومين، لا سيّما إمام العصر، و ناموس الدهر، قطب دائرة الإمكان، إمام و مولى الإنس و الجان، مالك الأرض و الزمان، و من بيده رقاب العالمين، الحجّة بن الحسن العسكري صلوات الله عليه و على آبائه المعصومين الى قيام يوم الدين.

و يدل عليه من هذا الباب الأحاديث 892، 895، 897، 898، 899.

الفصل الثاني في من رآه في الغيبة الكبرى و فيه 13 حديثا

891-(1)-

الأنوار النعمانية: قال (بعد ذكر ورع المقدّس الأردبيلي- قدّس سرّه- و علوّ رتبته في الزهد و التقوى و بعض كراماته):

ص: 330


1- . الأنوار النعمانية: ج 2 ص 303؛ البحار: ج 52 ص 174- 175 ب 24. أقول: المير فيض الله هو السيّد الماجد أمير فيض الله بن عبد القاهر الحسيني التفرشي، قال في أمل الآمل: «كان فاضلا محدّثا جليلا، له كتب، منها: شرح المختلف، و كتاب في الاصول، أخبرنا بهما خال والدي الشيخ علي بن محمود العاملي عنه، و كان قد قرأ عليه في النجف و أجازه، و كان يصف فضله و علمه و صلاحه و عبادته، و قد ذكره السيّد المصطفى التفرشي في رجاله فقال عند ذكره: سيّدنا الطاهر، كثير العلم، عظيم الحلم، متكلّم، فقيه، ثقة، عين، كان مولده في تفرش، و تحصيله في مشهد الرضا، و اليوم من سكان قبّة جدّه بالمشهد المقدّس الغروي- على مشرّفه السلام- حسن الخلق، سهل الخليقة، ليّن العريكة، كلّ صفات الصلحاء و العلماء و الأتقياء مجتمعة فيه، له كتب منها: حاشية على المختلف، و شرح الاثني عشرية، و روى عن محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني العاملي» انتهى ما في أمل الآمل. و ذكر في الروضات أنّه كان من خواصّ تلامذة المقدس الأردبيلي، و المطّلعين على أسارير أمره.

حدّثني أوثق مشايخي علما و عملا: أنّ لهذا الرجل- و هو المولى الأردبيلي- تلميذا من أهل تفريش، اسمه مير علّام [فيض الله- خ]، و قد كان بمكان من الفضل و الورع، قال ذلك التلميذ: إنّه قد كانت له حجرة في المدرسة المحيطة بالقبّة الشريفة، فاتفق أنّي فرغت من مطالعتي و قد مضى جانب كثير من الليل، فخرجت من الحجرة أنظر في حوش الحضرة، و كانت الليلة شديدة الظلام، فرأيت رجلا مقبلا على الحضرة الشريفة، فقلت: لعل هذا سارق، جاء ليسرق شيئا من القناديل، فنزلت و أتيت إلى قربه فرأيته و هو لا يراني، فمضى إلى الباب و وقف، فرأيت القفل قد سقط و فتح له الباب الثاني، و الثالث على هذا الحال، فأشرف على القبر فسلّم، و أتى من جانب القبر ردّ السلام، فعرفت صوته، فإذا هو يتكلم مع الإمام عليه السلام في مسألة علمية، ثمّ خرج من البلد متوجّها الى مسجد الكوفة، فخرجت خلفه و هو لا يراني، فلمّا وصل الى محراب المسجد سمعته يتكلّم مع رجل آخر بتلك المسألة، فرجع و رجعت خلفه، فلمّا بلغ الى باب البلد أضاء الصبح، فأعلنت نفسي له، و قلت له: يا مولانا كنت معك من الأول إلى الآخر، فأعلمني من كان الرجل الأوّل الذي كلّمته في القبّة، و من الرجل الآخر الذي كلّمك في مسجد الكوفة؟ فأخذ عليّ المواثيق أنّي لا اخبر أحدا بسرّه حتّى يموت، فقال لي: يا ولدي! إنّ بعض المسائل تشتبه عليّ، فربما خرجت في بعض الليل إلى قبر مولانا أمير المؤمنين عليه السلام و كلّمته فى المسألة و سمعت الجواب، و في هذه الليلة أحالني على مولانا صاحب الزمان، و قال لي:إنّ ولدنا المهدي هذه الليلة في مسجد الكوفة فامض إليه و سله عن هذه المسألة، و كان ذلك الرجل هو المهدي عليه السلام.

892-(1)-

بحار الأنوار: و منها: ما أخبرني به جماعة من أهل الغري- على مشرّفه السلام- أنّ رجلا من أهل قاشان أتى إلى الغري متوجّها الى بيت الله الحرام، فاعتلّ علة شديدة حتّى يبست رجلاه، و لم يقدر على المشي، فخلّفه رفقاؤه و تركوه عند رجل من الصلحاء كان يسكن في بعض حجرات المدرسة المحيطة بالروضة المقدّسة و ذهبوا الى الحجّ، فكان هذا الرجل يغلق عليه الباب كلّ يوم و يذهب الى الصحاري للتنزّه و لطلب الدراري التي تؤخذ منها، فقال له في بعض الأيّام: إنّي قد ضاق صدري و استوحشت من هذا المكان، فاذهب بي اليوم و اطرحني في مكان و اذهب حيث شئت، قال: فأجابني الى ذلك، و حملني و ذهب بي إلى مقام القائم صلوات الله عليه خارج النجف، فأجلسني هناك و غسل قميصه في الحوض و طرحه على شجرة كانت هناك و ذهب الى الصحراء، و بقيت وحدي مغموما افكّر فيما يؤول إليه أمري، فإذا بشاب صبيح الوجه، أسمر اللّون، دخل الصحن و سلّم عليّ و ذهب الى بيت المقام، و صلّى عند المحراب ركعات بخضوع و خشوع لم أر مثله قط، فلمّا فرغ من الصلاة خرج و أتاني و سألني عن حالي، فقلت له: ابتليت ببليّة ضقت بها، لا يشفيني الله فأسلم منها و لا يذهب بي فأستريح، فقال:

ص: 331


1- . البحار: ج 52 ص 176- 177 ب 24؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 708- 709 ب 33 ح 163.

لا تحزن سيعطيك الله كليهما، و ذهب، فلمّا خرج رأيت القميص وقع على الأرض، فقمت و أخذت القميص و غسلتها و طرحتها على الشجرة، فتفكّرت في أمري، و قلت: أنا كنت لا أقدر على القيام و الحركة، فكيف صرت هكذا؟ فنظرت الى نفسي فلم أجد شيئا ممّا كان بي، فعلمت أنّه كان القائم صلوات الله عليه، فخرجت فنظرت في الصحراء فلم أر أحدا، فندمت ندامة شديدة، فلمّا أتاني صاحب الحجرة سألني عن حالي و تحيّر في أمري، فأخبرته بما جرى، فتحسّر على ما فات منه و منّي، و مشيت معه الى الحجرة.

قالوا: فكان هكذا سليما حتى أتى الحاجّ و رفقاؤه، فلمّا رآهم و كان معهم قليلا مرض و مات و دفن في الصحن، فظهر صحّة ما أخبره عليه السلام من وقوع الأمرين معا.

893-(1)-

جنّة المأوى: الحكاية التاسعة ما حدّثني به العالم العامل، و العارف الكامل، غوّاص غمرات الخوف و الرجاء، و سيّاح فيافي الزهد و التقى، صاحبنا المفيد، و صديقنا السديد، الآغا علي رضاابن العالم الجليل الحاجّ المولى محمّد النائيني- رحمهما الله تعالى- عن العالم البدل الورع التقيّ صاحب الكرامات، و المقامات العاليات، المولى زين العابدين ابن العالم الجليل المولى محمّد السلماسي- رحمه الله- تلميذ آية الله السيّد السند، و العالم المسدّد، فخر الشيعة، و زينة الشريعة، العلامة الطباطبائي السيّد محمّد مهدي المدعوّ ببحر العلوم- أعلى الله درجته- و كان المولى المزبور من خاصّته في السرّ و العلانية.

قال: كنت حاضرا في مجلس السيّد في المشهد الغرويّ إذ دخل عليه لزيارته المحقّق القمّي صاحب «القوانين» في السنة التي رجع من العجم الى العراق زائرا لقبور الأئمّة عليهم السلام، و حاجّا لبيت الله الحرام، فتفرّق من كان في المجلس و حضر للاستفادة منه، و كانوا أزيد من مائة، و بقي ثلاثة من أصحابه أرباب الورع و السداد البالغين إلى رتبة الاجتهاد، فتوجّه المحقّق الأيّد إلى جناب السيّد و قال: إنّكم فزتم و حزتم مرتبة الولادة الروحانيّة و الجسمانيّة، و قرب المكان الظاهري و الباطني، فتصدّقوا علينا بذكر مائدة من موائد تلك الخوان، و ثمرة من الثمار التي جنيتم من هذه الجنان، كي تنشرح به الصدور، و تطمئنّ به القلوب، فأجاب السيّد من غير تأمّل، و قال: إنّى كنت في الليلة الماضية قبل ليلتين أو أقل- و الترديد من الراوي- في المسجد الأعظم بالكوفة، لأداء نافلة الليل، عازما على الرجوع إلى النجف في أوّل الصبح، لئلا يتعطّل أمر البحث و المذاكرة- و هكذا كان دأبه في سنين عديدة- فلمّا خرجت من المسجد القي في روعي الشوق إلى مسجد السهلة، فصرفت خيالي عنه، خوفا من عدم الوصول الى البلد قبل الصبح فيفوت البحث في اليوم، و لكن كان الشوق يزيد في كلّ آن، و يميل القلب إلى ذلك المكان، فبينا أقدّم رجلا و أؤخرّ اخرى، إذا بريح فيها غبار كثير، فهاجت بي و أمالتني عن الطريق، فكأنّها التوفيق الذي هو خير رفيق، إلى أن ألقتني إلى باب المسجد، فدخلت فإذا به خاليا عن العبّاد و

ص: 332


1- . جنّة المأوى (المطبوع مع البحار): ج 53 ص 234- 236.

الزوّار، إلّا شخصا جليلا مشغولا بالمناجاة مع الجبّار، بكلمات ترقّ القلوب القاسية، و تسحّ الدموع من العيون الجامدة، فطار بالي، و تغيّر حالي، و رجفت ركبتي، و هملت دمعتي من استماع تلك الكلمات التي لم تسمعها اذني، و لم ترها عيني، ممّا وصلت إليه من الأدعية المأثورة، و عرفت أنّ الناجي ينشئها في الحال، لا أنّه ينشد ما أودعه في البال، فوقفت في مكاني مستمعا متلذّذا الى أن فرغ من مناجاته، فالتفت إليّ و صاح بلسان العجم: «مهدي بيا» أي: هلمّ يا مهديّ! فتقدّمت إليه بخطوات فوقفت، فأمرني بالتقدّم، فمشيت قليلا ثمّ وقفت، فأمرني بالتقدّم، و قال: إنّ الأدب في الامتثال، فتقدّمت إليه بحيث تصل يدي إليه، و يده الشريفة إليّ، و تكلّم بكلمة.

قال المولى السلماسي- رحمه الله-: و لمّا بلغ كلام السيّد السند إلى هنا أضرب عنه صفحا، و طوى عنه كشحا، و شرح في الجواب عمّا سأله المحقّق المذكور قبل ذلك، عن سرّ قلّة تصانيفه، مع طولباعه في العلوم، فذكر له وجوها، فعاد المحقّق القمّي فسأل عن هذا الكلام الخفيّ، فأشار بيده شبه المنكر بأنّ هذا سرّ لا يذكر.

894-(1)-

جنّة المأوى: الحكاية الحادية عشرة: و بهذا السند عن المولى المذكور قال: صلّينا مع جنابه في داخل حرم العسكريين عليهما السلام، فلمّا أراد النهوض من التشهد إلى الركعة الثالثة، عرضته حالة فوقف هنيئة ثمّ قام، و لما فرغنا تعجّبنا كلّنا، و لم نفهم ما كان وجهه، و لم يجترئ أحد منّا على السؤال عنه إلى أن أتينا المنزل، و أحضرت المائدة، فأشار إليّ بعض السادة من أصحابنا أن أسأل منه، فقلت: لا، و أنت أقرب منّا، فالتفت- رحمه الله- إليّ و قال: فيم تقاولون؟ قلت- و كنت أجسر الناس عليه-: إنّهم يريدون الكشف عمّا عرض لكم في حال الصلاة، فقال: إنّ الحجّة عجّل الله تعالى فرجه، دخل الروضة للسلام على أبيه عليه السلام فعرضني ما رأيتم من مشاهدة جماله الأنور الى أن خرج منها.

895-(2)-

الخرائج و الجرائح: و منها: ما روي عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، قال: لمّا وصلت بغداد سنة تسع [سبع- خ] و ثلاثين [و ثلاثمائة] أردت الحجّ، و هي السنة التي ردّ القرامطة فيها الحجر إلى مكانه من البيت، كان أكبر همّي الظفر بمن ينصب الحجر، لأنّه يمضي في أثناء الكتب قصّة أخذه، و أنّه ينصبه في مكانه الحجّة في الزمان، كما في زمان الحجّاج وضعه زين العابدين عليه السلام في مكانه فاستقرّ، فاعتللت علّة صعبة

ص: 333


1- . جنّة المأوى (المطبوع مع البحار): ج 53 ص 237.
2- . الخرائج و الجرائح: ج 1 ص 475- 478 ح 18 في معجزات صاحب الزمان عليه السلام؛ البحار: ج 52 ص 58- 59 ب 18 ح 41؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 694- 695 ب 33 ح 119؛ فرج المهموم: ص 254 و 255 مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ و فيه: «الدمع» بدل «الزمع» و فيه أيضا: «فلمّا كانت سنة سبع و ستين»؛ كشف الغمة: ج 2 ص 502 في معجزات صاحب الزمان عليه السلام و فيه: «فلمّا كانت سنة سبع و ستين ...».

خفت منها على نفسي، و لم يتهيأ لي ما قصدت له، فاستنبت المعروف بابن هشام، و أعطيته رقعة مختومة، أسأل فيها عن مدّة عمري، و هل تكون المنيّة في هذه العلّة أم لا؟ و قلت:

همّي إيصال هذه الرقعة إلى واضع الحجر في مكانه و أخذ جوابه، و إنّي أندبك لهذا، قال: فقال المعروف بابن هشام: لمّا حصلت بمكّة و عزم على إعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملة تمكّنت معها من الكون بحيث أرى واضع الحجر في مكانه، و أقمت معي منهم من يمنع عنّي ازدحام الناس، فكلّما عمد إنسان لوضعه اضطرب و لم يستقم، فأقبل غلام أسمر اللّون، حسن الوجه، فتناوله و وضعه فيمكانه فاستقام، كأنّه لم يزل عنه، و علت لذلك الأصوات، و انصرف خارجا من الباب، فنهضت من مكاني أتبعه و أدفع الناس عنّي يمينا و شمالا، حتى ظنّ بي الاختلاط في العقل و الناس يفرجون لي، و عيني لا تفارقه، حتى انقطع عن الناس، فكنت أسرع السير خلفه، و هو يمشي على تؤدة و لا أدركه، فلمّا حصل بحيث لا أحد يراه غيري، وقف و التفت إليّ فقال: هات ما معك، فناولته الرقعة، فقال من غير أن ينظر فيها: قل له: لا خوف عليك في هذه العلّة، و يكون ما لا بدّ منه بعد ثلاثين سنة، قال: فوقع عليّ الزمع حتّى لم أطق حراكا، و تركني و انصرف.

قال أبو القاسم: فأعلمني بهذه الجملة، فلمّا كانت سنة تسع و ستّين اعتلّ أبو القاسم، فأخذ ينظر في أمره، و تحصيل جهازه إلى قبره، و كتب وصيّته، و استعمل الجدّ في ذلك، فقيل له: ما هذا الخوف و نرجو أن يتفضّل الله تعالى بالسلامة؟! فما عليك مخافة، فقال: هذه السنة التي خوّفت فيها، فمات في علّته.

896-(1)-

مهج الدعوات: [قال:] و كنت أنا بسرّمن رأى فسمعت سحرا دعاءه عليه السلام، فحفظت منه عليه السلام من الدعاء لمن ذكره من الأحياء و الأموات: و أبقهم- أو قال: و أحيهم- في عزّنا ملكنا و سلطاننا و دولتنا. و كان ذلك في ليلة الأربعاء ثالث عشر ذي القعدة سنة ثمان و ثلاثين و ستمائة.

897-(2)-

دار السلام (المشتمل على ذكر من فاز بسلام الإمام عليه السلام): أخرج في الحكاية التاسعة عشرة ما ترجمته بالعربية: نقل الفاضل المعاصر ميرزا محمّد التنكابني في «قصص العلماء» عن الفاضل اللاهيجي المولى صفر علي، عن السيّد السند صاحب «المفاتيح» السيّد محمّد ابن صاحب «الرياض»، نقلا عن خطّ آية الله العلامة في حاشية بعض كتبه أنّه خرج ذات ليلة لزيارة قبر مولانا أبي عبد الله الحسين عليه السلام و هو على حمار له و بيده سوط يسوق به دابّته، فعرض له في أثناء الطريق رجل في زيّ الأعراب، فتصاحبا و هو يمشي بين يديه فافتتح باب المكالمة و المساءلة، فعلم العلّامة من كلامه أنّه عالم خبير، قليل المثل و النظير، فاختبره بالمسائل المشكلة فرآه حلال المشكلات و المعضلات، و مفتاح المغلقات، فسأله عن المسائل التي استصعب عليه علمها

ص: 334


1- . مهج الدعوات: ص 296.
2- . دار السلام: الحكاية 15؛ قصص العلماء للتنكابني: ص 359.

فكشف الحجاب عن وجه جميعها، إلى أن انتهى الكلام إلى مسألة أفتى فيها بخلاف ما عليه العلّامة فأنكره عليه قائلا: إنّ هذه الفتوى خلاف الأصل و القاعدة، و لا بدّ لنا في خلافهما من دليل وارد عليهما، فقال العربي: الدليل عليه حديث ذكره الشيخ الطوسي في تهذيبه، فقال العلّامة: إنّي لم أعهد بهذا الحديث في التهذيب، و لميذكره الشيخ و غيره، فقال: ارجع إلى نسخة التهذيب التي عندك الآن و عدّ منها أوراقا كذا و سطورا كذا تجده، فلمّا سمع منه العلامة ذلك، و رأى أنّ هذا إخبار عن المغيبات تحيّر في أمره تحيّرا شديدا، و اندهش من معرفته، و قال في نفسه: لعلّ هذا الرجل الذي يمشي بين يديّ منذ كذا و أنا في ركوبي هو الذي بوجوده تدور رحى الموجودات، فبينما هو كذلك إذ وقع السوط من يده من شدّة التفكير و التحيّر، و في حال سقط من يده السوط صار في مقام الاستفهام و الاستخبار، فاستخبر منه أنّ في زمان الغيبة الكبرى هل يمكن التشرّف بلقاء سيّدنا و مولانا صاحب الزمان عليه السلام؟ فهوى الرجل و أخذ السوط من الأرض و وضعه في كفّ العلامة، و قال: لم لا يمكن و كفّه في كفّك، فطرح العلامة نفسه على قدميه و اغمي عليه، فلمّا أفاق لم يجد أحدا، فاهتمّ بذلك و تكدّر، و رجع إلى أهله و تصفّح عن نسخة تهذيبه، فوجد الحديث كما أخبره الإمام عليه السلام في حاشية تلك النسخة، فكتب بخطّه الشريف في ذلك الموضع: هذا الحديث أخبرني به سيّدي و مولاي في ورق كذا و سطر كذا.

و نقل الفاضل التنكابني عن المولى صفر علي عن السيّد المذكور- رحمه الله- أنّه قد رأى تلك النسخة بخط العلامة في حاشيته.

898-(1)-

دلائل الإمامة: حدّثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدّثني أبو الحسين بن أبي البغل الكاتب، قال:

ص: 335


1- . دلائل الإمامة: ص 304- 306 ب معرفة من شاهد صاحب الزمان عليه السلام في حال الغيبة و عرفة من أصحابنا ح 5؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 702 ب 33 ح 145؛ البحار: ج 51 ص 304- 306 ب 15 عجز الحديث 19 و ليس فيه: «يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها» بعد قوله: «يا كريم الصفح» و فيه: «ثمّ قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة»، و فيه: «و سألت أبا جعفر القيّم»، و فيه: «إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان فلم يذكره»، و فيه: «ذؤابة و رداء» و «يا منتهى غاية رغبتاه» و «اكفياني فإنكما كافياي» بعد قوله: «يا محمّد يا علي، يا علي يا محمّد» و «خرجت إلى أبي جعفر» و «فتأسّفت على ما فاتني». فرج المهموم: 245- 247 و لم يذكر مثل البحار: «يا مبتدئا ...» بعد قوله: «يا كريم الصفح»، و ذكر: «يا غاية كلّ شكوى»، و ذكر: «يا ربّاه عشر مرّات، يا منتهى غاية رغبتاه عشر مرّات»، و لم يذكر: «يا سيّداه يا مولاه يا غايتاه»، و ذكر: «اكفياني فإنكما كافياي»، و قال: «و تضع خدّك الأيسر و تقول: أدركني يا صاحب الزمان». أقول: أبو منصور بن الصالحان كان من وزراء آل بويه، يوجد بعض ترجمته في الكامل: ج 9، و استوزره شرف الدولة في سنة 374 ه، و أقرّه على وزارته بهاء الدولة في سنة 379 ه، و قبض عليه في سنة 380 ه، ثمّ استوزره و أبا نصر بن سابور سنة 382 ه، و استعفى في سنة 383 ه. و على هذا لا ريب في وقوع هذه القصّة في الغيبة الكبرى، و يؤيد ذلك أنّ هارون بن موسى التلعكبري يكون في الطبقات من الطبقة العاشرة، فابنه محمد بن هارون يكون من الطبقة الحادية عشرة، و من معاصري المفيد- عليه الرحمة- المتوفى سنة 413 ه.

تقلّدت عملا من أبي منصور بن الصالحان، و جرى بيني و بينه ما أوجب استتاري، فطلبني و أخافني، فمكثت مستترا خائفا، ثمّ قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة و اعتمدت على المبيت هناك للدعاء و المسألة، و كانت ليلة ريح و مطر، فسألت ابن جعفر القيّم أن يغلق الأبواب، و أن يجتهد في خلوة الموضع لأخلو بما اريده من الدعاء و المسألة، و آمن من دخول إنسان ممّا لم آمنه و خفت من لقائي له، ففعل و قفل الأبواب و انتصف الليل، و ورد من الريح و المطر ما قطع الناس عن الموضع، و مكثت أدعو و أزور و اصلّي، فبينما أنا كذلك إذ سمعت وطأة عند مولانا موسى عليه السلام، و إذا رجل يزور، فسلّم على آدم و اولي العزم، ثمّ الأئمّة واحدا واحدا إلى أن انتهى الى صاحب الزمان، فعجبت من ذلك، و قلت: لعلّه نسي أو لم يعرف أو هذا مذهب لهذا الرجل، فلمّا فرغ من زيارته صلّى ركعتين، و أقبل الى مولانا أبي جعفر فزار مثل تلك الزيارة و ذلك السلام و صلّى ركعتين، و أنا خائف منه إذ لم أعرفه، و رأيته شابّا تامّا من الرجال، عليه ثياب بيض و عمامة محنّك بها ذؤابة رديّ على كتفه مسبل، فقال لي: يا أبا الحسين بن أبي البغل! أين أنت عن دعاء الفرج؟ فقلت: و ما هو يا سيّدي؟ فقال: تصلّي ركعتين و تقول: «يا من أظهر الجميل و ستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة، و لم يهتك الستر، يا عظيم المنّ، يا كريم الصفح، يا مبتدئ النعم قبل استحقاقها، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا منتهى كلّ نجوى، و يا غاية كلّ شكوى، يا عون كلّ مستعين، يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها، يا ربّاه- عشر مرّات، يا سيّداه- عشر مرّات، يا مولاه- عشر مرّات- يا غايتاه- عشر مرّات-، يا منتهى رغبتاه- عشر مرّات- أسألك بحقّ هذه الأسماء، و بحقّ محمّد و آله الطاهرين إلّا ما كشفت كربي، و نفّست همّي، و فرّجت غمّي، و أصلحت حالي»، و تدعو بعد ذلك بما شئت و تسأل حاجتك، ثم تضع خدّك الأيمن على الأرض و تقول مائة مرّة في سجودك: يا محمّد يا عليّ، يا عليّ يا محمّد، اكفياني و انصراني فإنكما ناصراي، و لتضع خدّك الأيسر على الأرض و تقول مائة مرّة: أدركني، و تكرّرها كثيرا و تقول: الغوث الغوث حتّى ينقطع نفسك، و ترفع رأسك، فإنّ الله بكرمه يقضي حاجتك إن شاء الله تعالى، فلما اشتغلت بالصلاة و الدعاء خرج، فلمّا فرغت خرجت لابن جعفر لأسأله عن الرجل و كيف قد دخل، فرأيت الأبواب على حالها مغلقة مقفلة، فعجبت من ذلك، و قلت: لعلّه باب هنا و لم أعلم، فأنبهت ابن جعفر فخرج إلي من بيت الزيت، فسألته عن الرجل و دخوله، فقال: الأبواب مقفلة كما ترى ما فتحتها، فحدّثته بالحديث، فقال: هذا مولانا صاحبالزمان و قد شاهدته مرارا في مثل هذه الليلة عند خلوها من الناس، فتأسفت على ما فاتني منه، و خرجت عند قرب الفجر و قصدت الكرخ الى الموضع الذي كنت مستترا فيه، فما أضحى النهار إلّا و أصحاب ابن الصالحان يلتمسون لقائي و

ص: 336

يسألون عني أصدقائي، و معهم أمان من الوزير و رقعة بخطّه فيها كلّ جميل، فحضرت مع ثقة من أصدقائى عنده، فقام و التزمني و عاملني بما لم أعهده منه، و قال: انتهت بك الحال الى أن تشكوني إلى صاحب الزمان، فقلت: قد كان منّي دعاء و مسألة، فقال: ويحك، رأيت البارحة مولاي صاحب الزمان في النوم- يعني ليلة الجمعة- و هو يأمرني بكلّ جميل، و يجفو عليّ في ذلك جفوة خفتها، فقلت: لا إله إلّا الله، أشهد أنهم الحقّ، و منتهى الصدق، رأيت البارحة مولانا في اليقظة، و قال لي: كذا و كذا، و شرحت ما رأيته في المشهد، فعجب من ذلك، و جرت منه امور عظام حسان في هذا المعنى، و بلغت منه غاية ما لم أظنّه ببركة مولانا صاحب الزمان.

899-(1)-

الإمامة و المهدويّة: بسم الله الرحمن الرحيم، إنّ سماحة الشيخ محمد الكوفي كان معروفا بالزهد و التقوى و الصلاح عند خواصّ علماء و فضلاء النجف الأشرف، و كان مداوما على الذهاب في ليالي و أيّام الجمع الى النجف الأشرف، و كنت قد سمعت من بعض العلماء تشرّفه بلقاء مولانا و سيّدنا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه، و في أحد أيّام الجمع، و في مدرسة الصدر في النجف الأشرف، و في حجرة أحد الأصدقاء الأفاضل تشرّفت بخدمته و الحضور عنده، فاستدعيته لأن يسرد لي قصّة تشرّفه بلقاء الإمام عجل الله فرجه لأسمعها من لسانه، و أنا بدوري أذكر الآن ما يحضرني ممّا قاله لي، قال: ذهبت مع والدي الى مكة المكرّمة، و لم يكن في حوزتنا غير ناقة واحدة فقط، و كان والدي راكبا عليها و أنا أمشي على قدميّ، و كنت مواظبا على خدمته، و عند عودتنا وصلنا الى السماوة، فاكترينا بغلا من رجل سنّي كان في جملة أفراد يمتهنون نقل الجنائز بين السماوة و النجف، لأنّ الجمل كان يبطئ في السير، و كثيرا ما كان يبرك و لا يتحرك، و بعد مشقة نقيمه، فركب والدي على البغل و أنا ركبت الجمل، و تحرّكنا من السماوة، و في أثناء الطريق كان الجمل يتأخر كثيرا في السير لأن الطريق كان مليئا بالأوحال و المستنقعات في أغلب مناطقه، و كنت قد ابتليت بسوء خلق هذا الرجل السنّيّ المكاري، و بقي الحال هكذا حتّى وصلنا الى بقعة كثيرة الوحل، فبرك الجمل و امتنع عن النهوض، و كلّما حاولنا حراكه لم يفد معه شيئا، و لأجل محاولاتنا العديدة غير المجدية في إنهاضهتلطّخت ثيابنا بالوحل، فعندها اضطرّ المكاري للتوقّف كيما نغسل ثيابنا بالماء الموجود في المنطقة، أمّا أنا فقد ابتعدت عنهم قليلا لأخلع ثيابي و أغسلها، و كنت قلقا للغاية، و في حيرة شديدة من أنّه الى ما سيؤول أمرنا و تنتهي عاقبتنا إليه، ثمّ إنّ هذا الوادي كان محفوفا بالمخاطر بسبب قطّاع الطريق، فاضطررت إلى التوسّل بولي العصر أرواحنا فداه و لكن لا من شي ء، فالصحراء خالية و على مدّ البصر، و فجأة و على حين غرّة رأيت إلى قربي شابّا فيه شبه من السيد مهدي بن السيّد

ص: 337


1- . امامت و مهدويّت (الإمامة و المهدويّة): ج 2 ص 168- 171. الراوي لهذه الحكاية هو العالم الجليل الصالح الورع الحجّة السيّد آغا امام السدهي- رحمة الله عليه- كتب الحكاية إجابة لطلبي منه، و هو موجود عندي بخطه الشريف بالفارسية.

حسين الكربلائي [و لا أستحضر بالي أنّه قال: كانا شخصين أم فقط هذا الشخص، و أيضا لا أتخطّر أنّه من الذي بدأ بالسلام منهما على الآخر](1)، فقلت: شي اسمك (أي: ما أسمك)؟

قال: سيّد مهدي، قلت: ابن السيّد حسين؟ قال: لا، ابن السيّد حسن، قلت: من أين أقبلت؟ قال: من الخضير [و كان في هذه الصحراء مقام معروف بمقام الخضر عليه السلام، لذا تصوّرت أنّه يعني جاء من ذلك المقام] ثمّ قال لي: لما ذا توقّفت في هذا المكان؟ فذكرت له تفاصيل القضيّة من بروك الجمل، و شكوت إليه سوء حالي، فتوجّه إلى صوب الجمل، فما أن وضع يده على رأس الجمل إلّا و نهض على رجليه، و رأيته عليه السلام يكلّم الجمل و يشير له بسبّابته يمينا و يسارا، و يرشده الى الطريق، و بعد ذلك أقبل إليّ و قال: هل عندك حاجة اخرى؟ قلت:

عندي حوائج، و لكنّي لا أستطيع في وضعي هذا و اضطرابي و شدّة قلقي من ذكرها، فعيّن لي موضعا آتيك فيه و أنا حاضر البال فأسألك عنها، فقال: مسجد السهلة، و فجأة غاب عن ناظري، فجئت الى قرب والدي، فقلت له: من أيّ جهة ذهب هذا الشخص الذي تكلّم معي؟

(كنت اريد أن أعرف أنّه هل رآه عليه السلام أم لا؟) قال: لم يجي ء أحد إلى هنا، و لم أنظر و على مدّ بصري في هذه البادية أحدا، قلت: اركبوا لنذهب، قال: ما ذا تفعل مع الجمل؟ قلت: اترك أمره لي، فركبوا و أنا أيضا ركبت الجمل، فنهض و جعل يسير بسرعة و تقدّم عليهم مسافة، فناداني المكاري: إنّا لا نستطيع أن نلحق بك مع هذه السرعة، و المقصود صار الأمر على العكس، فقال المكاري متعجّبا: ما ذا حصل؟ فالجمل نفس ذلك الجمل، و الطريق نفس الطريق؟! قلت: هناك سرّ في الأمر، و على حين غرّة ظهر نهر كبير على رأس الطريق، و بقيت متحيّرا مرّة ثانية أنّه ما ذا نفعل مع هذا الماء؟ و بينا أنا في حيرتي هذه و إذا بالجمل يتقدّم الى داخل الماء، و صار يسير يمينا تارة و يسارا اخرى، فلمّا وصل والدي و الرجل المكاري الى النهر فنادياني: إلى أين تذهب؟ ستغرق، فإنّه لا يمكن عبور هذا النهر، و لما شاهدوني أسير بالجمل مسرعا و لا يصيبني مكروه فتجرّءا على العبور، فقلت لهما:تعالا يمنة و يسرة في نفس الطريق الذي يسير فيه الجمل، فعبرا كذلك و وصلنا بأجمعنا سالمين، فعندها ذكرت تلك الحركات التي أشار بها الإمام عليه السلام بسبّابته الشريفة يمينا و شمالا، و أنّها كانت إشارة الى هذا الماء.

و على كلّ حال، فأخذنا نسير حتّى وصلنا ليلا إلى عدّة من البدو الرحّالة فنزلنا عندهم، فكانوا بأجمعهم يسألونا متعجّبين: من أين أقبلتم؟ قلنا: من السماوة، فقالوا: لقد انكسر الجسر و ليس من طريق آخر إلّا العبور لهذا النهر بواسطة الطرادة، و كان أكثرهم حيرة الرجل المكاري، فقال: أخبرني أيّ سرّ كان في هذا الأمر؟ فقلت

ص: 338


1- . ما بين المعقوفتين من كلام الراوي للقصّة عن الشيخ محمّد الكوفي.

له: لمّا برك الجمل في ذلك المكان توسّلت بإمام الشيعة الثاني عشر، فحضر عليه السلام عندي و حلّ هذه المشاكل [و لا أتخطّر أنّه قال: فاستبصر هو مع تلك الجماعة أم لا](1)،

ثم أقبلنا على حالنا إلى عدّة فراسخ من النجف الأشرف، و عندها برك الجمل مرّة اخرى، فطأطأت برأسي الى قرب اذنه، فقلت له: أنت مأمور بإيصالنا الى الكوفة، فما أن أتممت كلامي حتّى قام من مكانه و أكمل الطريق، و عند باب بيتنا في الكوفة لوى ركبتيه و برك على الأرض، و أنا لم أبعه و لم أذبحه حتى مات، و كان في النهار يذهب إلى أطراف الكوفة للرعي و عند المساء يرجع إلى البيت فينام.

بعد ذلك قلت له: هل تشرّفت برؤية ذلك المولى العظيم في مسجد السهلة؟ فقال: بلى، و لكنّي غير مجاز في ذكر تفاصيل الكلام.

«الأقلّ آقا امام سدهي»

و يدلّ عليه من هذا الباب الأحاديث 881، 882، 884، 886.

و اعلم أن ما ذكرناه في هذا الفصل ليس إلّا قليلا من الحكايات و الآثار المذكورة في الكتب المعتبرة، و الاكتفاء به لعدم اتّساع هذا الكتاب لأزيد منه، مضافا إلى أنّ هذه الآثار و الحكايات بلغت من الكثرة حدّا يمتنع إحصاؤها، و قد ملأ العلماء كتبهم عنها، فراجع «البحار»، و «النجم الثاقب»، و «جنّة المأوى» و «دار السلام» المشتمل على ذكر من فاز بسلام الإمام، و «العبقريّ الحسان»، و غيرها، حتّى تعرف مبلغا من كثرتها، و من تصفّح الكتب المدوّنة فيها هذه الحكايات التي لا ريب في صحة كثير منها- لقوّة اسنادها، و كون ناقليها من الخواصّ و الرجال المعروفين بالصداقة و الأمانة و العلم و التقوى- يحصل له العلم القطعي الضروري بوجوده عليه السلام، و نسأل الله أن يوفّقنا لإفراد كتاب كبير في ذلك، إنّه خير موفّق و معين.

ص: 339


1- . ما بين المعقوفتين من كلام الراوي للقصّة من الشيخ محمّد الكوفي.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.